التيسير في التفسير للقرآن - ج ٤

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٤

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٦

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قال عزوجل يذكر إبليس وتبرّيه من أوليائه من الإنس يوم القيامة : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) (١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) ، قال : «هو الثاني ، وليس في القرآن (وَقالَ الشَّيْطانُ) إلّا وهو الثاني» (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أنّه إذا كان يوم القيامة يؤتى بإبليس في سبعين غلا وسبعين كبلا (٣) ، فينظر الأوّل إلى زفر في عشرين ومائة كبل وعشرين ومائة غلّ ، فينظر إبليس ، فيقول : من هذا الذي أضعف الله له العذاب ، وأنا أغويت هذا الخلق جميعا؟ فيقال : هذا زفر. فيقول : بما حدّد له هذا العذاب؟ فيقال : ببغيه على عليّ عليه‌السلام. فيقول له إبليس : ويل لك وثبور لك ، أما علمت أن الله أمرني بالسجود لآدم فعصيته ، وسألته أن يجعل لي سلطانا على محمّد وأهل بيته وشيعته ، فلم يجبني إلى ذلك وقال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (٤) وما عرفتهم حين (٥) استثناهم ، إذ قلت (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (٦). فمنّتك به نفسك غرورا فتوقف بين يدي الخلائق. ثم قال له : ما الذي كان منك إلى عليّ وإلى الخلق الذين اتّبعوك على الخلاف؟ فيقول الشيطان ـ وهو زفر ـ لإبليس : أنت أمرتني بذلك.

فيقول له إبليس : فلم عصيت ربك وأطعتني؟ فيرد زفر عليه ما قال الله : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٨٧ ضمن الحديث ١.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٣ ، ح ٨.

(٣) الكبل : القيد الضخم. «الصحاح ـ كبل ـ ج ٥ ، ص ١٨٠٨».

(٤) الحجر : ٤٢.

(٥) «ط» نسخة بدل : حتى.

(٦) الأعراف : ١٧.

٢١

سُلْطانٍ) إلى آخر الآية» (١).

* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) (٢٣) [سورة إبراهيم : ٢٣]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسيّ (رحمه‌الله تعالى) : أخبر الله تعالى في هذه الآية أن الذين يؤمنون به ، ويصدقون بوحدانيته ، ويعترفون بنبوة أنبيائه ويعملون بما دعاهم إليه من الطاعات والأعمال الصالحات يدخلهم الله يوم القيامة جنات من صفتها أنها تجري من تحتها الأنهار ، لأن الجنة البستان الذي يجنه الشجر ، فالأنهار تجري من تحت الأشجار ، وقيل أنهار الجنة في أخاديد في الأرض (خالِدِينَ فِيها) أي مؤبدين فيها دائمين ، ونصبه على الحال من حيث أنها تدوم لهم (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أي بأمر ربهم وإطلاقه ، يخلدون فيها ويكون تحية بعضهم لبعض في الجنة «سلام». والتحية التلقي بالكرامة في المخاطبة ، كقولك أحياك الله حياة طيبة ، سلام عليك ، وما أشبه ذلك تبشيرا لهم بدوام السلامة (٢).

* س ١٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (٢٦) [سورة إبراهيم : ٢٦ ـ ٢٤]؟!

الجواب / قال سلام بن المستنير : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٣ ، ح ٩.

(٢) التبيان : ج ٦ ، ص ٢٩١.

٢٢

(مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) الآية. قال : «الشجرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصلها نسبه ثابت في بني هاشم ، وفرع الشجرة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وغصن الشجرة فاطمة عليها‌السلام ، وثمرها الأئمّة من ولد عليّ وفاطمة عليهم‌السلام ، وشيعتهم ورقها ، وإن المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة ، وإنّ المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة».

قلت : أرأيت قوله تعالى : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها)؟ قال : «يعني بذلك ما يفتي به الأئمّة شيعتهم في كلّ حج وعمرة من الحلال والحرام ، ثم ضرب الله لأعداء آل محمّد مثلا ، فقال : (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) (١).

وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «كذلك الكافرون لا تصعد أعمالهم إلى السّماء ، وبنو أميّة لا يذكرون الله في مجلس ولا في مسجد ، ولا تصعد أعمالهم إلى السماء إلّا قليل منهم» (٢).

وعن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام في قول الله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ).

قال : «يعني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة من بعده ، وهم الأصل الثابت ، والفرع الولاية لمن دخل فيها» (٣).

وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل جعل الله عليه هواما حينا في شكر.

فقال : «قد سئل علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن هذا ، فقال : فليصم ستّة أشهر ، إنّ الله يقول : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) والحين ستّة أشهر» (٤).

__________________

(١) تفسير القمّي : ج ١ ، ص ٣٦٩.

(٢) تفسير القمّي : ج ١ ، ص ٣٦٩.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٤ ، ح ١٠.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٤ ، ح ١٣.

٢٣

* س ١٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٢٧) [سورة إبراهيم : ٢٧]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أنّ الميت إذا أخرج من بيته شيّعته الملائكة إلى قبره يترحّمون عليه ، حتّى إذا انتهي به إلى قبره ، قالت الأرض له : مرحبا بك وأهلا وسهلا ، والله لقد كنت أحبّ أن يمشي علي مثلك ، لا جرم لترى ما أصنع بك ، فيوسّع له مدّ بصره ، ويدخل عليه في قبره قعيدا القبر منكر ونكير ، فيلقيان فيه الروح إلى حقويه ، فيقعدانه فيسألانه ، فيقولان له : من ربّك؟ فيقول : الله. فيقولان : وما دينك؟ فيقول : الإسلام. فيقولان : ومن نبيّك؟ فيقول : محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقولان : ومن إمامك؟ فيقول : عليّ. فينادي مناد من السماء : صدق عبدي ، أفرشوا له في القبر من الجنّة ، وألبسوه من ثياب الجنّة ، وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنّة ، حتّى يأتينا وما عندنا خير له. ثمّ يقولان له : نم نومة العروس ، نم نومة لا حلم فيها.

وإن كان كافرا ، أخرجت له ملائكة يشيّعونه إلى قبره يلعنونه ، حتى إذا انتهى إلى الأرض ، قالت الأرض : لا مرحبا بك ولا أهلا ، أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي عليّ مثلك ، لا جرم لتريّن ما أصنع بك اليوم ، فتضايق عليه حتى تلتقي جوانحه. ويدخل عليه ملكا القبر ، وهما قعيدا القبر منكر ونكير». قال : قلت له : جعلت فداك ، يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة؟ فقال : «لا. فيقعدانه فيقولان له : من ربك؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ، [فيقولان : لا دريت ، فما دينك؟ فيقول : سمعت الناس يقولون]. ويتلجلج لسانه فيقولان : لا دريت ، فمن نبيّك؟ فيقول : سمعت الناس يقولون ، ويتلجلج لسانه. فيقولان : لا دريت. فينادي مناد. من السماء : كذب عبدي ، افرشوا له في قبره من النار ، وألبسوه من ثياب النار ، وافتحوا له

٢٤

بابا إلى النار ، حتى يأتينا وما له عندنا شرّ له ـ قال ـ ثمّ يضربانه بمرزبّة معهما ثلاث ضربات ليس منها ضربه إلّا تطاير قبره نارا ، ولو ضربت تلك الضّربة على جبال تهامة ، لكانت رميما».

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ويسلّط الله عليه في قبره الحيّات والعقارب تنهشه نهشا ، والشياطين تغمّه غمّا ، يسمع عذابه من خلق الله إلّا الجنّ والإنس ، وإنه ليسمع خفق نعالهم ، ونفض أيديهم ، وهو قول الله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ـ قال ـ عند موته (وَفِي الْآخِرَةِ) ـ قال ـ قال في قبره (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (١).

وقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأوّل يوم من الآخرة ، مثّل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت إلى ماله ، فيقول : والله إنّي كنت عليك لحريصا شحيحا ، فما عندك؟ فيقول : خذ منّي كفنك. فيلتفت إلى ولده ، فيقول : والله إني كنت لكم محبّا ، وإني كنت عليكم لمحاميا ، فماذا عندكم؟ فيقولون : نؤدّيك إلى حفرتك ونواريك فيها. فيلتفت إلى عمله ، فيقول : والله إني كنت فيك لزاهدا ، وإن كنت عليّ لثقيلا ، فما عندك؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حين أعرض أنا وأنت على ربّك.

فإن كان لله وليّا ، أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم رياشا ، فيقول : أبشر بروح وريحان وجنّة نعيم ، قدمت خير مقدّم ، فيقول : من أنت؟ فيقول : أنا عملك الصالح ، ارتحل من الدنيا إلى الجنّة. وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجّله ، فإذا أدخل قبره أتاه اثنان ، هما فتّانا القبر ، يجرّان أشعارهما ، ويبحثان الأرض بأنيابهما ، أصواتهما كالرّعد العاصف ، وأبصارهما كالبرق

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٥ ، ح ١٨.

٢٥

الخاطف ، ثم يقولان : من ربّك ، وما دينك ، ومن نبيّك؟ فيقول : الله ربي ، وديني الإسلام ، ونبيّي محمّد. فيقولان : ثبّتك الله فيما يحب ويرضى. وهو قول الله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ). ثمّ يفسحان له في قبره مد بصره ، ويفتحان له بابا إلى الجنّة ، ثم يقولان له : نم قرير العين ، نوم الشابّ الناعم ، فإنّه يقول الله : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (١).

وأما إن كان لربّه عدوا ، فإنّه يأتيه أقبح من خلق الله رياشا ، وأنتنهم ريحا فيقول : أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم. وإنه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يحبسه ، فإذا أدخل في قبره أتاه ممتحنا القبر ، فألقيا أكفانه ، ثمّ قالا له : من ربك ، وما دينك ، ومن نبيّك؟ فيقول : لا أدري. فيقولان : لا دريت ولا هديت. فيضربان يأفوخه بمزرّبّة ضربة ما خلق الله من دابّة إلّا تذعر لها ، ما خلا الثقلين ، ثم يفتح له باب إلى النار ، ثم يقولان له : نم بشرّ حال ، فإنّه من الضّيق مثل ما فيه القناة من الزّجّ ، حتى إنّ دماغه ليخرج ممّا بين ظفره ولحمه ، ويسلّط الله عليه حيّات الأرض وعقاربها وهوامّها فتنهشه حتى يبعثه من قبره ، وإنّه ليتمنّى قيام الساعة ممّا هو فيه من الشرّ».

قال جابر : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي كنت لأنظر إلى الغنم والإبل وأنا أرعاها ، وليس من نبيّ إلا قد رعى ، فكنت أنظر إليها قبل الإبوة وهي متمكنة فيه المكنية ، ما حولها شيء يهيجها حتى تذعر ، فانظر فأقول : ما هذا؟ وأعجب ، حتى حدّثني جبرئيل عليه‌السلام : إنّ الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا إلا سمعها ويذعر لها إلّا الثّقلان ، فعلمت أن ذلك إنما كان بضربة الكافر ، فنعوذ بالله من عذاب القبر» (٢).

__________________

(١) الفرقان : ٢٤.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٧ ، ح ٢٠ و ٢١.

٢٦

* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) (٢٩) [سورة إبراهيم : ٢٩ ـ ٢٨]؟!

الجواب / قال الحارث بن المغيرة النّصري ، سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) قال : «ما تقولون في ذلك؟». قلت : نقول : هم الأفجران من قريش : بنو أميّة وبنو المغيرة.

قال : ثمّ قال : «هي والله قريش قاطبة ، إنّ الله تبارك وتعالى خاطب نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنّي فضّلت قريشا على العرب ، وأتممت عليهم نعمتي ، وبعثت إليهم رسولي ، فبدّلوا نعمتي كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار» (١).

وقال الأصبغ بن نباتة ، قال علي عليه‌السلام : «ما بال قوم غيّروا سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعدلوا عن وصيّه ، لا يخافون أن ينزل بهم العذّاب؟» ثمّ تلا هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) ثمّ قال : «نحن ـ والله ـ نعمة الله التي أنعم بها على عباده ، وبنا فاز من فاز» (٢).

وفي رواية زيد الشّحام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : بلغني أن أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عنها ، فقال : «عنى بذلك الأفجرين من قريش : أمية ومخزوم ، فأمّا مخزوم فقتلها الله يوم بدر ، وأمّا أميّة فمتّعوا إلى حين»؟

فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «عنى الله والله بها قريشا قاطبة ، الذين عادوا رسول الله ونصبوا له الحرب» (٣).

وقال محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري : كان ممّا قال هارون لأبي

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١٠٣ ، ح ٧٧.

(٢) تفسير القمّي : ج ١ ، ص ٨٦.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٩ ، ح ٢٣.

٢٧

الحسن موسى عليه‌السلام حين أدخل عليه ، ما هذه الدار ، ودار من هي؟ قال : «لشيعتنا فترة ، ولغيرهم فتنة». قال : فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ قال : «أخذت منه عامرة ، ولا يأخذها إلا معمورة» فقال : أين شيعتكم؟ فقرأ أبو الحسن عليه‌السلام : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١) قال له : فنحن كفّار؟ قال : «لا ، ولكن كما قال الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) فغضب عند ذلك وغلظ عليه (٢).

* س ٢٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) (٣٠) [سورة إبراهيم : ٣٠]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي (رحمه‌الله تعالى) : ثم قال : إن هؤلاء الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار (جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) زيادة على كفرهم ومجدهم نعم الله. والأنداد جمع ند. وهم الأمثال المناوءون ، قال الشاعر :

نهدي رؤوس المترفين الأنداد

إلى أمير المؤمنين الممتاد

* * *

(لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) أي لتكون عاقبة أمرهم إلى الضلال الذي هو الهلاك ، واللام لام العاقبة ، وليست بلام الغرض ، لأنهم ما عبدوا الأوثان من دون الله ، وغرضهم أن يهلكوا ، بل لما كان لأجل عبادتهم لها استحقوا الهلاك والعذاب عبر عن ذلك بهذه اللام. كما قال (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) وإنما التقطوه ليكون لهم قرة عين ، ولكن لما كان عاقبة ذلك

__________________

(١) البيّنة : ١.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٢٩ ، ٢٥٦.

٢٨

أنه كان عدوهم فعبر عنه بهذه اللام.

وقرأ بضم الياء وكسر الضاد ، والمعنى أنهم فعلوا ذلك ليضلوا غيرهم عن سبيل الحق الذي هو الطريق إلى ثواب الله والنعيم في جنته ، فقال الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قل لهؤلاء الكفار الذين وصفناهم (تَمَتَّعُوا) وانتفعوا بما تهوون من عاجل هذه الدنيا ، فصورته صورة الأمر والمراد به التهديد بدلالة قوله (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) والمعنى مرجعكم ومآلكم إلى النار والكون فيها عما قليل (١).

* س ٢١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) (٣١) [سورة إبراهيم : ٣١]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن الله عزوجل فرض للفقراء له في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها ، وهي الزكاة ، بها حقنوا دماءهم ، وبها سمّوا مسلمين ، ولكنّ الله عزوجل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة ، فقال عزوجل : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٢) فالحقّ المعلوم غير الزكاة ، وهو شيء يفرضه الإنسان على نفسه في ماله ، يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة حاله ، فيؤدّي الذي فرض على نفسه كل يوم ، وإن شاء في كلّ جمعة ، وإن شاء في كلّ شهر وقال الله عزوجل أيضا : (وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (٣) وهذا غير الزكاة ، وقد قال الله عزوجل أيضا (يُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) والماعون أيضا ، وهو القرض يقرضه ، والمتاع يعيره ، والمعروف يصنعه. وممّا فرض الله عزوجل أيضا في المال من غير الزكاة ، قوله عزوجل : (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) (٤) ومن

__________________

(١) التبيان : ج ٦ ، ص ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

(٢) المعارج : ٢٤ ـ ٢٥.

(٣) الحديد : ١٨.

(٤) الرعد : ٢١.

٢٩

أدّى ما فرض الله عليه فقد قضى ما عليه ، وأدّى شكر ما أنعم الله عليه في ماله ، إذا هو حمده على ما أنعم الله عليه فيه ممّا فضّله به من السّعة على غيره ، ولما وفّقه لأداء ما فرض الله عزوجل ، وأعانه عليه» (١).

وقال علي بن إبراهيم : قوله : (يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) أي لا صداقة» (٢).

* س ٢٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ (٣٢) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (٣٣) [سورة إبراهيم : ٣٣ ـ ٣٢]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ الله خلق الخير يوم الأحد ، وما كان ليخلق الشرّ قبل الخير ، وخلق يوم الأحد والاثنين الأرضين وخلق يوم الثلاثاء ، أقواتها ، وخلق يوم الأربعاء السماوات ، وخلق يوم الخميس أقواتها ، والجمعة (٣) ، وذلك في قوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) فلذلك أمسكت اليهود يوم السّبت» (٤).

٢ ـ قال علي بن الحسين عليهما‌السلام ـ في حديث طويل ـ : «ثم قال عزوجل : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يعني المطر ، [نزّله] من أعلى ليبلغ قلل

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٤٩٨ ، ح ٨.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٣٧١.

(٣) والجمعة ليس في «طبعة أخرى» والذي في (الكافي : ج ٨ ، ص ١٤٥ ، ح ١١٨): «وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس ، وخلق أقواتها يوم الجمعة».

(٤) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١٤٠ ، ح ٤.

٣٠

جبالكم ، وتلالكم ، وهضابكم وأوهادكم (١) ، ثم فرّقه رذاذا (٢) ، ووابلا (٣) ، وهطلا (٤) لتنشفه (٥) أرضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة ، فيفسد أرضيكم ، وأشجاركم ، وزروعكم ، وثماركم.

ثم قال عزوجل (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) يعني مما يخرجه من الأرض لكم ... (٦).

٣ ـ قال محمد بن مسلّم : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام جعلت فداك ، لأيّ شيء صارت الشمس أشدّ حرارة من القمر؟ فقال : «إن الله خلق الشّمس من نور النار ، وصفو الماء ، طبقا من هذا وطبقا من هذا ، حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباسا من نار ، فمن ثم صارت أشدّ حرارة من القمر».

قلت : جعلت فداك ، والقمر؟ قال : «إن الله تعالى ذكره خلق القمر من ضوء نور النّار وصفو الماء ، طبقا من هذا ، حتى إذا كانت سبعة أطباق ألبسها لباسا من ماء ، فمن ثمّ صار القمر أبرد من الشّمس» (٧).

وقال علي بن إبراهيم القميّ : وقوله : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) أي على الولاة (٨).

__________________

(١) الوهدة : المكان المطمئنّ.

(٢) الرّذاذ : المطر الضعيف.

(٣) الوابل : المطرد الشديد.

(٤) الهطل : تتابع المطر.

(٥) نشف الحوض الماء : شربه ، وتنشفه كذلك.

(٦) التوحيد : ص ٤٠٣ ، ح ١١.

(٧) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٤١ ، ح ٣٣٢ ، والخصال : ص ٣٥٦ ، ح ٣٩ عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٨) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٣٧١.

٣١

* س ٢٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (٣٤) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)) [سورة إبراهيم : ٣٦ ـ ٣٤]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام : «الثوب ، والشيء لم تسأله إيّاه أعطاك» (١).

وأتى رجل أبا عبد الله عليه‌السلام فسأله عن شيء فلم يجبه ، فقال له الرجل : فإن كنت ابن أبيك ، فإنك من أبناء عبدة الأصنام فقال له : «كذبت ، إنّ الله أمر إبراهيم عليه‌السلام أن ينزل إسماعيل عليه‌السلام بمكّة ففعل ، فقال إبراهيم عليه‌السلام : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما قطّ ، ولكنّ العرب عبدة الأصنام ، وقالت بنو إسماعيل : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فكفرت ولم تعبد الأصنام» (٢).

وقال محمّد الحلبيّ ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من اتّقى الله منكم وأصلح (٣) فهو منّا أهل البيت» قال : منكم أهل البيت؟ قال : «منّا أهل البيت ، قال فيها إبراهيم عليه‌السلام : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي).

قال عمر بن يزيد : قلت له : من آل محمد؟ قال : «أي والله من آل محمد ، أي والله من أنفسهم ، أما تسمع الله يقول : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) (٤)؟ وقول إبراهيم عليه‌السلام : (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)؟ (٥).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، ح ٣٠.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، ح ٣١.

(٣) في «ط» : فأحبنا.

(٤) آل عمران : ٦٨.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، ح ٣٣.

٣٢

وقال ابن شهر آشوب : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) : «فانتهت الدعوة إليّ وإلى علي». وفي خبر : «أنا دعوة إبراهيم» وإنّما عنى بذلك الطاهرين ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «نقلت من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات لم يمسّني سفاح الجاهلية» (١).

* س ٢٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (٣٧) [سورة إبراهيم : ٣٧]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ إبراهيم عليه‌السلام كان نازلا في بادية الشام ، فلمّا ولد له من هاجر إسماعيل عليه‌السلام اغتمّت سارة من ذلك غمّا شديدا لأنّه لم يكن له منها ولد ، فكانت تؤذي إبراهيم عليه‌السلام في هاجر وتغمّه ، فشكا إبراهيم عليه‌السلام ذلك إلى الله عزوجل فأوحى الله إليه : إنّما مثل المرأة مثل الضّلع العوجاء ، إن تركتها استمتعت بها ، وإن أقمتها كسرتها ، ثمّ أمره أن يخرج إسماعيل وأمّه. فقال إبراهيم : يا ربّ ، إلى أيّ مكان؟ قال : إلى حرمي وأمني وأول بقعة خلقتها من الأرض ، وهي مكّة. فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق ، فحمل هاجر وإسماعيل وإبراهيم عليهما‌السلام ، وكان إبراهيم عليه‌السلام لا يمرّ بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلّا قال : يا جبرئيل ، إلى ها هنا ، إلى ها هنا؟ فيقول جبرئيل : لا ، امض امض ، حتى وافى مكّة ، فوضعه في موضع البيت.

وقد كان إبراهيم (عليه الصلاة والسّلام) عاهد سارة أن لا ينزل حتى

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب : ج ٢ ، ص ١٧٦.

٣٣

يرجع إليها ، فلمّا نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجر ، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها ، فاستظلّوا تحته ، فلمّا سرّحهم إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة ، قالت له هاجر : يا إبراهيم ، لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟ فقال إبراهيم عليه‌السلام : الله الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان وهو يكفيكم ، ثمّ انصرف عنهم. فلمّا بلغ كدى ـ وهو جبل بذي طوى ـ التفت إليهم إبراهيم عليه‌السلام ، فقال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) ثمّ مضى ، وبقيت هاجر» (١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام في قوله : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) الآية ، قال : «نحن والله بقية تلك العترة» (٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «ـ عندما نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة ـ فقال : «هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية ، إنّما أمروا أن يطوفوا بها ثمّ ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ، ويعرضوا علينا نصرتهم» ثم قرأ هذه الآية : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) (٣).

وقال الإمام الرضا عليه‌السلام : «إنّ إبراهيم خليل الرحمن (صلوات الله عليه) ، سأل ربّه حين أسكن ذرّيّته الحرم ، فقال : ربّ ارزقهم من الثمرات لعلّهم يشكرون ، فأمر الله تبارك وتعالى قطعة من الأردنّ حتى جاءت فطافت بالبيت سبعا ، ثمّ أمر الله أن تقول : الطائف ، فسمّيت الطائف لطوافها بالبيت» (٤).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٦٠.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٣٧١.

(٣) الكافي : ج ١ ، ص ٣٢٢ ، ح ١.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٣ ، ح ٤٠.

٣٤

وفي رواية أخرى قال ميسّر : كنا في الفسطاط عند أبي جعفر عليه‌السلام نحوا من خمسين رجلا : فجلس بعد سكوت كان منّا طويلا فقال : «ما لكم لا تنطقون ، لعلّكم ترون أنّي نبيّ؟ لا والله ما أنا كذلك ، ولكن فيّ قرابة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قريبة ، وولادة ، من وصلها وصله الله ، ومن أحبّها أحبّه الله ، ومن أكرمها أكرمه الله ، أتدرون أيّ البقاع أفضل عند الله منزلة؟». فلم يتكلم أحد ، فكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : «تلك مكّة الحرام ، التي رضيها لنفسه حرما ، وجعل بيته فيها».

ثمّ قال : «أتدرون أي البقاع أفضل من مكّة؟» فلم يتكلّم أحد ، فكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : «ما بين الحجر الأسود إلى باب الكعبة ، ذلك حطيم إبراهيم عليه‌السلام نفسه الذي كان يذود فيه غنمه ويصلّي فيه ، فو الله لو أنّ عبدا صفّ قدميه في ذلك المكان ، قام النهار مصلّيا حتى يجنّه الليل ، وقام الليل مصلّيا حتى يجنّه النهار ، ثم لم يعرف لنا حقّا أهل البيت وحرمنا حقّنا ، لم يقبل الله منه شيئا أبدا.

إن أبانا إبراهيم (صلوات الله عليه) كان فيما اشترط على ربّه أن قال : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) أما إنّه لم يقل : الناس كلّهم ، أنتم أولئك رحمكم الله ونظراؤكم ، فإنّما مثلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثّور الأسود ، أو الشّعرة السّوداء في الثّور الأبيض ، وينبغي للناس أن يحجّوا هذا البيت ، وأن يعظّموه لتعظيم الله إيّاه ، وأن يلقونا أينما كنّا ، نحن الأدلّاء على الله» (١).

وفي خبر آخر : «أتدرون أيّ بقعة أعظم حرمة عند الله؟» فلم يتكلم أحد ، وكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : «ذلك ما بين الرّكن الأسود والمقام ،

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٣ ، ح ٤١.

٣٥

إلى باب الكعبة ، ذلك حطيم إسماعيل عليه‌السلام الذي كان يذود فيه غنمه». ثمّ ذكر الحديث (١).

* س ٢٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (٤٦) [سورة إبراهيم : ٤٦ ـ ٣٨]؟!

الجواب / قال السري : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقرأ : (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ) شأن إسماعيل ، وما أخفى أهل البيت» (٢).

وقال علي بن إبراهيم : وأمّا قوله (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) قال عليه‌السلام : إنّما أنزلت : (وَلِوالِدَيَ) إسماعيل وإسحاق ، وقوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٣ ، ح ٤٢.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٤ ، ح ٤٣.

٣٦

عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) قال ؛ تبقى أعينهم مفتوحة من هول جهنم ، لا يقدرون أن يطرفوها. قال : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) قال : قلوبهم تتصدّع من الخفقان. ثمّ قال : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) يا محمّد (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أي حلفتم (ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) أي لا تهلكون (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) يعني ممن قد هلكوا من بني أميّة (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) قال : مكر بني فلان (١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٢) «إنّما هي طاعة الإمام ، وطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ)(٣) مع الحسين عليه‌السلام (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ ....... وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ)(٤) ، (نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليه‌السلام (٥).

وعن غير واحد ممّن حضر أبا عبد الله عليه‌السلام ، ورجل يقول : قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن عليّ ـ ذكر دور العباسيّين فقال رجل : أراناها الله خرابا ، أو خرّبها بأيدينا. فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا تقل هكذا ، بل تكون مساكن القائم وأصحابه ، أما سمعت الله يقول : (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)! (٦).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ٣٧٢.

(٢) النساء : ٧٧.

(٣) النساء : ٧٧.

(٤) النساء : ٧٧.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٥ ، ح ٤٨.

(٦) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٥ ، ح ٤٩.

٣٧

وقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «إنّ نمرود أراد أن ينظر إلى ملك السماء ، فأخذ نسورا أربعة فربّاهنّ حتى كنّ نشاطا ، وجعل تابوتا من خشب ، وأدخل فيه رجلا ، ثم شد قوائم النّسور بقوائم التابوت ، ثمّ أطارهنّ ، ثم جعل في وسط التابوت عمودا ، وجعل في رأس العمود لحما ، فلمّا رأى النسور اللحم طرن ، وطرن بالتابوت والرجل ، فارتفعن إلى السّماء ، فمكث ما شاء الله. ثمّ إنّ الرجل أخرج من التابوت رأسه فنظر إلى السّماء فإذا هي على حالها ، ونظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى الجبال إلا كالذّرّ ، ثمّ مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها ، ونظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى إلّا الماء ، ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها ، ونظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى شيئا فلمّا نزل اللحم (١) إلى سفل العمود ، وطلبت النسور اللحم ، سمعت الجبال هدّة النّسور فخافت من أمر السّماء ، وهو قول الله : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)(٢).

* س ٢٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ)(٤٧) [سورة إبراهيم : ٤٧]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسيّ (رحمه‌الله تعالى) : يقول الله تعالى لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ) أي لا تظنه مخلف ما وعدك به من الظفر بهم والظهور عليهم ، فإنه لا يخلف ما وعد رسله به. ثم أخبر أن الله تعالى قادر لا يغالب ينتقم ممن يكفر بنعمه ويكذب أنبيائه. والانتقام هو العقاب (٣).

__________________

(١) في البحار : ج ١٢ ، ص ٤٤ ، ح ٣٦ : لا يرى شيئا ، ثم وقع في ظلمة لم ير ما فوقه وما تحته ، ففزع فألقى اللحم ، فأتبعته النسور منقضّات.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٥ ، ح ٥١.

(٣) التبيان : ج ٦ ، ص ٣٠٩.

٣٨

* س ٢٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (٤٨) [سورة إبراهيم : ٤٨]؟!

الجواب / قال علي بن الحسين عليه‌السلام : (تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب ، بارزة ليست عليها جبال ولا نبات ، كما دحاها أول مرّة» (١).

وقال زرارة : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ).

قال : «تبدّل خبزة نقيّة ، يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب ، قال الله : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ)(٢)» (٣).

قال الأبرش الكلبي لأبي جعفر عليه‌السلام : بلغني أنّك قلت في قول الله : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) أنّها تبدّل خبزة؟

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «صدقوا ، تبدّل الأرض خبزة نقيّة في الموقف ، يأكلون منها». فضحك الأبرش ، وقال : أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز؟ فقال : «ويحك ، في أي المنزلتين هم أشدّ شغلا وأسوأ حالا ، إذ هم في الموقف ، أو في النار يعذّبون»؟ فقال : لا ، في النار. فقال : «ويحك ، وإنّ الله يقول : (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)(٤)» قال : فسكت (٥).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٦ ، ح ٥٢.

(٢) الأنبياء : ٨.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٧ ، ح ٥٣.

(٤) الواقعة : ٥٢ ـ ٥٥.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٧ ، ح ٥٤.

٣٩

وفي خبر آخر عنه عليه‌السلام قال : «وهم في النار لا يشغلون عن أكل الضّريع وشرب الحميم وهم في العذاب ، فكيف ينشغلون عنه في الحساب؟» (١).

* س ٢٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٥٢) [سورة إبراهيم : ٥٢ ـ ٤٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : قوله : (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) قال : مقيّدين بعضهم إلى بعض : (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) قال : السرابيل : القمص (٢).

وقال : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) : «وهو الصّفر الحارّ الذائب ، انتهى حرّه ، يقول الله عزوجل : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) سربلوا ذلك الصّفر فتغشى وجوههم النار» (٣).

وقال في قوله : (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) : يعني محمّدا (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي أولو العقول (٤).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٣٧ ، ح ٥٥.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٣٧٢.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٣٧٢.

(٤) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٣٧٢.

٤٠