رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-108-7
الصفحات: ٥١٢

وأما الصحيح : « مكّة كلّه منحر » (١) فمحمول على هدي التطوع كما ذكره الشيخ وجماعة (٢) أو على سياق العمرة كما في الذخيرة (٣) ، قال : ويؤيّده الموثق : « موسّع على من نحر الهدي بمكّة في منزله إذا كان معتمراً » (٤).

وأما الحسن : « إذا دخل بهديه في العشر فإن كان قد أشعره وقلّده فلا ينحره إلاّ يوم النحر ، وإن كان لم يشعره ولم يقلّده فلينحر بمكّة إذا أقدم في العشر » (٥) فيمكن حمله على الهدي المندوب.

( ولا يجزئ ) الهدي ( الواحد إلاّ عن واحد في ) الحج ( الواجب ) لو بالشروع فيه مطلقاً ولو عند الضرورة على أصح الأقوال في المسألة أشهرهما ، كما في ظاهر كلام جماعة (٦) ، وفي الخلاف الإجماع (٧) ؛ للصحاح :

منها عن النفر تجزيهم البقرة ، فقال : « أما في الهدي فلا ، وأما في الأُضحيّة فنعم » (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٨٨ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٢٠٢ / ٦٧١ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٣ / ٩٢٩ ، الوسائل ١٤ : ٨٨ أبواب الذبح ب ٤ ح ٢.

(٢) الشيخ في التهذيب ٥ : ٢٠٢ ؛ وانظر المدارك ٨ : ٢٠ ، والمفاتيح ١ : ٣٥٢ ومرآة العقول ١٨ : ١٦٠.

(٣) الذخيرة : ٦٦٥.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٧٤ / ١٣٠٢ ، الوسائل ١٣ : ٩٩ أبواب كفارات الصيد ب ٥٢ ح ١.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٣٧ / ٧٩٩ ، الوسائل ١٤ : ٨٩ أبواب الذبح ب ٤ ح ٥.

(٦) انظر المدارك ٨ : ٢٠ ، والذخيرة : ٦٦٥ ، والحدائق ١٧ : ٣٤.

(٧) الخلاف ( الطبع القديم ) ٢ : ٥٣٥.

(٨) الفقيه ٢ : ٢٩٧ / ١٤٧٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٠ / ٧٠٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٨ / ٩٥٠ الوسائل ١٤ : ١١٧ أبواب الذبح ب ١٨ ح ٣.

٤٠١

( وقيل : يجزئ عن سبعة وعن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان الواحد ).

ولم أجد القائل بهذا القول ، فنعم قال به الشيخ في النهاية والمبسوط والاقتصاد والجمل والعقود (١) ، لكن زاد الخمسة ، ولم يذكر قوله : لأهل خوان واحد ، وتبعه كثير (٢).

وعن المفيد : أنه تجزئ البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت (٣).

ونحوه عن الصدوق (٤).

وعن الديلمي : تجزئ البقرة عن خمسة (٥) وأطلق ، فلم يقيّده بضرورة ولا إجماع على خوان واحد.

لأخبار كثيرة (٦) أكثرها قاصر السند والدلالة أو ضعيفة ، وباقيها ما بين قاصرة سنداً أو دلالةً.

مضافاً إلى اختلافها من وجوه عديدة ، ولذا أن الشيخ رحمه‌الله بعد نقل جملة منها ومن الصحاح المتقدّمة قال : فالكلام على هذه الأخبار مع اختلاف ألفاظها وتنافي معانيها من وجهين.

أحدهما : أنه ليس في شي‌ء منها أنه يجزئ عن سبعة وعن خمسة وعن سبعين على حسب اختلاف ألفاظها في الهدي الواجب أو التطوع ،

__________________

(١) النهاية : ٢٥٨ ، المبسوط ١ : ٣٧٢ ، الاقتصاد : ٣٠٧ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٣٥.

(٢) كالمهذّب ١ : ٢٥٧ ، والمختلف : ٣٠٥ ، والحدائق ١٧ : ٣٨.

(٣) المقنعة : ٤١٨.

(٤) الهداية : ٦٢.

(٥) المراسم : ١١٤.

(٦) الوسائل ١٤ : ١١٧ أبواب الذبح ب ١٨.

٤٠٢

فاذا لم يكن فيها صريح بذلك حملناها على أن المراد بها ما ليس بواجب ، دون ما هو فرض ؛ لأن الواجب لا يجزئ فيه إلاّ واحد عن واحد حسبما ذكرنا ، والذي يدل على هذا التأويل ما رواه الحسين بن سعيد ، ثم ساق الصحيحة التي قدمناها.

وقال بعدها : والوجه الآخر : أن يكون ذلك إنما ساغ في حال الضرورة دون حال الاختيار ، واستشهد عليه بالصحيح : عن قوم غلت عليهم الأضاحي وهم متمتّعون ، وهم مترافقون ليسوا بأهل بيت واحد ، وقد اجتمعوا في مسيرهم ، ومضربهم واحد ، ألهم أن يذبحوا بقرة؟ قال : « لا أُحب ذلك إلاّ من ضرورة » (١) انتهى (٢).

ونحوه في الذخيرة حيث قال : ويمكن الجمع بين الأخبار بوجهين (٣) ، ثم ساقهما كما ذكره الشيخ ، لكن رجّح ثانيهما قائلاً على أوّلهما أنه لا يجزي في صحيحة عبد الرحمن ، وأشار بها إلى الصحيحة الأخيرة المذكورة في كلام الشيخ ؛ ولعلّ منشأه التصريح فيها بأنهم متمتّعون.

وفيه : أنه معارض بالتصريح فيها بلفظ الأضاحي الظاهر في غير الهدي ، كما يشهد له الصحيحة المتقدّمة ، ولذا أن خالي العلاّمة المجلسي رحمه‌الله فيما نقل عنه حمل هذه الصحيحة على المستحبّة ، قال : وليس في قوله « وهم يتمتّعون » صراحة أن السؤال عن الهدي لكن الظاهر ذلك (٤).

أقول : نعم ، ولكنه معارض بظهور لفظ الأضاحي في المندوب ، فيتحقق الإجمال في الرواية ، بل ويمكن ترجيح ظهور الثاني بجوابه عليه‌السلام

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٠ / ٧٠٦ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٨ / ٩٥١ الوسائل ١٤ : ١١٩ أبواب الذبح ب ١٨ ح ١٠.

(٢) التهذيب ٥ : ٢١٠.

(٣) الذخيرة : ٦٦٥.

(٤) ملاذ الأخيار ٨ : ٢٨.

٤٠٣

« لا أُحبّ ذلك إلاّ من ضرورة الظاهر في جواز الشركة في حال الاختيار ، وهو مختص عندهم بالأُضحيّة.

وبالجملة : المسألة محل إشكال ، إلاّ أن الأظهر المصير إلى المنع ، كما عليه الأكثر ، لأظهريّة الجمع الأول في النظر ، مضافاً إلى ظاهر الآية : (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ ) الآية (١) ، المؤيد بالإجماع المنقول كما مرّ ، وعليه فالانتقال إلى الصوم هو الفرض.

( ولا بأس به ) أي بإجزاء الهدي الواحد عن أكثر ( في الندب ) قالوا : وهو الأُضحيّة ، والمبعوث من الآفاق ، والمتبرع بسياقه إذا لم يتعيّن بالإشعار أو التقليد.

ولا يجوز أن يكون المراد به الهدي في الحج المندوب ؛ لأنه يجب بالشروع فيه ، فيكون فيه الهدي واجباً كما يجب في الواجب بأصل الشرع.

وقد نقل الفاضل في المنتهى الإجماع على إجزاء الهدي الواحد في التطوع عن سبعة نفر سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم (٢) ، وقال في التذكرة : أمَّا التطوع فيجزي الواحد عن سبعة وعن سبعين في حال الاختيار ، سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم إجماعاً (٣).

أقول : وقد عرفت المستند فيما مضى.

( ولا ) يجب أن ( يباع ثياب التجمل في الهدي ) فيما قطع به الأصحاب ، كما صرّح به جماعة (٤) ، مشعرين بدعوى الإجماع.

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٤٨.

(٣) التذكرة ١ : ٣٨٤.

(٤) منهم : العلاّمة في التذكرة ١ : ٣٨٠ ، وصاحب المدارك ٨ : ٢٣ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٦٦.

٤٠٤

ولا ريب فيه مع الحاجة إليها والضرورة ؛ لاستثنائها في الديون ونحوها من حقوق الناس فهنا أولى.

وأما مع الحاجة فكذلك ؛ لإطلاق النصّ والفتوى ، ففي المرسل : عن رجل يتمتع بالعمرة إلى الحج وفي عيبته ثياب ، إله أن يبيع من ثيابه شيئاً ويشتري به؟ قال : « لا ، هذا ممّا يتزيّن به المؤمن ، يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئاً » (١).

وضعف السند مجبور بالعمل وبفتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد كالحلي في السرائر (٢).

مع أن في الصحيح : عن المتمتع يكون له فضل من الكسوة بعد الذي يحتاج إليه ، فتسوى تلك الفضول مائة درهم ، هل يكون ممن يجب عليه ، فقال : « له بدّ من كراء ونفقة » [ فقلت : ] له كراء وما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة ، فقال : « وأيّ شي‌ء كسوة بمائة درهم ، هذا ممّن قال الله تعالى( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ ) (٣) » (٤).

ولو باعها واشتراه أجزأه ، وفاقاً لجماعة (٥) ؛ بناءً على أن الظاهر من الأمر هنا وروده للرخصة. خلافاً لبعضهم فناقش بأنه إتيان بغير الفرض (٦).

ولا ريب أن الصوم أحوط.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٨ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢٣٨ / ٨٠٢ ، الوسائل ١٤ : ٢٠٢ أبواب الذبح ب ٥٧ ح ٢.

(٢) السرائر ١ : ٥٠.

(٣) البقرة : ١٩٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٤٨٦ / ١٧٣٥ ، قرب الإسناد : ٣٨٨ / ١٣٦٤ ، الوسائل ١٤ : ٢٠١ أبواب الذبح ب ٥٧ ح ١ بدل ما بين المعقوفين في النسخ : فقال.

(٥) منهم المحقق والشهيد الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٢٤٠ والمسالك ١ : ١١٥.

(٦) المدارك ٨ : ٢٣.

٤٠٥

( ولو ضلّ ) الهدي ( فذبحه غير ) صاحبه ( لم يُجزئ ) عنه مطلقاً كما عليه الماتن هنا وفي الشرائع (١) ، وتبعه الفاضل في الإرشاد والقواعد (٢) ، مع أنه في التحرير والمنتهى (٣) أفتى بالإجزاء إن ذبحه عن مالكه بمنى وإلاّ فلا. وهو الأقوى ، بل عزاه إلى المشهور بعض أصحابنا (٤) ؛ للصحيح : « إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضلّ عنه ، وإن كان نحره في غير منى لم يجزئ عن صاحبه » (٥).

وليعرّفه قبل ذلك ثلاثة أيام يوم النحر واليومين بعده ؛ للصحيح : « إذا وجد الرجل هدياً ضالاًّ فليعرّفه يوم النحر واليوم الثاني والثالث ، ثم ليذبحه عن صاحبه عشيّة الثالث » (٦).

والظاهر الوجوب ؛ للأمر بلا معارض ، وللتحرز عن النيابة بلا ضرورة ولا استنابة خصوصاً عن غير معيّن ، وعن إطلاق الذبح عما في الذمة إطلاقاً محتملاً للوجوب والندب ، وللهدي وغيره ، وللمتمتع وغيره ، حج الإسلام وغيره ، ولعلّه لذا منع عنه الماتن ، وتبعه الفاضل في بعض كتبه.

ثم إن القول بالإجزاء مشروط بما إذا ذبحه الواجد عن صاحبه ، وإلاّ فلا يجزئ عنه ولا عن صاحبه ، سواء نواه عن نفسه أو لا ، وبذلك صرّح‌

__________________

(١) الشرائع ١ : ٢٦٠.

(٢) الإرشاد ١ : ٣٣٢ ، القواعد ١ : ٨٨.

(٣) التحرير ١ : ١٠٦ ، المنتهى ٢ : ٧٥١.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٦٨.

(٥) الكافي ٤ : ٤٩٥ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٩٧ / ١٤٧٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٩ / ٧٣٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٢ / ٩٦٣ الوسائل ١٤ : ١٣٧ أبواب الذبح ب ٢٨ ح ٢.

(٦) الكافي ٤ : ٤٩٤ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٢١٧ / ٧٣١ ، الوسائل ١٤ : ١٣٧ أبواب الذبح ب ٢٨ ح ١.

٤٠٦

في التحرير والمنتهى (١) ، قال : أما عن الذابح فلأنه نهي عنه ، وأما عن صاحبه فلعدم النية. انتهى.

وهو حسن لولا إطلاق النص بالإجزاء عن صاحبه.

ولكن ظاهرهم الإطباق على المنع هنا ؛ ولعلّهم حملوا إطلاق النص على الأصل في فعل المسلم من الصحة ، فلا يتصور فيه الذبح بغير النيّة عن صاحبه.

قيل : ولو قلنا بجواز الذبح قبل التعريف لم يبعد وجوبه بعده ليعلم المالك فيترك الذبح (٢).

ومتى جاز الذبح فالظاهر وجوب الصدقة به والإهداء ، ويسقط وجوب الأكل قطعاً.

( ولا يخرج ) الحاج ( شيئاً من لحم الهدي ) الذي يذبحه ( عن منى ، ويجب صرفه في وجهه ) الآتي بيانه ، كما هنا وفي الشرائع والإرشاد (٣) ، لكن فيهما : لا يجوز إخراج شي‌ء مما يذبح من منى. وفي الذخيرة بعد نقله : هذا هو المشهور (٤) ، وقيل : إنه مذهب الأصحاب.

أقول : والقائل صاحب المدارك (٥) ، وزاد بعض متابعيه فقال : بلا خلاف (٦) ، لكن بدّل لا يجوز بلا ينبغي.

وفي دعوى كل من الشهرة وعدم الخلاف على عموم المنع تحريماً‌

__________________

(١) التحرير ١ : ١٠٦ ، المنتهى ٢ : ٧٥١.

(٢) المدارك ٨ : ٢٤.

(٣) الشرائع ١ : ٢٦٠ ، الإرشاد ١ : ٣٣٢.

(٤) الذخيرة : ٦٦٦.

(٥) المدارك ٨ : ٢٥.

(٦) مفاتيح الشرائع ١ : ٣٥٦.

٤٠٧

أو كراهة بحيث يشمل ما عدا اللحم من الجلود ، وما عدا الهدي من الأُضحية إشكال ؛ لتصريح الفاضلين وغيرهما (١) بالكراهية في الأُضحية ، وآخرين بالجواز معها في نحو جلود الهدي (٢).

والتحقيق اختصاص المنع بلحوم الهدي دون غيرها ، أما المنع فيها فللصحيح من غير معارض : « لا يخرجنّ شيئاً من لحم الهدي » (٣).

وأما الجواز في نحو جلود الهدي فللصحيح الآخر أو الموثق : عن الهدي أيخرج بشي‌ء منه عن الحرم؟ فقال : « بالجلد والسنام والشي‌ء ينتفع به » قلت : إنه بلغنا عن أبيك أنه قال : لا يخرج من الهدي المضمون شيئاً ، قال : « بل يخرج بالشي‌ء ينتفع به » وزاد فيه أحمد : ولا يخرج بشي‌ء من اللحم من الحرم (٤).

وفيه دلالة على المنع عن إخراج اللحوم أيضاً.

ويؤيّده أيضاً إطلاق الصحيح أو عمومه : عن اللحم أيخرج من الحرم؟

فقال : « لا يخرج منه إلاّ السنام » (٥).

ولا يعارضه نحو الصحيح : عن إخراج لحوم الأضاحي من منى ،

__________________

(١) المحقق الشرائع ١ : ٢٦٤ ، العلاّمة في التحرير ١ : ١٠٨ والمنتهى ٢ : ٧٦٠ ؛ وانظر جامع المقاصد ٣ : ٢٥٤.

(٢) كابن سعيد في الجامع للشرائع : ٢١٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٢٢٦ / ٧٦٦ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٥ / ٩٧٥ ، الوسائل ١٤ : ١٧١ أبواب الذبح ب ٤٢ ح ٢.

(٤) التهذيب ٥ : ٢٢٨ / ٧٧٢ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٦ / ٩٨١ ، الوسائل ١٤ : ١٧٤ أبواب الذبح ب ٤٣ ح ٦.

(٥) التهذيب ٥ : ٢٢٦ / ٧٦٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٤ / ٩٧٤ ، الوسائل ١٤ : ١٧١ أبواب الذبح ب ٤٢ ح ١.

٤٠٨

فقال : « كنّا نقول : لا يخرج شي‌ء لحاجة الناس إليه ، فأما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه » (١) لاختصاصه بالأضاحي ، ونحن نقول بالجواز ولو مع الكراهة فيها كما يأتي.

وحمله الشيخ على من اشترى اللحم ، لا من ذبح ؛ للخبر : « ولا بأس أن يشتري الحاج من لحم مني ويتزوّده » (٢).

ولا بأس به ، اقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن ، وهو منع الذابح ، دون غيره.

( ويذبح ) الهدي أو ينحر ( يوم النحر وجوباً ) فلا يجوز التقديم عليه اتفاقاً كما قيل (٣).

وفي الذخيرة بعد نقل ما في العبارة : ولا أعلم فيه خلافاً بين أصحابنا ، وقيل : إنه قول علمائنا وأكثر العامة ، ومستنده أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحر في هذا اليوم وقال : « خذوا عني مناسككم » (٤) (٥). ( مقدّماً على الحلق ) وجوباً أو استحباباً على الخلاف ، وسيأتي الكلام فيه ( و ) في أنه ( لو قدّم الحلق أجزأ ) مطلقاً ( ولو كان عامداً. )

( وكذا ) يجزئ ( لو ذبحه في بقيّة ذي الحجّة ) قيل : قطع به الأصحاب من غير فرق بين الجاهل والعالم ، والعامد والناسي ، ولا بين المختار والمضطر ، بل في النهاية والغنية والسرائر‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٠ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٢٧ / ٧٦٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٥ / ٩٧٧ ، الوسائل ١٤ : ١٧٢ أبواب الذبح ب ٤٢ ح ٥.

(٢) التهذيب ٥ : ٢٢٧ / ٧٦٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٧٥ / ٩٧٨ ، الوسائل ١٤ : ١٧٢ أبواب الذبح ب ٤٢ ح ٤.

(٣) كشف اللثام ١ : ٣٧٢.

(٤) عوالي اللئلئ ٤ : ٣٤ / ١١٨ ، المستدرك ٩ : ٤٢٠ أبواب الطواف ب ٥٤ ح ٤ ؛ وانظر مسند أحمد ٣ : ٣١٨.

(٥) الذخيرة : ٦٦٤.

٤٠٩

الجواز ، وفي المصباح ومختصره : إن الهدي الواجب يجوز ذبحه ونحره طول ذي الحجّة ، ويوم النحر أفضل. وظاهر المهذّب يوهم جواز التأخير عن ذي الحجّة ، ولعلّه لم يُرده. إلاّ أن في المبسوط أنه بعد أيام التشريق قضاء ، واختار ابن إدريس أنه أداء.

ودليل الإجزاء الأصل وإطلاق الآية (١) والصحيح : في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكّة ثم ذبح ، قال : « لا بأس قد أجزأ عنه » (٢).

والحسن أقول : بل الصحيح ـ : فيمن يجد الثمن ولا يجد الغنم ، قال : « يخلف الثمن عند بعض أهل مكّة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه ، فإن مضى ذو الحجّة آخر ذلك إلى قابل من ذي الحجّة » (٣). ونحو منه الخبر (٤). لكنها لا تعمّ المختار. أقول : لكن في ظاهر الغنية الإجماع على الإطلاق (٥).

ودليل كونه قضاءً بعد أيام التشريق لعلّه الصحيح : عن الأضحى كم هو بمنى؟ قال : « أربعة أيام » (٦). ومثله الموثّق (٧).

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) الكافي ٤ : ٥٠٥ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٣٠١ / ١٤٩٧ ، الوسائل ١٤ : ١٥٦ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٠٨ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٧ / ١٠٩ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٠ / ٩١٦ ، الوسائل ١٤ : ١٧٦ أبواب الذبح ب ٤٤ ح ١.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٢٤ ٢٢٥ ، المستدرك ١٠ : ١١٧ أبواب الذبح ب ٣٩ ح ١.

(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٢.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٠٢ / ٦٧٣ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣٠ ، الوسائل ١٤ : ٩١ أبواب الذبح ب ٦ ح ١.

(٧) الفقيه ٢ : ٢٩١ / ١٤٣٩ ، التهذيب ٥ : ٢٠٣ / ٦٧٤ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣١ ، الوسائل ١٤ : ٩٢ أبواب الذبح ب ٦ ح ٢ ، ٣.

٤١٠

ويجوز كون الغرض حرمة الصوم ، كما في الصحيح : « النحر بمنى ثلاثة أيام ، فمن أراد الصوم لم يصم حتى يمضي الثلاثة الأيام ، والنحر بالأمصار يوم ، فمن أراد أن يصوم صام من الغد » (١) (٢). أقول : ويحتمل اختصاصهما بالأضحية ؛ لثبوت ذلك فيها كما ستعرفه ، لكن الظاهر من جماعة من الأصحاب عمومهما لها ولمفروض المسألة.

وأما الموثق : عن رجل تمتّع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة ، أيذبح أو يصوم؟ قال : ( بل يصوم ، فإن أيام الذبح قد مضت » (٣).

فقد حمله الشيخ على من صام ثلاثة فمضى أيامه بمعنى مضيّ زمان أُسقط عنه للصوم فيه (٤). وغيره على يوم النفر من مكّة وقد كان بعد ذي الحجّة (٥).

( الثاني : في صفته ) أي الهدي :

( ويشترط أن يكون من النعم ) أي الإبل والبقر والغنم ؛ بلا خلاف بين العلماء ، كما في صريح المدارك وظاهر المنتهى (٦) ، وفي كلام جماعة‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩١ / ١٤٤١ ، التهذيب ٥ : ٢٠٣ / ٦٧٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٥ / ٩٣٥ ، الوسائل ١٤ : ٩٣ أبواب الذبح ب ٦ ح ٥.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٧٢.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٧ / ١١١ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٠ / ٩١٨ ، الوسائل ١٤ : ١٧٧ أبواب الذبح ب ٤٤ ح ٣.

(٤) كما في التهذيب ٥ : ٣٨ ، والاستبصار ٢ : ٢٦٠.

(٥) انظر كشف اللثام ١ : ٣٧٢.

(٦) المدارك ٨ : ٢٨ ، المنتهى ٢ : ٧٤٠.

٤١١

إجماعاً (١) ؛ وللنصوص ، منها الصحيح في المتمتع : « عليه الهدي » قلت : وما الهدي؟ فقال : « أفضله بدنة ، وأوسطه البقرة ، وأخسّه شاة » (٢).

وأن يكون ( ثنيّاً ) إلاّ من الضأن ، بلا خلاف أجده على الظاهر ، المصرح به في الذخيرة (٣) وفي المدارك وغيره (٤) : إنه

مذهب الأصحاب ، مؤذنين بدعوى الإجماع ، كما صرّح به بعض الأصحاب (٥) ؛ وهو الحجّة.

مضافاً إلى الصحاح المستفيضة ، منها المرتضوي : « الثنيّة من الإبل ، والثنيّة من البقر ، والثنيّة من المعز ، والجذَع من الضأن » (٦).

وأما اشتراط كونه ( غير مهزول ) فسيأتي ما يدل عليه.

( ويجزئ من الضأن خاصة الجذَع ) بلا خلاف ، بل قيل : بالإجماع (٧) ؛ للصحيحة المتقدمة وغيرها ، كالصحيح : « يجزئ من الضأن الجذع ، ولا يجزئ من المعز غير الثني » (٨) وقريب منه آخر (٩).

وسنّ الجذع قد تقدّم الكلام في تحقيقه في كتاب الزكاة. قيل : والذي في كتب الصدوق والشيخين وسلاّر وابني حمزة وسعيد نحو قوله : ( لسنة ) ومعناه ما في الغنية والمهذّب والإشارة : أنه الذي لم يدخل في‌

__________________

(١) منهم : الفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٥٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٦٥ ، وصاحب الحدائق ١٧ : ٨٦.

(٢) التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٧ ، الوسائل ١٤ : ١٠١ أبواب الذبح ب ١٠ ح ٥.

(٣) الذخيرة : ٦٦٦.

(٤) المدارك ٨ : ٢٨ ؛ وانظر كشف اللثام ١ : ٣٦٥ ، والحدائق ١٧ : ٨٨.

(٥) مفاتيح الشرائع ١ : ٣٥٣.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٠٦ / ٦٨٨ ، الوسائل ١٤ : ١٠٣ أبواب الذبح ب ١١ ح ١.

(٧) كشف اللثام ١ : ٣٦٥.

(٨) التهذيب ٥ : ٢٠٦ / ٦٨٩ ، الوسائل ١٤ : ١٠٣ أبواب الذبح ب ١١ ح ٢.

(٩) الكافي ٤ : ٤٩٠ / ٩ ، الوسائل ١٤ : ١٠٤ أبواب الذبح ب ١١ ح ٦.

٤١٢

الثانية (١).

( وأن يكون تامّاً ، فلا تجزئ العوراء ) البيّن عورها ( ولا العرجاء ) البيّن عرجها ، ولا المريضة البيّن مرضها ، ولا الكسيرة التي لا تنقي ، بلا خلاف فيه على الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة (٢) ، مؤذنين بدعوى الإجماع ، كما صرّح به بعضهم ، بل في المدارك : إنه مجمع عليه بين العلماء (٣).

وفي المنتهى : وقد وقع الاتفاق من العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع ، روى البراء بن عازب قال : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً فقال : « أربع لا تجوز في الأضحى : العوراء البيّن عورها ، والمريضة البيّن مرضها ، والعرجاء البيّن عرجها ، والكسيرة التي لا تنقي » (٤).

ومعنى البيّن عورها : التي انخسف عينها وذهبت ، فإن ذلك ينقصها ؛ لأن شحمة العين عضو يستطاب أكله.

والعرجاء : البيّن عرجها التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهن في العلف والرعي فتهزل.

والتي لا تنقي : التي لا مخّ لها لهزالها ؛ لأن النقي بالنون المكسورة والقاف المسكّنة : المخّ.

والمريضة قيل : هي الجرباء ؛ لأن الجرب يفسد اللحم والأقرب اعتبار كل مرض يؤثر في هزالها وفساد لحمها.

__________________

(١) كشف اللثام ١ : ٣٦٦.

(٢) منهم : الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٦٦.

(٣) المدارك ٨ : ٣٠.

(٤) انظر سنن البيهقي ٥ : ٢٤٢.

٤١٣

ثم فيه : العوراء لو لم تنخسف عينها وكان على عينها بياض ظاهر فالوجه المنع من الاجزاء ؛ لعموم الخبر ، والانخساف ليس معتبراً (١).

ونحوه قال في التحرير (٢) وحكي عنه في التذكرة (٣) ، إلا فيما جعله الوجه فيه فاحتمله فيها ، وهو مؤذن بالتردّد.

ولعلّه من إطلاق الصحيح بل عمومه : عن الرجل يشتري الأُضحية عوراء فلا يعلم إلاّ بعد شرائها ، هل تجزئ عنه؟ قال : « نعم ، إلاّ أن يكون هدياً واجباً فإنه لا يجوز أن يكون ناقصاً » (٤).

ومن التقييد بالبيّن في النبوي المتقدم والقوي : « لا يضحّي بالعرجاء بيّن عرجها ، ولا بالعوراء بيّن عورها ، ولا بالعجفاء (٥) ، ولا بالخرماء (٦) ، ولا بالجدعاء (٧) ، ولا بالعضباء » (٨) (٩). لكن عدم وضوح سندهما يقتضي المصير إلى ما جعله وجهاً أو احتمالاً ، سيّما وقد عزاه في المدارك إلى إطلاق كلام الأصحاب (١٠) ، مؤذناً‌

__________________

(١) انظر المنتهى ٢ : ٧٤٠.

(٢) التحرير ١ : ١٠٥.

(٣) التذكرة ١ : ٣٨١.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٩٥ / ١٤٦٣ ، التهذيب ٥ : ٢١٣ / ٧١٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٨ / ٩٥٢ ، قرب الإسناد : ٢٣٩ / ٩٤١ ، الوسائل ١٤ : ١٢٥ أبواب الذبح ب ٢١ ح ١.

(٥) العجفاء ، مؤنث أعجف : المهزول مجمع البحرين ٥ : ٩٢.

(٦) الخرماء : هي التي تقطع وترة أنفها أو طرف أنفها قطعاً لا يبلغ الجذع مجمع البحرين ٦ : ٥٦.

(٧) الجدعاء : المقطوعة الأُذن مجمع البحرين ٤ : ٣٠٩.

(٨) العضباء : مكسورة القرن الداخل أو مشقوقة الأُذن مجمع البحرين ٤ : ١٢٣.

(٩) الفقيه ٢ : ٢٩٣ / ١٤٥٠ ، التهذيب ٥ : ٢١٣ / ٧١٦ ، الوسائل ١٤ : ١٢٦ أبواب الذبح ٢١ ح ٣.

(١٠) المدارك ٨ : ٣١.

٤١٤

بالاتفاق عليه ، لكن في الغنية التقييد صريحاً (١).

ثم ظاهر المصنّف المنع عن العرجاء مطلقاً ، وبه صرّح بعض المتأخرين (٢) ؛ لإطلاق الصحيح.

لكن الأصحاب قيّدوه بالبيّن كما قيل (٣) ، ولا بأس به ؛ للنبويين المتقدمين المنجبرين هنا بعملهم ، مضافاً إلى الأصل وإطلاق نحو( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٤) خرج منه المجمع عليه فيبقى الباقي ، وهذه الأدلة لعلّها تترجّح على الإطلاق الصحيح ، فيقيّد بها.

( ولا العضباء ) وهي التي ذهب قرنها كما في التحرير (٥) ، وفي غيره : أنها المكسورة القرن الداخل (٦) ، ولعلّهما واحد.

( ولا ما نقص منها شي‌ء كالخصي ) ومقطوعة الاذن.

لدخولها في عموم النقص وخصوص القوي المتقدم في الأول ، مضافاً فيه إلى مفهوم الصحيح في المقطوع القرن أو المكسور القرن : « إذا كان القرن الداخل صحيحاً فلا بأس وإن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعاً » (٧).

ومنطوقه مجمع عليه بيننا كما في المنتهى (٨) ، ويعضده الصحيح الآخر أيضاً : في الأُضحية يكسر فرنها ، قال : « إذا كان القرن الداخل صحيحاً فهو‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٢.

(٢) مفاتيح الشرائع ١ : ٣٥٣.

(٣) المدارك ٨ : ٣٢.

(٤) البقرة : ١٩٦.

(٥) التحرير ١ : ١٠٥.

(٦) انظر الإرشاد ١ : ٣٣٢ ، والمدارك ٨ : ٣١ ، والذخيرة : ٦٦٧.

(٧) التهذيب ٥ : ٢١٣ / ٧١٧ ، الوسائل ١٤ : ١٢٨ أبواب الذبح ب ٢٢ ح ٠٣‌

(٨) المنتهى ٢ : ٧٤١.

٤١٥

يجزي » (١).

والمراد بالقرن الداخل هو الأبيض الذي في وسط الخارج ، كما في الذخيرة (٢).

والصحاح في الخصيّ ، منها : عن الرجل يشتري الهدي ، فلمّا ذبحه إذاً هو خصيّ مجبوب ، ولم يكن يعلم أن الخصيّ لا يجوز في الهدي ، هل يجزيه أم يعيده؟ قال : « لا يجزيه إلاّ أن يكون لا قوّة به عليه » (٣).

مضافاً فيه إلى الإجماع ، كما في ظاهر المنتهى وعن التذكرة أيضاً (٤).

لكن عن العماني كراهية التضحية به (٥). وهو بعد تسليم مخالفته نادر.

ومفهوم الصحيح في مقطوع الاذن : عن الأضاحي إذا كان الاذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة ، فقال : « ما لم يكن منها مقطوعاً فلا بأس » (٦) وفيه نظر.

قيل : وقد قطع الأصحاب بإجزاء الجمّاء ، وهي التي لم يخلق لها قرن ، والصماء ، وهي الفاقدة الاذن في خلقه ؛ لأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصاً في قيمة الشاة ولا في لحمها. واستقرب العلاّمة في المنتهى إجزاء البتراء أيضاً ، وهي المقطوعة الذنب ، ولا بأس به (٧). انتهى.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩١ / ١٣ ، الفقيه ٢ : ٢٩٦ / ١٤٦٦ ، الوسائل ١٤ : ١٢٨ أبواب الذبح ب ٢٢ ح ١.

(٢) الذخيرة : ٦٦٧.

(٣) التهذيب ٥ : ٢١١ / ٧٠٨ ، الوسائل ١٤ : ١٠٦ أبواب الذبح ب ١٢ ح ٣.

(٤) المنتهى ٢ : ٧٤١ ، التذكرة ١ : ٣٨١.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ٣٠٦.

(٦) التهذيب ٥ : ٢١٣ / ٧١٨ ، الوسائل ١٤ : ١٢٩ أبواب الذبح ب ٢٣ ح ١.

(٧) المدارك ٨ : ٣٣ والحدائق ١٧ : ٩٨.

٤١٦

وفي كل من التعليل لاجزاء نحو الجمّاء والحكم بإجزاء البتراء نظر : أمّا التعليل فلأن الموجود فيما مرّ من الصحيح النقص في نفس الهدي ، سواء أوجب النقص في القيمة أم لا ، لا ما يوجب النقص في القيمة خاصة.

وأما إجزاء البتراء فلمخالفته عموم الصحيح المانع عن الناقص ، ولا ريب أن فقد الذنب نقص ، فالوجه المنع عنه ، وفاقاً لشيخنا في الروضة (١).

وكذا عن ساقط الأسنان لكبر وغيره ؛ لعموم الدليل ، وفاقاً له فيها.

قال : أما شقّ الاذن من غير أن يذهب منها شي‌ء وثقبها ووسمها ، وكسر القرن الظاهر ، وفقد القرن والأُذن خلقة ، ورضّ الخصيتين فليس بنقص وإن كره الأخير. انتهى.

ولا بأس به.

قيل : ولو لم يجد إلاّ الخصيّ فالأظهر إجزاؤه كما اختاره في الدروس (٢) ؛ للخبر : الخصيّ يضحي به ، قال : « لا إلاّ أن لا يكون غيره » (٣).

وفي الصحيح : « اشتر فحلاً سميناً للمتعة ، فإن لم تجد فموجوءاً (٤) ، فمن فحولة المعز ، فإن لم تجد فنعجة ، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي » (٥).

وفي آخر : « فإن لم تجد فما تيسّر عليك » (٦).

__________________

(١) الروضة البهية ٢ : ٢٨٩.

(٢) المدارك ٨ : ٣٤ ، الذخيرة : ٦٦٧.

(٣) الكافي ٤ : ٤٩٠ / ٥ ، الوسائل ١٤ : ١٠٨ أبواب الذبح ب ١٢ ح ٨.

(٤) الوجاء بالكسر والمدّ ـ : رضّ عروق البيضتين حتى تنفضخ فيكون شبيهاً بالخصاء. صحاح اللغة ١ : ٨٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٩٠ / ٩ الوسائل ١٤ : ١٠٧ أبواب الذبح ب ١٢ ح ٧.

(٦) التهذيب ٥ : ٢٠٤ / ٦٧٩ ، الوسائل ١٤ : ٩٥ أبواب الذبح ب ٨ ح ١.

٤١٧

أقول : ونحوها الصحيح المتقدم : « لا يجزيه إلاّ أن يكون لا قوة به عليه ».

( ويجزئ المشقوقة الأُذن ) للأصل ، وإطلاق( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) ومنطوق الصحيح المتقدم ، مع عدم كونه نقصاً.

وأما الصحيح : عن الأُضحية تكون مشقوقة الاذن ، فقال : « إن كان شقّها وسماً فلا بأس ، وإن كان شقّاً فلا يصلح » (١) فمحمول على الكراهة كما يشعر به اللفظة.

( وأن لا تكون مهزولة ) بلا خلاف أجده ؛ للصحاح المستفيضة (٢).

وفسّر في المشهور بأن يكون ( بحيث لا يكون على كليتيها شحم ) كما في الخبر (٣) المنجبر بالعمل ، بل الاخبار كما في السرائر (٤).

( لكن لو اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة أجزأته ) للصحاح ، منها : « إن اشترى الرجل هدياً وهو يرى أنه سمين أجزأ عنه وإن لم يجده سميناً ، ومن اشترى هدياً وهو يرى أنه مهزول فوجده سميناً أجزأ عنه ، وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه » (٥).

ولا ريب ولا خلاف في الحكم إذا ظهر كونها مهزولة بعد الذبح.

وفيما قبله إشكال ، من إطلاق الفتوى والنص ، ومن قوّة احتمال اختصاصها بحكم التبادر بما بعد الذبح فيرجع إلى إطلاق ما دلّ على المنع عن المهزولة.

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩١ / ١١ ، الوسائل ١٤ : ١٢٩ أبواب الذبح ب ٢٣ ح ٢.

(٢) انظر الوسائل ١٤ : ١٠٩ ، ١١٣ أبواب الذبح ب ١٣ ، ١٦.

(٣) الكافي ٤ : ٤٩٢ / ١٦ ، التهذيب ٥ : ٢١٢ / ٧١٤ ، الوسائل ١٤ : ١١٣ أبواب الذبح ب ١٦ ح ٣.

(٤) السرائر ١ : ٥٩٧.

(٥) التهذيب ٥ : ٢١١ / ٧١٢ ، الوسائل ١٤ : ١١٣ أبواب الذبح ب ١٦ ح ٢.

٤١٨

وهذا أحوط وإن كان في تعيّنه نظر ؛ لعدم وضوح التبادر ، ومنع إطلاق ينفع ، وعلى تقديره فهو مقيّد بمفهوم الشرط في نحو الصحيح المتقدم : « وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه » مضافاً إلى إطلاق الصدر.

وفي الصحيحة المتقدّمة ونحوها دلالة على انسحاب الحكم في صورة العكس أيضاً ، وهو أن يشتريها على الهزال فتظهر سمينة ، وعليه الأكثر مطلقاً.

خلافاً للعماني ، فلم يجتزئ بها فيما إذا ظهر بعد الذبح ؛ لعدم الامتثال عند الذبح وعدم التقرب عنده ، لعلمه بعدم الاجزاء فلا يمكنه التقرب به (١).

ويضعف : بأنه إنما يتم في العالم بالحكم القاطع بالهزال ، فلعلّه يذبحها متقرباً لعلّها تخرج سمينة ، وهو معنى قوله في المختلف : والجواب المنع من الصغرى ، فإن عدم الإجزاء ليس معللاً بشراء المهزول مطلقاً ، بل منع خروجه كذلك ، وأما مع خروجه سميناً فلا.

واعلم أن هذا الحكم مختص بالهزال دون النقص ؛ إذ لو اشتراه على أنه تام فبان ناقصاً لم يجزئ بلا خلاف فيه في الجملة ، سواء كان قبل الذبح أو بعده وإن اختلفوا في عموم الحكم لما إذا نقد الثمن أم لا. فالأكثر على العموم ؛ لإطلاق الصحيح المتقدم في الشرط السابق (٢).

خلافاً للشيخ في التهذيب ، فخصّه بما إذا لم ينقد الثمن ؛ للصحيح : « من اشترى هدياً ولم يعلم أنَّ به عيباً حتى نقد ثمنه ثم علم به فقد تمّ » (٣)

__________________

(١) على ما حكاه عنه في المختلف : ٣٠٦.

(٢) راجع ص ٣٠٢٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٢١٤ / ٧٢٠ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٩ / ٩٥٣ ، الوسائل ١٤ : ١٣٠ أبواب الذبح ب ٢٤ ح ٣.

٤١٩

ونحوه صحيح آخر في الكافي (١).

والحقّ أن بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه ، يمكن تخصيص الأول بما ذا نقد الثمن وإبقاء الثاني على عمومه في الهدي بحيث يشمل والواجب والندب ، والعكس فيخصّص الثاني بالهدي المندوب ، ويبقى الأول على عمومه في المنع بحيث يشمل نقد الثمن وغيره ، ولعلّ هذا هو الوجه ؛ عملاً بالأصل المقتضي لوجوب تحصيل البراءة اليقينيّة ، مضافاً إلى الشهرة حتى قيل : إن الشيخ لم يوافقه أحد في المسألة.

وأقول : مع أنه في الإستبصار المتأخر ردّد في الجمع بين المتعارضين بين أحد الوجهين المتقدّمين ولم يرجّح شيئاً منهما في البين (٢).

واعلم انه إذا لم يوجد إلاّ فاقد الشرائط ففي الإجزاء أو الانتقال إلى الصوم قولان ، أصحّهما الأول ، وفاقاً لجمع (٣) ؛ لما مرّ في الخصيّ.

( والثني من الإبل ما دخل في ) السنة ( السادسة ) بغير خلاف على الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (٤).

( ومن البقر والغنم ) (٥) ( ما دخل في ) السنة ( الثانية ) على الأشهر بين الطائفة حتى أن عليه الإجماع في ظاهر الغنية (٦) ، قيل : وقطع به‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٩ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٢١٤ / ٧٢١ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٩ / ٩٥٤ ، الوسائل ١٤ : ١٣٠ أبواب الذبح ب ٢٤ ح ١.

(٢) الاستبصار ٢ : ٢٦٩.

(٣) منهم : الشهيدان في اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٢٩٤ ، والسبزواري في الذخيرة : ٦٦٨ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٥٤.

(٤) كما في المفاتيح ١ : ٣٥٣.

(٥) في المختصر المطبوع : المعز.

(٦) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨٢.

٤٢٠