دروس في الرسائل - ج ٦

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٥

القاعدة في هذا المقام أن يلاحظ أولا جميع ما يمكن أن يرجّح به الخبر المخالف للكتاب على المطابق له ، فإن وجد شيء منها.

رجّح المخالف به وخصّص به الكتاب ؛ لأن المفروض انحصار المانع عن تخصيصه به في ابتلائه بمزاحمة الخبر المطابق للكتاب ؛ لأنه مع الكتاب من قبيل النصّ والظاهر ، وقد عرفت أنّ العمل بالنصّ ليس من باب الترجيح ، بل من باب العمل بالدليل ، والقرينة في مقابلة أصالة الحقيقة حتى لو قلنا بكونها من باب الظهور النوعي ، فإذا عولجت المزاحمة بالترجيح

____________________________________

كون الخبر المخالف أقوى دلالة من الكتاب ، هو أن يقطع النظر عن ظاهر الكتاب ؛ لأن اعتباره معلّق بعدم قرينة صارفة والخبر المخالف قرينة ، وأخبار العرض على الكتاب وكذا أخبار العلاج منصرفة الى غير هذه المخالفة.

وبعبارة اخرى : إنّ الخبر الخاصّ المخالف لعموم الكتاب لا يكون مخالفا له حقيقة ، بل هو قرينة مبيّنة لمقدار مدلول عموم الكتاب ، فلا يشمله ما دلّ على وجوب طرح ما يخالف الكتاب ، كأخبار العرض على الكتاب مثلا.

فعلى هذا يجب أن يلاحظ أولا جميع ما يمكن أن يرجّح به الخبر المخالف للكتاب على المطابق له ، فإن وجد شيء منها.

أي : من المرجّحات في الخبر المطابق بأن يكون راويه أعدل مثلا يؤخذ به ويطرح المخالف ؛ لأجل المرجّح المزبور لا لمخالفة الكتاب ، وإن وجد شيء منها في الخبر المخالف رجّح المخالف به ويطرح الموافق وخصّص به ، أي : بالخبر المخالف الكتاب ؛ لأن المفروض انحصار المانع عن تخصيصه في ابتلائه بمزاحمة الخبر المطابق للكتاب.

وذلك لما تقدّم من أنّه لا مانع عن تقديم الخبر المخالف الخاصّ على العامّ ، لا من ناحية الخبر المخالف لقوة دلالته ، ولا من ناحية الكتاب ، لجواز تأويله وتخصيصه بخبر الواحد ، فينحصر المانع في المعارض ، فإذا ارتفع ذلك المعارض تمّ تأويل الكتاب به ، كما أشار إليه بقوله :

لأنه مع الكتاب من قبيل النصّ والظاهر ، وقد عرفت سابقا أنّ العمل بالنصّ ليس من باب الترجيح لأحد المتعارضين.

بل من باب العمل بالدليل ، والقرينة في مقابلة أصالة الحقيقة حتى لو قلنا بكونها من

٤٦١

صار المخالف كالسليم عن المعارض ، فيصرف ظاهر الكتاب بقرينة الخبر السليم ، ولو لم يكن هناك مرجّح. فإن حكمنا في الخبرين المتكافئين بالتخيير إمّا لأنه الأصل ، في المتعارضين ، وإمّا لورود الأخبار بالتخيير كان اللّازم التخيير ، وأنّ له أن يأخذ بالمطابق وأن يأخذ بالمخالف ، فيخصّص به عموم الكتاب ، لما سيجيء من أنّ موافقة أحد الخبرين للأصل لا يوجب رفع التخيير ، وإن قلنا بالتساقط أو التوقف كان المرجّح هو ظاهر

____________________________________

باب الظهور النوعي.

فإنّ الأقوى دلالة قرينة صارفة في مقابل أصالة الحقيقة ، سواء كان اعتبار هذا الأصل عند العقلاء وأهل اللسان من باب التعبّد أو الظنّ الظهوري ؛ لأنه على كلّ تقدير معلّق بعدم القرينة على الخلاف ، وبالجملة كان المانع منحصرا في المزاحم.

فإذا عولجت المزاحمة بالترجيح صار المخالف كالسليم عن المعارض ، فيصرف ظاهر الكتاب بقرينة الخبر السليم ، ولو لم يكن هناك مرجّح. فإن حكمنا في الخبرين المتكافئين بالتخيير إمّا لأنه الأصل ، كما إذا قلنا باعتبار الأمارات من باب السببيّة دون الطريقيّة ، حيث يكون مقتضى الأصل الأوّلي حينئذ هو التخيير في المتعارضين.

وإمّا لأنه الأصل الثانوي ؛ وذلك لورود الأخبار بالتخيير كان اللّازم التخيير ، وأنّ له أن يأخذ بالمطابق ويطرح المخالف ، وأن يأخذ بالمخالف ، وحينئذ فيخصّص به عموم الكتاب ، لما سيجيء من انّ موافقة أحد الخبرين للأصل لا يوجب رفع التخيير.

توضيحه على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، أنّ التخيير إن كان عقليّا ، كما على السببيّة كان الخبر المختار دليلا اجتهاديّا مؤدّاه حكم واقعي ، كالخبر السليم أو الراجح يترتّب عليه آثار الواقع.

ومنها : كونه قرينة صارفة لظاهر الكتاب ، فيجوز في ما نحن فيه اختيار الخبر المخالف وجعله قرينة صارفة.

وأمّا إن كان شرعيّا مستفادا من أخبار العلاج ، كما على القول باعتبار الأمارات على نحو الطريقيّة فقد يتوهّم أنّ معنى التخيير مجرّد العمل بالمختار تعبّدا من دون أن يكون دليلا اجتهاديّا منزّلا مؤدّاه منزلة الواقع ، فلا يجري التخيير في ما نحن فيه ، بل تكون أصالة الحقيقة في الكتاب التي هي من الأمارات الظّنيّة المعتبرة حاكمة على التخيير الذي هو

٤٦٢

الكتاب. فتلخّص أنّ الترجيح بظاهر الكتاب لا يتحقّق [بمقتضى القاعدة] في شيء من فروض هذه الصورة.

الثانية : أن يكون على وجه لو خلّي الخبر المخالف له عن معارضه لكان مطروحا لمخالفة الكتاب ، كما إذا تباين مضمونهما كلّيّة ، كما لو كان ظاهر الكتاب في المثال المتقدّم وجوب إكرام زيد العالم ، واللّازم في هذه الصورة خروج الخبر المخالف عن الحجّيّة رأسا ، لتواتر الأخبار ببطلان الخبر المخالف للكتاب والسنة ، والمتيقّن من المخالفة هذا الفرد.

____________________________________

أمر تعبّدي ، فيكون مرجّحا للخبر الموافق.

وفيه : ما سيجيء في دفع توهّم تعارض الاصول العمليّة مع التخيير من أنّ ظاهر أخبار العلاج كون التخيير كالترجيح ، وأنّ الخبر المختار كالسليم والراجح دليل اجتهادي مؤدّاه حكم واقعي تترتّب عليه الآثار.

ومنها : تأويل الكتاب لو اختار المخالف.

وإن قلنا بالتساقط أو التوقف كما توهّمه بعض ، كان المرجّح هو ظاهر الكتاب. فتلخّص أنّ الترجيح بظاهر الكتاب لا يتحقّق بمقتضى القاعدة ، أي : قاعدة تقديم الأقوى دلالة في شيء من فروض هذه الصورة.

وفرضها اربعة فصّلنا حكم كلّها ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، ولعلّ المراد من الفروض الأربعة هي الترجيح والتخيير ، والتساقط ، والتوقف.

الثانية : أن يكون على وجه لو خلّي الخبر المخالف له عن معارضه لكان مطروحا لمخالفة الكتاب ، كما إذا تباين مضمونهما كلّيّة ، بمعنى توقف الجمع بينهما على التصرّف في كليهما.

كما لو كان ظاهر الكتاب في المثال المتقدّم وجوب إكرام زيد العالم.

بأن يرد في الكتاب أكرم زيدا العالم وورد في خبر لا تكرم زيدا العالم ، وفي خبر آخر أكرم زيدا العالم ، فإنّ الخبر الأوّل مباين للكتاب ، واللّازم في هذه الصورة خروج الخبر المخالف عن الحجّيّة رأسا لا مجرّد طرحه لمخالفة الكتاب.

وذلك لتواتر الأخبار ببطلان الخبر المخالف للكتاب.

وهي أخبار العرض ، أي : عرض ما يرد من الخبر على كتاب الله فإن خالفه فهو

٤٦٣

فيخرج الفرض عن تعارض الخبرين ، فلا مورد للترجيح في هذه الصورة أيضا ؛ لأنّ المراد به تقديم أحد الخبرين لمزيّة فيه ، لا لما يسقط الآخر عن الحجّيّة ، وهذه الصورة عديمة المورد فيما بأيدينا من الأخبار المتعارضة.

الثالثة : أن يكون على وجه لو خلّي المخالف له عن المعارض لخالف الكتاب ، لكن لا على وجه التباين الكلّي ، بل يمكن الجمع بينهما بصرف أحدهما عن ظاهره.

____________________________________

باطل (١) ، أو زخرف (٢) ، أو فاضربه على الجدار (٣) ، سواء كان له معارض أم لا ، وسواء رجّح على معارضه ولو بحسب الدلالة أم لا.

والمتيقّن من المخالفة هذا الفرد ، أعني : المخالفة على وجه التباين المذكور ، وأمّا المخالفة على وجه العموم والخصوص ونحوه فقد عرفت أنها ليست بمخالفة.

فيخرج الفرض عن تعارض الخبرين ، إذ المخالف للكتاب على وجه التباين ليس بحجّة أصلا ، فلا مورد للترجيح في هذه الصورة أيضا ؛ لأن المراد به ، أي : بالترجيح هو تقديم أحد الخبرين لمزيّة فيه ، لا تقديم الخبر الموافق لما ، أي : لأجل الكتاب الذي يسقط الآخر عن الحجّيّة رأسا. نعم ، لو لا أخبار العرض لطرحنا المخالف من باب المرجوحيّة لا عدم الحجّيّة رأسا.

وهذه الصورة عديمة المورد فيما بأيدينا من الأخبار المتعارضة ؛ لأنها اخذت من الاصول الأوليّة بعد تنقيحها عن الأخبار المدسوسة المكذوبة التي كان فيها ما يخالف الكتاب بالتباين.

الثالثة : أن يكون على وجه لو خلّي المخالف له عن المعارض لخالف الكتاب ، لكن لا على وجه التباين الكلّي ، بل على وجه العموم من وجه بحيث يمكن الجمع بينهما بصرف أحدهما عن ظاهره.

كما إذا أورد في الكتاب مثلا : أكرم العلماء وفي خبر لا تكرم الشعراء ، وفي خبر آخر أكرم العلماء ، فإنّ الأوّل مخالف للكتاب بالعموم من وجه يحصل الجمع بتخصيص

__________________

(١) تفسير العياشي ١ : ٢٠ / ٧. الوسائل ٢٧ : ١٢٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤٨.

(٢) الكافي ١ : ٦٩ / ٣. الوسائل ٢٧ : ١١١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١٤.

(٣) التبيان في تفسير القرآن ١ : ٥. مجمع البيان ١ : ١٣.

٤٦٤

وحينئذ فإن قلنا بسقوط الخبر المخالف بهذه المخالفة عن الحجّيّة كان حكمها حكم الصورة الثانية ، وإلّا كان الكتاب مع الخبر المطابق بمنزلة دليل واحد عارض الخبر المخالف ، والترجيح حينئذ بالتعاضد وقطعيّة سند الكتاب ، فالترجيح بموافقة الكتاب منحصر في هذه الصورة الأخيرة. لكنّ هذا الترجيح مقدّم على الترجيح بالسند ؛ لأن أعدليّة الراوي في الخبر المخالف لا تقاوم قطعيّة سند الكتاب الموافق للخبر الآخر ، وعلى الترجيح بمخالفة العامّة ؛ لأن التقيّة غير متصورة في الكتاب الموافق للخبر الموافق للعامّة ، وعلى المرجّحات الخارجيّة ؛ لأن الأمارة المستقلة المطابقة للخبر الغير المعتبرة لا تقاوم الكتاب المقطوع الاعتبار. ولو فرضنا الأمارة المذكورة مسقطة لدلالة الخبر والكتاب المخالفين لها عن الحجّيّة ، لأجل القول بتقييد اعتبار الظواهر بصورة عدم قيام الظنّ الشخصي على خلافها

____________________________________

أحدهما بالآخر.

وحينئذ فإن قلنا بسقوط الخبر المخالف بهذه المخالفة عن الحجّيّة.

بأن يقال بشمول أخبار العرض على هذا النحو من المخالفة وعدم اختصاصها بالمخالفة على وجه التباين كان حكمها حكم الصورة الثانية ، أي : يطرح المخالف وإن كان أقوى دلالة من معارضه ، كما يأتي لعدم الحجّيّة لا للمرجوحيّة.

لكنّ هذا الترجيح مقدّم على الترجيح بالسند ؛ لأن أعدليّة الراوي في الخبر المخالف لا تقاوم قطعيّة سند الكتاب الموافق للخبر الآخر ؛ لأن الأعدليّة توجب الظنّ الشأني بالصدق والكتاب قطعيّ الصدق.

وعلى الترجيح بمخالفة العامّة بناء على كونها من مرجّحات جهة الصدور.

لأن التقيّة كما لا تتصوّر في الخبر المخالف للكتاب كذلك غير متصورة في الكتاب الموافق للخبر الموافق للعامّة.

وعدم تصور التقيّة في الكتاب أظهر من الشمس ، وكذلك يقدّم الترجيح بموافقة الكتاب على تقدير تماميّته على المرجّحات الخارجيّة ، كما أشار إليه بقوله :

وعلى المرجّحات الخارجيّة ؛ لأن الأمارة المستقلة المطابقة للخبر الغير المعتبرة لا تقاوم الكتاب المقطوع الاعتبار. ولو فرضنا الأمارة المذكورة مسقطة لدلالة الخبر والكتاب المخالفين لها ، أي : الأمارة عن الحجّيّة بأن يكون الخبر المخالف للكتاب موافقا للشهرة

٤٦٥

خرج المورد عن فرض التعارض. ولعلّ ما ذكرنا هو الداعي للشيخ قدس‌سره ، في تقديم الترجيح بهذا المرجّح على جميع ما سواه من المرجّحات وذكر الترجيح بها بعد فقد هذا المرجّح ، إذا عرفت ما ذكرنا علمت توجّه الإشكال فيما دلّ من الأخبار العلاجيّة على تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب ، كمقبولة ابن حنظلة (١).

بل وفي غيرها ممّا اطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب والسنة ، من حيث إنّ الصورة الثالثة قليلة الوجود في الأخبار المتعارضة ، والصورة الثانية أقلّ وجودا ، بل معدومة ، فلا

____________________________________

القويّة الموجبة لوهن ظاهر الكتاب والخبر.

لأجل القول بتقييد اعتبار الظواهر بصورة عدم قيام الظنّ الشخصي على خلافها.

فالشهرة وإن لم تكن معتبرة إلّا أنّها لإفادتها الظنّ الفعلي على خلاف الظواهر تكون مانعة عن حجّيّة ظاهر الكتاب والخبر الموافق له ، وحينئذ خرج المورد عن فرض التعارض ؛ لأن التعارض فرع للحجّيّة فيعمل بالمخالف ؛ وذلك لانتفاء المعارض له.

ولعلّ ما ذكرنا من تقدّم مرتبة هذا المرجّح في مورد تماميّته على جميع ما سواه من المرجّحات غير الدلاليّة هو الداعي للشيخ قدس‌سره في تقديم الترجيح بهذا المرجّح على جميع ما سواه من المرجّحات وذكر الترجيح بها بعد فقد هذا المرجّح ، إذا عرفت ما ذكرنا علمت توجّه الإشكال فيما دلّ من الأخبار العلاجيّة على تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب ، كمقبولة ابن حنظلة.

وحاصل الكلام على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّ هناك إشكالا يختصّ بالمقبولة التي قيّد فيها الترجيح بالكتاب بانتفاء الترجيح بالصفات والشهرة ، وإشكالا آخر يعمّها والروايات التي ذكر فيها الترجيح بالكتاب من دون تقييد بانتفاء مرجّح ، كالمرفوعة وتاليها.

أمّا المختصّ بالمقبولة ؛ فلأنك عرفت تقدّم هذا المرجّح على كلّ مرجّح ، وقد قيّد فيها بانتفاء الصفات والشهرة. وأمّا الإشكال العامّ ؛ فلأنك عرفت أنّ الترجيح بالكتاب إنّما يتمّ في الصورة الأخيرة فقط وهي نادرة الوجود ، ومن البعيد كون هذه الأخبار الكثيرة ناظرة إليها ، كما قال :

__________________

(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.

٤٦٦

يتوهّم حمل تلك الأخبار عليها وإن لم تكن من باب ترجيح أحد المتعارضين بسقوط المخالف عن الحجّيّة مع قطع النظر عن التعارض.

ويمكن التزام دخول الصورة الاولى في الأخبار التي اطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب ، فلا يقلّ موردها ، وما ذكر من ملاحظة الترجيح بين الخبرين المخصّص أحدهما لظاهر الكتاب ممنوع ، بل نقول : إنّ ظاهر تلك الأخبار ـ ولو بقرينة لزوم قلّة المورد بل عدمه ، وبقرينة بعض الروايات الدالّة على ردّ بعض ما ورد في الجبر والتفويض بمخالفة الكتاب مع كونه ظاهرا في نفيهما ـ أنّ الخبر المعتضد بظاهر الكتاب لا يعارضه الخبر الآخر وإن كان لو

____________________________________

من حيث إنّ الصورة الثالثة قليلة الوجود في الأخبار المتعارضة.

إن قلت : أخبار العلاج شاملة للصورة الثانية أيضا ؛ لأن المراد من طرح ما خالف منهما الكتاب أعمّ من طرحه عنوان المرجوحيّة ، كما في الصورة الثالثة أو لعدم الحجّيّة رأسا ، كما في الصورة الثانية ، فلا يقلّ المورد حينئذ.

قلت : والصورة الثانية أقلّ وجودا ، بل معدومة ، فلا يتوهّم حمل تلك الأخبار عليها.

بمعنى أنّه لا يقال إنّا نحمل أخبار الترجيح على هذه الصورة.

وإن لم تكن هذه الصورة من باب ترجيح أحد المتعارضين بسقوط المخالف المباين عن الحجّيّة مع قطع النظر عن التعارض.

أي : ولو لم يكن تعارض في البين. وبالجملة يبعد كون أخبار العلاج ناظرة إلى الثالثة النادرة وجودا ، ولا معنى لإدخال الصورة الثانية المعدومة وجودا.

ويمكن التزام دخول الصورة الاولى في الأخبار التي اطلق فيها الترجيح بموافقة الكتاب ، فلا يقلّ موردها.

أي : مورد أخبار الترجيح بموافقة الكتاب ، فلا يتوجّه إليها إشكال ندرة مواردها. نعم ، لو فرض كون الخبر المخالف أقوى دلالة من الآخر ، كقوّته على الكتاب فلا شكّ في تقديمه عليهما ، كما إذا ورد في خبر لا تكرم زيدا العالم وفي آخر أكرم العلماء ، وفي الكتاب أكرم العلماء ، كان الخبر الأوّل مخصّصا للخبر الثاني والكتاب.

وما ذكر من ملاحظة الترجيح بين الخبرين المخصّص أحدهما لظاهر الكتاب ممنوع ، بل نقول : إنّ ظاهر تلك الأخبار ـ ولو بقرينة لزوم قلّة المورد بل عدمه ، وبقرينة بعض

٤٦٧

انفرد رفع اليد به عن ظاهر الكتاب.

وأمّا الإشكال المختصّ بالمقبولة من حيث تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب ، فيندفع بما أشرنا إليه سابقا من أنّ الترجيح بصفات الراوي منها من حيث كونه حاكما. وأوّل المرجّحات الخبريّة فيه هي شهرة إحدى الروايتين وشذوذ الاخرى ، ولا بعد في تقديمه على موافقة الكتاب.

____________________________________

الروايات الدالّة على ردّ بعض ما ورد في الجبر والتفويض بمخالفة الكتاب مع كونه ظاهرا في نفيهما.

وملخّص الكلام أنّه قد اطلق فيها على الخبر الدالّ على الجبر والتفويض بأنّه مخالف للكتاب ، فيكون مردودا مع أنّ الكتاب ظاهر في نفيهما ، فيفهم منه أنّ ما ينافي ظاهر الكتاب يكون مخالفا له سواء كانت المنافاة من حيث العموم والخصوص المطلق أو من وجه أو التباين.

ولازمه أنّ الخبر المعتضد بظاهر الكتاب لا يعارضه الخبر الآخر وإن كان أقوى دلالة من الكتاب ، بحيث لو انفرد رفع اليد به عن ظاهر الكتاب ؛ لكونه أقوى دلالة فلا تشمله أخبار العرض.

وأمّا الإشكال المختصّ بالمقبولة من حيث تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب ، فيندفع بما أشرنا إليه سابقا من أنّ الترجيح بصفات الراوي منها من حيث كونه ، أي : الراوي حاكما لا من حيث كونه راويا.

قال التنكابني في المقام ما هذا لفظه : «والاولى أن يقال بأن الترتيب ساقط وأنّ كلّ مزيّة تكون عند المجتهد أرجح من غيره يقدّم عليه من غير اعتبار الترتيب الذكري ، ولا فرق في ذلك بين الشهرة وغيرها في إمكان تقديمها على ظاهر الكتاب بعد إفادتها لمزيّة أقوى». انتهى مورد الحاجة.

وأوّل المرجّحات الخبريّة فيه هي شهرة إحدى الروايتين وشذوذ الاخرى ، ولا بعد في تقديمه على موافقة الكتاب من جهة كونها موهنة للعموم من أجل كشفها عن الشهرة الفتوائيّة.

وبعبارة اخرى ، كما في شرح الاعتمادي : كما أنّ موافقة أحد الخبرين لفتوى المشهور

٤٦٨

ثمّ إنّ حكم الدليل المستقل المعاضد لأحد الخبرين حكمه حكم الكتاب والسنة في الصورة الاولى ، وأمّا في الصورتين الأخيرتين فالخبر المخالف له يعارض مجموع الخبر الآخر والدليل المطابق له ، والترجيح هنا بالتعاضد لا غير.

____________________________________

يوجب سقوط الآخر عن الحجّيّة كذلك شهرة أحدهما من حيث الرواية في الاصول الأربعمائة ، الكاشف عن عمل المشهور بها إذا كان قريبا من الإجماع ، كما هو ظاهر مفروض المقبولة ، حيث قال : فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه. نعم ، مجرّد شهرة الرواية بما هي كما هو ظاهر المقبولة لا يسقط الآخر عن الحجّيّة ، ولعلّه لذا لم يجزم المصنف رحمه‌الله.

ثمّ إنّ حكم الدليل المستقل المعاضد لأحد الخبرين حكمه حكم الكتاب والسنة في الصورة الاولى ، وهو العموم والخصوص المطلق.

فلو كان للخبر المخالف مرجّح آخر يقدّم على الموافق ويخصّص به الدليل المستقل ، وإن لم يحكم بالتخيير يكون الدليل مرجعا ، كما في شرح التنكابني.

وفي الاعتمادي : فإذا ورد في خبر لا تكرم زيدا العالم ، وفي آخر أكرم زيدا العالم وورد لفظ عامّ ، كأكرم العلماء في خبر أو فتوى مشهور أو معقد إجماع محكي بناء على اعتبارهما ، أو معقد إجماع محقّق ، فالخبر الثاني معاضد بالعامّ إلّا أنّ الأوّل لكونه نصّا يكون قرينة صارفة للعامّ تعيينا في فرض وتخييرا في فرض ، ويطرح في فرض ، ويتساقطان ويرجع إلى العامّ في فرض ، ولو فرض في المثال حكم العقل بإكرام كلّ عالم أو قام الإجماع عليه لا على مجرّد لفظ عامّ ، كما مرّ ، فهو دليل قطعي لا مجال معه للدليل الظنّي الموافق أو المخالف.

وأمّا في الصورتين الأخيرتين ، يعني : في الصورة المخالفة من حيث العموم من وجه ومن حيث التباين الكلّي فالخبر المخالف له ، أي : المعاضد يعارض مجموع الخبر الآخر والدليل المطابق له ، والترجيح هنا بالتعاضد لا غير.

فإذا ورد في خبر وجوب إكرام زيد العالم ، وفي خبرين أو خبر وشهرة أو خبر وإجماع محكي بناء على اعتبارهما عدم وجوب إكرام زيد العالم ، لكان التعارض بالتباين والترجيح بالتعاضد لا بسقوط المخالف عن الحجّيّة رأسا ، كما في مخالفة الكتاب والسنة ، ولو فرض في المثال حكم العقل أو قيام الإجماع على عدم وجوب إكرام زيد ، فهو دليل قطعي لا

٤٦٩

وأمّا القسم الثاني : وهو ما لا يكون معاضدا لأحد الخبرين ، فهي عدّة امور : منها : الأصل ، بناء على كون مضمونه حكم الله الظاهري ، إذ لو بني على إفادة الظنّ بحكم الله الواقعي كان من القسم الأوّل ، ولا فرق في ذلك بين الاصول الثلاثة ، أعني : أصالة البراءة والاحتياط والاستصحاب.

____________________________________

تصل معه النوبة إلى ظنّي موافق أو مخالف.

وإذا ورد في خبر وجوب إكرام العلماء وفي خبرين أو خبر وشهرة أو خبر وظاهر معقد إجماع محكي أو محقّق حرمة إكرام الشعراء ، فالتعارض بالعموم من وجه والتقديم بالتعاضد ، ولو فرض في المثال حكم العقل بحرمة إكرام الشعراء أو قام الإجماع عليه لا على مجرّد لفظ عامّ ، كما مرّ فيخصّص عموم إكرام العلماء بالدليل القطعي ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

وأمّا القسم الثاني : وهو ما لا يكون معاضدا لأحد الخبرين ، فهي عدّة امور.

يبلغ عدد ما تعرّض به المصنف قدس‌سره أربعة عشر أمرا :

الاصول الثلاثة ، أي : أصالة البراءة والاحتياط والاستصحاب ، وثلاثة مرجّحات للناقل ، وواحد للمقرّر ، وواحد للحاظر ، وواحد للمبيح ، وخمس لتقديم المحرّم على الواجب ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

منها : الأصل العملي ، إذ اللفظي من المرجّح الخارجي المعاضد ، ومورده الصورة الاولى من الصور الثلاث ، وعرفت أنّ مقتضى القاعدة عدم كونه مرجّحا وأنّه لا بدّ من موافقة الكتاب والسنة.

بناء على كون مضمونه حكم الله الظاهري ، إذ لو بني على إفادة الظنّ بحكم الله الواقعي كما ذهب إليه البعض في البراءة والاستصحاب كان من القسم الأوّل كموافقة الكتاب.

بل على هذا البناء أيضا لا يصلحان للترجيح ؛ لتقيد اعتبارهما بعدم الدليل على الخلاف ، كما أنّ حكم العقل في الشبهة التحريميّة بالإباحة أو الحظر على تقدير كونهما واقعيين أيضا لا يصلح مرجّحا ؛ لتقيده بعدم حكم الشرع بخلافه ، على ما في شرح الاستاذ.

ولا فرق في ذلك ، أي : في المرجحيّة ، بين الاصول الثلاثة ، أعني : أصالة البراءة

٤٧٠

لكن يشكل الترجيح بها ، من حيث إنّ مورد الاصول ما إذا فقد الدليل الاجتهادي المطابق أو المخالف ، فلا مورد لها إلّا بعد فرض تساقط المتعارضين لأجل التكافؤ ، والمفروض أنّ الأخبار المستفيضة دلّت على التخيير مع فقد المرجّح ، فلا مورد للأصل في تعارض الخبرين رأسا.

____________________________________

والاحتياط والاستصحاب.

وأمّا التخيير بين المحذورين فلا يعقل موافقته لأحد الخبرين ، فإذا دلّ خبر على حلّ التتن وآخر على حرمته ، فالأوّل موافق للبراءة عقلا وشرعا أو شرعا فقط عند المجتهدين ، والثاني موافق للاحتياط عقلا وشرعا أو شرعا فقط عند الأخباريين.

وإذا دلّ خبر على وجوب الدّعاء عند الهلال وآخر على عدمه فالثاني موافق للبراءة عقلا وشرعا بالاتفاق ، وإذا دلّ خبر على جزئيّة السورة وآخر على عدمها ، فالأوّل موافق للأصل عند من يقول بالاحتياط في الأجزاء والشرائط ، والثاني موافق للأصل عند من يقول بالبراءة فيهما.

وإذا دلّ خبر على بقاء نجاسة الماء بعد زوال تغيّره بنفسه وآخر على طهارته ، فالأوّل مطابق للاستصحاب ، ففي هذه الأمثلة يرجع إلى ما هو مطابق للأصل إن تمّ الترجيح به ، وإذا دلّ خبر على وجوب الظهر وآخر على وجوب الجمعة لا يطابق شيء منهما للأصل.

لكن يشكل الترجيح بها ، من حيث إنّ مورد الاصول ما إذا فقد الدليل الاجتهادي المطابق أو المخالف.

لأن الدليل حاكم على الأصل ، إذ مورد الأصل هو الشكّ في الحكم الواقعي ، فمع وجود الدليل الموافق أو المخالف لا وجود للأصل أصلا ، حتى يكون مرجّحا ، فلا فرق في انتفاء الأصل بين قيام الدليل على الحلّ فقط أو على الحرمة كذلك أو تعارضا ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

إلّا بعد فرض تساقط المتعارضين لأجل التكافؤ ، أي : لو قلنا بالتوقف أو التساقط في المتكافئين كان الأصل مرجعا.

والمفروض أنّ الأخبار المستفيضة دلّت على التخيير مع فقد المرجّح ، فلا مورد للأصل في تعارض الخبرين رأسا.

٤٧١

فلا بدّ من التزام عدم الترجيح بها ، وأنّ الفقهاء إنّما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب في الكتب الاستدلالية من حيث بنائهم على حصول الظنّ النوعي بمطابقة الأصل ، وأمّا الاحتياط ، فلم يعلم منهم الاعتماد عليه ، لا في مقام الإسناد ولا في مقام الترجيح ، وقد يتوهّم أنّ ما دلّ على ترجيح التخيير مع تكافؤ الخبرين معارض بما دلّ على الاصول الثلاثة ، فإنّ مورد الاستصحاب عدم اليقين ، بخلاف الحالة السابقة ، وهو حاصل مع تكافؤ الخبرين.

____________________________________

لا بنحو المرجّحيّة ، إذ لا وجود للأصل مع وجود الدليل ، كي يكون مرجّحا ولا بنحو المرجعيّة ، إذ لا نقول في المتكافئين بالتوقف أو التساقط ، كي يكون الأصل مرجعا ، بل نقول بالتخيير.

فلا بدّ من التزام عدم الترجيح بها ، وأنّ الفقهاء إنّما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب في الكتب الاستدلاليّة من حيث بنائهم على حصول الظنّ النوعي بمطابقة الأصل.

فيكون كلّ واحد من البراءة والاستصحاب حجّة من باب الظنّ النوعي المطلق أو المقيّد بعدم الظنّ الشخصي ، وعلى التقديرين يخرجان عن الأصل ويدخلان في الأمارات فيصلحان للمرجّحيّة.

وأمّا الاحتياط الذي يحرز به الواقع من دون ظنّ بصدق الخبر إذا فرض موافقته لأحد الخبرين ، فلم يعلم منهم الاعتماد عليه ، لا في مقام الإسناد ، كما في الشكّ في المكلّف به الذي يجب فيه الاحتياط ، فإنّهم يستندون إلى الاحتياط فيه ، ولا في مقام الترجيح ، أي : لم يتمسّك به ترجيحا للخبر الموافق.

وقد يتوهّم أنّ ما دلّ على ترجيح التخيير مع تكافؤ الخبرين معارض بما دلّ على الاصول الثلاثة.

حاصل التوهم على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّ الخبر الموافق للأصل أو المخالف له إن كان سليما عن المعارض كان حاكما على الأصل ؛ لارتفاع الشكّ به ، وأمّا إذا تعارض فيبقى الشكّ بحاله ، وحينئذ تتعارض أدلّة التخيير مع أدلّة الاصول.

فإنّ مورد الاستصحاب عدم اليقين ، بخلاف الحالة السابقة ، وهو حاصل مع تكافؤ

٤٧٢

ويندفع : بأنّ ما دلّ على التخيير حاكم على الأصل ، فإنّ مؤدّاه جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة والالتزام بارتفاعها.

فكما أنّ ما دلّ على تعيين العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة مع سلامته عن المعارض حاكم على دليل الاستصحاب ، كذلك يكون الدليل الدالّ على جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة المكافئ لمعارضه حاكما عليه من غير فرق أصلا ، مع أنّه لو فرض

____________________________________

الخبرين.

ففي مسألة الماء المتغيّر ، كما أنّه لو لا الخبران يجري الاستصحاب لوجود موضوعه ، أعني : الشكّ في البقاء ، فكذا مع تعارض الخبرين.

وكذا في مسألة دلالة خبر على حرمة التتن ودلالة آخر على الحليّة ، فكما تجري البراءة لو لا الخبران لوجود موضوعها ، أعني : الشكّ في التكليف ، كذلك تجري مع تعارضهما.

وكذا في مسألة وجوب السورة ، كما أنّه لو لا الخبران يجري الاحتياط ؛ وذلك للشكّ في المكلّف به ، فكذا مع تعارضهما. وبالجملة تتعارض أدلّة التخيير مع أدلّة الاصول فترجّح الثانية على الاولى ؛ لأن أحد الخبرين موافق لها ، ثمّ يرجّح الخبر الموافق على المخالف لموافقة الأصل له أو يتوقف ويعمل بالاحتياط ، كما في شرح الاستاذ.

ويندفع بثلاثة وجوه :

فالأوّل ما أشار إليه بقوله : بأنّ ما دلّ على التخيير حاكم على الأصل.

فإنّ ما دلّ على التخيير دلّ عليه في المسألة الاصوليّة ، ومقتضاه حجّيّة كلا الخبرين تخييرا ، وجواز العمل بكلّ منهما ، وهو حاكم على الأصل في المسألة الفرعيّة. وبعبارة اخرى أنّ معنى التخيير ليس مجرّد جواز العمل على طبق أحد الخبرين ، بل تنزيل الخبر المختار منزلة الخبر السليم أو الراجح في ترتيب الآثار.

ومنها : رفع موضوع الاصول العمليّة ، كما أشار إليه بقوله : فإنّ مؤدّاه جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة ، كخبر طهارة الماء في المثال والالتزام بارتفاعها ، فيرتفع به موضوع الاستصحاب ، أعني : الشكّ في البقاء.

فكما أنّ ما دلّ على تعيين العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة مع سلامته عن المعارض

٤٧٣

التعارض المتوهّم كانت أخبار التخيير اولى بالترجيح وإن كانت النسبة عموما من وجه ؛ لأنها أقلّ موردا ، فيتعيّن تخصيص أدلّة الاصول ، مع أنّ التخصيص في أخبار التخيير

____________________________________

حاكم على دليل الاستصحاب ، كذلك يكون الدليل الدالّ على جواز العمل بالخبر المخالف للحالة السابقة المكافئ لمعارضه حاكما أيضا.

أي : كما أنّه لو كان خبر طهارة الماء المذكور سليما عن المعارض كان دليل وجوب العمل به تعيينا ـ وهو أدلّة الحجيّة ـ حاكما على الاستصحاب ، كذلك مع وجود المكافئ كان دليل جواز العمل به تخييرا حاكما عليه.

من غير فرق أصلا ، مع ، أي : وثانيا أنّه لو فرض التعارض المتوهّم بزعم أنّ مفاد أخبار التخيير مجرّد جواز العمل على طبق كلّ منهما لا تنزيل المختار منزلة السليم.

كانت أخبار التخيير اولى بالترجيح وإن كانت النسبة عموما من وجه.

وفي مورد العموم من وجه يجب تحقّق مادّتي الافتراق ومادّة الاجتماع ، فنقول : إنّ مادّة افتراق أخبار التخيير هي موارد دوران الأمر بين المحذورين مثلا ، ومادّة افتراق أدلّة الاصول هي موارد فقد النصّ وإجماله ، ومادّة الاجتماع هي مورد موافقة أحد الخبرين للأصل.

وبالجملة ، ترجّح أخبار التخيير لقوة دلالتها التي هي مقدّمة على كلّ مرجّح ، على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

لأنها أقلّ موردا ، أي : أخبار التخيير أقلّ موردا من الأصل ؛ لأن مورد الاستصحاب وجود الحالة السابقة مع الشكّ في بقائها ، سواء كان هناك خبر أم لا ، مع وجود الخبر سواء كان معارضا مع الآخر أم لا.

ومع فرض التعارض كان الخبران المتعارضان متكافئين أم لا؟ ومورد التخيير هو الخبران المتعارضان مع التكافؤ من جميع الجهات ، ومن المعلوم قلّة مورده بالنسبة إلى موارد الاستصحاب. وبالجملة أنّ الاصول تجري عند فقد النص وإجماله ، والشبهات الموضوعيّة والتخيير منحصر بالمتكافئين ، فيكون التخيير بمنزلة الخاصّ والأصل بمنزلة العامّ.

فيتعيّن تخصيص أدلّة الاصول ، مع أنّ التخصيص في أخبار التخيير يوجب إخراج كثير

٤٧٤

يوجب إخراج من كثير مواردها بل أكثرها ، بخلاف تخصيص أدلّة الاصول ، مع أنّ بعض أخبار التخيير ورد في مورد جريان الاصول ، مثل مكاتبة عبد الله بن محمد (١) الواردة في فعل ركعتي الفجر في المحمل.

ومكاتبة الحميري المرويّة في الاحتجاج (٢) الواردة في التكبير في كلّ انتقال من حال إلى

____________________________________

من مواردها ، بل أكثرها.

بل لا يبقى مورد لها لأنّه مع تضمّن أحد الخبرين للتكليف الإلزامي يرجع إلى أصل البراءة أو الاحتياط ، على الخلاف المذكور في محلّه ، ومع تضمن كلا الخبرين للتكليف الإلزامي وجوبا وتحريما يرجع إلى أصل التخيير العقلي في تعارض الاحتمالين. وكيف كان ، فلا يبقى مورد لأخبار التخيير أصلا ، أو يبقى مورد قليل ، إذ في أكثر موارد المتكافئين يكون أحدهما مطابقا لأحد الاصول ، فتخصيص أخبار التخيير تخصيص للأكثر.

بخلاف تخصيص أدلّة الاصول ، فإنّ أكثر مواردها غير مورد التعارض ، فلا يلزم من تخصيصها إخراج الأكثر.

وبالجملة ، قلّة المورد من جهة ولزوم إخراج الأكثر من جهة يوجب قوة أخبار التخيير ، فتكون مخصّصة لأدلّة الاصول.

مع ، أي : وثالثا أنّ بعض أخبار التخيير ورد في مورد جريان الاصول ، فيدلّ على حكومتها عليها.

مثل مكاتبة عبد الله بن محمد الواردة في فعل ركعتي الفجر في المحمل.

كتب إلى موسى بن جعفر عليه‌السلام : أنّه اختلف أصحابنا في رواياتهم عن الصادق عليه‌السلام في ركعتي الصبح ، فروى بعضهم أن صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم أنّ لا تصلّهما إلّا على الأرض ، فوقع عليه‌السلام : موسع عليك بأيّة عملت.

فإنّ الاولى موافقة لمذهب البراءتي في الأجزاء والشرائط ، والثانية موافقة لمذهب الاحتياطي فيهما ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

ومكاتبة الحميري المرويّة في الاحتجاج الواردة في التكبير في كلّ انتقال من حال إلى

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٢٨ / ٥٨٣. الوسائل ٢٧ : ١٢٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤٤.

(٢) الاحتجاج ٢ : ٥٦٨. الوسائل ٢٧ : ١٢١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٣٩.

٤٧٥

حال من أحوال الصلاة.

وممّا ذكرنا ظهر فساد ما ذكره بعض من عاصرناه في تقديم الموافق للأصل على المخالف ، من أنّ العمل بالموافق موجب للتخصيص فيما دلّ على حجّيّة المخالف ، والعمل بالمخالف مستلزم للتخصيص فيما دلّ على حجّيّة الموافق وتخصيص الآخر فيما دلّ على حجّيّة الاصول.

____________________________________

حال من أحوال الصلاة.

كتب إلى الصاحب عجل الله فرجه في المصلّى إذا قام من التشهّد الأوّل إلى الركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبّر أو يجوز أن يقول بحول الله وقوّته أقوم وأقعد؟.

الجواب في ذلك حديثان :

أحدهما إذا انتقل من حالة إلى اخرى فعليه التكبيرة.

أمّا الحديث الثاني : فإنّه روي : أنّه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثمّ جلس فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، والتشهد الأوّل يجري هذا المجرى ، وبأيّهما أخذت من باب التسليم كان صوابا.

وممّا ذكرنا من أنّه لا مورد لمرجّحيّة الاصول ، ولا لمرجعيتها ظهر فساد ما ذكره بعض من عاصرناه وهو السيّد المجاهد صاحب المفاتيح والمناهل على ما حكى في تقديم الموافق للأصل على المخالف ، من أنّ العمل بالموافق موجب للتخصيص فيما دلّ على حجّيّة المخالف ، والعمل بالمخالف مستلزم للتخصيص فيما دلّ على حجّيّة الموافق ، وتخصيص الآخر فيما دلّ على حجّيّة الاصول.

حاصله على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّ العمل بالموافق موجب لتخصيص واحد وهو تخصيص المخالف ، والعمل بالمخالف موجب لتخصيصين ، أي : تخصيص دليل حجّيّة الموافق للأصل وتخصيص دليل الأصل ؛ وذلك أنّه لو عمل بخبر حلّ التتن يخصّص دليل حجّيّة خبر حرمة التتن ، وأمّا لو عمل بخبر حرمة التتن يخصّص دليل حجّيّة حلّ التتن ، ودليل حجّيّة أصالة الحلّ والبراءة وقلّة التخصيص اولى من كثرته ، ووجه الفساد أنّ تقديم المخالف ليس من جهة التخصيص للأصل ، بل من جهة الحكومة إذا كان الأصل شرعيّا ؛ وذلك لتقدّم مرتبة الخبر بالذات.

وبعبارة اخرى : إنّ أدلّة حجّيّة الأصل لا تشمل مورد وجود الخبر حتى يلزم تخصيصها ،

٤٧٦

وأنّ الخبر الموافق يفيد ظنّا بالحكم الواقعي ، والعمل بالأصل يفيد الظنّ بالحكم الظاهري فيتقوّى به الخبر الموافق ، وأنّ الخبرين يتعارضان ويتساقطان ، فيبقى الأصل سليما عن المعارض.

____________________________________

فعلى كلّ تقدير يلزم تخصيص واحد. ثمّ قال :

وأنّ الخبر الموافق يفيد ظنّا بالحكم الواقعي ، والعمل بالأصل كأصالتي الحلّ والبراءة في المثال المذكور يفيد الظنّ بالحكم الظاهري فيتقوّى به ، أي : بسبب اجتماع الظنّين الخبر الموافق ، فيقدّم الموافق على المخالف بعد تقويته بالأصل.

وهذا أيضا فاسد ، وجه الفساد أنّ مفاد الخبر حكم واقعي ومفاد الأصل حكم ظاهري ، والحكم الظاهري ليس في مرتبة الحكم الواقعي ؛ لأن مرتبة الحكم الظاهري متأخّرة عن الحكم الواقعي ، فكيف يتقوّى مفاد الأوّل بمفاد الثاني؟! فلا يجتمع الظنّان ، كي يحصل التقوّي للخبر الموافق ، بل دليل الحكم الواقعي حاكم على دليل الحكم الظاهري ، ثمّ أشار إلى المطلب الثالث بقوله :

وأنّ الخبرين يتعارضان ويتساقطان ، فيبقى الأصل سليما عن المعارض.

وهذا المطلب أيضا فاسد ، إذ لازم هذا هو كون الأصل مرجعا بعد تساقط الخبرين المتعارضين ، مع أنّ أصالة التخيير المستفادة من أخبار التخيير قد دلّت على عدم التساقط ، فلا يكون الأصل مرجعا أصلا.

وبالجملة أنّ ما ذكره صاحب المفاتيح من المطالب الثلاثة فاسد.

أمّا فساد الأوّل ، فلما تقدّم من حكومة ما دلّ على اعتبار الخبر المخالف على ما دلّ على اعتبار الاصول ، فلا تعارض بينهما ، وليس هنا إلّا تخصيص واحد.

وأمّا فساد الثاني ، فإنّه مع فرض كون الخبر الموافق مفيدا للظنّ بالحكم الواقعي والأصل مفيدا للظنّ بالحكم الظاهري لا يكون مضمون الخبر مؤيّدا بالأصل ؛ وذلك لاختلاف مرتبتهما ، فلا يترجّح به.

وأمّا فساد الثالث ، فإنّه مع تساقط الخبرين لا يكون الأصل مرجّحا ، بل لو كان كان مرجعا ، مع أنّك قد عرفت ما في كونه مرجعا أيضا ، هذا مضافا إلى عدم تساقط الخبرين نظرا إلى ما عرفت من استفاضة الأخبار بالتخيير.

٤٧٧

بقي هنا شيء : وهو أنّهم اختلفوا في تقديم المقرّر وهو الموافق للأصل على الناقل وهو الخبر المخالف له.

____________________________________

بقي هنا شيء : وهو أنّهم اختلفوا في تقديم المقرّر ... إلى آخره.

فلا بدّ أوّلا من بيان وجه تخصيص البحث عن الدليل المقرّر والناقل بالذكر بعد بيان حكم الترجيح بالأصل وعدمه ، وثانيا من بيان وجه تسمية الدليل الموافق للأصل مقرّرا والمخالف له ناقلا ، وثالثا من بيان الأقوال في المسألة.

أمّا الوجه في تخصيصه بالذكر ، فلكونه محلّا للنزاع برأسه ، وأمّا وجه التسمية ، فقد سمّي الموافق مقرّرا لتقريره الأصل على مقتضاه ، والمخالف ناقلا لنقله الحكم عن مقتضى الأصل.

وأمّا الأقوال ، فهي ستة على ما في الأوثق.

أحدها : تقديم المقرّر.

وثانيها : تقديم الناقل وهو المشهور.

وثالثها : التوقف.

ورابعها : التفصيل بين ما كان الخبران نبويّين وكانا معلومي التاريخ فيقدّم المتأخّر مطلقا ، سواء كان ناقلا أم مقرّرا ، وبين ما كانا مجهولي التاريخ أو كانا صادرين عن أحد الأئمة عليهم‌السلام علم تاريخهما أو لا ، فقيل بالتوقف وقيل بتقديم الناقل وقيل بالعكس.

والتحقيق عدم الترجيح في المقام ، لا بموافقة الأصل ولا بمخالفته ، سواء قلنا باعتبار الاصول من باب التعبّد ، كما هو الحقّ أم من باب الظنّ.

أمّا على الأوّل ، فأوّلا : للأصل ؛ لأن الترجيح كأصل الحجّيّة يحتاج إثباته إلى دليل ، وعدمه كاف في إثبات عدم جواز الترجيح بالاصول ، لما ستعرف من ضعف أدلّة المثبتين.

وثانيا : إنّ الاصول غير جارية في مقابل الأدلّة ، سواء كانت مخالفة لها أو موافقة ، كما تقدّم من المصنف قدس‌سره.

وثالثا : إنّ مرتبة الاصول مع الأدلّة مختلفة لاعتبار الاولى من باب التعبّد والثانية من باب الطريقيّة والكشف عن الواقع ، فلا يصحّ الترجيح بها.

وأمّا على الثاني ، فإنّ المراد بالاصول هنا هي الاستصحاب والبراءة والاحتياط ،

٤٧٨

والأكثر من الاصوليين ، منهم العلّامة قدس‌سره ، وغيره ، على تقديم الناقل ، بل حكي هذا

____________________________________

والأخير غير مفيد للظنّ ؛ لأن مقتضاه حصول العلم بحصول الواقع في ضمن المأتي به ، لا الظنّ بكونه نفس الواقع بالخصوص ، كما هو المعتبر في باب الترجيح.

وأمّا الثاني ، فهو إن قيس إلى الواقع فلا يفيد ظنّا ، إلّا أن تكون الواقعة كثيرة الابتلاء للمكلّف ؛ لأنه مع عدم الوجدان حينئذ يحصل الظنّ بالعدم في الواقع ، لكنّه لا يفيد المدّعى كلّيّا ، وإن قيس إلى الظاهر ، فهو يفيد القطع دون الظنّ ، مع أنّه لا يصلح للترجيح ، كما عرفت.

وأمّا الأول فإن لوحظت إفادته للظنّ بالواقع ولو نوعا ، فلا دليل على اعتباره بهذا الاعتبار ، وإن لوحظ اعتباره شرعا من باب التعبّد ، فلا يصلح للترجيح ، كما عرفت. فنرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، حيث قال في المقام ما هذا لفظه :

ففي الشبهة الوجوبيّة يكون الدليل الدالّ على الوجوب ناقلا بالاتفاق ، والنافي مقرّرا كذلك ، وأمّا في الشبهة التحريميّة ، فعند القائل بأصالة الإباحة يكون الدليل الدالّ على الحرمة ناقلا ، والدالّ على الحلّ مقرّرا ، وعند القائل بالحظر يكون الأمر بالعكس ، فهذا البحث يفارق البحث السابق من جهتين :

إحداهما : إنّ المراد من الأصل ثمة هو الاصول الثلاثة ، سواء مدركها العقل أو الشرع أو هما معا ، كما مرّ ، وهاهنا هو الأصل العقلي وهو البراءة في الشبهة الوجوبيّة والإباحة أو الحظر في الشبهة التحريميّة ، ثمّ إنّ بعضهم توقف في الحظر والإباحة ، وبعضهم قال بأصالة الإباحة عقلا وانقلابها إلى أصالة الاحتياط شرعا ، وبعضهم قال بأصالة الحظر عقلا وانقلابها إلى أصالة الإباحة شرعا.

فنقول : مورد أحد الخبرين للاستصحاب أو للاحتياط في مثل وجوب السورة خارج عن هذا البحث ، كما أنّ أهل الانقلاب أو التوقف أيضا لا يدخلون هذا البحث في مورد الشبهة التحريميّة.

والاخرى من جهة أنّ البحث في السابق كان في مرجّحيّة الأصل ، وهاهنا في مرجّحيّة امور أخر ستعرفها.

والأكثر من الاصوليين ، منهم العلّامة قدس‌سره وغيره ، على تقديم الناقل ، بل حكي هذا

٤٧٩

القول عن جمهور الاصوليين ، معلّلين ذلك بأنّ الغالب فيما يصدر من الشارع الحكم بما يحتاج إلى البيان ولا يستغنى عنه بحكم العقل. مع أنّ الذي عثرنا عليه في الكتب

____________________________________

القول عن جمهور الاصوليين ، معلّلين ذلك تارة بأنّ الناقل للتأسيس والمقرّر للتأكيد ، حيث يستفاد من الناقل ما لا يستفاد إلّا منه ، بخلاف المقرّر حيث يستفاد منه ما يستفاد من الأصل والعقل.

ومن المعلوم أنّ التأسيس اولى من التأكيد ، كما في المعالم ، واخرى كما في المعالم أيضا بأنّ العمل بالناقل يقتضي تقليل النسخ والعمل بالمقرّر يقتضي تكثيره.

ومن المعلوم أنّ تقليل النسخ اولى من تكثيره ؛ وذلك فإنّ في تقديم المقرّر نسخين : نسخ حكم العقل أوّلا بالناقل ونسخ الناقل ثانيا بالمقرّر ، وفي تقديم الناقل نسخ حكم العقل والمقرّر دفعة واحدة ، وفي الوجه الأوّل ـ مضافا إلى عدم اعتبار الأولويّة المذكورة ـ أنّ أخبار التخيير على فرض اعتبارها حاكمة عليها.

وفي الوجه الثاني ـ مضافا إلى أنّ النسخ لا يتمّ في أخبار الأئمّة عليهم‌السلام ، بل يختصّ بأخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّ اخبار التخيير حاكمة عليه.

وقد أشار إلى الوجه الثالث بقوله : بأنّ الغالب فيما يصدر من الشارع الحكم بما يحتاج إلى البيان ولا يستغنى عنه بحكم العقل.

والمحتاج إلى البيان في الشبهة الوجوبيّة هو الوجوب والجواز غني عنه بحكم العقل ، وفي التحريميّة قيل هو الحرمة وأنّ الإباحة غنيّة عن البيان بحكم العقل ، وقيل بالعكس ، وفيه منع الغلبة ؛ لأن بيان الشارع للمباحات والمستحبات والمكروهات كثير أيضا ، وعلى تقدير التسليم لا تصل إلى حدّ إفادة الظنّ حتى تكون من المرجّحات الخارجيّة ، فإذن تكون أخبار التخيير حاكمة عليها ، كما يأتي ، وقيل بتقديم المقرّر لاستلزامه صدور كلا الخبرين للتأسيس ، إذ يفرض صدور الناقل أوّلا لتأسيس غير حكم العقل وصدور المقرّر ثانيا لتأسيس غير حكم الناقل.

وأمّا تقديم الناقل ، فيستلزم صدور المقرّر أوّلا لتأكيد العقل وصدور الناقل بعده للتأسيس ، وفيه ـ مضافا إلى أنّه جمع لا داعي له وأنّ ظاهرهم طرح الناقل لا الجمع ، وأنّ النسخ لا يتمّ في أخبار الأئمة عليهم‌السلام ـ أنّ أخبار التخيير حاكمة عليه كما يأتي ، على ما في

٤٨٠