رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-108-7
الصفحات: ٥١٢

والإشارة (١) ، وفيها أنه ذو الحليفة.

وفي الغنية والسرائر والمنتهى والتحرير (٢) ، وعن المعتبر والمهذّب وكتب الشيخ والصدوق والقاضي والديلمي والتذكرة (٣) : أن ميقاتهم ذو الحليفة ، وأنه مسجد الشجرة ، كما في بعض الصحاح المتقدّمة (٤).

ونحوه الآخر المروي عن قرب الإسناد ، وفيه : « وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهي الشجرة » (٥).

والخبر المروى عنه أيضا ولأهل المدينة ومن يليها الشجرة (٦) ويعضدها المرسل المروي عن العلل : قلت لأبي عبد الله : لأي علة أحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مسجد الشجرة ولم يحرم من موضع دونه؟

فقال : « لأنه لما اسري به إلى السماء وصار بحذاء الشجرة نودي : يا محمّد ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لبيك ، قال : ألم أجدك يتيماً فآويتك ، ووجدتك ضالاًّ فهديتك ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الحمد والنعمة لك لا شريك لك ، فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلّها » (٧).

وفي اللمعة وعن الوسيلة (٨) أن الميقات ذو الحليفة ، ولم يزيدا عليه

__________________

(١) جمل العلم والعمل ( رسائل السيد المرتضى ٣ ) : ٦٤ ، الكافي في الفقه : ٢٠٢ ، إشارة السبق : ١٢٥.

(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٤ ، السرائر ١ : ٥٢٨ ، المنتهى ٢ : ٦٦٥ ، التحرير ١ : ٩٤.

(٣) المعتبر ٢ : ٨٠٢ ، المهذّب ١ : ٢١٣ ، الشيخ في النهاية : ٢١٠ ، والمبسوط ١ : ٣١٢ ، والاقتصاد : ٣٠٠ ، الصدوق في المقنع : ٦٩ ، والهداية : ٥٥ ، والفقيه ٢ : ١٩٨ ، القاضي في شرح الجمل : ٢١٣ ، الديلمي في المراسم : ١٠٧ ، التذكرة ١ : ٣٢٠.

(٤) في ص : ٢٨١٦.

(٥) قرب الإسناد : ١٦٤ / ٥٩٩ ، الوسائل ١١ : ٣٠٩ أبواب المواقيت ب ١ ح ٧.

(٦) قرب الإسناد : ٢٤٤ / ٩٧٠ ، الوسائل ١١ : ٣١٠ أبواب المواقيت ب ١ ح ٩.

(٧) علل الشرائع : ٤٣٣ / ١ ، الوسائل ١١ : ٣١١ أبواب المواقيت ب ١ ح ١٣.

(٨) اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٢٢٤ ، الوسيلة : ١٦٠.

١٦١

شيئاً ، كما في الصحاح المستفيضة (١).

ومقتضى الجمع بينها وبين السابقة تعيّن الإحرام من المسجد.

خلافاً للشهيدين والمحقّق الثاني (٢) فجعلوه أفضل وأحوط ، وصرّح الأخير بأن جواز الإحرام من الموضع كلّه مما لا يكاد يدفع.

وفيه بعد ما عرفت من توافق الأخبار على خلافه نظر ، سيّما مع اعتضاده بعمل الأكثر ، بل في ظاهر الناصرية والغنية بعد التعبير بما مرّ الإجماع ، فتأمل.

وبالصحيح مضافاً إلى ما مرّ ـ : « من أقام بالمدينة شهراً وهو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل مدينة الذي يأخذونه ، فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء » (٣).

وأما الصحيح : « وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة كان يصلي فيه ويفرض الحج ، فإذا خرج من المسجد وسار واستوت به البيداء حين يحاذي الميل الأول أحر » (٤) فليس فيه دلالة على جواز الإحرام من خارج المسجد ، كما ربما يفهم من الذخيرة (٥) ، إلاّ على تقدير أن يراد من الإحرام فيه معناه الحقيقي ، وليس قطعاً ، لمنافاته لصدره (٦) ، بل المراد‌

__________________

(١) الوسائل ١١ : ٣٠٧ أبواب المواقيت ب ١.

(٢) الشهيد الأول في الدروس ١ : ٣٤٠ ، الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٢٤ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ١٥٨.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢١ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٨ ، الوسائل ١١ : ٣١٧ أبواب المواقيت ب ٧ ح ١.

(٤) الفقيه ٢ : ١٩٨ / ٩٠٣ ، الوسائل ١١ : ٣٠٨ أبواب المواقيت ب ١ ح ٤.

(٥) الذخيرة : ٥٧٦.

(٦) وهو : قوله : « كان يفرض فيه الحج » وتفسير ذي الحليفة الذي هو الميقات إجماعاً فتوًى ونصّاً بمسجد الشجرة. ( منه رحمه الله ).

١٦٢

به إمّا التلبية نفسها كما قيل (١) ، أو الإجهار بها كما عن المتأخرين.

وحيث قد تعيّن الإحرام من المسجد فلو كان المحرم جنباً أو حائضاً أحرما به مجتازين ؛ لحرمة اللبث.

وإن تعذّر فهل يحرمان من خارجه ، كما صرّح به جماعة (٢) ، من غير مخالف لهم أجده ، أم يؤخرانه إلى الجحفة؟ إشكال ، من وجوب قطع المسافة من المسجد إلى مكة محرماً ، ومن كون العذر ضرورة مبيحة للتأخير إلى الجحفة.

والأحوط الإحرام منهما وإن كان ما ذكره الجماعة لا يخلو عن قوة ؛ لمنع عموم الضرورة في الفتوى والرواية لمثل هذا ، سيّما مع التصريح في جملة منها في بيانها بمثل المرض والمشقة الحاصلة من نحو البرد والحرّ.

هذا ميقاتهم اختياراً.

( وعند الضرورة ) المفسَّر بما عرفته ( الجُحفة ) بجيم مضمومة فحاء مهملة ففاء ، على سبع مراحل من المدينة وثلاث من مكة ، كما عن بعض أهل اللغة (٣) ، وعنه : أن بينها وبين البحر نحو ستة أميال ، وعن غيره ميلان ، قيل : ولا تناقض ، لاختلاف البحر باختلاف الأزمنة (٤).

وفي القاموس : كانت قرية جامعة على اثنين وثلاثين ميلاً من مكة (٥).

وفي المصباح المنير : منزل بين مكة والمدينة قريب من رابع بين بدر‌

__________________

(١) انظر الوافي ١٢ : ٤٨١.

(٢) منهم صاحب المدارك ٧ : ٢١٩ ، السبزواري في الذخيرة : ٥٧٦ ، صاحب الحدائق ١٤ : ٤٤٣.

(٣) نقله في كشف اللثام ١ : ٣٠٥ عن تحرير النووي وتهذيبه.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٠٥.

(٥) القاموس المحيط ٣ : ١٢٥.

١٦٣

وخُلَيص (١).

والأصل في الحكم بعد عدم خلاف فيه أجده وبه صرّح في الذخيرة (٢) ، بل الإجماع كما في المدارك (٣) المعتبرة المستفيضة (٤).

وليس في شي‌ء منها التقييد بحال الضرورة ، كما فعله الأصحاب بغير خلاف ظاهر ولا محكي ، إلاّ من ظاهر الوسيلة والجعفي (٥) فأطلقاها ، كما هو ظاهر الصحاح منها.

نعم ، ربما أشعر به الحسن : « وقد رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمن كان مريضاً أو ضعيفاً أن يحرم من الجحفة » (٦).

وقريب منه الموثق (٧).

لكن في تقييد الصحاح بهما إشكال ؛ لعدم الصراحة التي هي مناط التخصيص والتقييد.

إلاّ أن يقال : دلالة الصحاح على العموم ليت بذلك الوضوح أيضاً ، فيشكل الخروج به عن الأدلة الدالة على تأقيت ذي الحليفة من الفتوى والرواية والإجماعات المنقولة ، الظاهرة في عدم جواز العدول عنها مطلقاً ولو مع الضرورة ، لكنها خرجت اتفاقاً ، فتوًى وروايةً ، وبقي حال الاختيار تحتها مندرجة.

__________________

(١) المصباح المنير : ٩١.

(٢) الذخيرة : ٥٧٦.

(٣) المدارك ٧ : ٢١٩.

(٤) الوسائل ١١ : ٣١٦ أبواب المواقيت ب ٦.

(٥) الوسيلة : ١٦٠ ، وحكاه عن الجعفي في الدروس ١ : ٤٩٣.

(٦) الكافي ٤ : ٣٢٤ / ٣ ، الوسائل ١١ : ٣١٧ أبواب المواقيت ب ٦ ح ٥.

(٧) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٦ ، الوسائل ١١ : ٣١٧ أبواب المواقيت ب ٦ ح ٤.

١٦٤

فإذاً الأحوط مراعاة الضرورة ، سيّما مع اشتهارها بين الأصحاب شهرة عظيمة.

وهل التقييد بالضرورة مطلق ، فلا يجوز سلوك طريق لا يؤديه إلى ذي الحليفة اختياراً ، كما احتمله بعض (١) ؛ لإطلاق الأخبار بكونه ميقاتاً ، مع النهي عن الرغبة عن مواقيته ٧. أو مقيّد بما إذا مرّ به ، كما في الدروس والمدارك وغيرهما (٢)؟ وجهان.

ولعلّ الثاني أقوى ؛ للأصل ، وعموم جواز الإحرام من أيّ ميقات يتّفق المرور عليه ولو لغير أهله ، مع اختصاص الإطلاق المتقدم بحكم التبادر وغيره بصورة القيد.

ثم على التقييد السابق لا ريب في حصول الإثم بالتأخير اختياراً. وهل يصحّ الإحرام حينئذ؟ وجهان ، قطع بأوّلهما في المدارك تبعاً للدروس (٣) ، وتأمل فيه بعض (٤). ولا يخلو عن وجه.

( وهي ) أي الجحفة ( ميقات أهل الشام اختياراً ) كما في الصحاح المستفيضة (٥) ، وفي جملة منها : إنها ميقات أهل المغرب ومصر أيضاً (٦) ، وبه أفتى جماعة (٧).

__________________

(١) انظر كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

(٢) الدروس ١ : ٣٤١ ، المدارك ٧ : ٢٢٠ ؛ وانظر كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

(٣) المدارك ٧ : ٢٢٠ ، الدروس ١ : ٣٤١.

(٤) انظر مجمع الفائدة ٦ : ١٨٣ والحدائق ١٤ : ٤٤٦.

(٥) انظر الوسائل ١١ : ٣٠٨ ، ٣٠٩ أبواب المواقيت ب ١ الأحاديث ٣ ، ٥ ١٢.

(٦) الوسائل ١١ : ٣٠٧ و٣٠٩ أبواب المواقيت ب ١ الأحاديث ١ ، ٢ ، ٥.

(٧) منهم : صاحب المدارك ٧ : ٢٢١ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٧٦ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

١٦٥

( و لـ ) أهل ( اليمن ) جبل يقال له : ( يَلَملَم ) وألملَم ، هو على مرحلتين من مكة ، كما في القاموس وغيره (١).

( ولأهل الطائف قرن المنازل ) بفتح القاف وسكون الراء.

قيل : خلافاً للجوهري فإنه فتحها ، وزعم أن أُويساً القَرَني بفتح الراء منسوب إليه ، واتّفق العلماء على تغليطه فيهما ، وإنما أُويس من بني قرن بطن من مراد يقال له : قرن الثعالب ، وقرن بلا إضافة ، وهو جبل مشرف على عرفات على مرحلتين من مكة. وقيل : إن قرن الثعالب غيره ، وإنه جبل مشرف على أسفل منى ، بينه وبين مسجدها ألف وخمسمائة ذراع ، والقرن : الجبل الصغير ، أو قطعة مفردة من الجبل ، وفي القاموس : إنه قرية من الطائف أو اسم الوادي كلّه وقيل : القرن بالإسكان : الوادي ، وبالفتح : الطريق (٢).

ومن لم يعرف أحد هذه المواقيت أجزأه أن يسأل الناس والأعراب عنها ، كما في الصحيح الوارد في العقيق (٣).

( وميقات المتمتع لحجّة مكة ) إجماعاً فتوًى وروايةً ، كما تقدّم إليه الإشارة.

( وكلّ من كان منزله أقرب من الميقات ) إلى مكة كما في النصوص المستفيضة المتقدم إلى بعضها الإشارة ، وفيها الصحيح وغيره ( فميقاته منزله ) واعتبار القرب إلى مكة كما فيها محكي عن النهاية والمبسوط‌

__________________

(١) القاموس ٤ : ١٧٩ ؛ وانظر المصباح المنير : ١٩.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

(٣) كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

١٦٦

والمهذّب والجمل والعقود والسرائر وشرح القاضي لجمل العلم والعمل (١) ، واختاره جماعة من المتأخرين ومتأخريهم (٢). وهو الأقرب.

خلافاً للمحكي عن الماتن في موضع من المعتبر فإلى عرفة وأطلق (٣) ، وتبعه في اللمعة في الحج وقطع (٤) ، واستوجهه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك والروضة لولا النصوص مصرّحاً باعتبارها في العمرة ، قال : لأن الحج بعد الإهلال به من الميقات لا يتعلق الغرض فيه بغير عرفات ، بخلاف العمرة ، فإن مقصدها بعد الإحرام مكة ، ، فينبغي اعتبار القرب فيها إلى مكة (٥). انتهى.

ثم إن أهل مكة على هذا القول يحرمون من منازلهم ؛ لأنها أقرب إلى عرفات من الميقات ، كما ذكره جماعة (٦).

ويشكل على المختار ؛ إذ لا دليل عليه من الأخبار ، لأن الأقربية لا تتم ، لاقتضائها المغايرة. ولكنه مشهور بين الأصحاب ، كما ذكره جماعة (٧) ، بل زاد بعضهم فنفى الخلاف فيه بينهم (٨) ، مشعراً بدعوى‌

__________________

(١) النهاية : ٢١١ ، المبسوط ١ : ٣١٣ ، المهذب ١ : ٢١٤ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٢٦ ، السرائر ١ : ٥٢٩ ، شرح جمل العلم والعمل : ٢١٤.

(٢) منهم : المحقق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ١٥٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٠٤ ، وصاحب المدارك ٧ : ٢٢٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٠٦ ، وصاحب الحدائق ١٤ : ٤٥٠.

(٣) المعتبر ٢ : ٧٨٦.

(٤) اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٢١٠.

(٥) المسالك ١ : ١٠٤ ، الروضة ٢ : ٢١١.

(٦) منهم : الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢١١ ، وصاحب المدارك ٧ : ٢٢٣ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

(٧) منهم : الفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣١٠ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٧٦.

(٨) الحدائق ١٤ : ٤٥٠.

١٦٧

الإجماع ، كما حكاه في الذخيرة عن التذكرة (١).

قيل (٢) : ويؤيده ما روي عن النبي ٩ من قوله : « فمن كان دونهن فمهلّه من أهله » (٣).

أقول : ونحوه أو قريب منه المرسل المروي في الفقيه : عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال : « من منزله » (٤).

لكن في الصحيحين الواردين في المجاور أمره بالإحرام بالحج من الجعرانة (٥) ، سواء انتقل فرضه إلى فرض أهله أم لا ، إلاّ أن يقيد بالأخير ، أو يجعل ذلك من خصائص المجاور كما قيل (٦).

( وكل من حج ) أو اعتمر ( على طريق ) كالشامي يمرّ بذي الحليفة ( فميقاته ميقات أهله ) بغير خلاف أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (٧) ، مشعراً بدعوى الإجماع عليه ، كما في عبائر جماعة (٨) ، بل في المنتهى إنه لا يعرف فيه خلافاً (٩) ، مشعراً بدعوى الإجماع عليه من الخاصة والعامة.

للنبوي : « هنّ لهنّ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهن » (١٠) وبمعناه‌

__________________

(١) الذخيرة : ٥٧٢.

(٢) كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

(٤) الفقيه ١ : ١٩٩ / ٩١١ ، الوسائل ١١ : ٣٣٥ أبواب المواقيت ب ١٧ ح ٦.

(٥) الكافي ٤ : ٣٠٠ / ٥ ، و٣٠٢ / ٩ ، الوسائل ١١ : ٢٦٧ أبواب أقسام الحج ب ٩ ح ٥ ، ٦.

(٦) انظر الحدائق ١٤ : ٥٤٠.

(٧) الذخيرة : ٥٧٦.

(٨) منهم : صاحبا المدارك ٧ : ٢٢٦ ، والحدائق ١٤ : ٤٥٥.

(٩) المنتهى ٢ : ٦٦٧.

(١٠) سنن البيهقي ٥ : ٢٩.

١٦٨

الصحيح (١) وغيره (٢).

ولانتفاء العسر والحرج في الشريعة.

ولو حج إلى طريق لا يفضي إلى أحد المواقيت كالبحر مثلاً أحرم عند محاذاة أقربها إلى طريقه ؛ لأصالة البراءة من المسير إلى الميقات ، واختصاص نصوص المواقيت في غير أهلها بمن أتاها.

وللصحيح في المدني : « يخرج في غير طريق المدينة ، فإن كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها » (٣).

ولكن في الكافي بعد نقله : وفي رواية : « يحرم من الشجرة ثم يأخذ أيّ طريق شاء » (٤).

لكنها مرسلة ، فلا تعارض الرواية الصحيحة ، سيّما مع اعتضادها بالأصل ، ونفي الحرج في الشريعة ، والشهرة العظيمة في الجملة ، إذ لم نجد مخالفاً في المسألة عدا الماتن في ظاهر الشرائع ، حيث عزا الحكم إلى القيل (٥) ، مشعراً بتمريضه أو توقفه فيه ، وتبعه فيه جماعة من المتأخرين (٦). ولا وجه له بعد ما عرفته.

كما لا وجه لاعتبار الأقرب إلى مكة ، كما في القواعد وغيره (٧). ولا‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٢٣ / ٢ ، الوسائل ١١ : ٣٣١ أبواب المواقيت ب ١٥ ح ١.

(٢) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٩ ، الوسائل ١١ : ٣٣٢ أبواب المواقيت ب ١٥ ح ٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٠٠ / ٩١٣ ، الوسائل ١١ : ٣١٨ أبواب المواقيت ب ٧ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٢١ / ٩ ، الوسائل ١١ : ٣١٨ أبواب المواقيت ب ٧ ح ٢.

(٥) الشرائع ١ : ٢٤١.

(٦) منهم : صاحب المدارك ٧ : ٢٢٣ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٧٧ ، وصاحب الحدائق ١٤ : ٤٥٣.

(٧) القواعد ١ : ٧٩ ؛ وانظر الروضة ٢ : ٢٢٧.

١٦٩

للتخيير بين المحاذاة لأيّ ميقات كان ، كما عن الحلّي والإسكافي (١).

ويكفي الظن بالمحاذاة ، كما عن المبسوط والجامع والتحرير والمنتهى والتذكرة والدروس (٢) ؛ للحرج ، والأصل.

فإن ظهر التقدّم أعاد ، كما في الأخير ؛ قيل : لعدم جوازه مطلقاً (٣).

وإن ظهر التأخّر قيل : فالأظهر الإجزاء كما في غير الأولين ؛ للحرج ، وأصل البراءة ، لأنه كلّف باتّباع ظنه.

وإن لم يكن له طريق إلى علم أو ظن قيل : أحرم من بُعد بحيث يعلم أنه لم يجاوز الميقات إلاّ محرماً ، كذا في التحرير والمنتهى. وفيه نظر ظاهر (٤).

ولو لم يحاذِ شيئاً منها قيل : يحرم من مساواة أقربها إلى مكة ، وهو مرحلتان تقريباً ؛ لأنّ هذه المسافة لا يجوز لأحد قطعها إلاّ محرماً (٥).

وقيل : من أدنى الحلّ ؛ لأصالة البراءة من وجوب الزائد (٦).

وربما يستبعد الفرض بأن المواقيت محيطة بالحرم ، فذو الحليفة شامية ، ويلملم يمانية ، وقَرن شرقية ، والعقيق غريبة ، فلا طريق لا تؤدي إلى الميقات ولا إلى المحاذاة ، إلاّ أن يراد الجهل بالمحاذاة.

( ويجرّد الصبيان من فَخّ ) بفتح الفاء وتشديد الخاء ، وهو بئر‌

__________________

(١) الحلي في السرائر ١ : ٥٢٩ ، ونقله عن الإسكافي في المختلف ٢٦٣.

(٢) المبسوط ١ : ٣١٣ ، الجامع للشرائع : ١٨١ ، التحرير ١ : ٩٥ ، المنتهى ١ : ٦٧١ ، التذكرة ١ : ٣٢٢ ، الدروس ١ : ٣٤١.

(٣) كشف اللثام ١ : ٣٠٧.

(٤) كشف اللثام ١ : ٣٠٧.

(٥) المسالك ١ : ١٠٤.

(٦) استحسنه صاحب المدارك ٧ : ٢٢٤.

١٧٠

معروف على نحو فرسخ من مكة ، على ما ذكره جماعة (١) ، وعن القاموس أنه موضع بمكة (٢) ، والنهاية الأثيرية موضع عندها (٣).

ولا خلاف في الحكم ؛ للصحيحين (٤) وإن اختلفوا في المراد بالتجريد ، أهو الإحرام كما عن صريح الماتن في المعتبر (٥) ، وقريب منه الفاضل في التحرير والمنتهى (٦) ، وأفتى به في الدروس (٧) ، وقوّاه في المسالك وإن جعل الإحرام بهم من الميقات أولى (٨) ، وتبعه في الجواز جملة من المتأخرين (٩) ، وعزاه بعضهم إلى الأكثر (١٠) ، ويظهر آخر عدم الخلاف فيه (١١).

أو نزع الثياب خاصة ولكن يحرم بهم من الميقات ، كما عن السرائر (١٢) ، وبه أفتى المحقق الثاني (١٣) ، وجعله مراد الماتن في التنقيح (١٤)؟

__________________

(١) كالفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٤٤٨ ، وصاحب المدارك ٧ : ٢٢٧ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٨٣ ، والمجلسي في ملاذ الأخيار ٨ : ٤٠٤.

(٢) القاموس ١ : ٢٧٥.

(٣) انظر النهاية ٣ : ٤١٨.

(٤) الأول : الفقيه ٢ : ٢٦٥ / ١٢٩٢ ، الوسائل ١١ : ٣٣٦ أبواب المواقيت ب ١٨ ح ١.

الثاني : التهذيب ٥ : ٤٠٩ / ١٤٢٢ ، الوسائل ١١ : ٣٣٦ أبواب المواقيت ب ١٨ ذيل الحديث ١.

(٥) المعتبر ٢ : ٨٠٤.

(٦) التحرير ١ : ٩٤ ، المنتهى ٢ : ٦٦٧.

(٧) الدروس ١ : ٣٤٢.

(٨) المسالك ١ : ١٠٤.

(٩) منهم صاحب المدارك ٧ : ٢٢٧.

(١٠) كالمجلسي في مرآة العقول ١٧ : ٢١٠ ، وصاحب الحدائق ١٤ : ٤٥٧.

(١١) مفاتيح الشرائع ١ : ٣١٠.

(١٢) السرائر ١ : ٥٣٧.

(١٣) جامع المقاصد ٣ : ١٦٠.

(١٤) التنقيح الرائع ١ : ٤٤٨.

١٧١

وتردّد بينهما بعض المتأخرين ، قال : من عموم نصوص المواقيت ، والنهي عن تأخير الإحرام عنها ، وعدم تضمن الصحيحين سوى التجريد ، فالتأخير تشريع.

ومن عموم لزوم الكفارة على الولي إذا لم يجتنبوا ما يوجبها ومنه لبس المخيط (١) ؛ والصحيح : « قدّموا من معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مَرّ ، ثم يصنع بهم ما يصنع بالمحرم » (٢) وأن الإحرام بهم مندوب فلا يلزم من الميقات ، لطول المسافة ، وصعوبة تجنبهم عن المحرّمات ، كما لا يلزم من أصله (٣).

وفي الأدلة من الطرفين نظر ، ولا سيّما الصحيح المستدل به على الوجه الثاني وإن استدل به الشهيدان في الدروس والمسالك (٤) عليه‌

__________________

(١) في هذا الدليل نوع غموض ، ولعلّ المراد أنه لو كان الإحرام بهم من الميقات لازماً على ما هو مقتضى الوجه المقابل ، للزم منه تخصيص العمومات الدالة على لزوم الكفارة بلبس المخيط ، بناءً على جوازه للصبيان قبل فخّ بالنصّ والإجماع ، وإذا جاز تأخير الإحرام بهم من فخّ كانت العمومات المزبورة باقية على حالها ، ولا ريب أن الأصل بقاء العموم على حاله إلى أن يظهر الصارف ، وليس بصارف. وفيه نظر واضح ، إذ التخصيص على كل تقدير لازم بناءً على ما سيأتي في المتن من أن التأخير إلى فخّ إنما هو على وجه الجواز لا الوجوب وأنه لا خلاف في جواز الإحرام بهم من الميقات ، وحينئذ فلو أُحرموا بهم منه والبسوا المخيط لم يلزم الكفارة للرخصة فيه ، فلا يستعقب كفارة ، فقد خصّصت أدلة وجوبها هنا أيضاً على هذا التقدير أيضاً. ( منه رحمه الله ).

(٢) الكافي ٤ : ٣٠٤ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٦٦ / ١٢٩٤ ، التهذيب ٥ : ٤٠٩ / ١٤٢٣ ، الوسائل ١١ : ٢٨٧ أبواب أقسام الحج ب ١٧ ح ٣ ، مَرَّ وزان فلس موضع بقرب مكة من جهة الشام الشام نحو مرحلة.

(٣) انظر كشف اللثام ١ : ٣٠٦.

(٤) الدورس ١ : ٣٤٢ ، المسالك ١ : ١٠٤.

١٧٢

أيضاً ، فإنه على خلافه أظهر ، ولذا استدل به جماعة على أفضلية الإحرام بهم من الميقات بعد أن حكوها عن الشيخ وغيره ، واستدلوا على جواز إحرامهم من فَخّ بعد نقلهم له عنهما بالصحيحين ، زعماً منهم ظهور التجريد في الإحرام (١).

والمسألة قوية الإشكال ، وحيث إن المستفاد من جماعة عدم إشكال في جواز الإحرام بهم من الميقات ، بل وأفضليته ، وأن التأخير إلى فَخّ إنما هو على سبيل الجواز ، كان الإحرام بهم من الميقات أولى وأحوط.

( وأحكام المواقيت تشتمل على مسائل ) ثلاث :

( الاولى : لا يصح الإحرام قبل الميقات ) بإجماعنا الظاهر ، المنقول في جملة من العبائر (٢) ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة (٣).

( إلاّ لناذر ) له قبله فيصح ( بشرط أن يقع في أشهر الحج ) لو كان لحج أو لعمرة متمتع بها ، وإلاّ فيصح مطلقاً على الأقوى.

وفاقاً للشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف والتهذيبين والديلمي والقاضي وابن حمزة (٤) ، والمفيد كما حكي (٥) ، وعليه أكثر المتأخرين على ما أجده ، أو مطلقاً على ما يستفاد من الذخيرة وغيرها (٦) ، وفي المسالك‌

__________________

(١) المدارك ٧ : ٢٢٧ ، الذخيرة : ٥٨٣ ، الحدائق ١٤ : ٤٥٧.

(٢) كالخلاف ٢ : ٢٨٦ ، والمنتهى ٢ : ٦٦٨ ، والمفاتيح ١ : ٣١١.

(٣) الوسائل ١١ : ٣٢٢ أبواب المواقيت ب ١١.

(٤) النهاية : ٢٠٩ ، المبسوط ١ : ٣١١ ، الخلاف ٢ : ٢٨٦ ، الاستبصار ٢ : ١٦٤ ، التهذيب ٥ : ٥٣ ، الديلمي في المراسم : ١٠٨ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢١٤ ، ابن حمزة في الوسيلة : ١٥٩.

(٥) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٣٠٧.

(٦) الذخيرة : ٥٧٤ ؛ وانظر كشف اللثام ١ : ٣٠٧.

١٧٣

وغيره (١) : أنه المشهور بين الأصحاب.

للمعتبرة المتضمنة للصحيح (٢) على ما صرّح به جماعة (٣) ، وإن تأمل فيها بعض الأجلة (٤) والموثق وغيرهما (٥).

خلافاً للحلّي والفاضل في المختلف (٦) ، فمنعا عن هذا الاستثناء ؛ لانه نذر غير مشروع ، كنذر الصلاة في غير وقتها ، وإيقاع المناسك في غير مواضعها ؛ وضعف النصوص ، وظهور احتمالها ما يأتي في بحث المصدود من بعث الرجل من منزله الهدي واجتنابه ما يجتنبه المحرم ، أو المسير للإحرام من الكوفة أو خراسان.

ولا يخفى عليك ما في هذين الاحتمالين من البعد ومخالفة فهم الأصحاب.

وضعف النصوص أوّلاً ممنوع ، وثانياً على تقديره فهو بالشهرة الظاهرة والمنقولة مجبور ، فيمنع بها الأصل المتمسك به للمنع ، ونظيره في الصوم موجود.

هذا ، وطريق الاحتياط واضح بالجمع بين الإحرام من المحل المنذور ومن الميقات ، كما عن المراسم والراوندي (٧).

__________________

(١) المسالك ١ : ١٠٤ ؛ وانظر الحدائق ١٤ : ٤٦١.

(٢) التهذيب ٥ : ٥٣ / ١٦٢ ، الإستبصار ٢ : ١٦٣ / ٥٣٤ ، الوسائل ١١ : ٣٢٦ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ١.

(٣) منهم : العلاّمة في المنتهى ٢ : ٦٦٩ ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد ٣ : ١٦١ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣١١.

(٤) منتقى الجمان ٣ : ١٣٨ ، الذخيرة : ٥٧٤.

(٥) الوسائل ١١ : ٣٢٦ أبواب المواقيت ب ١٣ ح ٢ ، ٣.

(٦) الحلي في السرائر ١ : ٥٢٧ ، المختلف : ٢٦٣.

(٧) المراسم : ١٠٨ ، حكاه عن الراوندي في الدروس ١ : ٣٤١.

١٧٤

وعن غيرهما إن نذر إحراماً واجباً وجب تجديده من الميقات ، وإلاّ استحب (١).

ويستثنى من كلية المنع صورة أُخرى أشار إليها بقوله : ( أو للعمرة المفردة في رجب لمن خشي تقضيه ) بتأخير الإحرام إلى الوقت ، بلا خلاف أجده ، كما في الذخيرة (٢) ، وفي ظاهر المعتبر والمنتهى (٣) : إن عليه اتفاق علمائنا ، وفي شرح القواعد للمحقق الثاني إن عليه إجماعنا (٤) ؛ للصحيحين (٥).

قيل : ولم يتعرض له كثير من الأصحاب ، والاحتياط تجديد الإحرام من الميقات (٦).

( الثانية : لا يجاوز ) من أراد النسك من ( الميقات إلاّ محرماً ) في حال الاختيار ، بالنص وإجماع العلماء ، كما عن المعتبر والمنتهى (٧) ، وفي التحرير وغيره (٨) : الإجماع مطلقاً ؛ لأن ذلك مقتضى التوقيت ، مضافاً إلى وقوع التصريح به في جملة من الصحاح :‌

__________________

(١) انظر كشف اللثام ١ : ٣٠٧.

(٢) الذخيرة : ٥٧٤.

(٣) المعتبر ٢ : ٨٠٦ ، المنتهى ٢ : ٦٦٩.

(٤) جامع المقاصد ٣ : ١٦١.

(٥) الأول : الكافي ٤ : ٣٢٣ / ٨ ، التهذيب ٥ : ٥٣ / ١٦١ ، الإستبصار ٢ : ١٦٣ / ٥٣٣ ، الوسائل ١١ : ٣٢٥ أبواب المواقيت ب ١٢ ح ١.

الثاني : الكافي ٤ : ٣٢٣ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٥٣ / ١٦٠ ، الإستبصار ٢ : ١٦٢ / ٥٣٢ ، الوسائل ١١ : ٣٢٦ أبواب المواقيت ب ١٢ ح ٢.

(٦) كشف اللثام ١ : ٣٠٨.

(٧) المعتبر ٢ : ٨٠٨ ، المنتهى ٢ : ٦٦٩.

(٨) التحرير ١ : ٩٤ ؛ وانظر كشف اللثام ١ : ٣٠٨.

١٧٥

منها : « من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول الله ٩ لا تجاوزها إلاّ وأنت محرم » (١).

ومنها : « لا تجاوز الجحفة إلاّ محرماً » (٢).

ومنها : « لا ينبغي لحاجّ ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها » (٣).

ويجوز لعذر من نحو حرّ أو برد عند الشيخ (٤) ؛ لانتفاء العسر والحرج.

وللصحيح : « فلا يجاوز الميقات إلاّ من علة » (٥).

وأظهر منه المرسل : « إذا خاف الرجل على نفسه أخّر إحرامه إلى الحرم » (٦).

خلافاً للحلّي حيث حمل فتوى الشيخ على تأخير الصورة الظاهرة للإحرام من التعرّي ولبس الثوبين ، دون غيرها ، فإن المرض والتقية ونحوهما لا تمنع النية والتلبية ، وإن منعت التلبية كان كالأخرس ، وإن أُغمي عليه لم يكن هو المؤخّر ، قال : وإن أراد وقصد شيخنا غير ذلك فهذا يكون قد ترك الإحرام متعمداً من موضعه ، فيؤدّي إلى إبطال حجه بغير خلاف (٧).

وارتضاه الفاضل في المختلف والتحرير والمنتهى (٨) ، ويميل إليه‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٦ ، علل الشرائع : ٤٣٤ / ٢ ، الوسائل ١١ : ٣٠٧ أبواب المواقيت ب ١ ح ٢.

(٢) التهذيب ٥ : ٥٧ / ١٧٧ ، الوسائل ١١ : ٣١٦ أبواب المواقيت ب ٦ ح ٣.

(٣) الكافي ٤ : ٣١٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٩٨ / ٩٠٣ ، التهذيب ٥ : ٥٥ / ١٦٧ ، الوسائل ١١ : ٣٠٨ أبواب المواقيت ب ١ ح ٣.

(٤) كما في المبسوط ١ : ٣١١.

(٥) الكافي ٤ : ٣٢٣ / ٢ ، الوسائل ١١ : ٣٣١ أبواب المواقيت ب ١٥ ح ١.

(٦) التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨٢ ، الوسائل ١١ : ٣٣٣ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٣.

(٧) السرائر ١ : ٥٢٧.

(٨) المختلف : ٢٦٣ ، التحرير ١ : ٩٤ ، المنتهى ٢ : ٦٧١.

١٧٦

الماتن في المعتبر وغيره (١).

ولعلّه لحديث : « الميسور لا يسقط بالمعسور » (٢).

ويؤيده الحديث المتقدم فيمن مرّ على المسلخ مع العامة ولم يمكنه إظهار الإحرام تقية ، المتضمن لأنه : « يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب ويلبّي في نفسه وإذا بلغ ميقاتهم أظهره » (٣).

ولا بأس به ؛ لقوة دليله ، مع قصور الخبرين بعد إرسال أحدهما على التصريح بخلافه.

( ويرجع إليه ) أي إلى الميقات ( لو لم يحرم منه ) عمداً أو سهواً ، أو جهلاً بالحكم أو بالوقت ، بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهى (٤).

أما في العمد فلتوقف الواجب عليه.

وأما في غيره فللصحاح وغيرها ، منها في الناسي : « يخرج إلى ميقات أهل أرضه ، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه ، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج من الحرم » (٥).

ومنها في الجاهل : « إن كان عليها مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه ، فإن لم يكن عليها وقت فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما يخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها الحج فتحرم » (٦).

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٨٠٩ ؛ وانظر المدارك ٧ : ٢٣١.

(٢) عوالي اللئلئ ٤ : ٥٨ / ٢٠٥.

(٣) راجع ص : ٢٨٢٠.

(٤) المنتهى ٢ : ٦٦٩.

(٥) الكافي ٤ : ٣٢٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ٢٨٣ / ٩٦٥ ، الوسائل ١١ : ٣٢٨ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٦) الكافي ٤ : ٣٢٥ / ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٨٩ / ١٣٦٢ ، الوسائل ١١ : ٣٢٩ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٤.

١٧٧

ومنها : عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم ، فقال : « يرجع إلى ميقات بلاده الذي يحرمون منه فيحرم ، فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه ، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج » (١).

ونحوه غيره المروي عن قرب الإسناد (٢).

وأما ما في جملة من المعتبرة في الجاهل من الأمر بالخروج إلى خارج الحرم بقول مطلق كما في الصحيح (٣) ، أو بالإحرام من مكانه من مكة أو من المسجد كذلك كما في الموثق (٤) ، ونحوه عبارة الغنية (٥) فمحمول على صورة عدم التمكن من الخروج إلى الميقات ، كما هو الغالب ، فيحمل الإطلاق عليه ، حملاً للمطلق على المقيد ، واقتصاراً في الإطلاق على المتيقن.

لكن في بعض الأخبار المنقولة عن قرب الإسناد الواردة في الجاهل : « إن كان جاهلاً فليبن من مكانه [ ليقضي ] فإن ذلك يجزيه إن شاء الله ، وإن رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنه أفضل » (٦).

وهو كالصريح ، بل صريح في جواز الإحرام من غير الميقات مع التمكن من الرجوع إليه ، إلاّ أن سنده غير واضح ، ومع ذلك فلندوره وعدم مكافأته لما مرّ من وجوه عن المعارضة له قاصر.

وربما يستفاد من العبارة وجوب الرجوع على من لا يريد النسك ثم‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٥٨ / ١٨٠ ، الوسائل ١١ : ٣٣٠ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٧.

(٢) قرب الإسناد : ٢٤١ / ٩٥٥ ، الوسائل ١١ : ٣٣١ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٩.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢٥ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٨٤ / ٩٦٦ ، الوسائل ١١ : ٣٢٩ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٢٦ / ١٢ ، الوسائل ١١ : ٣٢٩ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ٥.

(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٤.

(٦) قرب الإسناد : ٢٤٢ / ٩٥٦ ، الوسائل ١١ : ٣٣١ أبواب المواقيت ب ١٤ ح ١٠ ، وأضفنا ما بين المعقوفين من المصدر.

١٧٨

أراده. وهو مقطوع به بين الأصحاب على الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة كالمدارك والذخيرة وغيرهما (١) ، مشعرين بعدم خلاف فيه ، كما صرّح به في المفاتيح (٢) ، بل ظاهر المنتهى أنه لا خلاف فيه بين العلماء إلاّ من بعض العامة العمياء (٣) ؛ وهو الحجة.

مضافاً إلى إطلاق بعض الصحاح المتقدمة المعتضد بما في المعتبر والمنتهى (٤) بأنه متمكن من الإتيان بالنسك على الوجه المأمور به فيكون واجباً. ومرجعه إلى ما في المدارك من إطلاق النهي عن مجاوزة الميقات لكل حاجّ ومعتمر (٥). ولا يخلو عن نظر.

ثم إن هذا مع إمكان الرجوع.

( فإن لم يتمكن ) منه ( فلا حج له إن كان ) المتجاوز عن الميقات بغير إحرام ( عامداً ) كما عن النهاية والاقتصاد والوسيلة والسرائر والجامع وكتب الماتن والمهذّب والغنية (٦) ، وفي المنتهى والتحرير والدروس واللمعتين والمسالك (٧) ، وبالجملة : الأكثر ، كما في الذخيرة (٨) ، وربما يفهم‌

__________________

(١) المدارك ٧ : ٢٣٤ ، الذخيرة : ٥٧٤.

(٢) مفاتيح الشرائع ١ : ٣١١.

(٣) المنتهى ٢ : ٦٧٠ ؛ وانظر المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢١.

(٤) المعتبر ٢ : ٨٠٨ ، المنتهى ٢ : ٦٧٠.

(٥) المدارك ٧ : ٢٣٤.

(٦) النهاية : ٢١٠ ، الاقتصاد : ٣٠٠ ، الوسيلة : ١٥٩ ، السرائر ١ : ٥٢٧ ، الجامع للشرائع : ١٧٨ ، الماتن في المعتبر ٢ : ٨٠٨ ، والشرائع ١ : ٢٤٢ ، المهذب ١ : ٢١٤ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٤.

(٧) المنتهى ٢ : ٦٦٩ ، التحرير ١ : ٩٤ ، الدروس ١ : ٣٤٠ ، اللمعة ( الروضة البهية ٢ ) : ٢٢٣ ، المسالك ١ : ١٠٥.

(٨) الذخيرة : ٥٧٥.

١٧٩

من المنتهى وغيره (١) عدم خلاف فيه بيننا.

لأن الإحرام من غير الميقات خلاف ما أمر به الشارع فلا يصح إلا فيما أذن فيه ، ولا إذن هنا ؛ لاختصاص النصوص الآذنة بمن عدا العامد.

وإطلاق بعض الصحاح المتقدمة غير معلومة الانصراف إلى مفروض المسألة ، كما صرّح به في الذخيرة بالإضافة إلى الجاهل (٢) ، فما ظنّك بالعامد؟! مع أنه معارض بإطلاق جملة من المعتبرة :

منها الصحيح : « من أحرم دون الميقات فلا إحرام له » (٣).

ومنها المروي في العيون عن مولانا الرضا ٧ أنه كتب إلى المأمون في كتاب : « ولا يجوز الإحرام دون الميقات ، قال الله سبحانه : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٤).

فإنه إذا لم يجز كان فاسداً ؛ لأنه عبادة منهي عنها. وإرجاعها إلى الأول بتقييد أو صرف ظاهر ليس بأولى من العكس ، بل هو أولى من وجوه لا تخفى.

فظهر ضعف القول بإلحاقه بالناسي إذا وجب الحج عليه مضيقاً ، كما قوّاه جماعة من متأخري المتأخرين (٥) ، ويحتمله إطلاق المبسوط والمصباح ومختصره كما حكي (٦) ، ويأتي فيه ما فيه سابقه.

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٦٦٩ ؛ وانظر التذكرة ١ : ٣٢١.

(٢) الذخيرة : ٥٧٤.

(٣) الكافي ٤ : ٣٢٢ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٥٢ / ١٥٧ ، الإستبصار ٢ : ١٦٢ / ٥٢٩ ، الوسائل ١١ : ٣٢٠ أبواب المواقيت ب ٩ ح ٣.

(٤) عيون الأخبار ٢ : ١٢٠ / ١ ، الوسائل ١١ : ٣٢٠ أبواب المواقيت ب ٩ ح ٤.

(٥) منهم صاحب المدارك ٧ : ٢٣٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٠٩ ، وانظر الحدائق ١٤ : ٤٧٤.

(٦) حكاه في كشف اللثام ١ : ٣٠٩.

١٨٠