التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٢

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٢

اللهِ) : «كلّما أراد جبّار من الجبابرة هلكة آل محمد عليهم‌السلام قصمه الله» (١).

* س ٥٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٦٥) [المائدة:٦٥]؟!

الجواب / كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «تفرّقت أمّة موسى على إحدى وسبعين ملّة ، سبعون منها في النار ، وواحدة في الجنة ، وتفرّقت أمّة عيسى على اثنين وسبعين فرقة ، إحدى وسبعين في النار ، وواحدة في الجنّة ، وتعلو أمّتي على الفرقتين جميعا بملّة واحدة في الجنّة ، واثنتان وسبعون في النار».

قالوا : من هم ، يا رسول الله؟ قال : «الجماعات ، الجماعات».

قال يعقوب بن زيد : كان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إذا حدّث بهذا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تلا فيه قرآنا ، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) ـ إلى قوله : (ساءَ ما يَعْمَلُونَ).

وتلا أيضا : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (٢) يعني أمّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٣).

* س ٥٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) (٦٦) [المائدة:٦٦]؟!

الجواب / ١ ـ قال عليّ بن إبراهيم ، قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ

__________________

(١) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٣٠ ، ح ١٤٨.

(٢) الأعراف : ١٨١.

(٣) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٣٣١ ، ح ١٥١.

٢٠١

وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) ، قال : يعني اليهود والنصارى ـ وقال أبو جعفر عليه‌السلام في هذه الآية : «الولاية» (١) ـ. (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) ، قال : من فوقهم : المطر ، ومن تحت أرجلهم : النّبات (٢).

٢ ـ قال أبو الصّهباء البكريّ : سمعت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ودعا رأس الجالوت ، وأسقف النّصارى ، فقال : «إنّي سائلكما عن أمر ، وأنا أعلم به منكما ، فلا تكتماني». ثمّ دعا أسقف النّصارى ، فقال : «أنشدك بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى ، وجعل على رجله البركة ، وكان يبرىء الأكمه والأبرص وأزال ألم العين ، وأحيا الميت ، وصنع لكم من الطّين طيورا ، وأنبأكم بما تأكلون وما تدّخرن» فقال : دون هذا أصدق.

فقال عليّ عليه‌السلام : «بكم افترقت بنو إسرائيل بعد عيسى؟» فقال : لا والله إلّا فرقة واحدة. فقال عليّ عليه‌السلام : «كذبت والله الذي لا إله إلّا هو ، لقد افترقت أمّة عيسى على اثنين وسبعين فرقة ، كلّها في النار إلّا فرقة واحدة ، إنّ الله يقول : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) فهذه الّتي تنجو» (٣).

* س ٥٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧) [المائدة:٦٧]؟!

الجواب / قال زياد بن المنذر ، أبو الجارود صاحب الدمدمة الجارودية : كنت عند أبي جعفر محمد بن عليّ عليه‌السلام بالأبطح ، وهو يحدّث الناس ، فقام

__________________

(١) بصائر الدرجات : ص ٩٦ ، ح ٢.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٧١.

(٣) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٣٣٠ ، ح ١٥٠.

٢٠٢

إليه رجل من أهل البصرة يقال له : عثمان الأعشى ، كان يروي عن الحسن البصريّ ، فقال : يا بن رسول الله ، جعلت فداك ، إنّ الحسن البصريّ يحدّثنا حديثا يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل ، ولا يخبرنا من الرّجل ، (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) تفسيرها : أتخشى الناس والله يعصمك من الناس؟

فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «ما له لا قضى الله دينه ـ يعني صلاته ـ أما أن لو شاء أن يخبر به أخبر به ، إنّ جبرائيل عليه‌السلام هبط على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : إنّ ربّك تبارك وتعالى يأمرك أن تدلّ أمّتك على صلاتهم. فدلّه على الصلاة ، واحتجّ بها عليه ، فدلّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمّته عليها ، واحتجّ بها عليهم ، ثمّ أتاه فقال : إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدلّ أمّتك في زكاتهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم ، فدلّه على الزكاة ، واحتجّ بها عليه فدلّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمته على الزكاة ، واحتجّ بها عليهم. ثمّ أتاه فقال : إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدلّ أمّتك في صيامهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم ، شهر رمضان بين شعبان وشوّال ، يؤتى فيه كذا ، ويجتنب فيه كذا. فدلّه على الصّيام ، واحتجّ به عليه ، فدّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمّته على الصّيام واحتجّ به عليهم. ثمّ أتاه فقال : إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدلّ أمّتك في حجهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم.

فدلّه على الحجّ ، واحتجّ به عليه ، فدلّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمّته على الحجّ ، واحتجّ به عليهم. ثم أتاه فقال : إنّ الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدلّ أمّتك من وليّهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجّهم».

قال : «فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ربّ ، أمّتي حديثو عهد بجاهليّة ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ). تفسيرها : أتخشى الناس ، فالله يعصمك من الناس. فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخذ

٢٠٣

بيد عليّ بن أبي طالب فرفعها ، فقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأحبّ من أحبّه ، وابغض من أبغضه» (١).

أقول : وكانت هذه الواقعة في (غدير خم) وكان عدد الحاضرين في هذه الواقعة متردد بين (٩٠ ألفا ، وقيل ١٢٠ ألفا ، وقيل ١٢٤ ألفا) لأنهم كانوا عائدين من موسم الحج وكان هذا المكان هو نقطة افتراق الناس إلى أهاليهم فجمعهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخطب بهم وأعطى الخلافة إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام من بعده ...

* س ٥٩ : ما هو تفسير أهل البيت عليهم‌السلام في قوله تعالى :

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٦٨) [المائدة:٦٨]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام لحمران بن أعين ـ في هذه الآية ـ : «هي ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام» (٢) وفي رواية ثانية قال عليه‌السلام للفضيل بن يسار : «هي ولايتنا» (٣).

* س ٦٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٩) [المائدة:٦٩]؟!

الجواب / أقول : أنّ هذه الآية تعود لتقرر مرة أخرى حقيقة الآية السابقة ،

__________________

(١) شواهد التنزيل : ج ١ ، ص ١٩١ ، ح ٢٤٨.

(٢) بصائر الدرجات : ص ٩٤ ، ح ٨.

(٣) مختصر بصائر الدرجات : ص ٦٤.

٢٠٤

وتؤكد أنّ جميع الأقوام وأتباع كل المذاهب دون استثناء ، مسلمين كانوا أم يهودا أم صابئين (١) أم مسيحيين ، لا ينجون ولا يأمنون الخوف من المستقبل والحزن على ما فاتهم إلّا إذا آمنوا بالله وبيوم الحساب وعملوا صالحا ...

هذه الآية ، في الحقيقة ردّ قطاع على الذين يظنون النجاة في ظل قومية معينة ، ويفضلون تعاليم بعض الأنبياء على بعض ، ويتقبلون الدعوة الدينية على أساس من تعصب قومي ، فتقول الآية إن طريق الخلاص ينحصر في نبذ هذه الأقوال ....

ولكن ـ كما قلنا ـ تضع الآية حدا فاصلا بقولها (وَعَمِلَ صالِحاً) لكل قول ، وتشخص الحقيقة ، بخصوص تباين الأديان ، فتوجب العمل بآخر شريعة إلهية ، لأن العمل بقوانين منسوخة ليس من العمل الصالح ، بل العمل الصالح هو العمل بالشرائع الموجودة وبآخرها ...

ثمّ إنّ هناك احتمالا مقبولا في تفسير عبارة (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً) وهو إنها تختص باليهود والنصارى والصابئين ، لأن (الَّذِينَ آمَنُوا) في البداية لا تحتاج إلى مثل هذا القيد ، وعليه ، فإن معنى الآية يصبح هكذا :

إن المؤمنين من المسلمين ـ وكذلك اليهود والنصارى والصابئين ، بشرط أن يؤمنوا وأن يتقبلوا الإسلام ويعملوا صالحا ـ سيكونون جميعا من الناجين وإن ماضيهم الديني لن يكون له أي أثر في هذا الجانب ، وإن الطريق مفتوح للجميع (تأمل بدقة).

__________________

(١) الصابئون هم أتباع يحيى أو نوح أو إبراهيم.

٢٠٥

* س ٦١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) (٧٠) [المائدة:٧٠]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : ثم أقسم سبحانه بأنه أخذ عليهما الميثاق فقال (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) يريد الأيمان المؤكدة التي أخذها أنبياؤهم عليهم في الإيمان بمحمد ، والإقرار به. وقيل : أخذ ميثاقهم على الإخلاص في التوحيد ، والعمل بما أمر به ، والانتهاء عما نهى عنه ، والتصديق برسله ، والبشارة بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووجه الاحتجاج عليهم بذلك وإن كان أخذ الميثاق على آبائهم ، أنهم عرفوا ذلك في كتبهم ، وأقروا بصحته. فالحجة لازمة لهم ، وعتب المخالفة يلحقهم ، كما يلحق آباءهم (وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ) أي : مما لا تهوى أنفسهم ، أي : بما لا يوافق مرادهم (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) أي : كذبوا طائفة ، وقتلوا طائفة.

فإن قيل : لم عطف المستقبل على الماضي؟

فجوابه : ليدل على أن ذلك من شأنهم ، ففيه معنى كذبوا وقتلوا ، ويكذبون ويقتلون ، مع أن قوله يقتلون فاصلة ، يجب أن يكون موافقا لرؤوس الآي ، ويمكن أن يقال التقدير فيه فريقا كذبوا لم يقتلوه ، وفريقا كذبوا يقتلون ، فيكون (يقتلون) صفة للفريق ، ولم يكن فيه عطف المستقبل على الماضي. وعلى الجواب الأول لم يكن كذبوا ويقتلون صفة للفريق ، لأن التقدير كذبوا فريقا ويقتلون فريقا (١).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٣٨٧.

٢٠٦

* س ٦٢ : ما هو تفسير أهل البيت عليهم‌السلام في قوله تعالى :

(وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (٧١) [المائدة:٧١]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) : «حيث كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أظهرهم ، فعموا وصمّوا حيث قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ تاب الله عليهم ، حيث قام أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ قال ـ ثمّ عموا وصمّوا إلى الساعة» (١).

* س ٦٣ : ما هو تفسير أهل البيت عليهم‌السلام لقوله تعالى :

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (٧٢) [المائدة:٧٢]؟!

الجواب / قال زرارة : كتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مع بعض أصحابنا فيما يروي الناس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه من أشرك بالله فقد وجبت له النار ، ومن لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنّة.

قال : «أمّا من أشرك بالله فهذا الشّرك البيّن ، وهو قول الله : (مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ). وأمّا قوله : من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنّة». قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «هاهنا النّظر ، هو من لم يعص الله» (٢).

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١٩٩ ، ح ٢٣٩.

(٢) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٣٣٥ ، ح ١٥٨.

٢٠٧

* س ٦٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣) [المائدة:٧٣]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : وهذا قسم آخر من الله بأنه كفر من قال : (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) والقائلون بهذه المقالة هم جمهور النصارى من الملكانية ، واليعقوبية والنسطورية ، لأنهم يقولون : أب ، وابن ، وروح القدس إله واحد ، ولا يقولون ثلاثة آلهة ـ ويمنعون من العبارة ـ وإن كان يلزمهم أن يقولوا إنهم ثلاثة آلهة. وما كان هكذا صح أن يحكى بالعبارة اللازمة. وإنما قلنا : يلزمهم ، لأنهم يقولون الابن إله والأب إله وروح القدس إله ، والابن ليس هو الأب.

ومعنى (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) أحد ثلاثة.

وقال الزجاج : لا يجوز نصب ثلاثة لكن للعرب فيه مذهب آخر وهو أنهم يقولون رابع ثلاثة ، فعلى هذا يجوز الجر والنصب ، لأن معناه الذي صير الثلاثة أربعة بكونه فيهم.

ثمّ أخبر تعالى ، فقال : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) أي ليس إلا إله واحد. ودخلت (من) للتوكيد ـ وقوله : (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) أي إن لم يرجعوا ويتوبوا عما يقولون من القول بالتثليث أقسم (لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) يعني الذين يستمرون على كفرهم والمس ـ هاهنا ـ ما يكون معه إحساس وهو حلوله فيه ، لأن العذاب لا يمس الحيوان إلا أحس به ويكون المس بمعنى اللمس ، لأن في اللمس طلبا لإحساس الشيء ، فلهذا اختير هاهنا المس. واللمس ملاصقة معها إحساس وإنما قال : «ليمسن الذين

٢٠٨

كفروا منهم» لأمرين :

١ ـ ليعم الوعيد الفريقين الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ، والذين قالوا هو ثالث ثلاثة والضمير عائد إلى أهل الكتاب.

٢ ـ أنه من أقام منهم على الكفر لزمه هذا الوعيد ، وليس في الآية ما يدل على أن في أفعال الجوارح ما هو كفر لأن الذي فيها هو الإخبار عن أن من قال الله ثالث ثلاثة فهو كافر ، وهذا لا خلاف فيه. وليس فيها أن هذا القول بعينه هو كفر أن دلالة على الكفر ، فمن يقول الكفر هو الجحود ، وأن الإيمان هو التصديق بالقلب يقول إن في أفعال الجوارح ما يدل على الكفر الذي هو الجحود في القلب مثل القول الذي ذكره الله تعالى ، ومثل ذلك السجود للشمس وعبادة الأصنام وغير ذلك ، فلا دلالة في الآية على ما قالوه (١).

* س ٦٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٤) [المائدة:٧٤]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : الألف في قوله : «أفلا» ألف إنكار وأصلها الاستفهام ، لأنه لا يصح للسؤال جواب عن مثل هذا فيكون حينئذ تقريعا لهم وإنكارا عليهم ترك التوبة وإنما دخلت «إلى» في قوله : (يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ) لأن معنى التوبة الرجوع إلى طاعة الله ، لأن التائب بمنزلة من ذهب عنها ثم عاد إليها ، والتوبة طاعة يستحق بها الثواب ، فأما إسقاط العقاب عندها فهو تفضّل من الله غير واجب. والفرق بين التوبة والاستغفار أن الاستغفار طلب المغفرة بالدعاء أو التوبة أو غيرهما من الطاعة. والتوبة الندم على القبيح

__________________

(١) التبيان : ج ٣ ، ص ٦٠٣.

٢٠٩

مع العزم على أن لا يعود إلى مثله في القبيح أو الإخلال بالواجب والاستغفار مع الأصرار على القبيح لا يصح ولا يجوز. وفي الآية تحضيض على التوبة والإقلاع من كل قبيح والإنكار لتركها ، وحث على الاستغفار (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إخبار منه تعالى أنه يستر الذنوب ويغفرها رحمة منه لعباده (١).

* س ٦٦ : ما معنى (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) في قوله تعالى :

(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٧٥) [المائدة:٧٥]؟!

الجواب / قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «ومعناه أنّهما كانا يتغوّطان» (٢).

* س ٦٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٧٦) [المائدة:٧٦]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسيّ : أمر الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقول لهؤلاء النصارى الذين قالوا (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) : (تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) أي توجهون عبادتكم إلى من لا يقدر على الضر والنفع ، لأن القادر عليهما هو الله تعالى أو من يمكنه الله من ذلك. ولو جاز توجيه العبادة إلى المسيح الذي لا يملك ذلك لجاز توجيهها إلى الأصنام كما يقوله عباد الأصنام ، وقد علمنا خلاف ذلك.

__________________

(١) نفس المصدر : ص ٦٠٤.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ٢ ، ص ٢٠١ ، ح ١.

٢١٠

والملك : هو القدرة على تصريف ما للقادر عليه أن يصرفه ، فملك الضرر والنفع أخص من القدرة عليهما ، لأن القادر عليهما قد يقدر من ذلك على ماله أن يفعل ، وقد يقدر منه على ما ليس له أن يفعله. والنفع : هو فعل اللذة أو السرور أو ما أدى إليهما أو إلى واحد منهما مثل الملاذ التي تحصل في الحيوان. والصلة بالمال والوعد باللذة ، فإن جميع ذلك نفع ، لأنه يؤدي إلى اللذة ، والضرر هو فعل الألم أو الغم أو ما أدى إليهما أو إلى واحد منهما كالآلام التي توجد في الحيوان والقذف والسب ، لأن جميع ذلك يؤدي إلى الآلام والغضب ضرر لأنه من الأسباب المؤدية إلى الآلام.

وقوله : (وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) قيل في معناه هاهنا قولان :

١ ـ أنه ذكر للاستدعاء إلى التوبة فهو يسمع قول العبد فيها وما يضمره منها.

٢ ـ التحذير من الجزاء بالسيئة ، لأنه يعلم الأعمال ويسمع الإسرار والإعلان. وذلك دليل على ملك الجزاء بالثواب والعقاب (١).

* س ٦٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٧٧) [المائدة:٧٧]؟!

الجواب / قال الإمام العسكري عليه‌السلام : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أمر الله عباده أن يستعيذوا من طريق الضالّين ، وهم الذين قال الله فيهم (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) وهم النصارى ، وقال

__________________

(١) التبيان : ج ٣ ، ص ٦٠٦.

٢١١

الرضا عليه‌السلام كذلك ، ثمّ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : كلّ من كفر بالله فهو مغضوب عليه وضال عن سبيل» (١).

وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِ) أي لا تقولوا : إنّ عيسى هو الله وابن الله (٢).

* س ٦٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٧٨) [المائدة:٧٨]؟!

الجواب / قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «أمّا داود فإنّه لعن أهل أيلة (٣) لما اعتدوا في سبتهم ، وكان اعتداؤهم في زمانه ، فقال : اللهمّ ألبسهم اللّعنة مثل الرّداء ، ومثل المنطقة على الخصرين ، فمسخهم الله قردة. وأمّا عيسى عليه‌السلام فإنّه لعن الذين نزلت عليهم المائدة ، ثمّ كفروا بعد ذلك» (٤).

* س ٧٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٧٩) [المائدة:٧٩]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، «أما إنّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم ، ولا يجلسون مجالسهم ، ولكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم وإنسوا بهم» (٥).

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ص ٥٠ ، ح ٢٣.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٧٦.

(٣) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم ممّا يلي الشام. (مراصد الإطلاع : ج ١ ، ص ١٣٨).

(٤) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٣٥٧.

(٥) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٣٣٥ ، ح ١٦١.

٢١٢

* س ٧١ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠) وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٨١) [المائدة:٨٠ ـ ٨١]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : «يتولّون الملوك الجبّارين ، ويزيّنون لهم أهواءهم ، ليصيبوا من دنياهم» (١).

٢ ـ قال علي بن إبراهيم القمّي : في معنى قوله تعالى : (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) «كانوا يأكلون لحم الخنزير ، ويشربون الخمور ، ويأتون النّساء أيّام حيضهنّ ، ثمّ احتجّ الله على المؤمنين الموالين للكفّار (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) إلى قوله : (وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) فنهى الله عزوجل أن يوالي المؤمن الكافر إلّا عند التقية (٢).

* س ٧٢ : ما هو سبب نزول قوله تعالى :

(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٣٥٨.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٧٦.

٢١٣

يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (٨٦) [المائدة:٨٢ ـ ٨٦]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : إنّه كان سبب نزولها أنّه لمّا اشتدّت قريش في أذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه الذين آمنوا به بمكّة قبل الهجرة ، أمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يخرجوا إلى الحبشة ، وأمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم ، فخرج جعفر ، ومعه سبعون رجلا من المسلمين ، حتى ركبوا البحر.

فلمّا بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد إلى النّجاشي ليردّهم إليهم ، وكان عمرو [بن العاص] ، وعمارة [بن الوليد] متعاديين ، فقالت قريش : كيف نبعث رجلين متعاديين؟ فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة وبرئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص ، فخرج عمارة ، وكان حسن الوجه ، شابّا مترفا ، فأخرج عمرو بن العاص أهله معه ، فلمّا ركبوا السّفينة شربوا الخمر ، فقال عمارة لعمرو بن العاص : قل لأهلك تقبّلني. فقال عمرو : أيجوز هذا ، سبحان الله؟! فسكت عمارة ، فلمّا انتشى ـ أول السكر وقيل هو السكر نفسه ـ عمرو ، وكان على صدر السّفينة ، دفعه عمارة ، وألقاه في البحر ، فتشبث عمرو بصدر السفينة ، وأدركوه ، فأخرجوه ، فوردوا على النجاشيّ ، وقد كانوا حملوا إليه هدايا ، فقبلها منهم ، فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك إنّ قوما منّا خالفونا في ديننا ، وسبّوا آلهتنا ، وصاروا إليك ، فردّهم إلينا.

فبعث النّجاشيّ إلى جعفر ، فجاءوا به ، فقال : يا جعفر ما يقول هؤلاء؟ فقال جعفر (رضي الله عنه) : أيّها الملك ، وما يقولون؟ قال : يسألون أن أردّكم إليهم. قال : أيّها الملك ، سلهم : أعبيد نحن لهم؟ فقال عمرو : لا ،

٢١٤

بل أحرار كرام ، قال : فسلهم ألهم علينا ديون يطالبوننا بها؟ قال : لا ، ما لنا عليكم ديون. قال : فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بها؟ قال عمرو : لا. قال : فما تريدون منّا؟ أذيتمونا ، فخرجنا من بلادكم.

فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك ، خالفونا في ديننا ، وسبّوا آلهتنا ، وأفقدوا شبابنا ، وفرّقوا جماعتنا ، فردّهم إلينا لنجمع أمرنا.

فقال جعفر : نعم أيّها الملك ، خلقنا الله ، ثم بعث الله فينا نبيّا أمرنا بخلع الأنداد ، وترك الاستقسام بالأزلام ، وأمرنا بالصلاة والزكاة ، وحرّم الظّلم ، والجور ، وسفك الدماء بغير حقّها ، والزّنا والرّبا ، والميتة ، والدّم ، ولحم الخنزير ، وأمرنا بالعدل والإحسان ، وإيتاء ذي القربى ، ونهى عن الفحشاء ، والمنكر ، والبغي.

فقال النجاشي : بهذا بعث الله عيسى بن مريم عليه‌السلام ، ثم قال النّجاشي : يا جعفر ، هل تحفظ ممّا أنزل الله على نبيّك شيئا؟ ، قال : نعم. فقرأ عليه سورة مريم ، فلمّا بلغ إلى قوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (١) ولمّا سمع النّجاشي بهذا بكى بكاءا شديدا ، وقال : هذا والله هو الحقّ.

فقال عمرو بن العاص : أيّها الملك ، إنّه مخالف لنا ، فردّه إلينا ، فرفع النجاشيّ يده ، فضرب بها وجه عمرو ، ثمّ قال : اسكت ، والله لئن ذكرته بسوء لأفقدنّك نفسك.

فقام عمرو بن العاص من عنده ، والدّماء تسيل على وجهه ، وهو يقول : إن كان هذا كما تقول أيّها الملك ، فإنا لا نتعرّض له.

__________________

(١) مريم : ٢٥ ـ ٢٦.

٢١٥

كانت على رأس النجاشيّ وصيفة له تذبّ عنه ، فنظرت إلى عمارة بن الوليد ، وكان فتىّ جميلا ، فأحبته ، فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة : لو راسلت جارية الملك ، فراسلها ، فأجابته ، فقال له عمرو : قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا. فقال لها ، فبعثت إليه ، فأخذ عمرو من ذلك الطيب ، وكان الذي فعل به عمارة في قلبه ، حين ألقاه في البحر ، فأدخل الطيب على النجاشيّ ، فقال : أيّها الملك ، إنّ حرمة الملك عندنا ، وطاعته علينا عظيمة ، ويلزمنا إذا دخلنا بلاده ، ونأمن فيها أن لا نغشّه ولا نريبه.

وإن صاحبي هذا الذي معي قد راسل إلى حرمتك ، وخدعها ، وبعثت إليه من طيبك. ثمّ وضع الطيب بين يديه ، فغضب النجاشيّ ، وهم بقتل عمارة ، ثمّ قال : لا يجوز قتله ، فإنّهم دخلوا بلادي بأماني.

فدعا النجاشيّ السّحرة ، فقال لهم : اعملوا به شيئا أشدّ عليه من القتل ، فأخذوه ونفخوا في إحليله الزّئبق ، فصار مع الوحش يغدو ويروح ، وكان لا يأنس بالناس ، فبعثت قريش بعد ذلك إليه ، فكمنوا له في موضع حتّى ورد الماء مع الوحش ، فأخذوه ، فما زال يضطرب في أيديهم ويصيح حتّى مات.

ورجع عمرو إلى قريش ، وأخبرهم أنّ جعفرا في أرض الحبشة ، في أكرم كرامة. فلم يزل بها حتى هادن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قريشا ، وصالحهم ، وفتح خيبر ، فوافى بجميع من معه ، وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر ، وولد للنّجاشي ابن فسماه محمّدا.

وكانت أم حبيبة ـ رملة ـ بنت أبي سفيان تحت عبد الله (١) ، فكتب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى النجاشيّ ، يخطب أم حبيبة ، فبعث إليها النّجاشيّ ، فخطبها لرسول

__________________

(١) أم حبيبة هاجرت مع زوجها عبد الله بن جحش إلى الحبشة ، ثمّ تنصّر عبد الله هناك ، ومات على النصرانية ، وثبتت أم حبيبة على دينها الإسلام ، ثم تزوّجها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (أعلام النساء : ج ١ ، ص ٤٦٤).

٢١٦

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأجابته ، فزوّجها منه ، وأصدقها أربع مائة دينار ، وساقها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعث إليها بثياب وطيب كثير ، وجهّزها ، وبعثها إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبعث إليه بمارية القبطيّة أم إبراهيم ، وبعث إليه بثياب وطيب وفرس ، وبعث ثلاثين رجلا من القسيسين ، فقال لهم : انظروا إلى كلامه ، وإلى مقعده ، وإلى مطعمه ، ومشربه ، ومصلّاه ، فلمّا وافوا المدينة ، دعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الإسلام ، وقرأ عليهم القرآن (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ) إلى قوله : (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١) فلمّا سمعوا ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكوا ، وآمنوا ، ورجعوا إلى النّجاشيّ ، فأخبروه خبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقرأوا عليه ما قرأ عليهم ، فبكى النجاشيّ ، وبكى القسّيسون ، وأسلم النجاشيّ ، ولم يظهر للحبشة إسلامه ، وخافهم على نفسه ، وخرج من بلاد الحبشة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا عبر البحر توفّي ، فأنزل الله على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ) إلى قوله : (وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ ذكر النّصارى وعداوتهم ، فقال : قول الله : (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) : «أولئك كانوا قوما بين عيسى ومحمّد عليهما‌السلام ينتظرون مجيء محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٣).

__________________

(١) المائدة : ١١٠.

(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٧٦.

(٣) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٣٣٥ ، ح ١٦.

٢١٧

* س ٧٣ : ما هو سبب نزول قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ)(٨٨) [المائدة:٨٧ ـ ٨٨]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وبلال ، وعثمان بن مظعون.

فأمّا أمير المؤمنين عليه‌السلام فحلف أن لا ينام بالليل أبدا ، وأمّا بلال ، فإنّه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا ، وأمّا عثمان بن مظعون ، فإنّه حلف أن لا ينكح أبدا ، فدخلت امرأة عثمان على عائشة ، وكانت امرأة جميلة ، فقالت عائشة : ما لي أراك متعطّلة ـ أي نازعة حليتك ـ؟ فقالت : ولمن أتزيّن؟ فو الله ما قاربني زوجي منذ كذا وكذا ، فإنّه قد ترهّب ولبس المسوح ، وزهد في الدنيا.

فلمّا دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرته عائشة بذلك فخرج ، فنادى الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ما بال أقوام يحرّمون على أنفسهم الطيّبات؟ ألا إنّي أنام الليل ، وأنكح وأفطر بالنهار ، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ، فقام هؤلاء ، فقالوا : يا رسول الله ، فقد حلفنا على ذلك ، فأنزل الله تعالى عليه : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١).

__________________

(١) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٧٩.

٢١٨

* س ٧٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٨٩) [المائدة:٨٩]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) قال : «اللغو : قول الرجل : لا والله ، وبلى والله ، ولا يعقد على شيء» (١).

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام في كفّارة اليمين : «عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم بالإدام ، والوسط : الخلّ والزيت ، وأرفعه : الخبز واللّحم ، والصدقة : مدّ مدّ لكلّ مسكين ، والكسوة : ثوبان ، فمن لم يجد فعليه الصّيام ، يقول الله : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) ويصومهنّ متتابعات ، ويجوز في عتق الكفّارة الولد ، ولا يجوز في عتقك القتل إلّا مقرّة بالتوحيد» (٢).

* س ٧٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (٩١) [المائدة:٩٠ ـ ٩١]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام لأبي الجارود في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا

__________________

(١) الكافي : ج ٧ ، ص ٤٤٣ ، ح ١.

(٢) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٣٣٨ ، ح ١٧٣.

٢١٩

الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) : «أما الخمر فكلّ مسكر من الشّراب إذ أخمر ، فهو خمر ، وما أسكر كثيره فقليله حرام ، وذلك أنّ أبا بكر (١) شرب قبل أن يحرّم الخمر ، فسكر فجعل يقول الشّعر ، ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر ، فسمعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اللهمّ أمسك على لسانه. فأمسك على لسانه ، فلم يتكلّم ، حتى ذهب عنه السّكر ، فأنزل الله تحريمها بعد ذلك ، وإنّما كانت الخمر يوم حرّمت بالمدينة فضيخ البسر (٢) والتمر ، فلمّا نزل تحريمها خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقعد في المسجد ، ثمّ دعا بأنيتهم الّتي كانوا ينبذون فيها ، فأكفأها كلّها ، ثمّ قال : هذه كلّها خمر ، وقد حرّمها الله ، فكان أكثر شيء أكفىء من ذلك يومئذ من الأشربة الفضيخ ، ولا أعلم أكفىء

__________________

(١) قال الزمخشري في (ربيع الأبرار) : أنزل الله تعالى في الخمر ثلاث آيات : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) [البقرة : ٢١٩] فكان المسلمون بين شارب وتارك إلى أن شربها رجل ، فدخل في الصلاة فهجر ، فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣].

فشربها من شرب من المسلمين ، حتّى شربها عمر ، فأخذ لحى بعير ، فشجّ رأس عبد الرحمن بن عوف ، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يغوث ـ يعفر ـ.

وكائن بالقليب قلبب بدر

من الفتيان والشّرب والكرام

وكائن بالقليب قليب بدر

من الشيزى المكلل بالسّنام

أيوعدنا ابن كبشة أن سخيا

وكيف حياة أصداء وهام!

أيعجز أن يد الموت عنّي

وبشرني إذا بليت عظامي!

ألا من مبلغ الرحمن عني

بأنّي تارك شهر الصّيام

فقل لله بمنعي شرابي

وقل لله بمنعي طعامي

فبلغ ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخرج مغضبا يجرّ رداءه ، فرفع شيئا كان في يده ليضربه ، فقال : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، فأنزل الله سبحانه وتعالى : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ) إلى قوله : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فقال عمر : انتهينا. (ربيع الأبرار : ج ٤ ، ص ٥١).

(٢) الفضيخ : عصير العنب ، وهو أيضا شراب يتخذ من البسر المفضوخ وحده من غير أن تمسه النار. والبسر : التمر قبل أن يترطب لفضاضته.

٢٢٠