إعلام الخلف - ج ٣

صادق العلائي

إعلام الخلف - ج ٣

المؤلف:

صادق العلائي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الآفاق للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٩
الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

كنت تعمل إلا طلب الحديث ؟ فقال : كنت إذ ذاك صبيا لا أعقل .

قلت : إذا [ كان ] مثل هذا الإمام يقول هذه المقالة في زمن التابعين أو بعدهم بيسير ، وطلب الحديث مضبوط بالاتفاق ، والأخذ عن الأثبات الأئمة فكيف لو رأى سفيان رحمه الله طلبة الحديث في وقتنا ، وما هم عليه من الهنات والتخبيط ، والأخذ عن جهلة بني آدم ، وتسميع ابن شهر :

أما الخِيامُ فَإنّها كَخِيامِهِمْ

وَأرى نِساءَ الحَيِّ غَيْرِ نِسائِها

قال عبد الرحمان بن يونس : حدثنا ابن عيينة قال : أول من جالست عبد الكريم أبا أمية وأنا ابن خمس عشرة سنة . قال : وقرأت القرآن وأنا ابن أربع عشرة سنة .

قال يحيى بن آدم : ما رأيت أحدا يختبر الحديث إلا ويخطئ ، إلا سفيان بن عيينة .

حدثنا سفيان قال : قال حماد بن أبي سليمان ، ولم أسمعه منه ، إذا قال لامرأته : أنت طالق ، أنت طالق ، أنت طالق ، بانت بالأولى ، وبطلت الاثنتان .

قال سفيان : رأيت حمادا قد جاء إلى طبيب على فرس .

قال أبو حاتم الرازي : سفيان بن عيينة إمام ثقة ، كان أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة ، قال : وأثبت أصحاب الزهري ، هو ومالك .

وقال عبد الرزاق : ما رأيت بعد ابن جريج مثل ابن عيينة في حسن المنطق . وروى إسحاق الكوسج عن يحيى : ثقة .

وعن ابن عيينة قال : الورع طلب العلم الذي به يعرف الورع .

روى سليمان بن أيوب : سمعت سفيان بن عيينة يقول : شهدت ثمانين

٤٦١
 &

موقفاً .

ويروى أن سفيان كان يقول في كل موقف : اللهم لا تجعله آخر العهد منك ، فلما كان العام الذي مات فيه لم يقل شيئا . وقال : قد استحييت من الله تعالى . وقد كان سفيان مشهورا بالتدليس ، عمد إلى أحاديث رفعت إليه من حديث الزهري ، فيحذف اسم من حدثه ، ويدلسها ، إلا أنه لا يدلس إلا عن ثقة عنده . فأما ما بلغنا عن يحيى بن سعيد القطان ، أنه قال : اشهدوا أن ابن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين ومئة ، فهذا منكر من القول ولا يصح ، ولا هو بمستقيم ، فإن يحيى القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين مع قدوم الوفد من الحج . فمن الذي أخبره باختلاط سفيان ، ومتى لحق أن يقول هذا القول وقد بلغت التراقي ؟ وسفيان حجة مطلقا ، وحديثه في جميع دواوين الإسلام ووقع لي كثير من عواليه ، بل وعند عبد الرحمان سبط الحافظ السلفي من عواليه جملة صالحة . وكان سفيان رحمه الله صاحب سنة واتباع .

حدثنا محمد بن منصور الجواز ، قال : رأيت سفيان بن عيينة سأله رجل : ما تقول في القرآن ؟ قال : كلام الله ، منه خرج ، وإليه يعود .

وقال محمد بن إسحاق الصاغاني : حدثنا لوين ، قال : قيل لابن عيينة : هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية ؟ قال : حق على ما سمعناها ممن نثق به ونرضاه .

حدثني أحمد بن نصر قال : سألت ابن عيينة وجعلت ألح عليه ، فقال : دعني أتنفس . فقلت : كيف حديث عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : إن الله يحمل السماوات على إصبع . وحديث : إن قلوب العباد بين

٤٦٢
 &

إصبعين من أصابع الرحمان . وحديث : إن الله يعجب أو يضحك ممن يذكره في الأسواق . فقال سفيان : هي كما جاءت نقر بها ونحدث بها بلا كيف .

حدثني عبيد بن جناد : سمعت ابن عيينة ، وسألوه أن يحدث ، فقال : ما أراكم للحديث موضعا ، ولا أراني أن يؤخذ عني أهلا ، وما مثلي ومثلكم إلا ما قال الأول : افتضحوا فاصطلحوا .

قال إبراهيم بن الأشعث : سمعت ابن عيينة يقول : من عمل بما يعلم كفي ما لم يعلم .

وعن سفيان بن عيينة قال : من رأى أنه خير من غيره فقد استكبر ، ثم ذكر إبليس .

وقال أحمد بن أبي الحواري : قلت لسفيان بن عيينة : ما الزهد في الدنيا ؟ قال : إذا أنعم عليه فشكر ، وإذا ابتلي ببلية فصبر ، فذلك الزهد .

قال علي بن المديني : كان سفيان إذا سئل عن شئ يقول : لا أحسن . فنقول : من نسأل ؟ فيقول : سل العلماء ، وسل الله التوفيق .

قال إبراهيم بن سعيد الجوهري : سمعت ابن عيينة يقول : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص . الطبراني : حدثنا بشر بن موسى ، حدثنا الحميدي : قيل لسفيان بن عيينة : إن بشرا المريسي يقول : إن الله لا يرى يوم القيامة . فقال : قاتل الله الدويبة ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : ( كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ) فإذا احتجب عن الأولياء والأعداء ، فأي فضل للأولياء على الأعداء ؟

وقال أبو العباس السراج في تاريخه : حدثنا عباس بن أبي طالب حدثنا

٤٦٣
 &

أبو بكر عبد الرحمان بن عفان ، سمعت ابن عيينة في السنة التي أخذوا فيها بشرا المريسي بمنى ، فقام سفيان في المجلس مغضباً ، فقال : لقد تكلموا في القدر والاعتزال ، وأمرنا باجتناب القوم ، رأينا علماءنا ، هذا عمرو بن دينار ، وهذا محمد بن المنكدر ، حتى ذكر أيوب بن موسى ، والأعمش ، ومسعرا ، ما يعرفونه إلا كلام الله ، ولا نعرفه إلا كلام الله ، فمن قال غير ذا ، فعليه لعنة الله مرتين فما أشبه هذا بكلام النصارى فلا تجالسوهم .

قال المسيب بن واضح : سئل ابن عيينة عن الزهد : قال : الزهد فيما حرم الله . فأما ما أحل الله فقد أباحكه الله ، فإن النبيين قد نكحوا ، وركبوا ولبسوا ، وأكلوا ، لكن الله نهاهم عن شيء ، فانتهوا عنه ، وكانوا به زهاداً .

وعن ابن عيينة قال : إنما كان عيسى ابن مريم لا يريد النساء ، لأنه لم يخلق من نطفة .

قال أحمد بن حنبل : حدثنا سفيان قال : لم يكن أحد فيما نعلم أشد تشبها بعيسى بن مريم من أبي ذر .

وروى علي بن حرب ، وسمعت سفيان بن عيينة في قوله : ( وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ) قال : الصالحون : هم أصحاب الحديث .

وروى أحمد بن زيد بن هارون ، حدثنا إبراهيم بن المنذر : سمعت ابن عيينة يقول : أنا أحق بالبكاء من الخطيئة ، هو يبكي على الشعر ، وأنا أبكي على الحديث .

قال شيخ الإسلام ـ أراد ابن تيمية ـ عقيب هذا : أراه قال هذا حين حصر في البيت عن الحديث ، لأنه اختلط قبل موته بسنة . قلت ـ الذهبي ـ :

٤٦٤
 &

هذا لا نسلمه فأين إسنادك به ؟! .

قال محمود بن والان : سمعت عبد الرحمان بن بشر : سمعت ابن عيينة يقول : غضب الله الداء الذي لا دواء له ، ومن استغنى بالله ، أحوج الله إليه الناس) .

٤٦٥
 &

ملحق رقم (٢٨)

تذكرة الحفاظ ١ : ٣١٧ ت ٢٩٨ : يزيد بن هارون بن زاذى الحافظ القدوة ، شيخ الإسلام .

قال ابن المديني : ما رأيت أحفظ من يزيد بن هارون .

وقال يحيى بن يحيى : يزيد أحفظ من وكيع .

وقال أحمد : كان يزيد حافظا متقنا .

وقال زياد بن أيوب : ما رأيت ليزيد كتابا قط .

وقال علي بن شعيب : سمعت يزيد يقول أحفظ أربعة وعشرين ألف حديث بالإسناد ولا فخر ، وأحفظ للشاميين عشرين ألفا لا أسأل عنها .

وقال أحمد : يزيد كان له فقه ما كان وافهمه .

وقال أحمد بن سنان : ما رأيت أحسن صلاة منه لم يكن يفتر من الصلاة .

وعن عاصم بن علي قال : كان يزيد يقوم الليل وصلى الصبح بوضوء العتمة نيفا وأربعين سنة .

قال يحيى بن أبي طالب : سمعت من يزيد ببغداد وكان يقال في مجلسه سبعون ألفا .

قال العجلي : يزيد ثقة ثبت متعبد حسن الصلاة جدا يصلي الضحى ست عشرة ركعة ، بها من الجودة غير قليل وكان قد عمي .

قال ابن أبي شيبة : ما رأينا أتقن حفظاً من يزيد .

وقال أبو حاتم : يزيد ثقة إمام لا يسأل عن مثله .

٤٦٦
 &

وقال هشيم : ما بالمصريين مثل يزيد بن هارون .

وقال يزيد : ما دلست قط إلا في حديث فما بورك لي فيه .

وروى أحمد بن زهير عن أبيه قال : كان يعاب على يزيد حيث ذهب بصره انه ربما سئل عن حديث لا يعرفه فيأمر جارية له فتحفظه إياه من كتابه .

قلت : ما بهذا من بأس فيزيد حجة حافظ بلا مثنوية .

قال محمد بن رافع : سمعت يحيى بن يحيى كان بالعراق أربعة من الحفاظ شيخان يزيد بن زريع وهشيم ، وكهلان وكيع ويزيد .

قال الأبار : سمعت أحمد بن خالد يقول : سمعت يزيد يقول : سمعت حديث ألفتون مرة فحفظته وأحفظ عشرين ألفا فمن شاء فليدخل فيها حرفا . قلت ـ الذهبي ـ حديث الفتون سبع ورقات سمعناه .

قال زياد بن أيوب : ما رأيت ليزيد بن هارون كتاباً قط . حدثني ابن أكثم قال : قال لنا المأمون : لولا مكان يزيد بن هارون لأظهرت أن القرآن مخلوق . فقيل : ومن يزيد حتى يتقى ؟! قال : أخاف إن أظهرته فيرد علي فيختلف الناس وتكون فتنة ، قال : فخرج رجل إلى واسط فجاء إلى يزيد ، فقال : أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لك أريد أن أظهر القرآن مخلوق ، فقال : كذبت على أمير المؤمنين فإنه لا يحمل الناس على ما لا يعرفونه وذكر الحكاية وإسنادها صحيح .

الجرح والتعديل ٩ : ٢٩٥ ت ١٢٥٧ : سمعت أبا طالب قال : قال أحمد بن حنبل : كان يزيد بن هارون حافظا متقنا للحديث ، صحيح الحديث عن حجاج

٤٦٧
 &

بن أرطأة ، قاهرا لها حافظا لها .

عن يحيى بن معين أنه قال : يزيد بن هارون ثقة .

قال على بن المديني : يزيد بن هارون من الثقات .

قال عفان : أخذ يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة حفظا ، وهي صحاح بها من الاستواء غير قليل ومدحها . قال : انتخب أحمد بن حنبل على يزيد بن هارون بعض حديثه ، سألت أبي ـ ابن حنبل ـ عن يزيد بن هارون فقال : ثقة إمام صدوق في الحديث لا يسأل عن مثله .

سير أعلام النبلاء ٩ : ٣٥٨ : الإمام ، القدوة ، شيخ الإسلام ، الحافظ وكان رأسا في العلم والعمل ، ثقة حجة كبير الشأن . أكثر إلى الغاية عن محدثي الشام ابن عياش وبقية ، وكان ذاك نازلا عنده وإنما حسن سماع ذلك من أصحابهما في أيام أحمد بن حنبل ونحوه .

قال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله وقيل له : يزيد بن هارون له فقه ؟ قال : نعم ما كان أذكاه وأفهمه وأفطنه .

قال أبو حاتم الرازي : يزيد ثقة إمام لا يسأل عن مثله .

وقال محمد بن إسماعيل الصائغ نزيل مكة : قال رجل ليزيد بن هارون : كم جزؤك ؟ قال : وأنام من الليل شيئا ؟! إذا لا أنام الله عيني .

وقال يحيى بن أبي طالب : سمعت من يزيد ببغداد وكان يقال : إن في مجلسه سبعين ألفا ، قلت : احتفل محدثو بغداد وأهلها لقدوم يزيد وازدحموا عليه لجلالته وعلو إسناده .

قال أحمد بن سنان : كان يزيد وهشيم معروفين بطول صلاة الليل

٤٦٨
 &

والنهار .

وقال يعقوب بن شيبة : كان يزيد يعد من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر .

عن شاذ بن يحيى سمع يزيد بن هارون يقول : من قال القرآن مخلوق فهو زنديق .

وقد كان يزيد رأسا في السنة معاديا للجهمية منكرا تأويلهم في مسألة الاستواء .

قال محمد بن رافع : سمعت يحيى بن يحيى يقول : كان بالعراق أربعة من الحفاظ شيخان يزيد زريع وهشيم وكهلان وكيع ويزيد بن هارون ، ويزيد أحفظهما .

الأبار سمعت أحمد بن خالد ، يقول : سمعت يزيد بن هارون ، يقول : سمعت حديث الصور مرة فحفظته وأحفظ عشرين ألفا فمن شاء فليدخل فيها .

حدثنا عبد الوهاب بن الحكم قال : كان المأمون يسأل عن يزيد بن هارون يقول : ما مات وما امتحن الناس حتى مات .

عن يزيد بن هارون أخبرنا زكريا عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : « إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي » .

سمعت أحمد بن سنان يقول : كان يزيد يكره قراءة حمزة كراهة شديدة .

تاريخ بغداد ١٤ : ٣٣٩ : قال علي بن المديني : لم أر أحفظ من يزيد بن

٤٦٩
 &

هارون ، وقال في موضع آخر : ما رأيت أحدا أحفظ عن الصغار والكبار من يزيد بن هارون .

قال : سمعت أحمد بن أبي الطيب يقول : سمعت يزيد بن هارون وقيل له : إن هارون المستملي يريد أن يدخل عليك (يعني في حديثك) فتحفظ ، فبينا هو كذلك إذ دخل هارون : فسمع يزيد نغمته ، فقال : يا هارون ! بلغني إنك تريد أن تدخل علي في حديثي فاجهد جهدك ، لا أرعى الله عليك إن أرعيت أحفظ ثلاثة وعشرين ألف حديث ولا بغى ، لا أقامني الله إن كنت لا أقوم بحديثي .

حدثنا الفضل (يعني بن زياد) قال : سمعت أبا عبد الله ـ أحمد بن حنبل ـ وقيل له : يزيد بن هارون له فقه ؟ قال : نعم ، ما كان أفطنه وأذكاه وأفهمه ، قيل له : فابن علية ؟ فقال : كان له فقه إلا أني لم أخبره خبري يزيد بن هارون ، ما كان أجمع أمر يزيد صاحب صلاة حافظ متقن للحديث صرامة وحسن مذهب .

حدثني أبي قال : يزيد بن هارون واسطي سلمي يكنى أبا حذيفة ثبت في الحديث ، وكان متعبدا حسن الصلاة جدا ، وكان قد عمى ، كان يصلي الضحى ست عشرة ركعة بها من الجودة غير قليل ، وقال : ما أحب أن أحفظ القرآن حتى لا أخطئ فيه شيئا ، لئلا يدركني ما قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في الخوارج : يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية (!) .

سمعت الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي يقول : رأيت يزيد بن هارون بواسط ، وهو من أحسن الناس عينين ، ثم رأيته بعين واحدة ، ثم رأيته وقد

٤٧٠
 &

ذهبت عيناه ، فقلت : يا أبا خالد ! ما فعلت العينان الجميلتان ؟ قال : ذهب بهما بكاء الأسحار (!) .

قال سمعت إسماعيل بن عبيد وهو ابن أبي كريمة قال : سمعت يزيد بن هارون يقول : القرآن كلام الله لعن الله جهما ومن يقول بقوله كان كافرا جاحدا .

سمعت أبا بكر يحيى بن أبي طالب يقول : كنا في مجلس يزيد يعني بن هارون ، فألحوا عليه من كل جانب ، يسألونه عن شيء وهو ساكت لا يجيب حتى إذا سكتوا ، قال يزيد : إنا واسطيون . يعني ما قيل : تغافل كأنك واسطي .

حدثني أبو نافع ابن بنت يزيد بن هارون قال : كنت عند أحمد بن حنبل وعنده رجلان ، ـ وأحسبه قال شيخان ـ قال : فقال أحدهما : يا أبا عبد الله رأيت يزيد بن هارون في المنام ، فقلت له : يا أبا خالد ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي وشفعني وعاتبني ، قال : قلت : غفر لك وشفعك قد عرفت ، ففيم عاتبك ؟ قال : قال لي : يا يزيد أتحدث عن جرير بن عثمان ؟ قال : قلت : يا رب ما علمت إلا خيرا ! قال : يا يزيد : إنه كان يبغض أبا حسن علي بن أبي طالب .

قال : وقال الآخر : أنا رأيت يزيد بن هارون في المنام ، فقلت له : هل أتاك منكر ونكير ؟ قال : أي والله ، وسألاني من ربك وما دينك ومن نبيك ؟ قال : فقلت : ألمثلي يقال هذا ! وأنا كنت أعلم الناس بهذا في دار الدنيا ؟! فقالا لي : صدقت ، فنم نومة العروس لا بؤس عليك .

٤٧١
 &

حدثنا وهب بن بيان قال : رأيت يزيد بن هارون في المنام ، فقلت : يا أبا خالد ، أليس قد مت ؟ قال : أنا في قبري وقبري روضة من رياض الجنة) .

٤٧٢
 &

ملحق رقم (٢٩)

سير أعلام النبلاء ١٠ : ١١٨ ت ١٢ : الفرّاء ، العلامة ، صاحب التصانيف ، أبو زكريا ، يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسدي مولاهم الكوفي النحوي ، صاحب الكسائي . وكان ثقة .

ورد عن ثعلب أنه قال : لولا الفرّاء ، لما كانت عربية ، ولسقطت ؛ لأنه خلصها ، ولأنها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد .

ونقل أبو بديل الوضاحي أن المأمون أمر الفرّاء أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو ، وأفرد في حجرة ، وقرر له خدما وجواري ، ووراقين ، فكان يملي في ذلك سنين . قال : ولما أملى كتاب : معاني القرآن اجتمع له الخلق ، فكان من جملتهم ثمانون قاضيا ، وأمل الحمد في مئة ورقة . وكان المأمون قد وكل بالفرّاء ولديه يلقنهما النحو ، فأراد القيام ، فابتدرا إلى نعله ، فقدم كل واحد فردة فبلغ ذلك المأمون ، فقال : لن يكبر الرجل عن تواضعه لسلطانه وأبيه ومعلمه .

ولم يذكره المزي في (التهذيب) مع أنه قد علق له البخاري في موضعين من صحيحه في تفسير الحديد والعصر .

قال ابن الانباري : لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من النحاة إلا الكسائي والفرّاء لكفى .

وقال بعضهم : الفرّاء أمير المؤمنين في النحو .

وعن هناد قال : كان الفرّاء يطوف معنا على الشيوخ ولا يكتب ، فظننا أنه كان يحفظ .

٤٧٣
 &

وقال محمد بن الجهم : ما رأيت مع الفرّاء كتابا قط إلا كتاب يافع ويفعة .

وعن ثمامة بن أشرس : رأيت الفرّاء ، ففاتشته عن اللغة ، فوجدته بحرا وعن النحو فشاهدته نسيج وحده ، وعن الفقه فوجدته عارفاً باختلاف القوم وبالطب خبيراً ، وبأيام العرب والشعر والنجوم ، فأعلمت به أمير المؤمنين فطلبه . وللفراء كتاب البهي في حجم الفصيح لثعلب ، وفيه أكثر ما في الفصيح غير أن ثعلباً رتبه على صورة أخرى . ومقدار تواليف الفرّاء ، ثلاثة آلاف ورقة .

وقال سلمة : أمَلّ الفراء كتبه كلها حفظاً . وقيل : عرف بالفرّاء لأنه كان يفري الكلام .

وقال سلمة : إني لأعجب من الفرّاء كيف يعظم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه

راجع ترجمته في مراتب النحويين لأبي الطيب اللغوي : ٨٦ ، طبقات الزبيدي : ١٤٣ ، أخبار النحويين البصريين للسيرافي : ٥١ ، فهرست ابن النديم : ٧٣ ، ٧٤ ، تاريخ بغداد ١٤ : ١٤٦ ، الأنساب ٩ : ٢٤٧ ، نزهة الألباء : ٩٨ ، معجم الادباء ٢٠ : ٩ ، إنباء الرواة ت (٨١٤) ، وفيات الأعيان ٦ : ١٧٦ ـ ١٨٢ ، المختصر في أخبار البشر ٢ : ٣٠ ، تذكرة الحفاظ ١ : ٣٧٢ تذهيب التهذيب ٤ : ١٥٣ : ٢ ، العبر ١ : ٣٥٤ ، مرآة الجنان ٢ : ٣٨ ـ ٤١ البداية والنهاية ١٠ : ٢٦١ ، غاية النهاية ٢ : ٣٧١ ، تهذيب التهذيب ١١ : ٢١٢ روضات الجنات ٤ : ٢٣٥ ـ ٢٣٩ ، بغية الوعاة ٢ : ٣٣٣ ، خلاصة تذهيب الكمال ت ٤٢٣ ، مفتاح السعادة ١ : ١٧٨ ـ ١٨٠ .

٤٧٤
 &

ملحق رقم (٣٠)

معجم رجال الحديث ١ : ٢٠٢ ، ت ٣٧٤ : أُبيّ بن كعب ، قال الشيخ : أبي بن كعب ... من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، يكنى أبا المنذر شهد العقبة مع السبعين ، وكان يكتب الوحي ، آخى رسول الله صلّى الله عليه وآله بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، شهد بدرا والعقبة الثانية وبايع لرسول الله صلى الله عليه وآله .

وذكره البرقي وقال : عربي مدني من بني الخزرج . وعده في آخر رجاله من الاثني عشر الذين أنكروا علی أبي بكر . وذكره ـ كذلك ـ الصدوق في الخصال في أبواب الاثني عشر .

الدرجات الرفيعة : ٣٢٣ ـ ٣٢٥ : (أُبيّ بن كعب قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي ، يكنى أبا المنذر وأبا الطفيل وأبا يعقوب ، من فضلاء الصحابة شهد العقبة مع التسعين وكان يكتب الوحي . آخى رسول الله صلّى الله عليه وآله بينه وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وشهد بدرا والعقبة الثانية وبايع لرسول الله صلّى الله عليه وآله ، كان يسمى سيد القرّاء .

وروى أن النبي صلى الله عليه وآله قال له : إن الله أمرني أن اقرأ عليك . فقال : يا رسول الله بأبي وأمي أنت وقد ذكرت هناك ؟! قال صلى الله عليه وآله : نعم باسمك ونسبك ، فارعد أبي فالتزمه رسول الله حتى سكن ، وقال : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّـهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) يونس : ٥٨ .

٤٧٥
 &

ذكره ابن شهر آشوب في المناقب .

وروى البخاري ومسلم والترمذي عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه وآله لأبي : إن الله أمرني أن أقرأ عليك ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) (البينة : ١) قال : وسماني ؟! قال : نعم فبكى . قيل فعل ذلك لتعلم آداب القرآن وإن تكون القراءة سنة .

وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله قال لأُبيّ بن كعب : إن الله أقرأك القرآن . قال : الله سماني لك ؟! قال : نعم . قال : وقد ذكرت عند رب العالمين ؟! قال : نعم . فذرفت عيناه .

وروى الشيخ الجليل محمد بن يعقوب الكلينى قدس الله روحه في الكافي عن الصادق عليه السلام أنه قال : أما نحن فنقرأ على قراءة أُبيّ . وكان أُبيّ من الاثني عشر نفر الذين أنكروا على أبي بكر فعله وجلوسه مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله .

وروى الطبرسي في كتاب الاحتجاج مرفوعا عن أبان بن تغلب عن الصادق جعفر بن محمد : أن أُبيّ بن كعب قام ، فقال : يا أبا بكر ! لا تجحد حقا جعله الله لغيرك ، ولا تكن أول من عصى رسول الله صلى الله عليه وآله في وصيه وصفيه وصدّ عن أمره ! اردد الحق إلى أهله تسلم ، ولا تتماد في غيك فتندم ، وبادر الإنابة يخف وزرك ، ولا تخصص هذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك فتلقى وبال عملك ، فعن قليل تفارق ما أنت فيه وتصير إلى ربك بما جنيت وما ربك بظلام للعبيد .

وروى عن أُبيّ بن كعب أنه قال : مررت عشية يوم السقيفة بحلقة

٤٧٦
 &

الأنصار فسألوني : من أين مجيئك ؟ قلت : من عند أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله . قالوا : كيف تركتهم ؟ وما حالهم ؟ قلت : وكيف تكون حال قوم كان بينهم إلى اليوم موطئ جبرئيل ومنزل رسول رب العالمين ، وقد زال اليوم ذلك وذهب حكمهم عنهم ؟! ثم بكى أُبيّ ، وبكى الحاضرون .

وأخرج النسائي عن قيس بن عبادة قال : بينا أنا في المسجد في الصف المقدم فجذبني رجل جذبة فنحاني وقام مقامي فوالله ما عقلت صلاتي ، فلما أنصرف إذا هو أُبيّ بن كعب ! فقال : يا فتى لا يسوؤك الله ، إن هذا عهد من النبي صلى الله عليه وآله إلينا أن نليه ، ثم استقبل القبلة ، فقال : هلك أهل العقد ورب الكعبة ، ثم قال : والله ما آسي عليهم ، ولكن آسي على من أضلوا . قلت : يا أبا يعقوب ! من تعني بأهل العقد ؟ قال : الأمراء .

قال ابن حجر في التقريب : أختلف في سنة موته اختلافا كثيرا قيل سنة تسع عشر ، وقيل سنة اثنتين وثلاثين ، وقيل غير ذلك .

قال بعض المؤرخين : الأصح أنه مات في زمن عمر ، فقال عمر : اليوم مات سيد المسلمين والله أعلم . انتهى بتمامه .

الخصال للصدوق : ٤٦١ ، رقم ٤ : بسنده عن زيد بن وهب قال : كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة وتقدمه على علي بن أبي طالب عليه السلام اثني عشر رجلا من المهاجرين والأنصار ، وكان من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص والمقداد بن الأسود وأُبيّ بن كعب وعمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وعبد الله بن مسعود وبريدة الأسلمي ، وكان من الأنصار : خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وسهل

٤٧٧
 &

بن حنيف وأبو أيوب الأنصاري وأبو الهيثم بن التيهان وغيرهم ، فلما صعد المنبر تشاوروا بينهم في أمره فقال بعضهم : هلا نأتيه فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه واله ، وقال آخرون : إن فعلتم ذلك أعنتم على أنفسكم وقال الله عزّ وجلّ ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (البقرة : ١٩٥) ولكن امضوا بنا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ... الخ .

الدرجات الرفيعة : ٢٢ : وكلمة أُبيّ بن كعب مشهورة منقولة : ما زالت هذه الأُمة مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيهم صلى الله عليه وآله . وقوله : ألا هلك أهل العقد ، والله ما آسي عليهم ، إنما آسي على من يضلون من الناس .

وفي : ٤٥٤ : وروى أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة قال : حدثني المغيرة بن محمد المهدى من حفظه ، وعمر بن شبة من كتابه بإسناده رفعه إلى أبي سعيد الخدري قال : سمعت البراء بن عازب يقول : لم أزل لبني هاشم محبا فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله تخوفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله العجول مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله ، وأنا في الحجرة أتفقد وجوه قريش ، فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر ، وإذا قائل يقول في سقيفة بني ساعدة ، وإذا قائل آخر يقول : قد بويع أبو بكر ، فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة وغيرهم وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى ، فأنكرت عقلي وخرجت أشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم

٤٧٨
 &

والباب مغلق فضربت عليهم الباب ضربا شديدا عنيفا ، وقلت : قد بويع لأبي بكر بن أبي قحافة !! فقال العباس : تربت أيديكم إلى آخر الدهر ! أما إني قد أمرتكم فعصيتموني فمكثت أكابد ما بنفسي ، فلما كان بليل خرجت إلى المسجد ، فلما صرت فيه تذكرت إني كنت أسمع همهمة رسول الله بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت إلى الفضاء ، فضاء بني بياضة واجد نفرا يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا ، فلما رأيتهم سكتوا انصرفت عنهم فعرفوني وما عرفتهم ، فدعوني إليهم فأتيتهم فأجد المقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت وسلمان الفارسي وأبا ذر الغفاري وحذيفة وأبا الهيثم بن التيهان وإذا حذيفة يقول : لهم والله ليكونن ما أخبرتكم به والله ما كذبت ولا كذبت . وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين ، ثم قال : ائتوا أُبيّ بن كعب فقد علم كما علمت ، قال : فانطلقنا إلى أُبيّ فضربنا عليه بابه حتى صار خلف الباب ، قال : من أنتم ؟ فكلمه المقداد ، فقال : ما حاجتكم ؟ فقال له : افتح عليك بابك ، فان الأمر أعظم من أن يجرى من وراء حجاب ، قال : ما أنا بفاتح بابي وقد عرفت ما جئتم له كأنكم أردتم النظر في هذا العقد ؟! فقلنا : نعم . قال : أفيكم حذيفة ؟ قلنا : نعم . قال : فالقول ما قال ، والله ما أفتح عني بابي حتى يجري ما هي عليه جارية ، ولما يكون بعدها شراً منها ، وإلی الله المشتكى) .

أقول : ويؤيد صحة نسبة هذا الخبر إلى شيخ البخاري صاحب تاريخ المدينة عمر بن شبة أن نحو هذا الخبر مذكور في كتابه تاريخ المدينة ، وهو يفيد حالة الانزواء والترقب التي عاشها أُبيّ بن كعب الذي كان يعلم من النبي

٤٧٩
 &

صلى الله عليه وآله وسلم بالغدر التي ستغدره هذه العصابة بعلي بن أبي طالب عليه السلام ، وقد حذرهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من إخراج هذا الأمر عن أهله .

وهذا هو الخبر كما في تاريخ المدينة لابن شبة ٣ : ١٠٧٥ ـ ١٠٧٦ : بسنده عن ابن النعمان بن بشير ، عن أبيه قال : قبض رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، فأتيت أُبيّ بن كعب فقلت : ألا أراك قاعدا في بيتك وهؤلاء قومنا يتداعون المهاجرين ؟ فانطلق إلى قومك ـ أي الأنصار ـ . فقال : والله ما أنتم من هذا الأمر في شيء وإنه لهم دونكم ، يليها مهاجران ويقتل الثالث ، ويفرع الأمر فيكون هاهنا ـ وأشار إلى الشام ـ وأن هذا لمبلول بريق محمد صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ثم أغلق بابه .

وحديث العقد مشهور في كتب أهل السنة ففي السنن الكبرى ١ : ٢٨٧ ، ح ٨٨٢ : (عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال : ثم بينا أنا في المسجد بالمدينة في الصف المقدم فجبذني رجل من خلفي جبذة فنحاني وقام مقامي فوالله ما عقلت صلاتي فلما انصرف إذا هو أبيّ بن كعب ، فقال : يا فتى لا يسوؤك الله ! إن هذا عهد من النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم إلينا أن نليه . ثم استقبل القبلة فقال : هلك أهل العقد ورب الكعبة ثلاثا . ثم قال : والله ما عليهم آسي ! ولكن آسي على من أضلوا قلت يا أبا يعقوب ما يعني به أهل العقد قال : الأمراء) . وفي مسند ابن الجعد ١ : ١٩٧ ، ح ١٢٩١ : (سمعت إياس بن قتادة يحدث عن قيس بن عباد قال : ثم قدمت المدينة للقاء أصحاب

٤٨٠