دروس في الرسائل - ج ١

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ١

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٧

الكتاب بالنسبة إلينا بالخصوص ، بقوله :

«فإن قلت : إن أخبار الثقلين تدل على كون ظاهر الكتاب حجّة لغير المشافهين بالخصوص».

فأجاب عنه : «بأن رواية الثقلين ظاهرة في ذلك ، لاحتمال كون المراد التمسّك بالكتاب بعد ورود تفسيره عن الأئمّة عليهم‌السلام ، كما يقوله الأخباريون ، وحجّية ظاهر رواية الثقلين بالنسبة إلينا مصادرة ، إذ لا فرق بين ظواهر الكتاب والسنّة في حقّ غير المشافهين بها».

وتوضيح النظر : إن العمدة في حجّية ظواهر الكتاب غير خبر الثقلين من الأخبار المتواترة الآمرة باستنباط الأحكام من ظواهر الكتاب ، وهذه الأخبار تفيد القطع بعدم إرادة الاستدلال بظواهر الكتاب بعد ورود تفسيرها عن الأئمّة عليهم‌السلام ، وليست ظاهرة في ذلك حتى يكون التمسّك بظاهرها لغير المشافهين بها مصادرة.

وأمّا خبر الثقلين ، فيمكن منع ظهوره إلا في وجوب إطاعتهما وحرمة مخالفتهما ، وليس

____________________________________

وممّا ذكرنا من كوننا نقطع بواسطة هذه النصوص المتواترة بحجّية ظواهر الكتاب مطلقا يعرف النظر فيما ذكره المحقّق القمي ، فلا بدّ أولا : من بيان ما ذكره المحقّق القمي ، وثانيا : من بيان وجه الإشكال فيه.

ذكر المحقّق القمي قدس‌سره بعد أن قال بعدم حجّية ظواهر الكتاب بالنسبة إلينا بالظن الخاص ما أورده على نفسه بقوله :

(فإن قلت : إن أخبار الثقلين تدل على كون ظاهر الكتاب حجّة لغير المشافهين بالخصوص ، فأجاب عنه : بأن رواية الثقلين) وإن كان سندها قطعيا الّا أنها ليست بنص دلالة ، بل ظاهر في حجّية ظواهر الكتاب ، ولا يمكن الاستدلال بظاهر الرواية على حجّية ظواهر الكتاب ، لأنّه مصادرة ، هذا تمام الكلام فيما ذكره المحقق القمي رحمه‌الله.

وأمّا وجه النظر والإشكال من المصنّف رحمه‌الله على ما ذكره المحقّق القمي من المصادرة ، فهو إنّا لا نتمسك بالظواهر حتى يلزم المصادرة ، بل نتمسك بالنصوص المتواترة ، فلا يلزم ما ذكره المحقق القمي من المصادرة ، فما ذكره المحقّق القمي جوابا عمّا أورد على نفسه غير صحيح وإنّما جواب المصنّف رحمه‌الله هو التام الصحيح.

بل يمكن أن يقال : إن خبر الثقلين ليس له ظهور(الّا في وجوب إطاعتهما وحرمة

٣٠١

في مقام اعتبار الظن الحاصل بهما في تشخيص الإطاعة والمعصية ، فافهم.

ثم إن لصاحب المعالم رحمه‌الله في هذا المقام كلاما يحتمل التفصيل المتقدم ، لا بأس بالاشارة إليه قال ـ في الدليل الرابع من أدلة حجّية خبر الواحد ، بعد ذكر انسداد باب العلم في غير الضروري من الأحكام ، لفقد الإجماع والسنّة المتواترة ، ووضوح كون أصل البراءة لا يفيد غير الظن ، وكون الكتاب ظنّيّ الدلالة ـ ما لفظه :

«لا يقال : إنّ الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب مقطوع لا مظنون ، وذلك بضميمة مقدمة خارجية ، وهي قبح خطاب الحكيم بما له ظاهر وهو يريد خلافه ، من غير دلالة تصرف عن

____________________________________

مخالفتهما ، وليس في مقام اعتبار الظن الحاصل بهما) أي : إن خبر الثقلين لا ربط له في المقام أصلا ، لأن محل الكلام هو اعتبار الظن الحاصل من الظواهر وخبر الثقلين راجع إلى وجوب إطاعة الكتاب والعترة.

فيكون قول صاحب القوانين : إن قلت : إن أخبار الثقلين تدل على حجّية الظواهر ، غير سديد أصلا ، لأن خبر الثقلين لا يرتبط بالمقام أصلا.

وقوله (فافهم) لعلّه اشارة إلى أن وجوب إطاعة الكتاب والعترة يلازم حجّية الظن الحاصل منهما ، فتكون رواية الثقلين دلالة على حجّية الظواهر ، فتكون مرتبطة بالمقام.

وبذلك يصحّ ما أورده على نفسه بقوله : (إن قلت) غاية الأمر الاستدلال بها مستلزم للمصادرة ، فيكون غير صحيح من هذه الجهة كما تقدم من صاحب القوانين.

هذا تمام الكلام في تفصيل صاحب القوانين رحمه‌الله ، وهنا تفاصيل أخر يذكرها المصنّف رحمه‌الله واحدا بعد واحد :

منها : ما يظهر من كلام صاحب المعالم رحمه‌الله ، وقد أشار إليه المصنّف رحمه‌الله بقوله : (ثم إنّ لصاحب المعالم رحمه‌الله في هذا المقام كلاما يحتمل التفصيل المتقدم) قال صاحب المعالم (ما لفظه : لا يقال : إن الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب مقطوع لا مظنون ، وذلك بضميمة مقدمة خارجية ، وهي قبح خطاب الحكيم بما له ظاهر وهو يريد خلافه).

يعني : إرادة خلاف ظاهر الكلام من متكلم حكيم من دون نصب قرينة على ذلك قبيحة لا تصدر من عاقل فضلا عن الحكيم ، فيحصل القطع على كون الظاهر مرادا لو لم يكن هناك قرينة صارفة عن الظاهر.

٣٠٢

ذلك الظاهر ، سلّمنا ، ولكن ذلك ظن مخصوص ، فهو من قبيل الشهادة لا يعدل عنه إلى غيره إلّا بدليل.

لأنّا نقول : أحكام الكتاب كلّها من قبيل خطاب المشافهة ، وقد مرّ أنه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب ، وأن ثبوت حكمه في حقّ من تأخّر إنّما هو بالإجماع وقضاء الضرورة باشتراك التكليف بين الكل. وحينئذ فمن الجائز أن يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلهم على إرادة خلافها ، وقد وقع ذلك في مواضع علمناها بالإجماع ونحوه ، فيحتمل الاعتماد في تعريفنا لسائرها على الأمارات المفيدة للظنّ القوي ، وخبر الواحد من جملتها.

ومع قيام هذا الاحتمال ينفى القطع بالحكم. ويستوي ـ حينئذ ـ الظن المستفاد من

____________________________________

إلى أن قال : سلّمنا عدم كون الظاهر مقطوعا ، لاحتمال غفلة من ينظر إلى الكتاب عن القرينة أو اختفائها عليه (ولكن ذلك ظن مخصوص ، فهو من قبيل الشهادة) في الموضوعات ، فلا يعدل عن هذا الظن إلى غيره الّا بدليل.

ثم أجاب بقوله : (لأنّا نقول : أحكام الكتاب كلّها من قبيل خطاب المشافهة ، وقد مرّ أنه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب) بمعنى : إن خطابات الكتاب مختصّة بالموجودين في زمن الخطاب ، فلا تشمل من تأخّر عنهم فلا يجوز لهم إجراء أصالة الحقيقة وعدم القرينة ، لأنّهم غير مقصودين بالخطابات المزبورة.

فالمقصود بالإفهام بهذه الخطابات هم الموجودون في زمن الخطاب دون المعدومين ، فيكون المستفاد من هذا الكلام هو التفصيل المتقدم ، انتهى محل الشاهد من كلامه.

(فمن الجائز أن يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلهم) أي : قرينة تدل المشافهين على إرادة خلاف الظواهر ، ولكنها اختفت علينا(وقد وقع ذلك) أي : إرادة خلاف الظاهر(في مواضع) من الكتاب.

وقد علمنا هذه المواضع بالإجماع (فيحتمل الاعتماد في تعريفنا لسائرها على الأمارات المفيدة للظنّ القوي ، وخبر الواحد من جملتها) أي : الأمارات ، فنعمل بالخبر من باب انسداد باب العلم.

(ومع قيام هذا الاحتمال) أي : إرادة خلاف الظاهر من الكتاب واختفاء القرينة علينا

٣٠٣

ظاهر الكتاب والحاصل من غيره بالنظر إلى إناطة التكليف به ، لابتناء الفرق بينهما على كون الخطاب متوجّها إلينا ، وقد تبيّن خلافه ، ولظهور اختصاص الإجماع والضرورة الدالّين على المشاركة في التكليف المستفاد من ظاهر الكتاب ، بغير صورة وجود الخبر الجامع للشرائط الآتية المفيدة للظن» انتهى كلامه.

ولا يخفى أن في كلامه قدس‌سره ، على إجماله واشتباه المراد منه كما يظهر من المحشّين ، مواقع

____________________________________

(ينفى القطع بالحكم) يعني : لا يحصل من الكتاب القطع بالحكم لأنّه لم يكن دليلا قطعيا لنا.

ثم الظن الحاصل منه لم يكن ظنا خاصّا لاختصاص حجّية ظواهره بالمشافهين ، بل يكون ظنا مطلقا كسائر الظنون ، كما أشار إليه بقوله : (ويستوي حينئذ) يعني : يستوي الظن الكتابي مع غيره في كونهما حجّتين من باب الانسداد ، ولا يحصل الفرق بينهما الّا لوجهين منفيين في المقام.

أحدهما : (لابتناء الفرق بينهما على كون الخطاب متوجّها إلينا) فيكون الظن الحاصل من الكتاب حجّة لنا من باب الظن الخاص ، لكوننا مقصودين بالإفهام ، بخلاف سائر الظنون حيث تكون حجّة من باب الانسداد ، ولكن هذا الفرق يكون منتفيا كما تقدم.

وثانيهما : الوجه الثاني من الفرق بين الظن الحاصل من الكتاب والحاصل من غيره هو شمول الإجماع والضرورة الدالين على مشاركتنا للمشافهين في التكليف ، لصورة وجود الخبر الجامع للشرائط على خلافه ، فيكون الكتاب حجّة لنا من باب الظن الخاص ، لقاعدة الاشتراك في التكليف.

ولكن هذا الفرق يكون منتفيا في المقام كالفرق السابق ، وذلك لظهور اختصاص الإجماع والضرورة بغير صورة وجود الخبر المعتبر على خلافه.

فالحكم بالاشتراك في التكليف مع المشافهين مشروط بعدم كون الكتاب معارضا ومخالفا للخبر المعتبر ، فإذا انتفى الشرط ينتفي المشروط ، فبعد انتفاء هذين الوجهين يثبت تسوية الظن الحاصل من الكتاب ، والحاصل من غيره في كونهما حجّتين من باب الانسداد.

(ولا يخفى أن في كلامه قدس‌سره على إجماله واشتباه المراد منه كما يظهر من المحشّين ، مواقع

٣٠٤

للنظر والتأمّل.

____________________________________

للنظر والتأمّل).

فلا بدّ من بيان توضيح الإجمال واشتباه المراد منه قبل بيان النظر والتأمّل في كلام صاحب المعالم رحمه‌الله.

أمّا الإجمال ، واشتباه المراد منه ، فهو أنه لا يعلم بأنه فرّق بين المشافه أي : المخاطب وغيره ، فتكون الظواهر حجّة للأول دون الثاني ، أو أنه فرّق بين منن قصد إفهامه وغيره ، فتكون الظواهر حجّة من باب الظن الخاص لمن قصد إفهامه دون غيره ، أو أنّه فرّق بين الموجودين في زمن الخطاب والمعدومين ، حتى تكون الظواهر حجّة للموجودين دون المعدومين ، فمع هذه الاحتمالات لا يعلم المراد من كلام صاحب المعالم رحمه‌الله ، هذا هو بيان الإجمال.

وأمّا بيان مواقع النظر :

فمنها : قوله : لا يقال إن الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب مقطوع لا مظنون ، فإن الإشكال فيه هو أن الحكم المستفاد من الظاهر مظنون لا مقطوع ، فإن الظاهر عبارة عن الطرف الراجح الذي هو مفاد الظن.

ولا يفيد الظاهر القطع ولو بضميمة مقدمة مذكورة في كلامه ، إذ بها يرتفع احتمال إرادة خلاف الظاهر من كلام المتكلّم الحكيم ، ولكن احتمال غفلة المخاطب أو عدم فهمه ايّاها منه باق على حاله ، فلا يكون الحكم مقطوعا مع الاحتمال المذكور.

ومنها : إن المستفاد من كلامه حيث قال : أحكام الكتاب كلّها من قبيل خطاب المشافهة ، هو كون الكتاب كلّه خطابا شفاهيا مع أنه حكم في مباحث الألفاظ بكون مثل : يا أيها الناس ، ونظائرها ، خطابا شفاهيا فقط.

ومنها : قوله : فيحتمل الاعتماد في تعريفنا لسائرها على الأمارات ، والإشكال والنظر فيه أنّه إذا لم نكن مقصودين بالخطاب فلا وجه لوجوب تعريفنا على إرادة خلاف الظواهر أصلا.

ومنها : ما ـ مبتدأ ـ يظهر من كلامه حيث قال : لظهور اختصاص الإجماع والضرورة الدالّين على المشاركة في التكليف المستفاد من ظاهر الكتاب بغير صورة وجود الخبر

٣٠٥

ثم إنّك قد عرفت أن مناط الحجيّة والاعتبار في دلالة الألفاظ هو الظهور العرفي ، وهو كون الكلام بحيث يحمل عرفا على ذلك المعنى ولو بواسطة القرائن المقامية المكتنفة بالكلام. فلا فرق بين إفادته الظن بالمراد وعدمها ، ولا بين وجود الظن غير المعتبر على خلافه وعدمه ، لأن ما ذكرنا من الحجّة على العمل بها جار في جميع الصور المذكورة.

____________________________________

الجامع للشرائط الآتية المفيدة للظن من منع جواز العمل بظواهر الكتاب في مورد قيام الخبر على خلافها فاسد ـ خبر ـ لأن خبر الواحد عنده لم يكن حجّة الّا بالانسداد ، فكيف يكون حجّة في مقابل الكتاب ومقدما عليه؟ بل الصحيح هو العمل بظاهر الكتاب بمقتضى أصالة الحقيقة ما لم تقم قرينة معتبرة على الخلاف.

(ثم إنّك قد عرفت) في توجيه كلام المحقّق القمي (أن مناط الحجّية والاعتبار في دلالة الألفاظ هو الظهور العرفي).

اختلف الاصوليون في مناط حجّية الظواهر ، بعد كونها حجّة من باب الظن الخاص دون المطلق.

فذهب بعضهم إلى أن المناط في الحجّية هو الظن الشخصي وبعضهم إلى أن المناط في حجّيتها هو التعبّد العقلائي.

وذهب جماعة ـ ومنهم المصنّف رحمه‌الله ـ إلى أن المناط هو الظن النوعي لا الظن الشخصي ، ولا مجرد التعبّد العقلائي ، والظن النوعي هو كون الكلام بحيث يفيد لنوع الإنسان الظن بالمراد(ولو بواسطة القرائن) إذ الظهور قد يكون بسبب الوضع كظهور لفظ : أسد ، في الحيوان المفترس ، وقد يكون بالقرينة كظهور لفظ : الاسد الرامي ، في الرجل الشجاع.

فإذا كان المناط في حجّية الظواهر هو الظن النوعي فلا فرق في حجّية الظواهر بين إفادتها الظن بالمراد فعلا (وعدمها) أي : عدم إفادة الظن فعلا فيما إذا كان السامع قد خرج عن المتعارف بالوسواس ، ولا فرق ـ أيضا ـ بين وجود الظن غير المعتبر على الخلاف كالشهرة مثلا ، وعدم الظن غير المعتبر على الخلاف ، لأن ما دلّ على حجّية الظواهر من الإجماع وسيرة أهل اللسان يشمل جميع هذه الصور ، فإنّهم يعملون بها سواء حصل الظن فعلا لهم أم لا ، وسواء قام على خلافها ظن غير معتبر ، أم لا.

ولعلّ المراد من الظن غير المعتبر هو المشكوك الاعتبار ، كالظن الحاصل من الشهرة ، لا

٣٠٦

وما ربّما يظهر من العلماء ـ من التوقّف في العمل بالخبر الصحيح المخالف لفتوى المشهور أو طرحه مع اعترافهم بعدم حجّية الشهرة ـ فليس من جهة مزاحمة الشهرة لدلالة الخبر الصحيح من عموم أو إطلاق ، بل من جهة مزاحمتها للخبر من حيث الصدور ، بناء على أن ما دلّ من الدليل على حجّية خبر الواحد من حيث السند لا يشمل المخالف للمشهور ، ولذا لا يتأمّلون في العمل بظواهر الكتاب والسنّة المتواترة الصدور إذا عارضتها الشهرة ، فالتأمّل في الخبر المخالف للمشهور إنّما هو إذا خالفت الشهرة نفس الخبر ، لا عمومه أو إطلاقه ، فلا يتأمّلون في عمومه إذا كانت الشهرة على التخصيص.

____________________________________

ما قام الدليل على عدم اعتباره كالظن الحاصل من القياس ، لأنّه يكون بمنزلة العدم.

قوله : (وما ربّما يظهر من العلماء ـ من التوقّف في العمل بالخبر الصحيح المخالف لفتوى المشهور) هذا دفع للإشكال ، ومنشؤه ما تقدم في كلام المصنّف من أن حجّية الظواهر لم تكن مشروطة بعدم الظن بالخلاف ، فيرد عليه أن العلماء لم يعملوا بالظواهر فيما إذا كانت الشهرة على خلافها ، بل إمّا يتوقّفون ويعملون بالاحتياط ، وإمّا يطرحون الظواهر ، ويرجعون إلى الاصول ، والقواعد الأخر.

فمن هنا نستكشف أن حجّية الظواهر عندهم مشروطة بعدم الظن على خلافها فكيف تقول : إنها غير مشروطة!.

وحاصل الدفع لهذا الإشكال يتضح بعد مقدمة قصيرة ، وهي : أن للخبر جهتين ، أي : جهة الصدور ، وجهة الدلالة ، ولا بدّ من اعتباره من كلتا الجهتين بالدليل.

إذا عرفت هذه المقدمة ، فنقول : إن المشروط بعدم الظن على الخلاف هو اعتبار الخبر من جهة الصدور ، فإذا قامت الشهرة على الخلاف انتفت حجّيته من جهة الصدور ، فيكون كأن لم يصدر فلا تصل النوبة إلى جهة الدلالة ، والظهور ، ولهذا يتوقّف العلماء أو يطرحوه.

نعم ، لو ثبت اعتباره صدورا بدليل قطعي ، ثم قامت الشهرة على خلاف ظهوره لكان حجّة ، ولا تضر الشهرة بحجّية الخبر من حيث الدلالة والظهور.

ومن هنا يعلم أن حجّية الظواهر لا تكون مشروطة بعدم الظن على خلافها.

نعم ، لا يبعد ذهاب بعض الاصوليين إلى تفاصيل أخر :

٣٠٧

نعم ، ربّما يجري على لسان بعض متأخري المتأخرين من المعاصرين عدم الدليل على حجّية الظواهر إذا لم تفد الظنّ أو إذا حصل الظن غير المعتبر على خلافها.

لكن الانصاف أنه مخالف لطريقة أرباب اللسان والعلماء في كل زمان ، ولذا عدّ بعض الأخباريين ، كالاصوليين ، استصحاب حكم العام والمطلق حتى يثبت المخصّص والمقيّد من الاستصحابات المجمع عليها. وهذا وإن لم يرجع إلى الاستصحاب المصطلح إلّا بالتوجيه ، إلّا أن الغرض من الاستشهاد به بيان كون هذه القاعدة إجماعية.

____________________________________

منها : الفرق بين ما إذا حصل الظن الفعلي بالمراد وبين غيره ، فيكون الظاهر حجّة على الأول دون الثاني ، كما أشار إليه المصنّف رحمه‌الله بقوله :

(نعم ، ربّما يجري على لسان بعض متأخري المتأخرين من المعاصرين عدم الدليل على حجّية الظواهر إذا لم تفد الظن).

ومنها : الفرق بين ما إذا حصل الظن غير المعتبر على خلاف الظواهر فلا تكون حجّة ، وبين ما إذا لم يحصل الظن على خلافها ، فتكون حجّة كما أشار إليه بقوله : (أو إذا حصل الظن غير المعتبر على خلافها).

يقول المصنّف رحمه‌الله ردّا للتفصيلين المذكورين : (لكن الانصاف أنّه مخالف لطريقة أرباب اللسان والعلماء في كل زمان) أي : أن ما جرى على لسان بعض المتأخرين ، وهو صاحب الإشارات مخالف لطريقة أهل اللسان.

فإنّا نرى بالوجدان أنّهم يعملون بالظواهر مطلقا (ولذا عدّ بعض الأخباريين) كالمحدّث الاسترآبادي (استصحاب حكم العام والمطلق) أي : العموم ، والإطلاق (من الاستصحابات المجمع عليها) كاستصحاب عدم النسخ (وإن لم يرجع إلى الاستصحاب المصطلح الّا بالتوجيه) لأن الاستصحاب المصطلح مبني على أمرين :

١ ـ اليقين بالتحقّق ٢ ـ الشك في البقاء ، ثم يحكم بإبقاء ما هو المتيقّن في زمان الشك بالبقاء ، والظهور يكون متيقنا دائما ما لم تقم قرينة على خلافه فيصبح عدمه متيقنا ، فيكون أمره بين الوجود يقينا والعدم كذلك ، فلا يجري الاستصحاب الّا بالتأويل بإرجاع الاستصحاب المذكور إلى استصحاب عدم المخصّص مثلا.

والغرض من الاستشهاد بهذا القول هو بيان كون هذه القاعدة ـ يعني : حجّية الظواهر

٣٠٨

وربّما فصّل بعض من المعاصرين تفصيلا يرجع حاصله إلى : «إن الكلام إن كان مقرونا بحال أو مقال يصلح أن يكون صارفا عن المعنى الحقيقي فلا يتمسك فيه بأصالة الحقيقة ، وإن كان الشك في أصل وجود الصارف أو كان هنا أمر منفصل يصلح لكونه صارفا ، فيعمل على أصالة الحقيقة».

وهذا تفصيل حسن متين ، لكنه تفصيل في العمل بأصالة الحقيقة عند الشك في الصارف ، لا في حجّية الظهور اللفظي ، ومرجعه إلى تعيين الظهور العرفي وتمييزه عن موارد الإجمال ، فإنّ اللفظ في القسم الأول يخرج عن الظهور إلى الإجمال بشهادة العرف.

ولذا توقّف جماعة في المجاز المشهور والعام المتعقب بضمير يرجع إلى بعض أفراده ،

____________________________________

مطلقا ـ اجماعية ، وإن قام على خلافها ظن.

ومنها : هو تفصيل الشيخ محمد تقي صاحب «هداية المسترشدين» على المعالم وقد أشار إليه المصنّف رحمه‌الله بقوله :

(وربّما فصّل بعض (من) المعاصرين تفصيلا يرجع حاصله إلى : «إن الكلام إن كان مقرونا بحال) كالمجاز المشهور(أو مقال يصلح أن يكون صارفا عن المعنى الحقيقي) كالعام المتعقب بضمير يرجع إلى بعض أفراده (فلا يتمسك فيه بأصالة الحقيقة ، وإن كان الشك في أصل وجود الصارف) كما لو قال المولى : أكرم العلماء ، وشك العبد في وجود المخصّص (أو كان هنا أمر منفصل يصلح لكونه صارفا ، فيعمل على أصالة الحقيقة).

وخلاصة هذا التفصيل أنه ان كان الشك في قرينيّة الموجود المتصل سواء كان حالا أو مقالا لا تجري أصالة الحقيقة فلا يتمسك بها ، وإن كان الشك في أصل وجود القرينة ، أو كان هناك أمر منفصل مجمل يصلح لكونه صارفا ، كقول المولى : أكرم العلماء ، ثم قال ثانيا : لا تكرم زيدا ، واشتبه أمر زيد بين زيد العالم والجاهل.

فعلى الأول يكون مخصّصا ، وعلى الثاني لا يكون كذلك ، بل خروجه موضوعي فيعمل على أصالة الحقيقة في الصورتين الأخيرتين.

(وهذا تفصيل حسن متين).

وهذا التفصيل في نفسه تفصيل حسن لكنه خارج عن محل البحث ، لأنّه يرجع إلى تعيين الظهور وتمييزه عن موارد الإجمال.

٣٠٩

والجمل المتعدّدة المتعقبة للاستثناء ، والأمر والنهي الواردين في مظان الحظر أو الإيجاب ، إلى غير ذلك ممّا احتفّ اللفظ بحال أو مقال يصلح لكونه صارفا ، ولم يتوقّف أحد في عام بمجرد احتمال دليل منفصل يحتمل كونه مخصّصا له ، بل ربّما يعكسون الأمر فيحكمون بنفي ذلك الاحتمال وارتفاع الإجمال لأجل ظهور العام.

ولذا لو قال المولى : أكرم العلماء ثم ورد قول آخر من المولى أنّه : لا تكرم زيدا ، واشترك زيد بين عالم وجاهل ، فلا ترفع اليد عن العموم بمجرد الاحتمال ، بل يرفعون الإجمال بواسطة العموم فيحكمون بإرادة زيد الجاهل من النهي.

وبإزاء التفصيل المذكور تفصيل آخر ضعيف ، وهو : «إن احتمال إرادة خلاف مقتضى اللفظ إن حصل من أمارة غير معتبرة فلا يصح رفع اليد عن الحقيقة ، وإن حصل من دليل معتبر فلا يعمل بأصالة الحقيقة» ومثّل له بما إذا ورد في السنّة المتواترة عام ، وورد فيها ـ

____________________________________

وبعبارة اخرى : إنه تفصيل في العمل بأصالة الحقيقة ، فيما إذا كان الشك في وجود الصارف ، أو قرينيّة موجود منفصل مجمل ، وعدم العمل بها فيما إذا كان الشك في قرينيّة الموجود المتصل بالكلام ، بل اللفظ يخرج عن الظهور إلى الإجمال بشهادة العرف والوجدان فيما إذا كان الكلام مقرونا بما يصلح كونه صارفا عن المعنى الحقيقي.

وهذا بخلاف ما إذا كان الشك في أصل وجود القرينة ، أو قرينيّة موجود منفصل عن الكلام ، فينعقد للكلام ظهور فيعمل به.

(والأمر والنهي الواردين في مظان الحظر أو الإيجاب) أي : ورود الأمر في مورد ظن المكلّف بالحرمة ، وورود النهي في مورد ظنّه بالوجوب.

ومنها : تفصيل آخر ضعيف ، يقول المصنّف رحمه‌الله : إن بإزاء التفصيل المذكور ـ وهو التفصيل المتين ـ تفصيلا آخر ضعيفا ، وهذا التفصيل هو أن منشأ إرادة خلاف الظاهر ، وهو ما يصلح أن يكون صارفا عن إرادة الظاهر ، إن كان أمارة غير معتبرة فلا يصحّ رفع اليد عن أصالة الحقيقة ، كالمثال المتقدم : أكرم العلماء.

ثم ورد بسند ضعيف : لا تكرم زيدا ، المردّد بين العالم والجاهل ، فتجري أصالة الحقيقة والعموم ولا يعتنى بإرادة خلاف الظاهر ، وإن كان منشأ احتمال إرادة خلاف الظاهر دليلا معتبرا ، ككون لا تكرم زيدا متواترا(فلا يعمل بأصالة الحقيقة).

٣١٠

أيضا ـ خطاب مجمل يوجب الإجمال في ذلك العام ولا يوجب الظن بالواقع.

قال : «فلا دليل على لزوم العمل بالأصل تعبّدا ـ ثم قال : ـ ولا يمكن دعوى الإجماع على لزوم العمل بأصالة الحقيقة تعبّدا ، فإنّ أكثر المحقّقين توقّفوا في ما إذا تعارضت الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح» انتهى.

ووجه ضعفه يظهر ممّا ذكر ، فإنّ التوقّف في ظاهر خطاب. لأجل إجمال خطاب آخر محتمل ؛ لكونه معارضا ممّا لم يعهد من أحد من العلماء ، بل لا يبعد ما تقدم من حمل المجمل في أحد الخطابين على المبين في الخطاب الآخر ، وأمّا قياس ذلك على مسألة تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح ، فعلم فساده ممّا ذكرنا في التفصيل المتقدم ، من أن الكلام المكتنف بما يصلح أن يكون صارفا قد اعتمد عليه المتكلّم في إرادة خلاف الحقيقة لا يعدّ من الظواهر ، بل من المجملات ، وكذلك المتعقب بلفظ يصلح للصارفيّة كالعام المتعقب بالضمير ، وشبهه ممّا تقدم.

____________________________________

وذلك لأن الإجمال في الخاص يسرّى إلى العام ، فلا يحصل منه الظن بالواقع ، ولا دليل على وجوب العمل بالأصل ، أي : أصالة الحقيقة تعبّدا من دون ظن.

ثم قال : (ولا يمكن دعوى الإجماع على لزوم العمل بأصالة الحقيقة تعبّدا ، فإن أكثر المحقّقين توقّفوا في ما إذا تعارضت الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح).

يعني : توقّفوا في مورد تعارض الحقيقة بالمجاز المشهور ، ولم يعملوا بأصالة الحقيقة تعبّدا وإن لم تفد الظن.

(ووجه ضعفه يظهر ممّا ذكر) في التفصيل المتقدم المتين ، حيث تقدم فيه أنّه لا يعتنى باحتمال وجود صارف عن الظاهر ، أو باحتمال كون أمر منفصل مجمل صارفا عنه بعد انعقاد الظهور ، فيتمسك بأصالة الحقيقة من دون توقّف.

(فإنّ التوقّف في ظاهر خطاب) كأكرم العلماء(لأجل إجمال خطاب آخر) كلا تكرم زيدا(ممّا لم يعهد من أحد من العلماء) فإنّهم يتمسكون بعموم العام ويرفعون اليد عن المخصّص المجمل بحمله على معنى لا ينافي العام ، كحمل زيد في المثال المتقدم على زيد الجاهل ، فيكون العام بيانا للمراد من المجمل.

وقياس المقام على تعارض الحقيقة المرجوحة ، والمجاز الراجح فاسد جدا وذلك

٣١١

وأمّا القسم الثاني : وهو الظنّ الذي يعمل لتشخيص الظواهر.

كتشخيص أن اللفظ المفرد الفلاني ، كلفظ الصعيد أو صيغة (افعل) ، أو أن المركب الفلاني كالجملة الشرطية ، ظاهر بحكم الوضع في المعنى الفلاني ، وأنّ الأمر الواقع عقيب الحظر ظاهر ـ بقرينة وقوعه في مقام رفع الحظر ـ في مجرد رفع الحظر دون الإلزام ، والظن الحاصل هنا يرجع إلى الظن بالوضع اللغوي أو الانفهام العرفي ، والأوفق بالقواعد عدم حجّية الظنّ هنا لأن الثابت المتيقّن هو حجّية الظواهر.

____________________________________

لعدم تحقق الظهور للكلام في مورد التعارض ، فلا مجال لأصالة الحقيقة أصلا ، وهذا بخلاف المقام حيث يكون للكلام ظهور ، فتجري أصالة الحقيقة عند احتمال خلاف الظاهر. انتهى الكلام عن القسم الأول ، وهو ما يعمل لتشخيص مراد المتكلم.

(القسم الثاني) وبعده يقع الكلام في القسم الثاني وهو ما يعمل لتشخيص أوضاع الألفاظ وظواهرها ، وقبل الدخول في البحث لا بدّ من تحرير محل النزاع.

ومحل النزاع في القسم الثاني هو في إحراز الظهور وهو قد يكون مستندا إلى الوضع الشخصي المتحقّق في الحقائق ، وقد يكون مستندا إلى الوضع النوعي المتحقّق في المجازات بأقسامها ، ولعل المراد من كلام المصنّف رحمه‌الله : (أو الانفهام العرفي) هو الوضع النوعي لأن العرف يفهم المعنى ولو بمعونة القرينة العامة أو الخاصة ، وقد يكون مستندا إلى كثرة الاستعمال ، كاستعمال المطلق في الفرد كثيرا ، ثم الظهور إن كان متحقّقا بأحد هذه الأسباب المفيدة للعلم واليقين ، فلا كلام فيه ولا نزاع ، وكذلك لو كان متحقّقا بما يكون اعتباره قطعيا ، بل محل النزاع هو الظن بالأوضاع ، فيقع الكلام في اعتبار هذا الظن بمعنى أنه هل قام دليل على اعتباره مع قطع النظر عن حجّية الظن المطلق في الأحكام أم لا؟ وممّا قيل بحجّيته في مقام تشخيص الظهور وتعيينه ، وبعبارة اخرى : في اثبات الوضع به هو قول اللغوي.

قال المصنّف رحمه‌الله : (والأوفق بالقواعد عدم حجّية الظن).

ثم المراد بالقواعد هو أصالة عدم حجّية الظن ، لما تقدم من المصنّف قدس‌سره من أن الأصل حرمة العمل بالظن الّا ما أخرجه الدليل ولا دليل على اخراج هذا الظن (لأن الثابت المتيقّن هو حجّية الظواهر) بعد إحرازها.

٣١٢

وأمّا حجّية الظنّ في أن هذا ظاهر ، فلا دليل عليه ، عدا وجوه ذكروها في إثبات جزئي من هذه المسألة ، وهي حجّية قول اللغويين في الأوضاع.

فإنّ المشهور كونه من الظنون الخاصة التي ثبتت حجّيتها مع قطع النظر عن انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية ، وإن كانت الحكمة في اعتبارها انسداد باب العلم في غالب مواردها ، فإنّ الظاهر أن حكمة اعتبار أكثر الظنون الخاصة ، كأصالة الحقيقة المتقدم ذكرها وغيرها ، انسداد باب العلم في غالب مواردها من العرفيات والشرعيات.

____________________________________

(وأمّا حجّية الظن في أن هذا ظاهر ، فلا دليل عليه ، عدا وجوه ذكروها في إثبات جزئي من هذه المسألة ، وهي حجّية قول اللغويين في الأوضاع).

ثم محل النزاع في قول اللغوي مع قطع النظر عمّا يعتبر في الشهادة من التعدّد والعدالة ، والّا فلا نزاع فيه أصلا ، فيقع الكلام في أنّه هل يصح الرجوع إلى قول اللغوي في تعيين الظاهر أم لا؟

(فإنّ المشهور كونه من الظنون الخاصة التي ثبتت حجّيتها مع قطع النظر) وضمير كونه يمكن أن يكون راجعا إلى الظن الحاصل من قول اللغويين فيكون المعنى (أن المشهور كونه) أي : الظن الحاصل من اللغة من الظنون الخاصة دلّ على حجّيتها دليل خاص كإجماع العقلاء والعلماء.

ويمكن أن يكون راجعا إلى الظاهر المذكور في كلام المصنّف رحمه‌الله فالمعنى حينئذ هو : إن المشهور كون الظاهر من الظنون الخاصة ولكن الاحتمال الأول أولى أن يكون مرادا ، لأن المقام هو مقام البحث عن حجّية قول اللغويين.

فمعنى العبارة ـ حينئذ ـ هو أن المشهور يعتبر الظن الحاصل من قول اللغويين من (الظنون الخاصة التي ثبتت حجّيتها مع قطع النظر عن انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية ، وإن كانت الحكمة في اعتبارها) أي : الظنون الخاصة (انسداد باب العلم في غالب مواردها) أي : الظنون الخاصة.

وتوضيح قول المصنّف حيث قال : (وإن كانت الحكمة في اعتبارها انسداد باب العلم) يحتاج إلى تقديم مقدمة ، وهي بيان الفرق بين الحكمة والعلّة بالنسبة إلى حكم من الأحكام ، والفرق بينهما : إن علّة الحكم تلازم ثبوت الحكم ، فالحكم دائما يدور مدار علّته

٣١٣

والمراد بالظن المطلق ما ثبت اعتباره من أجل انسداد باب العلم بخصوص الأحكام الشرعية ، وبالظن الخاص ما ثبت اعتباره لا لأجل الاضطرار إلى اعتبار مطلق الظنّ بعد تعذّر العلم.

____________________________________

وجودا وعدما ، وهذا بخلاف حكمة الحكم حيث لا يلازم ثبوتها وجود الحكم ، فلا يدور مدارها كاستحباب غسل الجمعة ، حيث إن حكمته إزالة الأوساخ ، فالاستحباب ثابت ولو لم يكن هناك وسخ أصلا.

فإذا عرفت هذه المقدمة نقول : إن الحكم في مورد الحكمة يكون أوسع من حكمته ، فالانسداد وإن كان حكمة في اعتبار هذه الظنون الخاصة ولكن مجرد انسداد باب العلم في غالب مواردها لا يصير سببا لكونها ظنونا مطلقة ، بل المناط في كونها مطلقة أن تكون علة جعلها حجّة انسداد باب العلم في الأحكام الشرعية.

فإن الظاهر أن حكمة اعتبار أكثر الظنون الخاصة كأصالة الحقيقة المتقدم ذكرها ، وغيرها ، انسداد باب العلم في غالب مواردها من العرفيات كالمكاتبات ، والمكالمات ، والوصايا ، والأقارير ، والشهادات ، ومن الشرعيات كألفاظ الآيات والأخبار المرويّة عن المعصومين عليهم‌السلام.

فيعمل في هذه الموارد بأصالة عدم القرينة ، وكذا أغلب الموارد التي يعمل فيها بخبر الثقة ممّا انسد فيها باب العلم سواء كان من العرفيات ، كالامور الراجعة إلى معاش الإنسان مثل قيم الأجناس ، وأوضاع البلاد الاجتماعية ، أو من الشرعيات كالواجبات ، والمحرمات وغيرهما من الأحكام.

(والمراد بالظن المطلق ما ثبت اعتباره من أجل انسداد باب العلم بخصوص الأحكام الشرعية).

والمستفاد من قوله : انسداد باب العلم بخصوص الأحكام الشرعية هو : أن الانسداد الموجب لحجّية مطلق الظن يكون مختصّا بانسداد باب العلم في الأحكام الشرعية.

وأمّا انسداد باب العلم في غير الأحكام الشرعية فلا يوجب حجّية الظن المطلق ، فانسداد باب العلم في اللغات لا يوجب حجّية الظن المطلق وسمّي هذا الظن مطلقا باعتبار سببه ، يعني : بعد الانسداد يكون الظن مطلقا ، أي : من أيّ سبب حصل حجّة.

٣١٤

وكيف كان ، فاستدلّوا على اعتبار قول اللغويين باتفاق العلماء ، بل جميع العقلاء على الرجوع إليهم في استعلام اللغات والاستشهاد بأقوالهم في مقام الاحتجاج ، ولم ينكر ذلك أحد على أحد ؛ وقد حكي عن السيد في بعض كلماته دعوى الإجماع على ذلك ، بل ظاهر كلامه المحكي اتفاق المسلمين.

قال الفاضل السبزواري في ما حكي عنه في هذا المقام ، ما هذا لفظه : «صحة المراجعة إلى أصحاب الصناعات البارزين في صنعتهم ، البارعين في فنّهم فيما اختص بصناعتهم ، ممّا اتفق عليه العقلاء في كل عصر وزمان» انتهى.

وفيه : أن المتيقّن من هذا الاتفاق هو الرجوع إليهم مع اجتماع شرائط الشهادة من العدد

____________________________________

(فاستدلوا على اعتبار قول اللغويين باتفاق العلماء ، بل جميع العقلاء).

وخلاصة هذا الوجه : أنّه قد قام الإجماع من العلماء ، بل العقلاء على الرجوع إلى كتب اللغة عند وقوع الخلاف في معنى لفظ ، فيرتفع الخلاف بعد تعيين المعنى من اللغة من دون أن يقول أحد بأن قول اللغوي ليس بحجّة.

والوجه الثاني هو : ما نقل عن الفاضل السبزواري من صحة المراجعة إلى أصحاب الصناعات من البنّاء ، والنجار ، والمهندس ، والنحوي ، والطبيب ، والفقيه ، واللغوي (البارزين في صنعتهم البارعين) أي : المتفوقين في فنّهم ، والرجوع إليهم (ممّا اتفق عليه العقلاء) فنستكشف عن هذا الاتفاق اعتبار قولهم فيما اختصّ بهم.

(وفيه : أن المتيقن من هذا الاتفاق)

والمصنّف قدس‌سره يردّ كلا الاتفاقين ، فالإجماع المذكور بكلا قسميه مردود ، ولا يرتبط بالمقام ، أمّا العلماء فرجوعهم إلى اللغة وإن كان ثابتا الّا أنّه لا يكون دليلا على حجّية الظن الحاصل من اللغة لإثبات التكليف الشرعي ، كما هو محل الكلام ، لأن العلماء بل الادباء منهم إنّما يرجعون إلى اللغات لأن غرضهم وهمّهم هو ضبط اللغات لشدة حاجتهم إليها في نظم الأشعار ، ومعاني الخطب وحلّ مشكلات الألفاظ ، ليتمكّنوا على مجادلة الخصوم في محافل الرؤساء والسلاطين ، حتى ينالوا بذلك ما يريدون من التقرب والعطايا الجزيلة ، فلا دخل لرجوعهم إلى هذا الغرض بما نحن فيه أصلا ، فاتفاقهم على الرجوع إلى اللغات لا يوجب حجّية قول اللغوي بما هو قول اللغوي ، بل لو كان قول اللغوي حجّة لكانت

٣١٥

والعدالة ونحو ذاك لا مطلقا ، ألا ترى أن أكثر علمائنا على اعتبار العدالة فيمن يرجع إليه من أهل الرجال ، بل وبعضهم على اعتبار التعدّد ، والظاهر اتفاقهم على اشتراط التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة التقويم وغيرها ، هذا مع أنه لا تعرف الحقيقة عن المجاز بمجرد قول اللغوي ، كما اعترف به المستدل في بعض كلماته ، فلا ينفع في تشخيص الظواهر.

فالانصاف أن الرجوع إلى أهل اللغة مع عدم اجتماع شروط الشهادة ؛ إمّا في مقامات يحصل العلم فيها بالمستعمل فيه من مجرد ذكر لغوي واحد أو أزيد له ، على وجه يعلم كونه من المسلّمات عند أهل اللغة ، كما قد يحصل العلم بالمسألة الفقهية من إرسال جماعة لها إرسال المسلمات ، وإما في مقامات يتسامح فيها ، لعدم التكليف الشرعي بتحصيل العلم بالمعنى اللغوي ، كما إذا اريد تفسير خطبة أو رواية لا تتعلّق بتكليف شرعي ، وإمّا في مقام انسدّ فيه طريق العلم ولا بدّ من العمل فيعمل بالظنّ بالحكم الشرعي المستند بقول أهل اللغة.

____________________________________

حجّيته من باب الشهادة والبيّنة ، فيشترط فيه ما يعتبر فيها من التعدّد والعدالة.

قوله : (أ لا ترى) جواب عن قول الفاضل السبزواري ، وخلاصته : إن اتفاق العقلاء على الرجوع في كلّ فن إلى أهله مسلّم وثابت ، إلّا أنّه لا يرتبط بالمقام ، بل راجع إلى الموضوعات ، فيعتبر فيها التعدّد والعدالة.

كما يعتبر التعدّد والعدالة (في أهل الخبرة في مسألة التقويم) للمتلفات (وغيرها) ، كتعيين الخسارات مثلا ، فاتفاقهم على اعتبار التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة التقويم الذي يكون غالبا في حقّ شخص واحد يستلزم اتفاقهم على اشتراط التعدّد والعدالة في أهل الخبرة في مسألة الصعيد الذي يكون في حقّ جميع المكلّفين بالأولوية.

(فالإنصاف) وحاصل ما أفاده المصنّف رحمه‌الله في المقام : هو أن الرجوع إلى اللغة يكون في مقامات لا ربط لها بما نحن فيه.

المقام الأول : يرجع إلى اللغة فيما يحصل العلم من قول اللغوي بالمعنى المستعمل فيه ، والعلم حجّة مطلقا ، فيكون خارجا عن المقام.

والمقام الثاني : (في مقامات يتسامح فيها) كالألفاظ الراجعة إلى الخطب والأشعار التي يجوز الرجوع فيها إلى قول اللغوي وإن لم يكن حجّة ، فيكون خارجا عن المقام ، لأن

٣١٦

ولا يتوهّم : «أن طرح قول اللغوي غير المفيد للعلم في ألفاظ الكتاب والسنّة ، مستلزم لانسداد طريق الاستنباط في غالب الأحكام» لاندفاع ذلك : بأن أكثر مواد اللغات الّا ما شذّ وندر ـ كلفظ الصعيد ونحوه ـ معلوم من العرف واللغة ، كما لا يخفى. والمتبع في الهيئات هي القواعد العربية المستفادة من الاستقراء القطعي ، واتفاق أهل العربية أو التبادر بضميمة أصالة عدم القرينة ، فإنّه قد يثبت به الوضع الأصلي الموجود في الحقائق ، كما في صيغة «افعل» أو الجملة الشرطيّة ، أو الوصفية.

____________________________________

البحث في المقام هو الرجوع إلى اللغة في الألفاظ الراجعة إلى التكليف.

والمقام الثالث : في مقام انسدّ فيه باب العلم ، كما إذا ورد الأمر بالذبح بالحديد ولا نعلم المراد من الحديد ، ولا بدّ من العمل لوجوب الذبح علينا ، فبعد تمامية مقدمات الانسداد نأخذ بالظن الحاصل من قول اللغوي ونعمل به ، للانسداد الجزئي فيكون خارجا عن المقام ، لأن المقام هو حجّية قول اللغوي من باب الظن الخاص.

والوجه الثالث ممّا يمكن أن يستدلّ به على حجّية قول اللغوي ، هو ما أشار إليه بقوله :

(ولا يتوهّم «أن طرح قول اللغوي غير المفيد للعلم في ألفاظ الكتاب والسنّة ، مستلزم لانسداد طريق الاستنباط في غالب الأحكام»).

وتقريب التوهّم هو : أن جريان الانسداد الصغير في خصوص اللغات يستلزم حجّية قول اللغوي ؛ وذلك لأن الطريق الوافي لبيان الأحكام هو الكتاب والسنّة ، ولا نعلم معاني ألفاظهما ، لفرض انسداد باب العلم في أكثر اللغات.

ولا يجوز إجراء البراءة في جميع موارد عدم العلم بالتكليف ، لأنّه مستلزم للخروج من الدين ، ولا يجب الاحتياط للزوم العسر والحرج ، فلا بدّ من الرجوع إلى قول اللغوي بعد الانسداد ، إذ لا شيء أقرب من قول اللغوي ، لمعرفة معاني ألفاظ الكتاب والسنّة ، ثم استنباط الأحكام منها.

ويندفع هذا التوهّم أولا : بأنه خارج عن المقام ، لأن الكلام في حجّية قول اللغوي من باب الظن الخاص ، وما ذكر من التوهّم لو تمّ لصار قول اللغوي حجّة من باب الظن المطلق الثابت اعتباره بالانسداد.

٣١٧

ومن هنا يتمسكون في إثبات مفهوم الوصف بفهم أبي عبيدة في حديث (ليّ الواجد) (١) ونحوه غيره من موارد الاستشهاد بفهم أهل اللسان.

وقد يثبت به الوضع بالمعنى الأعم الثابت في المجازات المكتنفة بالقرائن المقامية ، كما يدّعى أن الأمر عقيب الحظر بنفسه مجرّدا عن القرينة يتبادر منه مجرّد رفع الحظر دون الإيجاب والإلزام. واحتمال كونه لأجل قرينة خاصة يدفع بالأصل فيثبت به كونه لأجل القرينة العامة ؛ وهي الوقوع في مقام رفع الحظر ، فيثبت بذلك ظهور ثانوي لصيغة «افعل» بواسطة القرينة الكلية.

وبالجملة ، فالحاجة إلى قول اللغوي الذي لا يحصل العلم بقوله لقلّة مواردها لا تصلح

____________________________________

وثانيا : لا نسلّم انسداد باب العلم في اللغات ، بل باب العلم منفتح الّا ما شذّ وندر ، لأن أكثر موارد اللغات معلوم من العرف واللغة بتصريح الواضع ، أو بالتواتر ، أو بالقرائن ، فمثلا : إذا رأينا أن أهل اللسان يفهمون من الأمر الوجوب ، ومن الشرط الانتفاء عند الانتفاء المعبّر عنه بالمفهوم في مقابل المنطوق علمنا أن الأمر حقيقة في الوجوب ، والشرط يدلّ على المفهوم.

(ومن هنا يتمسّكون في إثبات مفهوم الوصف بفهم أبي عبيدة في ـ حديث (ليّ الواجد)) يحل عقوبته ، يعني تأخير المقتدر على أداء الدين يحل عقوبته ، يعني من أخّر دينه عن وقته يعاقب على التأخير ، فيكون هذا التأخير موجبا للعقوبة ، ففهم أبو عبيدة أن ليّ غير الواجد لا يحل عقوبته.

فإذا شككنا في وجود قرينة دخيلة في فهم المفهوم من الوصف المزبور نجري أصالة عدم القرينة ونلتزم بأن للوصف مفهوما.

(وقد يثبت به) أي : بالتبادر(الوضع بالمعنى الأعم) وهو (الوضع الثابت في المجازات ، كما يدّعى أن الأمر عقيب الحظر بنفسه مجرّدا عن القرينة يتبادر منه مجرد رفع الحظر دون الإيجاب).

(وبالجملة فالحاجة إلى قول اللغوي الذي لا يحصل العلم بقوله لقلّة مواردها لا تصلح

__________________

(١) غوالي اللآلئ ٤ : ٧٢ / ٤٤. الوسائل ١٨ : ٣٣٤ ، أبواب الدين والقرض ، ب ٨ ، ح ٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨١١ / ٢٤٢٧.

٣١٨

سببا للحكم باعتباره لأجل الحاجة.

نعم ، سيجيء أن كل من عمل بالظن في مطلق الأحكام الشرعية الفرعية يلزمه العمل بالحكم الناشئ من الظن بقول اللغوي ، لكنّه لا يحتاج إلى دعوى انسداد باب العلم في اللغات ، بل العبرة عنده بانسداد باب العلم في معظم الأحكام ، فإنّه يوجب الرجوع إلى الظن بالحكم الحاصل من الظن باللغة ، وإن فرض انفتاح باب العلم فيما عدا هذا المورد من اللغات ، وسيتضح هذا ، زيادة على هذا إن شاء الله.

____________________________________

سببا للحكم باعتباره) ، أي : قول اللغوي (لأجل الحاجة)

يعني : إن الحاجة إلى قول اللغوي الظني قليل ونادر جدا ، فلا يصلح أن يكون سببا للحكم بحجّيته من باب انسداد باب العلم بالأحكام ؛ وذلك لعدم تمامية مقدمات الانسداد ، لأن منها عدم وجوب الاحتياط للعسر والحرج ، ولا يلزم من الاحتياط في المقام عسر ولا حرج لقلّة موارده.

ثم قد أشار المصنّف رحمه‌الله إلى الوجه الرابع بقوله :

(نعم ، سيجيء أن كل من عمل بالظن في مطلق الأحكام الشرعية الفرعية يلزمه العمل بالحكم الناشئ من الظن).

سيجيء في مسألة الانسداد ـ إن شاء الله ـ أن كلّ من قال بانسداد باب العلم في معظم الأحكام عمل بالظن المطلق في الأحكام الشرعية ، فيلزمه العمل بالظن الحاصل من قول اللغوي ، فمثلا : إذا لم يعلم المكلّف معنى الصعيد الذي يجب التيمم فيه ، والمفروض انسداد باب العلم في معظم الأحكام ، وحصل الظن من قول اللغوي : بأن الصعيد هو مطلق وجه الأرض ، فيجب العمل بهذا الظن بأن يتيمّم في مطلق وجه الأرض.

(لكنّه لا يحتاج إلى دعوى انسداد باب العلم في اللغات) ، هذا اشارة من المصنّف قدس‌سره إلى الفرق بين هذا الوجه ، والوجه الثالث الراجع إلى الانسداد أيضا ، والفرق بينهما من وجهين :

الوجه الأول : هو أن الانسداد المتقدّم انسداد صغير ، والانسداد في الوجه الرابع هو انسداد كبير.

والوجه الثاني من الفرق هو : أن الانسداد في الوجه الثالث المتقدم قد فرض باللغات

٣١٩

هذا ، ولكن الانصاف أن مورد الحاجة إلى قول اللغويين أكثر من أن تحصى في تفاصيل المعاني بحيث يفهم دخول الأفراد المشكوكة أو خروجها ، وإن كان المعنى في الجملة معلوما من دون مراجعة قول اللغوي ، كما في مثل ألفاظ : الوطن ، والمفازة ، والتمر ، والفاكهة ، والكنز ، والمعدن ، والغوص ، وغير ذلك من متعلّقات الأحكام ممّا لا يحصى ، وإن لم تكن الكثرة بحيث

____________________________________

أولا وبالذات ، ويكون بالأحكام ثانيا وبالعرض ، وأمّا في الوجه الرابع فيكون بالعكس ، ومقتضى الانسداد في الأحكام هو حجّية مطلق الظن ، حتى الظن الحاصل من قول اللغوي في مسألة الصعيد ، ولو فرض انفتاح باب العلم في جميع اللغات الّا الصعيد مثلا.

(هذا ولكن الانصاف أن موارد الحاجة إلى قول اللغويين أكثر من أن تحصى).

يظهر من هذا الكلام ترجيح الوجه الثالث فيكون قريبا إلى الصحة في الجملة ، لأنّ موارد الانسداد والحاجة إلى قول اللغويين في تفاصيل المعاني أكثر من أن تحصى ، وإن كانت المعاني معلومة إجمالا ، فربّ لفظ نعلم معناه الإجمالي ولا نحتاج فيه إلى قول اللغوي ، ولكن لا نعلم معناه على وجه التفصيل فنحتاج فيه إلى قول اللغوي ، كما في الألفاظ التالية :

منها : الوطن ، لا نعلم بأنّه مختصّ بمسقط الرأس أو يعمّه والوطن الاتخاذي ، ثم إذا كان الوطن هو الأول فقط ، فهل يخرج عن كونه وطنا بالإعراض أم لا؟.

ومنها : المفازة من الأراضي الموات ، هل يدخل فيها مكان البحر إذا زال الماء عنه أم لا؟ ثم هل يخرج منها ما أحاطه الماء أم لا؟.

ومنها : التمر ، هل يدخل فيه الرطب أم لا؟.

ومنها : الفاكهة ، هل يدخل فيها الجوز أم لا؟.

ومنها : الكنز ، وهو المال تحت الأرض ، هل يدخل فيه ما يوجد في الصندوق أم لا؟ ثم هل يخرج منه ما ظهر من تحت الأرض أم لا؟.

ومنها : المعدن ، وهو ما استخرج من الأرض ممّا كان أصله جزءا من الأرض ، هل يدخل فيه مثل الجص أم لا؟.

ومنها : الغوص ، وهو ما اخرج من الماء بالغوص ، وهل يدخل فيه ما يؤخذ عن ساحل البحر أم لا؟ وغير هذه الألفاظ ممّا تعلّقت بها الأحكام.

٣٢٠