قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مواهب الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١٠ ]

104/415
*

بنبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكفرهم هذا ببعض الرسل أوجب أن يكونوا في عدد الكافرين بالله تعالى ورسله جميعا ، كما بيّنه عزوجل في الآيات التالية.

ومنهم : من كفر بالله جلّ شأنه ولم يؤمن برسله ، كالمشركين وغيرهم من الكفّار المنكرين للمبدأ والمعاد والرسل ، ويأتي ما يتعلّق بهذه الطائفة في الآيات الكريمة في السور الآتية إن شاء الله تعالى.

ومنهم : من آمن بالله ورسله ، وهم المؤمنون ، ولهم فضلهم وشأنهم عند الله تعالى كما يأتي.

قوله تعالى : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ).

بيان للعلّة الّتي أوجبت دخول الطائفة الاولى في زمرة الكافرين ، فإنّهم وإن اعتقدوا بالله جلّ جلاله ، ولكن ذلك بوحده غير كاف في الدخول في المؤمنين ؛ لأنّ التفرقة بين الله تعالى ورسله كفر بهما معا.

وإنّما جعل ذلك من إرادتهم ؛ لبيان أنّه لم ينزل الله به من سلطان ، وإنّما كان بمحض إرادتهم واختيارهم التابع لآرائهم الفاسدة وعقائدهم السخيفة.

قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ).

تفسير وتوضيح لما أرادوه من التفرقة بين الله تعالى ورسله ، ويقولون : نؤمن ببعض الأنبياء ونكفر بالبعض الآخر ، كما فعله أهل الكتاب ـ أو الطائفة الثانية ـ مع أنّ الأنبياء عليهم‌السلام جميعا رسل الله تعالى والردّ على واحد منهم ردّ على الله تعالى ، فمن كفر بواحد منهم فقد كفر بالجميع.

والآيات الشريفة تبيّن حقيقة دينهم وما يقتضيه مذهبهم في الإيمان ببعض الأنبياء والكفر بالبعض الآخر ، فإنّ ذلك كفر في الواقع وإن لم يصرّحوا به أو لم يشعروا به.

وإنّما عبّر سبحانه وتعالى ب (وَيَقُولُونَ) ليماء الى أنّ ذلك مجرّد قول وادعاء بالألسنة ، وإلّا فالحقيقة والواقع خلاف ذلك ، وقد اقتصر تبارك وتعالى على ذكر أهل الكتاب ولم يذكر الطائفة الاخرى المنكرين للرسالة بالكليّة لسخافة مذهبهم ،