قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

تحمیل

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

827/836
*

وما نحن وأنتم إلّا سواء قال : فيأنف لهم الرب تعالى فيقول للملائكة : اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله ثم يقول للنبيين : اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله ، ويقول الله : أنا أرحم الراحمين : أخرجوا برحمتي فيخرجون كما يخرج الفراش ، ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام : ثم مدت العمد ، وأوصدت عليهم وكان والله الخلود.

سورة الفيل

مكية وآياتها خمس آيات

١ ـ ٥ ـ خاطب الله سبحانه نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنبيها على عظم الآية التي أظهرها ، والمعجزة التي فعلها فقال (أَلَمْ تَرَ) أي ألم تعلم يا محمد ، لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ير ذلك (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) الذين قصدوا تخريب الكعبة وكان معهم فيل واحد. وقيل : ثمانية أفيال ، وإنما وحّد لأنه أراد الجنس ، وكان ذلك في العام الذي ولد فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عليه أكثر العلماء (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) معناه : ألم يجعل إرادتهم السوء ، واحتيالهم في تخريب البيت الحرام ، وقتل أهله وسبيهم واستباحتهم في تضليل عما قصدوا إليه؟ ضلّ سعيهم حتى لم يصلوا إلى ما أرادوه بكيدهم (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) أي أقاطيع يتبع بعضها بعضا كالإبل المؤبلة. وقيل : طير سود بحرية تحمل في مناقيرها وأكفّها الحجارة (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) أي تقذفهم بحجارة صلبة شديدة ليست من جنس الحجارة ، وقد فسّرنا السجيل في سورة هود وما جاء من الأقوال فيه فلا معنى لاعادته ، وقال عبد الله بن مسعود : صاحت الطير فرمتهم بالحجارة ، فبعث الله ريحا فضربت الحجارة فزادتها شدّة فما وقع منها حجر على رجل إلّا خرج من الجانب الآخر ، فإن وقع على رأسه خرج من دبره (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) أي كزرع وتبن قد أكلته الدواب ثم راثته فديست وتفرقت أجزاؤه ، شبّه الله تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث. كان هذا من أعظم المعجزات القاهرات ، والآيات الباهرات في ذلك الزمان ، أظهره الله تعالى ليدلّ على وجوب معرفته ، وفيه ارهاص لنبوة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه ولد في ذلك العام ، وفيه حجة لائحة قاصمة لظهور الفلاسفة والملحدين المنكرين للآيات الخارقة للعادات ، فإنه لا يمكن نسبة شيء مما ذكره الله تعالى من أمر أصحاب الفيل إلى طبع وغيره كما نسبوا الصيحة والريح العقيم والخسف وغيرهما مما أهلك الله تعالى به الأمم الخالية الى ذلك ، إذ لا يمكنهم أن يروا في أسرار الطبيعة إرسال جماعات من الطير معها أحجار معدّة مهيّأة لهلاك أقوام معينين قاصدات إياهم دون من سواهم ، فترميهم بها حتى تهلكهم ، وتدمر عليهم حتى لا يتعدى ذلك إلى غيرهم ، لا يشك من له مسكة من عقل ولبّ ان هذا لا يكون إلّا من فعل الله تعالى مسبّب الأسباب ، ومذلّل الصعاب وليس لأحد أن ينكر هذا لأن نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما قرأ هذه السورة على أهل مكة لم ينكروا ذلك بل أقرّوا به وصدّقوه مع شدة حرصهم على نكذيبه ، واعتنائهم بالردّ عليه ، وكانوا قريبي العهد بأصحاب الفيل ، فلو لم يكن لذلك عندهم حقيقة وأصل لأنكروه وجحدوه ، وكيف وأنهم قد أرّخوا بذلك كما أرّخوا ببناء الكعبة ، وموت قصيّ بن كعب وغير ذلك.

وقد أكثر الشعراء ذكر الفيل ونظموه ، ونقلته الرواة عنهم ، فمن ذلك ما قاله أمية بن أبي الصلت :

إن آيات ربنا بينات

ما يماري فيهن إلّا الكفور

حبس الفيل بالمغمّس حتى

ظل يحبو كأنه معقور