التيسير في التفسير للقرآن - ج ٤

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٤

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٥٦

واللائمة تلزمهم (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : هو أعلم بمن في السماوات من الملائكة ، وبمن في الأرض من الأنبياء ، بين سبحانه بهذا أنه لم يختر الملائكة والأنبياء للميل إليهم ، وإنما اختارهم لعلمه بباطنهم. وقيل : معناه إنه أعلم بالجميع ، فجعلهم مختلفين في الصور والرزق والأحوال ، كما اقتضته المصلحة ، كما فضل بعض النبيين على بعض (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) والمعنى : إن الأنبياء وإن كانوا في أعلى مراتب الفضل ، فإنهم طبقات في ذلك ، وبعضهم أعلى من بعض ، بزيادة الدرجة والثواب ، وبالمعجزات والكتاب. ولما كان سبحانه عالما ببواطن الأمور ، إختارك للنبوة وفضلك على الأنبياء ، كما فضل بعضهم على بعض ، فسخر لبعضهم النار ، وألان لبعضهم الحديد ، وأتى بعضهم الملك ، وكلم بعضهم ، وكذلك خصك بخصائص لم يعطها أحدا ، وختم بك النبوة.

ثم قال : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) قال الحسن : كل كتاب زبور ، إلا أن هذا الاسم غلب على كتاب داود عليه‌السلام ، كما غلب اسم الفرقان على القرآن ، وإن كان كل كتاب من كتب الله فرقانا ، لأنه يفرق بين الحق والباطل. وقال الزجاج : معنى ذكر داود هنا : إنه يقول لا تنكروا تفضيل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإعطاءه القرآن ، فقد أعطينا داود الزبور. ثم قال سبحانه لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (قُلِ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله (ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) أنها آلهة عند ضر ينزل بكم ، ليكشفوا ذلك عنكم ، أو يحولوا تلك الحالة إلى حالة أخرى.

(فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) للحالة التي تكرهونها إلى حالة تحبونها ، يعني تحويل حال القحط إلى الخصب ، والفقر إلى الغنى ، والمرض إلى الصحة. وقيل : معناه لا يملكون تحويل الضر عنكم إلى غيركم. بين سبحانه أن من كان بهذه الصفة ، فإنه لا يصلح للإلهية ، ولا

٢٠١

يستحق العبادة. والمراد بالذين من دونه هم الملائكة ، والمسيح ، وعزير ....

وقيل : هم الجن ، لأن قوما من العرب كانوا يعبدون الجن .... وقال : وأسلم أولئك النفر من الجن ، وبقي الكفار على عبادتهم. قال الجبائي : ثم رجع سبحانه إلى ذكر الأنبياء في الآية الأولى ، فقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) ومعناه : أولئك الذين يدعون إلى الله تعالى ، ويطلبون القربة إليه بفعل الطاعات (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) أي : ليظهر أيهم الأفضل والأقرب منزلة منه ، وتأويله : إن الأنبياء مع علو رتبهم ، وشرف منزلتهم إذا لم يعبدوا غير الله ، فأنتم أولى أن لا تعبدوا غير الله ، وإنما ذكر ذلك حثا على الاقتداء بهم. وقيل : إن معناه أولئك الذين يدعونهم ويعبدونهم ، ويعتقدون أنهم آلهة من المسيح والملائكة ، يبتغون الوسيلة والقربة إلى الله تعالى ، بعبادتهم ، ويجتهد كل منهم ليكون أقرب من رحمته ، أو يطلب كل منهم أن يعلم أيهم أقرب إلى رحمته ، أو إلى الإجابة.

(وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) أي : وهم مع ذلك يستغفرون لأنفسهم فيرجون رحمته ، إن أطاعوا ، ويخافون عذابه إن عصوا ، ويعملون عمل العبيد ، (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) ، أي : متقى يجب أن يحذر منه لصعوبته ... (١).

* س ٢٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٥٨) [سورة الإسراء : ٥٨]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم ، قال : قوله : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٢٦١ ـ ٢٦٣.

٢٠٢

مُهْلِكُوها) أي أهلها (قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوها عَذاباً شَدِيداً) يعني بالخسف والموت والهلاك (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) أي مكتوبا (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله : (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ) ، قال : «هو الفناء بالموت أو غيره» (٢).

وفي رواية أخرى ، عنه عليه‌السلام قال : «بالقتل والموت أو غيره» (٣).

* س ٢٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلاَّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً) (٥٩) [سورة الإسراء : ٥٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ).

قال : «وذلك أنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سأله قومه أن يأتيهم بآية ، فنزل جبرئيل عليه‌السلام ، فقال : إنّ الله عزوجل يقول : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ) إلى قومك (إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) وكنّا إذا أرسلنا إلى قرية آية فلم يؤمنوا بها أهلكناهم ، فلذلك أخّرنا عن قومك الآيات» (٤).

وقال : وقوله : (وَآتَيْنا ثَمُودَ) ـ إلى قوله ـ (إِلَّا تَخْوِيفاً) فعطف على قوله : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ)(٥).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢١.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٩٧ ، ح ٩١.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٩٧ ، ح ٩٢.

(٤) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢١.

(٥) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢١.

٢٠٣

* س ٣٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً) (٦٠) [سورة الإسراء : ٦٠]؟!

الجواب / وردت روايات عديدة في معنى هذه الآية ، وجميعها يحتوي على نفس المضمون تقريبا نذكر منها :

١ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام لعبد الرحيم القصير في قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) ، «أري رجالا من بني تيم وعديّ على المنابر يردّون الناس عن الصّراط القهقري».

قال عبد الرحيم ، قلت : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قال : «هم بنو أميّة ، يقول الله : (وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً)(١).

٢ ـ قال الطبرسيّ : إنّ ذلك رؤيا رآها النبيّ في منامه ، أن قرودا تصعد منبره وتنزل ، فساءه ذلك واغتمّ به. وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام وقالوا على هذا التأويل : إنّ (الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) هم بنو أمية (٢).

* س ٣١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (٦١) قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (٦٢) قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٢٩٨ ، ح ١٠١.

(٢) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٦٥٤.

٢٠٤

جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (٦٣) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً) (٦٤) [سورة الإسراء : ٦٤ ـ ٦١]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : ثمّ حكى الله عزوجل خبر إبليس ، فقال : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) إلى قوله (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) أي لأفسدنّهم إلّا قليلا ، فقال الله عزوجل : (اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً) وهو محكم (وَاسْتَفْزِزْ) أي اخدع (مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) قال : ما كان من مال حرام فهو شرك الشيطان ، فإذا اشترى به الإماء ونكحهنّ وولد له ، فهو شرك الشّيطان ، كما تلد منه ، ويكون مع الرجل إذا جامع ، فيكون الولد من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراما.

وفي حديث آخر : إذا جامع الرجل أهله ولم يسمّ ، شاركه الشيطان (١).

وقال أبو بصير : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «يا أبا محمّد ، أيّ شيء يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟». قلت : جعلت فداك ، أيستطيع الرجل أن يقول شيئا؟ فقال : «ألا أعلّمك ما تقول؟» قلت : بلى. قال : «تقول : بكلمات الله استحللت فرجها ، وفي أمانة الله أخذتها ، اللهمّ إن قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله بارّا تقيّا ، واجعله مسلما سويّا ، ولا تجعل فيه شركا للشيطان».

قلت : وبأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال له : «أما تقرأ كتاب الله عزوجل ، ثم ابتدأ هو : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) فإنّ الشيطان يجيء حتى يقعد

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢١.

٢٠٥

من المرأة كما يقعد الرجل منها ، ويحدث كما يحدث ، وينكح كما ينكح».

قلت : بأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال : «بحبّنا وبغضنا ، فمن أحبّنا كان من نطفة العبد ، ومن أبغضنا كان من نطفة الشيطان» (١).

وقال زرارة سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «كان الحجّاج ابن شيطان يباضع ذي الرّدهة» (٢). ثم قال : «إنّ يوسف دخل على أمّ الحجّاج ، فأراد أن يصيبها ، فقالت : أليس إنّما عهدك بذلك الساعة؟ فأمسك عنها ، فولدت الحجّاج» (٣).

* س ٣٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (٦٥) [سورة الإسراء : ٦٥]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ وهو يذكر حديث غدير خمّ ـ : «أنّه لمّا قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ عليه‌السلام ما قال ، وأقامه للناس ، صرخ إبليس صرخة ، فاجتمعت له العفاريت ، فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصّرخة؟ فقال : ويلكم ، يومكم كيوم عيسى ـ والله ـ لأضلنّ فيه الخلق».

قال : «فنزل القرآن : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)(٤) ـ قال ـ فصرخ إبليس صرخة فرجعت إليه العفاريت ، فقالوا : يا

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٠٢ ، ح ٢.

(٢) يباضع : يجامع ، وذو الرّدهة نعت أو عطف بيان للشيطان ، إن لم يكن في الكلام تصحيف. «بحار الأنوار ص ٦٣ ، ح ٢٥٦». والرّدهة : النّقرة في الجبل يستنقع فيها الماء وقيل : قلّة الرابية. «النهاية : ج ٢ ، ص ٢١٦». وقيل : إن لشيطان الرّدهة أحد الأبالسة المردة من أعوان عدو الله إبليس ، وقيل : هو عفريت مارد يتصور في صورة حيّة ويكون على الرّدهة : (شرح ابن أبي الحديد : ج ١٣ ، ص ١٨٤).

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠١ ، ح ١١٠.

(٤) سبأ : ٢٠.

٢٠٦

سيّدنا ، ما هذه الصرخة الأخرى؟ فقال : ويحكم ، حكى الله ـ والله ـ كلامي قرآنا ، وأنزل عليه : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ثم رفع رأسه إلى السماء ، ثم قال : وعزّتك وجلالك لألحقنّ الفريق بالجميع».

قال : «فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ـ قال ـ فصرخ إبليس صرخة ، فرجعت إليه العفاريت ، فقالوا : يا سيّدنا ، ما هذه الصرخة الثالثة؟ قال : والله ، من أصحاب عليّ ، ولكن وعزّتك وجلالك ـ يا ربّ ـ لأزيننّ لهم المعاصي حتى أبغّضهم إليك».

قال : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «والذي بعث بالحقّ محمّدا ، للعفاريت والأبالسة على المؤمن أكثر من الزّنابير على اللحم ، والمؤمن أشدّ من الجبل ، والجبل تدنو إليه (١) بالفأس فتنحت منه ، والمؤمن لا يستقلّ عن دينه» (٢).

* س ٣٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٦٩) [سورة الإسراء : ٦٩ ـ ٦٦]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم : ثمّ قال : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ

__________________

(١) في «ط» : تواليه.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠١ ، ح ١١١.

٢٠٧

فِي الْبَحْرِ) أي السفن في البحر (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) أي بطل من تدعون غير الله (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) ثم أرهبهم ، فقال : (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) أي عذابا وهلاكا (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى) أي مرّة أخرى (فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) أي تجيء من كلّ جانب (فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً)(١).

وقال : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) قال : «هي العاصف» وقوله : (تَبِيعاً) يقول : وكيلا ، ويقال : كفيلا ، ويقال : ثائرا (٢).

* س ٣٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٧٠) [سورة الإسراء : ٧٠]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ الله لا يكرم روح كافر ، ولكن يكرم أرواح المؤمنين ، وإنّما كرامة النفس والدم بالروح ، والرزق الطيّب هو العلم» (٣).

وقال علي بن الحسين عليهما‌السلام في قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ).

يقول : «فضّلنا بني آدم على سائر الخلق». (وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) يقول : «على الرطب واليابس» (وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يقول : «من طيبات

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢.

٢٠٨

الثّمار كلّها» (وَفَضَّلْناهُمْ) يقول : «ليس من دابّة ولا طائر إلّا هي تأكل وتشرب بفيها ، ولا ترفع بيدها إلى فيها طعاما ولا شرابا غير ابن آدم ، فإنّه يرفع إلى فيه بيده طعامه ، فهذا من التفضيل» (١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) ، قال : «خلق كلّ شيء منكبّا غير الإنسان ، خلق منتصبا» (٢).

* س ٣٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٧١) [سورة الإسراء : ٧١]؟!

الجواب / وردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام نذكر منها :

١ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).

قال : «يجيء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فرقه ، وعليّ عليه‌السلام في فرقة والحسن في فرقه ، والحسين في فرقه ، وكلّ من مات بين ظهراني قوم جاءوا معه» (٣).

٢ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «لمّا نزلت هذه الآية (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال المسلمون : يا رسول الله ، ألست إمام الناس كلّهم أجمعين؟ ـ قال ـ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ، ولكن سيكون من بعدي أئمّة على الناس من الله من أهل بيتي ، يقومون في الناس فيكذّبون ، ويظلمهم أئمّة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم واتّبعهم وصدّقهم فهو

__________________

(١) الأمالي : ج ٢ ، ص ١٠٣.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠٢ ، ح ١١٣.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢.

٢٠٩

منّي ومعي وسيلقاني ، ألا ومن ظلمهم وكذّبهم فليس منّي ولا معي ، وأنا منه بريء» (١).

٣ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «أنّه إذا كان يوم القيامة يدعى كلّ بإمامه الذي مات في عصره ، فإن أثبته أعطي كتابه بيمينه لقوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ) واليمين : إثبات الإمام لأنّه كتاب يقرؤه ، إنّ الله يقول : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ)(٢) الآية ، والكتاب : الإمام ، فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ)(٣) ومن أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله : (ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ)(٤) إلى آخر الآية» (٥).

٤ ـ قال أبو بصير : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما كان ، فطوبى للغرباء».

فقال : «يا أبا محمّد ، يستأنف الداعي منّا دعاء جديدا كما دعا إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فأخذت بفخذه ، فقلت : أشهد أنّك إمامي. فقال : «أما أنّه سيدعى كل أناس بإمامهم : أصحاب الشمس بالشمس ، وأصحاب القمر بالقمر ، وأصحاب النار بالنّار ، وأصحاب الحجارة بالحجارة» (٦).

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٦٨ ، ح ١. وبصائر الدرجات : ص ٥٣ ، ح ١ ، وفيه : عن أبي عبد الله عليه‌السلام. والمحاسن : ص ١٥٥ ، ح ٨٤.

(٢) الحاقة : ١٩ ـ ٢٠.

(٣) آل عمران : ١٨٧.

(٤) الواقعة : ٤١ ـ ٤٣.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠٢ ، ح ١١٥.

(٦) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠٣ ، ح ١١٨.

٢١٠

٥ ـ قال علي بن إبراهيم ، في قوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : ذلك يوم القيامة ينادي مناد : ليقم أبو بكر وشيعته ، وعمر وشيعته ، وعثمان وشيعته ، وعليّ وشيعته. قال : وقوله : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) قال : الجلدة التي في ظهر النواة (١).

٦ ـ قال الطبرسي ، بعد ما جمع عدّة أقوال في ذلك : هذه الأقوال ما رواه الخاصّ والعامّ ، عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، بالأسانيد الصحيحة : أنّه روى عن آبائه عليهم‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال فيه : «يدعى كلّ أناس بإمام زمانهم ، وكتاب ربّهم ، وسنّة نبيّهم» (٢).

* س ٣٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (٧٢) [سورة الإسراء : ٧٢]؟!

الجواب / قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «من لم يدلّه خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، ودوران الفلك [والشمس والقمر] ، والآيات العجيبات على أنّ وراء ذلك أمرا أعظم منه (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) فهو عمّا لم يعاين أعمى وأضل سبيلا» (٣).

وقال الرضا عليه‌السلام لعمران الصابي : «إيّاك وقول الجهّال من أهل العمى والضّلال الذين يزعمون أنّ الله تعالى موجود في الآخرة للحساب والثواب والعقاب ، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ، ولو كان في الوجود لله عزوجل نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبدا ، ولكنّ القوم تاهوا وعموا

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣.

(٢) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٦٦٣.

(٣) التوحيد : ص ٤٥٥ ، ح ٦.

٢١١

وصمّوا عن الحقّ من حيث لا يعلمون ، وذلك قوله عزوجل : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) يعني أعمى عن الحقائق الموجودة ، وقد علم ذوو الألباب أنّ الاستدلال على ما هناك لا يكون إلّا بما ها هنا ، ومن أخذ علم ذلك برأيه ، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها ، لم يزدد من علم ذلك إلّا بعدا ، لأنّ الله تعالى جعل علم ذلك خاصّة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفقهون» (١).

* س ٣٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً) (٧٦) [سورة الإسراء : ٧٦ ـ ٧٣]؟!

الجواب / قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «كان القوم قد أرادوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ليريبوا] رأيه في عليّ عليه‌السلام وليمسك عنه بعض الإمساك حتى أن بعض نسائه ألححن عليه في ذلك ، فكاد يركن إليهم بعض الركون ، فأنزل الله عزوجل : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) في عليّ (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً).

قال ابن العبّاس : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معصوم ، ولكن هذا تخويف لأمّته لئلّا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين (٢).

وقال عليّ بن إبراهيم ، قوله : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ١ ، ص ١٧٥ ، ح ١ ، التوحيد : ص ٤٣٨ ، ح ١.

(٢) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٢٨٤ ، ح ٢١.

٢١٢

إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) قال : يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام : (وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) أي صديقا لو أقمت غيره. ثمّ قال : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) من يوم الموت إلى أن تقوم الساعة روي في قوله : (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) : أي : ثمّ لا تجد بعدك مثل عليّ عليه‌السلام وليّا (١).

ثمّ قال : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ) يعني أهل مكّة (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً) حتّى قتلوا ببدر (٢).

وقال أبو يعقوب ، سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً).

قال : «لمّا كان يوم الفتح أخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصناما من المسجد ، وكان منها صنم على المروة ، فطلبت إليه قريش أن يتركه ، وكان مستحيا فهمّ بتركه ثم أمر بكسره ، فنزلت هذه الآية» (٣).

* س ٣٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) (٧٧) [سورة الإسراء : ٧٧]؟!

الجواب / قال أحدهما عليهما‌السلام : «إنّ الله قضى الاختلاف على خلقه ، وكان أمرا قد قضاه في علمه كما قضى على الأمم من قبلكم ، وهي السنن والأمثال تجري على الناس ، فجرت علينا كما جرت على الأمم من قبلنا ، وقول الله حقّ ، قال الله تبارك وتعالى لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٤.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠٦ ، ح ١٣٢.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠٦ ، ح ١٣٢.

٢١٣

وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) ، وقال : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً)(١) ، وقال : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)(٢) وقال : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)(٣).

وقد قضى الله على موسى عليه‌السلام وهو مع قومه يريهم الآيات والعبر (٤) ، ثمّ مرّوا على قوم يعبدون أصناما (قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)(٥) واستخلف موسى هارون عليهما‌السلام فنصبوا (عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى)(٦) وتركوا هارون ، فقال : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(٧) فضرب لكم أمثالهم ، وبيّن لكم كيف صنع بهم».

وقال : «إنّ نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقبض حتى أعلم الناس أمر عليّ عليه‌السلام ، فقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه. وقال : إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي. وكان صاحب راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المواطن كلّها ، وكان معه في المسجد يدخله على كلّ حال ، وكان أوّل الناس إيمانا به ، فلمّا قبض نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان الذي كان ، لما قد قضي من الاختلاف ، عمد عمر فبايع أبا بكر ولم يدفن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ، فلمّا رأى ذلك عليّ عليه‌السلام ، ورأى الناس قد بايعوا أبا بكر خشي أن يفتتن الناس ففرغ إلى كتاب الله وأخذ بجمعه في مصحف ، فأرسل أبو بكر إليه أن تعال فبايع ، فقال عليّ عليه‌السلام : لا أخرج حتى أجمع القرآن ، فأرسل إليه مرّة أخرى ، فقال : لا أخرج حتى أفرغ ،

__________________

(١) فاطر : ٤٣.

(٢) يونس : ١٠٢.

(٣) الروم : ٣٠.

(٤) في «ط» : والمثل.

(٥) الأعراف : ١٣٨.

(٦) طه : ٨٨.

(٧) طه : ٩٠ ـ ٩١.

٢١٤

فأرسل إليه الثالثة عمر رجلا ابن عمّ له يقال له : قنفذ ، فقامت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحول بينه وبين عليّ عليه‌السلام فضربها ، فانطلق قنفذ وليس معه عليّ عليه‌السلام ، فخشي أن يجمع عليّ عليه‌السلام الناس ، فأمر بحطب فجعل الحطب على باب بيته ، ثمّ انطلق عمر بنار ، فأراد أن يحرق على عليّ عليه‌السلام بيته وعلى فاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فلمّا رأى عليّ عليه‌السلام ذلك خرج فبايع كارها غير طائع» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «هي سنّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن كان قبله من الرّسل ، وهو الإسلام» (٢).

* س ٣٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٧٨) [سورة الإسراء : ٧٨]؟!

الجواب / قال زرارة : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذه الآية : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ).

قال : «دلوك الشمس : زوالها عند كبد السماء ، (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) إلى انتصاف الليل ، فرض الله فيما بينهما أربع صلوات : الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) يعني القراءة (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) ـ قال ـ يجتمع في صلاة الغداة حرس الليل والنهار من الملائكة ـ قال ـ وإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين ، ليس يعمل إلا السبحة (٣)

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ وص ٣٠٦ ، ح ١٣٤.

(٢) نفس المصدر : ج ٢ ، ص ٣٠٦ ، ح ١٣٥.

(٣) السبحة : النافلة. «مجمع البحرين ـ سبح ـ ج ٢ ، ص ٣٧٠».

٢١٥

التي جرت بها السنّة أمامها». (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) قال : «ركعتا الفجر ، وضعهنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووقتّهنّ للناس» (١).

وقال عليه‌السلام : وأما قوله : (كانَ مَشْهُوداً) : «تحضره ملائكة الليل وملائكة النّهار» (٢).

وقال أبو الحسن الماضي عليه‌السلام : «ما بين غروب الشمس إلى سقوط القرص غسق» (٣).

وقال سعيد بن المسيّب ، قلت لعليّ بن الحسين عليه‌السلام : متى فرضت الصّلاة على المسلمين على ما هم اليوم عليه؟

قال : «بالمدينة ، حين ظهرت الدعوة وقوي الإسلام ، وكتب الله على المسلمين الجهاد ، زاد في الصلوات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبع ركعات : في الظهر ركعتين ، وفي العصر ركعتين ، وفي المغرب ركعة ، وفي العشاء ركعتين ، وأقرّ الفجر على ما فرضت عليه بمكّة لتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض ، وتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء ، فكان ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الفجر ، فلذلك قال الله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) يشهده المسلمون ويشهده ملائكة الليل وملائكة النهار» (٤).

* س ٤٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (٧٩) [سورة الإسراء : ٧٩]؟!

الجواب / قال عمّار الساباطي : كنّا جلوسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام بمنى :

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠٨ ، ح ٣٧.

(٢) نفس المصدر : ج ٢ ، ص ٣٠٩ ، ح ١٤١.

(٣) نفس المصدر : ج ٢ ، ص ٣١٠ ، ح ١٤٤.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣٠٩ ، ح ١٤٢.

٢١٦

فقال له رجل : ما تقول في النوافل؟ فقال : «فريضة» قال : ففزعنا وفزع الرجل ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّما أعني صلاة الليل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّ الله يقول : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ)(١).

وقال أبو إبراهيم عليه‌السلام في قول الله : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً). قال : «يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين يوما ، وتؤمر الشمس فتركب على رؤوس العباد ، ويلجمهم العرق ، وتؤمر الأرض فلا تقبل من عرقهم شيئا ، فيأتون آدم عليه‌السلام فيتشفّعون منه ، فيدلّهم على نوح عليه‌السلام ، ويدلّهم نوح على إبراهيم ، ويدلّهم إبراهيم عليه‌السلام على موسى ، ويدلّهم موسى عليه‌السلام على عيسى عليه‌السلام ، ويدلّهم عيسى على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : عليكم بمحمد خاتم النبيّين ، فيقول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا لها ، فينطلق حتى يأتي باب الجنّة فيدقّ ، فيقال له : من هذا؟ ـ والله أعلم ـ فيقول : محمّد. فيقال : افتحوا له ، فإذا فتح الباب استقبل ربّه فخر ساجدا ، فلا يرفع رأسه حتى يقال له : تكلّم ، وسل تعط ، واشفع تشفّع ، فيرفع رأسه فيستقبل ربّه فيخر ساجدا ، فيقال له مثلها ، فيرفع رأسه حتّى أنّه ليشفع لمن قد أحرق بالنار ، فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو قول الله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً)(٢).

* س ٤١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) (٨٠) [سورة الإسراء : ٨٠]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم : فإنّها نزلت يوم فتح مكّة لمّا أراد رسول

__________________

(١) التهذيب : ج ٢ ، ص ٢٤٢ ، ح ٩٥٩.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣١٥ ، ح ١٥١.

٢١٧

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخولها : أنزل الله : (وَقُلْ) يا محمّد (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) الآية. قال : قوله : (سُلْطاناً نَصِيراً) أي : معينا (١).

وقال ابن عباس : قد استجاب الله لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعاءه ، فأعطاه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام سلطانا ينصره على أعدائه (٢).

* س ٤٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (٨١) [سورة الإسراء : ٨١]؟!

الجواب / قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «إذا قام القائم ذهبت دولة الباطل» (٣).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «انطلق بي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أتى بي إلى الكعبة ، فقال لي : اجلس ، فجلست إلى جنب الكعبة فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على منكبي ، ثمّ قال لي : انهض ، فنهضت ، فلمّا رأى مني ضعفا قال : اجلس ، فنزل وجلس ، ثم قال لي : يا عليّ إصعد على منكبي ، فصعدت على منكبه ، ثمّ نهض بي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخيل لي أن لو شئت لنلت أفق السماء ، فصعدت فوق الكعبة وتنحّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال لي : ألق صنمهم الأكبر صنم قريش ، وكان من نحاس موتّدا بأوتاد حديد إلى الأرض. فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عالجه ، فعالجته ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه ، فقال لي : اقذفه ، فقذفته فتكسّر ، فنزلت من فوق الكعبة ، وانطلقت أنا ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٦.

(٢) المناقب : ج ٢ ، ص ٦٧ ، شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ٣٤٨ ، ح ٤٧٩.

(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٨٧ ، ح ٤٣٢.

٢١٨

وخشينا أن يرانا أحد من قريش وغيرهم» (١).

* س ٤٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً) (٨٢) [سورة الإسراء : ٨٢]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّما الشفاء في علم القرآن ، لقوله : (ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) لأهله ، لا شكّ فيه ولا مرية ، فأهله أئمّة الهدى الذين قال الله (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)(٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام قال : «نزل جبرئيل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الآية (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ) آل محمّد حقّهم (إِلَّا خَساراً)(٣).

* س ٤٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً) (٨٣) [سورة الإسراء : ٨٣]؟!

الجواب / قال الشيخ الطّبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ) عن ذكرنا أي : ولى كأنه لم يقبل علينا بالدعاء ، والابتهال (وَنَأى بِجانِبِهِ) أي : بعد بنفسه عن القيام بحقوق إنعامنا فلا يشكره ، كما أعرض عن النعمة بالقرآن. وقال مجاهد : معناه تباعد منا. وعلى هذا فيكون معناه تجبر وتكبر ، وأعجب بنفسه ، لأن المعجب نافر عن الناس ، متباعد عنهم.

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٢٨٦ ، ح ٢٦.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣١٥ ، ح ١٥٤ ، والآية من سورة فاطر : ٣٢.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٣١٥ ، ح ١٥٥.

٢١٩

(وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً) معناه : وإذا أصابه المحنة والشدة والفقر ، لم يصبر ، وكان قنوطا من رجاء الفرج من الله تعالى ، بخلاف المؤمن الذي يرجو الفرج والروح ، فيكون المراد بالآية خاصا ، وإن كان اللفظ عاما. وسمى الأمراض والبلايا شرا ، لكونها شرا عند الكافر من حيث لا يرجو ثوابا ، ولا عوضا ، ولأن الطباع تنفر عنها ، وتكرهها ، وإلا فهي في الحقيقة صلاح ، وحكمة ، وصواب (١).

* س ٤٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) (٨٤) [سورة الإسراء : ٨٤]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «النيّة أفضل من العمل ، ألا وإنّ النيّة هي العمل ، ثم قرأ قوله عزوجل (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) يعني على نيّته» (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّما خلّد أهل النار في النار لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ، وإنّما خلّد أهل الجنة في الجنّة لأنّ نيّاتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا ، فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء». ثمّ تلا قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) قال : «على نيّته» (٣).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٢٨٦.

(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣ ، ح ٤.

(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٦٩ ، ح ٥.

٢٢٠