التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

٢ ـ روي أن نفرا من أهل مكة كانوا حين يحضرون عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتظاهرون بالإسلام كذبا وخداعا ، وما أن يرجعوا إلى قريش يعودون لعبادة الأصنام ، وقد انتخب هؤلاء هذا النوع من السلوك درءا لخطر المسلمين وخطر قريش عن أنفسهم ، بالإضافة إلى سعيهم لإمرار مصالحهم لدى الطرفين ، فنزلت هذه الآية وأمرت المسلمين بالتعامل مع هؤلاء بعنف وشدة (١).

* س ٨٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً)(٩٢) [النساء:٩٢]؟!

الجواب / ١ ـ سئل الإمام الصادق عليه‌السلام عن هذه الآية ـ قال : «إمّا تحرير رقبة مؤمنة فيما بينه وبين الله ، وإما الدّية المسلمة إلى أولياء المقتول (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) ـ قال ـ وإن كان من أهل الشّرك الذين ليس لهم في الصلح (وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) فيما بينه وبين الله ، وليس عليه الدّية (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة فيما بينه وبين الله ، ودية مسلمة إلى أهله» (٢).

وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٦٢ ، ح ٢١٧.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٤٧.

٨١

إِلَّا خَطَأً) : أي لا عمدا ولا خطأ ، و (إِلَّا) في معنى لا ، وليست استثناء (١).

٢ ـ قال معمر بن يحيى : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يظاهر من امرأته ، يجوز عتق المولود في الكفّارة؟

فقال : «كلّ العتق يجوز فيه المولود إلّا في كفّارة القتل ، فإنّ الله عزوجل يقول : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) يعني بذلك مقرّة قد بلغت الحنث» (٢).

٣ ـ سئل أبو عبد الله عليه‌السلام في رجل مسلم كان في أرض الشّرك فقتله المسلمون ثمّ علم به الإمام بعد؟

فقال عليه‌السلام : «يعتق مكانه رقبة مؤمنة ، وذلك قول الله عزوجل : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ). ثم قال : (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)(٣).

٤ ـ قال سليمان : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في الرجل يصوم شعبان وشهر رمضان؟ فقال : «هما الشهران اللذان قال الله تبارك وتعالى : (شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ).

قلت : فلا يفصل بينهما؟

قال : «إذا أفطر من الليل فهو فصل ، وإنّما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا وصال في صيام ، يعني لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير إفطار ، وقد يستحب للعبد [أن لا يدع] السحور» (٤).

٥ ـ قال الإمام الصادق عليه‌السلام في قوله : (تَوْبَةً مِنَ اللهِ) : «والله من القتل ، والظهار ، والكفّارة» (٥).

__________________

(١) الكافي : ج ٧ ، ص ٤٦٢ ، ح ١٥.

(٢) التهذيب : ج ١٠ ، ص ٣١٥ ، ح ١٧٧.

(٣) الكافي : ج ٤ ، ص ٩٢ ، ح ٥.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٦٦ ، ح ٢٣٣.

٨٢

* س ٨٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً)(٩٣) [النساء:٩٣]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «العمد : كلّ ما اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة ، فهذا كلّه عمد ، والخطأ : من اعتمد شيئا فأصاب غيره» (١).

وقال الإمام الصادق عليه‌السلام لسماعة : «المتعمّد الذي يقتله على دنيه ، فذاك التعمّد الذي ذكر الله».

قال سماعة : قلت : فرجل جاء إلى رجل فضربه بسيفه حتّى قتله ، لغضب لا لعيب ، على دينه قتله ، وهو يقول بقوله؟ قال : «ليس هذا الذي ذكر في الكتاب ، ولكن يقاد به ـ قال ـ والدية إن قبلت».

قلت : فله توبة؟ قال : «نعم ، يعتق رقبة ، ويصوم شهرين متتابعين ، ويطعم ستّين مسكينا ، ويتوب ويتضرّع فأرجو أن يتاب عليه» (٢).

__________________

(١) الكافي : ج ٧ ، ص ٢٧٨ ، ح ٢.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٦٧ ، ح ٣٦.

٨٣

* س ٨٤ : متى ولماذا نزل قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٩٤) لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (٩٥) [النساء:٩٤ ـ ٩٥]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم : إنّها نزلت لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غزوة خيبر ، وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ، ليدعوهم إلى الإسلام ، وكان رجل [من اليهود] يقال له مرداس بن نهيك الفدكي (١) في بعض القرى ، فلمّا أحسّ بخيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع أهله وماله [وصار] في ناحية الجبل فأقبل يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، فمرّ به أسامة ابن زيد فطعنه فقتله ، فلمّا رجع إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبره بذلك ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «قتلت رجلا شهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله»؟ ، فقال : يا رسول الله ، إنّما قالها تعوّذا من القتل.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فلا كشفت الغطاء عن قلبه ، ولا ما قال بلسانه قبلت ، ولا ما كان في نفسه علمت». فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحدا شهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، فتخلّف عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في حروبه : فأنزل الله تعالى في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ

__________________

(١) انظر ترجمته في سيرة ابن هشام : ج ٤ ، ص ٢٧١ ، الكامل في التاريخ : ج ٢ ، ص ٢٢٦ ، الإصابة : ج ٦ ، ص ٨٠.

٨٤

اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) [النساء : ٩٤]. [النساء:٩٤]؟!

ثمّ ذكر فضل المجاهدين على القاعدين فقال : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) يعني الزّمنى (١) كما ليس على الأعرج حرج (وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) إلى آخر الآية (٢).

* س ٨٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٩٦) [النساء:٩٦]؟!

الجواب / أقول : تشرح الآية نوع هذا الأجر العظيم فتقول أنه : (دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً).

فلو أن أفرادا من بين المجاهدين تورطوا في زلة أثناء أدائهم لواجبهم فندموا على تلك الزلة ، فقد وعدهم الله بالمغفرة والعفو ، حيث يقول في نهاية الآية : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً).

* س ٨٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً)(٩٧) [النساء:٩٧]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم ، قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) ، نزلت في من اعتزل أمير المؤمنين عليه‌السلام ولم يقاتل معه ،

__________________

(١) الزّمنى : جمع زمن ، وصف من الزّمانة ، وهي مرض يدوم.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٤٨.

٨٥

فقالت الملائكة لهم عند الموت : (فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) أي لم نعلم مع من الحقّ ، فقال الله : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) أي دين الله وكتاب الله واسع ، فتنظروا فيه (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) ثم استثنى (١) ـ [بعد ذلك في الآية التي بعدها كما سيأتي] ـ.

* س ٨٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً)(٩٩) [النساء:٩٨ ـ ٩٩] ومن يكون المستضعف في الآية الأولى؟!

الجواب / قال سليمان بن خالد : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) الآية.

قال : «يا سليمان ، في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك ، المستضعفون قوم يصومون ويصلّون ، تعفّ بطونهم وفروجهم ولا يرون أنّ الحقّ في غيرنا ، آخذين بأغصان الشجرة (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) إذا كانوا آخذين بالأغصان ، وإن لم يعرفوا أولئك ، فإن عفا عنهم فبرحمته ، وإن عذّبهم فبضلالتهم عمّا عرفهم» (٢).

أمّا ما ورد في معنى المستضعف فهناك روايات عديدة نذكر منها :

١ ـ قال سليمان بن خالد : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستضعفين؟ فقال : «البلهاء في خدرها ، والخادمة تقول لها : صلّي ، فتصلّي لا تدري إلّا ما قلت لها ، والجليب ـ [الذي يجلب من بلد إلى غيره] ـ الذي لا يدري إلّا ما

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٤٩.

(٢) معاني الأخبار : ص ٢٠٢ ، ح ٩.

٨٦

قلت له ، والكبير الفاني ، والصبيّ الصغير ، هؤلاء المستضعفون ، فأمّا رجل شديد العنق جدل خصم ، يتولى الشراء والبيع ، لا تستطيع أن تغبنه في شيء ، تقول : هذا مستضعف؟ لا ، ولا كرامة» (١).

٢ ـ سئل أبو عبد الله عليه‌السلام : ما حدّ المستضعف الذي ذكره الله عزوجل؟ قال : «من لا يحسن سورة من سور القرآن ، وقد خلقه الله عزوجل خلقة ما ينبغي له أن لا يحسن» (٢).

٣ ـ قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «لا يستطيعون حيلة إلى النّصب فينصبوا ، ولا يهتدون سبيل أهل الحقّ فيدخلوا فيه ، وهؤلاء يدخلون الجنّة بأعمال حسنة ، وباجتناب المحارم التي نهى الله عزوجل عنها ، ولا ينالون منازل الأبرار» (٣).

٤ ـ ذكر أبو عبد الله عليه‌السلام : أنّ المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضا ، ومن لم يكن من أهل القبلة ناصبا فهو مستضعف (٤).

٥ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف» (٥).

٦ ـ قال عمر بن أبان : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المستضعفين ، فقال : «هم أهل الولاية».

فقلت : أيّ ولاية؟ فقال : «أما إنّها ليست بالولاية في الدين ، ولكنّها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة ، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفّار ، ومنهم المرجون لأمر الله عزوجل» (٦).

__________________

(١) معاني الأخبار : ص ٢٠٣ ، ح ١٠.

(٢) معاني الأخبار : ص ٢٠٢ ، ح ٧.

(٣) معاني الأخبار : ص ٢٠١ ، ح ٥.

(٤) معاني الأخبار : ص ٢٠٠ ، ح ١.

(٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٩٨ ، ح ٧.

(٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٩٧ ، ح ٥.

٨٧

٧ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «هو الذي لا يهتدي حيلة إلى الكفر فيكفر ، ولا يهتدي سبيلا إلى الإيمان ، لا يستطيع أن يؤمن ولا يستطيع أن يكفر ، فهم الصّبيان ، ومن كان من الرجال والنّساء على مثل عقول الصّبيان مرفوع عنهم القلم» (١).

* س ٨٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(١٠٠) [النساء:١٠٠]؟!

الجواب / ١ ـ قال عليّ بن إبراهيم القميّ ، في قوله تعالى : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) : «أي يجد خيرا كثيرا إذا جاهد مع الإمام» (٢).

٢ ـ قال ابن أبي عمير : وجّه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن وعبد الله ، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد ابنه ، قال محمد بن أبي عمير : حدّثني محمّد بن حكيم ، قال : قلت لأبي الحسن الأوّل ، فذكرت له زرارة وتوجيه ابنه عبيدا إلى المدينة.

فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «إنّي لأرجو أن يكون زرارة ممّن قال الله : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ)(٣).

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٩٧ ، ح ١.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٤٩.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٠ ، ح ٢٥٣.

٨٨

* س ٨٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً)(١٠١) [النساء:١٠١]؟!

الجواب / ١ ـ عن زرارة ، ومحمّد بن مسلم ، أنهما قالا : قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : ما تقول في صلاة السّفر ، كيف هي ، وكم هي؟ فقال : «إنّ الله عزوجل يقول : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) فصار التقصير في السّفر واجبا كوجوب التمام في الحضر».

قالا : قلنا : إنّما قال الله عزوجل : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل : افعلوا ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه‌السلام : «أو ليس قد قال الله عزوجل : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما)(١) ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض ، لأن الله عزوجل ذكره في كتابه وصنعه نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك التقصير في السّفر شيء صنعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكره الله تعالى في كتابه».

قالا : فقلنا له : فمن صلّى في السّفر أربعا ، أيعيد أم لا؟ قال : «إن كان قد قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له فصلّى أربعا ، أعاد ، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يكن يعلمها ، فلا إعادة عليه ، والصلوات كلّها في السفر الفريضة ركعتان كلّ صلاة ، إلّا المغرب فإنّها ثلاث ، ليس فيها تقصير ، تركها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في السّفر والحضر ثلاث ركعات» (٢).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فرض الله على المقيم خمس صلوات ، وفرض على المسافر ركعتين تمام ، وفرض على الخائف ركعة ، وهو قول الله : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ

__________________

(١) البقرة : ١٥٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ، ص ٢٧٨ ، ح ١٢٦٦.

٨٩

كَفَرُوا) يقول : من الركعتين فتصير ركعة» (١).

* س ٩٠ : ما اسم الصلاة التي ذكرها الله في قوله :

(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً)(١٠٢) [النساء:١٠٢] وكيف يمكن أدائها؟!

الجواب / قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «صلّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأصحابه في غزاة ذات الرّقاع (٢) ففرّق أصحابه فرقتين ، فأقام فرقة بإزاء العدوّ وفرقة خلفه ، فكبّر وكبّروا ، فقرأ وأنصتوا ، فركع وركعوا ، فسجد وسجدوا ، ثمّ استمرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائما فصلّوا لأنفسهم ركعة ، ثمّ سلّم بعضهم على بعض ، ثمّ خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدوّ ، وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكبّر وكبّروا ، وقرأ فأنصتوا ، وركع فركعوا ، وسجد فسجدوا ، ثمّ جلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتشهّد ، ثم سلّم عليهم فقاموا فقضوا لأنفسهم ركعة ، ثمّ سلّم بعضهم على بعض ، وقد قال الله تعالى لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ

__________________

(١) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٢٧١ ، ح ٢٥٥.

(٢) غزوة ذات الرقاع : وقعت سنة (٤ ه‍) ، وهي غزوة خصفة من بني ثعلبة من غطفان ، ولم يكن فيها قتال ، وفيها كانت صلاة الخوف. (مروج الذهب : ج ٢ ، ص ٢٨٨).

٩٠

وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء : ١٠٢ ـ ١٠٣] فهذه صلاة الخوف التي أمر الله عزوجل بها نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

يبقى لدينا سؤال : كيف تصلى صلاة المغرب؟

قال الإمام جعفر بن محمّد عليه‌السلام : «صلاة المغرب في الخوف أن يجعل أصحابه طائفتين : بإزاء العدوّ واحدة ، والأخرى خلفه ، فيصلّي بهم ، ثمّ ينصب قائما ويصلّون هم تمام ركعتين ، ثمّ يسلّم بعضهم على بعض ، ثمّ تأتي طائفة أخرى فيصلّي بهم ركعتين فيصلّون هم ركعة ، فتكون للأوّلين قراءة ، وللآخرين قراءة» (٢).

* س ٩١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(١٠٣) [النساء:١٠٣]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ في قوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) : «الصحيح يصلّي قائما ، والعليل يصلّي جالسا ، فمن لم يقدر فمضطجعا يومىء إيماء» (٣).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ، ص ٢٩٣ ، ح ١٣٣٧.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٢ ، ح ٢٥٦.

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٥٠.

٩١

ووردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) نذكر منها :

١ ـ قال الإمام الباقر عليه‌السلام : «أي موجوبا» (١).

٢ ـ قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «كتابا ثابتا ، وليس إن عجّلت قليلا أو أخّرت قليلا بالذي يضرّك ما لم تضيّع تلك الإضاعة ، فإنّ الله عزوجل يقول لقوم : (أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)(٢)» (٣).

٣ ـ قال الإمام أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «إنّ للصلاة وقتا ، والأمر فيه واسع يقدّم مرّة ويؤخّر مرّة ، إلّا الجمعة فإنّما هو وقت واحد ، وإنّما عنى الله (كِتاباً مَوْقُوتاً) أي واجبا ، يعني بها أنّها الفريضة» (٤).

٤ ـ قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «إنّما يعني وجوبها على المؤمنين ، ولو كان كما يقولون إذن لهلك سليمان ابن داود عليه‌السلام حين قال : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ)(٥) لأنّه لو صلّاها قبل ذلك كانت في وقت ، وليس صلاة أطول وقتا من صلاة العصر» (٦).

٥ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «كتاب واجب ، أما إنّه ليس مثل وقت الحجّ ولا رمضان إذا فاتك فقد فاتك ، وإنّ الصلاة إذا صلّيت فقد صلّيت» (٧).

__________________

(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٢٧٢ ، ح ٤.

(٢) مريم : ٥٩.

(٣) الكافي : ج ٣ ، ص ٢٧٠ ، ح ١٣.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٢٦١.

(٥) ص : ٣٢.

(٦) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٢٦٣.

(٧) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٢٦٦.

٩٢

* س ٩٢ : ما هو سبب نزول قوله تعالى :

(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً)(١٠٤) [النساء:١٠٤]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : روي عن ابن عباس ومفسرين آخرين أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ بعد الأحداث الأليمة لواقعة أحد ـ صعد إلى جبل أحد وكان على الجبل أبو سفيان فخاطب النبي بلهجة الفاتح بقوله : «يا محمد يوم بيوم بدر!» وعنى أبو سفيان بذلك أن انتصارهم في أحد كان مقابل هزيمتهم في واقعة بدر.

فطلب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المسلمين أن يردوا عليه فورا ، ولعل النبي أراد أن يثبت لأبي سفيان أن من تربوا في ظل الرسالة الإسلامية يتمتعون بكامل الوعي ، فرد المسلمون على أبي سفيان : هيهات أن يستوي الوضع بين المؤمنين والمشركين ، فشهداء المؤمنين في الجنة وقتلى المشركين في النار.

فأجاب أبو سفيان ـ صارخا ومفتخرا ـ بالعبارة التالية : «لنا العزى ولا عزى لكم» فرد عليه المسلمون :

«الله مولانا ولا مولى لكم» ولما عجز أبو سفيان عن الرد على هذا الجواب والشعار الإسلامي الحي تخلى عن صنمه «العزى» وعرج على صنم آخر هو «هبل» متوسلا إليه بقوله : «أعل هبل ، أعل هبل» فرد عليه المسلمون بجواب قوي علمهم إياه نبي الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو : «الله أعلى وأجل». فلما أعيت أبا سفيان الحيلة ولم تجده شعاراته الوثنية نفعا قال صارخا : «موعدنا في أرض بدر الصغرى».

عاد المسلمون من ساحة القتال مثخنين بالجراح ، وحين كان يعتصرهم الألم من أحداث أحد نزلت الآية المذكورة أعلاه محذرة المسلمين من الغفلة

٩٣

عن المشركين مطالبة إياهم بملاحقة قوى الشرك دون كلل أو ملل ، وأن لا يتأثروا بحوادث مؤلمة كحادثة أحد ، فهب المسلمون وهم في تلك الحالة لملاحقة العدو ، فما أن سمع المشركون بعزم المسلمين حتى أسرعوا الخطى مبتعدين عن المدينة وعادوا إلى مكة (١).

* س ٩٣ : ما هو سبب نزول وتفسير أهل البيت عليهم‌السلام في قوله تعالى :

(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٦) وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (١٠٨) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (١٠٩) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (١١٢) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)(١١٣) [النساء:١٠٥ ـ ١١٣]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا والله ما فوّض الله الكتاب إلى أحد من خلقه إلّا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى الأئمّة عليهم‌السلام ، قال عزوجل : (إِنَّا

__________________

(١) التبيان : ج ٣ ، ص ٣١٤.

٩٤

أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) وهي جارية في الأوصياء عليهم‌السلام» (١).

٢ ـ قال علي بن إبراهيم القميّ : إنّ سبب نزولها أنّ قوما من الأنصار من بني أبيرق إخوة ثلاثة كانوا منافقين : بشير ، وبشر ، ومبشّر ، فنقبوا على عمّ قتادة بن النّعمان (٢) ، وكان قتادة بدريّا ، وأخرجوا طعاما كان أعدّه لعياله وسيفا ودرعا ، فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنّ قوما نقبوا على عمّي ، وأخذوا طعاما كان أعدّه لعياله وسيفا ودرعا ، وهم أهل بيت سوء ، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له لبيد بن سهل (٣).

فقال بنو أبيرق لقتادة : هذا عمل لبيد بن سهل. فبلغ ذلك لبيدا ، فأخذ سيفه وخرج عليهم ، فقال : يا بني أبيرق ، أترمونني بالسّرقة ، وأنتم أولى بها منّي ، وأنتم المنافقون تهجون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتنسبون إلى قريش ، لتبيّننّ ذلك أو لأملأنّ سيفي منكم. فداروه وقالوا له : ارجع يرحمك الله ، فإنك بريء من ذلك.

فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له : أسيد بن عروة ، وكان منطيقا بليغا ، فمشى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله ، إنّ قتادة بن النّعمان عمد إلى أهل بيت منّا ، أهل شرف وحسب ونسب ، فرماهم بالسّرقة واتّهمهم بما ليس فيهم. فاغتمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك ، وجاء إليه قتادة ، فأقبل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : «عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ٢١٠ ، ح ٨.

(٢) قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن ظفر ، بدري ، عقبيّ ، وهو أخو أبي سعيد الخدري لأمه. (سير أعلام النبلاء : ج ٢ ، ص ٣٣١).

(٣) لبيد بن سهل بن الحارث بن عذرة بن عبد رزاح ، بدريّ ، فاضل ، وهو الذي اتهم بدرعي رفاعة بن زيد ، وهو بريء ، والذي سرقها هو ابن أبيرق وسرق معها دقيق حوارى كان لرفاعة : (جمهرة أنساب العرب : ص ٣٤٣».

٩٥

فرميتهم بالسّرقة» وعاتبه عتابا شديدا.

فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمّه ، وقال له : يا ليتني متّ ولم أكلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد كلّمني بما كرهته. فقال عمّه : الله المستعان : فأنزل الله في ذلك على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) ـ إلى قوله ـ (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) يعني الفعل ، فوضع القول مقام الفعل.

ثمّ قال : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ـ إلى قوله ـ (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) ، قال علي بن إبراهيم : يعني لبيد بن سهل (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً)(١).

٣ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إنّ أناسا من رهط بشير الأدنين ، قالوا : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقالوا : نكلّمه في صاحبنا أو نعذره ، إنّ صاحبنا بريء ، فلمّا أنزل الله (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ) إلى قوله : (وَكِيلاً) فأقبلت رهط بشير ، فقالوا : يا بشير ، استغفر الله وتب إليه من الذنب. فقال : والذي أحلف به ما سرقها إلّا لبيد فنزلت (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً).

ثمّ إنّ بشيرا كفر ولحق بمكّة ، وأنزل الله في النفر الذين أعذروا بشيرا وأتوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليعذروه قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) [النساء : ١١٣]» (٢).

٤ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٥٠.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٥٢.

٩٦

الْقَوْلِ) : «فلان وفلان وأبو عبيدة بن الجراح» (١).

٥ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما من عبد أذنب ذنبا فقام فتطهر وصلّى ركعتين واستغفر الله من ذنبه ، إلا كان حقيقا على الله أن يغفر له ، لأنّه يقول : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)(٢).

٦ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه ممّا قد ستره الله عليه ، فأمّا إذا قلت ما ليس فيه ، فذلك قول الله : (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً)(٣).

* س ٩٤ : ما هو تفسير أهل البيت عليهم‌السلام لقوله تعالى :

(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(١١٤) [النساء:١١٤]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ الله فرض التحمّل في القرآن».

قال الحلبي : قلت : وما التحمّل ، جعلت فداك؟ قال عليه‌السلام : «أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتحمّل له ، وهو قول الله : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ)(٤).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ في هذه الآية ـ : «يعني بالمعروف القرض» (٥).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ٢٦٧.

(٢) إرشاد القلوب : ج ١ ، ص ٤٦.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٥ ، ح ٢٧٠.

(٤) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٥٢.

(٥) الكافي : ج ٤ ، ص ٣٤ ، ح ٣.

٩٧

* س ٩٥ : ما هو تفسير أهل البيت عليهم‌السلام لقوله تعالى :

(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً)(١١٥) [النساء:١١٥]؟!

الجواب / ١ ـ قال عليّ بن إبراهيم القميّ ، في قوله : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) : أي يخالفه (١).

٢ ـ قال أحدهما عليهما‌السلام : «لمّا كان أمير المؤمنين في الكوفة أتاه الناس ، فقالوا : اجعل لنا إماما يؤمّنا في شهر رمضان ، فقال : لا ، ونهاهم أن يجتمعوا فيه (٢) ، فلمّا أمسوا جعلوا يقولون : ابكوا في رمضان وارمضاناه ، فأتاه الحارث الأعور في أناس ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ضجّ الناس وكرهوا قولك ، فقال عند ذلك : دعوهم وما يريدون ، ليصلي بهم من شاءوا ، ثمّ قال : فمن (يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً)(٣).

٣ ـ قال رجل من الأنصار : خرجت أنا والأشعث الكندي وجرير البجلي حتّى إذا كنا بظهر الكوفة بالفرس ، مرّ بنا ضبّ ، فقال الأشعث وجرير : السّلام عليك يا أمير المؤمنين. خلافا على عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فلمّا خرج الأنصاريّ قال لعليّ عليه‌السلام ، فقال عليّ عليه‌السلام : «دعهما فهو إمامهما يوم القيامة ، أما تسمع إلى الله وهو يقول : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى)(٤).

* س ٩٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً)(١١٦) [النساء:١١٦]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لا يغفر

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٥٢.

(٢) أي ـ يصلوا صلاة التراويح وهي النوافل.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٥ ، ح ٢٧٢.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٥ ، ح ٢٧٣.

٩٨

الشرك ، وأنه يغفر ما دونه ، مثل جواز العفو عن مرتكبي الكبائر من أهل الصلاة ، وإن لم يتوبوا.

وقيل : أنه عنى بهذه الآية أبا طعمة (١) الخائن حين أشرك ومات على شركه بالله ، غير أن الآية وإن نزلت بسببه ، فعندنا وعند جميع الأمة أن الله لا يغفر لمن أشرك به بلا توبة : لتناول العموم لهم ، فإن قيل : فعلى هذا من لم يشرك بالله بأن لا يعبد معه سواه ، وإن كان كافرا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من اليهود والنصارى ينبغي أن يكون داخلا تحت المشيئة ، لأنه مما دون الشرك؟

قلنا : ليس الأمر على ذلك لأن كل كافر مشرك ، لأنه إذا جحد نبوة النبي اعتقد أن ما ظهر على يده من المعجزات ـ ليست من فعل الله ، ونسبها إلى غيره ، وأن الذي صدقه بها ليس هو الله ، ويكون ذلك إشراكا معه على أن الله تعالى أخبر عنهم بأنهم قالوا : ـ يعني النصارى ـ «المسيح ابن الله ، وقالت اليهود عزير بن الله» (٢) وذلك هو الشرك بالله تعالى على أنه لو لم يكونوا داخلين في الشرك لخصصناهم من جملة من تناولتهم المشيئة لإجماع الأمة على أن الله تعالى لا يغفر الكفر على وجه إلا بتوبة.

وقوله : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) : يعني : من يجعل في عبادته مع الله شريكا ، فقد ذهب عن طريق الحق وزال عن قصد السبيل ذهابا بعيدا ، لأنه بإشراكه مع الله في عبادته فقد أطاع الشيطان ، وسلك طريقه وترك طاعة ربه (٣).

__________________

(١) أبو طعمه بن الأبيرق ، وهو من الخائنين الذين ذكرهم الله في قوله : (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً). لما أبى التوبة من أبى ومنهم أبو طعمة بن الأبيرق. ولحق بالمشركين من عبدة الأوثان بمكة مرتدا مفارقا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودينه.

(٢) التوبة : ٣١.

(٣) التبيان : ج ٣ ، ص ٣٣٠.

٩٩

* س ٩٧ : ما هو تفسير أهل البيت عليهم‌السلام لقوله تعالى :

(إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً (١١٧) لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (١١٨) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً)(١١٩) [النساء:١١٧ ـ ١١٩]؟!

الجواب / ١ ـ دخل رجل على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال : السّلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقام على قدميه ، فقال : «مه ، هذا اسم لا يصلح إلّا لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، الله سمّاه به ، ولم يسمّ به أحد غيره فرضي به إلّا كان منكوحا ، وإن لم يكن ابتلي به ، وهو قول الله في كتابه : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً).

قال الرجل : فماذا يدعى به قائمكم؟ قال : «يقال له : السّلام عليك يا بقيّة الله ، السّلام عليك يا بن رسول الله» (١).

٢ ـ قال علي بن إبراهيم القميّ : قالت قريش : إنّ الملائكة هم بنات الله (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللهُ) ، قال : كانا يعبدون الجنّ (٢).

٣ ـ قال علي بن إبراهيم القميّ : في قوله تعالى : (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) يعني إبليس حيث قال : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ) أي أمر الله (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام : «أمر الله بما أمر به» (٤).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٦ ، ح ٢٧٤.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٥٢.

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٥٣.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٧٦ ، ح ٢٧٥.

١٠٠