رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-108-7
الصفحات: ٥١٢

بعد التشريق ، فإن فات فليصم بعد ذلك إلى آخر الشهر. وهو أحوط ؛ لاختصاص أكثر الأخبار بذلك (١). ومن ذهب إلى كونه قضاءً بعد التشريق لم يجز عنده التأخير إليه اختياراً قطعاً ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط على ما في المختلف. والحقّ أنه أداء ، كما في الخلاف والسرائر والجامع والمختلف والمنتهى والتذكرة والتحرير وفيما عندنا من نسخ المبسوط ؛ إذ لا دليل على خروج الوقت ، بل العدم ظاهر ما مرّ ، وغاية الأمر وجوب المبادرة (٢).

( ولو خرج ذو الحجّة ولم يصم الثلاثة ) بكمالها سقط عنه الصوم و ( تعيّن ) عليه ( الهدي في القابل بمنى ) عند علمائنا وأكثر العامة كما في المدارك (٣) ، وفي غيره الإجماع كما عن صريح الخلاف (٤) ، بل قيل : نقله جماعة ؛ وهو الحجة.

مضافاً إلى الصحيح : « من لم يصم في ذي الحجة حتى هلّ هلال المحرّم فعليه دم شاة وليس له صوم ، ويذبحه بمنى » (٥).

وإطلاقه بل عمومه يعمّ الهدي والكفارة واحتمال اختصاصه بالثاني لا وجه له سيّما مع استدلال الأصحاب به فيما نحن فيه.

__________________

(١) الوسائل ١٤ : أبواب الذبح ب ٤٦ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٤.

(٢) قال به في كشف اللثام ١ : ٣٦٤ ، وهو في المختلف : ٣٠٥ ، والخلاف ٢ : ٢٧٨ ، والسرائر ١ : ٥٩٤ ، والجامع : ٢١١ ، والمختلف : ٣٠٥ ، والمنتهى ٢ : ٧٤٦ ، والتذكرة ١ : ٣٨٣ ، والتحرير ١ : ١٠٥.

(٣) المدارك ٨ : ٥٥.

(٤) الخلاف ٢ : ٢٧٨.

(٥) الكافي ٤ : ٥٠٩ / ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٩ / ١١٦ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٨ / ٩٨٩ ، الوسائل ١٤ : ١٨٥ أبواب الذبح ب ٧ ح ١.

٤٤١

والصحيح : عمن نسي الثلاثة الأيام حتى قدم أهله ، قال : « يبعث بدم » (١).

لكنه معارض بالصحاح المستفيضة على أن من فاته صومها بمكة لعائق أو نسيان فليصمها في الطريق إن شاء ، وإن شاء إذا رجع إلى أهله (٢) ، من غير تقييد ببقاء الشهر وعدم خروجه ، بل هي مطلقة شاملة له ولغيره ، وبها أفتى الشيخ رحمه‌الله في التهذيب (٣) ، ونقل عن المفيد أيضاً (٤) ، لكنه رجع عنه في الخلاف كما عرفت.

وفي الاستبصار جمع بينها وبين الصحيحة بحملها على صورة خروج الشهر ، وحمل هذه الأخبار على بقائه (٥).

واستبعده في الذخيرة ، واستحسن الجمع بينهما بتقييد الصحيحة بالناسي دون غيرها (٦).

وجمع الشيخ أولى ؛ لاعتضاده بعد الشهرة والإجماعات المنقولة بظاهر الكتاب والسنة والإجماع الموقِّتة لهذا الصوم بذي الحجة ، ومقتضاها سقوطه بخروجه. وتقييدها بحال التمكن والاختيار من إتيانه في مكة ليس بأولى من تقييد الصحاح بها ، بحملها على بقاء ذي الحجة ، بل هذا أولى من وجوه شتّى ، ومنها بعد ما ما مضى ـ : قطعية الكتاب والسنّة التي بمعناها دون هذه ، فإنها آحاد‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٣٠٤ / ١٥١١ ، التهذيب ٥ : ٢٣٥ / ٧٩٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٩ / ٩٩٠ ، الوسائل ١٤ : ١٨٦ أبواب الذبح ب ٤٧ ح ٣.

(٢) انظر الوسائل ١٤ : أبواب الذبح ب ٤٦ ، ٤٧ ، ٥٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٣٣.

(٤) المقنعة : ٤٥٠.

(٥) الاستبصار ٢ : ٢٧٩.

(٦) الذخيرة : ٦٧٤.

٤٤٢

وإن كانت صحاحاً.

وهل يجب مع دم الهدي دم آخر كفارة ، كما في صريح المنتهى وعن ظاهر المبسوط والجامع (١) ، أم لا ، كما هو ظاهر المتن وغيره من عبائر الأكثر؟ الأحوط الأول.

واستدل عليه في المنتهى بأنه ترك نسكاً ، وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من ترك نسكاً فعليه دم » (٢) وبأنه صوم موقّت وجب بدلاً فوجب بتأخيره كفارة ، كقضاء رمضان.

وهو كما ترى ، وسند الخبر لم يتّضح لنا ، فعدم الوجوب للأصل لعلّه أقوى.

( ولو صام الثلاثة في الحج ) لفقد الهدي وثمنه ( ثم وجد الهدي لم يجب ) عليه على الأشهر الأظهر ، وعن الخلاف الإجماع عليه (٣) ؛ للأصل ، وظاهر الآية ، وصريح الخبر (٤) المنجبر ضعفه بالعمل.

( لكنه أفضل ) بلا خلاف يظهر ، وبنفيه صرّح بعض خروجاً عن شبهة القول بالوجوب مطلقاً كما عن المهذّب (٥) ، أو إذا وجده قبل التلبس بالسبعة في وقت الذبح كما عن القواعد (٦).

وللخبر : عن رجل تمتّع وليس معه ما يشتري به هدياً ، فلمّا أن صام‌

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٤٦ ، المبسوط ١ : ٣٧٠ ، الجامع للشرائع : ٢١٠.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٥٢.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٧٧.

(٤) الكافي ٤ : ٥٠٩ / ١١ ، التهذيب ٥ : ٣٨ / ١١٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٠ / ٩١٩ ، الوسائل ١٤ : ١٧٨ أبواب الذبح ب ٤٥ ح ١.

(٥) المهذب ١ : ٢٥٩.

(٦) القواعد ١ : ٨٨.

٤٤٣

ثلاثة أيام في الحج أيسر ، أيشتري هدياً فينحره ، أو يدع ذلك ويصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله؟ قال : « يشتري هدياً فينحره ، ويكون صيامه الذي صامه نافلة » (١).

وإنما حمل على الفضل جمعاً ولضعف السند.

وظاهر العبارة ونحوها وجوب الهدي لو لم يصم الثلاثة بكمالها ، كما عن الأكثر (٢).

خلافاً للمحكي عن الخلاف والحلّي والفاضل في جملة من كتبه (٣) ، فاكتفوا في سقوط الهدي بمجرد التلبس بالصوم ، وعليه المقداد في كنز العرفان (٤). واستدل عليه في المنتهى بإطلاق الآية وجوب الصوم على من لم يجد الهدي ، قال : لا يقال : هذا يقتضي عدم الاجتزاء بالهدي وإن لم يدخل في الصوم ، لأنا نقول : لو خلّينا والظاهر لحكمنا بذلك لكن الوفاق وقع على خلافه ، فيبقى ما عداه على الأصل (٥). انتهى.

والمسألة محل إشكال ، والاحتياط يقتضي المصير إلى الأول.

( ولا يشترط في صوم السبعة التتابع ) على الأشهر الأقوى ، بل في المنتهى وعن التذكرة (٦) : أنه لا يعرف فيه خلافاً. للأصل ، وإطلاق الأمر ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥١٠ / ١٤ ، التهذيب ٥ : ٣٨ / ١١٣ ، الإستبصار ٢ : ٢٦١ / ٩٢٠ ، الوسائل ١٤ : ١٧٨ أبواب الذبح ب ٤٥ ح ٢.

(٢) انظر المدارك ٨ : ٥٦.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٧٧ ، الحلي في السرائر ١ : ٥٩٤ ، العلامة في التذكرة ١ : ٣٨٣ ، والمختلف : ٣٠٤.

(٤) كنز العرفان ١ : ٢٩٧.

(٥) المنتهى ٢ : ٧٤٧.

(٦) المنتهى ٢ : ٧٤٤ ، التذكرة ١ : ٣٨٣.

٤٤٤

وصريح الخبر (١) المنجبر بالعمل.

خلافاً للمحكي في المختلف عن العماني والحلبي (٢) ، وفي التنقيح عن المفيد وابن زهرة العلوي ، فاشترطوه (٣) ، وقوّاه في المختلف لآخَر ، وربّما عدّ من الصحيح ـ : عن صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة ، أيصومها متوالية أو يفرّق بينها؟ قال : « يصوم الثلاثة الأيام لا يفرّق بينها ، والسبعة لا يفرّق بينها » (٤).

وأيّد بالحسن : « السبعة الأيام والثلاثة الأيام في الحج لا تفرّق أبداً ، إنما هي بمنزلة الثلاثة الأيام في اليمين » (٥).

وليسا نصّاً ، فيحتملان الحمل على الكراهة توفيقاً بين الأدلة ، المؤيدة بعموم الصحيح : « كلّ صوم يفرّق إلاّ ثلاثة أيام في كفارة اليمين » (٦) ومع ذلك فلا ريب أن التتابع مهما أمكن أحوط.

( ولو أقام ) من وجب عليه صوم السبعة بدل الهدي ( بمكة ) شرّفها الله سبحانه ( انتظر ) بصيامها مضيّ ( أقلّ الأمرين من ) مدّة ( وصوله إلى أهله ومضيّ شهر ) بلا خلاف فيه أجده في الجملة ، وبه مطلقاً صرّح في الذخيرة (٧) ، وفي غيرها : إنه مقطوع به في كلامهم ؛

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٣٣ / ٧٨٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٨١ / ٩٩٨ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٠ أبواب الذبح ب ٥٥ ح ١.

(٢) المختلف : ٢٣٨.

(٣) التنقيح الرائع ١ : ٤٩٤.

(٤) التهذيب ٤ : ٣١٥ / ٩٥٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٨١ / ٩٩٩ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٠ أبواب الذبح ب ٥٥ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ١٤٠ / ٣ ، الوسائل ١٠ : ٣٨٢ أبواب بقية الصوم الواجب ب ١٠ ح ٢.

(٦) الكافي ٤ : ١٤٠ / ١ ، الوسائل ١٠ : ٣٨٢ أبواب بقية الصوم الواجب ب ١٠ ح ١.

(٧) الذخيرة : ٦٧٤.

٤٤٥

للصحيح : « وإن كان له مقام بمكة وأراد أن يصوم السبعة ، ترك الصيام بقدر مصيره إلى أهله أو شهراً ، ثم صام » (١).

قيل : وأوجب القاضي والحلبيّون الانتظار إلى الوصول ولم يعتبروا الشهر ، وحكى ابن زهرة الإجماع ، ورواه المفيد عن الصادق عليه‌السلام (٢) ، ويوافقها مضمر أبي بصير في الكافي والفقيه (٣) (٤). أقول : ونحوه الصحيح : في المقيم إذا صام الثلاثة الأيام ثم يجاور ، ينظر مقدم أهل بلده ، فإذا ظنّ أنهم قد دخلوا فليصم السبعة الأيام (٥).

لكنه مقطوع ، كما أن الأول مرسل ، فيضعف الخبران بهما عن المقاومة لما مرّ من الصحيح ، مع أنه مفصِّل ، فالعمل به أقوى من العمل بالمطلق ، بل ينبغي تقييده.

ثم قصر الماتن الحكم على المقيم بمكة ظاهر جمع ، ومنهم الصدوق والشيخ والقاضي وابنا سعيد وإدريس فيما حكاه بعض الأفاضل ، قال : وعمّمه الحلبيّان لمن صدّ عن وطنه ، وابن أبي مجد (٦) للمقيم بأحد الحرمين ، والفاضل في التحرير لمن أقام بمكة أو الطريق ، وأطلق في التذكرة من أقام لكنه استدل بالصحيح المتقدم. والوجه قصر الشهر على‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٣٠٣ / ١٥٠٧ ، التهذيب ٥ : ٢٣٤ / ٧٩٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٨٢ / ١٠٠٢ ، الوسائل ١٤ : ١٩٠ أبواب الذبح ب ٥٠ ذيل الحديث ٢.

(٢) المقنعة : ٤٥٢ ، الوسائل ١٤ : ١٩١ أبواب الذبح ب ٥٠ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٠٩ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٣٠٣ / ١٥٠٦ ، الوسائل ١٤ : ١٩٠ أبواب الذبح ب ٥٠ ح ٣.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٦٥.

(٥) التهذيب ٥ : ٤١ / ١٢١ ، الوسائل ١٤ : ١٨٩ أبواب الذبح ب ٥٠ ح ١.

(٦) هو الشيخ الفقيه ، المتكلم النبيه ، علاء الدين ، أبو الحسن ، علي بن أبي الفضل بن الحسن بن أبي المجد الحلبي صاحب كتاب إشارة السبق إلى معرفة الحق.

٤٤٦

المنصوص ؛ للأمر في الآية بالتأخير إلى الرجوع ، غاية الأمر تعميمه ما في حكمه وإلاّ لم يصمها من لا يرجع (١). انتهى.

وبما استوجهه صرّح شيخنا الشهيد الثاني (٢) ، وتبعه سبطه في المدارك وصاحب الذخيرة (٣) ، لكن لم يعتبرا الرجوع الحكمي ، بناءً على أن ظاهر الآية الرجوع الحقيقي. وهو حسن ، إلاّ أن مقتضاه عدم لزوم صومها لمن يريد الإقامة بها أبداً ، ولعلّه خلاف الإجماع ، وإلى هذا أشار الفاضل المتقدم بقوله : وإلاّ لم يصمها من لا يرجع ، في تعليل تعميم الرجوع للحكمي مطلقاً.

وبناءً على أن المراد بالإقامة في الفتوى والرواية المجاورة الأبدية ، لا مطلق المجاورة.

وفي تعيّنه إشكال ؛ لصدق الإقامة بغير ذلك مثل المجاورة سنةً لغةً وعرفاً ؛ مضافاً إلى وقوع التصريح بذلك في رواية أبي بصير المتقدمة ، فإنّ فيها : عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام ، فلما قضى نسكه بدا له أن يقيم بمكة سنة ، قال : « فلينتظر منها أهل بلده ، فإذا ظنّ أنهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيام » وهي وإن كانت مرسلة لكنها معتضدة بإطلاق لفظة الإقامة لغةً وعرفاً.

وحينئذ فيتّجه ما ذكراه من اعتبار الرجوع الحقيقي حيث يتوقع ويمكن. ولعلّ هذه الصورة مرادهما ، أو يتأملان في وجوب السبعة لمن لا يريد الرجوع ابداً لاشتراطه بالرجوع المفقود هنا ، ولكنه بعيد جدّاً.

__________________

(١) كشف اللثام ١ : ٣٦٥.

(٢) المسالك ١ : ١١٦.

(٣) المدارك ٨ : ٥٩ ، الذخيرة : ٦٧٤.

٤٤٧

ثم إنه ليس في الصحيحة المتقدمة وكلام الأكثر تعيين مبدأ الشهر أهو بعد انقضاء أيام التشريق كما عن جماعة (١) ، أو يوم يدخل مكة كما احتمله آخرون (٢) ، أو يوم يعزم على الإقامة كما احتمله في الذخيرة ، وفيها : إن الرواية لا تخلو عن إشعار به (٣). وهو كذلك.

( ولو مات ) من وجب عليه الصوم بدل الهدى ( ولم يصم ) فإن لم يكن قد تمكّن من صيام شي‌ء من العشرة سقط الصوم ولا يجب على وليّه القضاء عنه ولا الصدقة عنه ، لما (٤) مرّ في كتاب الصوم.

وفي المنتهى هنا : ذهب إليه علماؤنا وأكثر الجمهور (٥). وقريب منه ظاهر الصيمري ، فادّعى إطباق الفتاوي على اعتبار التمكن ، وجعله المقيّد للنص الآتي بإطلاق القضاء عنه ، وردّ بذلك على بعض من حكي عنه عدم اعتباره إياه. وهو حسن.

وإن تمكّن من فعل الجميع ولم يفعل قال الشيخ رحمه‌الله ـ : ( صام الولي عنه الثلاثة ) الأيام ( وجوباً ، دون السبعة ) (٦) وتبعة الماتن هنا وجماعة كما قيل (٧) ؛ للصحيح : عن رجل تمتّع بالعمرة إلى الحج ولم يكن له هدي ، فصام ثلاثة أيام في ذي الحجّة ، ثم مات بعد أن رجع إلى أهله قبل أن‌

__________________

(١) منهم : الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١١٦ ، وصاحب المدارك ٨ : ٥٩ ، وصاحب الحدائق ١٧ : ١٤٩.

(٢) منهم : السبزواري في الكفاية : ٧١ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٦٥.

(٣) الذخيرة : ٦٧٤.

(٤) في « ق » : كما.

(٥) المنتهى ٢ : ٧٤٦.

(٦) المبسوط ١ : ٣٧٠.

(٧) المدارك ٨ : ٦١.

٤٤٨

يصوم السبعة الأيام ، أعلى وليّه أن يقضي عنه؟ قال : « ما أرى عليه قضاء » (١).

وفيه : أن ظاهر نفي القضاء مطلقاً ، كما عليه الصدوق في الفقيه ، ولكنه استحبه (٢) ؛ وذلك فإن العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل.

خلافاً للحلّي وأكثر المتأخرين (٣) ، بل المشهور كما قيل (٤) ، فيجب عليه قضاء السبعة أيضاً ؛ للصحيح : « من مات ولم يكن له هدي لمتعة فليصم عنه وليّه » (٥).

وفيه : أن هذا ظاهر وما مرّ نصّ ، فليقدّم عليه ويحمل على الاستحباب ، كما صرّح به الصدوق في الفقيه.

لكن شهرة العمل بهذا ، واعتضاده بعموم نحو الصحيح : في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام ، قال : « يقضي عنه أولي الناس بميراثه » (٦) المعتضد بدعوى الإجماع عليه في السرائر والمختلف (٧) ، وبه استدلا على الوجوب هنا ربما يوجب المصير إليه ، وصرف التأويل في الصحيح الأول بما في المنتهى من حمله على ما إذا لم يتمكن من القضاء (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٩ / ١٣ ، التهذيب ٥ : ٤٠ / ١١٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٦١ / ٩٢٢ ، الوسائل ١٤ : ١٨٨ أبواب الذبح ب ٤٨ ح ٢.

(٢) الفقيه ٢ : ٣٠٣.

(٣) الحلي في السرائر ١ : ٥٩٢ ، العلامة في التحرير ١ : ١٠٦ ، صاحب المدارك ٨ : ٦٠ ، صاحب الحدائق ١٧ : ١٥٨.

(٤) الذخيرة : ٦٧٤.

(٥) الكافي ٤ : ٥٠٩ / ١٢ ، التهذيب ٥ : ٤٠ / ١١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٦١ / ٩٢١ ، المقنع : ٩١ ، الوسائل ١٤ : ١٨٧ أبواب الذبح ب ٤٨ ح ١.

(٦) الكافي ٤ : ١٢٣ / ١ ، الوسائل ١٠ : ٣٣٠ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٥.

(٧) السرائر ١ : ٥٩٣ ، المختلف : ٣٠٥.

(٨) المنتهى ٢ : ٧٤٦.

٤٤٩

إلاّ أن يقال : إن الشهرة ليست بتلك الشهرة الموجبة لصرف الأدلّة عن ظواهرها بمقتضى القواعد الأُصوليّة ، وعموم نحو الصحيحة وشمولها لمفروض المسألة غير واضح كما صرَّح به في الذخيرة (١) ، ودعوى الإجماع في محل النزاع المصرَّح به في كلام الناقل له ربما تكون ممنوعة ، مع أن عبارة السرائر في الوجوب غير صريحة ، فإنه قال : والأولى والأحوط أنه يلزمه القضاء عنه ، فتأمل.

وكيف كان ، فلا ريب أن الوجوب أحوط ، بل لا يترك ، سيّما في الثلاثة. ( ومن وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر وعجز ) عنها ولم يكن على بدلها نصّ بخصوصها كفداء النعامة ( أجزأه سبع شياه ) كما هنا وفي الشرائع والسرائر والتهذيب والقواعد والمنتهى والتحرير (٢) ، وعن النهاية والمبسوط (٣) ، وفي المنتهى ما ربما يشعر بإجماعنا عليه (٤) ، قال : للنبوي فيمن أتاه عليه‌السلام فقال : إنّ عليّ بدنه وأنا موسر لها ولا أجدها فأشتريها ، فأمره عليه‌السلام أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن (٥).

والخاصي الصحيح على قول قوي ، أو القريب منه على آخر : في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء ، قال : « إذا لم يجد بدنة فسبع شياه ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً بمكة أو في منزله » (٦).

__________________

(١) الذخيرة : ٦٧٤.

(٢) الشرائع ١ : ٢٦٢ ، السرائر ١ : ٥٩٩ ، التهذيب ٥ : ٢٣٧ ، القواعد ١ : ٨٨ ، المنتهى ٢ : ٧٤٨ ، التحرير ١ : ١٠٦.

(٣) النهاية ٢٦٢ ، المبسوط ١ : ٣٧٥.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٤٨.

(٥) مسند أحمد ١ : ٣١١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٤٨ / ٣١٣٦.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٣٧ / ٨٠٠ ، الوسائل ١٤ : ٢٠١ أبواب الذبح ب ٥٦ ح ١.

٤٥٠

قيل : ولاختصاصه بالفداء اقتصر عليه ابن سعيد ، واقتصر الصدوق في الفقيه والمقنع على الكفّارة ، وهي أعم من الفداء (١).

أقول : ولكن النبوي عام وقصور السند أو ضعفه مجبور بعمل الأصحاب سيّما الحلّي ، كما انجبر به ضعف الخاصي إن كان ، وبذيله أفتى الشيخ في كتبه المتقدمة والفاضل في التحرير والمنتهى أيضاً.

ولو وجب عليه سبع شياه لم يجزه البدنة وإن كانت السبعة بدلاً عنها ؛ لفقد النص.

وفي إجزاء البدنة عن البقرة وجهان ، أظهرهما العدم ، خلافاً للتحرير والمنتهى (٢) فاستقرب الإجزاء ، قال : لأنها أكثر ، وهو كما ترى.

( ولو تعيّن عليه الهدي ومات ) قبله ( أُخرج من أصل تركته ) لأنه دين مالي وجزء من الحج الذي يخرج كلّه منه.

ولو قصرت التركة عنه وعن الديون وزّعت التركة على الجميع بالحصص.

وإن لم تف حصّته بأقلّ هدي ففي وجوب إخراج جزء من الهدي مع الإمكان ومع عدمه فيعود ميراثاً ، أو العود ميراثاً مطلقاً ، أو الصدقة به عنه كذلك ، أوجه وأقوال ، والقول بوجوب إخراج الجزء من الهدي مع الإمكان والصدقة به مع عدمه لا يخلو من رجحان.

( الرابع : في هدي القران ).

( ويجب ذبحه أو نحره بمنى إن ) كان ( قرنه بالحج ، وبمكّة إن

__________________

(١) كشف اللثام ١ : ٣٦٥.

(٢) التحرير ١ : ١٠٦ ، المنتهى ٢ : ٧٤٨.

٤٥١

قرنه بالعمرة ) بغير خلاف فيهما أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (١) ، وفي غيرها نفيه صريحاً ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليهما ، كما في صريح المدارك وغيره (٢) ، وعن صريح الخلاف أيضاً (٣) ؛ للحسن أو الموثّق في الأول : « لا هدي إلاّ من الإبل ، ولا ذبح إلاّ بمنى » (٤).

وللموثّق في الثاني فيمن سئل عمّن ساق في العمرة بدنة ، أين ينحرها؟ قال : « بمكّة » (٥).

( وأفضل مكّة فناء الكعبة ) بالمدّ : سعة أمامها ، وقيل (٦) : ما امتدّ من جوانبها دوراً ، وهو حريمها خارج المملوك ( بالحَزْوَرة ) قيل (٧) : هي كقَسْوَرة في اللغة : التلّ الصغير ، والجمع الحَزاور ، وقد يقال بفتح الزاء وشدّ الواو.

للصحيح : « من ساق هدياً وهو معتمر نحو هديه في المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة » (٨).

وبظاهره أخذ في القواعد فلم يحكم بالأفضليّة بل ذكر فناء الكعبة بدل مكة (٩).

__________________

(١) الذخيرة : ٦٧٥.

(٢) المدارك ٨ : ٦٥ ؛ وانظر مفاتيح الشرائع ١ : ٣٥٨ ومرآة العقول ١٨ : ١٥٩.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٧٣.

(٤) التهذيب ٥ : ٢١٤ / ٧٢٢ ، الوسائل ١٤ : ٩٠ أبواب الذبح ب ٤ ح ٦.

(٥) الكافي ٤ : ٤٨٨ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ / ٦٧٢ ، الوسائل ١٤ : ٨٨ أبواب الذبح ب ٤ ح ٣.

(٦) الصحاح ٦ : ٢٤٥٧ ، مجمع البحرين ١ : ٣٣٢.

(٧) كشف اللثام ١ : ٣٧٢.

(٨) الكافي ٤ : ٥٣٩ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٢٧٥ / ١٣٤٣ ، الوسائل ١٤ : ٨٩ أبواب الذبح ب ٤ ح ٤.

(٩) القواعد ١ : ٨٩.

٤٥٢

وفي الدروس عبّر بالأفضليّة (١) كما في العبارة ؛ ولعلّه للجمع بين هذه الرواية والموثّقة السابقة بإبقائها على إطلاقها وحمل هذه على الفضيلة.

والجمع بالتقييد أولى إن لم يكن على خلافه الإجماع.

( ولو هلك ) قبل الذبح أو النحر ( لم يُقم بدله. )

( ولو كان مضموناً ) أي واجباً بالأصالة لا بالسباق ، وجوباً مطلقاً لا مخصوصاً بفرد كالكفارة والنذر ( لزمه البدل ) بلا خلاف أجده ، وبه صرّح بعض (٢).

للأصل من غير معارض في الأول ؛ وللصحاح وغيرها (٣) فيه وفي الثاني ، ففي الصحيح : عن الهدي الذي يقلّد أو يشعر ثم يعطب ، قال : « إن كان تطوعاً فليس عليه غيره ، وإن كان جزاءً أو نذراً فعليه بدله » (٤).

وصريحه كغيره (٥) ، كظاهر الماتن وغيره وصريح الدروس والتذكرة كما في الذخيرة (٦) : أن هدي السياق لا يشترط فيه أن يكون متبرعاً به ابتداءً ، بل لو كان مستحقاً كالنذر والكفارة تأدّت به وظيفة السياق.

قيل : وعبارة الأصحاب كالصريحة في ذلك (٧) ، فلا ضرورة إلى التأويل في العبارة بجعل الضمير المستكن في « كان » عائداً إلى مطلق‌

__________________

(١) الدروس ١ : ٤٤٣.

(٢) مفاتيح الشرائع ١ : ٣٥٨ ، الحدائق ١٧ : ١٦٨.

(٣) في « ح » زيادة : مستفيضة.

(٤) التهذيب ٥ : ٢١٥ / ٧٢٤ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٩ / ٩٥٥ ، الوسائل ١٤ : ١٣١ أبواب الذبح ب ٢٥ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٢١٥ / ٧٢٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٩ / ٩٥٦ ، الوسائل ١٤ : ١٣١ أبواب الذبح ب ٢٥ ح ٢.

(٦) الذخيرة : ٦٧٥.

(٧) المدارك ٨ : ٦٦.

٤٥٣

الهدي ، وكون إدخاله في باب هدي القرآن من باب الاستطراد ، مع أن الظاهر المتبادر منها عود الضمير إلى هدي السياق.

وأما ما ينافي الحكم الثاني كالمرسل : « كل شي‌ء إذا دخل الحرم فعطب فلا يدل على صاحبه تطوعاً أو غيره » (١) فلضعف سنده وعدم ظهور قائل به محمول على العجز عن البدل ، أو عطب غير الموت كالكسر ، أو تعلّق الوجوب بالعين فإنه لا بدل فيه كما صرّح بعض المحدّثين.

فقال في شرح الحديث المتقدم بعد قوله : « إن كان جزاءً أو نذراً » : ينبغي حمل النذر فيه على النذر المطلق ؛ فإنه إذا تلف هنا رجع إلى الذمة.

أما لو كان نذراً معيّناً بهذه البدنة يكون حينئذ قد زال ملكه عنها وتكون في يده أمانه للمساكين كالوديعة لا تضمن إلاّ بالتعدي والتفريط ، وهذان القسمان على ما حرّرنا مما ادّعي عليهما الإجماع. انتهى.

وهو حسن ، وبه صرّح جمع.

( ولو عجز عن الوصول ) إلى محلّه الذي يجب ذبحه فيه ( نحره أو ذبحه ) وصرفه في وجوهه في موضع عجزه.

( و ) لو لم يوجد فيه مستحق ( أعلمه ) علامة التذكية والصدقة بأن يغمس نعله في دمه ويضرب بها صفحة سنامه ، أو يكتب رقعة ويضعها عنده تؤذن بأنه هدي ، ويجوز التعويل عليها هنا في الحكم بالتذكية والإباحة بلا خلاف أجده ؛ للمعتبرة المستفيضة :

ففي الصحيح : رجل ساق الهدي ، فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدّق به عليه ولا يعلم أن هدي ، قال : « ينحره ويكتب كتاباً أنه هدي‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٣ / ١ ، الوسائل ١٤ : ١٣٣ أبواب الذبح ب ٢٥ ح ٦.

٤٥٤

ويضعه عليه ليعلم من مرّ به أنه صدقة » (١).

وفيه : « أيّ رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها أو عرض لها موت أو هلاك فلينحرها إن قدر على ذلك ، ثم ليطلخ نعلها الذي قلّدت به بدمه حتى يعلم من يمرّ بها أنها قد ذكّيت فيأكل من لحمها إن أراد » (٢).

وظاهرها عدم وجوب الإقامة عنده إلى أن يوجد المستحق وإن أمكنت ، وبه صرّح جماعة (٣).

( ولو أصابه كسر ) يمنع وصوله ( جاز بيعه ) كما عن النهاية والمبسوط وغيرهما (٤).

قيل : لخروجه بذلك عن صفة الهدي مع بقائه على الملك ؛ وللحسن أقول : بل الصحيح على الصحيح ـ : عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه على هدي آخر؟ قال : « يبيعه ويتصدق بثمنه ، ويُهدي هدياً آخر » (٥).

( و ) إذا باعه فيستحب ( الصدقة بثمنه أو إقامة بدله ) به لهذا الخبر وقول ابن عباس : إذا أهديت هدياً واجباً فعطب فانحره مكانه إن شئت ، وأهده إن شئت ، وبعه إن شئت ، وتقوّ به إن شئت (٦).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩٧ / ١٤٧٧ ، الوسائل ١٤ : ١٤١ أبواب الذبح ب ٣١ ح ١.

(٢) علل الشرائع : ٤٣٥ / ٣ ، الوسائل ١٤ : ١٤٢ أبواب الذبح ب ٣١ ح ٤.

(٣) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٦٩ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٦٩ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٧٦.

(٤) النهاية : ٢٥٩ ، المبسوط ١ : ٣٧٣ ؛ وأُنظر المدارك ٨ : ٦٩.

(٥) الكافي ٤ : ٤٩٤ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ / ٧٣٠ ، الوسائل ١٤ : ١٣٦ أبواب الذبح ب ٢٧ ح ١.

(٦) انظر المغني والشرح الكبير ٣ : ٥٧٦.

٤٥٥

ولاستحبابهما مطلقاً ، والخبر يفيد استحبابهما جميعاً.

أقول : كما في التحرير (١).

ثم قيل أيضاً : ولا يجب شي‌ء منهما وإن كان ظاهر الخبر ؛ للأصل من غير معارض ، فإنّ السياف إنما يوجب ذبح المسوق أو نحوه ، والخبر يحتمل الندب والواجب مطلقاً لا بالسياق ، بل في نذر أو كفارة ، بل هو الظاهر ، ووجوب بدله ظاهر ، وعليه حمل في التذكرة والمنتهى ، وفيهما : أن الأولى به ذبحه وذبح ما في ذمته معاً. وإن باعه تصدّق بثمنه ؛ للصحيح : عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب ، أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدي؟ قال : « لا يبيعه ، فإن باعه فليتصدّق بثمنه وليهد هدياً آخر » (٢) ولتعيّن حق الفقراء فيه بتعيينه ، ولذا أوجب أحمد في رواية ذبحه ، قال : والأولى حمل ما تلوناه من الرواية على الاستحباب. قلت : لأصالة البراءة من هديين والحرج والعسر (٣). انتهى.

وهو حسن ، إلاّ أنه بعد الاعتراف يكون مورد النص بجواز البيع هو الواجب مطلقاً لا بالسياق يشكل الحكم بجواز البيع في محل البحث ، لخلوّه عن النص على هذا التقدير ، بل مقتضى الصحيحة المتقدمة في المسألة الأُولى المصرّحة بالذبح والتعليم على هذا الوجه مع الكسر وجوبه كالعطب من غير فرق بينهما.

وهو أيضاً ظاهر باقي الروايات المتقدمة ثمة ، بناءً على وقوع الحكم‌

__________________

(١) التحرير ١ : ١٠٧.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٩٨ / ١٤٨٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ / ٧٣١ ، الوسائل ١٤ : ١٣٦ أبواب الذبح ب ٢٧ ح ٢.

(٣) كشف اللثام ١ : ٣٦٩.

٤٥٦

فيها منوطاً بالعطب ، وهو يتناول الكسر وغيره ، بل قيل : ظاهر كلام أهل اللغة اختصاصه بالكسر (١).

وبالجملة : مقتضى النصوص المزبورة عدم الفرق بين المسألتين.

ومنه يظهر ضعف ما قيل من أن الفارق بينهما هو النص (٢) ، فإنه إن أراد من النص ما تقدّم في المسألة الأُولى فقد عرفت تصريح بعضها بعموم الحكم وعموم باقيها للمسألتين أو ظهورها في الثانية ، وكذا إن أراد من النص ما مرّ في هذه المسألة ؛ للتصريح فيه أيضاً بالعموم ، مع أن موردها الهدي الواجب مطلقاً لا بالسياق كما عرفت.

وبالجملة : الأصح عدم الفرق بين المسألتين في وجوب الذبح وفاقاً لجماعة من متأخري المتأخرين (٣).

( ولا يتعيّن ) هدي السياق في حج أو عمرة ( للصدقة إلاّ بالنذر ) وما في معناه ؛ لما مرّ من المعتبرة الآمرة بتثليثه في الأكل والهدية والصدقة.

لكن مقتضاه وجوبه كما عن الحلّي ، والموجود في السرائر ما قدّمناه في هدي التمتع (٤) ، نعم التثليث ظاهر الدروس بل صريحه وتبعه جماعة (٥).

ومقتضى العبارة وما شاكله أن الواجب فيه هو النحر أو الذبح خاصة ، فإذا فعل ذلك صنع به ما شاء إن لم يكن منذوراً للصدقة ؛ ولعلّ وجهه الأصل مع ما قدّمناه ثمّة من صرف الأوامر بالتثليث في الآية والمعتبرة إلى الاستحباب ، كما هو المشهور هنا وثمة ، وهو الأقوى.

__________________

(١) المدارك ٨ : ٧٠.

(٢) انظر المسالك ١ : ١١٨.

(٣) منهم : صاحب المدارك ٨ : ٧٠ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٧٦.

(٤) السرائر ١ : ٥٩٨ ؛ وراجع ص ٣٠٤٢.

(٥) الدروس ١ : ٤٤٤ ؛ وأُنظر المسالك ١ : ١١٨ ، والحدائق ١٧ : ١٧٧.

٤٥٧

ونبّه بقوله : ( وإن أشعره أو قلّده ) إلى أنّ بهما لا يتعين للصدقة ، وإنما الواجب بهما نحره أو ذبحه خاصة.

وأما قبلهما فله التصرف فيه بما شاء وإبداله ؛ فإنه ماله ، كما في الصحيح : « إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها وإن شاء باعها ، وإن كان أشعرها نحرها » (١).

( ولو ضلّ فذبحه ) الواجد ( عن صاحبه أجزأ ) عنه إن ذبحه في منى ، وإن ذبحه في غيره لم يجزئ كما في الصحيح (٢) ، لكن ليس فيه التقييد بكون الذبح عن صاحبه كما في المتن وكلام جمع (٣) ؛ ولعلّهم أخذوه من المرسل : في رجل اشترى هدياً فنحره ، ومرّ به رجل آخر فعرفه فقال : هذه بدنتي ضلّت مني بالأمس ، وشهد له رجلان بذلك ، فقال : « له لحمها ولا تجزئ عن واحد منهما » ثم قال : « ولذلك جرت السنّة بإشعارها أو تقليدها إذا عرفت » (٤).

مع وقوع الأمر بالذبح عنه في الصحيح : « إذا وجد الرجل هدياً ضالاًّ فليعرّفه يوم النحر والثاني والثالث ، ثم ليذبحها عن صاحبها عشيّة الثالث » (٥) وفي المنتهى : إن ذبحه عن نفسه لم يجزئ عن واحد منهما ، أما‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢١٩ / ٧٣٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٧١ / ٩٦٢ ، الوسائل ١٤ : ١٤٣ أبواب الذبح ب ٣٢ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ٤٩٥ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٩٧ / ١٤٧٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٩ / ٧٣٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٢ / ٩٦٣ ، الوسائل ١٤ : ١٣٧ أبواب الذبح ب ٢٨ ح ٢.

(٣) منهم السبزواري في الذخيرة : ٦٧٧.

(٤) الكافي ٤ : ٤٩٥ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٢٢٠ / ٧٤٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٢ / ٩٦٤ ، الوسائل ١٤ : ١٤٥ أبواب الذبح ب ٣٣ ح ١.

(٥) الكافي ٤ : ٤٩٤ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ / ٧٣١ ، الوسائل ١٤ : ١٣٧ أبواب الذبح ب ٢٨ ح ١.

٤٥٨

عن الذابح فلأنه نهي عنه ، وأما عن صاحبه فلعدم النية (١).

وإطلاق النص والمتن يقتضي عدم الفرق في الحكم بين أن يكون الهدي الذي تعلّق به السياق متبرعاً به أو واجباً بنذر أو كفارة ، وبه صرّح جماعة (٢).

خلافاً لبعضهم في الواجب (٣) ، وهو مدفوع بإطلاق النص.

( ولو ضلّ فأقام بدله ثم وجده ذبحه ) ولا يجب ذبح الأخير ؛ لأنه لم يتعين له بالإقامة ، وللموثق أو الصحيح : عمن اشترى كبشاً فهلك منه ، فقال : « يشتري مكانه آخر » [ قلت : ] فإن كان اشترى مكانه آخر ثم وجد الأول ، فقال : « إن كان جميعاً قائمين فليذبح الأول وليبع الأخير وإن شاء ذبحه ، وإن كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه » (٤).

( فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول ) للأمر به في الخبر المتقدم.

ولكن ظاهره الوجوب ، إلاّ أنه لا قائل بإطلاقه فليحمل على الاستحباب كذلك ، كما هو ظاهر المتن وغيره (٥) ، أو يقيّد بما إذا لم يتعيّن بالنذر كما في الشرائع والقواعد وغيرهما (٦) ، أو الإشعار والتقليد أيضاً كما في المنتهى تبعاً للمحكي في المختلف عن الشيخ (٧). وهو الأظهر ؛

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٥١.

(٢) منهم : الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١١٨ ، وصاحب المدارك ٨ : ٧٣ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٧٧.

(٣) جامع المقاصد ٣ : ٢٥٠.

(٤) الكافي ٤ : ٤٩٤ / ٧ ، الفقيه ٢ : ٢٩٨ / ١٤٨ ، التهذيب ٥ : ٢١٨ / ٧٣٧ ، الإستبصار ٢ : ٢٧١ / ٩٦١ ، الوسائل ١٤ : ١٤٤ أبواب الذبح ب ٣٢ ح ٢.

(٥) انظر المختلف : ٣٠٧ ، والدروس ١ : ٤٤٤ ، والحدائق ١٧ : ١٨٧.

(٦) الشرائع ١ : ٢٦٣ ، القواعد ١ : ٨٨ ؛ وأُنظر المدارك ٨ : ٧٥ ، وكشف اللثام ١ : ٣٦٩.

(٧) المنتهى ٢ : ٧٥٠ ، المختلف : ٣٠٧.

٤٥٩

للصحيح : عن الرجل يشتري البدنة ، ثم تضلّ قبل أن يشعرها ويقلّدها ، فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر ويجد هديه ، فقال عليه‌السلام : « إن لم يكن قد أشعرها فهو من ماله ، إن شاء نحرها وإن شاء باعها ، وإن كان أشعرها نحرها » (١).

خلافاً لظاهر المتن ونحوه فلم يوجبوا الذبح ولو مع الإشعار ، وبه صرّح في المختلف ، قال : لأنه امتثل المأمور به فيخرج عن العهدة ، نعم لو عيّنه بالنذر كان قول الشيخ جيّداً (٢).

وفيه : أنه اجتهاد في مقابلة النص فلا يعتبر.

( ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضرّ ) به أو ( بولده ) بلا خلاف في الهدي المتبرع به ، بل عليه الوفاق في المدارك (٣) ، وفي غيره الإجماع مطلقاً إلاّ من الإسكافي في الواجب (٤).

أقول : وتبعه الفاضل في المختلف وغيره (٥) ، وعن المنتهى الإجماع على المستثنى (٦). فإن تمّ وإلاّ كما هو الظاهر ، لإطلاق المتن وكلام كثير فالوجه عدم الفرق في الحكم بين الواجب والمتبرع به ؛ لإطلاق النص كالصحيح : « إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لم يضرّ بولدها ثم انحرهما جميعاً » قلت : أشرب من لبنها وأسقي؟ قال : « نعم » وقال : « إنّ علياً عليه‌السلام

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢١٩ / ٧٣٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٧١ / ٩٦٢ ، الوسائل ١٤ : ١٤٣ أبواب الذبح ب ٣٢ ح ١.

(٢) المختلف : ٣٠٧.

(٣) المدارك ٨ : ٧٥.

(٤) المفاتيح ١ : ٣٥٩.

(٥) المختلف : ٣٠٧ ؛ وانظر المسالك ١ : ١١٨.

(٦) المنتهى ٢ : ٧٥١.

٤٦٠