دروس في الرسائل - ج ٦

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٥

وقد يستدلّ على ذلك بقولهم عليهم‌السلام : (حلال محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة) (١).

وفيه : إنّ الظاهر سوقه لبيان استمرار أحكام محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، نوعا من قبل الله جلّ ذكره ، إلى يوم القيامة في مقابل نسخها بدين آخر ، لا بيان استمرار أحكامه الشخصيّة إلّا ما خرج بالدليل ، فالمراد أنّ حلاله صلى‌الله‌عليه‌وآله حلال من قبل الله جلّ ذكره إلى يوم القيامة ، لا أنّ الحلال من

____________________________________

وقد يستدلّ على ذلك ، أي : تقديم سائر المخالفات للظاهر على النسخ بقولهم عليهم‌السلام : حلال محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة.

تقريب الاستدلال على ما في الأوثق ، هو أنّ الحلال والحرام في الحديث الشريف إمّا كناية عن مطلق الأحكام الشرعيّة ، وإمّا أنّه قد خصّصهما بالذكر لاهميّتهما من بين سائر الأحكام ، وعلى كلّ تقدير فالمراد استمرار مطلق أحكام محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فهذا الحديث الشريف يعطي قاعدة كلّيّة ، وهي استمرار كلّ حكم من الأحكام الشرعيّة إلى الأبد ، فتجعل هذه القاعدة مرجعا عند الشكّ في تحقّق النسخ ، لوضوح أنّه لا بدّ في تخصيصها من الاقتصار على ما علم نسخه شرعا.

فنقول في ما نحن فيه : إذا دار الأمر بين نسخ دليل وارتكاب خلاف الظاهر في دليل آخر فعموم الحديث الشريف حاكم على صرف التأويل إلى الدليل الآخر ، مع أنّ الأمر هنا دائر بين ارتكاب خلاف الظاهرين وارتكاب خلاف ظاهر واحد ؛ لأنه على تقدير النسخ يلزم تخصيص هذا الحديث الشريف وصرف الدليل الظاهر في الاستمرار عن ظهوره. بخلافه على تقدير ارتكاب خلاف الظاهر في الدليل الآخر.

ولا ريب أنّ الثاني اولى وأرجح لوجوب المحافظة على الظواهر بحسب الإمكان. وبالجملة أنّ عموم الحديث الشريف يوجب تقوية ظهور الحكم في الاستمرار وتقديم سائر التصرفات على النسخ.

وفيه : إنّ الاستدلال المذكور إنّما يتمّ فيما إذا كان المراد من استمرار أحكام محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله الشخصيّة ، وليس الأمر كذلك ، بل المراد من الاستمرار استمرار أحكامه صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٨ / ١٩. الوسائل ٣٠ : ١٩٦ ، خاتمة الوسائل ، الفائدة السادسة.

٣٤١

قبله صلى‌الله‌عليه‌وآله حلال من قبله إلى يوم القيامة ، ليكون المراد استمرار حلّيّته.

وأضعف من ذلك التمسّك باستصحاب عدم النسخ في المقام ؛ لأن الكلام في قوّة أحد الظاهرين وضعف الآخر ، فلا وجه لملاحظة الاصول العمليّة في هذا المقام.

مع أنّا إذا فرضنا عامّا متقدّما وخاصّا متأخّرا ، فالشكّ في تكليف المتقدّمين بالعامّ وعدم تكليفهم.

____________________________________

نوعا في مقابل نسخها بدين آخر ، فلا يرتبط الحديث ـ حينئذ ـ بالمقام أصلا ، والمطلب واضح في المتن فلا يحتاج إلى البيان.

وأضعف من ذلك ، أي : من التمسّك بالأصل اللفظي وهو العموم المذكور التمسّك بالأصل العملي ، أي : باستصحاب عدم النسخ في المقام ؛ لانّ الكلام في قوّة احد الظاهرين وضعف الآخر.

والأصل العملي لا يصلح لترجيح أحد الظهورين وذلك لاختلاف مرتبتهما.

فلا وجه لملاحظة الاصول العمليّة في هذا المقام.

لأن الأصل العملي لا يوجب قوّة أحد الظاهرين حتى يترجّح أحدهما به.

نعم ، لو تمّ الأصل اللفظي وهو عموم حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ... إلى آخره لأوجب قوّة أحد الظاهرين ، إلّا أنّك قد عرفت ما فيه.

مع أنّا إذا فرضنا عامّا متقدّما كلا تكرم العلماء مثلا وخاصّا متأخّرا كأكرم الفقهاء ، فالشكّ في تكليف المتقدّمين بالعامّ وعدم تكليفهم. فاستصحاب الحكم السابق لا معنى له.

وذلك لعدم وجود المتيقّن السابق ، فإنّ العامّ المتقدّم مردّد بين المنسوخيّة والمخصّصيّة ، ومعنى الأوّل أنّ الإكرام حرّم. أوّلا على سبيل العموم ، ثمّ نسخ ذلك بالنسبة إلى الفقهاء ، ومعنى الثاني أنّ إكرام الفقهاء لم يكن محرّما من الأوّل ، فحرمة إكرام الفقهاء على السابقين غير متيقّن ، فلا معنى لاستصحاب عدم النسخ باستصحاب الحكم السابق.

فيبقى ظهور الكلام في عدم النسخ معارضا بظهوره في العموم.

أي : يتساوى الظهوران في كلام واحد ، فإنّ ظهور لا تكرم العلماء في المثال المتقدّم في الاستمرار الزماني معارض بظهوره في العموم الأفرادي.

٣٤٢

فاستصحاب الحكم السابق لا معنى له فيبقى ظهور الكلام في عدم النسخ معارضا بظهوره في العموم ، ثمّ إنّ هذا التعارض إنّما هو مع عدم ظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء وإلّا تعيّن التخصيص. نعم ، لا يجري في مثل العامّ المتأخّر عن الخاصّ.

ومنها : ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازي ، وعبّروا عنه بتقديم الحقيقة على المجاز ورجّحوها عليه. فإن أرادوا أنّه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظي بإرادة المعنى المجازي ، وبين طرح مقتضى القرينة في الظهور المجازي بإرادة المعنى الحقيقي ، فلا أعرف له وجها ؛ لأن ظهور اللفظ في المعنى المجازي إن كان مستندا إلى قرينة

____________________________________

ثمّ إنّ هذا التعارض ، أي : تساوي الاحتمالين في كلام واحد إنّما هو مع عدم ظهور الخاصّ في ثبوت حكمه في الشريعة ابتداء وإلّا ـ كما إذا قال في المثال المتقدّم : إكرام الفقهاء واجب في كلّ زمان ـ ، تعيّن التخصيص ، لأن في النسخ طرح الظهورين ، بخلاف التخصيص ، إذ فيه طرح ظهور واحد.

نعم ، لا يجري في مثل العامّ المتأخّر عن الخاصّ.

أي : لا يجري تعيّن التخصيص في مثل العامّ المذكور لعدم احتمال كون الخاصّ المتقدّم ناسخا للعامّ المتأخّر ، فيدور الأمر بين كون الخاصّ المتقدّم مخصّصا للعامّ المتأخّر ، وبين كون العامّ المتأخّر ناسخا للخاصّ المتقدّم ، ولا مزيّة لأحدهما على الآخر ، فيمكن حينئذ توهّم جريان استصحاب عدم النسخ.

ومنها : ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي مع ظهوره مع القرينة في المعنى المجازي ، كما في رأيت أسدا ورأيت أسدا يرمي.

وعبّروا عنه بتقديم الحقيقة على المجاز ورجّحوها عليه. فإن أرادوا أنّه إذا دار الأمر بين طرح الوضع اللفظي بإرادة المعنى المجازي ، بأن يحمل الأسد في الأوّل أيضا على الرجل الشجاع ويطرح ظهوره في المفترس الناشئ من الوضع.

وبين طرح مقتضى القرينة في الظهور المجازي بإرادة المعنى الحقيقي.

بأن يحمل الأسد في الثاني أيضا على المفترس ويطرح ظهوره في الرجل الشجاع الناشئ عن القرينة ، ويحمل الرمي على غير معناه المتعارف ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

٣٤٣

لفظيّة ، فظهوره مستند إلى الوضع ، وإن استند إلى حال أو قرينة منفصلة فلا يقصر عن الوضع.

وإن كان ظنّا معتبرا فينبغي تقديمه على الظهور اللفظي المعارض ، كما يقدّم على ظهور اللفظ المقرون به.

____________________________________

فلا أعرف له ، أي : لتقديم الظهور اللفظي على الظهور القريني وجها ؛ لأن ظهور اللفظ في المعنى المجازي إن كان مستندا إلى قرينة لفظيّة ، كما في المثال المتقدّم ، فظهوره مستند إلى الوضع.

أي : كما أنّ ظهور الأسد في المفترس ـ في قولنا : رأيت أسدا ـ مستند إلى وضعه له ، كذلك ظهور الأسد في الرجل الشجاع ـ في قولنا : رأيت أسدا يرمي ـ مستند إلى الوضع ، أي : وضع يرمي على الرمي المتعارف.

وبالجملة لا وجه لترجيح الظهور الحقيقي على المجازي لمجرّد استناده إلى الوضع ؛ لأن الظهور المجازي ـ أيضا ـ مستند إلى الوضع.

وإن استند إلى حال ، كما إذا قال : اغتسل للجمعة وقال في وقت آخر متعرّضا لمستحبات يوم الجمعة : افعل كذا وافعل كذا واغتسل للجمعة ، فإنّ الأوّل ظاهر في الوجوب بالوضع والثاني في الاستحباب بقرينة الحال.

أو قرينة منفصلة قطعيّة ، كالإجماع مثلا ، كما إذا قال : اغتسل للجمعة ثمّ أمر في وقت آخر بعدّة امور مستحبة بالإجماع ، وذكر في جملتها غسل الجمعة ، فإنّ الأوّل ظاهر في الوجوب بالوضع والثاني ظاهر في الندب بقرينة الإجماع على ندبيّة الأخوات ، كما في شرح الاستاذ.

فلا يقصر عن الوضع ، بمعنى أنّ الظهور المجازي المستند إلى قرينة قطعيّة من إجماع أو حال أو غيرهما لا يكون أضعف من الظهور المستند إلى الوضع.

وإن كان مستند الظهور المجازي ظنّا معتبرا.

كما إذا قال : اغتسل للجمعة ثمّ أمر في وقت آخر بعدّة امور مستحبة عند المشهور وذكر في جملتها غسل الجمعة ، فإنّه يكون ظاهرا في الندب بقرينة شهرة استحباب

٣٤٤

إلّا أن يفرض ظهوره ضعيفا يقوى عليه بخلاف ظهور الدليل المعارض ، فيدور الأمر بين ظاهرين أحدهما أقوى من الآخر.

وإن أرادوا به معنى آخر ، فلا بدّ من التأمّل فيه. هذا بعض الكلام في تعارض النوعين المختلفين من الظهور.

أمّا الصنفان المختلفان من نوع واحد ، فالمجاز الراجح الشائع مقدّم على غيره ،

____________________________________

الأخوات والفرض حجّيّتها مثلا ، كما في شرح الاستاذ.

فينبغي تقديمه على الظهور اللفظي المعارض ، أي : اغتسل للجمعة ، كما يقدّم على ظهور اللفظ المقرون به.

بمعنى أنّ شهرة استحباب الأخوات كما يقدّم على ظهور الأمر الواقع في السياق ـ أي : توجب حمله على الندب بقرينة الأخوات ـ كذلك يقدّم على ظهور المعارض الآخر ، أعني : اغتسل للجمعة ، كما في شرح الاستاذ.

إلّا أن يفرض ظهوره في المعنى المجازي ضعيفا يقوى عليه ، أي : يقع مغلوبا بخلاف ظهور الدليل المعارض.

كما إذا قال : اغتسل للجمعة ثمّ أمر في وقت آخر بامور أغلبها مستحبة وبعضها واجب ، وذكر في جملتها غسل الجمعة ، فإنّه يظنّ بقرينة غلبة السياق بإرادة الاستحباب فيه ، إلّا أنّ ظهور المعارض ـ اغتسل للجمعة ـ في الوجوب أقوى.

فيدور الأمر بين ظاهرين أحدهما أقوى من الآخر ، فيقدّم الأظهر بعنوان أنّه أظهر ، لا من جهة قوّة الظهور الحقيقي من الظهور المجازي.

وإن أرادوا به معنى آخر ، فلا بدّ من التأمّل فيه حتى يدرك ما أرادوه.

هذا بعض الكلام في تعارض النوعين المختلفين من الظهور وتعيين ما هو الأقوى منهما.

أمّا الصنفان المختلفان من نوع واحد.

بأن دار الأمر بين ارتكاب النسخ في هذا الدليل أو ذاك الدليل ، أو ارتكاب الإضمار في هذا أو ذاك ، وهكذا التجوّز والتخصيص والتقييد ، والظاهر أنّه لا ميزان كلّيّا بين أفراد النسخ والإضمار والتجوّز ، بحيث يكون هو المعيار بين أفراد الامور المذكورة حتى يمتاز

٣٤٥

ولذا يحمل الأسد في «أسد يرمي» على الرجل الشجاع دون الرجل الأبخر (١) ، ويحمل الأمر المصروف عن الوجوب على الاستحباب دون الإباحة.

____________________________________

رجحان بعض أفرادها على بعض كما في الأوثق. إلى أن قال : فحينئذ نتتبّع المقامات الشخصيّة فإن ظهرت قرينة خارجة توجب رجحان ارتكاب النسخ مثلا في هذا الدليل دون ذاك ، فهو وإلّا يتوقف.

نعم ، قد ثبت رجحان صنفين من أصناف الامور المذكورة فيقدّمان على معارضهما من سنخهما ما لم تظهر قرينة خارجة تورث رجحان معارضهما عليهما :

أحدهما : المجاز الراجح الذي مرتبته دون مرتبة المجاز المشهور فيقدّم على المجاز المرجوح ، كما مثّل له المصنف قدس‌سره.

وثانيهما : بعض أصناف التخصيص فيقدم بعض أصنافه على بعض ، وذلك قد يكون لقوّة عموم أحد العامّين على الآخر ، إمّا بنفسه أو بمعونة الخارج ، وقد يكون لقوّة عموم أحد التخصيصين وبعد الآخر.

أمّا الأوّل ، فكتقديم الجمع المحلّى باللّام على المفرد المعرّف ، كما أشار إليه بقوله :

إمّا لنفسه ، كتقديم الجمع المحلّى باللّام ... الى آخره والمشتمل على لفظ كلّ ومتى ونحوهما من ألفاظ العموم ، فتقدّم هذه الألفاظ على المفرد المعرّف.

وأمّا الثاني ، فمثل ورود أحد العامّين في مقام الضابط ، فإنّه أقوى من غيره ، كما أشار إليه المصنف قدس‌سره : فإنّ العامّ المسوق لبيان الضابط أقوى من غيره.

وأمّا الثالث ، فمثل ما أشار إليه بقوله وكما اذا كان التخصيص في أحدهما تخصيصا لكثير من الأفراد ، بخلاف الآخر. هذا إجمال الكلام في المقام.

وأمّا التفصيل والتوضيح ، فنكتفي فيه بما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

ولذا يحمل الأسد في «أسد يرمي» على الرجل الشجاع دون الرجل الأبخر.

لكون المعنى الأوّل مجازا راجحا ، وهذا المثال تنظير للمطلب ، وإلّا فهو ليس من قبيل تعارض الدليلين.

__________________

(١) بخر الفمّ : أنتنت ريحه ، فالذّكر أبخر ، والانثى بخراء. المصباح المنير : ٣٧.

٣٤٦

وأمّا تقديم بعض أفراد التخصيص على بعض ، فقد يكون بقوّة عموم أحد العامّين على الآخر ، إمّا لنفسه ، كتقديم الجمع المحلّى باللّام على المفرد المعرّف ونحو ذلك ، وإمّا بملاحظة المقام ، فإنّ العامّ المسوق لبيان الضابط أقوى من غيره ونحو ذلك ، وقد يكون لقرب أحد التخصيصين وبعد الآخر ، كما يقال : إنّ تخصيص الأقلّ أفرادا مقدّم على غيره ،

____________________________________

ومثال تعارض الدليلين من باب الفرض ما إذا قيل : اجلس يوم الجمعة وقيل أيضا : لا يجب جلوس يوم الجمعة ، فيحصل الجمع بينهما بحمل الأمر في الأوّل على الندب وبحمل الجمعة في الثاني على البعض ، كما بعد الزوال مثلا ، وحيث إنّ استعمال الأمر في الندب مجاز شائع بخلاف استعمال الكلّ في الجزء ، فيكون ظهور الجمعة في معناها الحقيقي ـ أعني : تمام الجمعة ـ أقوى من ظهور الأمر في الوجوب ، فيؤخذ بظاهر قوله : لا يجب جلوس يوم الجمعة ، ويحمل قوله : اجلس ... إلى آخره على الندب.

ومثال تقديم بعض أفراد التخصيص على بعض لقوة أحد العامّين على الآخر بنفسه ، مثل ما إذا ورد أكرم العلماء وورد أيضا ويستحبّ إكرام الشاعر ، فإنّه يؤخذ بظاهر الأوّل ويخصّص الثاني بالشاعر غير العالم ، والوجه فيه أنّ العموم المستفاد من الأوّل يكون بالوضع ، ومن الثاني يكون بدليل الحكمة ، فدلالته على العموم موقوفة على عدم بيان القيد ، وقوله : أكرم العلماء بيان له ، فيكون ظاهر الأوّل واردا على ظاهر الثاني. ونحو ذلك ، كتقديم المسور بالكل على المفرد المعرّف.

ومثال العامّ المسوق لبيان الضابط ، كقوله : من أتلف مال الغير فهو له ضامن ، فيقدّم على قوله : لا يضمن المستعير إلّا أن يشترط عليه المعير ، فإنّ الأوّل لكونه في مقام بيان ضرب القاعدة أقوى ظهورا من الثاني الوارد لبيان حكم فرعي في مورد خاصّ ، فيحمل الثاني على غير صورة الإتلاف وهو التلف.

ونحو ذلك ، كالعامّ الوارد في مقام الامتنان فإنه مقدّم على غيره ، نظير قوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) وقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)(٢) الآية ، فإنّه يؤخذ بعموم الأوّل الوارد في مقام الامتنان ويحمل الثاني على غير صورة الحرج.

__________________

(١) الحج : ٧٨.

(٢) البقرة : ١٨٣.

٣٤٧

فإنّ العرف يقدّم عموم «يجوز أكل كلّ رمّان» على عموم النهي عن أكل كلّ حامض ؛ لأنه أقلّ فردا ، فيكون أشبه بالنصّ ، وكما إذا كان التخصيص في أحدهما تخصيصا لكثير من الأفراد ، بخلاف الآخر.

بقي في المقام شيء : وهو أنّ ما ذكرنا من حكم التعارض ـ من أنّ النصّ يحكم على الظاهر ، والأظهر على الظاهر ـ لا إشكال في تحصيله في المتعارضين.

وأمّا اذا كان التعارض بين أزيد من دليلين ، فقد يصعب تحصيل ذلك ، إذ قد يختلف حال التعارض بين اثنين منها بملاحظة أحدهما مع الثالث ، مثلا ، قد تكون النسبة بين الاثنين

____________________________________

فإنّ العرف يقدّم عموم يجوز أكل كلّ رمّان ، أي : حلوه وحامضه على عموم النهي عن أكل كلّ حامض ؛ لأنه أقلّ فردا.

بمعنى أنّ الرمّان وإن لوحظ جميع أفراده ، أي : حلوا وحامضا أقلّ فردا من الحامض ، فيكون من جهة قلّة أفراده.

أشبه بالنصّ ، وكما إذا كان التخصيص في أحدهما تخصيصا لكثير من الأفراد ، بخلاف الآخر.

كما إذا فرض أنّ العالم غير الشاعر كثير جدّا والشاعر غير العالم نادر جدّا ، فإنّه لو كان قوله : أكرم العلماء مخصّصا لقوله : لا تكرم الشعراء يلزم التخصيص الأكثر بخلاف العكس ، فيكون قوله : لا تكرم الشعراء أظهر في العموم.

بقي في المقام شيء ، وهو أنّ ما ذكرنا من حكم التعارض ـ من أنّ النصّ يحكم على الظاهر ، والأظهر على الظاهر ـ لا إشكال في تحصيله في المتعارضين.

لأن تعارضهما إمّا بالتباين وإمّا بالعموم من وجه ، وإمّا بالعموم المطلق ، فيقدّم النصّ أو الأظهر على الظاهر ، فلا يتصوّر فيهما انقلاب النسبة الموجب للتحيّر.

وأمّا إذا كان التعارض بين أزيد من دليلين ، فقد يصعب تحصيل ذلك ، إذ قد يختلف حال التعارض بين اثنين منها بملاحظة أحدهما مع الثالث.

أي : يتحقّق بين اثنين منها في بدو الأمر نوع من التعارض وبعد ملاحظة أحدهما مع الثالث ينقلب النوع المتحقّق أوّلا إلى نوع آخر من التعارض ، بأن تكون النسبة بينهما أوّلا عموما مطلقا وبعد ملاحظة أحدهما مع الثالث تنقلب النسبة إلى عموم من وجه ، أو

٣٤٨

العموم والخصوص من وجه ، وتنقلب بعد تلك الملاحظة إلى العموم المطلق أو بالعكس ، أو إلى التباين.

وقد وقع التوهم في بعض المقامات.

____________________________________

بالعكس كما هو في المتن ، وذلك يوجب الحيرة وعدم معرفة الأقوى دلالة.

مثلا ، قد تكون النسبة بين الاثنين العموم والخصوص من وجه ، وتنقلب بعد تلك الملاحظة ، أي : ملاحظة أحدهما مع الثالث إلى العموم المطلق.

كما في أكرم العلماء ويستحب إكرام العدول ولا تكرم فساق العلماء ، فإنّ تعارض الأوّلين قبل لحاظ خروج الفساق من العلماء كان بالعموم من وجه وبعد لحاظ خروج الفساق من العلماء يكون بالعموم المطلق ، كأنّه قال : أكرم عدول العلماء ويستحب إكرام العدول ، فمن حيث تعارضهما بالعموم من وجه لا رجحان لأحدهما ، ومن حيث تعارضهما بالعموم المطلق يكون الأوّل خاصّا نصّا ، فيترجّح على الثاني ، فيحصل التحيّر.

أو بالعكس ، كما في أكرم العلماء ولا تكرم فساق النحاة ولا تكرم فساق العلماء ، فإنّ تعارض الأوّل والثالث في بدو الأمر بالعموم المطلق وبعد لحاظ خروج فساق النحاة من العلماء ينقلب إلى العموم من وجه. افتراق الأوّل في عدول العلماء ، وافتراق الثاني في الفاسق النحوي. ويتعارضان في الفاسق غير النحوي ، فيحصل التحيّر كما مرّ.

أو إلى التباين ، كما في أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ولا تكرم عدول العلماء ، فإنّ تعارض الأوّل والثالث بالعموم المطلق فإذا خصّص العلماء بالفساق لفرض أكثريّة أفراده من أفراد الفساق ينقلب إلى التباين ، كأنّه قال : أكرم عدول العلماء ولا تكرم عدول العلماء ، فتحصل الحيرة ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

وقد وقع التوهّم في بعض المقامات.

حيث لاحظ البعض النسبة بين المتعارضات طوليّة وهي لحاظ نسبة الخاصّ الثاني مع عموم العامّ بعد تخصيص ذلك العامّ بالخاصّ الأوّل مثلا ، وحينئذ قد تنقلب النسبة بين العامّ والخاصّ الثاني من عموم المطلق إلى العموم من وجه أو غيره.

والحق عند المصنف قدس‌سره كما يظهر هو لحاظ النسبة بين المتعارضات عرضا لا طولا ، فلا تنقلب النسبة بينها عمّا هي عليه.

٣٤٩

____________________________________

وبعبارة اخرى أنّه إذا وقع التعارض بين أزيد من دليلين فهل يقدّم بعضها على البعض الآخر تخصيصا أو تقييدا فيوجب انقلاب النسبة بينها بعد التخصيص أو التقييد في بعضها أم لا يقدّم؟ ، بل كلّ واحد منها يلاحظ مع غيره من دون تخصيص أو تقييد أولا ، ثمّ ملاحظة النسبة بينه وبين غيره بعد ملاحظته مخصّصا أو مقيّدا.

وبالجملة ، إنّ الاختلاف في لحاظ النسبة بين المتعارضات يجب أن يكون طوليّا أو عرضيّا ، ناشئ من أنّ النسبة بين الأدلّة هل هي بما لها من الظهور أو بما لها من الحجّيّة ، فعلى الأوّل يكون لحاظ النسبة عرضيّا فلا تنقلب عمّا هي عليه ؛ لأن المخصّص المنفصل كما هو المفروض لا يزاحم الظهور وإنّما يزاحم الحجّيّة ، فظهور العامّ في العموم باق حتى بعد تخصيصه بالخاصّ الأوّل ، وعلى الثاني يكون طوليّا فتنقلب النسبة عمّا هي عليه. وكيف كان ، فلا بأس بذكر جملة من صور التعارض بين أكثر من دليلين ، لكي يميّز بين ما تنقلب النسبة وبين ما لا تنقلب :

الصورة الاولى : ما إذا ورد عامّ وخاصّان متباينان ، مثل قوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم الكوفيين من العلماء» ، وقوله : «لا تكرم البصريّين من العلماء» ، فالنسبة بين الخاصّين هي التباين ، ولا شكّ في وجوب تخصيص العامّ بكلّ واحد منهما ما لم يصل إلى التخصيص المستهجن ، كتخصيص المستوعب لجميع أفراد العامّ أو أصنافه ، أو أكثرها.

الصورة الثانية : هي ما إذا ورد عامّ وخاصّان مع كون النسبة بين الخاصّين هي العموم المطلق ، كقوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم النحويين» ، وقوله : «لا تكرم الكوفيين من النحويين».

وحكم هذا القسم حكم السابق من وجوب تخصيص بكلّ منهما ما لم يلزم التخصيص المستهجن ؛ لأن نسبة كلّ واحد من الخاصّين إلى العامّ نسبة القرينة إلى ذي القرينة ، فيخصّص العامّ بهما جميعا.

نعم ، قد يتوهّم في هذا القسم أنّ العامّ يخصّص بأخصّ الخاصّين ، وبعد ذلك تلاحظ النسبة بين الباقي تحت العامّ وبين الخاصّ الآخر ، فقد تنقلب النسبة إلى العموم من وجه بعد ما كانت قبل تخصيص العامّ بأخصّهما العموم المطلق ، كالمثال المتقدّم ، فإنّه بعد

٣٥٠

____________________________________

تخصيص قوله : أكرم العلماء بما عدا الكوفيّين من النحويين ـ الذي هو أخصّ الخاصّين ـ تصير النسبة بينه وبين قوله : لا تكرم النحويين العموم من وجه ؛ لأن النحوي يعمّ الكوفي وغيره ، والعالم غير الكوفي يعمّ النحوي وغيره ، فيتعارضان في العالم النحوي غير الكوفي.

ولكنّ هذا التوهّم فاسد ، إذ لا وجه لتخصيص العامّ بأخصّ الخاصّين أوّلا ، ثمّ تلاحظ النسبة بين الباقي تحت العامّ وبين الخاصّ الآخر ، مع أنّ نسبة العامّ إلى كلّ من الخاصّين على حدّ سواء ، فاللّازم تخصيص العامّ بكلّ منهما دفعة واحدة إن لم يلزم منه المحذور المتقدّم.

الصورة الثالثة : ما إذا ورد عامّ وخاصّان وكانت النسبة بين الخاصّين هي العموم من وجه ، كقوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم النحويين» ، وقوله : «لا تكرم الصرفيين» ، ولا إشكال في تخصيص العامّ بكلا الخاصّين. غاية الأمر يقع التعارض بين الخاصّين في مادّة الاجتماع بينهما وهو الصرفي النحوي ، فيرجع إلى الترجيح أو التوقف.

الصورة الرابعة : ما إذا ورد عامّان من وجه وخاصّ ، فإن كان مفاد الخاصّ إخراج مورد افتراق أحد العامّين تنقلب النسبة إلى العموم المطلق ، كما إذا ورد ـ بعد قوله : «لا تكرم النحويين» ، وقوله : «لا تكرم الصرفيين» ، قوله : «ويستحب إكرام النحوي غير الصرفي» ، فإنّه حينئذ يختصّ قوله : لا تكرم النحويين بالنحويين من الصرفيين ، فتنقلب النسبة بينه وبين قوله : لا تكرم الصرفيين إلى العموم المطلق.

وإن كان مفاد الخاصّ إخراج مورد الاجتماع تنقلب النسبة بين العامّين من وجه إلى التباين ، كما إذا قال في المثال المذكور : ويستحب إكرام الصرفي من النحويين ، فإنّه على هذا يختصّ قوله : لا تكرم النحويين بما عدا الصرفيين.

فحاصل ما ذكر أنّه اذا كان بين الدليلين العموم من وجه ، فتارة تنقلب النسبة إلى العموم المطلق إذا قام دليل ثالث على إخراج مادّة افتراق أحدهما عن الآخر ، واخرى تنقلب النسبة إلى التباين إذا كان مفاد الدليل الثالث إخراج مادّة الاجتماع.

الصورة الخامسة : ما إذا ورد دليلان متعارضان بالتباين ، فقد يرد دليل آخر خاصّ

٣٥١

فنقول توضيحا لذلك : إنّ النسبة بين المتعارضات المذكورة إن كانت نسبة واحدة فحكمها حكم المتعارضين ، فإن كانت النسبة العموم من وجه وجب الرجوع إلى المرجّحات ،

____________________________________

يوجب انقلاب النسبة من التباين إلى العموم المطلق ، وقد يوجب انقلابها إلى العموم من وجه.

أمّا الأوّل فهو كقوله : «أكرم العلماء» وقوله : «لا تكرم العلماء» ، ثمّ ورد دليل ثالث وأخرج عدول العلماء عن قوله : لا تكرم العلماء ، أعني : أكرم عدول العلماء ، فتنقلب النسبة بين قوله : لا تكرم العلماء وبين قوله : أكرم العلماء إلى العموم المطلق.

وأمّا الثاني ، فهو ما إذا ورد دليل رابع في المثال المذكور وخصّ به قوله : «أكرم العلماء الفقهاء» ، فإنّ النسبة بين قوله : «أكرم العلماء» بعد تخصيصه بالفقهاء وبين قوله : «لا تكرم العلماء» بعد تخصيصه بما عدا العدول هي العموم من وجه ، إذ نتيجة هذين التخصيصين أن يصير مفاد العامّ الأوّل أكرم العلماء الفقهاء ، ومفاد العامّ الثاني لا تكرم العلماء الفساق ، ومعلوم أنّ النسبة بينهما هي عموم وخصوص من وجه.

هذا كلّه في انقلاب النسبة بين الدليلين ، ومنه يظهر انقلاب النسبة بين أكثر من دليلين ، كقوله : أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ويستحب إكرام الشعراء ، فإنّ النسبة بين الأدلّة الثلاثة هي العموم من وجه ، فقد تنقلب إلى التباين.

كما ورد دليل رابع وأخرج مورد الاجتماع ـ وهو العالم الفاسق الشاعر ـ عن مفاد الأدلّة الثلاثة ، فتنقلب النسبة بين الأدلّة الثلاثة إلى التباين بلا معارضة بينها.

وقد تنقلب النسبة إلى العموم المطلق ، كما إذا أخرج الدليل الرابع مورد الافتراق عن أحد الأدلّة الثلاثة ، فتصير النسبة بينه وبين الآخرين العموم المطلق. هذا تمام الكلام في جملة من الصور المتصوّرة بين الأدلّة المتعارضة ، وقد عرفت إجمالا أنّ انقلاب النسبة إنّما يتصوّر فيما إذا قلنا بوقوع التعارض بين الأدلّة بما لها من الحجّيّة لا بما لها من الظهور ، إذ حينئذ يقع التعارض بين حجّتين ، فبتغيّر مدلولهما تتغيّر النسبة بينهما.

فنرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي :

فنقول توضيحا لذلك : إنّ النسبة بين المتعارضات المذكورة إن كانت نسبة واحدة فحكمها حكم المتعارضين ، فإن كانت النسبة.

٣٥٢

مثل قوله : يجب إكرام العلماء ، ويحرم إكرام الفساق ، ويستحب إكرام الشعراء فيعارض الكلّ في مادّة الاجتماع.

وإن كانت النسبة عموما مطلقا ، فإن لم يلزم محذور من تخصيص العامّ بهما خصّص بهما ، مثل المثال الآتي ، وإن لزم محذور مثل قوله : يجب إكرام العلماء ، ويحرم إكرام فساق العلماء ، وورد : ويكره إكرام عدول العلماء ، فإنّ اللّازم من تخصيص العامّ بهما بقاؤه بلا مورد فحكم

____________________________________

هي التباين كأكرم العلماء ولا تكرم العلماء ، ويستحب إكرام العلماء ، فإن لم يكن ترجيح في البين أصلا يرجع إلى التخيير ، وإن كان لأحدهما مرجّح دلالي أو غيره يؤخذ به ويطرح الآخران ، وإن كان في اثنين منها مرجّح دلالي أو غيره يطرح المرجوح ويخيّر بين الراجحين.

وإن كانت النسبة هي العموم من وجه وجب الرجوع إلى المرجّحات ، مثل قوله : يجب إكرام العلماء ، ويحرم إكرام الفساق ، ويستحب إكرام الشعراء فيعارض الكلّ في مادّة الاجتماع ، أي : العالم الفاسق الشاعر.

والأوّلان في العالم الفاسق والأخيران في الفاسق الشاعر ، والأول والثالث في العالم الشاعر.

وبالجملة ، إن انتفى المرجّح من كلّ جهة يحكم بالتخيير في جميع موارد هذه التعارضات الأربعة ، وإن ترجّح أحدهما كان يفرض رجحان الأوّل دلالة ، لقلّة أفراده أو سندا لأصدقيّة راويه ، يكون مخصّصا للآخرين ، فيتعارضان في الفاسق الشاعر غير العالم ، وإن ترجّح اثنان منها كان يفرض رجحان الأخيرين دلالة أو سندا يكونان مخصّصين له ويتعارضان في مطلق الفاسق الشاعر ، وحينئذ إن ترجّح أحدهما من جهة ، فهو وإلّا فيرجع إلى التخيير.

وإن كانت النسبة عموما مطلقا ، كقوله : أكرم العلماء وقوله : لا تكرم النحويين ولا تكرم الصرفيين.

فإن لم يلزم محذور من تخصيص العامّ بهما خصّص بهما بلا إشكال ، كما في أكرم العلماء ولا تكرم زيد العالم ولا تكرم عمرو العالم.

وإن لزم محذور مثل قوله : يجب إكرام العلماء ، ويحرم إكرام فساق العلماء ، وورد : ويكره

٣٥٣

ذلك كالمتباينين ، لأن مجموع الخاصّين مباين للعامّ.

وقد توهّم بعض من عاصرناه ، فلاحظ العامّ بعد تخصيصه ببعض الأفراد بإجماع ونحوه مع الخاصّ المطلق الآخر.

فإذا ورد أكرم العلماء ، ودلّ من الخارج دليل على عدم وجوب إكرام فساق العلماء ، وورد أيضا : لا تكرم النحويين ، كانت النسبة على هذا بينه وبين العامّ ـ بعد إخراج الفساق ـ

____________________________________

إكرام عدول العلماء ، فإنّ اللّازم من تخصيص العامّ بهما بقاؤه بلا مورد فحكم ذلك كالمتباينين ، لأن مجموع الخاصّين مباين للعامّ.

فكأنّه قيل : أكرم العلماء ولا تكرم العلماء ، وحينئذ فإن كان هناك طريق جمع غير التخصيص فهو ، كما إذا قيل : أكرم العلماء ويستحب إكرام عدول العلماء ويستحب إكرام فساق العلماء.

حيث إنّ ظهور مادة الاستحباب في الندب أقوى من ظهور صيغة الأمر في الوجوب ، فيحمل الأمر على الندب ، وإلّا كما في مثال المتن يرجع إلى سائر المرجّحات ، فإن ترجّح سند العامّ يؤخذ به وإن ترجّح سند الخاصّين يؤخذ بهما ، وإن كان العامّ راجحا بالنسبة إلى أحد الخاصّين ومرجوحا بالنسبة إلى الآخر قيل بأنّه يطرح الخاصّ المرجوح ويخصّص العامّ بالخاصّ الراجح ، وقيل بالتخيير بينه وبينهما ، كصورة التكافؤ.

وإن كان راجحا بالنسبة إلى أحدهما ومساويا للآخر يطرح المرجوح ويخصّص العامّ بالراجح ، وإن كان مرجوحا بالنسبة إلى أحدهما ومساويا للآخر يقدّم الخاصّان.

وقد توهّم بعض من عاصرناه وهو الفاضل ـ المحقّق النراقي قدس‌سره على ما في التنكابني.

فلاحظ العامّ بعد تخصيصه ببعض الأفراد بإجماع ونحوه ، كالعقل والسيرة مع الخاصّ المطلق الآخر.

أي : خصّص العامّ أوّلا بالمخصّص اللبي ، ثمّ لاحظ النسبة بين العامّ المخصّص والخاصّ الآخر اللفظي.

فإذا ورد أكرم العلماء ، ودلّ من الخارج دليل لبّي على عدم وجوب إكرام فساق العلماء ، وورد أيضا : في دليل لفظي لا تكرم النحويين ، كانت النسبة على هذا بينه ، أي : الخاصّ اللفظي وبين العامّ ـ بعد إخراج الفساق ـ عموما من وجه.

٣٥٤

عموما من وجه. ولا أظنّ يلتزم بذلك فيما إذا كان الخاصّان دليلين لفظيين ، إذ لا وجه لسبق ملاحظة العامّ مع أحدهما على ملاحظته مع العامّ الآخر. وإنّما يتوهّم ذلك في العامّ المخصّص بالإجماع أو العقل.

لزعم أنّ المخصّص المذكور يكون كالمتصل ، فكان العامّ استعمل فيما عدا ذلك الفرد المخرج ، والتعارض إنّما يلاحظ بين ما استعمل فيه لفظ كلّ من الدليلين ، لا بين ما وضع

____________________________________

مادّة الاجتماع هو العالم العادل النحوي ، ومادّة افترق أكرم العلماء هو العالم العادل غير النحوي ، ومادّة الافتراق لا تكرم النحويين هو الفاسق النحوي.

ولا أظنّ يلتزم بذلك ، أي : التوهّم المذكور فيما إذا كان الخاصّان دليلين لفظيين وإن كان التخصيص بأحدهما حتميّا ؛ لكونه أخصّ الخاصّين ، كما سيأتي توضيح ذلك بعد سطور.

إذ لا وجه لسبق ملاحظة العامّ مع أحدهما على ملاحظته مع العامّ الآخر ، وإنّما يتوهّم ذلك في العامّ المخصّص بالإجماع أو العقل من الأدلّة اللبيّة.

توضيح الكلام في المقام أنّه إذا تعارض عامّ وخاصّان منفصلان ولم يلزم من تخصيصه بهما محذور كان اللّازم تخصيصه بهما دفعة وعرضا.

والنراقي رحمه‌الله وقع في الوهم وفصّل بين كونهما لفظيين فوافق القوم في تخصيصه بهما سواء تساويا في الرتبة ، كما في أكرم العلماء ، لا تكرم فسّاق العلماء ، لا تكرم النحاة ، أو كان التخصيص بأحدهما حتميّا ، كما في أكرم العلماء ، لا تكرم فساق العلماء ، لا تكرم فساق النحاة ، فإنّ الأخير لكونه أخصّ الخاصّين يخصّص به العامّ لا محالة ، أي : وإن فرض عدم التخصيص بالآخر بتوهّم انقلاب النسبة. وإلى هذا أشار بقوله : ولا أظنّ ... إلى آخره ، وبين ما كان أحدهما لبّيّا والآخر لفظيّا ، كما فرض في المتن ، فخصّص العامّ أوّلا باللبّي ثمّ لاحظ النسبة بينه وبين الخاصّ الآخر.

لزعم أنّ المخصّص المذكور يكون كالمتصل ، فكان العامّ استعمل فيما عدا ذلك الفرد المخرج.

أي : كما أنّ المخصّص المتصل في مثل أكرم العلماء العدول نصّ في التخصيص لا بدّ من تخصيصه به ، كذلك المخصّص اللبّي كقيام الإجماع ونحوه بخروج فساقهم ، فإنّه أيضا

٣٥٥

اللفظ له ، وإن علم عدم استعماله.

فكان المراد بالعلماء في المثال المذكور عدولهم ، والنسبة بينه وبين النحويين عموم من وجه.

ويندفع : بأنّ التنافي في المتعارضين إنّما يكون بين ظاهري الدليلين ، وظهور الظاهر إمّا أن يستند إلى وضعه وإمّا أن يستند إلى قرينة المراد ، وكيف كان ، فلا بدّ من إحرازه حين

____________________________________

نصّ في التخصيص بخلاف المنفصل اللفظي كلا تكرم فساق النحاة ، فإنّه لا يدلّ إلّا على حكم مخالف للعامّ ، ولا نظر فيه إليه أصلا وإن كان أخصّ الخاصّين ، وربّما يقدّم العامّ عليه بنسخ وغيره.

نعم ، لو لا المانع يخصّص به وبكلّ مخصّص بحكم العقل ، وحينئذ يقال : كما أنّ العامّ المخصّص بالمتصل استعمل في الباقي ، كذلك العامّ المخصّص باللبّي.

والتعارض إنّما يلاحظ بين ما استعمل فيه لفظ كلّ من الدليلين ، لا بين ما وضع اللفظ له ، وإن علم عدم استعماله.

فلفظ العلماء وإن كان وضع للعموم والنسبة بينه وبين النحويين عموم مطلق ، إلّا أنّه استعمل في عدول العلماء ، والنسبة بينه وبين النحويين عموم من وجه ، كما قال :

فكان المراد بالعلماء في المثال المذكور عدولهم ، والنسبة بينه وبين النحويين عموم من وجه ، فيرجع إلى علاج تعارضهما.

ويندفع : بأنّ المخصّص اللبّي وإن كان كالمخصّص المتصل نصّا في المخصّصيّة لا بدّ من التخصيص به ، إلّا أنّه لا يمنع عن انعقاد ظهور بدوي للعامّ في العموم ، بخلاف المتصل فإنّه يمنع عنه ويوجب انعقاد ظهور بدوي للعامّ في الباقي.

توضيح المطلب أنّ التنافي في المتعارضين إنّما يكون بين ظاهري الدليلين.

بمعنى أنّ ملاك التعارض هو لحاظ ظاهر الدليلين سواء كان هو الموضوع له أو المستعمل فيه المجازي ، كما قال :

وظهور الظاهر إمّا أن يستند إلى وضعه ، كظهور الأسد في المفترس والعلماء في العموم.

وإمّا أن يستند إلى قرينة المراد ، كظهور الأسد الرامي في الرجل الشجاع والعلماء

٣٥٦

التعارض وقبل علاجه ، إذ العلاج راجع إلى دفع المانع ، لا إلى إحراز المقتضي.

والعامّ المذكور بعد ملاحظة تخصيصه بذلك الدليل العقلي إن لوحظ بالنسبة إلى وضعه للعموم مع قطع النظر عن تخصيصه بذلك الدليل ، فالدليل المذكور والمخصّص اللفظي سواء في المانعيّة عن ظهوره في العموم ، فيرفع اليد عن الموضوع له بهما ، وإن لوحظ بالنسبة إلى المراد منه بعد التخصيص بذلك الدليل ، فلا ظهور له في إرادة العموم باستثناء ما خرج بذلك الدليل إلّا بعد إثبات كونه تمام المراد ، وهو غير معلوم إلّا بعد نفي احتمال مخصّص آخر ولو بأصالة عدمه.

____________________________________

العدول في الباقي.

وكيف كان ، فلا بدّ من إحرازه ، أي : الظهور حين التعارض وقبل علاجه بالترجيح.

إذ العلاج راجع إلى دفع المانع عن الظهور لا إلى إحراز المقتضي للظهور.

بمعنى أنّ العلاج ليس وسيلة لإحراز الظهور ، بل لرفع المانع عن الظهور المحرز ، مثلا قوله : أكرم ظاهر في العموم ، فيشمل العالم الشاعر ، وقوله : لا تكرم الشعراء ظاهر في العموم فيشمل العالم ، فكلّ منهما يمنع عن الأخذ بظهور الآخر ، فيحمل الشاعر على غير العالم فيرتفع به المانع عن الأخذ بظاهر العلماء.

والعامّ المذكور ، أعني : أكرم العلماء بعد ملاحظة تخصيصه بذلك الدليل العقلي إنّ لوحظ بالنسبة إلى وضعه للعموم مع قطع النظر عن تخصيصه بذلك الدليل اللبّي ، فالدليل المذكور والمخصّص اللفظي سواء في المانعيّة عن ظهوره في العموم ، فيرفع اليد عن الموضوع له بهما ، وإن لوحظ بالنسبة إلى المراد منه بعد التخصيص بذلك الدليل ، فلا ظهور له في إرادة العموم باستثناء ما خرج بذلك الدليل ، أي : لا ظهور له في العلماء العدول.

إلّا بعد إثبات كونه ، أي : الباقي تمام المراد ، وهو غير معلوم إلّا بعد نفي احتمال مخصّص آخر ولو بأصالة عدمه.

حاصله على ما في شرح الاعتمادي أنّه بعد ما خصّص عموم أكرم العلماء باللبّي ؛ لكونه ممّا لا بدّ منه إن لوحظ ظهوره البدوي الناشئ عن الوضع وقطع النظر عن خروج فساقهم ، فهو ظاهر في العموم والمخصّصان سيّان في المانعيّة ، فلا بدّ من العلاج بتخصيصه بهما معا.

٣٥٧

وإلّا فهو مجمل مردّد بين تمام الباقي وبعضه ؛ لأن الدليل المذكور قرينة صارفة عن العموم لا معيّنة لتمام الباقي.

وأصالة عدم المخصّص الآخر في المقام غير جارية مع وجود المخصّص اللفظي.

فلا ظهور له في تمام الباقي حتى تكون النسبة بينه وبين المخصّص اللفظي عموما من وجه.

وبعبارة أوضح : تعارض العلماء بعد إخراج فساقهم مع النحويين ، إن كان قبل علاج دليل النحويين ورفع مانعيّته ، فلا ظهور له حتى يلاحظ النسبة بين ظاهرين.

____________________________________

وإن لوحظ ظهوره الثانوي ، أي : الظهور في الباقي بعد خروج الفساق فهو موقوف على انعقاد هذا الظهور الثانوي وهو لا ينعقد إلّا بنفي مخصّص آخر ، إمّا بالوجدان وإمّا بالأصل.

وإلّا ، أي : وإن لم ينف احتمال مخصّص آخر فهو أي : العامّ الذي خصّص باللبّي مجمل مردّد بين تمام الباقي ، بأن يكون المراد تمام الباقي وبعضه ، بأن يكون المراد بعض الباقي ، فلا ينعقد للعامّ ظهور ثانوي في تمام الباقي.

لأن الدليل المذكور قرينة صارفة عن العموم لا معيّنة لتمام الباقي ، بمعنى أنّ خروج الفساق يمنع عن الظهور البدوي في العموم ولا يوجب انعقاد ظهور ثانوي في تمام الباقي ما لم تجر أصالة عدم مخصّص آخر.

وأصالة عدم المخصّص الآخر في المقام غير جارية مع وجود المخصّص اللفظي.

وحاصل الكلام أنّ ظهور العامّ في الباقي موقوف على إثبات كون الباقي تمام المراد ، والإثبات المذكور موقوف على إمكان إجراء أصالة عدم مخصّص آخر وهو غير ممكن ؛ لوجود المخصّص الآخر ، ونتيجة ذلك ما أشار إليه بقوله :

فلا ظهور له في تمام الباقي حتى تكون النسبة بينه وبين المخصّص اللفظي عموما من وجه.

وبعبارة أوضح : تعارض العلماء بعد إخراج فساقهم مع النحويين ، إن كان بالظهور البدوي الوضعي فهو بالعموم المطلق كتعارضه بالفساق ، فلا بدّ من تخصيصه بهما.

وإن كان بالظهور الثانوي القريني ، فإن كان قبل علاج دليل النحويين ورفع مانعيّته ، فلا ظهور له حتى يلاحظ النسبة بين ظاهرين بالعموم من وجه.

٣٥٨

لأن ظهوره يتوقف على علاجه ورفع تخصيصه ب «لا تكرم النحويين» ، وإن كان بعد علاجه ودفعه فلا دافع له ، بل هو كالدليل الخارجي المذكور دافع عن مقتضى وضع العموم.

نعم ، لو كان المخصّص متصلا بالعامّ من قبيل الصفة والشرط وبدل البعض ، كما في «إكرام العلماء العدول ، أو إن كانوا عدولا ، أو عدولهم» صحّت ملاحظة النسبة بين هذا التركيب الظاهر في تمام الباقي وبين المخصّص اللفظي المذكور ، وإن قلنا بكون العامّ المخصّص بالمتصل مجازا ، إلّا أنّه يصير حينئذ من قبيل «أسد يرمي» ، فلو ورد مخصّص منفصل آخر كان مانعا لهذا الظهور.

وهذا بخلاف العامّ المخصّص بالمنفصل ، فإنّه لا يحكم بمجرّد وجدان مخصّص منفصل بظهوره في تمام الباقي ، إلّا بعد إحراز عدم مخصّص آخر ، فالعامّ المخصّص بالمنفصل لا ظهور له

____________________________________

لأن ظهوره ، أي : العلماء الثانوي يتوقف على علاجه ورفع تخصيصه ب «لا تكرم النحويين» ، وإن كان بعد علاجه ودفعه فلا دافع له ، بل هو كالدليل اللبّي الخارجي المذكور دافع عن مقتضى وضع العموم وهو الظهور في العموم.

نعم ، لو كان المخصّص متصلا بالعامّ من قبيل الصفة والشرط وبدل البعض ، بل الاستثناء كما يأتي ، كما في «إكرام العلماء العدول ، أو إن كانوا عدولا ، أو عدولهم» ، أو إلّا فساقهم.

صحّت ملاحظة النسبة بين هذا التركيب الظاهر في تمام الباقي وبين المخصّص اللفظي المذكور ، أي : لا تكرم النحويين.

وإن قلنا بكون العامّ المخصّص بالمتصل مجازا ، إلّا أنّه يصير حينئذ من قبيل «أسد يرمي» ، فلو ورد مخصّص منفصل آخر كان مانعا لهذا الظهور.

وهذا بخلاف العامّ المخصّص بالمنفصل ، فإنّه لا يحكم بمجرّد وجدان مخصّص منفصل بظهوره في تمام الباقي ، إلّا بعد إحراز عدم مخصّص آخر.

توضيح المطلب على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّه فرق بين كون أحد المخصّصين لبيّا والآخر متصلا ، وبين كون أحد المخصّصين لبيّا والآخر منفصلا ، فإنّ الفرضين وإن كانا مشتركين في أنّه لا بدّ من إخراج الفساق ؛ لكونه متصلا في الأوّل ، كقوله :

أكرم العلماء العدول لا تكرم النحاة ، ولبيّا في الثاني ، إلّا أنّ العامّ في الأوّل لا ينعقد له ظهور

٣٥٩

في المراد منه.

بل هو قبل إحراز جميع المخصّصات مجمل مردّد بين تمام الباقي وبعضه ، وبعده يتعيّن إرادة الباقي بعد جميع ما ورد عليه من التخصيص.

وأمّا المخصّص بالمتصل ، فلمّا كان ظهوره مستندا إلى وضع الكلام التركيبي على القول بكونه حقيقة أو بوضع لفظ القرينة بناء على كون لفظ العامّ مجازا ، صحّ اتصاف الكلام بالظهور ، لاحتمال إرادة خلاف ما وضع له التركيب أو لفظ القرينة. والظاهر أنّ

____________________________________

في العموم أصلا لاقتران القرينة ، بل ينعقد ظهوره البدوي في الباقي إمّا حقيقة ، بناء على الوضع النوعي للهيئة التركيبيّة على الباقي ، وإمّا مجازا من باب أسد يرمي. وحينئذ تلاحظ النسبة بين هذا الظهور التركيبي وبين الخاصّ الآخر ، وهي العموم من وجه.

وأمّا في الثاني ، فلكون العامّ في الظاهر مجرّدا عن القرينة ينعقد له ظهور بدوي في العموم ، ومجرّد تخصيصه باللبّي ما لم تنضمّ إليه أصالة عدم مخصّص آخر لا يوجب انعقاد ظهور ثانوي في الباقي ، حتى تلاحظ النسبة بين هذا الظهور الثانوي وبين الخاصّ الآخر بالعموم من وجه.

بل يخصّص العامّ بهما معا لتساويهما في المزاحمة بالظهور البدوي العمومي ، كما قال : فالعام المخصص بالمنفصل اللبّي ، كالمخصّص بأخصّ الخاصّين لا ظهور له في المراد منه ، أي : لا ينعقد له ظهور في إرادة الباقي حتى تلاحظ نسبته مع الخاصّ الآخر.

بل هو قبل إحراز جميع المخصّصات مجمل من حيث الظهور الثانوي مردّد بين تمام الباقي وبعضه ، وبعده ، أي : الإحراز يتعيّن إرادة الباقي بعد جميع ما ورد عليه من التخصيص.

ولأن إحراز المخصّصات إنّما هو بتخصيص العامّ بكلّ مخصّص ومعه يتعيّن إرادة الباقي بعد كلّ تخصيص ، فلا يبقى معنى لملاحظة النسبة.

وأمّا المخصّص بالمتصل ، فلمّا كان ظهوره مستندا إلى وضع الكلام التركيبي على القول بكونه حقيقة ، أي : على القول بالوضع النوعي للهيئة التركيبيّة على الباقي أو بوضع لفظ القرينة المتصلة بناء على كون لفظ العامّ مجازا.

ملخّص الكلام أنّه لمّا كان الظهور في الباقي مستندا إلى وضع اللفظ المركّب أو لفظ

٣٦٠