دروس في الرسائل - ج ٦

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٦

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٥

ولازمه التوقف والرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما ، أو أحدهما المطابق للأصل ، إلّا أنّ الدليل الشرعيّ دلّ على وجوب العمل بأحد المتعارضين في الجملة ، وحيث كان ذلك بحكم الشرع فالمتيقن من التخيير هو صورة تكافؤ الخبرين.

أمّا مع مزيّة أحدهما على الآخر من بعض الجهات ، فالمتيقّن هو جواز العمل بالراجح ، وأمّا العمل بالمرجوح فلم يثبت ، فلا يجوز الالتزام ، فصار الأصل وجوب العمل بالمرجّح ،

____________________________________

معلّلا بأنّ في غيره احتمال الوقوع في الندم من جهة مخالفته للواقع ، وأدلّة حكم تعارضها ، حيث ذكر فيها مزايا توجب الأقربيّة إلى الواقع من الأعدلية ونحوها كونها من باب الطريقيّة ، ولازمه مع قطع النظر عن الأصل الثانوي التوقف والرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما ، بناء على كون الأصل مرجعا أو أحدهما المطابق للأصل ، بناء على كونه مرجّحا.

وعلى فرض مخالفة الأصل لهما يتخيّر عقلا بين الاحتمالين ، ثمّ إنّ ما حقّقه آنفا من أنّ مقتضى القاعدة الأوّليّة ـ بناء على الطريقيّة ـ هو التوقف والرجوع إلى الأصل ولو مع رجحان أحدهما مناف لقوله هنا : أو أحدهما المطابق للأصل الظاهر في صلاحيّة الأصل للمرجّحيّة.

إلّا أنّ الدليل الشرعي دلّ على وجوب العمل بأحد المتعارضين في الجملة ، أي : ولو مع عدم وجود المرجّح ، ولازم ذلك فساد التوقف.

وحيث كان ذلك ، أي : وجوب الأخذ بأحدهما ثابتا بحكم الشرع على خلاف الأصل الأوّلي ، والمفروض إجمال ما دلّ على وجوب العمل بأحدهما ، من جهة احتمال وجوب الترجيح مع وجود المرجّح واحتمال إرادة التخيير مطلقا ، وحمل ما دلّ على الترجيح على الندب كان مقتضى الاحتياط هو الأخذ بالقدر المتيقّن ، كما أشار إليه بقوله : فالمتيقّن من التخيير هو صورة تكافؤ الخبرين.

أمّا مع مزيّة أحدهما على الآخر من بعض الجهات ، فالمتيقّن هو جواز العمل بالراجح ، لأنّ المزيّة ممّا يوجب قوّة ما له المزيّة وقربه إلى الواقع ، فيجوز العمل به قطعا.

وأمّا العمل بالمرجوح فلم يثبت ، فلا يجوز الالتزام فصار الأصل ، أي : الاحتياط العقلي وجوب العمل بالمرجّح بمقتضى حكم العقل بوجوب السلوك عن الطريق

٢٠١

وهو أصل ثانوي ، بل الأصل فيما يحتمل كونه مرجّحا الترجيح به ، إلّا أن ترد عليه إطلاقات التخيير ، بناء على وجوب الاقتصار في تقييدها على ما علم كونه مرجّحا.

____________________________________

المقطوع احتياطا.

بل الأصل فيما يحتمل كونه مرجّحا الترجيح به ، أي : الترجيح بما يحتمل كونه مرجّحا ، كموافقة الأصل مثلا من باب الاحتياط.

إلّا أن ترد عليه ، أي : على الأصل العملي وهو الاحتياط عند احتمال المرجّح أصل لفظي ، كما أشار إليه بقوله :

إطلاقات التخيير ، بناء على وجوب الاقتصار في تقييدها على ما علم كونه مرجّحا.

توضيح ذلك على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّ أخبار الترجيح إن كانت مجملة من حيث الوجوب والندب يجري الاحتياط عند وجود المرجّح المنصوص أو احتمال وجوده في أحدهما المعيّن ، أو وجود مرجّح غير منصوص أو احتمال وجوده ، كموافقة الشهرة أو الأصل إن أفاد الظنّ وعند قلّة احتمالات مخالفة الواقع من الخوف والتقيّة ، والخيانة ، والسهو ، والنسيان في أحدهما ، وعند وجود ما يحتمل كونه مرجّحا ، وإن لم يوجب القوّة ، كموافقة الأصل إذا لم يفد الظنّ وإليه أشار بقوله : بل الأصل ... إلى آخره.

وإن دلّت على وجوب الترجيح بالمنصوص وقطع بالتعدّي عنه إلى كلّ مرجّح وجداني يجري الاحتياط عند احتمال وجود شيء من هذه المرجّحات في أحدهما ويتمسّك بإطلاق أخبار التخيير في صورتي قلّة احتمالات مخالفة الواقع في أحدهما. أو موافقة أحدهما بمثل الأصل ، كما أشار إليه بقوله : الّا أن ترد عليه ... إلى آخره.

وإن كانت أخبار الترجيح ظاهرة في الندب بقرينة إطلاق التخيير في بعضها ، لا يجب الاحتياط أصلا ، وإن دلّت على وجوب الترجيح بالمنصوص وتعدّى إلى كلّ مزيّة ، أو دلّت على التخيير عند التساوي من كلّ جهة ، يجري الاحتياط عند احتمال مرجّح في أحدهما.

وفي سائر الصور نفس الأخبار تفيد وجوب الترجيح بلا حاجة إلى أصل الاحتياط. وبالجملة أنّ مقتضى الاحتياط هو الترجيح بما يحتمل كونه مرجّحا لو لا إطلاقات التخيير ، وأمّا مع فرض الإطلاق في أخبار التخيير لا يجري الاحتياط ؛ لأنّ الاحتياط إنّما هو مع عدم وجود الدليل الشرعي وفرض أخبار التخيير مهملة لا مطلقة.

٢٠٢

وقد يستدلّ على وجوب الترجيح : بأنّه لو لا ذلك لاختلت نظم الاجتهاد ، بل نظام الفقه ، من حيث لزوم التخيير بين الخاصّ والعامّ والمطلق والمقيّد وغيرهما من الظاهر والنصّ المتعارضين.

وفيه : إنّ الظاهر خروج مثل هذه المعارضات عن محلّ النزاع ، فإنّ الظاهر لا يعدّ معارضا للنصّ ، إمّا لأنّ العمل به لأصالة عدم الصارف المندفعة بوجود النصّ ، وإمّا لأنّ ذلك لا يعدّ تعارضا في العرف ، ومحلّ النزاع في غير ذلك.

وكيف كان ، فقد ظهر ضعف القول المزبور وضعف دليله المذكور له ، وهو عدم الدليل

____________________________________

وقد يستدلّ على وجوب الترجيح : بأنّه لو لا ذلك لاختلّت نظم الاجتهاد ، بل نظام الفقه ، من حيث لزوم التخيير بين الخاصّ والعامّ والمطلق والمقيّد وغيرهما من الظاهر والنصّ المتعارضين.

كقوله : ينبغي غسل الجمعة ، الظاهر في الندب ، وقوله : يعاقب على ترك غسل الجمعة ، النصّ على وجوب غسل الجمعة.

وملخّص الكلام أنّه لو لم يجب الترجيح وحكم بالتخيير بين الخاص والعام مثلا لاختلّ أمر الاجتهاد ؛ لأن الاجتهاد هو معرفة العام والخاص ومعالجتهما بحمل العام على الخاص مثلا. ولزم أيضا تغيير الأحكام عن وجوهها وتأسيس فقه جديد.

وفيه : إنّ الظاهر خروج مثل هذه المعارضات عن محلّ النزاع ، فإنّ الظاهر لا يعدّ معارضا للنصّ عند العرف.

وذلك لورود النصّ على الظاهر كورود الأدلّة على الاصول العقليّة إن كان النصّ قطعيّا من جميع الجهات وحكومته عليه نظير حكومتها على الاصول الشرعيّة إن لم يكن كذلك ، وقد عرفت سابقا أنّ الوارد والمورود والحاكم والمحكوم لا يكونان من المتعارضين.

لأنّ العمل به لأصالة عدم الصارف المندفعة بوجود النصّ ، أي : حجيّة الظواهر منوطة بعدم القرينة على الخلاف والنصّ قرينة.

وإمّا لأنّ ذلك ، أي : تعارض النصّ والظاهر نظير تعارض الأظهر والظاهر لا يعدّ تعارضا في العرف ، بل هو مورد الجمع المقبول والترجيح الدلالي المسلّم ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

٢٠٣

على الترجيح بقوّة الظنّ.

وأضعف من ذلك ما حكي عن النهاية : «من احتجاجه بأنّه لو وجب الترجيح بين الأمارات في الأحكام لوجب عند تعارض البيّنات. والتالي باطل ، لعدم تقديم شهادة الأربعة على الاثنين».

وأجاب عنه في محكيّ النهاية والمنية : (بمنع بطلان التالي وأنّه يقدّم شهادة الأربعة على الاثنين ، سلّمنا ، لكن عدم الترجيح في الشهادة ربّما كان مذهب أكثر الصحابة والترجيح هنا

____________________________________

وكيف كان ، أي : سواء كان الوجه المذكور لوجوب الترجيح تماما أم لا ، فالحقّ هو وجوب الترجيح ؛ لأنّ القول بعدم وجوب الترجيح ضعيف لضعف دليله ، كما أشار إليه بقوله : فقد ظهر ضعف القول المزبور الذي يقول به الجبّائيون ، حيث قالوا بعدم اعتبار المزيّة وجريان حكم التعادل كما في التنكابني.

وضعف دليله المذكور ، وهو عدم الدليل على وجوب الترجيح بكلّ مزيّة ، وأنّ الأصل عدم اعتبار المزيّة ، ولازم ذلك عدم حجيّة خصوص القويّ وبراءة الذمّة عن تعيين خصوص القويّ ، هذا مضافا إلى إطلاق التخيير في بعض الأخبار. هذا تمام الكلام في عدم الدليل على وجوب الترجيح.

ثمّ وجه الضعف ما عرفت من قيام الإجماع القطعي محكيّا ومحصّلا وقيام السيرة القطعيّة على وجوب الترجيح ، هذا مضافا إلى دلالة الأخبار واقتضاء القاعدة.

وأضعف من ذلك ما حكي عن النهاية ، من احتجاجه بأنّه لو وجب الترجيح بين الأمارات في الأحكام كالأخبار المتعارضة لوجب عند تعارض البيّنات في الموضوعات ، وذلك لاشتراكهما في مناط الترجيح وهو القوّة والأظهريّة.

والتالي باطل ، لعدم تقديم شهادة الأربعة على الاثنين.

بل يتوقف ويرجع إلى التنصيف في مثل المال والقرعة في مثل النسب ، فكذا المقدّم.

وأجاب عنه في محكيّ النهاية والمنية : بمنع بطلان التالي ، أي : ليس الترجيح في البيّنات باطلا وأنّه يقدّم شهادة الأربعة على الاثنين ، فيقدّم الأعدل على العادل والأقدم من حيث التاريخ على غيره والداخل على الخارج ، أو بالعكس على اختلاف فيه.

ويقدّم قول من شهد بالملك مع ذكر السّبب على قول من شهد بالملك المطلق. قال في

٢٠٤

مذهب الجميع». انتهى.

ومرجع الأخير إلى أنّه لو لا الإجماع حكمنا بالترجيح في البيّنات أيضا ، ويظهر ما فيه ممّا ذكرنا سابقا ، فإنّا لو بنينا على أنّ حجّيّة البيّنة من باب الطريقيّة ،

____________________________________

التنكابني :

بأنّه تقدّم إحدى البيّنتين على الاخرى بالكثرة ، فيقدّم شهادة الأربعة على الاثنين ، فالترجيح بالمرجّحات موجود في البيّنات أيضا. غاية الأمر عدم تعدّي المشهور في البيّنات في مقام الترجيح إلى غير الكثرة والأعدليّة والدخول والخروج وأمثالها وتعدّيهم في الأخبار إلى كلّ مزيّة ، كما ستعرف تفصيله. انتهى.

سلّمنا بطلان الترجيح في البيّنات في غير مورد النصّ والإجماع ، لكن عدم الترجيح في الشهادة ربّما كان مذهب أكثر الصحابة والترجيح هنا مذهب الجميع. انتهى.

ومرجع الأخير ـ أعني : قوله : سلّمنا ، لكن عدم الترجيح في الشهادة ربّما كان مذهب أكثر الصحابة ـ إلى أنّه لو لا الإجماع ، أي : لو لا مخالفة الأكثر حكمنا بالترجيح في البيّنات أيضا.

وبعبارة اخرى على ما في شرح الاستاذ أنّ مقتضى القاعدة وجوب الترجيح في كلا المقامين ، إلّا أنّ الدليل الخارجي ، أعني : مخالفة الأكثر منع عنه في البيّنات.

قال التنكابني في ذيل قوله : ومرجع الأخير ... إلى آخره ما هذا لفظه : لا يخفى أنّ ظاهر كلام العلّامة بل كاد يكون صريحه بملاحظة قوله : سلّمنا ... إلى آخره أنّه لو لا الإجماع على وجوب الترجيح في الأخبار لقلنا بعدم وجوب الترجيح فيها أيضا ، لا ما فهمه المصنّف من أنّه لو لا الإجماع على عدم الترجيح في الشهادة لقلنا بالترجيح فيها أيضا ، من جهة أنّ الأصل وجوب الترجيح مطلقا حتى يرد عليه ما ذكره المصنف رحمه‌الله والشاهد ـ على ما ذكر مضافا إلى ما ذكر ـ التعبير بمذهب أكثر الصحابة في الشهادة وبمذهب الجميع في المقام.

ويظهر ما فيه ممّا ذكرنا سابقا. وغرض المصنّف قدس‌سره هو أنّ عدم الترجيح في تعارض البيّنات هو مقتضى القاعدة ، لا أنّ القاعدة تقتضي وجوبه ولكن مخالفة الأكثر مانع.

فإنّا لو بنينا على أنّ حجيّة البيّنة من باب الطريقيّة ، كما هو المشهور في جميع

٢٠٥

فاللّازم مع التعارض التوقف والرجوع إلى ما تقتضيه الاصول في ذلك المورد من التحالف أو القرعة أو غير ذلك ، ولو بني على حجّيّتها من باب السببيّة والموضوعيّة ، فقد ذكرنا أنّه لا وجه للترجيح بمجرّد أقربيّة أحدهما إلى الواقع ، لعدم تفاوت الراجح والمرجوح في الدخول فيما دلّ على كون البيّنة سببا للحكم على طبقها ، وتمانعهما مستند إلى مجرّد سببيّة كلّ منهما ، كما هو المفروض ، فجعل أحدهما مانعا دون الآخر لا يحتمله العقل.

____________________________________

الأمارات ، فاللّازم مع التعارض التوقف والرجوع إلى ما تقتضيه الاصول في ذلك المورد.

يعني : أنّ البيّنات كالأخبار في أنّه يرجع إلى الأصل الموافق غاية الأمر تفاوت الأصلين في المقامين.

فإنّ الأصل ـ المرجع ـ في الأخبار هو الأصل العملي ، بخلاف الأصل ـ المرجع ـ في باب القضاء فإنّه ليس أصلا عمليّا ، بل الأصل فيه هو التحالف والتنصيف أو القرعة ، كما أشار إليه بقوله :

من التحالف أو القرعة أو غير ذلك ، كالتنصيف في مثل الأموال.

ولو بني على حجيّتها من باب السببيّة والموضوعيّة ، فقد ذكرنا أنّه لا وجه للترجيح بمجرّد أقربيّة أحدهما إلى الواقع ، لعدم تفاوت الراجح والمرجوح في الدخول فيما دلّ على كون البيّنة سببا للحكم على طبقها ، وتمانعهما مستند إلى مجرّد سببيّة كلّ منهما ، كما هو المفروض.

بمعنى أنّ المفروض اجتماع كلّ من البيّنتين شرائط الحجيّة والسببيّة فتشملهما أدلّة الحجيّة ويجب العمل بكلّ منهما تعيينا مع الإمكان ، وبمجرّد ذلك يحكم العقل حكما قطعيّا بتمانعهما.

بمعنى أنّ حكم العقل بالتمانع ناشئ عن مجرّد وجوب العمل بكلّ منهما تعيينا مع الإمكان ، وليس بناشئ عنه بانضمام عدم المرجّح لأحدهما ، وحيث إنّه لا معنى للتخيير هنا ، لأنّ تخيير الحاكم لا دليل عليه ، إذ ليس التعارض في الشبهة الحكميّة ، أي : في طريق فصل الخصومة.

بأن يدلّ على أنّ طريق فصل الخصومة في المرافعة الكذائيّة هو الحلف ، ودلّ آخر

٢٠٦

ثمّ إنّه يظهر من السيّد الصدر الشارح للوافية الرجوع في المتعارضين من الأخبار إلى التخيير ، أو التوقف والاحتياط وحمل أخبار الترجيح على الاستحباب. حيث قال ، بعد إيراد إشكالات على العمل بظاهر الأخبار :

____________________________________

على أنّ طريقه البيّنة ، وإنّما التعارض في الشبهة الموضوعيّة ، أي : بين أمارتين كلتاهما طريق فصل الخصومة في الشبهة الموضوعيّة ، وتخيير المتخاصمين نقض للغرض من تشريع القضاء ، أعني : فصل الخصومة.

لأنّ كلّا منهما يختار العمل ببيّنته. وبالجملة حيث إنّه لا معنى للتخيير هنا فيتوقف ويرجع إلى التنصيف والقرعة وغيرهما ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادى.

فجعل أحدهما وهو الراجح مانعا دون الآخر لا يحتمله العقل ، حتى يجب الاحتياط بأخذ الراجح. هذا تمام الكلام في القول بوجوب الترجيح ، وقد أشار إلى القول باستحباب الترجيح بقوله :

ثمّ إنّه يظهر من السيّد الصدر الشارح للوافية الرجوع في المتعارضين من الأخبار إلى التخيير وإن كان أحدهما راجحا.

أو التوقف والاحتياط ، قد مرّ أنّ هذا أحد الاحتمالات في المتعارضين ومرّ وجهه ودفعه. وذكره السيّد الصدر رحمه‌الله في ضمن كلامه ، كما يأتي ، إلّا أنّ مختاره رحمه‌الله كما سيصرّح به هو التخيير ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

وحمل أخبار الترجيح على الاستحباب. حيث قال ، بعد إيراد إشكالات على العمل بظاهر الأخبار.

ذكر هذه الإشكالات الاستاذ الاعتمادي ، حيث قال ما هذا لفظه :

منها : إنّ السائل إن فرض تساوي الخبرين في غير السند فوجب أخذ الأوثق ، ثمّ فرض التساوي فيه أيضا ، فلا مجال لإرجاعه إلى سائر المرجّحات ، بل إلى التوقف والاحتياط أو التخيير ، وإلّا فلا وجه للأمر بأخذ الأوثق ، لإمكان رجحان خبر الثقة ، بل كونه معلوما من المذهب.

وفيه : إنّا نختار الشقّ الثاني ، والعلم بصحّة أحد المتعارضين خارج عن البحث.

ومنها : إنّ مخالفة العامّة لا يوجب الرجحان ، لإمكان صدور خبر مخالف لهم وللواقع

٢٠٧

«إنّ الجواب عن الكلّ ما أشرنا إليه ، من أنّ الأصل التوقف في الفتوى والتخيير في العمل إن لم يحصل من دليل آخر العلم بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع ، وأنّ الترجيح هو الأفضل والأولى».

ولا يخفى بعده عن مدلول أخبار الترجيح ، وكيف يحمل الأمر بالأخذ بمخالف العامّة وطرح ما وافقهم على الاستحباب ، خصوصا مع التعليل (بأنّ الرشد في خلافهم) (١) ، وأنّ

____________________________________

تقيّة من سلطان لا يبالي بالدين ، كالوليد المستخفّ بالقرآن والمتوكّل المصرّح بعداوة الزهراء عليها‌السلام. وفيه أنّه لو فرض أحدهما موافقا لميل الحكّام ومخالفا للعامّة ، والآخر موافقا لهم وللكتاب ، فكلّ منهما راجح من جهة ومرجوح من جهة ، فيخرج عن البحث.

ومنها : إنّ العرض على الكتاب إن اريد منه العرض على نصّه فلا ثمرة فيه ، للاستغناء ـ حينئذ ـ عن الدليل ، وإن اريد العرض على ظاهره فلا يوجب الرجحان ، لاحتمال إرادة خلاف الظاهر ؛ فيكون الخبر المخالف لظاهره موافقا للواقع. وفيه : أنّ المراد أعمّ من نصّه وظاهره ، وموافقة الظاهر توجب الرجحان بالوجدان.

ومنها : الاكتفاء في بعض الأخبار بذكر بعض المرجّحات. وفيه : أنّ مقصوده عليه‌السلام بيان ترجيح ذي المزيّة ، وذكره من باب المثال أو علم عليه‌السلام بفرض السائل التساوي من سائر الجهات.

ومنها : اختلاف ترتيب المرجّحات ، كتقديم الشهرة في البعض وتقديم السند في الآخر. ثمّ التفصيل موجود في الأوثق.

إنّ الجواب عن الكلّ ما أشرنا إليه ، من أنّ الأصل التوقف في الفتوى بأحدهما المعيّن والتخيير في العمل إن لم يحصل من دليل آخر ـ كموافقة المذهب ـ العلم بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع ، وأنّ الترجيح هو الأفضل والأولى.

والشاهد هو هذا الكلام من السيّد الصدر ، حيث يكون صريحا في استحباب الترجيح.

ويردّه المصنف قدس‌سره بقوله : ولا يخفى بعده ، أي : الاستحباب عن مدلول أخبار الترجيح ، وكيف يحمل الأمر بالأخذ بمخالف العامّة وطرح ما وافقهم على الاستحباب؟!.

__________________

(١) الكافي ١ : ٦٨ / ١٠. والفقيه ٣ : / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.

٢٠٨

قولهم في المسائل مبنيّ على مخالفة أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما يسمعونه منه ، وكذا الأمر بطرح (الشاذّ النادر) (١).

وبعدم الاعتناء والالتفات إلى حكم غير الأعدل والأفقه من الحكمين ، مع أنّ في سياق تلك المرجّحات موافقة الكتاب والسنّة ومخالفتهما ، ولا يمكن حمله على الاستحباب

____________________________________

، لأنّ المراد من طرح ما وافقهم هو وجوب الطرح من جهة احتمال التقيّة ، فيعامل معه معاملة المخالف للواقع الواجب طرحه.

وليس هذا الاحتمال في المخالف لهم فيعامل معه معاملة موافق الواقع ، فيجب أخذه كما يجب أخذه ما هو الموافق للواقع.

(خصوصا مع التعليل (بأنّ الرشد في خلافهم) ، وأنّ قولهم في المسائل مبنيّ على مخالفة أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما يسمعونه منه) ، فإنّه نصّ في أنّ طرح الموافق ليس من حيث إنّه موافق حتى يحتمل الاستحباب.

بل من حيث إنّه باطل وأنّ الحقّ في خلافه ، (وكذا الأمر بطرح (الشاذّ النادر)) يكون من جهة أنّ فيه ريبا والأمر بأخذ المشهور يكون من جهة أنّه لا ريب فيه.

ومن المعلوم أنّ طرح ما فيه ريب واجب ، لا أنّه مستحب.

وكذا الأمر (بعدم الاعتناء والالتفات إلى حكم غير الأعدل والأفقه من الحكمين).

حيث يكون معناه بطلان خبر غير الأعدل في مقابل خبر الأعدل ، بحيث لا يعتنى به أصلا ، لا أنّ خبر الأعدل بما هو هو يطلب أخذه حتى يحتمل الاستحباب.

(مع أنّ في سياق تلك المرجّحات) ، أعني : الأخبار العلاجيّة (موافقة الكتاب والسنّة ومخالفتهما ، ولا يمكن حمله على الاستحباب).

وذلك لتصريح الأخبار المذكورة بأنّ مخالف الكتاب والسنّة زخرف (٢) وباطل (٣) ، وأنّه ممّا لم أقله (٤) ، وأنّه ممّا يضرب على الجدار وغير ذلك.

__________________

(١) غوالي اللآلئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩.

(٢) الكافي ١ : ٦٩ / ٣. الوسائل ٢٧ : ١١١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١٤.

(٣) تفسير العياشي ١ : ٢٠ / ٧. الوسائل ٢٧ : ١٢٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٤٨.

(٤) الكافي ١ : ٦٩ / ٥. الوسائل ٢٧ : ١١١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١٥.

٢٠٩

فلو حمل غيره عليه لزم التفكيك ، فتأمّل.

وكيف كان ، فلا شكّ أنّ التفصّي عن الإشكالات الداعية له إلى ذلك أهون من هذا الحمل ، لما عرفت من عدم جواز الحمل على الاستحباب.

ثمّ لو سلّمنا دوران الأمر بين تقييد أخبار التخيير وبين حمل أخبار الترجيح على الاستحباب ، فلو لم يكن الأوّل أقوى وجب التوقف ، فيجب العمل بالترجيح ، لما عرفت : من أنّ حكم الشارع بأحد المتعارضين إذا كان مردّدا بين التخيير والتعيين وجب التزام ما احتمل تعيينه.

____________________________________

وكيف كان ، فلا يمكن حملها على الاستحباب ، (فلو حمل غيره) ، أي : سائر المرجّحات (عليه) ، أي : الاستحباب (لزم التفكيك) بين المرجّحات المتحدة من حيث السياق.

(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى أنّ التفكيك إنّما لا يصار إليه مع عدم الدليل ، فيجوز مع الدليل ، والدليل هنا قائم عليه وهو ما أشار إليه من وجوه الإشكال ، كما في الأوثق مع تصرّف.

أو إشارة إلى عدم لزوم التفكيك أصلا لو حمل الأمر على مطلق الطلب الشامل للوجوب والاستحباب ، غاية الأمر كلّ من الوجوب والاستحباب بالخصوص مستفاد من الخارج.

(وكيف كان ، فلا شكّ أنّ التفصّي عن الإشكالات الداعية له) ، أي : للسيّد الصدر (إلى ذلك أهون من هذا الحمل).

يعني : أنّ الداعي إلى حمل أخبار الترجيح على الاستحباب هو الإشكالات التي تخيّلها السيّد الصدر رحمه‌الله ، ولا شكّ أنّ دفع الإشكالات أسهل من هذا الحمل.

(لما عرفت من عدم جواز الحمل على الاستحباب. ثمّ لو سلّمنا) إمكان الحمل على الندب فيلزم (دوران الأمر بين) حمل أخبار الترجيح على الوجوب و (تقييد أخبار التخيير) بصورة انتفاء المرجّح (وبين) الأخذ بإطلاق أخبار التخيير و (حمل أخبار الترجيح على الاستحباب ، فلو لم يكن الأوّل أقوى وجب التوقف).

بمعنى أنّه يمكن أن يقال بأنّ الأوّل أقوى ، إذ التقييد في باب المطلقات أغلب من سائر التجوّزات ، وعلى فرض تساوي الاحتمالين يتوقف بينهما. (فيجب العمل بالترجيح) احتياطا. هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.

٢١٠

المقام الثاني

في ذكر الأخبار الواردة في أحكام المتعارضين

وهي أخبار :

الأوّل : ما رواه المشايخ الثلاثة بإسنادهم عن عمر بن حنظلة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا ، يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث ، فتحا كما إلى السلطان أو إلى

____________________________________

المقام الثاني

في ذكر الأخبار الواردة في أحكام المتعارضين ، وهي أخبار

(الأوّل : ما رواه المشايخ الثلاثة) وهم الكليني والصدوق والشيخ الطوسي قدس‌سرهم (بإسنادهم إلى عمر بن حنظلة) ، وليس في سند الرواية من يوجب القدح إلّا رجلان : داود بن حصين وعمر بن حنظلة ، والرواية قد وصفت تارة بالصحيحة واخرى بالموثّقة ، ولعلّ منشأ الأوّل ما يظهر من بعض بأنّ داود بن حصين عدل إمامي ، ومنشأ الثاني ما يظهر من بعض أنّه واقفي ثقة ، وأمّا عمرو بن حنظلة ، فقد نقل عن الشهيد الثاني قدس‌سره أنّه ممّن لم ينصّ الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل.

وكيف كان ، فيكفي في جواز التعويل على الرواية باشتهارها بين الأصحاب بالمقبولة ، مضافا إلى رواية المشايخ الثلاثة لها ، ولهذا لم يتأمّل الأصحاب في قبول الرواية ، فنذكر الرواية ونكتفي في توضيحها على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

(قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا ، يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث) ، إمّا بنحو الشبهة الموضوعيّة ، كما إذا ادّعى الدائن بقاء الدين وادّعى المديون أداءه ، أو ادّعى أحد الورّاث كون شيء من التركة فيقسّم بينهم ، وادّعى الآخر أنّه من أمواله الشخصيّة.

وأمّا بنحو الشبهة الحكميّة ، كما إذا استعار أحدهما من الآخر حليّا من ذهب غير

٢١١

القضاة ، أيحلّ ذلك؟.

قال عليه‌السلام : (من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطّاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذه سحتا وإن كان حقّه ثابتا ، لأنّه أخذ بحكم الطاغوت ، وإنّما أمر لله أن يكفر به ، قال الله تعالى : (أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(١).

قلت : فكيف يصنعان؟ قال : (ينظران إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكما.

____________________________________

مسكوك فتلف عنده ، فادّعى المعير أنّه ضامن مديون وادّعى المستعير عدمه والفرض تعارض الخبرين.

وكما إذا ادّعى الولد الأكبر أنّ كتب أبيه حبوة تعطى له مجانا وادّعى الآخر أنّه ليس حبوة فينقسم ، والفرض تعارض الخبرين ، والظاهر في مورد الرواية هو إرادة السائل المنازعة بنحو الشبهة الحكميّة ؛ لأنّ تعارض الخبرين يتصوّر في الأحكام.

(فتحاكما إلى السلطان) الجائر (أو إلى القضاة) من قبل الجائر ، (أ يحلّ ذلك؟ قال عليه‌السلام : (من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطّاغوت) ، أي : الشيطان ، (وما يحكم له) ، أي : المال الذي حكم لنفعه (فإنّما يأخذه سحتا) ، أي : حراما (وإن كان حقّه ثابتا ، لأنّه أخذ بحكم الطاغوت ، وإنّما أمر الله أن يكفر به) ، أي : بالطاغوت ، بأن يتبرّأ منه.

قال التنكابني : ويستثنى منه ما إذا توقف التوصّل إلى الحقّ على التحاكم إليهم أو إذا كان في مقام التقيّة وغير ذلك من الأعذار المجوّزة. انتهى مورد الحاجة. ثمّ يلحق بهم من ليس له أهليّة القضاء ، لعدم جامعيّته للشرائط ولو كان من الشيعة الاثني عشرية.

(قلت : فكيف يصنعان؟ قال : (ينظران إلى من كان منكم) ، أي : يتحاكمان إلى رجل كان من الإماميّة ، وكان (ممّن قد روى حديثنا) ، هذا بالنظر إلى أزمنة ظهور الإمام عليه‌السلام ظاهر ، فإنّ المرجع في الحلال والحرام في أزمنتهم كان من رواة الأحاديث لا محالة وإن كان له ملكة الاستنباط والقدرة على ردّ الفروع إلى الاصول. ولكنّ المجتهدين في أزمنة الغيبة ـ أيضا ـ لا ينفكّون عن نقل الرواية ، فهم ـ أيضا ـ من الرواة ، كما في التنكابني مع الاختصار.

__________________

(١) النساء : ٦٠.

٢١٢

فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنّما بحكم الله استخفّ وعلينا قد ردّ ، والرادّ علينا الرادّ على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله).

قلت : فإن كان كلّ رجل يختار رجلا من أصحابنا ، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما ، فاختلفا في ما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟.

قال : (الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما ، وأصدقهما في الحديث وأورعهما. ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر).

قلت : فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا ، لا يفضل واحد منهما على الآخر؟.

قال : (ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الامور ثلاثة ، أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ

____________________________________

(ونظر في حلالنا وحرامنا).

ويفهم من هذا أنّ المرجع في الحكومة والفتوى هو من يكون له ملكة الاستنباط ويكون مجتهدا قادرا على الاستنباط ، فلا يجوز للعامّي أن يكون مرجعا فيهما ، وهو إجماعي بين العلماء ، وإن مال بعض المتأخّرين إلى خلافه ، فجوّز قضاء المقلّد إذا كان عالما بطرق القضاء من جهة التقليد ، والتفصيل في الفقه.

وكذلك قوله : (وعرف أحكامنا) يدلّ على أنّه لا يكفي في القضاء والفتوى تحصيل القوّة في الاستنباط ، بل لا بدّ له مع ذلك من المعرفة الفعليّة لمعظم الأحكام ، وإن كان تحصيل القوّة في استنباط جميع الأحكام لا ينفكّ عن ذلك ، ثمّ إنّ الفقرتين تدلّان على لزوم تحصيل الملكة لاستنباط جميع الأحكام ، فلا يجوز قضاء المتجزّي ولا فتواه ولا تقليده في ذلك ، كما في شرح التنكابني.

(فإنّي قد جعلته عليكم حاكما).

يفهم من هذا أنّ الحكم حقّ الإمام عليه‌السلام ، فلا يجوز لأحد التصدّي له ، إلّا بإذنه وإجازته ونصبه ، وقد نصّب الحكّام بهذا الكلام الصادر من الإمام عليه‌السلام ، فلا يتصوّر بعده قاضي التحكيم ، كما في التنكابني (قال : (ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه) المجمع

٢١٣

حكمه إلى الله.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (حلال بيّن وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم).

قال : قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثّقات عنكم؟ قال : (ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف الكتاب والسنّة ووافق العامّة).

قلت : جعلت فداك! أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ، فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا ، بأيّ الخبرين يؤخذ؟ قال : (ما خالف العامّة ففيه الرشاد) ، فقلت : جعلت فداك! فإن وافقهم الخبران جميعا؟.

____________________________________

عليه خبر لكان ، ثمّ المراد به هو مشهور الرواية التي يعرفها جميع الأصحاب ، (فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الامور ثلاثة ، أمر بيّن رشده) ، كالمجمع عليه (فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه) ، كالخبر الذي علم عدم صدوره من المعصوم عليه‌السلام (فيجتنب ، وأمر مشكل) ، كالشاذّ (يردّ حكمه إلى الله. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (حلال بيّن وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات) ، والمراد بالشبهات هو الجنس فيدخل فيه خبر الواحد الشاذّ ، كما هو داخل في الأمر المشكل في كلام الإمام عليه‌السلام.

ثمّ يفرض الراوي التسوية بين الروايتين في الشهرة وصفات الراوي بقوله : (قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثّقات عنكم؟ قال : (ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف الكتاب والسنّة ووافق العامّة).

(قلت : جعلت فداك! أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ، فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا).

لعلّ المراد أنّ كلّا من الفقيهين يدّعي موافقة حكمه وخبره للكتاب والسنّة ، إلّا أنّهما ليسا كذلك.

بل يكون أحدهما (موافقا للعامّة والآخر مخالفا) لهم (بأيّ الخبرين يؤخذ؟).

(قال : (ما خالف العامّة ففيه الرشاد) ، فقلت : جعلت فداك! فإن وافقهم الخبران جميعا؟).

٢١٤

قال : (ينظر إلى ما هم أميل إليه حكّامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ بالآخر).

قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟ قال : (إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشّبهات خير من الاقتحام في الهلكات) (١).

وهذه الرواية الشريفة وإن لم تخل عن الإشكال بل الاشكالات ، من حيث ظهور صدرها في التحكيم لأجل فصل الخصومة وقطع المنازعة.

____________________________________

(قال : (ينظر إلى ما هم أميل إليه حكّامهم وقضاتهم ، فيترك ويؤخذ الآخر).

فلو فرضنا أنّ الخبرين موافقان للكتاب والسنّة والعامّة ، إلّا أنّ أحدهما موافق لميل السلطان الجائر والمنصوب من قبله والآخر مخالف له ؛ فيؤخذ المخالف لميلهم.

(قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟ قال : (إذا كان ذلك فأرجه)) ، أي : أخّر تعيين الحكم (حتى تلقى إمامك) ، والمقصود هو الأمر بالتأخير إلى لقاء الإمام عليه‌السلام. هذا تمام الكلام في نقل الرواية الاولى.

وقد أشار إلى ما يرد على هذه الرواية بقوله :

(وهذه الرواية الشريفة وإن لم تخل عن الإشكال بل الإشكالات).

يرجع ما ذكره المصنف قدس‌سره إلى وجوه ثلاثة ، ثمّ بيان إجمال الوجوه الثلاثة قبل تفصيلها في المتن هو أن يقال :

أوّلا : إنّ ظاهر الرواية هو التحكيم والحكومة لأجل فصل الخصومة ، وقطع المنازعة لا استعلام حكم المسألة ، فيردّ عليه ما ي تي من امور.

وثانيا : إنّ ظاهرها تقديم الترجيح بالصفات على الشهرة وهو خلاف السيرة.

وثالثا : إنّ ظاهرها كون المرجّح هو مجموع الأعدليّة وأخواتها ، وقد أطبقوا على كفاية كلّ واحد. هذا تمام الكلام في الوجوه الثلاثة إجمالا.

أمّا بيانها تفصيلا ، فقد أشار إلى الوجه الأوّل بقوله : (من حيث ظهور صدرها في التحكيم لأجل فصل الخصومة).

توضيح الإشكال يتوقف على مقدّمة وهي : إنّ رجوع المتخاصمين إلى رجلين

__________________

(١) الكافي ١ : ٦٧ / ١٠. الفقيه ٣ : ٥ / ١٨. الوسائل ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١.

٢١٥

فلا يناسبها التعدّد ولا غفلة الحكمين عن التعارض الواضح لمدرك حكمه ، ولا اجتهاد المترافعين وتحرّيهما في ترجيح مستند أحد الحكمين على الآخر ، ولا جواز الحكم من أحدهما بعد حكم الآخر.

____________________________________

مجتهدين :

تارة : يكون بعنوان استعلام حكم المسألة.

واخرى : بعنوان التحكيم ، بأن يقول في الفرض الأوّل ـ كلّ منهما لمرجعه ـ : افتني فأفتى أو حدثني فنقل كلّ منهما حديثا ، وهذا كان متعارفا في زمن الأئمة عليهم‌السلام ، ويؤيّده قوله : وكلاهما اختلفا في حديثكم.

وأن يقول في الفرض الثاني ـ كلّ منهما للقاضي الذي رضى بقضاوته أو للقاضي الشرعي المصطلح ـ : أحكم بيننا ، فقال : حكمت بهذا الحديث.

إذا عرفت هذه المقدّمة ، فنقول : إنّه لا مانع من تعدّد الحكمين في الفرض الأوّل ، فيرجع كلّ منهما إلى مفت ومحدّث ليعلم ويعمل ، فإن حصل الوفاق فهو وإن اتّفق تعارض الخبرين كما هو المفروض في الرواية فلا مانع من ملاحظة الراجح والمرجوح ثمّ العمل بالراجح ، وبديهي أنّه لا بعد في نقل المحدّثين حديثين متعارضين ، كما لا بعد في الإفتاء على طبق كلّ منهما ، وهذا بخلاف الفرض الثاني ، فيرد عليه امور :

منها : ما أشار إليه بقوله : فلا يناسبها التعدّد ، إذ لا يحصل به الغرض ، أعني : فصل الخصومة.

ومنها : ما أشار إليه بقوله : ولا غفلة الحكمين عن التعارض الواضح لمدرك حكمه.

يعني : أنّ المتعارضين الموجبين لاختلاف الحكمين لا يكونان إلّا متعارضين واضحين ، وبعيد عن مثل الحاكم عدم الاطلاع بالمعارض الواضح ، وفيه أنّه لا بعد في ذلك ، إذ لم تكن الأخبار يومئذ مجتمعة عند كلّ أحد ، مضافا إلى إعراض كلّ منهما عن مستند الآخر ، لأجل احتمال كون المعارض غير تامّ من حيث السند أو الدلالة.

ومنها : ما أشار إليه بقوله : ولا اجتهاد المترافعين وتحرّيهما في ترجيح مستند أحد الحكمين على الآخر ؛ لأنّ وظيفة المترافع متابعة حكم الحاكم وليس من شأنه الفحص عن مدرك حكم الحاكم والتحرّي في الترجيح عند التعارض ، فكيف حكم الإمام عليه‌السلام

٢١٦

مع بعد فرض وقوعهما دفعة ، مع أنّ الظاهر ـ حينئذ ـ تساقطهما ، والحاجة إلى حكم ثالث

____________________________________

برجوعهما إلى وجوه الترجيح؟ كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

ومنها : ما أشار إليه بقوله : ولا جواز الحكم من أحدهما بعد حكم الآخر.

فإنّ صحّة تعدّد الحاكم تستلزم نفوذ حكم الآخر بعد حكم الأوّل ، وليس كذلك ، لأنّه إذا حكم أحدهما بحكم ينفذ حكمه ويجب متابعته فيلغو الآخر ، ولا يبقى مجال لملاحظة الترجيح.

إن قلت : مفروض الرواية مقارنة حكمهما فتلاحظ المرجّحات.

قلت : مع بعد فرض وقوعهما دفعة ، مع أنّ الظاهر ـ حينئذ ـ تساقطهما ، والحاجة إلى حكم ثالث.

وملخّص الكلام على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، هو أنّه إن فرض التقدّم والتأخّر في حكمهما يلغو المتأخّر لا أنّه يلاحظ المرجّح ، وإن فرض التعارض يتساقطان لا أنّه المرجّح ، إذ مرّ مرارا أنّ مقتضى القاعدة في تعارض الطريقين ، ومنه فرض تعارض حكمي الحاكمين هو التوقف والرجوع إلى الثالث.

وتوهّم أنّه إذا كان منشأ تعارضهما تعارض الخبرين كما هو المفروض في الرواية يأتي قانون التراجيح. مدفوع بأنّ الظاهر عدم الفرق بين أن يكون منشأ تعارضهما تعارض الخبرين أو أمرا آخر ، بمعنى أنّ الفرق بعيد في النظر ، فالظاهر تساقطهما مطلقا ، هذا مضافا إلى أنّ الأمر في تعيين الحاكم إنّما هو بيد المدّعي فينفذ حكم من اختاره دون الآخر ، إلّا أن يفرض كون كلا المتنازعين مدّعيين ، مثل أن يدّعي الولد الأكبر أنّ الحبوة هي كتب الأب ، وادّعى الآخر أنّها سلاحه ، وحينئذ لا يرد سائر ما ذكر.

أمّا التعدّد ؛ فلأنّ المفروض رضى كلّ منهما بغير من رضى به الآخر ؛ وأمّا غفلة الحكمين فمرّ ما فيه ، وأمّا تحرّيهما في مستند الحكمين فلا مانع منه بعد عدم نفوذ حكم من رضى به أحدهما في حقّ الآخر ، لعدم قبوله له وبالعكس ، ومنه يظهر جواز حكم أحدهما بعد حكم الآخر.

وأمّا التساقط ، فهو يسلّم في صورة التساوي ، وأمّا مع وجود المرجّح في أحد الحاكمين أو في مستند أحدهما فيمكن أن يستفاد من نفس الخبر تقديم الراجح ، نظير باب تعارض

٢١٧

ظاهرة ، بل صريحة في وجوب الترجيح بهذه المرجّحات بين المتعارضين ، فإنّ تلك الإشكالات لا تدفع هذا الظهور ، بل الصراحة.

نعم ، ترد عليه بعض الإشكالات في ترتّب المرجّحات ، فإنّ ظاهر الرواية تقديم الترجيح من حيث صفات الراوي على الترجيح بالشهرة والشذوذ.

مع أنّ عمل العلماء قديما وحديثا على العكس على ما تدلّ عليه المرفوعة الآتية ، فإنّ العلماء لا ينظرون عند تعارض المشهور والشاذّ إلى صفات الراوي أصلا ، اللهمّ إلّا أن يمنع ذلك.

____________________________________

الخبرين ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

والمتحصّل من جميع ما ذكر أنّ هذه الرواية وإن لم تخل من الإشكال من الجهة المذكورة ؛ إلّا أنّها ظاهرة ، بل صريحة في وجوب الترجيح بهذه المرجّحات بين المتعارضين.

أمّا الظهور ، فلأنّ الطلب ـ سيما إذا كان بلفظ الأخبار ، كقوله : الحكم ما حكم به أعدلهما وقوله : فيؤخذ به وقوله : وينظر ـ ظاهر في الوجوب.

وأمّا الصراحة فبقرينة الحصر في قوله : الحكم ما حكم ... إلى آخره وبقرينة تعاضد الفقرات وبقرينة استقصائه عليه‌السلام في ذكر المرجّحات ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

فإنّ تلك الإشكالات لا تدفع هذا الظهور ، وذلك فإنّ وجوب الترجيح مستفاد من الفقرات الناطقة بالمرجّحات بين الخبرين ، والإشكالات متوجّهة إلى التحكيم المستفاد من صدر الرواية فلا ربط بينهما.

نظير حديثين في موضوعين أحدهما مجمل والآخر مبيّن ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي. هذا تمام الكلام في الإشكال من الوجه الأوّل.

وقد أشار إلى الوجه الثاني بقوله : نعم ، ترد عليه بعض الإشكالات في ترتّب المرجّحات ، فإنّ ظاهر الرواية تقديم الترجيح من حيث صفات الراوي على الترجيح بالشهرة والشذوذ. مع أنّ عمل العلماء قديما وحديثا على العكس على ما تدلّ عليه المرفوعة الآتية ، فإنّ العلماء لا ينظرون عند تعارض المشهور والشاذّ إلى صفات

٢١٨

فإنّ الراوي إذا فرض كونه أفقه وأصدق وأورع ، لم يبعد ترجيح روايته وإن انفرد بها على الرواية المشهورة بين الرواة ، لكشف اختياره إيّاها مع فهمه وورعه عن اطّلاعه على قدح في الرواية المشهورة ، مثل صدورها عن تقيّة أو تأويل لم يطّلع عليه غيره ، لكمال فقاهته وتنبّهه لدقائق الامور وجهات الصدور ، نعم مجرّد أصدقيّة الراوي وأورعيّته لا يوجب ذلك ، ما لم تنضمّ إليه الأفقهيّة.

____________________________________

الراوي.

وحاصل الكلام في هذا المقام أنّ العلماء يلاحظون الشهرة والشذوذ في الدرجة الاولى ، ثمّ يلاحظون الأعدليّة وغيرها ، بمعنى أنّه إذا تعارض خبران أحدهما مشهور وراويه عدل والآخر شاذّ وراويه أعدل ، يرجّحون المشهور على الشاذّ ولا يلاحظون أعدليّة راوي الشاذ.

نعم ، لو كان الخبران موافقين في الشهرة والشذوذ وكان راوي أحدهما أعدل يرجّحونه على الآخر.

اللهمّ إلّا أن يمنع ذلك ، أي : إطلاق القول بكون عمل العلماء على تقديم الخبر المشهور على الشاذّ في بعض الفروض ، وهو ما إذا كان ناقل الشاذّ والواسطة بينه وبين الإمام عليه‌السلام على تقدير وجودها أفضل من نقله المشهور الواسطة بينهم وبين الإمام عليه‌السلام على تقدير وجودها ، كما أشار إليه بقوله :

فإنّ الراوي والواسطة على تقدير وجودها إذا فرض كونه أفقه وأصدق وأورع ، أي : فرض كون الراوي في الشاذّ أفقه وأصدق وأورع من رواة المشهور.

لم يبعد ترجيح روايته وإن انفرد بها ، أي : بالرواية الشاذّة من يكون أفقه وأصدق وأورع ، ورجّحها.

على الرواية المشهورة بين الرواة ، لكشف اختياره إيّاها ، أي : الرواية الشاذّة.

مع فهمه وورعه عن اطّلاعه على قدح في الرواية المشهورة ، مثل صدورها عن تقيّة أو تأويل لم يطّلع عليه غيره ، لكمال فقاهته وتنبّهه لدقائق الامور وجهات الصدور ، نعم مجرّد أصدقيّة الراوي وأورعيّته لا يوجب ذلك ، أي : ترجيح الشاذّ على المشهور.

ما لم تنضمّ إليه الأفقهيّة. هذا ، ولكن الرواية مطلقة ، أي : ليست مختصّة بالفرض

٢١٩

هذا ، ولكنّ الرواية مطلقة ، فتشمل الخبر المشهور روايته بين الأصحاب حتى بين من هو أفقه من هذا المتفرّد برواية الشاذّ وإن كان هو أفقه من صاحبه المرضي بحكومته ، مع أنّ أفقهيّة الحاكم بإحدى الروايتين لا تستلزم أفقهيّة جميع رواتها ، فقد يكون من عداه مفضولا بالنسبة إلى رواة الاخرى.

إلّا أن ينزّل الرواية على غير هاتين الصورتين. وبالجملة : فهذا الإشكال أيضا لا يقدح

____________________________________

المذكور الذي يصحّ فيه تقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة ، بل مطلقة شاملة لفرضين آخرين لا يصحّ فيهما ذلك.

فالإشكال متوجّه إليها في الجملة ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، كما أشار إليه بقوله : فتشمل الخبر المشهور روايته بين الأصحاب حتى بين من هو أفقه من هذا المتفرّد برواية الشاذّ وإن كان هو أفقه من صاحبه المرضي بحكومته.

وحاصل الكلام على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي أنّه إذا كان ناقل المشهور مثلا عشرة من الأصحاب ، أحدهم هذا الذي رضى به أحد المتخاصمين وكان ناقل الشاذّ منحصرا في ذاك الذي رضى به المتخاصم الآخر ، وفرض كون هذا المرضيّ المنفرد بنقل الشاذّ منحصرا في ذاك الذي رضي به المتخاصم الآخر ، وفرض كون هذا المرضي المنفرد بنقل الشاذّ أفقه من المرضي الناقل للمشهور ، ولكن كان بين هؤلاء العشرة من هو أفقه من هذا المنفرد ؛ فإنّه ينبغي حينئذ تقديم الترجيح بالشهرة على الترجيح بالصفات ، والحال أنّ إطلاق الرواية يقتضي العكس.

مع أنّ أفقهيّة الحاكم بإحدى الروايتين لا تستلزم أفقهيّة جميع رواتها ، فقد يكون من عداه مفضولا بالنسبة إلى رواة الاخرى.

ففي المثال المذكور يمكن أن يكون هذا المرضي المنفرد بنقل الشاذّ من جميع العشرة الناقلين للمشهور ، إلّا أنّ هذا المنفرد ربّما لا ينقل عن الإمام عليه‌السلام بلا واسطة ، بل بواسطة أشخاص هم مفضلون بالنسبة إلى العشرة ، فإنّه ينبغي ـ حينئذ ـ تقديم الترجيح بالشهرة ، وإطلاق الرواية يقتضي العكس.

وبالجملة ، حكم الرواية يتمّ في فرض دون فرضين ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

إلّا أن ينزّل الرواية على غير هاتين الصورتين ، لإمكان حمل إطلاق الرواية على

٢٢٠