التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

فقال عليه‌السلام : «للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الأمّ الثّلث ، الذكر والأنثى فيه سواء ، وبقي سهم فهو للإخوة والأخوات للأب ، للذّكر مثل حظّ الأنثيين ، لأنّ السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ، ولا الإخوة من الأمّ من ثلثهم ، لأنّ الله عزوجل يقول : (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ).

وإن كانت واحدة فلها السّدس ، والذي عنى الله تبارك وتعالى في قوله : (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) إنّما عنى بذلك الإخوة والأخوات من الأمّ خاصّة. وقال في آخر سورة النساء : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ) يعني أختا لأب وأمّ أو أختا لأب (فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)(١). فهم الذين يزادون وينقصون وكذلك أولادهما الذين يزادون وينقصون.

ولو أنّ امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمّها وأختيها لأبيها ، كان للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللإخوة من الأمّ سهمان ، وبقي سهم فهو للأختين من الأب ، وإن كانت واحدة فهو لها لأنّ الأختين لأب لو كانتا أخوين لأب لم يزاد على ما بقي ، ولو كانت واحدة ، أو كان مكان الواحدة أخ لم يزد على ما بقي ، ولا تزاد أنثى من الأخوات ، ولا من الولد على ما لو كان ذكرا لم يزد عليه» (٢).

__________________

(١) النساء : ١٧٦.

(٢) الكافي : ج ٧ ، ص ١٠١ ، ح ٣.

٢١

* س ١٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ)(١٤) [النساء:١٣ ـ ١٤]؟!

الجواب / قال أمين الإسلام الطبرسي : لما فرض الله فرائض المواريث ، عقبها بذكر الوعد في الائتمار لها ، والوعيد على التعدي لحدودها ، فقال (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) : أي هذه التي بينت في أمر الفرائض ، وأمر اليتامى ، حدود الله : أي الأمكنة التي لا ينبغي أن تتجاوز ، واختلف في معنى الحدود على أقوال أحدها : تلك شروط الله.

وثانيها : تلك طاعة الله.

وثالثها : تلك تفصيلات الله لفرائضه ، وهو الأقوى.

فيكون المراد : هذه القسمة التي قسمها الله لكم ، والفرائض التي فرضها الله لأحيائكم من أمواتكم ، فصول بين طاعة الله ومعصيته ، فإن معنى حدود الله : حدود طاعة الله ، وإنما اختصر لوضوح معناه للمخاطبين (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما أمر به من الأحكام. وقيل : فيما فرض له من فرائض المواريث ، (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أي من تحت أشجارها وأبنيتها (الْأَنْهارُ) : أي ماء الأنهار ، حذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، في الموضعين (خالِدِينَ فِيها) : أي دائمين فيها (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي الفلاح العظيم ، وصفه بالعظيم ، ولم يبين بالإضافة إلى ما ذا. والمراد : إنه عظيم بالإضافة إلى منفعة الحيازة في التركة من حيث كان أمر الدنيا حقيرا بالإضافة إلى أمر الآخرة ، وإنما خص الله الطاعة في قسمة الميراث بالوعد ،

٢٢

مع أنه واجب في كل طاعة إذا فعلت ، لوجوبها ، أو لوجه وجوبها ، ليبين عن عظم موقع هذه الطاعة بالترغيب فيها ، والترهيب عن تجاوزها ، وتعديها ، (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما بينه من الفرائض وغيرها (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) : أي ويجاوز ما حد له من الطاعات ، (يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً) أي دائما (فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) سماه مهينا ، لأن الله يفعله على وجه الإهانة ، كما أنه يثيب المؤمن على وجه الكرامة ... (١).

* س ١٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) (١٦) [النساء:١٥ ـ ١٦]؟!

الجواب / قال أبو بصير : سألت أبو عبد الله عليه‌السلام عن هذه الآية (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) قال : هذه منسوخة».

قال : قلت : كيف كانت؟ ، قال : «كانت المرأة إذا فجرت ، فقام عليها أربعة شهود ، أدخلت بيتا ولم تحدّث ولم تكلّم ، ولم تجالس ، وأوتيت فيه بطعامها وشرابها حتّى تموت».

قلت : فقوله : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)؟ قال : «جعل السبيل الجلد ، والرجم ، والإمساك في البيوت».

قلت : قوله : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ)؟ قال : «يعني البكر إذا أتت الفاحشة التي أتتها هذه الثيّب (فَآذُوهُما) ـ قال ـ تحبس (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٣٩.

٢٣

فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً)(١).

* س ١٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(١٨) [النساء:١٧ ـ ١٨]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى)(٢) : «لهذه الآية تفسير يدلّ على ذلك التفسير ، إنّ الله لا يقبل من عبد عملا إلّا ممّن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير ، وما اشترط فيه على المؤمنين ، وقال : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ) يعني كلّ ذنب عمله العبد وإن كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربّه ، وقد قال فيه تبارك وتعالى يحكي قول يوسف لإخوته : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ)(٣) فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله» (٤).

٢ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إذا بلغت النفس هذه ـ وأهوى بيده إلى حنجرته ـ لم يكن للعالم توبة ، وكانت للجاهل توبة» (٥).

وقال أبو علي الطّبرسي : اختلف في معنى قوله : (بِجَهالَةٍ) على

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٢٧ ، ح ٦١.

(٢) طه : ٨٢.

(٣) يوسف : ٨٩.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٢٨ ، ح ٦٢.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٢٨ ، ح ٦٤.

٢٤

وجوه ، أحدها أنّه كلّ معصية يفعلها العبد بجهالة ، وإن كانت على سبيل العمد ، لأنّه يدعو إليها الجهل ويزيّنها للعبد ، قال : وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

٣ ـ سئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ). قال عليه‌السلام : «ذلك إذا عاين أحوال الآخرة» (٢).

وقال عليه‌السلام في رواية أخرى : «هو الفرّار تاب حين لم تنفعه التوبة ، ولم تقبل منه» (٣).

* س ١٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)(١٩) [النساء:١٩]؟!

الجواب / وردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهم‌السلام في معنى هذه الآية الشريفة نذكر منها :

١ ـ قال إبراهيم بن ميمون : سألت أبا عبد الله عن قول الله : (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) قال : «الرجل تكون في حجره اليتيمة فيمحضها من التزويج ليرثها بما تكون قريبة له».

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٣٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٧٩ ، ح ٣٥٥.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٢٨ ، ح ٦٣.

٢٥

قلت : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) قال : «الرّجل تكون له المرأة فيضربها حتّى تفتدي منه ، فنهى الله عن ذلك» (١).

وقال هاشم بن عبد الله السّري البجلي : سألته عليه‌السلام عن قوله : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) قال : فحكى كلاما ، ثمّ قال : «كما يقولون بالنبطية إذا طرح عليها الثوب عضلها فلا تستطيع أن تتزوّج غيره ، وكان هذا في الجاهليّة» (٢).

٢ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) : «فإنه كان في الجاهلية في أوّل ما أسلموا من قبائل العرب إذا مات حميم الرجل وله امرأة ألقى الرجل ثوبه عليها ، فورث نكاحها بصداق حميمه الذي كان أصدقها ، يرث نكاحها كما يرث ماله ، فلمّا مات أبو قيس بن الأسلت ألقى محصن بن أبي قيس ثوبه على امرأة أبيه وهي كبيشة بنت معمر بن معبد ، فورث نكاحها ثمّ تركها لا يدخل بها ولا ينفق عليها ، فأتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، مات أبو قيس بن الأسلت ، فورث ابنه محصن نكاحي فلا يدخل عليّ ولا ينفق عليّ ، ولا يخلّي سبيلي فألحق بأهلي؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ارجعي إلى بيتك ، فإن يحدث الله في شأنك شيئا أعلمتك ، فنزل : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً)(٣) فلحقت بأهلها. وكانت النساء في المدينة قد ورث نكاحهنّ كما ورث نكاح كبيشة غير أنّه ورثهنّ من

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٢٨ ، ح ٦٥.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٢٩ ، ح ٦٦.

(٣) النساء : ٢٢.

٢٦

الأباء ، فأنزل الله ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً)(١).

٣ ـ قال أبو علي الطّبرسي : الأولى حمل الآية ـ أي (الفاحشة) ـ على كلّ معصية ، يعني في الفاحشة ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢).

٤ ـ قال عليّ بن إبراهيم القميّ ، في قوله تعالى : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) يعني الرجل يكره أهله ، فإمّا أن يمسكها فيعطفه الله عليها ، وأمّا أن يخلي سبيلها فيتزوّجها غيره ، فيرزقها الله الودّ والولد ففي ذلك قد جعل الله خيرا كثيرا (٣).

* س ١٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً)(٢٠) [النساء:٢٠]؟!

الجواب / قال عمر بن يزيد : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخبرني عمّن تزوّج على أكثر من مهر السنّة ، أيجوز له ذلك؟

قال عليه‌السلام : «إن جاوز مهر السنّة فليس هذا مهرا ، إنّما هو نحل ، لأن الله يقول : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) إنّما عنى النّحل ولم يعن المهر ألا ترى أنّها إذا أمهرها مهرا ثمّ اختلعت ، كان له أن يأخذ المهر كاملا ، فما زاد على مهر السنّة فإنّما هو نحل كما أخبرتك ، فمن ثمّ وجب لها مهر نسائها لعلّة من العلل».

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٣٤.

(٢) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٤٠.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٣٤.

٢٧

قلت : كيف يعطي ، وكم مهر نسائها؟

قال : «إن مهر المؤمنات خمس مائة ، وهو مهر السنّة ، وقد يكون أقلّ من خمس مائة ولا يكون أكثر من ذلك ، ومن كان مهرها ومهر نسائها أقل من خمس مائة أعطي ذلك الشيء ، ومن فخر وبذخ بالمهر فازداد على مهر السنّة ثمّ وجب لها مهر نسائها في علّة من العلل ، لم يزد على مهر السنة خمس مائة درهم» (١).

* س ٢٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)(٢١) [النساء:٢١]؟!

الجواب / قال بريد العجليّ : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً). قال : «الميثاق هي الكلمة التي عقد بها النكاح ، وأمّا قوله : (غَلِيظاً) فهو ماء الرجل يفضيه إلى امرأته» (٢).

وقال الطّبرسي روي عن أبي جعفر عليه‌السلام : الميثاق الغليظ هو العهد ـ وقيل العقد ـ من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان (٣).

* س ٢١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً)(٢٢) [النساء:٢٢]؟!

الجواب / قال أحدهما عليهما‌السلام ـ الباقر أو الصادق عليهما‌السلام ـ : «لو لم يحرم على الناس أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقول الله عزوجل : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٢٩ ، ح ٦٧.

(٢) الكافي : ج ٥ ، ص ٥٦٠ ، ح ١٩.

(٣) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٤٢.

٢٨

رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً)(١) حرمن على الحسن والحسين عليهما‌السلام ، بقول الله تبارك وتعالى اسمه : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جدّه» (٢).

* س ٢٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)(٢٣) [النساء:٢٣]؟!

الجواب / ١ ـ قال محمد بن مسلم ، قلت له عليه‌السلام ـ الباقر أو الصادق عليهما‌السلام ـ : أرأيت قول الله : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ)(٣)؟

قال : «إنّما عنى به التي حرّم الله عليه في هذه الآية (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)(٤).

٢ ـ قال أبو حمزة : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل تزوّج امرأة وطلّقها قبل أن يدخل بها ، أتحلّ له ابنتها؟

قال : فقال : «قد قضى في هذه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، لا بأس به ، إنّ الله يقول : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ

__________________

(١) الأحزاب : ٥٣.

(٢) الكافي : ج ٥ ، ص ٤٢٠ ، ح ١.

(٣) الأحزاب : ٥٢.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٠ ، ح ٧١.

٢٩

تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) لكنّه لو تزوّج الابنة ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها ، لم تحلّ له أمّها».

قال : قلت له : أليس هما سواء؟ قال : فقال : «لا ، ليس هذه مثل هذه ، إنّ الله يقول : (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) لم يستثني في هذه كما اشترط في تلك ، هذه هاهنا مبهمة ليس فيها شرط ، وتلك فيها شرط» (١).

٣ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) في زمن يعقوب عليه‌السلام (٢).

وسئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن أختين مملوكتين ينكح إحداهما ، أتحلّ له الأخرى؟

فقال : (ليس ينكح الأخرى إلّا دون الفرج ، وإن لم يفعل فهو خير له ، نظير تلك المرأة تحيض فتحرم على زوجها أن يأتيها في فرجها لقول الله : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(٣) قال : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) يعني في النكاح فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته وهي حائض فيما دون الفرج» (٤).

* س ٢٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)(٢٤) [النساء:٢٤]؟!

الجواب / ١ ـ قال محمد بن مسلم : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٠ ، ح ٧٤.

(٢) نهج البيان : ج ١ ، ص ٨٦ (مخطوط).

(٣) البقرة : ٢ / ٢٢٢.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٢ ، ح ٧٨.

٣٠

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).

قال : «هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته ، فيقول له : اعتزلها ولا تقربها ، ثمّ يحسبها عنه حتّى تحيض ، ثمّ يمسّها ، فإذا حاضت بعد مسّه إيّاها ردّها عليه بغير نكاح» (١).

وفي رواية أبي بصير عن أحدهما عليهما‌السلام ، في قول الله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ). قال : هنّ ذوات الأزواج (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) إن كنت زوّجت أمتك غلامك نزعتها منه إذا شئت».

فقلت : أرأيت إن زوّج غير غلامه؟ قال : «ليس له أن ينزع حتّى تباع ، فإن باعها صار بضعها في يد غيره ، فإن شاء المشتري فرّق ، وإن شاء أقرّ» (٢).

٢ ـ قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : يعني حجّة الله عليكم فيما يقول. وقال في قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) : يعني التزويج بمحصنة غير زانية غير مسافحة» (٣).

٣ ـ قال عبد الرحمن بن أبي عبد الله : سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن المتعة ، فقال : «عن أيّ المتعتين تسأل؟» ، قال : سألتك عن متعة الحجّ ، فأنبئني عن متعة النساء ، أحقّ هي؟

فقال : «سبحان الله! أما قرأت كتاب الله عزوجل (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ، فقال أبو حنيفة : والله لكأنّها آية لم أقرأها قطّ (٤).

قال محمد بن مسلم : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل :

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٢ ، ح ٨٠.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٣ ، ح ٨٣.

(٣) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٣٥.

(٤) الكافي : ج ٥ ، ص ٤٤٩ ، ح ٦.

٣١

(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ).

فقال : «ما تراضوا به من بعد النكاح فهو جائز ، وما كان قبل النكاح فلا يجوز إلّا برضاها وبشيء يعطيها فترضى به» (١).

٤ ـ قال عبد السّلام ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في المتعة؟ قال : «قول الله : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة إلى أجل مسمى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة».

قال : قلت : جعلت فداك ، أهي من الأربع؟ قال : «ليست من الأربع إنّما هي إجارة».

فقلت : أرأيت إن أراد أن يزداد ، وتزداد قبل انقضاء الأجل الذي أجّل؟ قال : «لا بأس أن يكون ذلك برضىّ منه ومنها بالأجل والوقت ـ وقال ـ يزيدها بعدما يمضي الأجل» (٢).

وقالا عليهما‌السلام أي ـ الباقر والصادق عليهما‌السلام ـ في قوله تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) : «هو أن يزيدها في الأجرة ، وتزيده في الأجل» (٣).

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٤٥٦ ، ح ٢.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٤ ، ح ٨٨.

(٣) نهج البيان : ج ١ ، ص ٨٧ (مخطوط).

٣٢

* س ٢٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢٥) [النساء:٢٥]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا ينبغي أن يتزوّج الحرّ المملوكة اليوم ، إنّما كان ذلك حيث قال الله عزوجل : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) والطول : المهر ، ومهر الحرّة اليوم مهر الأمة أو قلّ» (١).

وقال الإمام الباقر عليه‌السلام : في قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) : «أي من لم يجد منكم غنىّ» (٢).

٢ ـ قال عبد الله بن سنان : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المحصنات من الإماء؟

قال : «هنّ المسلمات» (٣).

٣ ـ قال أبو العبّاس البقباق : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يتزوّج الرجل بالأمة بغير إذن (٤) أهلها؟

قال : «هو زنا ، إنّ الله عزوجل يقول : (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ)(٥).

__________________

(١) الكافي : ج ٥ ، ص ٣٦٠ ، ح ٧.

(٢) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٥٤.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٥ ، ح ٩٢.

(٤) في (من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ، ص ٢٨٦ ، ح ١٣٦١) ـ علم ـ.

(٥) التهذيب : ج ٧ ، ص ٣٤٨ ، ح ١٤٢٤.

٣٣

٤ ـ قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) : أي لا تتّخذها صديقة (١).

قال محمد بن مسلم ، سألته عليه‌السلام ـ أي الباقر أو الصادق عليهما‌السلام ـ عن قول الله في الإماء (فَإِذا أُحْصِنَ) ما إحصانهنّ؟ قال : «يدخل بهنّ».

قلت : فإن لم يدخل بهنّ ، ما عليهن حدّ؟ ، قال : «بلى» (٢).

٥ ـ قال القاسم بن سليمان : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ). قال : «يعني نكاحهنّ إذا أتين بفاحشة» (٣).

٦ ـ قال أبو بكر الحضرميّ : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن عبد مملوك قذف حرّا؟

قال : «يجلد ثمانين ، هذا من حقوق الناس ، فأمّا ما كان من حقوق الله عزوجل فإنّه يضرب نصف الحدّ». قلت الذي من حقوق الله عزوجل ، ما هو؟ قال : «إذا زنا أو شرب خمرا ، فهذا من الحقوق التي يضرب عليها نصف الحد» (٤).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام في الأمّة التي تزني : «تجلد نصف الحدّ ، كان لها زوج أو لم يكن» (٥).

٧ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا ينبغي للرجل المسلم أن يتزوّج من الإماء إلّا من خشي العنت ـ أي الفساد ، والزنا ـ ولا يحلّ له من الإماء إلّا واحدة» (٦).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ١٣٦.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٥ ، ح ٩٣.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٥ ، ح ٩٦.

(٤) الكافي : ج ٧ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٩.

(٥) التهذيب : ج ١٠ ، ص ٢٧ ، ح ٨٢.

(٦) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٥ ، ح ٩٧.

٣٤

* س ٢٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٢٦) [النساء:٢٦]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي :

وقوله : (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) قيل فيه قولان :

١ ـ (يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) من أهل الحق ، لتكونوا على الاقتداء بهم في اتباعه لما لكم فيه من المصلحة.

٢ ـ (سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) من أهل الحق ، لتكونوا على بصيرة فيما تفعلون أو تجتنبون من طرائقهم ، وفي الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة ، لأن الله تعالى بين أنه يريد أن يتوب على العباد ، وهم يزعمون أنه يريد منهم الإصرار على المعاصي. وقال أبو علي الجبائي. في الآية دلالة على أن ما ذكر في الآيتين من تحريم النكاح أو تحليله ، قد كان على من قبلنا من الأمم ، لقوله تعالى : (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي في الحلال والحرام. قال الرماني : لا يدل ذلك على اتفاق الشريعة ، وإن كنا على طريقتهم في الحلال والحرام ، كما لا يدل عليه وإن كنا على طريقتهم في الحلال والحرام ، كما لا يدل عليه وإن كنا على طريقتهم في الإسلام ، وهذا هو الأقوى (١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لهم ـ : لتركبن سنن الذين من قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة ، حتى لو أن رجلا منهم دخل حجر ضب لدخلتموه ، فقيل : يا رسول الله اليهود والنصارى؟ ، قال : فمن أرى فدل هذا القول منه لترتدن كما ارتدت اليهود والنصارى ، حين فقدوا موسى وعيسى عليهما‌السلام(٢).

__________________

(١) التبيان : ج ٣ ، ص ١٧٣.

(٢) المسترشد : محمد بن جرير الطبري (الشيعي) ، ص ٢٢٩.

٣٥

* س ٢٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)(٢٧) [النساء:٢٧]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : معنى الآية الإخبار من الله تعالى أنه يريد من المواجهين بها ، أن يتوب عليهم ، بمعنى أن يقبل توبتهم ، عما سلف من آثامهم ، ويتجاوز عما كان منهم في الجاهلية ، من استحلالهم ما هو حرام عليهم من حلائل الآباء والأبناء ، وغير ذلك مما كانوا يستحلونه ، وهو حرام عليهم. إن قيل : لم كرر قوله : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)؟ مع ما تقدم من قوله : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) قلنا عنه جوابان :

أحدهما ـ أنه لما في الأول ، وتقديره : يريد الله ليتوب عليكم أنى في الثاني ب (أن) ليزول الإبهام أنه يريد ليتوب ، ولا يريد (١) أن يتوب علينا.

والآخر ـ أن يبين أن إرادته منا خلاف إرادة أصحاب الأهواء لنا ، لنكون على بصيرة من أمرنا ، وجاء الثاني على التقابل ، بأن الله يريد شيئا ويريدون خلافه.

والمعنى : بقوله : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) قيل فيه أربعة أقوال :

١ ـ قال ابن زيد : كل مبطل ، لأنه يتبع شهوة نفسه في باطله.

٢ ـ قال مجاهد : يعني به : الزناة.

٣ ـ قال السدي : هم اليهود والنصارى.

٤ ـ اليهود خاصة ، لأنهم يحلون نكاح الأخت من الأب ، والأول أقوى ، لأنه أعم فائدة ، وأوفق لظاهر اللفظ. وقوله : (أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)

__________________

(١) في المخطوطة (ولأنه يريد) بدل (ولا يريد).

٣٦

معناه أن تعدلوا عن الاستقامة بالاستكثار من المعصية ، وذلك أن الاستقامة هي المؤدية إلى الثواب ، والفوز بالسلامة من العقاب ، وأما الميل عن الاستقامة فيؤدي إلى الهلاك واستحقاق العقاب. فإن قيل : ما معنى إرادتهم الميل بهم؟ قيل قد يكون ذلك لعداوتهم ، وقد يكون لتمام الأنس بهم في المعصية ، فبين الله أن إرادته لهم خلاف إرادتهم منهم ، وليس في الآية ما يدل على أنه لا يجوز اتباع داعي الشهوة في شيء البتة ، لأنه لا خلاف أن اتباع الشهوة فيما أباحه الله تعالى جائز ، وإنما المحظور من ذلك ما يدعو إلى ما حرمه ، لكن لا يطلق على صاحبه بأنه متبع للشهوة ، لأن إطلاقه يفيد اتباع الشهوة فيما حرم عليه (١).

* س ٢٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)(٢٨) [النساء:٢٨]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : معنى قوله : (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) ههنا أي في نكاح الإماء ، لأن الإنسان خلق ضعيفا في أمر النساء.

وأصل التخفيف خفة الوزن ، والتخفيف على النفس بالتيسير ، كخفة الحمل بخفة الوزن ، ومنه الخفافة النعامة السريعة ، لأنها تسرع إسراع الخفيف الحركة ، والخفوف السرعة ، ومنه الخف الملبوس لأنه يخف به التصرف ، ومنه خف البعير. والمراد بالتخفيف ههنا تسهل التكليف ، بخلاف التصعب فيه ، فتحليل نكاح الإماء تيسير بدلا من تصعيب ، وكذلك جميع ما يسره الله لنا إحسانا منه إلينا ، ولطفا بنا.

فإن قيل : هل يجوز التثقيل في التكليف ، مع خلق الإنسان ضعيفا عن

__________________

(١) التبيان : ج ٣ ، ص ١٧٥.

٣٧

القيام به بدلا من التخفيف؟

قيل : نعم إذا أمكنه القيام به ، وإن كان فيه مشقة ، كما ثقل التكليف على بني إسرائيل في قتل أنفسهم ، غير أن الله لطف بنا فكلمنا ما يقع به صلاحنا ، بدلا من فسادنا. وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة : إن الله يكلف عباده ما لا يطيقون ، لأن ذلك مناف لإرادة التخفيف عنهم في التكليف ، من حيث أنه غاية التثقيل. وقوله : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) أي يستميله هواه (١).

* س ٢٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً)(٢٩) [النساء:٢٩]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) : «نهى عن القمار ، وكانت قريش تقامر الرجل بأهله وماله ، فنهاهم الله عن ذلك».

وقرأ قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً). قال : «كان المسلمون يدخلون على عدوّهم في المغارات ، فيتمكّن منهم عدوّهم فيقتلهم كيف شاء ، فنهاهم أن يدخلوا عليهم في المغارات» (٢).

٢ ـ قال أبو علي الطّبرسي : في قوله : (بِالْباطِلِ) ، قولان : أحدهما أنّه الرّبا ، والقمار والبخس والظلم ، وهو المروي عن الباقر عليه‌السلام (٣).

__________________

(١) التبيان : ج ٣ ، ص ١٧٥.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٦ ، ح ١٠٣.

(٣) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٥٩.

٣٨

٣ ـ وفي (نهج البيان) : عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أنّه القمار ، والسّحق ، والرّبا ، والأيمان (١).

٤ ـ قال أبو عبد الله الصادق عليه‌السلام : «معناه : لا تخاطروا بنفوسكم بالقتال فتقاتلوا من لا تطيقونه» (٢).

* س ٢٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠) [النساء:٣٠]؟!

الجواب / قال الصادق عليه‌السلام : «من قتل نفسه متعمّدا فهو في نار جهنّم خالدا فيها ، قال الله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً)(٣).

* س ٣٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٣١) [النساء:٣١]؟!

الجواب / ١ ـ قال ابن محبوب : كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه‌السلام يسأله عن الكبائر ، كم هي وما هي؟ فكتب : الموجبات : قتل النفس الحرام ، وعقوق الوالدين ، وأكل الرّبا ، والتعرّب بعد الهجرة ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وقذف المحصنات ، والفرار من الزّحف» (٤).

وفي رواية عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، ذكر بدل «التعرب بعد الهجرة» :

__________________

(١) نهج البيان : ج ١ ، ص ٨٧ (مخطوط).

(٢) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٦٠.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ، ص ٣٧٤ ، ح ١٧٦٧.

(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٢١١ ، ح ٢.

٣٩

«إنكار حقّنا أهل البيت» (١).

أقول : وهذا يناسب ما ورد عن الإمام الرضا عليه‌السلام حيث قال : «أكل مال اليتيم ظلما ، وكلّ ما أوجب الله عليه النار» (٢).

فإنكار حق أهل البيت عليهم‌السلام يوجب الله عليه النار ، والله أعلم.

٢ ـ قال محمد بن عمير : سمعت موسى بن جعفر عليهما‌السلام يقول : «لا يخلّد الله في النار إلّا أهل الكفر والجحود ، وأهل الضّلال والشّرك ، ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر ، قال الله تبارك وتعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) [النساء:٣١] (٣).

* س ٣١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(٣٢) [النساء:٣٢]؟!

الجواب / ١ ـ قال عبد الرحمن بن أبي نجران : سألت أبا جعفر الجواد عليه‌السلام عن قول الله : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) ، قال : «لا يتمنّى الرجل امرأة الرجل ولا ابنته ، ولكن يتمنّى مثلهما» (٤).

٢ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «ليس من نفس إلّا وقد فرض الله عزوجل لها رزقها حلالا يأتيها في عافية ، وعرض لها بالحرام من وجه آخر ، فإن هي

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٧ ، ح ١٠٥.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٨ ، ح ١٠٧.

(٣) التهذيب : ج ٤ ، ص ١٤٩ ، ح ٤١٧.

(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٢٣٩ ، ح ١١٥.

٤٠