درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

السيّد يوسف المدني التبريزي

درر الفوائد في شرح الفرائد - ج ٥

المؤلف:

السيّد يوسف المدني التبريزي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٠

وعدم التقييد فيحكم بان مطلوب الآمر غير مقيد بوجود هذا المشكوك والحاصل انه بعد فرض صدق المسمى وكون المشتمل على الاجزاء الركنية المقومة للصدق صلاة يؤخذ باطلاق ويحكم بعدم جزئية الشىء المشكوك فيكون اطلاق اللفظ مبينا لمراد الشارع واما اذا لم يصدق المسمى او يشك فيه كما اذا شك فى الاجزاء الركنية المقومة على القول بالاعم او مطلقا على القول بوضع الالفاظ للصحيحة كما مرت الاشارة الى ذلك فلا يعقل الاخذ بالاطلاق لعدمه بل اللفظ مجمل ليس له ظاهر حتى يتمسك بالاطلاق المبنى عليه.

(نعم هنا توهم نذير ما ذكرناه سابقا من الخلط بين المفهوم والمصداق) حاصل التوهم انه على القول بالاعم لا يمكن التمسك بالاطلاق فى نفى الجزء المشكوك فيه كما عند القائل بالصحيح لان الاجماع بل الضرورة على ان الشارع لا يأمر بالفاسد لان الفاسد ما خالف المأمور به فكيف يكون مأمورا به فقد ثبت بمقتضاهما تقييد الصلاة دفعة واحدة بكونها صحيحة جامعة لجميع الاجزاء والشرائط المعتبرة فيها فالشك فى شىء منهما شك فى تحقق العنوان المقيد للمأمور به فيجب الاحتياط ليقطع بتحقق ذلك العنوان على تقييده لانه كما يجب القطع بحصول نفس العنوان وهو الصلاة فلا بد من اتيان كل ما يحتمل دخله فى تحققها كما مرت الاشارة اليه كذلك يجب القطع بتحصيل القيد المعلوم الذى قيد به العنوان كما لو قال اعتق مملوكا مؤمنا فانه يجب القطع بحصول الايمان كما يقطع بكونه مملوكا.

(ودفعه يظهر مما ذكرنا) حاصل الدفع عن التوهم المذكوران الصلاة لم تقيد بمفهوم الصحيحة حتى يرجع الشك الى الشك فى المصداق ويجب فيه الاحتياط كما سيجىء فى المسألة الرابعة بل قيدت بمصداقها المردد بين الاقل والاكثر فقد قيدت بما علم من الادلة الخارجية اعتباره بمعنى ان كل جزء وشرط ثبت من الادلة الخارجية اعتباره فى الصلاة كان ذلك الجزء والشرط من الاجزاء

٢١

والشرائط المعتبرة فى الصحة والمطلوبية ويوجب كل واحد منهما تقييدا لاطلاقها وما لم يثبت من الادلة الخارجية ما يوجب تقييد اطلاقها فينفى باصالة الاطلاق واصالة البراءة ومجرد كون مراد الشارع ومطلوبه الصحيحة فى الواقع ونفس الامر لا يوجب تقييد اطلاق اللفظ بها واعتبارها فى العنوان.

(فالعلم بعدم ارادة الفاسدة) يراد به العلم بعدم ارادة هذه المصاديق الفاقدة للامور التى دل الدليل على تقييد الصلاة بها لا ان مفهوم الفاسدة خرج عن المطلق وبقى مفهوم الصحيحة فكلما شك فى صدق الصحيحة والفاسدة وجب الرجوع الى الاحتياط لاحراز مفهوم الصحيحة وهذه المغالطة على ما صرح به قدس‌سره جارية فى جميع المطلقات.

(ثم ان ما ذكره قدس‌سره) فى هذا المقام قد تبع فيه المحقق الاصفهانى ره على ما حكى عنه حيث قال فان قيل العلم الاجمالى بكون مطلوب الشارع هو خصوص الصحيحة يوجب تقييد الاطلاقات بذلك قلت قبل ظهور ما يقضى بالفساد من ضرورة او اجماع او رواية ونحوها فلا علم هناك بفساد شىء من الاقسام ليلتزم بالتقييد فلا بد من الحكم بصحة الكل وبعد ثبوت الفساد فى البعض يقتصر فيه على مقدار ما يقوم الدليل عليه ويحكم فى الباقى بمقتضى الاصل المذكور فلا تقييد هناك بالمجمل من الجهة المذكورة.

(ويتضح ذلك) بملاحظة الحال فى المعاملات فان حكمه تعالى بحل البيع وامره بالوفاء بالعقود ليس بالنسبة الى الفاسدة قطعا ومع ذلك لا اجمال فى ذلك من تلك الجهة لقضائه بصحة كل من البيوع ووجوب الوفاء بكل من العقود فلا يحكم بفساد شىء منها الا بعد قيام الدليل على اخراجه من الاطلاق والعموم المذكورين وحينئذ يقتصر على القدر الذى ثبت فساده من الدليل انتهى.

٢٢

(فلنرجع الى المقصود ونقول اذا عرفت) ان الفاظ العبادات على القول بوضعها للاعم كغيرها من المطلقات كان لها حكمها ومن المعلوم ان المطلق ليس يجوز دائما التمسك به باطلاقه بل له شروط كان لا يكون واردا فى مقام حكم القضية المهملة بحيث لا يكون المقام مقام بيان ألا ترى انه لو راجع المريض الطبيب فقال له فى غير وقت الحاجة لا بد لك من شرب الدواء او المسهل فهل يجوز للمريض ان يأخذ باطلاق الدواء والمسهل وكذا لو قال المولى لعبده يجب عليك المسافرة غدا وبالجملة فحيث لا يقبح من المتكلم ذكر اللفظ المجمل لعدم كونه الا فى مقام هذا المقدار من البيان لا يجوزان يدفع القيود المحتملة للمطلق بالاصل لان جريان الاصل لا يثبت الاطلاق وعدم ارادة القيد إلّا بضميمة انه اذا فرض ولو بحكم الاصل عدم ذكر القيد وجب ارادة الاعم من المقيد والاقبح التكليف لعدم البيان فاذا فرض العلم بعدم كونه فى مقام البيان لم يقبح الاخلال بذكر القيد مع ارادته فى الواقع.

(حاصل ما افاده قدس‌سره) ان الفاظ العبادات على القول بوضعها للاعم كغيرها من المطلقات كان لها حكمها ولكن من المعلوم انه لا يجوز العمل بالمطلق مطلقا بل له شروط مذكورة فى مسئلة المطلق والمقيد.

(منها) ان يكون فى مقام بيان تمام المراد ولا يكون فى مقام الاهمال والاعلام فى الجملة ككثير من مطلقات الكتاب والسنة كما اشار اليه فى المتن.

(ومنها) ان لا يكون واردا فى بيان حكم آخر كاطلاق الامر فى قوله تعالى (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) بالنسبة الى مسئلة الطهارة فلا يمكن التمسك به فى اثبات طهارة موضع عضّ الكلب.

٢٣

والذى يقتضيه التدبر فى جميع المطلقات الواردة فى الكتاب فى مقام الامر بالعبادة كونها فى غير مقام بيان كيفية العبادة فان قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) انما هو فى مقام بيان تأكيد الامر بالصلاة والمحافظة عليها نظير قوله من ترك الصلاة فهو كذا وكذا وان صلاة فريضة خير من عشرين او الف حجة نظير تأكيد الطبيب على المريض فى شرب الدواء اما قبل بيانه له حتى يكون اشارة الى ما يفصله له حين العمل واما بعد البيان له حتى يكون اشارة الى المعهود المبين له فى غير هذا الخطاب والاوامر الواردة بالعبادات فيه كالصلاة والصوم والحج كلها على احد الوجهين والغالب فيها الثانى وقد ذكر موانع أخر لسقوط اطلاقات العبادات عن قابلية التمسك

(ومنها) عدم تطرق التقييد بما يوجب الوهن فى اطلاقه.

(ومنها) عدم تقييده بقيد مجمل متصل او مطلقا على الخلاف.

(ومنها) عدم اقترانه بما يصلح للتقييد.

(ومنها) ان يكون المطلق متواطيا بالنسبة الى الافراد المندرجة تحته ولم يكن منصرفا الى بعض الافراد لكثرة الاستعمال الغير البالغ حد الوضع او شيوع الفرد على الخلاف الى غير ذلك من الشرائط المذكورة فى محلها للتمسك بالاطلاق. (والذى يقتضيه التدبر فى جميع المطلقات) الواردة فى الكتاب فى مقام الامر بالعبادة كونها فى غير مقام بيان كيفية العبادة والشاهد على ذلك كثرة الاجزاء والشرائط اللاحقة لها ببيان الائمة عليهم‌السلام مما ليست مشتملة على شىء منها وتكرارها فى مواضع عديدة بحيث يعلم ان الغرض هو الوعظ والترغيب فليس الاطلاق فى مقام بيان كيفية العبادة فان قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) انما هو فى مقام بيان تأكيد الامر بالصلاة والمحافظة عليها نظير قوله من

٢٤

فيها باصالة الاطلاق وعدم التقييد لكنها قابلة للدفع او غير مطردة فى جميع المقامات وعمدة الموهن لها ما ذكرناه فحينئذ اذا شك فى جزئية شىء لعبادة لم يكن هنا ما يثبت به عدم الجزئية من اصالة عدم التقييد بل الحكم هنا هو الحكم على مذهب القائل بالوضع للصحيح فى رجوعه الى وجوب الاحتياط او الى اصالة البراءة على الخلاف فى المسألة فالذى ينبغى ان يقال فى ثمرة الخلاف بين الصحيحى والاعمى هو لزوم الاجمال على القول بالصحيح وحكم المجمل هو مبنى على الخلاف فى وجوب الاحتياط او جريان اصالة البراءة وامكان البيان والحكم بعدم الجزئية لاصالة عدم التقييد على القول بالاعم فافهم.

ترك الصلاة فهو كذا وكذا وان صلاة فريضة خير من عشرين او الف حجة نظير تأكيد الطبيب على المريض فى شرب الدواء اما قبل بيانه له حتى يكون اشارة الى ما يفصّله له حين العمل واما بعد البيان له حتى يكون اشارة الى المعهود المبين له فى غير هذا الخطاب.

(والاوامر الواردة بالعبادات فيه) كالصلاة والصوم والحج كلها على احد الوجهين والغالب فيها الثانى والمراد من احد الوجهين على ما تعرض له بعض الاعلام اما كونها فى مقام الاهمال وعدم البيان مثل قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ* وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) وغير ذلك واما فى مقام بيان حكم آخر مثل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوله (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) والصلاة خير موضوع وغير ذلك.

(ولكن) الاظهر فى تفسير العبارة ان المراد باحد الوجهين هو ما ذكره بقوله اما قبل بيانه له حتى يكون اشارة الى ما يفصّله له حين العمل واما بعد البيان له حتى يكون اشارة الى المعهود المبين له فى غير هذا الخطاب لانه المذكور

٢٥

قبل هذا الكلام صريحا والغالب فى الاوامر المولوى الشرعى هو الوجه الثانى.

(نعم قد ذكر موانع أخر لسقوط اطلاقات العبادات) عن قابلية التمسك فيها باصالة الاطلاق قد سبق نقل الموانع (منها) عدم انصرافها الى بعض الافراد بحسب الاستعمال او بحسب الوجود وبعبارة اخرى انتفاء القدر المتيقن فى مقام التخاطب بحيث لو القى هذا الكلام الى من ليس عنده قرائن خارجية فهم منه التساوى بين الافراد كما لو قال المولى اكرم العالم وفهم العبد وجوب اكرام العالم مطلقا سواء كان نحويا او صرفيا او اصوليا على حدّ سواء نعم لو سبق الى ذهنه وجوب الاكرام لخصوص فرد كالاصولى مثلا بقرائن خارجية فهو غير مضرّ بالاطلاق.

(ومنها) عدم تطرق التقييد فيها بما يوجب الوهن فى الاطلاق.

(ومنها) عدم اقترانها بما يصلح ان يكون مقيدا لها الى غير ذلك من الشرائط المذكورة.

(وقد اجاب الشيخ قدس‌سره) عن الموانع التى توجب سقوط اطلاقات العبادات بقوله لكنها قابلة للدفع او غير مطردة فى جميع المقامات وعمدة الموهن لها ما ذكرناه من ان المطلقات الواردة فى الكتاب كونها فى غير مقام بيان كيفية العبادة فحينئذ اذا شك فى جزئية شىء لعبادة لم يكن هنا ما يثبت به عدم الجزئية من اصالة عدم التقييد بل الحكم هنا هو الحكم على مذهب القائل بالوضع للصحيح فى رجوعه الى وجوب الاحتياط او الى اصالة البراءة على الخلاف فى المسألة.

(فالذى ينبغى) ان يقال فى ثمرة الخلاف بين الصحيحى والاعمى هو لزوم الاجمال على القول بكون الفاظ العبادات اسامى للصحيح واما على القول بوضعها للاعم فبامكان البيان وعدم الاجمال والحكم بعدم الجزئية فى مشكوك الجزئية لاصالة الاطلاق وعدم التقييد ولا يخفى ان هذا يتم بالنسبة الى غير الاركان

٢٦

اذا انتفائه لا يوجب عدم صدق الاسم وانتفاء المسمى بخلاف الاجزاء الركنية فان الشك فيها يوجب الشك فى صدق الاسم وبانتفائها ينتفى المسمى فلا بد فيها من العمل بالاحتياط والاتيان بالمشكوك فيه كالقول بوضعها للصحيح لما تقدم من ان حكم الاجزاء الركنية والمقومة للماهية عند القائل بالاعم حكم جميع الاجزاء عند القائل بالصحيح.

(قوله فافهم) لعله اشارة الى ان هذه الثمرة ليست ثمرة ينتفع بها فى الفقه اذ لا فرق بين الاجمال الذاتى وبين الاجمال العرضى فى عدم الانتفاع وقال بعض الاعلام يمكن ان يكون اشارة الى ان هذا ينافى ما يرى فى كلماتهم من البناء على التمسك بالبراءة مع انه لا وجه للتعرض لها على هذا التقدير لعدم الاحتياج اليها إلّا ان يقال ان المقصود هو الثمرة العلمية لا العملية اوانها محتاج اليها فى صورة فقد النص والاطلاق وكذا فى المعاملات على القول بانها خارجة عن النزاع فى مسئلة الصحيح والاعم.

٢٧

(المسألة الثالثة) فيما اذا تعارض نصان متكافئان فى جزئية شىء لشىء وعدمها كان يدل احدهما على جزئية السورة والآخر عدمها ومقتضى اطلاق اكثر الاصحاب بالقول بالتخيير بعد التكافؤ ثبوت التخيير هنا لكن ينبغى ان يحمل هذا الحكم منهم على ما اذا لم يكن هناك اطلاق يقتضى اصالة عدم تقييده عدم جزئية هذا المشكوك كأن يكون هناك اطلاق معتبر للامر بالصلاة بقول مطلق وإلّا فالمرجع بعد التكافؤ الى هذا المطلق لسلامته عن المقيد بعد ابتلاء ما يصلح لتقييده بمعارض مكافئ وهذا الفرض خارج عن موضوع المسألة لانها كأمثالها من مسائل هذا المقصد مفروضة فيما اذا لم يكن هناك دليل اجتهادى سليم عن المعارض متكفلا لحكم المسألة حتى تكون موردا للاصول العملية.

(ولا يخفى) ان الغرض من التعرض لهذه المسألة فى المقام وفى باب الشك فى التكليف بكلا قسميه من الشبهة التحريمية والوجوبية انما هو لمجرد ابطال ان المرجع فيها هو الاحتياط دون اثبات ان المرجع بعد بطلانه ما هو كيف والمتكفل لهذا انما هو باب التعادل والترجيح فالتعرض لها فى المواضع الثلث لاثبات الجهة الاولى دون الثانية.

(وكيف كان) فيما اذا تعارض نصّان متكافئان فى جزئية شيء لشىء وعدمها ومقتضى اطلاق اكثر الاصحاب بالقول بالتخيير بعد تكافؤ النصين ثبوت التخيير هنا.

(لكن ينبغى) ان يحمل هذا الحكم اى ثبوت التخيير بعد التكافؤ على ما اذا لم يكن هناك اطلاق يقتضى اصالة عدم تقييده عدم جزئية هذا المشكوك اذ بعد فقد المطلق فالمتعارضان بعد فرض عدم الترجيح لاحدهما متكافئان وبعد التكافؤ اما ثبوت التخيير كما ذهب اليه الاكثر او الرجوع الى الاصل من باب

٢٨

فان قلت فاى فرق بين وجود هذا المطلق وعدمه وما المانع من الحكم بالتخيير هنا كما لو لم يكن مطلق فان حكم المتكافئين ان كان هو التساقط حتى ان المقيد المبتلى بمثله بمنزلة العدم فيبقى المطلق سالما كان اللازم فى صورة عدم وجود المطلق التى حكم فيها بالتخيير هو التساقط والرجوع الى الاصل المؤسس فيما لا نص فيه واجماله من البراءة او الاحتياط على الخلاف وان كان حكمهما التخيير كما هو المشهور نصا وفتوى كان اللازم عند تعارض المقيد للمطلق الموجود بمثله الحكم بالتخيير هنا لا تعيين الرجوع الى المطلق الذى هو بمنزلة تعيين العمل بالخبر المعارض للمقيد.

المرجعية او المرجحية واما اذا كان فى المقام مطلق فبعد تكافؤ النصين وتساقطهما فالمطلق هو المرجع لكونه سليما عن معارضة ما دل على التقييد اذ ما دلّ على الجزئية الموجبة لتقييد المطلق معارض بما دلّ على عدم الجزئية الموجبة لتقييد المطلق فبعد تعارضهما وتساقطهما فالمطلق هو المرجع ونحكم بعدم الجزئية.

(ولكن) هذا الفرض خارج عن موضوع المسألة لانها كأمثالها من مسائل هذا المقصد مفروضة فيما اذا لم يكن هناك دليل اجتهادى سليم عن المعارض متكفلا لحكم المسألة حتى تكون موردا للاصول العملية.

(فان قلت) فاى فرق بين وجود هذا المطلق وعدمه وما المانع من الحكم بالتخيير هنا كما لو لم يكن مطلق فان حكم المتكافئين ان كان هو التساقط حتى ان المقيد المبتلى بمثله بمنزلة العدم فيبقى المطلق سالما كان اللازم فى صورة عدم وجود المطلق التى حكم فيها بالتخيير هو التساقط والرجوع الى الاصل المؤسس فيما لا نص فيه واجماله من البراءة او الاحتياط على الخلاف وان كان حكم النصين

٢٩

المتكافئين التخيير كما هو المشهور نصا وفتوى كان اللازم عند تعارض المقيد للمطلق الموجود بمثله الحكم بالتخيير هنا لا تعيين الرجوع الى المطلق الذى هو بمنزلة تعيين العمل بالخبر المعارض للمقيد.

(قوله) عند تعارض المقيد لفظ المقيد بصيغة اسم الفاعل.

(وقوله) للمطلق متعلق به وقوله الموجود صفة للمطلق.

(وقوله) بمثله متعلق بقوله تعارض المقيد

٣٠

(قلت) اما لو قلنا بان المتعارضين مع وجود المطابق غير متكافئين لان موافقة احدهما للمطلق الموجود مرجح له فيؤخذ به ويطرح الآخر فلا اشكال فى الحكم وفى خروج مورده عن محل الكلام وان قلنا انهما متكافئان والمطلق مرجع لا مرجح نظرا الى كون اصالة عدم التقييد تعبديا لا من باب الظهور النوعى فوجه عدم شمول اخبار التخيير لهذا القسم من المتكافئين دعوى ظهور اختصاص تلك الاخبار بصورة عدم وجود الدليل الشرعى فى تلك الواقعة وانها مسوقة لبيان عدم جواز طرح قول الشارع فى تلك الواقعة والرجوع الى الاصول العقلية والنقلية المقررة لحكم صورة فقدان قول الشارع فيها والمفروض وجود قول الشارع هنا ولو بضميمة اصالة الاطلاق المتعبد بها عند الشك فى المقيد والفرق بين هذا الاصل وبين تلك الاصول الممنوع فى تلك الاخبار عن الرجوع اليها وطرح المتكافئين هو ان تلك الاصول عملية فرعية مقررة لبيان العمل فى المسألة الفرعية عند فقد الدليل الشرعى فيها وهذا الاصل مقرر لاثبات كون الشىء وهو المطلق دليلا وحجة عند فقد ما يدل على عدم ذلك فالتخيير مع جريان هذا الاصل تخيير مع وجود الدليل الشرعى المعين لحكم المسألة المتعارض فيها النصان.

(وما افاده قدس‌سره) فى الجواب من خروج الفرض عن محل الكلام على القول بكون موافقة احد الخبرين للاصل اللفظى من الاطلاق او العموم يوجب ترجيح الخبر الموافق له مما لا ريب فيه فان التخيير بين المتعارضين انما هو فى مورد التكافؤ كما ان الامر كذلك بالنسبة الى الاصل العملى على القول بكونه مرجحا كما اذا وافق احد الخبرين للاستصحاب على القول باعتباره من باب الظن.

٣١

بخلاف التخيير مع جريان تلك الاصول فانه تخيير بين المتكافئين عند فقد دليل ثالث فى موردهما هذا ولكن الانصاف ان اخبار التخيير حاكمة على هذا الاصل وان كان جاريا فى المسألة الاصولية كما انها حاكمة على تلك الاصول الجارية فى المسألة الفرعية لان مؤداها بيان حجية احد المتعارضين كمؤدى ادلة حجية الاخبار ومن المعلوم حكومتها على مثل هذا الاصل كما انها حاكمة على تلك الاصول الجارية فى المسألة الفرعية فهى دالة على مسئلة اصولية وليس مضمونها حكما عمليا صرفا فلا فرق بين ان يرد فى مورد هذا الدليل المطلق اعمل بالخبر الفلانى المقيد لهذا المطلق وبين قوله اعمل باحد هذين المقيد احدهما له فالظاهر ان حكم المشهور فى المقام بالرجوع الى المطلق وعدم التخيير مبنى على ما هو المشهور فتوى ونصا من ترجيح احد المتعارضين بالمطلق او العام الموجود فى تلك المسألة كما يظهر من ملاحظة النصوص والفتاوى وسيأتى توضيح ما هو الحق من المسلكين فى باب التعادل والتراجيح إن شاء الله.

(واما على القول) بان المتعارضين متكافئان والمطلق مرجع لا مرجح نظرا الى ان اصالة عدم التقييد مبنى على التعبد وحجية الخبرين مبنى على الظهور العرفى او النوعى فحينئذ لم يكن المطلق فى مرتبتهما فلا يكون مرجحاتهما لوجوب كون المرجح لاحد الخبرين فى مرتبتهما.

(وقد اشار قدس‌سره) الى بيان هذا القول بقوله فوجه عدم شمول اخبار التخيير لهذا القسم من المتكافئين دعوى ظهور اخبار التخيير لاثبات جواز الاخذ بكل من المتعارضين فيما لم يكن دليل على قول الشارع بحيث يكون المكلف متحيّرا فى الاخذ بأىّ قولى الشارع اللذين وقع التعارض بينهما فى

٣٢

مرحلة الظاهر والرجوع الى الاصول العقلية والنقلية المقررة لحكم صورة فقدان قول الشارع فيها والمفروض وجود قول الشارع هنا ولو بضميمة اصالة الاطلاق المتعبد بها عند الشك فى المقيد.

(وفى الحقيقة) هذا الوجه يرجع الى تساقط الخبرين عن الحجية وسقوطهما عن درجة الاعتبار فيبقى المطلق بلا معارض فيكون هو المرجع وهذا بخلاف الاصول العملية فانها جارية فى صورة الشك فى الحكم الشرعى المسبب عن الشك فى صدور الحجة ومن المعلوم ان مثل قوله عليه‌السلام اذن فتخير يثبت الحجة الشرعية مثل قوله عليه‌السلام صدّق العادل غاية الامر انه يثبت الحجة التعيينية وادلة التخيير الحجة التخييرية ولا فرق بين الحجّتين فى اسقاط الاصول العملية من البين لكونها تعليقية بالنسبة الى كلا الصنفين.

(والفرق) بين هذا الاصل اللفظى كاصالة الاطلاق او العموم وبين تلك الاصول العملية الممنوع فى هذه الاخبار عن الرجوع اليها وطرح المتكافئين ان تلك الاصول اصول فى المسألة الفرعية مع عدم وجود دليل فى تلك المسألة وهذا الاصل اللفظى من الاطلاق او العموم مقرر لاثبات كون الشىء وهو المطلق دليلا وحجة عند فقد ما يدل على عدم ذلك فالتخيير مع جريان هذا الاصل تخيير مع وجود الدليل الشرعى المعين لحكم المسألة المتعارض فيها النصان بخلاف التخيير مع جريان تلك الاصول فانه تخيير بين المتكافئين عند فقد دليل ثالث فى موردهما هذا.

(والحاصل) ان التخيير فى الاخذ باحد المتعارضين (هل) يختص بما اذا لم يكن فى البين اطلاق او عموم موافق لاحدهما بحيث كان المرجع بعد التساقط لو لا ادلة التخيير هو الاصول العملية فلو كان هناك عام موافق فالعمل لا بد وان يكون على طبق العام لا التخيير.

(او ان التخيير) فى الاخذ باحدهما لا يختص بذلك بل يعم صورة

٣٣

وجود المطلق او العام الموافق لاحدهما كما اذا تعارض الخبران فى وجوب اكرام زيد العالم مع قيام الدليل على وجوب اكرام مطلق العالم.

(او يفصل) بين ان يكون التخيير فى المسألة الفقهية فالمرجع هو العام الموافق لاحدهما وبين ان يكون التخيير فى المسألة الاصولية فالمرجع هو اطلاق ادلة التخيير ولا يرجع الى العام الموافق إلّا اذا قلنا بان العام يصلح لان يكون مرجحا لما وافقه من الدليلين المتعارضين فيرجع الى العام لكن لا لكونه مرجعا كما فى الوجه الاول بل لكونه مرجحا للدليل الموافق له كسائر المرجحات الأخر.

(فقد يتوهم) ان اطلاق ادلة التخيير يعم صورة وجود العام او المطلق الموافق لاحد المتعارضين ولكن يضعف بأن الموضوع فى ادلة التخيير هو المكلف المتحير الذى لم يقم عنده دليل اجتهادى يصح التعويل عليه والعام الموافق لأحدهما صالح لأن يعوّل عليه فان قوله اكرم العلماء يعم زيدا العالم ولم يثبت تخصيصه بقوله لا تكرم زيدا العالم لانه معارض بقوله اكرم زيدا العالم والمخصص المبتلى بالمعارض وجوده كعدمه غير قابل لان يمنع عن اصالة العموم بل اصالة العموم تبقى سليمة عن المانع ويصح التعويل عليها فلا يبقى موضوع لادلة التخيير هذا حاصل ما افاده الشيخ قدس‌سره فى وجه المنع عن اطلاق ادلة التخيير وعدم شمولها لمورد وجود العام الموافق لاحد المتعارضين.

(ولكن) قد عدل عما ذكره بعد ذلك بقوله ولكن الانصاف الخ واختار التفصيل بين القول بالتخيير فى المسألة الفقهية والقول بالتخيير فى المسألة الاصولية.

(ولا يخفى) ان عبارته قدس‌سره فى المقام على ما اشار اليه بعض الاعلام لا تخلو عن اضطراب فان صدر كلامه يعطى عدم الفرق بين القول بالتخيير فى المسألة الاصولية او الفقهية لان الظاهر من قوله ولكن الانصاف ان اخبار

٣٤

التخيير حاكمة على هذا الأصل وان كان جاريا فى المسألة الاصولية هو الاطلاق بقرينة ان الوصلية وظاهر ذيل كلامه يعطى التفصيل بين القولين فراجع العبارة مع تأمل فيها.

(ولكن الانصاف) ان اخبار التخيير حاكمة على اصالة الاطلاق والعموم وان كان اعتبارهما من باب الظن او الظهور العرفى او النوعى ومفادها الاخذ باحدهما من حيث التعبد نظرا الى عدم امكان ملاحظة الطريقية فى مقام التحير مع قطع النظر عما اقتضى ترجيح احد المتعارضين وتقديمه بما يوجب قوته كما انها حاكمة على الاصول العملية الجارية فى المسألة الفرعية لأن مؤداها بيان حجية احد المتعارضين كمؤدى ادلة حجية الأخبار ومن المعلوم حكومتها على مثل هذا الاصل اللفظى كما أنها حاكمة على تلك الاصول الجارية فى المسألة الفرعية فهى دالة على مسئلة اصولية وليس مضمونها حكما عمليا صرفا فلا فرق بين ان يرد فى مورد هذا الدليل المطلق اعمل بالخبر الفلانى المقيد لهذا المطلق وبين قوله اعمل باحد هذين المقيد احدهما له.

(قوله فالظاهر ان حكم المشهور بالرجوع الى المطلق) دفع ما يرد على كلامه المتقدم من ان اخبار التخيير حاكمة على اصالة الاطلاق وبعد حكومتها عليها لا وجه لحكم المشهور فى المقام بالرجوع الى المطلق لان احراز الاطلاق انما هو باصالة الاطلاق وعدم التقييد واخبار التخيير حاكمة على هذا الاصل اللفظى وتمنع من اجرائه ومقتضى ذلك هو التخيير فى المقام.

(بيان الدفع) ان حكم المشهور فى المقام بالرجوع الى المطلق وعدم العمل باخبار التخيير مبنى على ما هو المشهور فتوى ونصا من ترجيح احد المتعارضين بالمطلق والعام الموجود فى تلك المسألة فالخبر الموافق للمطلق والعام راجح على معارضه فالعمل على الخبر الموافق لهما لترجيحه على معارضه بموافقتهما فالرجوع اليهما من باب المرجحية فلا مورد لاخبار التخيير فى المقام

٣٥

لان التخيير لا بد فيه من امور ثلاثة وهو عدم جواز طرحهما وعدم امكان جمعهما وعدم وجود المرجح ولا ريب فى وجود المرجح فى المقام على الفرض المذكور.

(وما ذكرناه) من أن حكم المشهور فى المقام بالرجوع الى المطلق مبنى على ما هو المشهور من ترجيح احد المتعارضين بالمطلق والعام الموجود فى تلك المسألة هو الذى يظهر من ملاحظة النصوص والفتاوى وسيأتى توضيح ما هو الحق من المسلكين فى باب التعادل والتراجيح إن شاء الله تعالى.

٣٦

(المسألة الرابعة) فيما اذا شك فى جزئية شىء للمأمور به من جهة الشبهة فى الموضوع الخارجى كما اذا امر بمفهوم مبين مردد مصداقه بين الاقل والاكثر ومنه ما اذا وجب صوم شهر هلالى وهو ما بين الهلالين فشك فى انه ثلاثون او ناقص ومثل ما امر بالطهور لاجل الصلاة اعنى الفعل الرافع للحدث او المبيح للصلاة فشك فى جزئية شىء للوضوء او الغسل الرافعين واللازم فى المقام الاحتياط لان المفروض تنجز التكليف بمفهوم مبين معلوم تفصيلا وانما الشك فى تحققه بالاقل فمقتضى اصالة عدم تحققه وبقاء الاشتغال عدم الاكتفاء به ولزوم الاتيان بالاكثر ولا يجرى هنا ما تقدم من الدليل العقلى والنقلى الدال على البراءة لان البيان الذى لا بد منه فى التكليف قد وصل من الشارع فلا يقبح المؤاخذة على ترك ما بينه تفصيلا فاذا شك فى تحققه فى الخارج فالاصل عدمه والعقل ايضا يحكم بوجوب القطع باحراز ما علم وجوبه تفصيلا اعنى المفهوم المعين المبين المأمور به.

(اقول) وجوب الاحتياط فيما اذا شك فى جزئية شىء للمأمور به من جهة الشبهة فى الموضوع الخارجى كما اذا امر بمفهوم مبين مردد مصداقه بين الاقل والاكثر مما لا اشكال ولا خلاف فيه بين الاصحاب الا ما يحكى عن بعض المحققين لان المفروض فى المقام تنجز التكليف بمفهوم مبين معلوم تفصيلا وانما الشك فى محصّله فمقتضى قاعدة الاشتغال عدم الاكتفاء بالاقل ولزوم الاتيان بالاكثر.

(ولا يجرى هنا) ما تقدم من الدليل العقلى والنقلى الدالين على البراءة لان البيان الذى لا بد منه فى التكليف قد وصل من الشارع فلا يقبح المؤاخذة على ترك ما بيّنه تفصيلا فاذا شك فى تحققه فى الخارج فالاصل عدمه

٣٧

ألا ترى انه لو شك فى وجود باقى الاجزاء المعلومة كأن لم يعلم انه اتى بها ام لا كان مقتضى العقل والاستصحاب وجوب الاتيان بها والفارق بين ما نحن فيه وبين الشبهة الحكمية من المسائل المتقدمة التى حكمنا فيها بالبراءة هو ان نفس التكليف فيها مردد بين اختصاصه بالمعلوم وجوبه تفصيلا وبين تعلقه بالمشكوك وهذا الترديد لا حكم له بمقتضى العقل لان مرجعه الى المؤاخذة على ترك المشكوك وهى قبيحة بحكم العقل فالعقل والنقل الدالان على البراءة مبينان لتعلق التكليف بما عداه من اول الامر فى مرحلة الظاهر واما ما نحن فيه فمتعلق التكليف فيه مبين معلوم تفصيلا لا تصرف للعقل والنقل فيه وانما الشك فى تحققه فى الخارج باتيان الاجزاء المعلومة والعقل والنقل المذكوران لا يثبتان تحققه فى الخارج بل الاصل عدم تحققه والعقل ايضا مستقل بوجوب الاحتياط مع الشك فى التحقيق.

والحاصل ان الثابت عند جميع الاديان والملل بحيث لا يعتريه ريب ولا الخلل انه اذا اشتغل الذمة بتكليف مبيّن معلوم من حيث الحكم والموضوع وطرأ الشك فى طريق اطاعته فلا يرتفع ذلك التكليف الا بالامتثال اليقينى.

(ولكن فى تمثيله قدس‌سره) لما نحن فيه بما فى الكتاب مجال للمناقشة.

(اما المثال الاول) فلا تعلق له بالمقام اذ مفروض الكلام فى الاقل والاكثر الارتباطيين وصوم كل يوم تكليف مستقل فى الشريعة المقدسة وان قلنا بكفاية نية واحدة عن تمام الشهر كما عن بعض الفقهاء فان القول بذلك ليس من جهة كون صوم الشهر عنده تكليفا واحدا بحيث لو لم يمتثل الامر فى بعض الايام نسيانا او عمدا بطل صومه فيما صامه من الايام فان احدا من علماء الاسلام لم يقل بذلك.

٣٨

(نعم) يمكن فرض ذلك فى النذر بان اوجب المكلف على نفسه بالنذر الصوم فى الشهر على وجه الاجتماع بحيث اذا اخلّ بصوم يوم منه لم يكن ممتثلا للواجب والوجه فى اختصاص مفروض المسألة بهذا القسم واضح اذ فى غير هذا الفرض ينحل زمان الصوم الواجب وهو الشهر الى الاقل والاكثر الاستقلاليين.

(واما المثال الثانى) فانك قد عرفت فيما تقدم ان الشبهة الحكمية ما كان الاشتباه فى الحكم الكلى الصادر عن الشارع والشبهة الموضوعية ما كان الاشتباه فيها مستندا الى الامور الخارجية والمثال ليس من هذا القبيل لانه بناء على ان المأمور به وما هو المقدمة للصلاة عنوان الطهور اعنى الفعل الرافع للحدث او المبيح للصلاة وان صار الواجب مفهوما مبيّنا إلّا ان الشك فى حصوله فى الخارج للشك فى جزئية شىء للوضوء او الغسل ليس مستندا الى الاشتباه فى الامور الخارجية وبعبارة اخرى ليس فى الحكم الجزئى الذى هو مناط الاشتباه فى الشبهة الموضوعية بل كان شكا فى الحكم الكلى ومنشائه عدم العلم بما جعله الشارع مصداقا للطّهور هذا اجمال المناقشة فى المثال الثانى.

(وان شئت الاطلاع) على تفصيل المناقشة فيه فراجع الى بحر الفوائد فانه ره بعد تعرضه للمناقشة فى المثال الثانى تفصيلا قال فالمثال الصحيح للمقام بحيث لا يتطرق اليه مناقشة اصلا هو تردد اليوم الذى يجب فيه الصوم مع تبين مفهومه بين الاقل والاكثر من جهة الشك فى حصول المغرب من جهة الشبهة الموضوعية لا من جهة الاختلاف فى معنى الغروب الذى هو غاية اليوم وعدم فهم المراد منه او الاختلاف فى معنى ذهاب الحمرة وانها المغربية او المشرقية وكيف كان لا بد من تمثيل المقام به وبامثاله.

(وعلى كل حال) ان الفارق بين ما نحن فيه وبين الشبهة الحكمية من المسائل المتقدمة التى حكمنا فيها بالبراءة هو حكم العقل فى المقام على وجه القطع بوجوب تحصيل اليقين عما اشتغلت الذمة به يقينا فى مقام الامتثال

٣٩

وعدم الاكتفاء باحتمال امتثال الامر المتوجه الى المكلف والخطاب الصادر من الشارع يقينا الواصل الى المكلف بحيث لا اشتباه فيه موضوعا ومحمولا ونسبة وانما وقع الاشتباه من جهة اشتباه الامور الخارجية الذى لا تعلّق له بالشارع اصلا ولا يجب عليه ازالة الاشتباه الناشى من الامور الخارجية وإلا وجب عليه بيان الموضوع الخارجى دائما كالحكم الشرعى وليس المقام الا مثل ما لو شك المكلف فى اتيانه بالصلاة المفروضة فى الوقت او شك فى اتيانه بالجزء الذى علم بوجوبه ونحوهما فانه لا ريب فى حكم العقل بوجوب الاتيان وعدم جواز القناعة بالاحتمال مع قطع النظر عن حكم الشارع بعدم الالتفات بالشك فى اتيان الجزء بعد التجاوز عن محله.

(واما ما مضى) فى الشبهة الحكمية من المسائل المتقدمة فنفس التكليف فيها مردد بين اختصاصه بالمعلوم وجوبه تفصيلا كالاقل وبين تعلقه بالزائد المشكوك وجوبه وهذا الترديد لا حكم له بمقتضى العقل لان مرجعه الى المؤاخذة على ترك المشكوك وهى قبيحة بحكم العقل فالعقل والنقل الدالان على البراءة مبيّنان لتعلق التكليف بما عداه من اول الامر فى مرحلة الظاهر.

(وكيف كان) الذى يظهر من عبارة الشيخ قده هو القول بالاحتياط بارجاع الشبهة الموضوعية فى الاقل والاكثر الى ما يرجع الى الشك فى المحصل هذا تمام الكلام فى اربع مسائل من مسائل القسم الاول وهو الشك فى الجزء الخارجى فى الاقل والاكثر الارتباطيين.

٤٠