التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

التّقوى فالعفاف ، إنّ العفيف لا تبدو له عورة ، وإن كان عاريا من الثياب ، والفاجر بادي العورة وإن كان كاسيا من الثياب ، يقول الله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) يقول : العفاف خير (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) ، وقوله (في الآية الثانية) فإنّه محكم (١).

* س ١٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٢٨) [الأعراف:٢٨]؟!

الجواب / قال محمّد بن منصور ، سألته عليه‌السلام ـ عن هذه الآية ـ ، فقال : «أرأيت أحدا يزعم أن الله تعالى أمر بالزّنا أو شرب الخمور أو بشيء من المحارم؟» فقلت : لا.

فقال : «فما هذه الفاحشة التي يدّعون أنّ الله تعالى أمر بها؟» فقلت : الله تعالى أعلم ووليّه.

فقال : «فإنّ هذه في أئمّة الجور ، ادّعوا أنّ الله تعالى أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمر الله [بالائتمام] بهم ، فردّ الله ذلك عليهم ، وأخبرنا أنّهم قد قالوا عليه الكذب ، فسمّى الله تعالى ذلك منهم فاحشة» (٢).

* س ١٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [الأعراف:٢٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : (بِالْقِسْطِ) : أي بالعدل (٣).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٥.

(٢) بصائر الدرجات : ص ٥٤ ، ح ٤ ، الكافي : ج ١ ، ص ٣٠٥ ، ح ٩.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٦.

٣٤١

وقال أحدهما عليه‌السلام ـ الصادق أو الباقر ـ في قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) : «هو إلى القبلة ، ليس فيها عبادة الأوثان ، خالصا مخلصا» (١).

* س ١٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأعراف:٣٩ ـ ٣٠]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام ـ في رواية أبي الجارود ـ : «خلقهم حين خلقهم مؤمنا وكافرا ، وشقيّا وسعيدا ، وكذلك يعودون يوم القيامة مهتديا وضالا ، يقول : (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) وهم القدرية الذين يقولون لا قدر ، ويزعمون أنّهم قادرون على الهدى والضّلالة ، وذلك إليهم إن شاءوا اهتدوا ، وإن شاءوا ضلّوا ، وهم مجوس هذه الأمّة ، وكذب أعداء الله ، المشيئة والقدرة لله (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) من خلقه شقيّا يوم خلقه ، كذلك يعود إليه شقيّا ، ومن خلقه سعيدا يوم خلقه ، كذلك يعود إليه سعيدا ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الشّقي من شقي في بطن أمّه ، والسعيد من سعد في بطن أمّه» (٢).

* س ١٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(٣١) [الأعراف:٣١]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله : (يا بَنِي آدَمَ) : «وهي

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١٢ ، ح ١٨.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٢٦.

٣٤٢

عامّة» (١).

٢ ـ قوله تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ، فيها أقوال عديدة وردت عن أهل البيت عليهم‌السلام نذكر منها :

أ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الغسل عند لقاء كلّ إمام» (٢).

ب ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «المشط يجلب الرّزق ، ويحسّن الشّعر ، وينجز الحاجة ، ويزيد في ماء الصّلب ، ويقطع البلغم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسرّح تحت لحيته أربعين مرّة ، ومن فوقها سبع مرّات ، ويقول أنه يزيد في الذّهن ويقطع البلغم» (٣).

ج ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيّب بما وجد ، وليصلّ وحده كما يصلّي في الجماعة». وقال : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ، قال : «العيدان والجمعة» (٤).

٣ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام لأبان بن تغلب : «أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه ، ومنع من منع من هوان به عليه؟! لا ، ويلبسوا قصدا ، وينكحوا قصدا ، ويركبوا قصدا ، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين ، ويلمّوا به شعثهم ، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ، ويشرب حلالا ، ويركب حلالا ، وينكح حلالا ، ومن عدا ذلك كان عليه حراما ـ ثمّ قال ـ (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أترى الله ائتمن رجلا على مال خوّل له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم ويجزيه فرس بعشرين درهما؟! ويشتري جارية بألف دينار وتجزيه جارية بعشرين دينارا؟! وقال : (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(٥).

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١١ ، ح ١٣.

(٢) التهذيب : ج ٦ ، ص ١١٠ ، ح ١٩٧.

(٣) الخصال : ص ٣٦٨ ، ح ٣.

(٤) التهذيب : ج ٣ ، ص ١٣٦ ، ح ٢٩٧.

(٥) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١٣ ، ح ٢٣.

٣٤٣

* س ٢٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(٣٢) [الأعراف:٣٢]؟!

الجواب / ١ ـ مرّ سفيان الثّوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله عليه‌السلام وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان ، فقال : والله لآتينه ولأوبّخنّه. فدنا منه ، فقال : يا بن رسول الله ، والله ما لبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل هذا اللباس ، ولا عليّ ، ولا أحد من آبائك.

فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زمان قتر مقتر ، وكان يأخذ لقتره واقتداره ، وإنّ الدّنيا بعد ذلك أرخت عزاليها ـ أي كثر نعيمها ـ ، فأحقّ أهلها بها أبرارها ـ ثمّ تلا ـ (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) فنحن أحقّ من أخذ منها ما أعطاه الله عزوجل غير أنّي ـ يا ثوريّ ـ ما ترى عليّ من ثوب إنّما ألبسه للناس» ثمّ اجتذب يد سفيان فجرّها إليه ، ثمّ رفع الثوب الأعلى وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا ، فقال عليه‌السلام : «هذا ألبسه لنفسي ، وما رأيته للناس» ثمّ جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن ، وداخل ذلك الثوب ليّن. فقال : «لبست هذا الأعلى للناس ، ولبست هذا لنفسك تسرّها» (١).

٢ ـ قال المعلّى بن خنيس : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : مالكم من هذه الأرض؟ فتبسّم ، ثمّ قال : «إن الله تبارك وتعالى بعث جبرائيل عليه‌السلام وأمره أن يخرق بإبهامه ثمانية أنهار في الأرض ، منها سيمان ، وجيحان ، وهو نهر بلخ ، والخشوع : وهو نهر الشّاش ، ومهران : وهو نهر الهند ، ونيل مصر ، ودجلة

__________________

(١) الكافي : ج ٦ ، ص ٤٤٢ ، ح ٨.

٣٤٤

والفرات ، فما سقت أو استقت فهو لنا ، وما كان لنا فهو لشيعتنا ، وليس لعدوّنا منه شيء إلّا ما غصب عليه ، وإنّ وليّنا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه ـ يعني ما بين السماء والأرض ، ثمّ تلا هذه الآية : (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) المغصوبين عليها (خالِصَةً) لهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) يعني بلا غصب» (١).

* س ٢١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣٣) [الأعراف:٣٣]؟!

الجواب / ١ ـ قال عليّ بن يقطين : سأل المهديّ أبا الحسن عليه‌السلام عن الخمر ، فقال : هل هي محرّمة في كتاب الله؟ فإنّ الناس يعرفون النّهي ، ولا يعرفون التحريم. فقال له أبو الحسن عليه‌السلام : «بل هي محرّمة».

قال : في أيّ موضع هي محرّمة في كتاب الله ، يا أبا الحسن؟ قال : «قول الله تبارك وتعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) ، فأمّا قوله : (ما ظَهَرَ مِنْها) فيعني الزّنا المعلن ، ونصب الرّايات التي كانت ترفعها الفواجر في الجاهلية ، وأمّا قوله : (وَما بَطَنَ) يعني ما نكح من الآباء ، فإنّ الناس كانوا قبل أن يبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان للرجل زوجة ومات عنها ، تزوّجها ابنه من بعده ، إذا لم تكن أمّه ، فحرّم الله ذلك ، وأمّا (الْإِثْمَ) فإنّها الخمر بعينها ، وقد قال الله في موضع آخر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ)(٢) ، فأمّا الإثم في كتاب الله فهو الخمر ، والميسر فهو النّرد ، وإثمهما كبير كما قال : وأمّا قوله : (الْبَغْيَ)

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ٣٣٧ ، ح ٥.

(٢) البقرة : ٢١٩.

٣٤٥

«فهو الزّنا سرّا». قال : فقال المهدي : هذه والله فتوى هاشميّة (١).

٢ ـ قال علي بن إبراهيم القميّ : في قوله تعالى : (وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) ـ إلى قوله ـ (ما لا تَعْلَمُونَ) : وهذا ردّ على من قال في دين الله بغير علم ، وحكم فيه بغير حكم الله ، فعليه مثل ما على من أشرك بالله واستحلّ المحارم والفواحش ، فالقول على الله محرّم بغير علم مثل هذه المعاني» (٢).

* س ٢٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)(٣٤) [الأعراف:٣٤]؟!

الجواب / قال الإمام الصادق عليه‌السلام في هذه الآية : «هو الذي يسمّى لملك الموت» (٣).

* س ٢٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٣٥) [الأعراف:٣٥]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : لما تقدم ذكر النعم الدنيوية ، عقبه بذكر النعم الدينية (يا بَنِي آدَمَ) هو خطاب يعم جميع المكلفين من بني آدم ، من جاءه الرسول منهم ، ومن جاز أن يأتيه الرسول معطوف على ما تقدم (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) أي : أن يأتكم (رُسُلٌ مِنْكُمْ) أي : من جنسكم (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) أي : يعرضونها عليكم ، ويخبرونكم بها (فَمَنِ اتَّقى) إنكار الرسل

__________________

(١) الكافي : ج ٦ ، ص ٤٠٦ ، ح ١.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٠.

(٣) تفسير العيّاشي : ج ٢ ، ص ١٧ ، ح ٣٩ ، وقد تقدم بيان الأجل المقضي والأجل المسمى.

٣٤٦

والآيات ، (وَأَصْلَحَ) عمله. وقيل : فمن اتقى المعاصي واجتنبها. والتقوى : اسم جامع لذلك ، وتقديره فمن اتقى منكم وأصلح (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) في الدنيا (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) في الآخرة (١).

* س ٢٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ)(٣٧) [الأعراف:٣٦ ـ ٣٧]؟!

الجواب / ١ ـ قال علي بن إبراهيم في الآية الأولى : فإنّه محكم (٢).

٢ ـ وقال في قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ) ـ إلى قوله ـ (يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) : أي ينالهم ما في كتابنا من عقوبات المعاصي.

وقوله : (قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) أي بطلوا (٣).

* س ٢٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقالَتْ

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٢٤٩.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٠.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٠.

٣٤٧

أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)(٣٩) [الأعراف:٣٨ ـ ٣٩]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ ، في قوله تعالى : (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ) ـ إلى قوله ـ (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) يعني اجتمعوا. وقوله : (أُخْتَها) أي التي كانت بعدها تبعوهم على عبادة الأصنام ، وقوله تعالى : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا) يعني أئمة الجور (١) ـ وهو المروي عن الصادق عليه‌السلام (٢) ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : في قوله تعالى : (وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ)(٣) : «إذ دعونا إلى سبيلهم ، ذلك قول الله عزوجل فيهم حين جمعهم إلى النار : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) وقوله : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) برىء بعضهم من بعض ، ولعن بعضهم بعضا ، يريد بعضهم أن يحجّ بعضا رجاء الفلج ، فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم وليس بأوان بلوى ، ولا اختبار ، ولا قبول معذرة ، ولات حين نجاة» (٤).

* س ٢٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ)(٤٠) [الأعراف:٤٠]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام ـ في حديث قبض روح الكافر ـ : «تخرج روحه ، فيضعها ملك الموت بين طرقة وسندان ، فيفضح أطراف أنامله ، وآخر ما يشدخ منه العينان ، فتسطع لها ريح منتنة يتأذّى منها أهل النار كلّهم

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٠.

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٦٤٤.

(٣) الشعراء : ٩٩.

(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦ ، ح ١.

٣٤٨

أجمعون ، فيقولون : لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدّنيا. فيلعنه الله ، ويلعنه اللاعنون ، فإذا أتي بروحه إلى السّماء الدّنيا أغلقت عنه أبواب السماء ، وذلك قوله : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ)(١) يقول الله تعالى : ردّوها عليه (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى)(٢)» (٣).

وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «أمّا المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم إلى السّماء ، فتفتّح لهم أبوابها ، وأمّا الكافر فيصعد بعمله وروحه حتى إذا بلغ إلى السّماء نادى مناد : اهبطوا به إلى سجّين ، وهو واد بحضرموت يقال له : برهوت» (٤).

* س ٢٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٤٣) [الأعراف:٤١ ـ ٤٣]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ ، في قوله تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ

__________________

(١) قال أبو جعفر في رواية أخرى : «نزلت هذه الآية في طلحة والزّبير ، والجمل جملهم». (تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٠).

(٢) طه : ٥٥.

(٣) الأختصاص : ٣٦٠.

(٤) مجمع البيان : ج ٤ ، ٦٤٦.

٣٤٩

مِهادٌ) أي مواضع (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) أي نار تغشاهم.

قال : قوله تعالى : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي ما يقدرون عليه. قال : وقوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) قال : العداوة تنزع ـ منهم ـ أي من المؤمنين ـ في الجنة ، إذا دخلوها قالوا كما حكى الله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) ـ إلى قوله ـ (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبأمير المؤمنين والأئمّة من ولده ، فينصبون للناس ، فإذا رأتهم شيعتهم قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) يعني : هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين والأئمّة من ولده عليهم‌السلام» (٢).

* س ٢٨ : من هو المؤذن المذكور في قوله تعالى :

(وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)(٤٤) [الأعراف:٤٤]؟!

الجواب / قال أبا الحسن الرضا عليه‌السلام : «المؤذّن : علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه‌السلام» (٣).

* س ٢٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ)(٤٥) [الأعراف:٤٥]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : وصف الله الظالمين بقوله (الَّذِينَ

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ٢٣١.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ٣٤٦ ، ح ٣٣.

(٣) الكافي : ج ١ ، ص ٣٥٢ ، ح ٧٠.

٣٥٠

يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي : يعرضون عن الطريق الذي دل الله سبحانه على أنه يؤدي إلى الجنة. وقيل : معناه يصرفون غيرهم عن سبيل الله أي دينه ، والحق الذي دعا إليه.

(وَيَبْغُونَها عِوَجاً) قال ابن عباس : معناه يصلون لغير الله ، ويعظمون ما لم يعظمه الله. وقيل : معناه يطلبون لها العوج بالشبه التي يلتبسون بها ، ويوهمون أنه يقدح فيها ، وهي معوجة عن الحق بتناقضها (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) أي : بالدار الآخرة ، يعني القيامة ، والبعث ، والجزاء ، (كافِرُونَ) جاحدون (١).

* س ٣٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦) وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧) وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨) أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)(٤٩) [الأعراف:٤٦ ـ ٤٩]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام عند ما سئل عن قول الله عزوجل : (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ)(٢). «سور بين الجنّة والنار ، عليه

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٢٥٩.

(٢) قال الشيخ الطبرسيّ : اختلفوا في المراد بالرجال هنا على أقوال ـ إلى أن قال ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «هم آل محمد عليهم‌السلام ، لا يدخل الجنّة إلّا من عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وأنكروه» (مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٦٥٢). وجاء في الكافي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : عن أصحاب الأعراف : «قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم ، فإن أدخلهم النار فبذنوبهم ، وإن أدخلهم الجنّة فبرحمته». (الكافي : ج ٢ ، ص ٢٨١ ، ح ١).

٣٥١

محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ والحسن والحسين وفاطمة وخديجة الكبرى عليهم‌السلام ، فينادون : أين محبّونا؟ أين شيعتنا؟ فيقبلون إليهم ، فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وذلك قوله عزوجل : (يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) فيأخذون بأيديهم فيجوزون بهم الصراط ويدخلونهم الجنّة» (١).

وقال الشيخ الطبرسي ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الأعراف كثبان بين الجنّة والنار ، يقف عليها كلّ نبيّ وكلّ خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه ، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده ، وقد سيق المحسنون إلى الجنّة ، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه : انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سيقوا إلى الجنّة ، فيسلّم عليهم المذنبون ، وذلك قوله : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ).

ثمّ أخبر سبحانه أنّهم (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنّة وهم يطمعون أن يدخلهم الله إيّاه بشفاعة النبي والإمام ، وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار فيقولون : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ثمّ ينادي أصحاب الأعراف وهم الأنبياء والخلفاء رجالا من أهل النار مقرعين لهم : (ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) يعني : أهؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقّرونهم وتستطيلون بدنياكم عليهم ، ثمّ يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)(٢).

__________________

(١) مختصر بصائر الدرجات : ص ٥٣. وقال أبو جعفر عليه‌السلام عن الأعراف : «صراط بين الجنة والنار ، فمن شفع له الإمام منّا ـ من المؤمنين والمذنبين ـ نجا ، ومن لم يشفع له هوى» (نفس المصدر السابق ، ص ٥٢).

(٢) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٦٥٣.

٣٥٢

* س ٣١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ)(٥٠) [الأعراف:٥٠]؟!

الجواب / قال ابن طاوس في (الدّروع الواقية) : في الحديث أنّ أهل النار إذا دخلوها ورأوا نكالها وأهوالها وعلموا عذابها وعقابها ورأوها ، كما قال زين العابدين عليه‌السلام :

«ما ظنّك بنار لا تبقي على من تضرّع إليها ، ولا تقدر على التخفيف عمّن خشع لها ، واستسلم إليها ، تلقى سكانها بأحرّ ما لديها من أليم النّكال وشديد الوبال ، يعرفون أنّ أهل الجنّة في ثواب عظيم ونعيم مقيم ، فيؤمّلون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفّف عنهم بعض العذاب الأليم كما قال الله جلّ جلاله في كتابه العزيز : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) ـ قال ـ فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار والتهوين (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) ... إلى آخر الحديث (١).

* س ٣٢ : ما هو معنى النسيان في قوله تعالى :

(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ)(٥١) [الأعراف:٥١]؟!

الجواب / قال عبد العزيز بن مسلم : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ)(٢)؟.

__________________

(١) الدروع الواقية : ص ٥٩ (مخطوط).

(٢) التوبة : ٦٧.

٣٥٣

فقال عليه‌السلام : «إنّ الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو ، وإنّما ينسى ويسهو المخلوق المحدث ، ألا تسمع قوله عزوجل يقول : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)(١) وإنّما يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم ، كما قال عزوجل : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٢) قوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا» (٣).

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «يعني بالنسيان أنّه لم يثبهم كما يثيب أولياءه الذين كانوا في دار الدنيا مطيعين ذاكرين حين آمنوا به وبرسوله وخافوه بالغيب» (٤).

* س ٣٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٥٢) [الأعراف:٥٢]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : لما ذكر حال الفريقين ، بين سبحانه أنه قد أتاهم الكتاب والحجة ، فقال : (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ) وهو القرآن (فَصَّلْناهُ) بيناه وفسرناه (عَلى عِلْمٍ) أي : ونحن عالمون به ، ولما كانت لفظة عالم مأخوذة من العلم ، جاز أن يذكر العلم ، ليدل به على العالم ، كما أن الوجود في صفة الموجود كذلك (هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي : دلالة ترشدهم إلى الحق ، وتنجيهم من الضلالة ، ونعمة على جميع المؤمنين ، لأنهم المنتفعون به (٥).

__________________

(١) مريم : ٦٤.

(٢) الحشر : ١٩.

(٣) التوحيد : ص ١٥٩ ، ح ١.

(٤) التوحيد : ص ٢٥٩ ، ح ٥.

(٥) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٢٥٩.

٣٥٤

* س ٣٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(٥٣) [الأعراف:٥٣]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ : قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) فهو من الآيات التي تأويلها بعد تنزيلها. قال : ذلك في قيام القائم عليه‌السلام ويوم القيامة (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) أي تركوه (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) قال : هذا يوم القيامة (أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي بطل عنهم (ما كانُوا يَفْتَرُونَ)(١).

* س ٣٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٥٤) [الأعراف:٥٤]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ : قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) : أي في ستّة أوقات (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ، أي علا بقدرته على العرش (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) أي سريعا (٢).

وقال محمد بن صالح الأرمني : قلت لأبي محمّد الحسن

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٥.

(٢) نفس المصدر السابق.

٣٥٥

العسكري عليه‌السلام : عرّفني عن قول الله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(١).

فقال عليه‌السلام : «لله الأمر من قبل أن يأمر ، ومن بعد أن يأمر بما يشاء» فقلت في نفسي : هذا تأويل قول الله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) ، فأقبل عليّ وقال : «هو كما أسررت في نفسك (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٢).

* س ٣٦ : ما هو معنى (تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) في قوله تعالى :

(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)(٥٥) [الأعراف:٥٥]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : أي علانية وسرّا (٣).

* س ٣٧ : بمن أصلح الله الأرض وكيف يفسدوها ، كما جاء في قوله تعالى :

(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٥٦) [الأعراف:٥٦]؟!

الجواب / روي عن أبي جعفر عليه‌السلام روايات عديدها في هذه الآية الشريفة تذكر : بأن الأرض كانت فاسدة فأصلحها الله برسول الله وأمير المؤمنين (عليهما الصلاة والسّلام) فأفسدوها حين تركوا أمير المؤمنين عليه‌السلام وذرّيته (٤).

__________________

(١) الروم : ٤.

(٢) الثاقب في المناقب : ص ٥٦٤ ، ح ٥٠٢.

(٣) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٦.

(٤) الكافي : ج ٨ ، ص ٥٨ ، ح ٢٠ ، تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٦.

٣٥٦

* س ٣٨ : على ما ذا يدل قوله تعالى :

(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(٥٧) [الأعراف:٥٧]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ : دليل على البعث والنشور ، وهو رد على الزنادقة (١).

* س ٣٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)(٥٨) [الأعراف:٥٨]؟!

الجواب / قال عليّ بن إبراهيم القميّ : وقوله : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) وهو مثل الأئمة (صلوات الله عليهم) يخرج علمهم بإذن ربّهم (وَالَّذِي خَبُثَ) مثل أعدائهم (لا يَخْرُجُ) علمهم (إِلَّا نَكِداً) أي كدرا ـ قيل كذبا ـ فاسدا (٢).

* س ٤٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٥٩) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٦٠) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣)

__________________

(١) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٦.

(٢) تفسير القمي : ج ١ ، ص ٢٣٦.

٣٥٧

فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ)(٦٤) [الأعراف:٥٩ ـ ٦٤]؟!

الجواب / اعلم أن الله سبحانه كرر قصة نوح عليه‌السلام في كثير من سور القرآن ، قال الطبرسي طاب ثراه : وهو نوح بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس عليه‌السلام وهو أول نبي بعد إدريس. وقيل : إنه كان نجارا وولد في العام الذي مات فيه آدم عليه‌السلام وبعث وهو ابن أربعمائة سنة وكان يدعو قومه ليلا ونهارا فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارا وكان يضربه قومه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون وكانوا يثورون إلى نوح عليه‌السلام فيضربونه حتى تسيل مسامعه دما وحتى لا يعقل شيئا مما صنع به فيحمل فيرمى في بيت أو على باب داره مغشيا عليه فأوحى الله تعالى إليه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) فعندها أقبل على الدعاء عليهم فقال (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)(١) فأعقم الله أصلاب الرجال وأرحام النساء فلبثوا أربعين سنة لا يولد لهم وقحطوا في تلك الأربعين سنة حتى هلكت أموالهم وأصابهم الجهد والبلاء ثم قال لهم نوح : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً)(٢) الآيات ، فلم يؤمنوا وقالوا لا تذرن آلهتكم الآيات حتى أغرقهم الله تعالى وآلهتهم التي كانوا يعبدونها فلما كان بعد خروج نوح عليه‌السلام من السفينة وعبد الناس الأصنام سموا أصنامهم بأسماء أصنام قوم نوح فاتخذ أهل اليمن يغوث ويعوق وأهل دومة الجندل صنما سموه ودا واتخذت حمير صنما سمته نسرا وهذيل صنما : سموه سواعا فلم يزل يعبدونها حتى جاء الإسلام (٣).

__________________

(١) نوح : ٢٦.

(٢) نوح : ١٠.

(٣) مجمع البيان : المجلد الثاني ، ص ٦٦٨ ـ ٦٧٠.

٣٥٨

* س ٤١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩) قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١) فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ)(٧٢) [الأعراف:٦٥ ـ ٧٢]؟!

الجواب / ذكر الله سبحانه قصته في كثير من السور والآيات :

و (عادٍ) هو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، أخاهم في النسب ، لأن هود بن شالخ بن ارفخشد بن نوح. وقيل هو ابن عبد الله بن رياح بن حلوت بن عاد بن علوص بن آدم بن سام بن نوح. كذا في كتاب النبوة. وقد جعلهم الله سكان الأرض من بعد قوم نوح وزادهم بسطة في الخلق ، كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم سبعين ذراعا.

وقال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : كانوا كأنهم النخل الطوال فكان الرجل منهم يضرب الجبل بيده فيهدم منه قطعة وكانوا يعبدون أصناما سموها آلهة ، ولذا قال لهم هود عليه‌السلام : (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها). وقيل معناه

٣٥٩

تسميتهم لبعضها أنه يسقيهم المطر ولآخر أنه يأتيهم بالرزق ولآخر أنه يشفي المرضى ولآخر أنه يصحبهم في السفر ، وهؤلاء الذين أهلكهم الله بالريح ، خرج على قدر الخاتم وكانوا يقولون لنبيهم هود ولا نقول فيك إلا أنه أصابك بعض آلهتنا بسوء فخبل عقلك لسبك إياه ، وكانوا يبنون البنيان بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارة فيسخروا منهم ويعبثوا بهم ، وقيل إن معنى قوله : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ)(١) هو اتخاذهم بروجا للحمام عبثا ولما دعاهم ولم ينفع بهم حبس الله سبحانه عنهم المطر فساق إليهم سحابة سوداء فاستبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا ، فقال هود : بل هو العذاب الذي طلبتموه فأرسل الله عليهم ريحا أهلكت كل شيء واعتزل هود ومن معه في حظيرة لم يصبهم من تلك الريح إلا ما تلين على الجلود وتلتذ به الأنفس وإنها لتمر على عاد بالظعن ما بين السماء والأرض حتى ترى الظعينة كأنها جرادة وقد سخر تلك الريح عليهم سبع ليال وثمانية أيام ، قال وهب : هي التي تسميها العرب أيام العجوز ذات برود ورياح شديدة ، وإنما نسبت إلى العجوز ، لأن عجوزا دخلت سربا فتبعتها الريح فقتلتها في اليوم الثامن (٢).

* س ٤٢ : ما المقصود ب (آلاء الله) في قوله تعالى :

(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأعراف:٦٩]؟!

الجواب / قال أبو يوسف البزّاز : تلا أبو عبد الله عليه‌السلام هذه الآية :

__________________

(١) الشعراء : ١٢٨.

(٢) للتفصيل راجع مجمع البيان للطبرسي : المجلد الثاني ، ص ٦٧٣ ـ ٦٧٤.

٣٦٠