التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

* س ٩٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١٥٢) [الأنعام:١٥٢]؟!

الجواب / أقول : ١ ـ (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) فلا تقربوا مال اليتيم إلّا بقصد الإصلاح حتى يبلغ أشده ويستوي.

٢ ـ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) فلا تطففوا ولا تبخسوا.

وحيث أن الإنسان ـ مهما دقق في الكيل والوزن ـ قد يزيد أو ينقص بما لا يمكن أن تضبطه الموازين والمكاييل المتعارفة لقلته وخفائه ، لهذا عقب على ما قال بقوله : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها).

٣ ـ (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) فلا تنحرفوا عن جادة الحق عند الشهادة أو القضاء أو أمر آخر حتى ولو كان على القريب فاشهدوا بالحق ، واقضوا بالعدل.

٤ ـ (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا) ولا تنقضوه.

وأما ما هو هذا العهد المذكور في هذه الآية؟ فقد ذهب المفسرون إلى احتمالات عديدة فيه ، ولكن مفهوم الآية يشمل جميع العهود الإلهية «التكوينية» و «التشريعية» والتكاليف الإلهية وكل عهد ونذر ويمين.

ثم إنه سبحانه يقول في ختام هذه الأقسام الأربعة ـ للتأكيد ـ : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١).

__________________

(١) الأمثل : ج ٨ ، ص ٤٧١ ـ ٤٧٢.

٣٢١

* س ٩٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(١٥٣) [الأنعام:١٥٣]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام لبريد العجلي : «أتدري ما يعني ب (صِراطِي مُسْتَقِيماً)؟ قال : لا. قال عليه‌السلام : «ولاية عليّ والأوصياء عليهم‌السلام». قال : «وتدري ما يعني (فَاتَّبِعُوهُ)؟ قال : لا. قال : «يعني علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)». قال : «وتدري ما يعني (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)؟. قال : لا. قال : «ولاية فلان وفلان». قال : «وتدري ما يعني (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)؟ قال : لا. قال : «يعني سبيل علي عليه‌السلام» (١).

وقال عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) : أي كي تتّقوا (٢).

* س ٩٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤) وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ)(١٥٧) [الأنعام:١٥٤ ـ ١٥٧]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ : ثمّ قال : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٣ ، ح ١٢٥.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢١.

٣٢٢

تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) يعني تمّ له الكتاب لمّا أحسن (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) هو محكم. قال : وقوله : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ) يعني القرآن (مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) يعني كي ترحموا. قال : وقوله : (أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) يعني اليهود والنصّارى وإن كنّا لم ندرس كتبهم.

وقوله تعالى : (أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) يعني قريشا ، قالوا : لو أنزل علينا الكتاب لكنّا أهدى وأطوع منهم (فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) يعني القرآن (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها) يعني دفع عنها (سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا) أي يدفعون ويمنعون عن آياتنا (سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ)(١).

* س ٩٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ)(١٥٨) [الأنعام:١٥٨]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) : «الآيات : الأئمة ، والآية المنتظرة : القائم عليه‌السلام ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسّيف ، وإن آمنت بمن تقدّم من آبائه عليهم‌السلام» (٢).

وفي رواية أخرى قال عليه‌السلام : «طلوع الشّمس من المغرب ، وخروج

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢١.

(٢) كمال الدين وتمام النعمة : ص ٣٣٦ ، ح ٨.

٣٢٣

الدّابّة ، والدّخان ـ [وقيل الدجال] ـ ، والرّجل يكون مصرّا ولم يعمل عمل الإيمان ، ثمّ تجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه» (١).

٢ ـ قال أبو بصير : قال أحدهما عليهما‌السلام ، في قوله : (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) : «المؤمن العاصي حالت ـ المعاصي ـ بينه وبين إيمانه كثرة ذنوبه وقلّة حسناته فلم يكسب في إيمانه خيرا» (٢).

* س ٩٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ)(١٥٩) [الأنعام:١٥٩]؟!

الجواب / قال كليب الصّيداوي : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً)؟ قال عليه‌السلام : «كان عليّ يقرأها : فارقوا دينهم» قال : «فارق والله القوم دينهم» (٣).

وقال عليّ بن إبراهيم القميّ : فارقوا أمير المؤمنين عليه‌السلام وصاروا أحزابا (٤).

* س ١٠٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(١٦٠) [الأنعام:١٦٠]؟!

الجواب / ١ ـ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «صيام شهر الصّبر ، وثلاثة أيّام في كلّ شهر يذهبن بلابل الصّدر ، وصيام ثلاثة أيّام في كلّ شهر صيام الدّهر

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٤ ، ح ١٢٨.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٥ ، ح ١٣٠.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٥ ، ح ١٣١.

(٤) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٢.

٣٢٤

(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(١).

٢ ـ قال زرارة : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا جالس عن قول الله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) يجري لهؤلاء ممّن لا يعرف منهم هذا الأمر؟ فقال : «إنما هي للمؤمنين خاصّة». فقلت له : أصلحك الله ، أرأيت من صام وصلّى واجتنب المحارم وحسن ورعه ممّن لا يعرف ولا ينصب؟ فقال : «إن الله يدخل أولئك الجنّة برحمته» (٢).

٣ ـ قال محمّد بن علي عليه‌السلام : «الحسنة التي عنى الله ولايتنا أهل البيت ، والسّيّئة عداوتنا أهل البيت» (٣).

* س ١٠١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(١٦١) [الأنعام:١٦١]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : الحنيفيّة هي العشرة التي جاء بها إبراهيم عليه‌السلام (٤).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (حَنِيفاً مُسْلِماً)(٥) : «خالصا مخلصا ، ليس فيه شيء من عبادة الأوثان» (٦).

قال الحسين بن علي عليه‌السلام : «ما أحد على ملّة إبراهيم إلّا نحن وشيعتنا ، وسائر الناس منها براء» (٧).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٦ ، ح ١٣٤.

(٢) المحاسن : ص ١٥٨ ، ح ٩٤.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٦ ، ح ١٣٥.

(٤) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٢.

(٥) آل عمران : ٣ : ٦٧.

(٦) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣ ، ح ١.

(٧) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٨ ، ح ١٤٦.

٣٢٥

* س ١٠٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)(١٦٤) [الأنعام:١٦٢ ـ ١٦٤]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي) ـ إلى قوله ـ (الْمُسْلِمِينَ) ثمّ قال : (قُلْ) لهم يا محمّد : (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا تحمل آثمة إثم أخرى (١).

وقال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ، فيما وصف له ـ الأعمش ـ من شرائع الدين : «إنّ الله لا يكلّف نفسا إلّا وسعها ، ولا يكلّفها فوق طاقتها ، وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ، والله خالق كلّ شيء ، ولا تقول بالجبر ولا بالتّفويض ، ولا يأخذ الله عزوجل البريء بالسّقيم ، ولا يعذّب الله عزوجل الأبناء بذنوب الآباء فإنّه قال في محكم كتابه : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وقال عزوجل : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٢).

ولله عزوجل أن يعفو وأن يتفضّل ، وليس له تعالى أن يظلم ، ولا يفرض الله تعالى على عباده طاعة من يعلم أنّه يغويهم ويضلّهم ، ولا يختار لرسالته ، ولا يصطفي من عباده من يعلم أنّه يكفر به ويعبد الشّيطان دونه ، ولا يتّخذ على عباده إلّا معصوما» (٣).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٢.

(٢) النجم : ٣٩.

(٣) التوحيد : ص ٤٠٦ ، ح ٥ ، الخصال : ص ٦٠٣ ، ح ٩.

٣٢٦

* س ١٠٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(١٦٥) [الأنعام:١٦٥]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لا نقول درجة واحدة ، إنّ الله يقول : درجات بعضها فوق بعض ، إنّما تفاضل القوم بالأعمال» (١).

وقال علي بن إبراهيم القميّ : قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) : في القدر والمال (لِيَبْلُوَكُمْ) أي ليختبركم (فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٨٨ ، ح ١٤٧.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٢.

٣٢٧
٣٢٨

تفسير

سورة الأعراف

سورة رقم ـ ٧ ـ

٣٢٩
٣٣٠

سورة الأعراف

* س ١ : ما هو فضل سورة الأعراف؟!

الجواب / ١ ـ قال الإمام الصادق عليه‌السلام : «من قرأ سورة الأعراف في كلّ شهر كان يوم القيامة من الّذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فإن قرأها في كلّ جمعة كان ممّن لا يحاسب يوم القيامة ، أما إنّ فيها محكما ، فلا تدعوا قراءتها فإنّها تشهد يوم القيامة لكلّ من قرأها» (١).

٢ ـ قال النبي محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من قرأ هذه السورة جعل الله يوم القيامة بينه وبين إبليس سترا ، وكان لآدم رفيقا ، ومن كتبها بماء ورد وزعفران وعلّقها عليه لم يقربه سبع ولا عدوّ ما دامت عليه ، بإذن الله تعالى» (٢).

* س ٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(المص)(١) [الأعراف:١]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ألمص ، معناه ، أنا الله المقتدر الصّادق» (٣).

__________________

(١) ثواب الأعمال : ص ١٠٥.

(٢) مصباح الكفعمي : ص ٤٣٩.

(٣) استظهر صحته العلامة المجلسي في البحار (١٠ / ١٦٤) حسب ترتيب الأبجدية عند المغاربة (أبجد ، هوز ، حطّي ، كلمن ، صعفن ، قرست ، ثخذ ، ظغش) فالصاد المهملة عندهم ستّون ، والضاد المعجمة تسعون ، فحينئذ يستقيم ما في أكثر النسخ في عدد المجموع ، ولعلّ الاشتباه في قوله : والصاد تسعون من النسّاخ لظنّهم أنّه مبنيّ على المشهور ، وبذلك يصحّ المجموع المذكور ويطابق سنة انهيار وسقوط دولة بني أميّة ، أي سنة (١٣١ ه‍) ، (كما سيأتي في الرواية).

٣٣١

٢ ـ قال أبو جمعة رحمة بن صدقة : أتى رجل من بني أميّة ـ وكان زنديقا ـ جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، فقال له : قول الله في كتابه (المص) أيّ شيء أراد بهذا ، وأيّ شيء فيه من الحلال والحرام ، وأيّ شيء فيه ممّا ينتفع به النّاس؟

قال : فاغتاظ من ذلك جعفر بن محمد عليهما‌السلام، فقال : «أمسك ويحك! الألف واحد ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصّاد تسعون ، كم معك؟» فقال الرجل ، مائة وإحدى وستّون.

فقال عليه‌السلام : «إذا انقضت سنة إحدى وستّين ومائة انقضى ملك أصحابك». قال ، فنظرنا ، فلمّا انقضت سنة إحدى وستين ومائة يوم عاشوراء دخل المسوّدة (١) الكوفة ، وذهب ملكهم» (٢).

* س ٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)(٣) [الأعراف:٢ ـ ٣]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ : قوله تعالى : (كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) مخاطبة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) أي ضيق (لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) ثمّ خاطب الله تعالى الخلق فقال : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) غير محمد (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)(٣).

وقال الإمام الصادق عليه‌السلام : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة : قال

__________________

(١) المسوّدة : العباسيّون ، لأنّهم اتخذوا السّواد شعارا.

(٢) معاني الأخبار : ص ٢٨ ، ح ٥.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٢ ـ ٢٢٣.

٣٣٢

الله : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) ففي اتباع ما جاءكم من الله الفوز العظيم ، وفي تركه الخطأ المبين» (١).

* س ٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤) فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)(٥) [الأعراف:٤ ـ ٥]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القمّي : قوله : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا) أي عذابنا (بَياتاً) بالليل (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) يعني نصف النهار. قال قوله تعالى [الأعراف : ٥] محكم (٢).

* س ٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)(٦) [الأعراف:٦]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : قوله تعالى :

(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) : الأنبياء عمّا حمّلوا من الرسالة ... (٣).

وثمة حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام في هذا الصعيد يؤيد هذا المعنى ، إذ يقول عليه‌السلام : «فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى أممهم ، فأخبروا أنهم قد أدّوا ذلك إلى أممهم» (٤).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ٩ ، ح ٤.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٣.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٤.

(٤) تفسير نور الثقلين : المجلد الثاني ، ص ٤.

٣٣٣

* س ٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ)(٧) [الأعراف:٧]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : لم نغب عن أفعالهم (١).

* س ٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ)(٩) [الأعراف:٨ ـ ٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : قوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ) : المجازاة بالأعمال ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ ، وهو قوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) ـ إلى قوله ـ (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) قال : بالأئمّة يجحدون (٢).

وورد عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، في تفسير قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) أنه قال : والموازين الأنبياء ، والأوصياء ، ومن الخلق من يدخل الجنة بغير حساب (٣).

وجاء في رواية أخرى : أن أمير المؤمنين والأئمة من ذريته هم الموازين (٤).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٤.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٤.

(٣) بحار الأنوار : ج ٧ ، ص ٢٥١ ـ ٢٥٢.

(٤) نفس المصدر السابق.

٣٣٤

* س ٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (١٠) وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)(١١) [الأعراف:١٠ ـ ١١]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ : وقوله : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) أي مختلفة (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) أي لا تشكرون الله. قال : وقوله : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ) أي خلقناكم في أصلاب الرّجال (ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) في أرحام النساء. ثمّ قال : وصوّر ابن مريم في الرّحم دون الصّلب ، وإن كان مخلوقا في أصلاب الأنبياء ، ورفع وعليه مدرعة من صوف (١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «أمّا «خلقناكم» فنطفة ثمّ علقة ثمّ مضغة ثمّ عظاما ثمّ لحما ، وأمّا (صَوَّرْناكُمْ) فالعين والأنف والأذنين والفم واليدين والرّجلين ، صوّر هذا ونحوه ثمّ جعل الدّميم والوسيم والجسيم والطويل والقصير وأشباه هذا» (٢).

* س ٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قالَ ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (١٢) [الأعراف:١٢]؟!

الجواب / قال عيسى بن عبد الله القرشي : دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له : «يا أبا حنيفة ، بلغني أنّك تقيس؟» قال : نعم. قال : «لا تقس ، فإنّ أوّل من قاس إبليس حين قال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٤.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٤.

٣٣٥

فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نوريّة آدم بنوريّة النار عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر» (١).

* س ١٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)(١٣) [الأعراف:١٣]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : أي : قال الله سبحانه لإبليس (فَاهْبِطْ) أي : إنزل وانحدر (مِنْها) أي : من السماء .. وقيل : من الجنة. وقيل معناه إنزع ما أنت عليه من الدرجة الرفيعة ، والمنزلة الشريفة ، التي هي درجة متبعي أمر الله سبحانه ، وحافظي حدوده ، إلى الدرجة الدنية التي هي درجة العاصين ، المضيعين أمر الله (فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ) ، عن أمر الله (فِيها) أي : في الجنة ، أو في السماء ، فإنها ليست بموضع المتكبرين ، وإنما موضعهم النار كما قال (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ فَاخْرُجْ) من المكان الذي أنت فيه ، أو المنزلة التي أنت عليها (إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) أي : من الأذلاء بالمعصية في الدنيا ، لأن العاصي ذليل عند من عصاه ، أو بالعذاب في الآخرة ، لأن المعذب ذليل.

وهذا الكلام إنما صدر من الله سبحانه على لسان بعض الملائكة ، ... ، وقيل : إن إبليس رأى معجزة تدله على أن ذلك كلام الله ، وقوله سبحانه : (فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) لا يدل على أنه يجوز التكبر في غير الجنة ، فإن التكبر لا يجوز على حال ، لأنه إطهار كبر النفس على جميع الأشياء ، وهذا في صفة العباد ذم. وفي صفة الله سبحانه مدح ، إلا أن إبليس تكبر على الله سبحانه في الجنّة ، فأخرج منها قسرا ، ومن تكبر خارج الجنة ، منع من

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ٤٧ ، ح ٢٠.

٣٣٦

ذلك بالأمر والنهي (١).

* س ١١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)(١٥) [الأعراف:١٤ ـ ١٥]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (قالَ) يعني إبليس (أَنْظِرْنِي) أي : أمهلني وأخرني في الأجل ، ولا تمتني (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي : يبعث الخلق من قبورهم للجزاء. وقيل : معناه أنظرني في الجزاء إلى يوم القيامة ، فكأنه خاف أن يعاجله الله سبحانه بالعقوبة. يدل عليه قوله : (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ولم يقل إلى يوم يموتون ، ومعلوم أن الله تعالى لا يبقي أحدا إلى يوم القيامة. قال الكلبي : أراد الخبيث أن لا يذوق الموت في النفخة الأولى مع من يموت ، فأجيب بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم ، وهي النفخة الأولى ، ليذوق الموت بين النفختين ، وهو أربعون سنة.

وأما الوجه ، في مسألة إبليس الإنظار ، مع علمه بأنه مطرود ملعون ، فعلمه بأنه سبحانه يظاهر إلى عباده بالنعم ، ويعمهم بالفضل والكرم ، فلم يصرفه ارتكابه المعصية عن المسألة والطمع في الإجابة.

قال أي : قال الله سبحانه لإبليس : (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) أي : من المؤخرين ... (٢).

* س ١٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (١٧) قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ)(١٨) [الأعراف:١٦ ـ ١٧ ـ ١٨]؟!

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٢٢٥.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٢٢٦.

٣٣٧

الجواب / قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام لزرارة : «يا زرارة ، إنّما صمد لك ولأصحابك ، فأمّا الآخرون فقد فرغ منهم» (١).

وقال عليه‌السلام : في معنى الآية : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) أهوّن عليهم أمر الآخرة (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أمرهم بجمع الأموال ومنعها عن الحقوق لتبقى لورثتهم (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ) أفسد عليهم أمر دينهم ، بتزيين الضلالة ، وتحسين الشّبهة (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) بتحبيب اللّذات إليهم ، وتغليب الشّهوات على قلوبهم» (٢).

وقال علي بن إبراهيم القميّ : وأمّا قوله : (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) فالمذؤم : المعيب ، والمدحور : المقصيّ ، أي ملقى في جهنم (٣).

* س ١٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠) وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)(٢٤) [الأعراف:١٩ ـ ٢٤]؟!

الجواب / سئل الصادق عليه‌السلام عن جنّة آدم أمن جنان الدنيا كانت ، أم من جنان الآخرة؟

فقال عليه‌السلام : «كانت من جنان الدنيا ، تطلع فيها الشّمس والقمر ، ولو

__________________

(١) المحاسن : ص ١٧١ ، ح ١٣٨.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٦٢٣.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٤.

٣٣٨

كانت من جنان الآخرة ما أخرج منها أبدا آدم ولم يدخلها إبليس». قال : «أسكنه الله الجنّة وأتى بجهالة إلى الشّجرة فأخرجه لأنّه خلق خلقة لا تبقى إلّا بالأمر والنهي والغذاء واللباس والاكتنان والنكاح ، ولا يدرك ما ينفعه ممّا يضرّه إلّا بالتوقيف (١) ، فجاءه إبليس ، فقال له : إنّكما إذا أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين ، وبقيتما في الجنّة أبدا ، وإن لم تأكلا منها أخرجكما الله من الجنّة. وحلف لهما أنّه لهما ناصح كما قال عزوجل حكاية عنه : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) فقبل آدم قوله : فأكلا من الشجرة ، فكان كما حكى الله فبدت لهما سوءاتهما (٢) ، وسقط عنهما ما ألبسهما الله من لباس الجنّة وأقبلا يستتران بورق الجنّة ، فناداهما ربّهما : (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) فقالا كما حكى الله عزوجل عنهما : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) فقال الله لهما : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) ـ قال : ـ إلى يوم القيامة».

قال : «فهبط آدم على الصّفا ، وإنّما سمّيت الصّفا لأنّ صفوة الله أنزل عليها ، ونزلت حوّاء على المروة ، وإنّما سمّيت المروة لأنّ المرأة أنزلت عليها ، فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنّة ، فنزل عليه جبرائيل عليه‌السلام فقال : يا آدم ألم يخلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته؟ قال : بلى. قال : وأمرك أن لا تأكل من الشجرة ، فلم عصيته؟ قال : يا جبرائيل ، إنّ إبليس حلف لي بالله إنّه لي ناصح ، وما ظننت

__________________

(١) التوقيف : نصّ الشارع المتعلّق ببعض الأمور.

(٢) قال عليه‌السلام ـ أي الصادق ـ : «كانت سوءاتهما لا تبدو لهما فبدت» يعني كانت من داخل. (تفسير العياشي : ج ٢ ، ص ١١ ، ح ١٢).

٣٣٩

أنّ خلقا يخلقه الله يحلف بالله كاذبا» (١).

* س ١٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ)(٢٥) [الأعراف:٢٥]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : (قالَ) الله تعالى (فِيها تَحْيَوْنَ) أي : في الأرض تعيشون ، (وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) عند البعث ، يوم القيامة. قال الجبائي : في الآية دلالة على أن الله سبحانه يخرج العباد يوم القيامة من هذه الأرض التي حيوا فيها بعد موتهم ، وأنه يفنيها بعد أن يخرج العباد منها في يوم الحشر ، وإذا أراد إفناءها زجرهم عنها زجرة ، فيصيرون إلى أرض أخرى يقال لها الساهرة وتفنى هذه كما قال : (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)(٢).

* س ١٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦) يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(٢٧) [الأعراف:٢٦ ـ ٢٧]؟!

الجواب / قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام ، في قوله : (يا بَنِي آدَمَ) : «هي عامّة» (٣).

وقال عليه‌السلام في قوله : (قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) : «فأمّا اللباس فالثياب التي يلبسون ، وأمّا الرّياش فالمتاع والمال ، وأمّا لباس

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٤٣.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٢٣٣.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١١ ، ح ١٣.

٣٤٠