رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ٦

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-108-7
الصفحات: ٥١٢

حكي عن ظاهر الشيخ وابني حمزة وسعيد (١) ، ومع ذلك فالوجوب أحوط.

( وتسفر المرأة عن وجهها ) فلا تغطيّه وجوباً بإجماعنا الظاهر ، المصرَّح به في جملة من العبائر (٢) ، بل عن المنتهى أنه قول علماء الأمصار (٣) ، وبه استفاض أيضاً الأخبار (٤).

والكلام في عموم تحريم التغطية للثوب وغيره كما مرّ في الرأس ، إلاّ أن في بعض الأخبار هنا المنع عن التغطية بمثل المروحة (٥).

( ويجوز ) لها ( أن تسدل ) أي ترسل ( خمارها ) وقناعها من رأسها ( إلى ) طرف ( أنفها ) عند علمائنا أجمع كما عن التذكرة ، وفيه : أنه قول عامة أهل العلم (٦). وعن المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافاً (٧).

والصحاح به مع ذلك مستفيضة وإن اختلفت في التحديد بما في العبارة كما في الصحيحين منها (٨) ، وإلى النحر كما في

آخرين ، مطلقاً في أحدهما (٩) ، ومقيداً بما إذا كانت راكبة في ثانيهما (١٠) ، وإلى الذقن في‌

__________________

(١) حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٣٣٠.

(٢) انظر المدارك ٧ : ٣٥٩ ، والمفاتيح ١ : ٣٣٣ ، وكشف اللثام ١ : ٣٣١.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٩٠.

(٤) انظر الوسائل ١٢ : ٤٩٣ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨.

(٥) الكافي ٤ : ٣٤٦ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠١٠ ، قرب الإسناد : ٣٦٣ / ١٣٠٠ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٤ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٤.

(٦) التذكرة ١ : ٣٣٧.

(٧) المنتهى ٢ : ٧٩١.

(٨) الأوّل : الكافي ٤ : ٣٤٤ / ١ ، التهذيب ٥ : ٧٣ / ٢٤٣ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٣ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٢.

الثاني : الكافي ٤ : ٣٤٤ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٧٤ / ٢٤٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٤ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٣.

(٩) الفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٧٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٥ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٧.

(١٠) الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠٠٨ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٥ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٨.

٣٠١

آخر (١).

وظاهرها عدم اعتبار مجافاة الثوب عن الوجه ، وبه قطع في المنتهى (٢) ؛ لأنّ سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الإصابة ، فلو كان شرطاً لبيّن ؛ لأنه في موضع الحاجة.

ولكنه في القواعد اشترط في جواز السدل عدم الإصابة (٣) ، كما عن المبسوط والجامع (٤) ، حيث أوجبا المجافاة بخشبة ونحوها لئلاّ يصيب البشرة ، وحكم الشيخ بلزوم الدم إذا أصابها ولم تزله بسرعة.

ولم أعرف له مستنداً في إيجاب الدم أصلاً ، وكذا في إيجاب المجافاة ، إلاّ أن يقال : لعلّ المستند فيه الجمع بين الصحاح المتقدمة المبيحة للسدل ، والمانعة عن التغطية ، بحمل هذه على ما إذا أصاب البشرة والمبيحة على غير صورة الإصابة.

وله وجه ، غير انه يمكن الجميع بغير ذلك بتقييد المانعة بالنقاب خاصة ، بل قيل : لا يستفاد من الأخبار أزيد منه ، أو التغطية بغير السدل (٥).

هذا ، ولا ريب أن ما ذكره الشيخ أحوط.

( ويحرم تظليل المحرم سائراً ) بأن يجلس في محمل أو كنيسة أو عمارية مظلّلة أو شبهها اختياراً ، بلا خلاف ظاهر ولا محكي ، إلاّ من الإسكافي فاستحب تركه (٦) ، وعبارته المحكية غير واضحة الدلالة على‌

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢١٩ / ١٠٠٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٥ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨ ح ٦.

(٢) المنتهى ٢ : ٧٩١.

(٣) القواعد ١ : ٨٢.

(٤) المبسوط ١ : ٣٢٠ ، الجامع للشرائع : ١٨٧.

(٥) المدارك ٧ : ٣٦١.

(٦) نقله عنه في المختلف : ٢٧٠.

٣٠٢

ذلك ، ولذا تردّد في مخالفته في المختلف وغيره (١) ، ومع ذلك فهو شاذ على الظاهر ، المصرّح به في بعض العبائر (٢) ، مشعراً بدعوى الإجماع على خلافه كما في الانتصار (٣) ، وعن الخلاف والمنتهى والتذكرة (٤).

والصحاح به مع ذلك مستفيضة كغيرها من المعتبرة (٥) ، والصحاح الموهمة للخلاف (٦) قابلة للحمل على الحرمة ، ومع ذلك محتمل للحمل على التقية ، كما صرّح به جماعة (٧) ، ويستفاد من جملة من روايات المسألة (٨).

هذا إذا استظل فوق رأسه.

وأما لو استظل بثوب ينصبه لا على رأسه فعن الخلاف والمنتهى (٩) جوازه بلا خلاف ؛ ولعلّه للأصل ، واختصاص أكثر الأخبار بالجلوس في القبة والكنيسة ونحوهما ؛ وخصوص الصحيح : سمعته عليه‌السلام يقول لأبي وقد شكا إليه حرّ الشمس وهو محرم وهو يتأذى به ، فقال : ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟ قال : « لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك » (١٠).

__________________

(١) انظر كشف اللثام ١ : ٣٣١.

(٢) كما في مفاتيح الشرائع ١ : ٣٣٥.

(٣) الانتصار : ٩٧.

(٤) الخلاف ٢ : ٣١٨ ، المنتهى ٢ : ٧٩١ ، التذكرة ١ : ٣٣٧.

(٥) الوسائل ١٢ : ٥١٥ ، أبواب تروك الإحرام ب ٦٤.

(٦) انظر الوسائل ١٢ : ٥١٧ أبواب تروك الإحرام ب ٦٤ ح ٥ ، ١٠ ؛ وج ١٣ : ٩٧ أبواب كفارات الصيد ب ٤٩ ح ٦.

(٧) منهم : صاحب الوسائل ١٥ : ٥١٨ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٤٧٨.

(٨) انظر الوسائل ١٢ : ٥٢٠ أبواب تروك الإحرام ب ٢٦.

(٩) الخلاف ٢ : ٣١٨ ، المنتهى ٢ : ٧٩٢.

(١٠) الفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٦٨ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٥ أبواب تروك الإحرام.

٣٠٣

لكن جملة منها عامة ، وفيها الصحاح وغيرها ، ففي الصحيح : أُظلّل وأنا محرم؟ قال : « لا » قلت : أفأظلّل وأُكفّر؟ قال : « لا » قلت : فإن مرضت؟ قال : « ظلّل وكفّر » الخبر (١).

وفيه : هل يستتر المحرم من الشمس؟ فقال : « لا إلاّ أن يكون شيخاً كبيراً » أو قال : « ذا علّة » (٢).

وفيه أو القوي : عن المحرم يستتر من الشمس بعود وبيده؟ قال : « لا إلاّ من علّة » (٣).

إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة والموثقة وغيرهما ، ومراعاتها أحوط وأولى وإن كان جواز المشي تحت الظلال أقوى ، وفاقاً لجماعة (٤) ، للصحيح : « هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظلّ المحمل؟ فكتب : « نعم » (٥).

والخبر : أيجوز للمحرم أن يظلّل عليه محمله؟ فقال عليه‌السلام : « لا يجوز ذلك مع الاختيار » فقيل له : أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختاراً؟ فقال عليه‌السلام : « نعم » (٦).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢٥ / ١٠٥٩ ، التهذيب ٥ : ٣١٣ / ١٠٧٥ ، الاستبصار ٢ : ١٨٧ / ٦٢٧ ، علل الشرائع : ٤٥٢ / ١ ، الوسائل ١٢ : ٥١٦ أبواب تروك الإحرام ب ٦٤ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٣٥١ / ٨ ، التهذيب ٥ : ٣١٠ / ١٠٦٢ ، الاستبصار ٢ : ١٨٦ / ٦٢٢ ، قرب الإسناد : ١٢٥ / ٤٤٠ بتفاوت ، الوسائل ١٢ : ٥١٧ أبواب تروك الإحرام ب ٦٤ ح ٩.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٧ / ١٠٦٩ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٥ أبواب تروك الإحرام ب ٦٧ ح ٥.

(٤) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣٢١ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١١ ، وصاحب المدارك ٧ : ٣٦٤.

(٥) الكافي ٤ : ٣٥١ / ٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٤ أبواب تروك الإحرام ب ٦٧ ح ١.

(٦) الاحتجاج : ٣٩٤ ، إرشاد المفيد : ٢٩٨ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٣ أبواب تروك الإحرام ب ٦٦ ح ٦.

٣٠٤

وكذا يجوز له التستر عن الشمس ببعض جسده وإن منع عنه بعض الأخبار السابقة ؛ لمعارضته بأقوى منها سنداً وعدداً ودلالةً ، ففي الصحيح : « لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس ، ولا بأس أن يستر بعض جسده ببعض » (١).

ونحوه خبران آخران (٢).

واحترز بقوله : سائراً ، عما لو كان نازلاً ، فإنه يجوز له إجماعاً كما يأتي.

( ولا بأس به للمرأة ) إجماعاً على الظاهر ، المصرَّح به في جملة من العبائر (٣) وللنصوص المستفيضة ، وفيها الصحاح وغيرها (٤).

( وللرجل نازلاً ) للأصل ؛ والنصوص المستفيضة (٥) ؛ والإجماع الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة (٦) ، وبهذه الأدلة يقيد إطلاق ما مرّ من الأدلة.

( و ) كذا ( لو اضطر ) إلى التظليل سائراً ( جاز ) مع الفداء إجماعاً على الظاهر ، المصرَّح به في عبائر (٧) ؛ للصحاح المستفيضة وغيرها من‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٠٨ / ١٠٥٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٤ أبواب تروك الإحرام ب ٦٧ ح ٣.

(٢) الأوّل : الكافي ٤ : ٣٥٢ / ١١ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٤ أبواب تروك الإحرام ب ٦٧ ح ٢.

الثاني : الكافي ٤ : ٣٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٠٩ / ١٠٦١ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٠ أبواب تروك الإحرام ب ٦٦ ح ١.

(٣) كالروضة ٢ : ٢٤٥ ، والمدارك ٧ : ٣٦٤ ، ومرآة العقول ١٧ : ٣٠١.

(٤) الوسائل ١٢ : ٥١٩ أبواب تروك الإحرام ب ٦٥.

(٥) انظر الوسائل ١٢ : ٥٢٠ أبواب تروك الإحرام ب ٦٦.

(٦) منهم : العلاّمة في التذكرة ١ : ٣٣٧ ، الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ٢٤٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٣٥.

(٧) كشف اللثام ١ : ٣٣١ وانظر مرآة العقول ١٧ : ٣٠١.

٣٠٥

المعتبرة وإن اختلفت في التعبير عن الضرورة بمطلق نحو أذية حرّ الشمس والمطر ، كالصحيح : عن المحرم يظلّل على نفسه ، فقال : « أمن علة »؟

فقال : يؤذيه حرّ الشمس وهو محرم ، فقال : « هو علة [ يظلل ] ويفدي » (١) ونحوه غيره (٢).

وبها أفتى في الذخيرة (٣).

أو بالتضرر بهما لعلة ، أو كبر ، أو ضعف ، أو شدة حرّ أو برد ، كالصحيح : عن المحرم إذا أصابته الشمس شقّ عليه وصدع فيستتر منها ، فقال : « هو أعلم بنفسه ، إذا علم أنه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظل منها » (٤).

والموثق : إن علي بن شهاب يشكو رأسه والبرد شديد ويريد أن يحرم ، فقال : « إن كان كما زعموا فليظلل » (٥).

وبها أفتى في الروضة (٦) ، وتبعه بعض المتأخرين (٧) ، حاكياً له عن الشيخين والحلّي. وهو أقوى ؛ لوقوع التصريح بالمنع عن التظليل بمطلق الحرّ والبرد في الصحيح وغيره (٨) ، وبها يقيد إطلاق ما تقدمها.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣١٠ / ١٠٦٤ ، الإستبصار ٢ : ١٨٦ / ٦٢٤ ، الوسائل ١٣ : ١٥٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٦ ح ٤ وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

(٢) الكافي ٤ : ٣٥١ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣١١ / ١٠٦٦ ، الإستبصار ٢ : ١٨٧ / ٦٢٦ ، الوسائل ١٣ : ١٥٥ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٦ ح ٥.

(٣) الذخيرة : ٥٩٨.

(٤) التهذيب ٥ : ٣٠٩ / ١٠٥٩ ، الإستبصار ٢ : ١٨٦ / ٦٢٠ ، الوسائل ١٢ : ٥١٧ أبواب تروك الإحرام ب ٦٤ ح ٦.

(٥) الكافي ٤ : ٣٥١ / ٧ ، الوسائل ١٢ : ٥١٩ أبواب تروك الإحرام ب ٦٤ ح ١٣.

(٦) الروضة ٢ : ٢٤٥.

(٧) الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٣١.

(٨) لم نعثر إلاّ على خبر زرارة راجع الوسائل ١٢ : ٥١٩ أبواب تروك الإحرام ب ٦٤ ح ١٤.

٣٠٦

وهل يجوز التظليل اختياراً مع الفداء؟ الأقوى لا ، وفاقاً للتهذيبين والتذكرة والمنتهى كما نقل (١) ؛ للصحيح : أُظلّل وأنا محرم؟ قال : « لا » قال : أفأظلّل وأكفّر؟ قال : « لا » قال : فإن مرضت؟ قال : « ظلّل وكفّر » (٢).

خلافاً للمحكي عن المقنع فقال : لا بأس أن يضرب على المحرم الظلال ويتصدق بمدّ لكل يوم (٣). ومستنده غير واضح.

نعم في الدروس : وروى علي بن جعفر جوازه مطلقاً ويكفّر (٤).

وقيل : إن أراد روايته أنه سأل أخاه : أُظلّل وأنا محرم؟ فقال : « نعم وعليك الكفارة » (٥) فيحتمل الضرورة (٦).

( ولو زامل ) الصحيح ( عليلاً أو امرأة اختصّا بالظلال دونه ) بغير خلاف أعرفه ، وبه صرّح جماعة (٧) ؛ للعمومات ، وخصوص رواية صريحة (٨). ولا يعارضها المرسلة (٩) ؛ لضعفها عن المقاومة لها سنداً ودلالةً‌

__________________

(١) نقله عنهم في كشف اللثام ١ : ٣٣١.

(٢) الفقيه ٢ : ٢٢٥ / ١٠٥٩ ، التهذيب ٥ : ٣١٣ / ١٠٧٥ ، الاستبصار ٢ : ١٨٧ / ٦٢٧ ، علل الشرائع : ٤٥٢ / ١ ، الوسائل ١٢ : ٥١٦ أبواب تروك الإحرام ب ٦٤ ح ٣.

(٣) المقنع : ٧٤ ، وحكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٣٣١.

(٤) الدروس ١ : ٣٧٧.

(٥) التهذيب ٥ : ٣٣٤ / ١١٥٠ ، الوسائل ١٣ : ١٥٤ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ٦ ح ٢.

(٦) كشف اللثام ١ : ٣٣١.

(٧) منهم : السبزواري في الذخيرة : ٥٩٨ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٣١ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٤٨٣.

(٨) الكافي ٤ : ٣٥٢ / ١٢ ، الفقيه ٢ : ٢٢٦ / ١٠٦١ ، التهذيب ٥ : ٣١١ / ١٠٦٨ ، الإستبصار ٢ : ١٨٥ / ٦١٦ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٦ أبواب تروك الإحرام ب ٦٨ ح ١.

(٩) التهذيب ٥ : ٣١١ / ١٠٦٩ ، الإستبصار ٢ : ١٨٥ / ٦١٧ ، الوسائل ١٢ : ٥٢٦ أبواب تروك الإحرام ب ٦٨ ح ٢.

٣٠٧

واعتباراً.

( ويحرم قصّ الأظفار ) بإجماع علماء الأمصار ، كما في المنتهى والتذكرة (١) ، وفي غيرهما بالإجماع (٢).

والمعتبرة المستفيضة ، منها : الصحيح : « من قلم أظافيره ناسياً أو ساهياً أو جاهلا فلا شي‌ء عليه ، ومن فعله متعمداً فعليه دم » (٣).

ومنها : عن المحرم يطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه ، قال : « لا يقصّ شيئاً منها إن استطاع ، وإن كانت تؤذيه فليقصّها ، وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام » (٤).

والمراد بالقصّ فيه معناه الأعم ، وهو مطلق الإزالة والقطع ، المعبّر عنه في غيره بالقلم (٥) ، لا الأخص الذي هو القصّ بالمِقصّ ، كما صرَّح به جمع (٦).

ويستفاد منه جواز الإزالة مع الضرورة ، ونفى الفاضل عنه الخلاف بين العلماء في المنتهى والتذكرة (٧) ، ولكن استشكل فيهما في الفدية ، ولا وجه له بعد الأمر بها في الرواية الصحيحة.

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٧٩٤ ، التذكرة ١ : ٣٣٩.

(٢) انظر مفاتيح الشرائع : ٣٣٩.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٣ / ١١٤٥ ، الإستبصار ٢ : ١٩٥ / ٦٥٥ ، الوسائل ١٣ : ١٦ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٠ ح ٥.

(٤) الكافي ٤ : ٣٦٠ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٢٨ / ١٠٧٧ ، التهذيب ٥ : ٣١٤ / ١٠٨٣ ، الوسائل ١٣ : ١٦٣ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢ ح ٤.

(٥) انظر الوسائل ١٣ : أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢ الأحاديث ١ ، ٢ ، ٣ ، ٥ ، ٦.

(٦) منهم : الشهيد الثاني في الروضة البهية ٢ : ٢٤٠ ، وصاحب المدارك ٧ : ٣٦٨ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٩٦.

(٧) المنتهى ٢ : ٧٩٥ ، التذكرة ١ : ٣٣٩.

٣٠٨

ويستفاد منها أيضاً عدم الفرق في المنع بين الكل والبعض ، وبه صرّح جمع (١) وأخبار أُخر (٢).

( وقطع الشجر والحشيش ) النابتين في الحرم ، بإجماع العلماء ، كما في الكتابين وغيرهما (٣) ؛ للصحاح المستفيضة (٤).

قيل : ولا خلاف في جواز قطعهما في الحلّ للمحرم وغيره ، ولا في عموم حرمة قطعهما في الحرم لهما ، والنصوص ناطقة بالأمرين ، والقطع يعمّ القلع وقطع الغصن والورق والثمر ، والأمر كذلك (٥) ؛ لعموم نحو الصحيح : « كل شي‌ء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين » (٦).

والخبر أو الصحيح : المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ قال : « نعم » قال : فمن الحرم؟ قال : « لا » (٧) ونحوه آخر (٨).

وعمومها يشمل الرطب واليابس ، خلافاً لجماعة فقيّدوها باليابس فلم يمنعوا قطعه (٩).

ووجهه غير واضح ، عدا اختصاص بعض الأخبار ، وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) منهم العلاّمة في التذكرة ١ : ٣٣٩ ، والشهيدان في الدروس ١ : ٣٨١ ، والمسالك ١ : ١١١.

(٢) الوسائل ١٣ : ١٦٢ أبواب بقية كفارات الإحرام ب ١٢.

(٣) التذكرة ١ : ٣٤٠ ، المنتهى ٢ : ٧٩٧ ؛ وانظر المدارك ٧ : ٣٦٩.

(٤) انظر الوسائل ١٢ : أبواب تروك الإحرام ب ٨٥ ، ٨٦.

(٥) كشف اللثام ١ : ٣٢٧.

(٦) الكافي ٤ : ٢٣٠ / ٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٢ أبواب تروك الإحرام ب ٨٦ ح ١.

(٧) الفقيه ٢ : ١٦٦ / ٧٢١ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٢ أبواب تروك الإحرام ب ٨٥ ح ٢.

(٨) الكافي ٤ : ٣٦٥ / ٢ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٢ أبواب تروك الإحرام ب ٨٥ ح ١.

(٩) منهم العلاّمة في التذكرة ١ : ٣٤٠ ، والتحرير ١ : ١١٥ ، والشهيدان في الدروس ١ : ٣٣٥ ، والمسالك ١ : ١١١.

٣٠٩

« لا يُختلى خَلاها ولا يُعضد شجرها » (١) به ، وهو لا يفيد التقييد.

هذا مع أن المحكي عن الجوهري أن الخَلى مقصوراً الحشيش اليابس (٢). فيفيد الضد ، ولكن المحكي عن النهاية والقاموس (٣) خلافه.

ثم التحريم في الصحيح يعمّ القطع والانتفاع مطلقاً ، فلو انكسر غصن أو سقط ورق لم يجز الانتفاع به ، سواء كان ذلك بفعل آدمي أو غيره ، إلاّ أن المحكي عن التذكرة والمنتهى (٤) دعوى الإجماع على جوازه في الثاني ، واستقرابه في الأول ، ولعلّه لمنع عموم الصحيح للانتفاع ، باحتمال اختصاصه بحكم التبادر وغيره بالقطع دون غيره.

ثم المحرّم كل شجر وحشيش في الحرم ( إلاّ أن ينبت في ملكه ) كما في عبارة جماعة (٥) ؛ للخبر ، أو القوي ، بل الصحيح كما قيل (٦) ووجهه غير واضح ـ : عن الرجل قلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم ، فقال : « إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو يتخذ المِضرب فليس له أن يقلعها ، وإن كانت طرأ عليه فله قلعها » (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٢٢٥ / ٣ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٧ أبواب تروك الإحرام ب ٨٨ ح ١.

اختلاه : جزّه وقطعه ونزعه. عضد الشجر : قطعه. لسان العرب ٣ : ٢٩٤ و١٤ : ٢٤٣.

(٢) حكاه عنه في الذخيرة : ٥٩٦.

(٣) النهاية ٢ : ٧٥ ، القاموس ٤ : ٣٢٧.

(٤) حكاه عنهما في كشف اللثام ١ : ٣٢٧ ، وهو في التذكرة ١ : ٣٤١ ، والمنتهى ٢ : ٧٩٨.

(٥) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣٥٤ ، والمحقق في الشرائع ١ : ٢٥١ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ٨٢.

(٦) كشف اللثام ١ : ٣٢٧.

(٧) التهذيب ٥ : ٣٨٠ / ١٣٢٦ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٤ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ، ح ٢.

٣١٠

ونحوه آخر لراويه : في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم ، فقال : « إن بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها ، وإن كانت نبتت في منزله وهو له فله قلعها » (١).

وفيهما ضعف سنداً بالجهالة ، ودلالةً بالأخصية من المدّعى ؛ لاختصاصهما بالشجرة والدار ، كما وقع التعبير بها في عبائر جماعة (٢) ، والمنزل كما في عبائر آخرين (٣) ، ودعوى عدم القول بالفصل (٤) لما عرفت غير مسموعة.

فإذاً الأجود الاقتصار على موردهما إن عملنا بهما بزعم انجبار ضعف سندهما بفتوى الجماعة ، وإلاّ فيشكل هذا الاستثناء.

نعم ، لا بأس باستثناء ما غرسه الإنسان وأنبته ، سواء كان في ملكه أو غيره ؛ للصحيح : « إلاّ ما أنبتّه أنت أو غرسته » (٥).

وحكي الفتوى بإطلاقه كما اخترناه عن النهاية والمبسوط والسرائر والنزهة والمنتهى والتذكرة (٦) ، خلافاً للمحكي عن ابني براج وزهرة والكندري (٧) ، فقيدوه بملكه ، ولم نقف على دليله.

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٨ / ١٣٢٧ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٤ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٣.

(٢) منهم : الشيخ في النهاية : ٢٣٤ ، والقاضي في المهذب ١ : ٢٢٠ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ١٨٥.

(٣) منهم : الشيخ في التهذيب ٥ : ٣٨٠ ، والعلاّمة في التحرير ١ : ١١٥.

(٤) كما في المدارك ٧ : ٣٧٠ والذخيرة : ٥٩٦.

(٥) الفقيه ٢ : ١٦٦ / ٧١٨ ، التهذيب ٥ : ٣٨٠ / ١٣٢٥ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٢ أبواب تروك الإحرام ب ٨٦ ح ٤.

(٦) حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٣٢٧ ، وهو في النهاية : ٢٣٤ ، والمبسوط ١ : ٣٥٤ ، والسرائر ١ : ٥٥٤ ، والنزهة : ٦١ ، والمنتهى ٢ : ٧٩٧ و٧٩٨ والتذكرة ١ : ٣٤١.

(٧) حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٣٢٧ وهو في المهذب ١ : ٢٢٠ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٥.

٣١١

( ويجوز قطع الإذخر ) (١) بغير خلاف أجده ، وبه صرّح في الذخيرة (٢) ، بل عليه الإجماع في المنتهى والتذكرة (٣) ؛ للمعتبرة (٤).

( وشجر الفواكه والنخل ) سواء أنبته الله تعالى أو الآدميون فيما قطع به الأصحاب ، كما في المدارك والذخيرة (٥) ، وفيهما : أن ظاهر المنتهى كونه موضع وفاق بينهم ، وفي غيرهما عن صريح الخلاف الإجماع (٦) ؛ للموثق (٧).

وقد استثنى جماعة عودَي المَحالة (٨) بفتح الميم ، البَكَرة العظيمة (٩) ؛ لرواية في سندها إرسال وجهالة (١٠) ، ولعلّه لذا لم يستثنها الماتن وجماعة (١١).

( وفي ) جواز ( الاكتحال بالسواد ، والنظر في المرآة ، ولبس الخاتم للزينة ، ولبس المرأة ما لم تعتده من الحليّ ) لا للزينة ( والحجامة ) بل مطلق إخراج الدم بالفصد أو الحك والسواك ( إلاّ للضرورة ، ودلك الجسد ،

__________________

(١) الإذخر بكسر الهمزة والخاء : نبات معروف عريض الأوراق طيب الرائحة يسقف به البيوت .. مجمع البحرين ٣ : ٣٠٦.

(٢) الذخيرة : ٥٩٦.

(٣) المنتهى ٢ : ٧٩٨ ، التذكرة ١ : ٣٤١.

(٤) الوسائل ١٢ : ٥٥٤ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧.

(٥) المدارك ٧ : ٣٧٠ ، الذخيرة : ٥٩٦.

(٦) انظر كشف اللثام ١ : ٣٢٧.

(٧) الفقيه ٢ : ١٦٦ / ٧٢٠ ، التهذيب ٥ : ٣٧٩ / ١٣٢٤ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٤ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ١.

(٨) منهم : الشيخ في التهذيب ٥ : ٣٨١ ، والشهيد الأوّل في الدروس ١ : ٣٨٩ ، وصاحب المدارك ٧ : ٣٧١ والسبزواري في الذخيرة : ٥٩٦.

(٩) البكَرَة : التي يستقى عليها ، وهي خشبة مستديرة في وسطها محزّ للحبل وفي جوفها محور تدور عليه. لسان العرب. ٤ : ٨٠.

(١٠) التهذيب ٥ : ٣٨١ / ١٣٣٠ ، الوسائل ١٢ : ٥٥٥ أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٥.

(١١) منهم : الشيخ في المبسوط ١ : ٣٥٤ ، والعلاّمة في الإرشاد ١ : ٣٢٢ ، والشهيد الأوّل في الدروس ١ : ٣٨٩.

٣١٢

ولبس السلاح إلاّ مع الضرورة قولان ، أشبههما : الكراهة ) في الدلك قطعاً وإن ورد النهي عنه في الصحيحين (١) وغيرهما (٢) ؛ لوجوب حمله على الكراهة ، أو صورة مظنة الإدماء ، أو سقوط الشعر ، لعدم ظهور القائل بتحريمه مطلقاً ، ولا نقله صريحاً ولا ظاهراً إلاّ في العبارة ، ولم نعثر على قائله ، فهو نادر.

مضافاً إلى ورود الرخصة بحكّ الرأس واللحية ما لم يُدْمِ في المعتبرة (٣) ، وفيها الصحيح وغيره ، وهو في معنى الدلك ، ولعلّه لذا قال في التنقيح بالتفصيل بين إدمائه فالتحريم ، وإلاّ فالكراهة (٤).

والتحريم كذلك في لبس الخاتم للزينة ؛ لفحوى الصحاح المحرِّمة للأوّلين ، معلّلة بأنهما من الزينة (٥).

مضافاً إلى النهي عنه في رواية (٦) منجبر قصور سندها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل لا خلاف فيها يظهر ، كما صرّح به جمع ممن تأخر (٧).

مع سلامتها عن المعارض سوى الأصل وإطلاق الخبر : « لا بأس‌

__________________

(١) الأوّل : الفقيه ٢ : ٢٢٨ / ١٠٨١ ، التهذيب ٥ : ٣١٤ / ١٠٨١ ، الإستبصار ٢ : ١٨٤ / ٦١١ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٧ أبواب تروك الإحرام ب ٧٦ ح ١.

الثاني : الفقيه ٢ : ٢٣ / ١٠٩٣ ، التهذيب ٥ : ٣١٣ / ١٠٧٩ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٥ أبواب تروك الإحرام ب ٧٥ ح ١.

(٢) انظر الوسائل ١٢ : ٥٣٧ أبواب تروك الإحرام ب ٧٦.

(٣) الوسائل ١٢ : ٥٣٣ أبواب تروك الإحرام ب ٧٣.

(٤) التنقيح الرائع ١ : ٤٧٥.

(٥) الوسائل ١٢ : ٤٦٩ أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ٤ ، وص ٤٧٢ ب ٣٤ ح ٣.

(٦) التهذيب ٥ : ٧٣ / ٢٤٢ ، الإستبصار ٢ : ١٦٥ / ٥٤٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٠ أبواب تروك الإحرام ب ٤٦ ح ٤.

(٧) منهم : الفاضل المقداد في التنقيح الرائع ١ : ٤٧٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ١ : ٣٣١ ، والسبزواري في الذخيرة : ٥٩٤.

٣١٣

بلبس الخاتم للمحرم » (١) ويجب تخصيصهما بها ، مع ضعف الرواية.

وأما ما عداهما فالمنع فيه أشهر وأقوى ؛ للصحاح المستفيضة في الأولين (٢) ، وندرة القول بالجواز فيهما ، إذ لم يحك إلاّ عن الشيخ في الخلاف (٣) وقد رجع عنه في المبسوط (٤) ، نعم حكي عن الغنية فيهما (٥) ، وعن الوسيلة والمهذّب في الثاني (٦) ، وصرّح بالشذوذ فيهما بعض الأصحاب (٧).

ولا مستند للجواز فيهما سوى الأصل المخصَّص بما مرّ ، وإطلاق جملة من النصوص وفيها الصحيح بجواز الاكتحال بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه ، كما فيه (٨) ، وبكحل فارسي لا كحل فيه زعفران ، ما في غيره (٩) ، ويجب تقييدها بما يرجع إلى المختار ترجيحاً لأدلته عليها من وجوه شتّى.

ومفهوم الصحيح في الرابع : « إذا كان للمرأة حليّ لم تحدثه للإحرام لم تنزع حليّها » (١٠).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٣ / ٢٢ ، التهذيب ٥ : ٧٣ / ٢٤٠ ، الإستبصار ٢ : ١٦٥ / ٥٤٢ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٠ أبواب تروك الإحرام ب ٤٦ ح ١.

(٢) انظر الهامش (٥) من نفس الصفحة.

(٣) حكاه عنه في التنقيح الرائع ١ : ٤٧٣ وكشف اللثام ١ : ٣٢٦ ، وهو في الخلاف ٢ : ٣١٣.

(٤) المبسوط ١ : ٣٢١.

(٥) حكاه عنه في كشف اللثام ١ : ٣٢٦ ، وهو في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٧.

(٦) كما حكاه عنهما في كشف اللثام ١ : ٣٢٦ ، وهو في الوسيلة : ١٦٤ ، والمهذّب ١ : ٢٢١.

(٧) الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع ١ : ٣٣٨.

(٨) التهذيب ٥ : ٣٠٢ / ١٠٢٨ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٨ أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ١.

(٩) التهذيب ٥ : ٣٠١ / ١٠٢٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٩ أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ٦.

(١٠) الفقيه ٢ : ٢٢٠ / ١٠٢١ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٩ أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ٦.

٣١٤

وإطلاق الصحيح المحمول عليه : « المحرمة لا تلبس الحليّ ولا المصبغات إلاّ صبغاً لا يردع » (١) مع احتماله بإطلاقه الحمل على الكراهة ، كما يعرب عنه النهي عن المصبغات.

والقول الثاني فيه محكي عن الاقتصاد والتهذيب والاستبصار والجمل والعقود والجامع (٢).

ولا مستند له سوى الأصل وإطلاق جملة من الصحاح وغيرها بجواز لبسها الحُليّ كلّها إلاّ حُليّا مشهوراً للزينة كما في بعضها (٣) ، ولبسها المَسَك والخلخالين مطلقاً كما في غيره (٤) ، أو الحُلي كلّه إلاّ القِراط والقلادة المشهورة (٥).

وينبغي تقييدها بما عرفته وإن احتمل الجمع بالكراهة ؛ لرجحان ما ذكرناه بالأُصول والشهرة العظيمة حتى أن في التنقيح قال : لم أقف فيه على خلاف لأحكيه (٦). ولكن فيه ما فيه.

والصحاح المستفيضة في الخامس :

منها : عن المحرم يحتجم؟ قال : « لا ، إلاّ أن لا يجد بدّاً فليحتجم ولا‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٤٤ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٧٤ / ٢٤٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٦ أبواب تروك الإحرام ب ٤٩ ح ٢.

(٢) حكاه عنهم في كشف اللثام ١ : ٣٣٠ ، وهو في الاقتصاد : ٣٠٢ ، والتهذيب ٥ : ٧٥ ، والاستبصار ٢ : ٣٠٩ ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٢٩ ، والجامع للشرائع : ١٨٥.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٠ / ١٠١٦ ، التهذيب ٥ : ٧٥ / ٢٤٩ ، الإستبصار ٢ : ٣١٠ / ١١٠٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٧ أبواب تروك الإحرام ب ٤٩ ح ٤.

(٤) الوسائل ١٢ : ٤٩٨ أبواب تروك الإحرام ب ٤٩ ح ٤.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٢٠ / ١٠١٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٩٧ أبواب تروك الإحرام ب ٤٩ ح ٦.

(٦) التنقيح الرائع ١ : ٤٧٤.

٣١٥

يحلق مكان المحاجم » (١).

ونحوه أخبار مستفيضة (٢).

ومنها : عن المحرم كيف يحكّ رأسه؟ قال : « بأظافيره ما لم يدمِ أو يقطع الشعر » (٣).

ومنها : عن المحرم يستاك؟ قال : « نعم ولا يدمي » (٤).

والقول الثاني فيه للخلاف وجماعة (٥) ؛ للأصل ، والصحيح : « لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر » (٦).

ويجب تقييدهما بحال الضرورة لما مرّ وإن احتمل الجمع بالكراهة ؛ لرجحان الأول بنحو ما عرفته.

نعم في الصحيح : المحرم يستاك؟ قال : « نعم » قال : فإن أدمى يستاك؟ قال : « نعم هو السنّة » (٧).

والخبر : عن المحرم يحتجم؟ قال : « لا أُحبّه » (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٣٦٠ / ١ ، الوسائل ١٢ : ٥١٢ أبواب تروك الإحرام ب ٦٢ ح ١.

(٢) انظر الوسائل ١٢ : ٥١٢ أبواب تروك الإحرام ب ٦٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٢٩ / ١٠٧٨ ، التهذيب ٥ : ٣١٣ / ١٠٧٦ ، الوسائل ١٢ : ٥٣١ أبواب تروك الإحرام ب ٧١ ح ١.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٣ / ١٠٧٨ ، الوسائل ١٢ : ٥٣٤ أبواب تروك الإحرام ب ٧٣ ح ٣.

(٥) الخلاف ٢ : ٣١٥ ؛ حكاه عن ابن حمزة في المختلف : ٢٦٩ ، واختاره في المدارك ٧ : ٣٦٧ ، والذخيرة : ٥٩٥.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٢٢ / ١٠٣٣ ، التهذيب ٥ : ٣٠٦ / ١٠٤٦ ، الإستبصار ٢ : ١٨٣ / ٦١٠ ، الوسائل ١٢ : ٥١٣ أبواب تروك الإحرام ب ٦٢ ح ٥.

(٧) الكافي ٤ : ٣٦٦ / ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٢٢ / ١٠٣٢ ، علل الشرائع : ٤٠٨ / ١ ، الوسائل ١٢ : ٥٦١ أبواب تروك الإحرام ب ٩٢ ح ١.

(٨) التهذيب ٥ : ٣٠٦ / ١٠٤٥ ، الإستبصار ٢ : ١٨٣ / ٦٠٩ ، الوسائل ١٢ : ٥١٣ أبواب تروك الإحرام ب ٦٢ ح ٤.

٣١٦

وهما وإن كانا ظاهرين في الكراهة ، إلاّ أن الأخير ضعيف السند بالجهالة ، مع عدم وضوح كامل في الدلالة ك‍ « لا ينبغي » في بعض الصحاح. والأوّل متروك الظاهر ؛ لدلالته على أنه السنّة مطلقاً حتى في الصورة المفروضة ، ولا قائل بها ، للإجماع على الكراهة ، فينبغي طرحه أو حمله على صورة عدم العلم بالإدماء.

ومفهوم الصحاح وغيرها في لبس السلاح (١).

والقول الثاني لم أعرف قائله وإن حكاه الماتن هنا والفاضل في المختلف ، ولكن لم يصرّح به (٢).

ومع ذلك فلا مستند له سوى الأصل ، المخصَّص بما مرّ ، وتضعيفه بأنه مفهوم. وهو ضعيف ، لحجية هذا المفهوم.

لكن ربما يقال : إنه إنما يعتبر إذا لم يظهر للتعليق وجه سوى نفي الحكم عمّا عدا محل الشرط ، وهنا ليس كذلك ، إذ لا يبعد أن يكون التعليق باعتبار عدم الاحتياج إلى لبس السلاح عند انتفاء الخوف. وفيه نظر.

( والمكروهات ) أُمور :

منها : ( الإحرام في غير البياض ) على المشهور ، والمستند على العموم غير معلوم ، بل المستفاد من جملة من النصوص عدم البأس بالمصبوغ بالعصفر وغيره ، والمصبوغ بمشق وغيره ، إلاّ ما فيه شهرة بين الناس (٣) ،

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٥٠٤ أبواب تروك الإحرام ب ٥٤.

(٢) المختلف : ٢٧٠.

(٣) الوسائل ١٢ : ٤٧٩ ، ٤٨٢ أبواب تروك الإحرام ب ٤٠ ، ٤٢.

٣١٧

وحكي الفتوى به عن المنتهى ، عازياً له إلى علمائنا (١) ، ولعلّه الأقوى وإن كان اختيار البياض أولى.

( ويتأكد ) الكراهة في الإحرام ( في السود ) حتى إن الشيخ ظاهره المنع عنه في المبسوط والنهاية (٢) ، وتبعه ابن حمزة (٣) ؛ للنهي عنه في الموثق : « لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفّن به الميت » (٤).

وحمله الأكثر على الكراهة ؛ لإشعار النهي عن التكفين به ، فإنه فيه لها قطعاً ؛ وجمعاً بينه وبين الصحيح المجوّز للتكفين في كلّ ما تجوز فيه الصلاة (٥) ، بناءً على جواز الصلاة فيه قطعاً وإن أمكن الجمع بينهما بالتقييد ، بل هو أولى. لكن صحة السند والاعتضاد بالعمل ومهجورية الموثق الآن ، بل عند الشيخ أيضاً حيث نزّل الحلّي منعه عنه على الكراهة (٦) ، وجَعَل الجمع بالكراهة أولى.

( وفي الثياب الوسخة ) وإن كانت طاهرة ؛ للصحيح ، وفيه : « ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحلّ وإن توسّخ إلاّ أن تصيبه جنابة أو شي‌ء فيغسله » (٧).

__________________

(١) المنتهى ٢ : ٦٨٢.

(٢) المبسوط ١ : ٣١٩ ، النهاية : ٢١٧.

(٣) الوسيلة : ١٦٣.

(٤) الكافي ٤ : ٣٤١ / ١٣ ، الفقيه ٢ : ٢١٥ / ٩٨٣ ، التهذيب ٥ : ٦٦ / ٢١٤ ، الوسائل ١٢ : ٣٥٨ أبواب الإحرام ب ٢٦ ح ١.

(٥) الفقيه ١ : ٨٩ / ٤١٣ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ / ٨٥٢ ، الوسائل ٣ : ١٥ أبواب التكفين ب ٤ ح ١.

(٦) السرائر ١ : ٥٤٢ وهو في المبسوط ١ : ٣١٩.

(٧) الكافي ٤ : ٣٤١ / ١٤ ، الفقيه ٢ : ٢١٥ / ٩٨٠ ، التهذيب ٥ : ٧١ / ٢٣٤ ، الوسائل ١٢ : ٤٧٦ أبواب تروك الإحرام ب ٣٨ ح ١.

٣١٨

وظاهره المنع عن الغسل إذا توسّخ في الأثناء ، كما هو ظاهر الدروس (١) ، ويحتمل كلامه الكراهة ، كما صرَّح به الحلّي وشيخنا في الروضة (٢).

( وفي ) الثياب ( المُعلَمة ) بالبناء للمجهول ، قيل : هي المشتملة على لون يخالف لونها حال عملها ، كالثوب المحوك من لونين ، أو بعده بالطرز والصبغ (٣) ؛ للصحيح : « لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلَم وتركه أحب إليّ إذا قدر على غيره » (٤).

ولكن في جملة من النصوص نفي البأس عنها على الإطلاق ، بل في بعضها بعده : « إنما يكره المُلحَم » (٥) (٦).

وقوله : ( والحِنّاء ) عطف على قوله : الإحرام ، أي ومن المكروهات الحنّاء واستعماله ( للزينة ) على المشهور كما في كلام جماعة (٧).

أما الجواز فللأصل والصحيح : عن الحِنّاء ، فقال : « إنّ المحرم ليمسّه ويداوي به بعيره ، وما هو بطيب ، وما به بأس » (٨).

وأما الكراهة فللشبهة الناشئة من احتمال الحرمة فتوًى وروايةً ،

__________________

(١) الدروس ١ : ٣٨٨.

(٢) الحلي في السرائر ١ : ٥٤٢ ، الروضة البهية ٢ : ٢٣٥.

(٣) الروضة البهية ٢ : ٢٣٥ والمسالك ١ : ١١١.

(٤) الفقيه ٢ : ٢١٦ / ٩٨٦ ، التهذيب ٥ : ٧١ / ٢٣٥ ، الوسائل ١٢ : ٤٧٩ أبواب تروك الإحرام ب ٣٩ ح ٣.

(٥) المُلحَم : جنس من الثياب وهو ما كان سداه إبريسم أي حرير أبيض ، ولُحمته غير إبريسم. المنجد : ٧١٦.

(٦) الكافي ٤ : ٣٤٢ / ١٦ ، الفقيه ٢ : ٢١٦ / ٩٨٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٧٨ أبواب تروك الإحرام ب ٣٩ ح ١ وفيه : إنما يحرم ..

(٧) منهم : العلاّمة في المختلف : ٢٦٩ ، والشهيد الثاني في الروضة البهية ٢ : ٢٤٣ ، وصاحب الحدائق ١٥ : ٥٦٠.

(٨) الكافي ٤ : ٣٥٦ / ١٨ ، الفقيه ٢ : ٢٢٤ / ١٠٥٢ ، التهذيب ٥ : ٣٠٠ / ١٠١٩ ، الإستبصار ٢ : ١٨١ / ٦٠٠ ، الوسائل ١٢ : ٤٥١ أبواب تروك الإحرام ب ٢٣ ح ١.

٣١٩

ولكالصحيح : عن امرأة خافت الشقاق وأرادت أن تحرم ، هل تخضب يدها بالحِنّاء قبل ذلك؟ قال : « ما يعجبني أن تفعل ذلك » (١).

وهو نصّ في الكراهة قبل الإحرام ، ويلحق به بعده ؛ للأولوية.

خلافاً لجماعة ، فاستوجهوا القول بالحرمة (٢) ؛ استناداً إلى جملة من الصحاح لتحريم جملة من المحرّمات إلى أنها زينة (٣) ، والعلّة هنا موجودة.

ولا معارض لها سوى الأصل ، ويجب تخصيصه بها. والحديثين السابقين ، ولا يصلحان للمعارضة ؛ لخروجهما عن محل البحث ، وهو استعمال المحرم الحِنّاء بعد الإحرام للزينة ، كما هو ظاهر نحو العبارة :

أما الأول فلاختصاصه باستعماله للتداوي خاصة ، كما يظهر من سياقه ، دون الزينة.

وأما الثاني فلاختصاصه مع قصور سنده بالاستعمال من المرأة قبل الإحرام في حال الضرورة ، ولا كلام في شي‌ء منهما.

فإذاً القول بالحرمة لا يخلو عن قوة ، وفاقاً لجماعة.

وهل يختص الحكم مطلقاً بما إذا قصد الزينة ، أم يعمّه وما إذا قصد السنّة؟ وجهان ، أحوطهما الثاني.

ثم هل يختص بالاستعمال بعد الإحرام ، أم يعمّه وقبله إذا بقي أثره بعده؟ قولان ، أحوطهما الثاني إن لم يكن أجودهما.

( والنقاب للمرأة ) والأصح التحريم ، بل قيل : لا أعلم خلافاً فيه (٤) ؛

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٢٣ / ١٠٤٢ ، التهذيب ٥ : ٣٠٠ / ١٠٢٠ ، الإستبصار ٢ : ١٨١ / ٦٠١ ، الوسائل ١٢ : ٤٥١ أبواب تروك الإحرام ب ٢٣ ح ٢.

(٢) منهم : العلامة في المختلف : ٢٦٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١١١ ، وصاحب المدارك ٧ : ٣٧٧.

(٣) انظر الوسائل ١٢ : ٤٦٨ أبواب تروك الإحرام ب ٣٣ ح ٣٤.

(٤) المدارك ٧ : ٣٧٨.

٣٢٠