زبدة الأصول - ج ٥

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني

زبدة الأصول - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محمّد صادق الحسيني الروحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: أنوار الهدى
الطبعة: ٣
ISBN: 964-8812-38-1
الصفحات: ٥٦٣

وعَلِمَ مَا يَضُرُّهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَبَاحَهُ لِلْمُضْطَرِّ وَأَحَلَّهُ لَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يَقُومُ بَدَنُهُ إِلّا بِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنَالَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْبُلْغَةِ لَا غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْمَيْتَةُ فَإِنَّهُ لَا يُدْمِنُهَا أَحَدٌ إِلّا ضَعُفَ بَدَنُهُ وَنَحَلَ جِسْمُهُ ووَهَنَتْ قُوَّتُهُ وَانْقَطَعَ نَسْلُهُ .. إلى آخر الحديث.

بتقريب ان قوله (ع) وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم ، يدل على ان علة تحريم الخمر ، والميتة والدم ولحم الخنزير إنما هي كونها مضرة ، ومقتضى عموم العلة حرمة كل ما يوجب الضرر على النفس.

وفيه : ان قوله (ع) وعلم ما يضرهم فنها عنه ، من قبيل حكمة التشريع ، لا من قبيل العلة التي يتعدى عنها ، وذلك لان السؤال إنما يكون عن وجه تحريم الله تعالى تلك الأمور ، فالسؤال إنما يكون عن حكمة التشريع ، ولا يكون سؤالا عن انطباق عنوان عام محرم عليها ، وعدمه هو واضح ، فالجواب أيضاً يكون ناظرا إلى ذلك ، ولعل ما ذكرناه ظاهر لا سترة عليه.

أضف إلى ذلك انه لو كان ذلك علة يدور الحكم مدارها ، لزم منه عدم حرمة المذكورات إذا لم يترتب على استعمالها الضرر ، كما في استعمال القليل منها ، أو جواز استعمال ما يقطع من الميتة بعدم الضرر فيها كما لو ذبح إلى غير القبلة ، ولا يلتزم بذلك فقيه.

مع ان ما ذكر في وجه حرمة الميتة رتب على ادمانها ، فلو كان ذلك علة ، لزم منه عدم حرمة أكل الميتة مع عدم الإدمان.

ومنها : ما رواه الصدوق باسناده عن الامام علي (ع) في حديث الاربعمائة ، قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) : (لا تَأْكُلُوا الطِّحَالَ فَإِنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ

٣٠١

الْفَاسِدِ الْخَبَرَ) (١) والاستدلال به انما يكون بعموم العلة.

والجواب عنه انما هو كون ذلك من قبيل الحكمة لا العلة ، لو روده في مقام بيان حكمة تحريم الله تعالى الطحال ، لا في مقام بيان تحريم عنوان عام شامل للطحال.

ومنها : خبر مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ (٢) عَنِ الرِّضَا (ع) فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ لِأَنَّهُ مُشَوَّهٌ جَعَلَهُ اللهُ عِظَةً لِلْخَلْقِ وَعِبْرَةً وَتَخْوِيفاً وَدَلِيلاً عَلَى مَا مَسَخَ عَلَى خِلْقَتِهِ لِأَنَّ غِذَاءَهُ أَقْذَرُ الأَقْذَارِ مَعَ عِلَلٍ كَثِيرَةٍ وَكَذَلِكَ حَرَّمَ الْقِرْدَ لِأَنَّهُ مَسْخٌ مِثْلَ الْخِنْزِيرِ وَجَعَلَ عِظَةً وَعِبْرَةً لِلْخَلْقِ وَدَلِيلا عَلَى مَا مَسَخَ عَلَى خِلْقَتِهِ وَصُورَتِهِ وَجَعَلَ فِيهِ شبهاً مِنَ الإنسان لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْخَلْقِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَحُرِّمَتِ الْمَيْتَةُ لِمَا فِيهَا مِنْ فَسَادِ الأَبْدَانِ وَالآفَةِ وَلِمَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ تَسْمِيَتَهُ سَبَباً لِلتَّحْلِيلِ وَفَرْقاً بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَحَرَّمَ اللهُ الدَّمَ كَتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسَادِ الأَبْدَانِ وَأَنَّهُ يُورِثُ الْمَاءَ الأَصْفَرَ وَيُبْخِرُ الْفَمَ وَيُنْتِنُ الرِّيحَ وَيُسِيءُ الْخُلُقَ وَيُورِثُ قَسَاوَةَ الْقَلْبِ وَقِلَّةَ الرَّأفَةِ وَالرَّحْمَةِ حَتَّى لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَقْتُلَ وَلَدَهُ وَوَالِدَهُ وَصَاحِبَهُ.

وتقريب الاستدلال به ، والجواب عنه ما في سابقيه ، ويضاف إليه ان ما ذكر في مقام الحكمة ليس هو الإضرار بالبدن خاصة ، كما هو واضح.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ١٦ ص ١٨٩ و ١٩٧ / الخصال ج ٢ ص ٦١٤.

(٢) وسائل الشيعة ج ٢٤ ص ١٠٢ ح ٣٠٠٨٥ / علل الشرائع ج ٢ ص ٤٨٤.

٣٠٢

ومنها : خبر الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعْبَةَ فِي كِتَابِ تُحَفِ الْعُقُولِ (١) عَنِ الامام الصَّادِقِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ وَأَمَّا مَا يَحِلُّ لِلْإِنْسَانِ أَكْلُهُ مِمَّا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ فَثَلَاثَةُ صُنُوفٍ مِنَ الأَغْذِيَةِ صِنْفٌ مِنْهَا جَمِيعُ الْحَبِّ كُلِّهِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالأَرُزِّ وَالْحِمَّصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صُنُوفِ الْحَبِّ وَصُنُوفِ السَّمَاسِمِ وغَيْرِهِمَا كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْحَبِّ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ غِذَاءُ الإنسان فِي بَدَنِهِ وَقُوَّتُهُ فَحَلَالٌ أَكْلُهُ وَكلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ الْمَضَرَّةُ عَلَى الإنسان فِي بَدَنِهِ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ إِلّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ .. إلى آخر الحديث.

وفيه : أولا انه ضعيف السند للإرسال ، واستناد الأصحاب إليه غير ثابت فلا يكون حجة.

وثانيا : انه يدل على حرمة الأطعمة والأغذية المضرة كالسموم وما شاكل ، لا حرمة الإضرار بالنفس مطلقا ، ولو كان باستعمال الأطعمة غير المضرة في أنفسها ، لاحظ قوله (ع) قبل الجملة التي هي محل الاستشهاد ، صنف منها جميع الحب كله من الحنطة والشعير والأرز والحمص وغير ذلك من صنوف الحب وصنوف السماسم وغيرهما كل شيء من الحب مما يكون فيه غذاء الإنسان في بدنه وقوته فحلال أكله ، وكل شيء يكون فيه المضرة إلى آخره.

ومنها : خبر دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ (٢) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ وَمَا كَانَ مِنْهَا يَعْنِي مِنْ صُنُوفِ الثِّمَارِ وَالْبُقُولِ فِيهِ الْمَضَرَّةُ فَحَرَامٌ أَكْلُهُ إِلّا فِي

__________________

(١) تحف العقول ص ٣٣٧ / وسائل الشيعة ج ٢٥ ص ٨٤ ح ٣١٢٥٨.

(٢) دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٢٢ / مستدرك الوسائل ج ١٦ ص ٢٠٧ و ٣٦١.

٣٠٣

حَالِ التَّدَاوِي بِهِ .. الْخَبَرَ.

ويرد عليه ، انه ضعيف السند للارسال ولعدم ثبوت وثاقة مؤلف ذلك الكتاب وهو أبو حنيفة نعمان بن محمد بن منصور ، والاستناد إليه غير ثابت ، أضف إليه اختصاصه بالاطعمة المضرة ، كما في خبر تحف العقول.

ومنها : ما عن فِقْهُ الرِّضَا (ع) (١) اعْلَمْ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُبِحْ أَكْلاً وَلا شُرْباً إِلّا مَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ وَالصَّلَاحُ وَلَمْ يُحَرِّمْ إِلا مَا فِيهِ الضَّرَرُ وَالتَّلَفُ وَالْفَسَادُ فَكُلُّ نَافِعٍ مُقَوٍّ لِلْجِسْمِ فِيهِ قُوَّةٌ لِلْبَدَنِ فَهُوَ حَلَالٌ وكُلُّ مُضِرٍّ يَذْهَبُ بِالْقُوَّةِ أَوْ قَاتِلٌ فَحَرَامٌ إلى آخِرِهِ.

والجواب عنه كما في سابقيه ، مضافا إلى عدم ثبوت كونه كتاب رواية ، ولعله تأليف فقيه من أهل البيت.

ومنها : خبر طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ ع قَالَ إِنَّ الْجَارَ كَالنَّفْسِ غَيْرُ مُضَارٍّ وَلَا آثِمٍ) (٢).

وفيه : انه يدل على ان الجار (أي من أعطى له الأمان كما مر) بمنزلة النفس ، فكما ان الإنسان بطبعه لا يقدم على الضرر ولا يظهر عيوب نفسه ، فليكن كذلك بالنسبة إلى الجار ، ولا يدل على حرمة الإضرار بالنفس.

وفى المقام روايات كثيرة أخر مذكورة في الوسائل ومستدرك الوسائل ، يظهر الجواب عنها مما تقدم ، مضافا إلى ضعف إسناد جملة منها.

__________________

(١) فقه الرضا ص ٢٥٤ / مستدرك الوسائل ج ١٦ ص ١٦٥ و ٣٣٣.

(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٩٢ / التهذيب ج ٧ ص ٤٢ / وسائل الشيعة ج ٢٥ ص ٤٢٨ ح ٣٢٢٨٠.

٣٠٤

فإذا لا دليل على الحرمة ، ومقتضى الأصل الجواز.

ويشهد به ، توافق النص ، والفتوى ، والعمل على جواز عدة أمور مع كونها مضرة ، كإدمان أكل السمك ، وشرب الماء بعد الطعام ، واكل التفاح الحامض ، وشرب التتن والتنباك ، والجماع على الامتلاء من الإطعام ، ودخول الحمام مع الجوع ، وعلى البطنة والإضرار بالنفس بسفر التجارة ، وما شاكل ذلك ، فيجوز الإضرار بالنفس ، بغير ما يوجب التهلكة أو قطع عضو من الأعضاء ، الا ما استثنى بلا كلام ، هذا آخر ما أوردناه في قاعدة لا ضرر.

والحمد لله أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا.

٣٠٥

الفصل الرابع

من

الأصول العملية

الاستصحاب

٣٠٦

تعريف الاستصحاب

الفصل الرابع : في الاستصحاب ، وتنقيح القول فيه يستدعى تقديم أمور :

الأمر الأول : في حقيقة الاستصحاب وقد نقل الشيخ الأعظم (١) عن القوم في تعريف الاستصحاب وجوها ثلاث :

١ ـ ما عن المحقق القمي (ره) (٢) وهو كون حكم أو وصف يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق.

٢ ـ ما عن المشهور بل نسبه شارح الدروس (٣) إلى القوم وهو إثبات الحكم في زمان لوجوده في زمان سابق عليه.

٣ ـ ما عن الفاضل التوني (٤) ، وشارح المختصر (٥) ، وهو ان الحكم الفلاني قد كان ولم يظن عدمه ، وكلما كان كذلك فهو باق ، ويستفاد من كلمات

__________________

(١) فرائد الأصول ج ٢ ص ٥٤١.

(٢) قوانين الأصول ج ٢ ص ٢٥٩.

(٣) مشارق الشموس للمحقق الخونساري ج ١ ص ٧٦ ط مؤسسة أهل البيت (ع).

(٤) الوافية في الأصول ص ٢٠٠ (القسم السادس : استصحاب حال الشرع) قوله : «ان الأمر الفلاني قد كان ولم يعلم عدمه وكل ما هو كذلك فهو باق». الناشر مجمع الفكر الإسلامي ، قم. ١٤١٥ ه‍. ق

(٥) نسبه إليه غير واحد من الأعلام ، منهم الشيخ الأعظم في فرائد الأصول ج ٢ ص ٥٤٢ إلا أنه قال : «وكل ما كان كذلك فهو مظنون البقاء» / والمختصر اصله للحاجبي وشارحه هو القاضي عضد الدين.

٣٠٧

الشيخ (ره) (١) انه يرى توافق التعاريف الثلاثة.

ويمكن توجيهه بما أفاده بعض المحققين (٢) ، من ان التعريف قد يكون بالعلة ، ويسمى بمبدإ البرهان كتعريف الغضب بإرادة الانتقام ، وقد يكون بالمعلول ، ويسمى بنتيجة البرهان كتعريف الغضب بغليان دم القلب ، وقد يكون بهما ، ويسمَّى بالحد التام الكامل ، كتعريف الغضب بغليان الدم لارادة الانتقام وتعريف الاستصحاب ، بالأول من قبيل مبدأ البرهان ، وبالثاني من قبيل نتيجة البرهان ، وبالثالث من قبيل الحد التام الكامل.

ولكن يرد عليها ان هذه هو الاستصحاب الذي يكون من الإمارات.

واما على فرض القول به من باب الأخبار كما عليه المتأخرون فلا يتم هذه التعاريف كما هو واضح.

ولذلك أفاد المحقق الخراساني (ره) (٣) في الكفاية ان عبارتهم في تعريفه وان كان شتى إلا أنها تشير إلى مفهوم واحد ومعنى فارد وهو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه.

اما من جهة بناء العقلاء على ذلك في أحكامهم العرفية مطلقا أو في الجملة تعبدا أو للظن به الناشئ عن ملاحظة ثبوته سابقا.

واما من جهة دلالة النص أو دعوى الإجماع إلى ان قال ، وتعريفه بما ينطبق

__________________

(١) راجع فرائد الأصول ج ٢ ص ٥٤١ ـ ٥٤٢.

(٢) وهو المحقق الأصفهاني في نهاية الدراية ج ٣ ص ١٢.

(٣) كفاية الأصول ص ٣٨٤.

٣٠٨

على بعضها وان كان ربما يوهم ان لا يكون هو الحكم بالبقاء بل ذاك الوجه إلا انه حيث لم يكن بحد ولا برسم بل من قبيل شرح الاسم كما هو الحال في التعريفات غالبا لم يكن له دلالة على انه نفس الوجه بل للإشارة إليه من هذا الوجه ولذا وقع الإشكال على ما ذكر في تعريف بعدم الطرد أو العكس فانه لم يكن به إذا لم يكن بالحد أو الرسم بأس انتهى.

وفي كلامه (قدِّس سره) مواقع للنظر :

الأول : ما أفاده من ان حقيقة الاستصحاب على جميع المباني والتعريفات شيء واحد ، والكل تشير إليه.

فانه يرد عليه ان الأنظار كما أشار إليه مختلفة في اعتبار الاستصحاب وحجيته.

فمنهم من يراه حجة لكونه إمارة شرعية من جهة بناء العقلاء ، وملاك اعتباره حينئذ إفادته الظن النوعي كما في سائر الأمارات الشرعية ،

ومنهم من يراه حجة للإذعان العقلي الظني ببقاء الحكم وملاك اعتباره حينئذ الظن الشخصي ويكون حاله حال بعض الظنون الخاصة كالظن بالقبلة ، والظن في عدد الركعات ، والظن الانسدادي على الكشف.

واختار المحققون من المتأخرين انه حجة لكونه أصلاً عمليا من جهة دلالة النص أو الإجماع عليه.

وعلى المسلكين : الأول يكون الاستصحاب مثبتا للحكم وطريقا إليه ، وعلى المسلك الأخير يكون وظيفة مجعولة مع عدم الطريق إلى الواقع ، فلا يمكن

٣٠٩

فرض جامع في البين.

وما أفاده من ان المفهوم الواحد الذي يشير الكل إليه ، هو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه ، لا يتم.

إذ الاستصحاب على تقدير كونه أمارة يكون كاشفا عن الحكم وطريقا إليه ، فلا يمكن تعريفه بنفس الحكم.

وعلى تقدير كونه أصلاً عمليا ، وان كان عبارة عن نفس الحكم إلا انه ليس هو الحكم ببقاء الحكم الواقع أو موضوعه.

الثاني : ما أفاده من ان بناء العقلاء قد يكون تعبدا ، فان التعبد في بنائهم غير معقول ، فان العقلاء ليسوا إلا المكلفين فكيف يمكن ان يحكم المكلف على نفسه بشيء ولا يفهم مناطه ويتعبد نفسه بذلك ، وهذا من الوضوح بمكان.

الثالث : فيما أفاده من ان عدم اطراد التعاريف أو عدم انعكاسها ، لا يضر بعد ورودها في مقام شرح الاسم.

فانه يرد عليه : ان شرح اللفظ والتعريف على قسمين :

القسم الأول : شرح تام موجب لتمييز المدلول عن جميع ما عداه.

القسم الثاني : شرح ناقص موجب لتمييزه عن بعض ما عداه.

والذي لا يضر عدم اطراده وانعكاسه إنما هو الثاني.

ومقصود الشارحين للعناوين هو الأول ، فالاعتذار عن عدم اطراد التعاريف تارة ، وعدم انعكاسها أخرى بان تعاريفهم تعاريف لفظية وفي مقام

٣١٠

شرح الاسم ، غير مقبول.

وأيضا يرد عليه (قدِّس سره) ان ظاهره بل صريح كلامه في المقام وفي باب العام والخاص وبحث مقدمة الواجب ان شرح الاسم يرادف التعريف اللفظي. وبعبارة أخرى : ان ما يقال في جواب ما الشارحة ويعبّر عنه بشرح الاسم يرادف التعريف اللفظي ، وقد تبع في ذلك الحكيم السبزواري (١)

وأظن ان منشأه ما أفاده الشيخ في النجاة (٢) من ان الوجود لا يمكن ان يشرح بغير الاسم ، ومراده التعريف اللفظي المقابل للحقيقي أي ان صورته تقوم في النفس بلا توسط شيء ولا يكون شيء محصلا لصورته حتى يكون تعريفا حقيقيا له بل ما يعبر عنه فإنما هو تعريف بلفظ آخر كالترجمة.

وإلا فالذي صرح به ، الشيخ في الإشارات ، والمحقق الطوسي في شرحها (٣) ، والمحقق اللاهيجي في حاشيته على الشوارق (٤) ، والمحقق الأصفهاني (٥) :

ان التعريف اللفظي يقابل التعريف الحقيقي.

والأول شأن اللغوي والعرف ، لا الحكيم.

__________________

(١) شرح المنظومة ج ٢ (قسم الحكمة) ص ٦٠.

(٢) هو الشيخ الرئيس ابن سينا ، كما حكاه عنه الحكيم السبزواري في شرح منظومته ج ٢ (قسم الحكمة) ص ٦١.

(٣) كما هو الظاهر من شرح منطق الإشارات ص ١٠٤ ـ ١٠٥.

(٤) نهاية الدراية ج ٣ ص ١٤ بتصرف.

(٥) بحوث في الأصول ج ١ ص ١٣ / نهاية الدراية ج ٣ ص ١٤.

٣١١

والثاني ينقسم إلى ما يكون بحسب الحقيقة والمراد بها الماهية الموجودة ، وما يكون بحسب الاسم وهو ما يكون قبل معرفة وجود المسئول عنه ، وكل منهما ينقسم إلى الحد والرسم.

وعلى الجملة ان الحدود قبل الهليات البسيطة حدود اسمية وهي بأعيانها بعد الهليات تنقلب حدودا حقيقية ولتمام الكلام محل آخر.

فمطلب ما الشارحة وشرح الاسم من أقسام التعريف الحقيقي ويقابل التعريف اللفظي فجعله عبارة عن التعريف اللفظي خلاف الاصطلاح فلا تغفل.

ومما ذكرناه في الإيراد الأول على صاحب الكفاية يظهر ، ان تعريف الشيخ الأعظم للاستصحاب بأنه إبقاء ما كان ، والمراد بالإبقاء الحكم بالبقاء.

غير تام ، ولا يستقيم على شيء من المسالك في حجية الاستصحاب.

ويرد عليه مضافا إلى ذلك ، ما ذكره المحقق الخراساني (١) في التعليقة والمحقق النائيني (٢) ، بما حاصله ان قوام الاستصحاب على ما يستفاد من الأخبار باليقين السابق والشك اللاحق وقد أخل في هذا التعريف بهما من دون دلالة عليه.

وتوجيه التعريف المزبور بنحو يندرج فيه القيدان ، بان ذكر ما كان ، مع كونه دخيلا في مفهوم الإبقاء ، أريد به دخل الوجود السابق المعلوم فيه ، كما ان تعليق الحكم على الوصف ، مشعر بالعلية ، فلن لم يكن شاكا ، لا يكون الإبقاء

__________________

(١) درر الفوائد للآخوند (الجديدة) ص ٢٩٠.

(٢) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٣٠٧.

٣١٢

مستندا إلى الكون السابق فالقيدان مأخوذان في التعريف.

لا يكفي لان الاكتفاء في الحد بما له إشعار بالقيد المعتبر في المحدود بلا ظهور ودلالة عرفية عليه لا يجوز في مقام التحديد ، ولعله إلى ذلك نظر المحقق الخراساني في التعليقة حيث أورد على تعريف الشيخ بإيرادات :

وعدّ منها : الاقتصار على الإشعار في بيان بعض ما يعتبر فيه ، كما اعترف به (قدِّس سره).

فالحق ان يقال : في تعريفه بناءً على ثبوته ببناء العقلاء ، كون الشيء متيقنا سابقا مشكوكا فيه لاحقا ، لأنه الذي يفيد الظن بالحكم ويكون مثبتا له ، فيكون على هذا احسن التعاريف كما عن المحقق القمي ، وقد تقدم.

وبناء على كونه بحكم العقل ، هو الظن ببقاء حكم أو وصف كان يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق.

وعلى فرض ثبوته بالأخبار فالأحسن ان يعرف بما هو المستفاد من الأخبار وهو الحكم ببقاء الإحراز السابق في ظرف الشك من حيث الجري العملي ، وقد عرفه بذلك المحقق النائيني (ره) (١).

ويكون في التعريف إشارة إلى ما يميزه من سائر الأصول العملية بكونه محرزا ، دونها ، وإلى ما يميِّزه عن الأمارات ، فان المجعول في الأمارات هو الإحراز والقطع ، وفيه يكون المجعول هو الإحراز من حيث أثره الخاص ، وهو الجري

__________________

(١) فوائد الأصول ج ٤ ص ٣٠٧ ، بتصرف / أجود التقريرات ج ٢ ص ٣٤٣ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٤ ص ٧.

٣١٣

العملي على طبقه.

الأمر الثاني : في صحة إطلاق الحجة على الاستصحاب وعدمها.

وملخص القول فيه ، انه بناءً على كونه من الأمارات يصح إطلاق الحجة عليه ، فانه يكون حينئذ وسطا لإثبات حكم المتعلق فيقال ، ان صلاة الجمعة كانت واجبة سابقا ، وشك في بقاء وجوبها ، وكلما كان كذلك فهو واجب ببناء العقلاء ، فهي واجبة في ظرف الشك.

واما بناءً على كونه من الأصول العملية وعبارة عن الحكم الشارع بعدم نقض اليقين بالشك ، فلا يصح إطلاق الحجة عليه ، لأنه حينئذ مدلول للدليل ، ولا يكون حجة على نفسه كسائر الأحكام التكليفية.

وتصحيحه بما في تقريرات الأستاذ المحقق الكاظمي (١) ، بان حمل الحجة عليه من قبيل حمل الحجة على المفهوم ، بإرادة ثبوته وعدمه من حجيته وعدمها.

مخدوش ، بأنه بما ان المفهوم على فرض ثبوته من مصاديق الحجة يصح التعبير عن ثبوت الحجة وعدمه بالحجية وعدمها.

وهذا بخلاف حكم الشارع ببقاء الإحراز السابق ، فانه كسائر الأحكام الشرعية ، أجنبي عن الحجية بالمرة.

__________________

(١) فوائد الأصول ج ٤ ص ٣٠٧ حاشية رقم ١.

٣١٤

هل الاستصحاب مسألة أصولية أو قاعدة فقهية

الأمر الثالث : في ان البحث عن حجية الاستصحاب ، هل هو بحث عن مسألة أصولية كما صرح به المحقق الخراساني في الكفاية (١) ، أم يكون بحثا عن قاعدة فقهية كما يظهر من بعض كلمات الشيخ الأعظم (٢) ، أو يفصل بين الاستصحاب الجاري في الشبهات الحكمية ، والاستصحاب الجاري في الشبهة الموضوعية ، ففي الأول يكون الاستصحاب مسألة أصولية ، وفي الثاني يكون قاعدة فقهية كما اختاره المحقق النائيني (ره) (٣).

وقد استدل في الكفاية للأول ، بأمرين :

١ ـ انه يبحث فيها لتمهيد قاعدة تقع في طريق استنباط الأحكام الفرعية.

٢ ـ انه ربما لا يكون مجرى الاستصحاب إلا حكما أصوليا كالحجية مثلا.

ويرد على ما أفاده : أولا : انه مناقض لما ذكره في أول الكتاب ، حيث انه أضاف في تعريف علم الأصول ـ قيد ـ أو التي ينتهي إليه في مقام العمل ، وذكر في وجهه ان الأصول العملية لا يقع شيء منها في طريق استنباط الحكم ، ولو لا هذا القيد لزم استطرادية البحث فيها.

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٣٨٥.

(٢) فرائد الأصول ج ٢ ص ٥٤٥ ـ ٥٤٦.

(٣) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٣٠٧ ـ ٣٠٨ / أجود التقريرات ج ٢ ص ٣٤٥ ، وفي الطبعة الجديدة ج ٤ ص ٩.

٣١٥

ويرد على ما أفاده : ثانيا ، ما ذكره الشيخ الأعظم (ره) (١) بقوله : نعم يندرج تحت هذه القاعدة مسألة أصولية يجري فيها الاستصحاب ، كما تندرج المسألة الأصولية أحيانا تحت أدلة نفى الحرج ، كما ينفى وجوب الفحص عن المعارض حتى يقطع بعدمه بنفي الحرج.

والحق ان يقال : انه لو بنينا على كونه من الأمارات فكونه منها في غاية الوضوح ، حيث انه يقع في طريق استنباط الحكم الشرعي نظير خبر الواحد ، مثلا يستنبط منه نجاسة الماء المتغير الذي زال تغيره من قبل نفسه ، والماء المتمم كرا بطاهر ، ووجوب صلاة الجمعة وما شاكل.

وبعبارة أخرى : إذا جعلت نتيجة هذا البحث كبرى القياس تكون النتيجة حكما فرعيا كليا ، ولا تكون بنفسها قابلة للإلقاء إلى المكلفين.

وان أخذناه من الأخبار فان أضفنا في تعريف الأصول قيد أو التي ينتهي إليه في مقام العمل ، فكونه منها واضح أيضاً.

وان لم نضفه ، فالظاهر كونه منها : فان المسألة الأصولية هي التي تقع في طريق استنباط الأحكام الشرعية ، اعم من الظاهرية والواقعية ، كانت بنفسها حكما غير قابل للإلقاء إلى المقلدين ، ويكون أمر تطبيقه بيد المجتهد ، أم لم تكن حكما ، والاستصحاب وان كان بنفسه حكما مجعولا ، إلا انه حكم لا يكون قابلا للإلقاء إلى المقلدين ، ويستخرج منه حكم كلى غاية الأمر حكما ظاهريا لا واقعيا ، بخلاف الأمارات.

__________________

(١) فرائد الأصول ج ٢ ٥٤٥.

٣١٦

هذا كله في الاستصحاب الجاري في الشبهات الحكمية ، واما الجاري في الشبهات الموضوعية ، فهو قاعدة فقهية : فان المستخرج منه حكم جزئي متعلق بعمل المكلف ونفس حجية الاستصحاب ، قابل للإلقاء إلى المقلدين وتطبيقه على موارده بيد المقلد دون المجتهد ومن هنا نشأ اشكالان :

الأول : ان الموضوع للاستصحاب الجاري في الشبهة الحكمية ، هو اليقين والشك للمجتهد ، وهو الموضوع لثبوت الحكم في حق المقلدين ، وفي الشبهة الموضوعية يكون الموضوع حال المقلد نفسه فكل من له يقين سابق ، وشك لاحق يجري الاستصحاب في حقه ، فيلزم استعمال اللفظ في معنيين واثبات معنيين بجملة واحدة ـ وتصحيح ـ ذلك بان المجتهد نائب عن المقلدين ، لا يكفي لعدم الدليل على هذه النيابة.

فالحق ان يقال انه في الموردين يجري الاستصحاب بالنسبة إلى من له يقين وشك ، غاية الأمر في الشبهة الحكمية من له اليقين والشك ، هو المجتهد ، فالمجتهد يبقى الحكم المتيقن واثر بقائه له جواز إفتائه به ، وإذا انضم إلى ذلك ما دل على رجوع الجاهل إلى العالم ، يستنتج ان ما استصحبه المجتهد من الحكم ، للمقلدين اتباعه والعمل به ، ف" لا تنقض" لا يكون متوجها إلى المقلدين ، حتى يقال ان موضوعه يقين وشك غير من يكون الحكم متوجها إليه ، ففي الموردين الحكم متوجه إلى من له يقين وشك فتدبر فانه دقيق.

الثاني : ان" لا تنقض" الذي هو مجعول واحد كيف يكون ، تارة حكما فرعيا ، وأخرى حكما أصوليا ، والجواب عنه انه كسائر الأحكام والمجعولات الشرعية إنما يكون من قبيل القضية الحقيقية ويكون منحلا إلى أحكام عديدة

٣١٧

بعضها حكم أصولي وبعضها حكم فرعي.

اعتبار اتحاد القضيتين

الأمر الرابع : قال في الكفاية (١) فقد ظهر مما ذكرنا في تعريفه اعتبار أمرين في مورده القطع بثبوت شيء والشك في بقائه ولا يكاد يكون الشك في البقاء إلا مع اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة انتهى.

والصحيح ان يقال ان النقض والإبقاء حيث لا يصدقان إلا مع اتحاد القضية المتيقنة والمشكوك فيها ، وإلا فمع التغاير لا يكون إبقاءً ولا نقضا كما لا يخفى ، فيستكشف من ذلك ان اللازم هو اليقين السابق والشك اللاحق.

واما ما أفاده المحقق الخراساني فيرد عليه ان تعريف الاستصحاب بما ذكر ، لا يصلح دليلا لاعتبار ذلك فليكن التعريف غير تام.

ثم ان المحقق الخراساني أفاد (٢) ان الاتحاد لا غبار عليه في الموضوعات الخارجية ، واما في الأحكام الشرعية ، فقد أشكل عليه بأنه لا يكاد يشك في بقاء الحكم إلا من جهة الشك في بقاء موضوعه بسبب تغير بعض ما هو عليه مما احتمل دخله فيه حدوثا أو بقاءً وإلا لا يتخلف ، الحكم عن موضوعه.

أقول : يرد عليه ان ما أفاده من ان الاتحاد لا غبار عليه في الموضوعات ، لا

__________________

(١) كفاية الأصول ص ٣٨٥.

(٢) المصدر السابق.

٣١٨

يتم في الموضوعات التي تنقص تارة وتبقى على التمام أخرى ، كما في مقدار من الماء الذي يكون كرا ، فانه ما دام لم ينقص منه شيء لا يشك في كريته وإنما يشك فيها إذا اخذ مقدار من الماء ومعه لا يكون الموضوع باقيا ، فان الباقي بالدقة غير ما كان.

وربما يورد على المحقق الخراساني بإيراد آخر وهو ان ما أفاده من انه لا يتصور الشك في الحكم ، إلا مع الشك في موضوعه ، ينافي ما بنى عليه من ان بعض القيود يكون قيدا للحكم وليس من قيود الموضوع كما لو ورد اكرم العالم ، إذا جاء ، فان الشرط في القضية ، وهو المجيء قيد للحكم ، دون الموضوع ، وعلى هذا فإذا انتفى قيد من هذه القيود يكون ثبوت الحكم مشكوكا فيه لاحتمال كونه قيدا للحدوث لا للبقاء ، ومع ذلك يكون الموضوع باقيا ، فالشك في الحكم لا يلازم الشك في الموضوع.

وفيه : ان الموضوع في المقام غير الموضوع الاصطلاحي : فانه لم يرد رواية ولا آية دالة على لزوم بقاء الموضوع ، بل الدليل كما تقدم دل على لزوم اتحاد القضيتين ، ولا يصدق ذلك إلا مع اتحادهما حتى من ناحية قيود الحكم ان لم ترجع إلى قيود الموضوع.

وقد يقال بان المراد بالاتحاد ان كان اتحاد الموضوعين حقيقة وطبيعة وان اختلفا وجودا ، فيلزم الالتزام بجريان الاستصحاب فيما إذا تيقن بترتب محمول على فرد ، وشك بعده في ثبوته لفرد آخر كما إذا علم بعدالة زيد ، ثم شك في عدالة عمرو ، وهو بين الفساد ، وان كان اتحادهما وجودا ، فيلزم عدم جريان الاستصحاب في القضايا الطبيعية مع عدم تحقق مصداق له في الخارج.

٣١٩

وفيه : أنّا نختار الشق الثاني ولكن نقول ان المراد ليس اتحادهما في الوجود الخارجي الحقيقي ، بل الأعم منه ومن الوجود الفرضي كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقية.

والجواب عن اصل إشكال الاتحاد ، انه ليس لنا دليل دال على لزوم بقاء الموضوع.

بل الدليل متضمن للنهى عن النقض ، وفي صدق هذا المفهوم وتعينه يرجع إلى العرف ، فلو رأى العرف ان الحكم بطهارة ما كان نجسا وارتفع منه قيد ، وشك في بقاء نجاسته ، نقضا ، فالحكم بالنجاسة يكون موردا للاستصحاب مثلا الماء المتغير النجس الذي زال تغيره من قبل نفسه يرى العرف ان الحكم بطهارته نقض لليقين السابق يجري الاستصحاب ، ولو لم يصدق النقض لا يكون موردا له.

وبالجملة : ليس في الدليل ما يدل على لزوم اتحاد القضية المتيقنة والمشكوك فيها ، ولا على لزوم بقاء الموضوع ، بل ليس فيه إلا ، " لا تنقض اليقين بالشك" ، وحيث ان النقض مفهوم عرفي معلوم عند العرف ، فلا بد في جريان الاستصحاب من رعاية صدق ذلك وقد يصدق مع فرض اخذ القيد المرتفع عنوانا للموضوع ، وقد لا يصدق مع أخذه قيد للحكم دون الموضوع.

الفرق بين الاستصحاب وقاعدة المقتضي والمانع

الأمر الخامس : لا إشكال في ان الاستصحاب يباين ، لكل من قاعدة اليقين ، وقاعدة المقتضى والمانع ، كما ان كلا من القاعدتين تباين الأخرى ، ولا يكون

٣٢٠