تفسير الثمرات اليانعة - ج ٢

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]

تفسير الثمرات اليانعة - ج ٢

المؤلف:

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة التراث الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣

وصبر عن محارم الله ، وله ستمائة درجة.

وصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى ، وله تسعمائة (١) درجة.

وقال بعض العارفين : أهل الصبر على ثلاث مقامات :

الأولى : ترك الشكوى ، وهذه درجة التائبين.

والثانية : الرضاء بالمقدور ، وهذه درجة الزاهدين.

والثالثة : المحبة لما يصنع به مولاه ، وهذه درجة الصديقين.

وفي هذا الباب ترغيبات لا تحصر ، وعرائس (٢) من الحكايات.

الأمر الثاني : قوله تعالى : (وَصابِرُوا) أمر تعالى بمغالبة أعداء الله تعالى في الصبر ، والزيادة عليهم ، وأفرده عن الصبر لزيادة مشقته.

الأمر الثالث : قوله تعالى : (وَرابِطُوا) والمعنى : وأقيموا في الثغور رابطين لخيلكم ، مستعدين للغزو ، قال تعالى : (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال : ٦٠].

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (من رابط يوما وليلة في سبيل الله ، كان كعدل صيام شهر وقيامه لا يفطر ، ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة).

الأمر الرابع : قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ) أي : اجتنبوا مخالفة أمره ، ومناهيه ، وهذا عام.

تم ما نقل من سورة آل عمران ،

والحمد لله رب العالمين.

__________________

(١) في أ (سبعمائة درجة).

(٢) أي : محاسن.

٢٤١
٢٤٢

تفسير

سورة النساء

٢٤٣
٢٤٤

سورة النساء (١)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى

(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١]

قراءة عامة القراء (وَالْأَرْحامَ) بالنصب ، وذلك لأحد وجهين :

الأول : أن التقدير : واتقوا الأرحام أن تضيعوها.

الثاني : أن يعطف على محل المجرور ، كقولك : مررت بزيد وعمرا ، وينصره قراءة ابن مسعود ، وهي آحادية (الذي تساءلون به وبالأرحام).

وقراءة حمزة (والأرحامِ) بالجر ، وهي مروية عن النخعي ، وقتادة ، والأعمش

وفي تقدير الجر وجهان :

الأول : أن (الأرحامِ) معطوف على الضير المجرور ، وهو (بِهِ) لكن هذا قليل ، إنما يرد في الشعر العطف من غير إعادة حرف الجر ، كقوله :

فاليوم أصبحت تهجونا وتشتمنا

فاذهب فما بك والأيام من عجب

وذلك لأنهم كانوا يتساءلون بالله ، وبالرحم ، فيكون العطف للأرحام على به

الوجه الآخر : أن الواو قسم ؛ لأن العرب كانت تقسم بالأرحام ، فيوقف على (تَسائَلُونَ بِهِ) ، ويبتدأ ب (وَالْأَرْحامَ) ولا يوقف عليه ، إنما يوقف على الجواب ، وهو : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً).

__________________

(١) فيها من الآي مائة آية ، وآية.

٢٤٥

القراءة الثالثة : رفع والأرحامُ ، وهي آحادية.

قال الثعلبي : هي قراءة عبد الله بن يزيد المقرئ ، ووجهها :

أن يكون والأرحام ابتداء جملة ، ارتفع على الابتداء ، وخبره محذوف تقديره : كذلك ، أي : مما ينبغي أن يتقى ، أو مما ينبغي أن يتساءل به.

ثمرة هذه الآية : وجوب اتقاء الرحم ، وأكد ذلك بأن قرنها تعالى باسمه ، فدل أن صلتها منه بمكان ، كما قال تعالى : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) [الإسراء : ٢٣].

وعن الحسن إذا سألك بالله فأعطه ، وإذا سألك بالرحم فأعطه ، وللرحم حجنة (١) عند العرش.

ومعناه : ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه «الرحم معلقة تحت العرش ، فإذا أتاها الواصل بشت (٢) به وكلمته ، وإذا أتاها القاطع احتجبت عنه».

وسئل ابن عيينة عن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (تخيروا لنطفكم) فقال : يقول : لأولادكم ، وذلك أن يضع ولده في الحلال ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) وأول صلته أن يختار له الموضع الحلال ، ولا يقطع نسبه [فإنما للعاهر الحجر ، ثم يختار الصحة ، ويجتنب الدعوة ، ولا يضعه في موضع سوء] ولا يتركه يتبع شهوته وهواه بغير هدى من الله (٣).

__________________

(١) الحجنة : مأخوذة من حجنة المغزل ، وحجنة المغرز ، وهي المنعقصة في رأسه ، التي يكون الخيط فيها (حص).

(٢) في النسخة ب ، وفي الكشاف (بشت به) وفي النسخة أ (تشبثت به).

(٣) ما بين القوسين ثابت في النسخة أ ، وساقط في ب ، وهي في الكشاف رواها المصنف باختصار ، ولفظ الرواية في الكشاف (وسئل ابن عيينة عن قوله عليه الصلاة والسلام : (تخيروا لنطفكم). فقال : يقول لأولادكم وذلك أن يضع ولده ـ

٢٤٦

وقد تكون الصلة بالإنفاق ، والموالاة ، ذكر ذلك في مسالك الأبرار.

قال : وفي الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (الرحم معلقة بالعرش ، لها لسان ذلق ، تقول : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني) قال : وهذا تمثيل لثواب الواصل ، وعقاب القاطع ، قال : ويحتمل أن الله تعالى يخلق صورة تكلم كما ورد في الحديث (أنه يجاء بالموت على صورة كبش فيذبح).

وأما الصلة بالزيارة ، فالظاهر أنها لا تجب ، لكن يحرم أن يقصد القطع لأجل المهاجرة ، وقال في الزوائد : تجب لكن في حق الأبوين ، سواء كانا صالحين أم فاسقين ، أو كافرين ، وفي حق الأخوة والأخوات تجب بشرط الصلاح.

قوله تعالى

(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) [النساء : ٢]

النزول

قيل : نزلت في رجل من غطفان ، كان معه مال لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ طلب المال فمنعه عمه ، فرفعا ذلك إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلت الآية. فقال الرجل : سمعنا وأطعنا ، نعوذ بالله من الحوب الكبير ، ودفع إليه ماله ، عن مقاتل ، والكلبي.

__________________

ـ في الحلال. ألم تسمع قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) وأول صلته أن يختار له الموضع الحلال ، فلا يقطع رحمه ولا نسبه فإنما للعاهر الحجر ، ثم يختار الصحة ويجتنب الدعوة ، ولا يضعه موضع سوء يتبع شهوته وهواه (بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ)) (ح / ص).

٢٤٧

وقيل : كانت الجاهلية لا تورث النساء ، والصغار ، فنهوا عن ذلك ، ونزلت

المعنى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) قيل : أراد بعد البلوغ ، وسماهم يتامى بما كانوا عليه ، كقوله تعالى : (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) [الأعراف : ١٢٠].

وقيل : أراد في حال الصغر ، أن يعطوا ما يحتاجون إليه.

وقوله تعالى : (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) قيل : أراد أكل أموالهم بدلا من المكاسب المباحة ، وعن ابن المسيب ، والزهري ، والضحاك ، والسدي : كان الأوصياء يتبدلون الجيد بالرديء ، ويقولون : درهم بدرهم.

وقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) أي : مع أموالكم ، وإنما قيد ذلك بالأكل مع أموالهم ؛ لأنهم كانوا يفعلوا ذلك ، فنعى عليهم فعلهم.

أو لأن القبح أعظم مع الغنى عن مال اليتيم.

وقوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) أي : إثما عظيما.

وثمرة الآية : التحريم لمال اليتيم على الأولياء ، وخص الأكل ؛ لأنه المقصود ، وإن حرم سائر الانتفاع ، وخص اليتامى ؛ لأن التحريم فيه أغلظ لضعفهم ، وقد عد من الكبائر ، والظاهر أنه لا نسخ في الآية ، وأن النهي عن أكل مالهم على سبيل الظلم ..

وقوله تعالى : (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) [البقرة : ٢٢٠] بيان للتصرف الجائز ، وهذا قول الحسن.

وقيل : إن هذه لما نزلت تحرجوا عن مخالطتهم ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلت : (قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) فهذا ناسخ.

وتدل الآية على جواز التصرف عن الأيتام في حال الصغر للأولياء ، ووجوب التسليم إليهم بعد البلوغ.

٢٤٨

قوله تعالى

(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) [النساء : ٣]

النزول

عن عائشة «نزلت في اليتيمة ، تكون في حجر وليها ، فيرغب في زواجها لجمالها ومالها ، ولا يريد أن يتزوجها إلا باليسير ، فنهوا عن ذلك ، وأمروا أن ينكحوا سواهن).

وعن الحسن : كان الرجل عنده اليتامى ، لا يزوجهن الغير خشية أن يشاركه في مالهن ، ويتزوجهن الولي لمالهن ، ويسيء صحبتهن ، ويتربص موتهن ، فنهوا عن ذلك ، ونزلت.

وعن عكرمة ، وابن عباس : كان الرجل من قريش يتزوج العشر ، فإذا لحقه الدين أنفق مال اليتامى ، فأمرهم الله بالاقتصار على الأربع خشية أكل مال اليتامى.

وعن ابن المسيب ، والربيع ، والضحاك ، والسدي : أنهم كانوا يتحرجون في أموال اليتامى ، ولا يتحرجون من النساء ، وربما يعدلون بينهن ، فنهوا عن ذلك.

وقيل : المعنى إذا خفتم (أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) ، فلا تفجروا بالزنا ، وانكحوا (ما طابَ لَكُمْ).

وقرأ النخعي (تَقسطوا) بفتح التاء ، على أن لا مزيدة ، مثلها في : (لِئَلَّا يَعْلَمَ) [الحديد : ٢٩] يريد : وإن خفتم أن تجوروا.

وقوله تعالى

(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ).

٢٤٩

ثمرة الآية : الدلالة على حصر ما يجوز من النساء ، أي : من أراد مثنى فله ذلك ، ومن أراد الثلاث فله ذلك ، ومن أراد الأربع فله ذلك ؛ لأن الخطاب لعامة الناس ، وهذا قول الأكثر من العلماء

وقد يدعى أنه إجماع ، إلا في الكافر ، إذا عقد بأكثر من أربع ، فعندنا ، وأبي حنيفة ـ عقده باطل ، فيستأنف العقد بأربع فقط.

وعند الشافعي يختار أربعا (١) بغير عقد ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمن أسلم (٢) وعنده عشر (أمسك عليك أربعا ، وأرسل البواقي).

وعن داود : جواز تسع ، وقد حكاه العمراني ، من أصحاب الشافعي عن القاسم ، وغلّط في حكايته ، والواو هنا بمثابة أو ، نحو قوله تعالى :

(يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) [مريم : ٢٣] أي : أو كنت ؛ لأن أحدهما يوضع مكان الآخر ، نحو قوله تعالى : (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧] والخطاب في الآية للأحرار ، فلا يدخل العبد ؛ لأنه لا يكون وليا ، فلا يؤخذ منه أن العبد كالحر في النكاح.

وتدل الآية : على أنه لا حصر في الإماء.

وتدل الآية : على أنه يجب بالنكاح حقوق.

وتدل : على أن من خشي الوقوع فيما لا يجوز قبح منه ما دعا إلى ذلك القبيح ، فلا يحل لمن عرف أنه يخون مال اليتيم إن تزوج أكثر من واحدة ، أن يتزوج أكثر ، وكذا إذا عرف أنه يخون الوديعة ، أو لا يحفظها ، فإنه لا يجوز له قبول الوديعة

__________________

(١) في الغيث (ومعه مالك ، وفي الصعيتري : لا نقول بصحة نكاح الكفار ، بل نقول ببطلانه فينظر) (ح / ص).

(٢) غيلان الدمشقي.

٢٥٠

وتدل : على أن العدل واجب بين الزوجات ، وأن من عرف أنه لا يعدل ، فإنه لا يحل له الزيادة على واحدة.

وتدل على أن زواجه الصغيرة من غير أبيها وجدها جائز ، وهذا مذهب الهادي عليه‌السلام ، والمؤيد بالله ، وأبي حنيفة ، وصاحبيه.

وعند الناصر ، والشافعي : ليس ذلك إلا للأب والجد.

وعن الأوزاعي ، ورواية عن القاسم : لا يجوز إلا للأب فقط (١).

وقال مالك : يجوز أن يزوج الصغير ؛ لأن بيده الطلاق ، وتزويج الصغيرة لا يجوز ، يعني لغير الأب والجد.

حجتنا : ما ورد في سبب النزول ، وحجتهم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لا تنكحوا اليتيمة حتى تستأذن) والإذن لا يصح إلا بعد البلوغ (٢) ، ويدل ذلك على أن الولي يتولى طرفي العقد ، وهذا مذهب القاسمية ، والحنفية.

وقال الشافعي ، والصحيح من قولي الناصر : لا يجوز ، ولأصحاب الشافعي وجهان في الحاكم : هل يزوج من نفسه ، أو لا.

حجتنا ما روي في نزول الآية ، وهم قاسوا على وكيل البيع.

وقوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) خير الله تعالى من خشي أن لا يقسط بين الواحدة من الحرائر ، وبين العدد من الإماء ؛ لأن فيه تسهيلا من جهة عدم القسمة ، وجواز العزل.

__________________

(١) وهو الذي رواه الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (لا يجوز النكاح على الصغار إلا بالآباء). من خط المولى (مجد الدين المؤيدي).

(٢) لعله يقال : إنما سميت يتيمة باعتبار ما كانت عليه ، فإذا ذلك مجاز ، وخرجت الصغيرة من الدخول تحت هذا الحكم ، ويحتج على الجواز بسبب النزول لوضوحه في هذا المعنى ، فليتأمل. (ح / ص).

٢٥١

وقوله تعالى : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي : أقرب إلى عدم الميل ؛ لأن قوله : (أَلَّا تَعُولُوا) أي : تميلوا ، من قولهم : عال الميزان ، أي : مال. وعال الحاكم في حكمه ـ أي : جار.

وروي أن أعرابيا حكم عليه حاكم فقال : لا تعل علي (١).

وروت عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسر قوله تعالى (أَلَّا تَعُولُوا) ألّا تجوروا.

وهذا قول أكثر المفسرين ، وهو مروي عن ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، وإبراهيم ، وقتادة ، والربيع ، والسدي ، وأبي علي ، وأبي مسلم.

وقيل : أدنى أن لا تفتقروا.

وقيل : أدنى أن لا تجاوزوا ما فرض عليكم ، وهذا مروي عن الفراء ، والأصم

وروي عن الشافعي «معناه : أن لا يكثر عيالكم ، لأن الجور قد فهم من قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) فلو فسر بالجور ، كان تكرارا ، وغلّط الشافعي في هذا ؛ لأن كثرة العيال تحصل من الإماء ، ولأنه يقال : عال يعيل إذا كثر عياله ، وقد وجه كلام الشافعي بأن المراد (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي : تمونون عيالكم الكثير ؛ لأنه يقال : عال الرجل عياله ، ويعولهم ، مثل مانهم يمونهم ، هذا حمل جار الله لكلام الشافعي (٢).

__________________

(١) في نسخة (فقال : أتعول علي) وهو الموافق لما في الكشاف.

(٢) قول المصنف (أي : تمونون عيالكم الكثير) زيادة على ما في الكشاف ، والمعنى هنا غير واضح ، ولفظ الكشاف (والذي يحكى عن الشافعي رحمه‌الله أنه فسر (أن لا تعولوا) أن لا تكثر عيالكم. فوجهه أن يجعل من قولك : عال الرجل عياله

٢٥٢

وعن القاضي في توجيه قول الشافعي : أراد أن لا يكثر ما تعولون ، فتقع الحاجة إلى زيادة النفقة ، وهو قريب من توجيه الزمخشري (١).

قال جار الله رحمه‌الله تعالى : ولا يقال : الكثرة تحصل من الإماء ؛ لأنهن مظنة قلة الولد ، لجواز العزل.

__________________

ـ يعولهم ، كقولهم : مانهم يمونهم ، إذا أنفق عليهم ، لأنّ من كثر عياله لزمه أن يعولهم ، وفي ذلك ما يصعب عليه المحافظة على حدود الكسب وحدود الورع وكسب الحلال والرزق الطيب. وكلام مثله من أعلام العلم وأئمة الشرع ورؤوس المجتهدين ، حقيقي بالحمل على الصحة والسداد ، وأن لا يظنّ به تحريف تعيلوا إلى تعولوا ، فقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تظنن بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا. وكفى بكتابنا المترجم بكتاب «شافي العيّ ، من كلام الشافعي» شاهدا بأنه كان أعلى كعبا وأطول باعا في علم كلام العرب ، من أن يخفى عليه مثل هذا ، ولكن للعلماء طرقا وأساليب. فسلك في تفسير هذه الكلمة طريقة الكنايات. فإن قلت : كيف يقل عيال من تسرى ، وفي السرائر نحو ما في المهائر؟ قلت : ليس كذلك ، لأن الغرض بالتزوّج التوالد والتناسل بخلاف التسري ، ولذلك جاز العزل عن السراري بغير أذنهن ، فكان التسري مظنة لقلة الولد بالإضافة إلى التزوج ، كتزوّج الواحدة بالإضافة إلى تزوج الأربع. وقرأ طاوس : «أن لا تعيلوا» ، من أعال الرجل إذا كثر عياله. وهذه القراءة تعضد تفسير الشافعي رحمه‌الله من حيث المعنى الذي قصده.

(١) ما ذكره هنا عن القاضي منقول من الحاكم ، ولفظ الحاكم (وروي عن الشافعي معناه لأن لا يكثر عيالكم قال أبو العباس ، وعند أكثر أهل اللغة هو غلط ؛ لأن صاحب الإماء في العيال بمنزلة من له النساء ، وإنما يقال : أعال يعيل إذا كثر عياله ، قال القاضي : إنما أراد الشافعي أن لا يكثر ما تعولون فتقع الحاجة إلى زيادة النفقة ، فيكون من هذا الوجه عائلا ، قال : ولهذا الوجه ترجيح لأنه لو حمل على الجور لكان تكرارا ، لأنه فهم ذلك من قوله (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) فالأليق أنه أراد ذلك أدنى أن لا تحتاجوا الى زيادة الإنفاق لكثرة العيلة ، إلا أن المفسرين وأهل اللغة على خلاف ما قاله.

٢٥٣

قوله تعالى

(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [النساء : ٤]

النزول

روي أن ناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شيء مما ساق إلى امرأته ، فنزلت ، فيكون ذلك خطابا للأزواج.

وقيل : إن الخطاب للأولياء ، فإنهم كانوا يأخذون مهور بناتهم ، وكانوا يقولون لمن ولدت له بنت : هنيئا لك النافجة ، يعنون أخذ مهرها ؛ لأنه ينفج به ماله ، أي : يعظمه.

وفي الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (من علامات الساعة انتفاج الأهلة) بالجيم ، أي : عظمها ، فنزلت الآية.

وقيل : ينكحون الشغار ، ولا يعطون مهرا ، فنزلت.

ولها ثمرات : منها : أنه لا بد في النكاح من صداق ، وقد تقدم (١) قول الناصر عليه‌السلام في معوضة (٢) البضع ، ولو أهملت التسمية وجب مهر المثل ، وصح النكاح وفاقا ، ذكر الإجماع في التهذيب وغيره.

وقد روي لمالك فساد النكاح بترك التسمية (٣).

__________________

(١) لعله في قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) في سورة البقرة.

(٢) وفي نسخة (مفوضة) بالفاء. وهي التي لم يسم لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مهرا ، ولما مات زوجها أعطاها سهمه بخيبر عوضا عن البضع.

(٣) وكذا في شرح الإبانة ، عنه أنه لا ينعقد إذا ذكر مهر معلوم ، من تفسير قوله (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) الآية ، وصرح في الغيث عن مالك أيضا بعدم الصحة ، وكذا عن زيد بن علي ، ذكره في شرح ابن بهران ، وسيأتي أيضا في هذه السورة ، في قوله (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) قبيل الحكم الخامس ، فليتأمل. (ح / ص).

٢٥٤

ومنها : أنه حق واجب للمرأة ، كسائر الديون.

ومنها : أن لها أن تصرف فيه بما شاءت ، ولم تفصل الآية بين أن تقبضه أم لا ، وهذا تحصيل أبي طالب ، وهو قول أبي حنيفة : إن لها بيع مهرها قبل قبضه ، وقال المؤيد بالله ، والشافعي : لا تبيعه حتى تقبضه ، كما ملك بالشراء.

ومنها : أنه يسقط عن الزوج بإسقاطها مع طيب قلبها.

وعن الليث : لا يجوز تبرعها إلا باليسير.

وعن الأوزاعي : لا يجوز تبرعها ما لم تلد ، أو تقم في بيت زوجها سنة.

قال الزمخشري : وفي الآية دليل على ضيق المسلك في ذلك ، ووجوب الاحتياط من حيث بنى الشرط على طيبة النفس ، فقال : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ) ولم يقل : فإن وهبن ، وقوله تعالى : (عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) ولم يقل : فإن طبن لكم عنها ، وذلك بعث لهن على تقليل الموهوب ، ولهذا ذكر الضمير لينصرف إلى الصداق الواحد ، فيكون متناولا بعضه ، ولو أنث لتناول ظاهره هبة الصداق كله ، لأن بعض الصّدقات واحدة منها.

المعنى : (وَآتُوا النِّساءَ) يعني : الأزواج ، يؤتون النساء ، أو الأولياء.

وقوله تعالى : (نِحْلَةً) فيه وجوه ثلاثة :

الأول : أن النحلة العطية بطيب النفس ، فيعني أعطوهن راضين بذلك.

الثاني : أن المراد نحلة من الله ، أي : عطية لهن من الله تعالى.

الثالث : أن النحلة الملة ، ولهذا يقال : نحلة الإسلام خير النحل ، فالمعنى تدينا.

٢٥٥

وقوله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) ذكر الأكل لأنه معظم الانتفاع.

والمعنى : فاقبلوه ، وهذا أمر إباحة ، يعني : لا تحرّجوا في ذلك.

وعن ابن عباس «أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن هذه الآية ، فقال : (إذا جادت لزوجها بالعطية طائعة غير مكرهة ، لا يقضي به عليكم سلطان ، ولا يؤاخذكم الله به في الآخرة).

أما لو كانت العطية منها لشكاسة أخلاقه ، وسوء معاشرته ، لم يطب له ذلك ، وقد تقدم ذكر الخلاف إذا كان النشوز منه ، وطلقها بالعوض.

وروي أن امرأة أعطت زوجها عطية ، فجاءت به إلى شريح تطلبها منه ، فقال شريح : رد عليها ، فقال الرجل : أليس قد قال الله تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ) فقال : لو طابت نفسها لم ترجع فيه.

وعنه «أقبلها فيما وهبت ، ولا أقبله ؛ لأنهن يخدعن».

وعن عمر أنه كتب إلى قضاته «أن النساء يعطين رهبة ورغبة ، فأيما امرأة أعطت ثم أرادت أن ترجع فذاك لها» وهذا يحتاج إلى تأويل أنه قد عرف عدم طيبة نفوسهن.

وقوله : (هَنِيئاً مَرِيئاً) قيل : هما من قولهم : هنؤ الطعام ، إذا كان سائغا في مجراه

وقيل : الهنيء ما يلذ للآكل ، والمريء : ما تحمد عاقبته.

قال الأمير عز الدين محمد بن الهادي في كتابه الروضة والغدير : وقد ذهب بعض المتفقهة أنه لا يصح هبة المرأة لمهرها ، وتعلقوا بشبهة في ذلك ، وقالوا : لو عرفت أنه يسلمه لها ما وهبت ، ولا سمحت.

قال الأمير : وهذا لا يلتفت إليه ، ولا يعدل إليه لنص الكتاب ، ولما ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولما أجمع عليه أهل العلم.

٢٥٦

ويجاب عن الشبهة : بأن سماحة النفس تقع في الغائب ، ولو مع الرجاء دون الحاضر ، فالتعويل على طيبة النفس.

قوله تعالى

(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [النساء : ٥]

النزول

قيل : نزلت هذه الآية في أموال اليتامى.

وقيل : إن رجلا دفع ماله إلى امرأته ، فوضعته في غير الحق ، فنزلت.

فإن حملت على أموال اليتامى ، فثمرتها : وجوب حفظ أموالهم ، حتى يعرف أنهم يصلحونه ، ووجوب نفاقه وكسوته من ماله.

قال جار الله : وقوله : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها) أمر بطلب الأرباح في أموالهم ؛ لينفقوا من الربح ، لا من صلب الأموال ، وأن يقال له قول معروف ، يعني : عدة جميلة ، ذكره ابن جريج ، نحو : إن صلحتم ورشدتم سلمنا إليكم أموالكم. وعن عطاء : إذا ربحت أعطيتك.

وقيل : كل ما سكنت إليه النفس فهو جميل.

وإنما أضاف المال إلى الأولياء ؛ لأنهم المتصرفون فيه.

وقيل : لأنها من جنس ما يقيم الناس به معائشهم ، كقوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [النساء : ٢٩] وكقوله تعالى : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) [النساء : ٢٥].

وإن حملت على الملّاك فذلك نهي لهم أن يدفعوا أموالهم إلى النساء والصبيان.

٢٥٧

وهذا مروي عن ابن عباس ، وابن جبير ، والحسن ، والسدي ، والضحاك ، وقتادة ، والشعبي. وقيل : نهوا أن يهبوا أموالهم من ولدوه ممن لا يصلحه.

وقد يستدل بهذا أنه يجوز الحجر على السفيه ، كقول الناصر عليه‌السلام ، والشافعي ، والاستدلال به محتمل.

وقوله تعالى : (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ) قيما وقرأ (قِياماً) بالألف ، والمعنى واحد ، أي : تقومون بها ، وتنتعشون (١) لو ضيعتموها لضعتم ، فكأنها في نفسها قيامكم ، وكان السلف يقولون : المال سلاح المؤمن ، ولأن أترك مالا يحاسبني الله عليه خير من أن أحتاج إلى الناس.

وكان لسفيان بضاعة يقلبها ، فقال : لولاها لتمندل بي بنو العباس (٢) ، وكانوا يقولون : اكتسبوا فإنكم في زمان إن احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه.

وفي السفينة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : (من طلب الحلال سعيا على أهله ، وتعطفا على جاره ، واستعفافا عن المسألة ، لقي الله ونور وجهه كالقمر ليلة البدر) فهذا ترغيب في الكسب ، وقد ورد الترغيب في ترك الطلب.

والجمع بين الأخبار أن ذلك يختلف بحسب الأحوال ، فمن الناس من يضعف عن الصبر [والشكر] (٣) ، وتناقص طاعاته بالفقر ، فهذا ينبغي له كسب الحلال ، ومنهم من يثق من نفسه بالصبر والشكر ، ولا تناقص طاعاته ، ولا يتغير قلبه ، فهذا ينبغي له الإعراض عن أمر الدنيا.

__________________

(١) في بعض النسخ (وتتعيشون) وما أثبتناه في بعض النسخ ، وهو الموافق لما في الكشاف.

(٢) وعن غيره (وقيل له : إنها تدنيك من الدنيا ، فقال : لئن أدنتني من الدنيا لقد صانتني عنها) (ح / ص).

(٣) في بعض النسخ (يضعف عن الصبر) وقال في (ح / ص) : في بعض النسخ حذف لفظ : والشكر ، وهو أولى هنا.

٢٥٨

قوله تعالى :

(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) [النساء ٦]

النزول

قيل : نزلت الآية في ثابت بن رفاعة ، وفي عمه ، وذلك أن رفاعة توفي ، وترك ابنه وهو صغير ، فأتى عمّه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : إن ابن أخي يتيم في حجري ، فما يحل لي من ماله؟ ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وثمرة هذه الآية أحكام : وهي الابتلاء ، وتبين الرشد ، ووجوب الدفع ، وتحريم أكل مال الأيتام إسرافا وبدارا ، وبيان الرخصة في أموالهم للأولياء ، وذكر الإشهاد عند الدفع إليهم.

أما بيان الابتلاء ، فهو الاختبار والامتحان ، وقد أمر الله تعالى به ، قال أبو حنيفة ، وأصحابه : هو أن يدفع إليه ما يتصرف فيه ، ويؤذن له في التجارة إذا قارب البلوغ.

وقيل : يضم إليه غيره ، ويتجر في ماله ، ولا ينفرد بشيء.

وقيل : ينظر في اهتدائه إلى وجوه التصرف ، وإن لم يدفع إليه شيء ، وهذا يطابق المذهب ، وفي الثعلبي : يولّى تصرّف البيت شهرا ، إن كان غلاما ، وإن كان اليتيم جارية اختبرت في حسن التصرف في غزل القطن ، والقيام على الغزالات ، وفي ذكر اختباره بالتسليم لشيء من المال إليه

٢٥٩

دلالة على جواز الإذن للصبي المميز ، وهذا قول الأكثر ، خلافا لأحد قولي الشافعي.

واحتج لهذا أيضا بقوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) وذلك لا يكون إلا على سبيل الإذن ، وهذا إذا أبقينا اللفظ على ظاهره.

وإن قلنا : أراد بعد بلوغهم ، وسماهم بما كانوا عليه ، فلا حجة فيها.

وقال ابن عباس : يختبر في صلاح عقله ، وحفظه المال ، وفسر بذلك الرشد.

وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) أي : بلغوا الصلاحية للنكاح ، وذلك بالبلوغ الشرعي ، وهو الاحتلام وفاقا ، والإنبات بلوغ عندنا ، وهو ظهور الشعر الخشن حول الفرج.

وعند أبي حنيفة : ليس بدليل على البلوغ ، وقال الشافعي : هو بلوغ في حق الكفار ، لحديث بني قريظة ، وحكم سعد بن معاذ فيهم ، وفي حق المسلمين قولان

والسنون عندنا ، والشافعي بلوغ خمس عشرة سنة (١) ؛ لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يجز ابن عمر في المقاتلة يوم أحد ، وكان له أربع عشرة سنة ، وأجازه يوم الخندق ، وله خمس عشرة سنة.

وقال أبو حنيفة : ثماني عشرة في الغلام ، وسبع عشرة في الجارية.

قال في التهذيب : وعند مالك ، وداود : لا عبرة بالسنين ، ثم اختلفا

__________________

(١) وظاهر المذهب مضي خمس عشرة سنة ، وهو صريح الأزهار ، وفي الزهور ، مثل ما هنا. (ح / ص) وفائدة هذا هل يعتبر بالدخول في أول العام الخامس عشر ، أو بتمامه.

٢٦٠