رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-108-7
الصفحات: ٥١٢

كان إذا رأى ناساً يمشون وقد جهدهم المشي حملهم على بُدنِه وقال : إن ضلّت راحلة الرجل أو هلكت ومعه هدي فليركب على هديه » (١).

ونحوه أخبار أُخر صحيحة (٢).

نعم ، يمكن القول بذلك في الواجب المعيّن ؛ لخروجه عن الملك فيتبعه النماء ، مع عدم معلومية انصراف إطلاق النصوص إليه مع احتماله أيضاً فيشكل.

أما الواجب المطلق كدم التمتع وجزاء الصيد والنذر الغير المعيّن فالأجود فيه العمل بالإطلاق وإن كان الأحوط فيه وفي النذر المعيّن المنع ، فإن فعل غرم قيمة ما يشرب من لبنها لمساكين الحرم.

وأما الخبر : ما بال البدنة تقلّد النعل وتشعر؟ فقال عليه‌السلام : « أما النعل فيعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله ، وأما الإشعار فيحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها فلا يستطيع الشيطان أن يتسنّمها » (٣) فمحمول على الكراهة.

قيل : أو الجواز على الضرورة أو غير المتعين (٤).

وفي قوله : أو بولده ، إشارة إلى أن الهدي إذا نتجت فالولد هدي ، كما عن النهاية والمبسوط والتهذيب والسرائر والجامع (٥) ، ونصّ عليه ما مرّ‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٣ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٢٠ / ٧٤١ ، الوسائل ١٤ : ١٤٧ أبواب الذبح ب ٣٤ ح ٦.

(٢) انظر الوسائل ١٤ : ١٤٦ أبواب الذبح ب ٣٤ ح ٥ ، ٧.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٣٨ / ٨٠٤ ، علل الشرائع : ٤٣٤ / ١ ، الوسائل ١٤ : ١٤٨ أبواب الذبح ب ٣٤ ح ٨.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٦٩.

(٥) النهاية : ٢٦٠ ، المبسوط ١ : ٣٧٤ ، التهذيب ٥ : ٢٢٠ ، السرائر ١ : ٥٩٨ ، الجامع للشرائع : ٢١٤.

٤٦١

من الأخبار.

ويؤيده الاعتبار إذا كان موجوداً حال السياق مقصوداً بالسوق أو متجدداً بعده مطلقاً.

أما لو كان موجوداً حال السياق ولم يقصد بالسوق لم يجب ذبحه قطعاً ، كذا قيل (١) ، ولكن النص مطلق إلاّ أن يمنع انصرافه إلى الأخير.

( ولا معطي الجزّار من الهدي الواجب كالكفّارات والنذور ) شيئاً ( ولا يأخذ الناذر من جلودها ) وظاهر المتن التحريم في المقامين.

خلافاً للمحكي عن الشيخ في النهاية والمبسوط فقال : يستحب أن لا يأخذ شيئاً من جلود الهدي والأضاحي بل يتصدّق بها كلّها ، ولا يجوز أن يعطيها الجزّار ، فإن أراد أن يخرج شيئاً لحاجته إلى ذلك تصدّق بثمنه (٢).

قيل : وإنما حرّم الثاني دون الأول ؛ للنهي عنه من غير معارض ، بخلاف الأوّل (٣).

ففي الصحيح : عن الإهاب ، فقال : « تصدّق به أو تجعله مصلّى ينتفع به في البيت ولا تعطي الجزّارين » وقال : نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعطي جلالها وجلودها وقلائدها الجزّارين وأمر أن يتصدّق بها » (٤).

وفي الحسن : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يعطى الجزّار من جلود الهدي وجلالها » (٥).

__________________

(١) انظر كشف اللثام ١ : ٣٧٠ والحدائق ١٧ : ١٩٨.

(٢) النهاية : ٢٦١ ، المبسوط ١ : ٣٧٤.

(٣) كشف اللثام ١ : ٣٧٠.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٢٨ / ٧٧١ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٦ / ٩٨٠ ، الوسائل ١٤ : ١٧٤ أبواب الذبح ب ٤٣ ح ٥.

(٥) الكافي ٤ : ٥٠١ / ١ ، الوسائل ١٤ : ١٧٣ أبواب الذبح ب ٤٣ ح ١.

٤٦٢

قال الكليني : وفي رواية معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « ينتفع بجلد الأُضحية ويشتري به المتاع ، وإن تصدّق به فهو أفضل » (١).

أقول : دعوى فقد المعارض ممنوعة ، فقد أرسل الصدوق في الفقيه عنهم عليهم‌السلام « إنما يجوز للرجل أن يدفع الأضحية إلى من يسلخها بجلدها ، لأن الله عز وجل قال : ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا ) (٢) والجلد لا يؤكل ولا يطعم » (٣).

وأسنده في العلل عن مولانا الكاظم عليه‌السلام : الرجل يعطي الأُضحية من يسلخها بجلدها ، قال : لا بأس به ، قال الله عز وجل : ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا ) والجلد لا يؤكل ولا يطعم » (٤).

وهما وإن وردا في الأُضحية لكن ذكر الآية العامة للهدي أو الخاصة به ظاهر بل صريح في العموم ، مع أن الشيخ عمّم المنع للأُضحية.

ولعلّه لهذا أفتى الحلّي بكراهة الثاني أيضاً كما حكي عنه (٥) ، وبها يشعر عبارة الفاضل في المنتهى والتحرير (٦) حيث عبّر عن المنع بلفظة « لا ينبغي » الظاهرة فيها.

وحكيت أيضاً عن جماعة.

ولا تخلو عن قوة لولا قصور سند الأخيار الأخيرة ، وصحة الأخبار الأوّلة ، فالأخذ بظاهرها من التحريم أحوط وأولى.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠١ / ٢ ، الوسائل ١٤ : ١٧٣ أبواب الذبح ب ٤٣ ح ٢.

(٢) الحج : ٢٨ ، ٣٦.

(٣) الفقيه ٢ : ١٢٩ / ٥٥٠ ، الوسائل ١٤ : ١٧٥ أبواب الذبح ب ٤٣ ح ٧.

(٤) علل الشرائع : ٤٣٩ / ١ ، الوسائل ١٤ : ١٧٥ أبواب الذبح ب ٤٣ ح ٨.

(٥) السرائر ١ : ٦٠٠.

(٦) المنتهى ٢ : ٧٥٤ ، التحرير ١ : ١٠٨.

٤٦٣

ثم إن المنع فيها مطلق ليس مقيداً بالإعطاء أجراً ، إلاّ أن جماعة من الأصحاب قيّدوه بذلك ، وقالوا بجوازه على وجه الصدقة ، كما عن الحلبي والاصباح والغنية (١) ، لكن باقي الفتاوي مطلقة.

( ولا ) يجوز أن ( يأكل منها ، فإن أخذ ) وأكل ( ضمنه ) أي المأخوذ والمأكول ، بغير خلاف أجده ، وبه صرّح في الذخيرة ، بل فيها الإجماع عن المنتهى والتذكرة (٢) ؛ وهو الحجة.

مضافاً إلى النصوص المستفيضة ، وفيها الصحيح وغيره من المعتبرة : ففي الصحيح : عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه؟ فقال : « يأكل من أُضحيته ويتصدّق بالفداء » (٣).

وفيه : « إنّ الهدي المضمون لا يأكل منه إذا عطب ، فإن أكل منه غرم » (٤).

لكن بإزائها روايات أُخر دالة على جواز الأكل من الواجب وغيره ، منها الحسن : « يؤكل من الهدي كلّه مضموناً كان أو غير مضمون » (٥).

وحملها الشيخ على حال الضرورة ، قال : للخبر : « إن أكل الرجل من الهدي تطوّعاً فلا شي‌ء عليه ، وإن كان واجباً فعليه قيمة ما أكل » (٦).

__________________

(١) الحلبي في الكافي : ٢٠٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٢ ، الإصباح : حكاه عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٧٠.

(٢) الذخيرة : ٦٧٨ ، وهو في المنتهى ١ : ٧٥٢ ، والتذكرة ١ : ٣٨٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٠٠ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٢٤ / ٧٥٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٣ / ٩٦٦ ، الوسائل ١٤ : ١٦٤ أبواب الذبح ب ٤٠ ح ١٥.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٩٩ / ١٤٨٣ ، الوسائل ١٤ : ١٦٧ أبواب الذبح ب ٤٠ ح ٢٦.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٢٥ / ٧٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٣ / ٩٦٨ ، الوسائل ١٤ : ١٦١ أبواب الذبح ب ٤٠ ح ٦.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٢٥ / ٧٦١ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٣ / ٩٧٠ ، الوسائل ١٤ : ١٦١ أبواب الذبح ب ٤٠ ح ٥.

٤٦٤

وفيه نظر ، لكن لا بأس به صوناً للروايات عن الطرح.

قيل : ويستثنى من هذه الكلية هدي التمتع ، فإنه هدي واجب [ والأكل منه واجب (١) ] أو مستحب ، ولا يستثنى من ذلك هدي السياق المتبرع به فإنه غير واجب وإن تعيّن ذبحه بالسياق ، لأن المراد بالواجب ما وجب ذبحه بغير السياق (٢). انتهى.

وهو حسن وقد مرّ ما يدل عليه.

( ومن نذر بدنة فإن عيّن موضع النحر تعيّن بلا إشكال ، وإلاّ نحرها بمكة ) مطلقاً سواء كان المنذور هدياً وفي طريق الحج أم لا ، على ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا وفي الشرائع والقواعد وعن النهاية والمبسوط والسرائر (٣) ، والخبر : عن رجل جعل لله تعالى بدنة ينحرها [ بالكوفة في شكر ، فقال لي : عليه أن ينحرها ] حيث جعل لله تعالى عليه ، وإن لم يكن سمّى بلداً فإنه ينحرها قبالة الكعبة منحر البُدن » (٤) وفي سنده جهالة.

ومقتضى الأُصول جواز النحر حيث شاء ، كما أستوجهه بعض متأخري الأصحاب (٥).

لكن قيل : إن الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.

فإن تمّ إجماعاً كما عن الخلاف (٦) ، أو شهرةً جابرةً ، وإلاّ فالأخذ‌

__________________

(١) أضفناه من المصدر.

(٢) المدارك ٨ : ٧٧.

(٣) الشرائع ١ : ٢٦٣ ، القواعد ١ : ٨٩ ، النهاية : ٢٦٢ ، المبسوط ١ : ٣٧٥ ، السرائر ١ : ٥٩٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٩ / ٨٠٦ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٤ أبواب الذبح ب ٥٩ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٥) كصاحب المدارك ٨ : ٧٩.

(٦) الخلاف ٢ : ٤٣٨.

٤٦٥

بمقتضى الأُصول أقوى ، وتقييد الرواية ونحو العبارة بما إذا نذر في طريق الحج كما عن جماعة ، أو نذر الهدي خاصة كما عن ابن زهرة أن عبّر به مدّعياً على الحكم الإجماع (١).

وينبغي أن يقيّد الحكم بما إذا لم يكن هناك فرد ينصرف إليه الإطلاق ، وإلاّ فلا يجب النحر بمكة حيث لا يكون هو الفرد المنصرف إليه الإطلاق بلا إشكال.

( الخامس : الأُضحيَّة ) بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء المفتوحة ( وهي مستحبة ) عند علمائنا وأكثر العامة كما في كلام جماعة (٢) ، مؤذنين بدعوى الإجماع.

أما رجحانه فبالكتاب (٣) والسنّة المستفيضة (٤) ، بل المتواترة بعد إجماع الأُمة.

وأما عدم الوجوب فللأصل بعد الإجماع المنقول والنبوي : « كتب عليّ النحر ولم يكتب عليكم » (٥) وقصور السند بعمل الأصحاب مجبور.

خلافاً للإسكافي فأوجبه (٦) ؛ للخبر أو الصحيح : « الأُضحيّة واجبة على من وجد من صغير أو كبير ، وهي سنّة » (٧).

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١.

(٢) منهم : العلاّمة في المنتهى ٢ : ٧٥٥ ، وصاحب المدارك ٨ : ٨١ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٧٨ ، وصاحب الحدائق ١٧ : ٢٠٠.

(٣) الكوثر : ٢.

(٤) الوسائل ١٤ : ٢٠٤ ، ٢١٠ أبواب الذبح ب ٦٠ ، ٦٤.

(٥) الجامع الصغير ٢ : ٢٦٩ / ٦٢٢٣ وفيه : كتب عليَّ الأضحى .. ، مسند أحمد ١ : ٣١٧ ، سنن الدارقطني ٤ : ٢٨٢ / ٤٢.

(٦) نقله عنه في المختلف : ٣٠٧.

(٧) الفقيه ٢ : ٢٩٢ / ١٤٤٥ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٥ أبواب الذبح ب ٦٠ ح ٣.

٤٦٦

ويضعّف بشيوع إطلاق الوجوب على الاستحباب المؤكد في الأخبار ، مع أنه معارض بلفظ السنّة.

قيل : ومع ذلك فهو صريح في الوجوب على الصغير ، والمراد به حيث يقابل به الكبير غير البالغ ، ولا ريب أن التكليف في حقّه متوجه إلى الوليّ ، مع أنه نفى الوجوب عنه في الصحيح : عن الأضحى أواجب على من وجد لنفسه وعياله؟ فقال : « أمّا لنفسه فلا يدعه ، وأمّا لعياله إن شاء تركه » (١) ونحوه آخر أو الخبر (٢).

وفيه نظر ؛ لأن نفى الوجوب عن العيال أعم من نفي الوجوب عن وليّ الصغير ، إذ لا ملازمة بينهما ، إلاّ على تقدير أن يكون في العيال المسئول عنهم في الرواية صغير واجد ، وليس فيها تصريح به وإن كان السؤال يعمّه ، لكن الصحيح المتقدم الموجب بالنسبة إليه خاص فليقدّم عليه ، والتخصيص راجح على المجاز حيثما تعارضا ، خصوصاً وارتكاب المجاز في الواجب بحمله على المستحب يوجب مساواة الصغير والكبير فيه والحال أن مجموع الأخبار في الكبير مشتركة في إفادة الوجوب ، فلا يمكن صرفه بالإضافة إلى الصغير خاصة إلى الاستحباب ، للزوم استعمال اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد في معنييه الحقيقي والمجازي ، وهو خلاف التحقيق ، فالأظهر في الجواب ما قدّمناه.

وأمّا قوله تعالى( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٣) فإن كان بهذا المعنى فإنما توجّه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد قيل : إنّ وجوبه من خواصّه (٤) ، ودلّ عليه ما مرّ‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٧ / ٢ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٤ أبواب الذبح ب ٦٠ ح ١.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٩٢ / ١٤٤٦ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٥ أبواب الذبح ب ٦٠ ح ٥.

(٣) الكوثر : ٢.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٦٨.

٤٦٧

من النص النبوي.

( ووقتها بمنى ) أربعة أيام : ( يوم النحر وثلاثة بعده ، وفي ) سائر ( الأمصار ) ثلاثة : ( يوم النحر ويومان بعده ) بإجماعنا الظاهر ، والمصرَّح به في ظاهر الغنية المنتهى وصريح غيرهما (١) ؛ للصحيح : عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال : « أربعة أيام » وعنه في غيره ، فقال : « ثلاثة أيام » قال : فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين ، إله أن يضحّي في اليوم الثالث؟ فقال : « نعم » (٢).

ونحوه الموثق (٣).

ويحمل نحو الصحيح : الأضحى يومان بعد يوم النحر ، ويوم واحد بالأمصار » (٤) على مريد الصوم ، واليومان إذا نفر في الثامن عشر ، وحملهما جماعة على الأفضلية (٥).

والخبر : « الأضحى ثلاثة أيام ، أفضلها أوّلها » (٦) على غير منى.

ويحتمل الحمل على التقية كما في الذخيرة ، قال : لأنه مذهب مالك‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٢ ، المنتهى ٢ : ٧٥٥ ؛ وأُنظر الذخيرة : ٦٧٨ ، والحدائق ١٧ : ٢٠٩.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٠٢ / ٦٧٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣٠ ، قرب الإسناد : ١٠٦ ، الوسائل ١٤ : ٩١ أبواب الذبح ب ٦ ح ١.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٣ / ٦٧٤ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣١ ، الوسائل ١٤ : ٩٢ أبواب الذبح ب ٦ ح ٢.

(٤) الكافي ٤ : ٤٨٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٠٣ / ٦٧٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣٤ ، الوسائل ١٤ : ٩٣ أبواب الذبح ب ٦ ح ٧.

(٥) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٨٤ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٧٩.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٩٢ / ١٤٤٢ ، التهذيب ٥ : ٢٠٣ / ٦٧٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣٢ ، الوسائل ١٤ : ٩٢ أبواب الذبح ب ٦ ح ٤.

٤٦٨

والثوري وأبي حنيفة (١) ، وبأنّ ذلك مذهبهم صرّح في المنتهى (٢).

( ويكره أن يخرج شيئاً من أُضحيّته عن منى ، ولا بأس بـ ) إخراج ( السنام ) كما في الإستبصار والشرائع والتحرير والقواعد (٣) وغيرها (٤) ؛ للخبر : « لا يتزوّد الحاج من أُضحيّته ، وله أن يأكل منها أيامها ، إلاّ السنام فإنه دواء » (٥).

وظاهر النهي التحريم ، كما عن النهاية والمبسوط والتهذيب (٦). لكن ضعف سنده يمنع عن العمل.

مع أن في الصحيح : عن إخراج لحوم الأضاحي عن منى ، فقال : « كنّا نقول لا يخرج منها بشي‌ء لحاجة الناس إليه ، فأمّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه » (٧).

وهو نصّ في عدم التحريم ، فوجب حمل النهي السابق على الكراهة جمعاً ، وخصوصاً مع صحة سند المجوّز ، واعتضاده بالأصل والشهرة بين الأصحاب كما في الذخيرة (٨).

مع أن الشيخ في التهذيب وإن عبّر بلفظ « لا يجوز » الظاهر في‌

__________________

(١) الذخيرة : ٦٧٩.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٥٥.

(٣) الاستبصار ٢ : ٢٧٤ ، الشرائع ١ : ٢٦٤ ، التحرير ١ : ١٠٨ ، القواعد ١ : ٨٩.

(٤) انظر المنتهى ٢ : ٧٦ ، والمدارك ٨ : ٨٥ ، والذخيرة : ٦٧٩.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٢٧ / ٧٦٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٥ / ٩٧٨ ، الوسائل ١٤ : ١٧٢ أبواب الذبح ب ٤٢ ح ٤.

(٦) النهاية : ٢٦١ ، المبسوط ١ : ٣٩٤ ، التهذيب ٥ : ٢٢٦.

(٧) الكافي ٤ : ٥٠٠ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٢٧ / ٧٦٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٥ / ٩٧٧ ، الوسائل ١٤ : ١٧٢ أبواب الذبح ب ٤٢ ح ٥.

(٨) الذخيرة : ٦٧٩.

٤٦٩

التحريم ، لكن الظاهر أن مراده منه الكراهة ، كما صرّح بها في الاستبصار (١) ، مع أنه قُبيل ذلك قال : ولا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد الثلاثة أيام وادّخارها ، واستدل عليه بأخبار بعضها معتبرة.

ولا ريب أن الادّخار بعد ثلاثة لا يكون غالباً إلاّ بعد الخروج من منى ؛ لأنه بعد الثلاث لا يبقى فيه أحد ، فلولا أن المراد ب « لا يجوز » الكراهة لحصل التنافي بين كلاميه ، فتأمل.

( ولا ) بأس بأن يخرج ( ممّا يضحيه غيره ) للأصل ، واختصاص النهي السابق بأضحيته ، وعليه حمل الشيخ الصحيحة المتقدمة ، مستشهداً بخبر الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن محمّد أنه قال : « لا بأس أن يشتري الحاج من لحم منى ويتزوّده » (٢).

وفيه بُعد ، وفي الخبر الذي استشهد به قطع.

( ويجزئ هدي التمتع عن الأُضحيّة ) للصحيحين : « يجزئ الهدي عن الأُضحية » كما في أحدهما (٣).

وفي الثاني : « يجزئه في الأُضحيّة هديه » (٤).

( و ) في لفظ الإجزاء ظهور في أن ( الجمع ) بينهما ( أفضل ) وربما علّل بأن فيه فعل المعروف ونفع المساكين (٥).

وفيه لو لا النص نظر ؛ فإن المفروض استحباب الأُضحيّة من حيث‌

__________________

(١) الاستبصار ٢ : ٢٧٤.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٢٧ / ٧٦٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٥ / ٩٧٨ ، الوسائل ١٤ : ١٧٢ أبواب الذبح ب ٤٢ ح ٤.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٩٧ / ١٤٧٢ ، الوسائل ١٤ : ١١٧ أبواب الذبح ب ١٨ ح ٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٨ / ٨٠٣ ، الوسائل ١٤ : ٨٠ أبواب الذبح ب ١ ح ٣.

(٥) المدارك ٨ : ٨٦.

٤٧٠

إنها أُضحيّة ، لا من حيث إنه نفع المساكين وفعل للمعروف ، وأحدهما غير الآخر. ولكن الأمر بعد وضوح المأخذ سهل.

ثم إن الموجود في النص هو الهدي بقول مطلق ، كما عن النهاية والوسيلة والتحرير والمنتهى والتذكرة (١).

خلافاً للقاضي ، فقيّده بهدي التمتع كما عن التلخيص والتبصرة (٢).

وللقواعد والشرائع والإرشاد والدروس (٣) ، فقيّدوه بالواجب.

ولعلّه لانصراف الإطلاق إليه.

قيل : ولعلّ ذلك نص على الأخفى (٤).

أقول : وفيه نظر.

( ومن لم يجد الأُضحيّة ) مع القدرة على ثمنها ( تصدّق بثمنها ).

( ولو اختلف أثمانها جمع الأول والثاني والثالث وتصدّق بثلثها ) كما في كلام جماعة (٥) من غير خلاف بينهم أجده ؛ للخبر : كنّا بالمدينة فأصابنا غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار ، ثم بدينارين ، ثم بلغت سبعة ، ثم لم يوجد بقليل ولا كثير ، فرفع هشام المكاري إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فأخبره بما اشترينا وأنّا لم نجد بعدُ ، فوقّع عليه‌السلام : « انظروا إلى الثمن الأول‌

__________________

(١) النهاية : ٢٦٢ ، الوسيلة : ١٨٦ ، التحرير ١ : ١٠٧ ، المنتهى ٢ : ٧٥٥ ، التذكرة ١ : ٣٨٦.

(٢) القاضي في المهذب ١ : ٢٠٩ ، وحكاه عن التلخيص في كشف اللثام ١ : ٣٧٠ ، التبصرة : ٧٤.

(٣) القواعد ١ : ٨٩ ، الشرائع ١ : ٢٦٤ ، الإرشاد ١ : ٣٣٤ ، الدروس ١ : ٤٤٧.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٧٠.

(٥) منهم : العلاّمة في المنتهى ٢ : ٧٦٠ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٧٩ ، وصاحب الحدائق ١٧ : ٢١٢.

٤٧١

والثاني والثالث ، فاجمعوا ثم تصدّقوا بمثل ثلثه » (١).

والظاهر ما في الدروس وكلام جماعة (٢) من التصدق بقيمة منسوبة إلى القيم ، فمن اثنتين النصف ، ومن أربع الربع وهكذا ، وأن اقتصار الأصحاب على الثلث تبعاً للرواية.

( ويكره التضحية بما يربّيه ) للخبرين (٣).

( وأخذ شي‌ء من جلودها وإعطاؤها الجزّار ) اجرة أو مطلقاً ، بل يستحب الصدقة بها ؛ لما مرّ. ومرّ عن الشيخ المنع.

قيل : وفي المبسوط : لا يجوز بيع جلدها ، سواء كانت واجبة أو تطوعاً ، كما لا يجوز بيع لحمها ، فإن خالف تصدّق بثمنه.

وفي الخلاف : إنه لا يجوز بيع جلودها ، سواء كانت تطوعاً أو نذراً ، إلاّ إذا تصدّق بثمنها على المساكين. وقال أبو حنيفة : أو يبيعها بآلة البيت على أن يعيرها كالقدر والفأس والمُنخُل والميزان. وقال الشافعي : لا يجوز بيعها على كل حال. وقال عطاء : يجوز بيعها على كل حال. وقال الأوزاعي : يجوز بيعها بآلة البيت.

قال الشيخ دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضاً فالجلد إذا كان للمساكين فلا فرق بين أن يعطيهم إياه أو ثمنه (٤).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٤٤ / ٢٢ ، الفقيه ٢ : ٢٩٦ / ١٤٦٧ ، التهذيب ٥ : ٢٣٨ / ٨٠٥ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٣ أبواب الذبح ب ٥٨ ح ١.

(٢) الدروس ١ : ٤٤٩ ؛ وأُنظر المدارك ٨ : ٨٧ ، وكشف اللثام ١ : ٣٧٠.

(٣) الأول : الكافي ٤ : ٥٤٤ / ٢٠ ، التهذيب ٥ : ٤٥٢ / ١٥٧٨ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٨ أبواب الذبح ب ٦١ ح ١. الثاني : الفقيه ٢ : ٢٩٦ / ١٤٦٨ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٨ أبواب الذبح ب ٦١ ح ٢.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٧٠.

٤٧٢

( وأما الحلق ) وفي معناه التقصير ( فـ ) هو واجب على ( الحاج ) بالإجماع والنصوص (١).

والقول باستحبابه كما عن الشيخ في التبيان في نقل (٢) ، وفي النهاية في آخر (٣) شاذّ مردود ، كما في كلام جمع (٤) ، مشعرين بدعوى الإجماع ، كما صرّح به بعضهم (٥).

وهو ( مخيّر بينه وبين التقصير ) مطلقاً ( ولو كان صرورة ) لم تحجّ بعد ( أو ملبِّداً ) وهو من يجعل في رأسه عسلاً أو صمغاً لئلاّ يتّسخ أو يقمل ( على الأظهر ) عند الماتن والأكثر كما في كلام جمع (٦).

ومستندهم غير واضح ، عدا الأصل ، وإطلاق قوله تعالى : ( مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) (٧) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وللمقصِّرين » (٨).

وضعفهما في غاية الظهور ، سيّما في مقابلة ما سيأتي من النصوص.

والأظهر تعيّن الحلق عليهما ، كما عن النهاية والمبسوط والوسيلة (٩) ، وعن المقنع والتهذيب والجامع (١٠) مع المعقوص ، وعن المقنعة والاقتصاد‌

__________________

(١) انظر الوسائل ١٤ : ٢١١ أبواب الحلق والتقصير ب ١.

(٢) نقله عن العلامة في المنتهى ٢ : ٧٦٢ ، وهو في التبيان ٢ : ١٥٤.

(٣) النهاية : ٢٦٢.

(٤) منهم الشهيد في الدروس ١ : ٤٥٢ ، وصاحب المدارك ٨ : ٨٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٧٣.

(٥) المفاتيح ١ : ٣٦٠.

(٦) منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٢٥٥ ، وصاحب المدارك ٨ : ٨٩ ، وصاحب الحدائق ١٧ : ٢٢٢.

(٧) الفتح : ٢٧.

(٨) التهذيب ٥ : ٢٤٣ / ٨٢٢ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٣ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ٦.

(٩) النهاية : ٢٦٢ ، المبسوط ١ : ٣٧٦ ، الوسيلة : ١٨٦.

(١٠) المقنع : ٨٩ ، التهذيب ٥ : ٢٤٣ ، الجامع للشرائع : ٢١٦.

٤٧٣

والمصباح ومختصره والكافي (١) في الصرورة.

للنصوص المستفيضة ، وفيها الصحاح وغيرها من المعتبرة.

ففي الصحيح : « إذا عقص الرجل رأسه أو لبّده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق » (٢).

وفيه : « إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبّدته فقد وجب عليك الحلق ، وليس لك التقصير ، وإن أنت لم تفعل فمخيّر لك التقصير والحلق في الحج ، وليس في المتعة إلاّ التقصير » (٣).

وفيه : « ينبغي للصرورة أن يحلق ، وإن كان قد حجّ فإن شاء قصّر وإن شاء حلق ، فإذا لبّد شعره أو عقصه فإنّ عليه الحلق وليس له التقصير » (٤).

وهذه الأخبار صريحة في الوجوب على الملبِّد والمعقوص ، كالخبر : « ليس للصرورة أن يقصّر » (٥) وآخر : « إن لم يكن حجّ فلا بدّ له من الحلق » (٦) في الوجوب على الصرورة.

لكن لفظة « ينبغي » في الصحيحة الأخيرة ربما تعطي الاستحباب فيه ، إلاّ أن الظاهر منها أن المراد بها الوجوب ، بقرينة قوله : « وإن كان قد حجّ فإن شاء » إلى آخره ، فإنّ مفهومه نفي المشيئة عن الذي لم يحجّ وهو‌

__________________

(١) المقنعة : ٤١٩ ، الاقتصاد : ٣٠٨ ، المصباح : ٦٤٤ ، الكافي في الفقه : ٢٠١ ، حكاه عن مختصر المصباح في كشف اللثام ١ : ٣٧٣.

(٢) التهذيب ٥ : ٤٨٤ / ١٧٢٤ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٢ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٦٠ / ٥٣٣ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٤ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ٨.

(٤) الكافي ٤ : ٥٠٢ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٢٤٣ / ٨٢١ ، الوسائل ١٤ : ٢٢١ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٤٣ / ٨٢٠ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٤ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ١٠.

(٦) التهذيب ٥ : ٤٨٥ / ١٧٣٠ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٢ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ٤.

٤٧٤

الصرورة ، وهو نصّ في الوجوب ، فإنّ الاستحباب لا يجامع نفي المشيئة.

ويعضده الروايتان الأخيرتان المنجبر ضعف إسنادهما بفتوى هؤلاء العظماء من القدماء.

( و ) حيثما تخيّر ف ( الحلق أفضل ) إجماعاً كما عن التذكرة (١) ، وفي المنتهى : لا نعلم فيه خلافاً (٢) ؛ للصحاح وغيرها (٣).

( والتقصير متعيّن على المرأة ) (٤) كما في المختلف وغيره (٥) ، وفي التحرير والمنتهى (٦) : ليس عليها الحلق إجماعاً ؛ للنبوي : « ليس على النساء حلق ، إنما على النساء التقصير » (٧).

والمرتضوي : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تحلق المرأة رأسها » (٨).

( ويجزئ ) المرأة في التقصير أخذ ( قدر الأنملة ) كما في كلام جماعة (٩) ؛ للمرسل كالصحيح : « تقصر المرأة لعمرتها مقدار الأنملة » (١٠).

__________________

(١) التذكرة ١ : ٣٩٠.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٦٣.

(٣) الوسائل ١٤ : ٢٢١ أبواب الحلق والتقصير ب ٧.

(٤) في « ح » و« ق » زيادة : إجماعاً.

(٥) المختلف : ٣٠٨ ؛ وأُنظر المدارك ٨ : ٩١ ، والحدائق ١٧ : ٢٢٦.

(٦) التحرير ١ : ١٠٨ ، المنتهى ٢ : ٧٦٣.

(٧) الفقيه ٤ : ٢٦٣ / ضمن حديث ٨٢١ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٧ أبواب الحلق والتقصير ب ٨ ح ٤ ، عوالي اللئلئ ١ : ١٨٠ / ٢٣٧ ، المستدرك ١٠ : ١٣٦ أبواب الحلق والتقصير ب ٧ ح ٣.

(٨) كنز العمال ٥ : ٢٧٦ / ١٢٨٧٣.

(٩) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٩٢ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٨١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٧٣.

(١٠) الكافي ٤ : ٥٠٣ / ١١ ، التهذيب ٥ : ٢٤٤ / ٨٢٤ ، الوسائل ١٣ : ٥٠٨ أبواب التقصير ب ٣ ح ٣.

٤٧٥

ولكن في الصحيح : « إن لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن ويقصرن من أظفارهن » (١) فالأولى الجمع.

وعن الإسكافي أنها يجزئها قدر القبضة (٢). قيل : وهو على الندب (٣).

ثم قيل : المراد بقدر الأنملة أقلّ المسمّى ، وهو المحكي عن ظاهر التذكرة والمنتهى ، قال : لأن الزائد لم يثبت ، والأصل براءة الذمة (٤).

ثم إطلاق الماتن هنا وفي غيره كالقواعد ـ (٥) يعطي إجزاء ذلك للرجل ؛ ولعلّه لإطلاق النصوص ، إلاّ أن مقتضاه المسمّى ، كما احتمل في المرأة أيضاً.

( والمحلّ ) لهما ( بمنى ، و ) عليه ف ( لو رحل قبله ) ولو جاهلاً أو ناسياً ( عاد ) إليه ( للحلق أو التقصير ) مع الإمكان فيما قطع به الأصحاب كما في المدارك (٦) ، وفيه : بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاق (٧).

أقول : وبه صرّح بعض الأصحاب (٨) ، وآخر بنفي الخلاف (٩).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٧٤ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٩٥ / ٦٤٧ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٦ أبواب الحلق والتقصير ب ٨ ح ١.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٣٠٨.

(٣) الدروس ١ : ٤٥٣.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٧٣ ، وهو في التذكرة ١ : ٣٩٠ والمنتهى ٢ : ٧٦٣.

(٥) القواعد ١ : ٨٩.

(٦) المدارك ٨ : ٩٥.

(٧) التذكرة ١ : ٣٩٠ ، المنتهى ٢ : ٧٦٤.

(٨) المفاتيح ١ : ٣٦١.

(٩) الذخيرة : ٦٨٢.

٤٧٦

للصحيح : عن رجل نسي أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى ، قال : « يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها » (١).

ونحوه الخبر فيمن جهل أن يأتي بأحدهما حتى ارتحل من منى (٢).

( و ) أما الحسن ، بل الصحيح : عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر حتى نفر ، قال : « يحلق في الطريق أو أين كان » (٣) فمحمول على ما ( لو تعذّر ) العود ، فإنه إذا كان كذلك ( حلق أو قصّر حيث كان وجوباً ) بلا إشكال كما في المدارك (٤) ، وفي غيره بلا خلاف (٥).

( وبعث بشعره إلى منى ليدفن بها استحباباً ) مطلقاً ؛ للأمر به في الصحيح (٦) وغيره (٧) كذلك.

وإنما حمل على الاستحباب جمعاً بينهما وبين الصحيح : عن الرجل ينسى أن يحلق رأسه حتى ارتحل من منى ، فقال : « ما يعجبني أن يلقي شعره إلاّ بمنى ولم يجعل عليه شيئاً » (٨).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٤١ / ٨١٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠١١ ، الوسائل ١٤ : ٢١٧ أبواب الحلق والتقصير ب ٥ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٥٠٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٤١ / ٨١٣ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠١٢ ، الوسائل ١٤ : ٢١٨ أبواب الحلق والتقصير ب ٥ ح ٤.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٤١ / ٨١٤ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠١٣ ، الوسائل ١٤ : ٢١٨ أبواب الذبح ب ٥ ح ٢.

(٤) المدارك ٨ : ٩٦.

(٥) الذخيرة : ٦٨٢.

(٦) الفقيه ٢ : ٣٠٠ / ١٤٩٥ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٠ أبواب الحلق والتقصير ب ٦ ح ٤.

(٧) انظر الوسائل ١٤ : ٢١٩ أبواب الحلق والتقصير ب ٦.

(٨) التهذيب ٥ : ٢٤٢ / ٨١٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٦ / ١٠١٧ ، الوسائل ١٤ : ٢٢١ أبواب الحلق والتقصير ب ٦ ح ٦.

٤٧٧

خلافاً لجماعة فأوجبوا البعث مطلقاً (١) ، وقيّده الفاضل في المختلف بصورة العمد (٢) ، ولا دليل على تفصيله.

ومتى تعذّر البعث سقط ولم يكن عليه شي‌ء إجماعاً كما قيل (٣).

أما دفن الشعر بمنى فقيل : قد قطع الأكثر باستحبابه ، وأوجبه الحلبي (٤).

والأصحّ الاستحباب ؛ للصحيح : « كان عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يدفن شعره في فسطاطه بمنى ويقول : كانوا يستحبون ذلك » قال : وكان أبو عبد الله عليه‌السلام يكره أن يخرج الشعر من منى ويقول : « من أخرجه فعليه أن يردّه » (٥).

ويستفاد منه أنه لا يختص استحباب الدفن بمن حلق في غير منى وبعث شعره إليها كما قد يوهمه ظاهر العبارة ، بل يستحب للجميع (٦).

( ومن ليس على رأسه شعر ) خلقة أو لحلقه في إحرام العمرة ( يجزئه إمرار الموسى ) عليه كما في الخبر (٧).

وظاهر الإجزاء فيه وفي العبارة عدم وجوب التقصير ولو مع إمكانه مطلقاً. وهو مشكل حيثما يتخير الحاج بينه وبين الحلق ؛ لأن تعذّر الحلق‌

__________________

(١) منهم : الشيخ في النهاية : ٢٦٣ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٢٦٥ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٦١.

(٢) المختلف : ٣٠٨.

(٣) المدارك ٨ : ٩٧.

(٤) في « ك‍ » و« ح » : الحلي ( السرائر ١ : ٦٠١ ).

(٥) التهذيب ٥ : ٢٤٢ / ٨١٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٦ / ١٠١٤ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٠ أبواب الحلق والتقصير ب ٦ ح ٥.

(٦) المدارك ٨ : ٩٧.

(٧) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ١٣ ، التهذيب ٥ : ٢٤٤ / ٨٢٨ ، الوسائل ١٤ : ٢٣٠ أبواب الحلق والتقصير ب ١١ ح ٣.

٤٧٨

بفقد الشعر يعيّن الفرض الآخر.

والخبر ضعيف السند ، مضافاً إلى قوة احتمال أن يكون المراد بالإجزاء الإجزاء عن الحلق الحقيقي الذي هو إزالة الشعر ، لا الإجزاء عن مطلق الفرض.

فالوجه وفاقاً لجماعة (١) تعيّن التقصير من اللحية أو غيرها ، مع استحباب إمرار الموسى ، كما عليه الأكثر ، ومنهم الشيخ في الخلاف مدّعياً عليه الإجماع (٢).

نعم ، إن لم يكن له ما يقصّر منه ، أو كان صرورة ، أو ملبِّداً ، أو معقوصاً ، وقلنا بتعيّن الحلق عليهم اتّجه وجوب الإمرار حينئذ ؛ عملاً بحديث : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (٣) و: « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » (٤) المؤيد بالخبر المتقدم ، فإنّ ظاهره الورود في الصرورة ، فتدبّر.

وعليه يحمل إطلاق الخبر الآخر : عن المتمتع أراد أن يقصّر فحلق رأسه ، قال : « عليه دم يهريقه ، فإذا كان يوم النحر أمرّ الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق » (٥) بحمله على الصرورة ، أو يحمل الأمر فيه على الاستحباب.

( والبدأة برمي جمرة العقبة ثم بالذبح ثم بالحلق واجب ، فلو خالف

__________________

(١) منهم : الحلبي في الكافي : ٢٠١ ، والعلاّمة في المنتهى ٢ : ٧٦٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٧٤.

(٢) الخلاف ٢ : ٣٣١.

(٣) عوالي اللئلئ ٤ : ٥٨ / ٢٠٥.

(٤) عوالي اللئلئ ٤ : ٥٨ / ٢٠٧.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٨ / ٥٢٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٤٢ / ٨٤٢ ، الوسائل ١٤ : ٢٢٩ أبواب الحلق والتقصير ب ١١ ح ١.

٤٧٩

أثم ولم يعد ) أما عدم وجوب الإعادة على تقدير المخالفة فالأصحاب قاطعون به على الظاهر ، المصرّح به في المدارك (١) ، وأسنده في المنتهى إلى علمائنا (٢) ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه ؛ وهو الحجة ، مضافاً إلى صريح الصحيح (٣) وغيره (٤).

وأما وجوب الترتيب فعليه الشيخ في أحد قوليه وأكثر المتأخرين كما قيل (٥) ، وعزاه في المنتهى إلى الأكثر بقول مطلق (٦) ؛ للتأسي ، مع قوله عليه‌السلام : « خذوا عنّي مناسككم » (٧) وظاهر النصوص ، منها : « إذا ذبحت أُضحيّتك فاحلق رأسك » (٨) والفاء للترتيب.

ومنها : « لا يحلق رأسه ولا يزور البيت حتى يضحّي فيحلق رأسه ويزور متى شاء » (٩).

خلافاً للمحكي عن الخلاف والسرائر والكافي وظاهر المهذّب (١٠) ،

__________________

(١) المدارك ٨ : ١٠١.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٦٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ١ ، الفقيه ٢ : ٣٠١ / ١٤٩٦ ، التهذيب ٥ : ٢٣٠٦ / ٧٩٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠٠٩ ، الوسائل ١٤ : ١٥٥ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢٣٦ / ٧٩٦ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٤ / ١٠٠٨ ، الوسائل ١٤ : ١٥٦ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٦.

(٥) المدارك ٨ : ٩٩.

(٦) المنتهى ٢ : ٧٦٤.

(٧) عوالي اللئلئ ٤ : ٣٤ / ١١٨ ، مسند أحمد ٣ : ٣٦٦ بتفاوت يسير.

(٨) التهذيب ٥ : ٢٤ / ٨٠٨ ، الوسائل ١٤ : ١٢١١‌

(٩) التهذيب ٥ : ٢٣٦ / ٧٩٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٤ / ١٠٠٦ ، الوسائل ١٤ : ١٥٨ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٩.

(١٠) الخلاف ٢ : ٣٤٥ ، السرائر ١ : ٦٠٢ ، الكافي في الفقه : ٢٠٠ ، المهذب ١ : ٢٦٠.

٤٨٠