إعلام الخلف - ج ٣

صادق العلائي

إعلام الخلف - ج ٣

المؤلف:

صادق العلائي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الآفاق للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٩
الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

الغيب بضنين) وفي الليل (والذكر والأنثى) قال : هو قسم فلا تقطعوه (١)

وهنا ينفي حبر هذه الأمة قرآنية المقطع من الآية ( وَمَا خَلَقَ ) !

أخرج ابن جرير عن أبي اسحاق قال : في قراءة عبد الله (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلي والذكر والأنثى) (٢) .

وجدك عديما !

أخرج ابن جرير عن سفيان ( وَوَجَدَكَ عَائِلًا ) (٣) . قال : فقيرا ، وذكر أنها في مصحف ابن مسعود (ووجدك عديما فآوی) .

أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش قال : قراءة ابن مسعود (ووجدك عديما فأغنی) (٤) .

أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله (وحللنا عنك وقرك) (٥) ، وهي في القرآن هكذا ( وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ) (٦) .

___________

(١) ملاحظة : بعد هذه الموارد رسمها مثل رسم المصحف ولكنا تختلف من جهة القراءة ولذلك تعد وجها وحرفا ، وما قاله ابن عباس (إلا ثمانية عشر حرفا) يدل واضحا على أن المقصود من لفظ (حرف) أو (أحرف) ليس المعنى الفاسد الذي زعموه للأحرف السبعة لأنه أطلق ثمانية عشر حرفاً علی ثمانية عشر مورداً ، وبه يتضح قوة ما بيّناه من أن القول بأن هذا حرف فلان يعني نحو قراءته ومسلكه .

(٢) الدر المنثور ٦ : ٣٥٨ .

(٣) الضحى : ٨ .

(٤) الدر المنثور ٦ : ٣٦٢ .

(٥) الدر المنثور ٦ : ٣٦٣ .

(٦) الشرح : ٢ .

١٢١
 &

أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن ميمون قال : صليت خلف عمر بن الخطاب المغرب ، فقرأ في الركعة الأولی (والتين والزيتون وطور سينا) قال : وهكذا في قراءة عبد الله وقرأ في الركعة الثانية ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) (١) و ( لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ) (٢) . جمع بينهما ورفع صوته فقدرت أنه رفع صوته تعظيما للبيت (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ ) (٤) .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن إسماعيل بن عبد الملك قال : سمعت سعيد بن جبير يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه الآية (يومئذ تنبئ أخبارها) وقرأ مرة ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) (٥) (٦) .

وكما قلنا سابقا أن لفظ (قرأ) لا يلزم منه أن ما قرأه هي قراءته المأثورة بخلاف لفظ (يقرأ) وهذه الرواية تؤيد هذه النظرة .

أخرج ابن جرير عن الضحاك (كلا سوف تعلمون الكفار ثم كلا

___________

(١) الفيل : ١ .

(٢) قريش : ١ .

(٣) الدر المنثور ٦ : ٣٦٦ .

(٤) التين : ١ ـ ٢ .

(٥) الزلزلة : ٤ .

(٦) الدر المنثور ٦ : ٣٨٠ .

١٢٢
 &

سوف تعلمون المؤمنين) وكذلك كانوا يقرأونها (١) ، وهي في القرآن هكذا ( كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) (٢) .

ونوائب الدهر !

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جریر وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والحاكم عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقرأ (والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلی آخر الدهر) .

أخرج عبد بن حميد عن إسماعيل بن عبد الملك قال : سمعت سعيد بن جبير يقرأ قراءة ابن مسعود (والعصر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلی آخر الدهر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) .

أخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : قرأنا (والعصر إن الإنسان لفي خسر وانه لفيه إلی آخر الدهر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) ذكر أنها في قراءة عبد الله بن مسعود .

أخرج عبد بن حميد عن حوشب قال : أرسل بشر بن مروان إلی عبد الله بن عتبة بن مسعود فقال : كيف كان ابن مسعود يقرأ ( وَالْعَصْرِ ) (٣) . فقال : (والعصر إن الإنسان لفي خسر وهو فيه إلی آخر الدهر) فقال له بشر : هو

___________

(١) الدر المنثور ٦ : ٣٨٧ .

(٢) التكاثر : ٣ ـ ٤ .

(٣) العصر : ١ .

١٢٣
 &

يكفر به فقال عبد الله : لكني أومن به (١) .

هنا يرد سؤال وهو : هل أن هذه الزيادة مما علم ابن مسعود نسخها وتبديلها في العرضة الأخيرة للقرآن أم لا ؟! ، ومن غير المعقول أن يخالف ابن مسعود ما علمه من رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ؛ لأنه صحابي جليل كما هو منطق أهل السنة ! ، وها قد ذكرت رواياتهم تأييد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لهذه الزيادة ! (٢)

إمام الأحناف يختمها مسكا !

إن كان الصحابة وسلفهم الصالح قد أكثروا من التلاعب بالقرآن الكريم ، فإن أبا حنيفة زاد في الطنبور نغمة بل نغمات حين حكم بجواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة ، بدعوی أن القرآن كما هو عربي كذلك هو فارسي أي أن ترجمته فارسية تكون قرآنا ! ومعلوم أن الحكم بقرآنية ما ليس موجودا في مصحفنا هو تحريف للقرآن بالزيادة .

___________

(١) الدر المنثور ٦ : ٣٩١ .

(٢) ما روي عن الإمام علي عليه السلام لا يمكن التسليم به ؛ لأن المواقف السياسية التي كانت تحيط بالأمير عليه السلام تجعل عدم إذاعة تحريفه وتغييره لنصوص القرآن من المستحيلات وقد مرّ في رواية سابقة تربص المنافقين لإشاعة الفتنة حينما ذكر الأمير عليه السلام التسبيح في الصلاة بعد قراءته ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) (الأعلی : ١) فاغتنمت فرصة للطعن به صلوات الله وسلامه عليه .

١٢٤
 &

قال شيخ الشعراني في الميزان : ومن ذلك قول أبي حنيفة إنه إن شاء المصلي قرأ بالفارسية وإن شاء قرأ بالعربية (١)

وزعم أبو حنفية أن القرآن كما أنه عربي كذلك يكون فارسيا بشرط التقييد بمضامينه ! ، قال ابن حجر في الفتاوی الحديثية : وقد أخذ أبو حنيفة قوله بجواز قراءة القرآن بغير العربية من هذه الآية ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) (٢) قال : لأن القرآن مضمن في الكتب السابقة ، وهي بغير العربية (٣) .

قال الإمام القرطبي : أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة وهي أن يؤدي القارئ المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئا ، قالوا : وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة ؛ لأن في كلام العرب ـ خصوصا في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه ـ من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقل بأدائه لسان من فارسية وغيرها ، وما كان أبو حنيفة رحمه الله يحسن الفارسية ، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر (٤) .

وقال المناوي في فيض القدير : وفي الحديث إشعار بأنه لا يجوز قراءة القرآن بغیر اللسان العربي ، فهو رد على أبي حنيفة في إجازته ذلك (٥) .

___________

(١) الميزان ١ : ١٤٣ .

(٢) الشعراء : ١٩٦ .

(٣) الفتاوى الحديثية : ١٣٢ .

(٤) تفسير القرطبي ١٦ : ١٤٩ .

(٥) فيض القدير ١ : ١٧٨ .

١٢٥
 &

وقال الشيباني في المبسوط : وقال أبو حنيفة : إن افتتح الصلاة بالفارسية وقرأ بها وهو يحسن العربية أجزأه (١) .

وقال في موضع آخر : قلت : أرأيت رجلا قرأ بالفارسية في الصلاة وهو يحسن العربية ، قال : تجزيه صلاته . قلت : وكذلك الدعاء ؟ قال : نعم ، وهذا قول أبي حنيفة . وقال أبو يوسف ومحمد : إذا قرأ الرجل في الصلاة بشيء من التوراة أو الإنجيل أو الزبور ، وهو يحسن القرآن أو لا يحسن إن هذا لا يجزيه لأن هذا كلام ليس بقرآن (٢) ، وقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن يخالف قول الكاساني الحنفي في بدائع الصانع الآتي ذكره .

المحلى لابن حزم : ومن كانت لغته غير العربية جاز له أن يدعو بها في صلاته ، ولا يجوز له أن يقرأ ، بها ومن قرأ بغير العربية فلا صلاة له . وقال أبو حنيفة : من قرأ بالفارسية في صلاته جازت صلاته . قال علي ـ ابن حزم ـ : قال رسول الله صلی الله عليه [ وآله ] وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ، وقال الله تعالی ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) (٣) وقال تعالی ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) (٤) . فصح أن غير العربية لم يرسل به الله

___________

(١) المبسوط للشيباني ١ : ١٥ .

(٢) المبسوط للشيباني ١ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ .

(٣) الزمر : ٢٨ .

(٤) إبراهيم : ٤ .

١٢٦
 &

تعالی محمدا عليه السلام ، ولا أنزل به عليه القرآن ، فمن قرأ بغير العربية فلم يقرأ ما أرسل الله تعالی به نبيه عليه السلام ولا قرأ القرآن بل لعب بصلاته فلا صلاة له إذ لم يصل كما أمر ، فإن ذكروا قول الله تعالی ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) (١) قلنا : نعم ذكر القرآن والإنذار به في زبر الأولين ، وأما أن يكون الله تعالی أنزل هذا القرآن على أحد قبل رسول الله صلی الله عليه [ وآله ] وسلم فباطل وكذب ممن ادعی ذلك ، ولو كان هذا ما كان فضيلة لرسول الله صلی الله عليه [ وآله ] وسلم ولا معجزة له وما نعلم أحدا قال هذا قبل أبي حنيفة (٢) .

ونعيد بعض كلام ابن حزم الذي ذكرناه في مبحث الأحرف السبعة : فكيف يسوغ للجهال المغفلين أو الفساق المبطلين ، أن يقولوا : إنه عليه السلام كان يجيز أن توضع في القرآن مكان (عَزيزٌ حكيمٌ) (غفورٌ رحيمٌ) أو (سميعٌ عليمٌ) وهو يمنع من ذلك في دعاء ليس قرآنا ، والله يقول مخبراً عن نبيه صلی الله عليه [ وآله ] وسلم : ( مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ) (٣) . ولا تبديل أكثر من وضع كلمة مكان أخرى ، أم كيف يسوغ لأهل الجهل والعمى ـ يقصد أبا حنيفة وأتباعه ـ إباحة القراءة المفروضة في الصلاة بالأعجمية مع

___________

(١) الشعراء : ١٩٦ .

(٢) المحلی لابن حزم ٤ : ١٥٩ .

(٣) يونس : ١٥ .

١٢٧
 &

ما ذكرنا ، ومع إجماع الأمة على أن إنسانا لو قرأ أم القرآن فقدم آية على أخری أو قال : الشكر للصمد مولی الخلائق ، وقال : هذا هو القرآن لكان كافرا بإجماع (١) ، ومع قوله تعالی ( لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) (٢) ؟ ففرق الله تعالی بينهما وأخبر أن القرآن إنما هو باللفظ العربي لا بالعجمي ، وأمر بقراءة القرآن في الصلاة ، فمن قرأ بالأعجمية فلم يقرأ قرآنا بلا شك .

وقال : وبلا خلاف من أحد من الأمة أن القرآن معجزة ، وبيقين ندري أنه إذا ترجم بلغة أعجمية أو بألفاظ عربية غير ألفاظه ، فإن تلك الترجمة غير معجزة ، وإذ هي غير معجزة فليست قرآناً ، ومن قال فيما ليس قرآنا إنه قرآن فقد فارق الإجماع وكذب الله تعالی ، وخرج عن الإسلام ، إلا أن يكون جاهلا ، ومن أجاز هذا وقامت عليه الحجة ، ولم يرجع فهو كافر مشرك مرتد حلال الدم والمال ، لا نشك في ذلك أصلا (٣) .

وركب بعض الأحناف الصعب مع أبي حنيفة ، والغريب أن منهم من انبری لإثبات أن القرآن تجوز قراءته بالفارسية في الصلاة بشرط حكاية معانيه

___________

(١) على هذه الضابطة يجب تكفير ابن مسعود وعمر وأبي الدرداء وأبي بن كعب وابن عباس وعائشة وحفصة ؛ لأن كلا منهم ادعی قرآنية الجمل الزائدة الغريبة التي جاء بها .

(٢) النحل : ١٠٣ .

(٣) الإحكام في أصول الأحكام ، ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢٢ ، ط . دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولی .

١٢٨
 &

ومضامينه انتصارا لما هرّج به أبو حنيفة ، قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع :

ثم الجواز كما يثبت بالقراءة بالعربية يثبت بالقراءة الفارسية عند أبي حنيفة سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن .

وقال : وأبو حنيفة يقول : إن الواجب في الصلاة قراءة القرآن من حيث هو لفظ دال على كلام الله تعالى الذي هو صفة قائمة به ، لما يتضمن من العبر والمواعظ والترغيب والترهيب والثناء والتعظيم ، لا من حيث هو لفظ عربي ، ومعنى الدلالة عليه لا يختلف بين لفظ ولفظ ، قال الله ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ) (١) . وقال ( إِنَّ هَـٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ) (٢) . ومعلوم أنه ما كان في كتبهم بهذا اللفظ بل بهذا المعنى .

وقال متماديا في غيه : ولو قرأ شيئا من التوراة أو الإنجيل أو الزبور في الصلاة إن تيقن أنه غير محرف يجوز عند أبي حنيفة لما قلنا (٣) .

هاهو القرآن تلاعب به سلفهم الصالح مع كونه عربيا ، ثم انبرى إمامهم أبو حنيفة لينزع عربيته ويصيره فارسيا أيضا ! بل ويمكن أن تقرأ به فارسيا في عمود الدين ! ولا ندري بماذا يأتينا الدهر ! (٤) ، ونحمد الله أن أبا

___________

(١) الشعراء : ١٩٦ .

(٢) الأعلى : ١٨ ـ ١٩ .

(٣) بدائع الصنائع ١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ .

(٤) ولذكر الصلاة عند الأحناف ننقل ما كتبه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٧ : ٤٨٦ ـ ٤٨٧ :

=

١٢٩
 &

حنيفة هذا لم يكن شيعيا وإلا لرمي بالشعوبية والتعصب لفارس !

زبدة المخاض :

اتضح أن بعض الصحابة كانوا يعتقدون قرآنية ما يقرأونه من الشواذ وأثبتنا فيما سبق في مبحث القراءات القرآنية أن علماء أهل السنة يرون أن القراءات الشاذة ليست من القرآن في شيء ، بل إن إمام المالكية وإمام الشافعية يعتقدان أن القراءة الشاذة التي تخالف رسم المصحف ليست من القرآن فضلا عن كونها قراءة شاذه ، وعلى مباني أهل السنة نستنتج أن بعض الصحابة أدخلوا في القرآن ما ليس منه ، فيثبت تحريف القرآن بالزيادة لهؤلاء الصحابة .

___________

=

(وذكر إمام الحرمين أن محمود بن سبكتكين كان حنفيا يحب الحديث ، فوجد كثيرا منه يخالف مذهبه ، فجمع الفقهاء بمرو وأمر بالبحث في أيما أقوی مذهب أبي حنيفة أو الشافعي ، قال : فوقع الاتفاق على أن يصلوا ركعتين بين يديه على المذهبين ، فصلی أبو بكر القفال بوضوء مسبغ وسترة وطهارة وقبلة وتمام أركان لا يجوز الشافعي دونها ، ثم صلى صلاة على ما يجوزه أبو حنيفة ، فلبس جلد كلب مدبوغا ، قد لطخ ربعه بنجاسة وتوضأ بنبيذ فاجتمع عليه الذبان ، وكان وضوءاً منكسا ، ثم كبر بالفارسية وقرأ بالفارسية "دو برك سبز" ، ونقر ولم يطمئن ولا رفع من الركوع وتشهد ، وضرط بلا سلام ! فقال له : إن لم تكن هذه الصلاة يجيزها الإمام قتلتك ، فأنكرت الحنفية الصلاة ، فأمر القفال بإحضار كتبهم فوجد كذلك فتحول محمود شافعيا ، هكذا ذكره الإمام أبو المعالي بأطول من هذا) .

١٣٠
 &

ومن لا يقبل هذه النتيجة ـ أي أن الصحابة حرفوا القرآن بالزيادة ـ فلا سبيل له إلا أن لا يقبل قول علماء أهل السنة من عدم قرآنية الشواذ ؛ لأن القراءات الشاذة من القرآن فلا يصح نفيها عنه ، فيكون الحق مع هؤلاء النفر من الصحابة ، وعليه يثبت التحريف لعلماء أهل السنة الذين أخرجوا من القرآن ما هو منه ، وهي القراءات الشاذة ، وخاصة إمام المالكية وإمام الشافعية ، وهذا يعني أن علماء أهل السنة أنقصوا من القرآن ما هو منه ، وهو تحريف بالنقص من هذه الجهة ، وكذا فإن عدم وجود تلك القراءات وفقدها من مصاحفنا اليوم هو تحريف بالنقص أيضا .

فلا مفر من نسية التحريف لأحد الطرفين إما للصحابة بأن نقول بصحة ما ذهب له علماؤهم ، فيكون الصحابة قد أدخلوا في القرآن ما ليس منه ، وهو تحريف بالزيادة ، وإما لعلمائهم بأن نقول بخطئهم في نفي قرآنية القراءات الشاذة ، مع أنها قرآن في الواقع وهذا تحريف بالنقص ، وعليه يكون قرآن المسلمين محرفا ؛ لأن هذه القراءات غير موجودة فيه (١) .

التشويه مستمر !

ما زلنا نعاني من منهج الكيل بمكيالين وبيع الأمانة العلمية بالثمن البخس اتباعا للهوی ، فثمت من حاز درجة الدكتوراه (علي . س) برسالة حشّاها تضليلا وتكفيرا ، فصار يخرج ويدخل في دين الله كما أراد وكأنه دين

___________

(١) وإما أن نقول : لا ندري أهو قرآن أم لا ؟ فحينئذ يتردد المصحف الشريف بين كونه محرفا أم لا !

١٣١
 &

أبيه ! وكان من صخبه ولغطه لورود بعض روايات في كتب محدثي الشيعة تحكي القراءات والتنزيل الذي بينا لك حالها سابقا ، ويا ليته الطلع على روايات قومه في القراءات الشاذة قبل أن يكيل التهم ، وما أظنه اطلع عليها وإلا لكان من الواجب عليه بميزانه تضليل وتكفير كل سلفه الصالح الذين لاكت ألسنتهم هذا الكفر والضلال ـ بزعمه ـ بعد أن عجنوه وخبزوه !

وحتی نقف على جهله وجهل أمثاله سأذكر بعض الموارد التي تستوجب الضلال لمعتقِدها بزعمه ، فقال في رسالته المكفّرة :

فالآية الأولی هي ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (١) ولكن شبرا ـ صاحب التفسير ـ يذكر أنها قرئت (تقية) و (مسلمون) وواضح أن تحريف التقوی بالتقية لتأييد مبدأ من مبادئ الجعفرية (٢) .

أقول : لا أدري ما الذي طرّ حسائك صدره في هذا المقطع ؟! ألحرقة على النص القرآني ؟! فلِم لم يعبئ نفسه ويشحذ مديته لينال من سلفه الصالح الذي تلاعب ـ كما مر ـ بنصوص القرآن بشكل أوسع وأفظع ؟! ، ويا ليت جهل (علي . س) وقف عند هذا الحد ؛ بل زاد وفاض ، لأن عين ذلك التغيير قد تبناه سلفه الصالح لإثبات التقية في آية أخری !! ، أخرج عبد بن

___________

(١) آل عمران : ١٠٢ .

(٢) أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله : ٢٤٢ .

١٣٢
 &

حميد عن أبي رجاء :

أنه كان يقرأ (وإلا أن تتقوا منهم تقية) ، وأخرج عبد بن حميد عن قتادة : أنه كان يقرأها (تتقوا منهم تقية) بالياء (١) .

وقال إمامه وسيده الطبري : ولقد اختلف القراء في قراءة قوله : ( إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) (٢) . فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار ( إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ) علی تقدير فعله مثل تخمة وتؤدة وتكأة من اتقيت ، وقرأ ذلك آخرون (إلا أن تتقوا منهم تقية) على مقال فعلية (٣) .

وعليه فليكن النيل من هؤلاء والحكم بضلالهم وكفرهم هو الأجدر بالمنصف العادل .

ويستمر مسلسل الجهل عندما تنتقل للصفحة المقابلة إذ يذكر : وفي سورة الحج (الآية ٥٢) ( أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ) يقول شبّر : وعنهم ـ أي أئمته ـ أو محدَّث بفتح الدال ، وهو الإمام يسمع الصوت ولا يری الملك (٤) ، ثم يعلق في الهامش ويقول : ومعنی هذا التحريف أن الإمام مرسل يوحی إليه !

___________

(١) الدر المنثور للسيوطي ٢ : ١٦ ، راجع المصدر لترى عدد الروايات عندهم في مشروعية التقية وأقوال سلفهم الصالح فيها .

(٢) آل عمران : ٢٨ .

(٣) تفسير الطبري ٣ : ١٥٣ ، ط . دار المعرفة .

(٤) أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله : ٢٤٣ .

١٣٣
 &

ويعيد الكرة في مقام تعريضه بثقة الإسلام الكليني رضوان الله تعالی عليه ونور الله ضريحه الشريف فيقول : وحرّفها الكليني [ قدس الله نفسه الزكية ] ليصل إلی أن الإمام مرسل يوحی إليه (١) .

أقول : إن كان هذا من التحريف فإن سلفه الصالح أول من حرّف القرآن وتلاعب به ، وهذا الذي لم يرق له جُعل في دين السلف قرآنا يتلی ودينا يتخذ ، فقد أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس رضي الله عنه يقرأ (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث) (٢) .

والأعجب أن هذا الرجل ادعي أن هذه الزيادة تعني عند الشيعة أن الإمام مرسل يوحی إليه !! ، وكلامه هذا يعني أحد أمرين لا ثالث لهما ، وكل منهما قادح في استحقاقه درجة الدكتوراه ، فإما هو كذاب مخادع ، أو جاهل لم يدق طعم عقائد الإمامية .

وفي مورد آخر يكشف فيه عن أمانته وصدقه ويأتي بها صلعاء شوهاء فيقول عن علي بن إبراهيم القمي رضوان الله تعالى عليه صاحب التفسير :

وفي سورة النساء يحرّف الآية الرابعة والعشرين فيقول : (فما استمتعتم به منهن إلی أجل مسمی فآتوهن أجورهن فريضة) ويعقب بقوله :

___________

(١) نفس المصدر : ٢٩٦ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٣٦٦ .

١٣٤
 &

فهذه الآية دليل على المتعة (١) .

ولكن القارئ النبيه الذي لا تنطلي عليه الأكاذيب لو راجع تفسير القمي سيجده بهذا الشكل : قوله ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ) (٢) . قال الصادق عليه السلام : فمن استمتعتم به منهن إلی أجل مسمی فآتوهن أجورهن فريضة ، فهذه الآية دليل على المتعة (٣) !!

لذا أجزم أن رسالة الدكتوراه هذه لم تناقش بإنصاف ، وإلا كيف ينسب هذا (علي . س) الكذاب للقمي شيئا لم يذكره وما قاله ولا عناه ! ، فإن القمي رضوان الله تعالى عليه في تفسيره يذكر أول الآية فقط كما هو عادته في الآيات الأخرى ، ثم يذكر الرواية المتعلقة بها ، وواضح أن القمي لم يقل شيئا ، وإنما نسبت الرواية القول للإمام الصادق عليه السلام بكل وضوح ، ومع ذلك يقول لك المفتري أن القمي حرّف الآية ! والعجب من هذا كيف كذب ويحيلك إلى المصدر لتعلم أنه كاذب !

هذا ، ناهيك عن المهازل والمفارقات التي تكشف لك عن ضحالة علمه بمباني الغير ، فلا تدري على أي منها تضحك ! ، ألعدم تثبته من نسبة الكتب لأصحابها ؟ ، أم لعدم اطلاعه على أقوال المحققين في المذهب ؟ أم لجهله بضوابط اعتماد الرواية ؟ إلی غير ذلك مما سيقف قارئ ذلك الكتاب علی

___________

(١) أثر الإمامة في الفقه الجعفري وأصوله : ١٩٠ .

(٢) النساء : ٢٤ .

(٣) تفسير علي بن إبراهيم القمي ١ : ١٣٦ .

١٣٥
 &

جهل مدوّنه ، ثم ما ظنك بمن اتهم الغير وضلل وكفر لأمور هي من المسلمات عند بني جلدته ؟! (١)

الخاتمة :

إلی هنا يتضح أن من السفاهة والجهل رمي الشيعة بالتحريف ؛ لوجود روايات تحكي آيات من القرآن فيها كلمات مقحمة بين مفرداتها ؛ لأنها قد تكون من التنزيل الذي ذكرنا مواضعه الكثيرة سابقا ، أو أن الإمام عليه السلام كان بصدد تفسيرها خاصة وأنه لم يقرأ تلك الزيادة ، وإنما كان في مقام المخاطبة للغير وإفهامه الآية ، وقد كررت نفس الآية وقرأها الإمام عليه السلام بالشكل الصحيح في روايات أُخر ، بخلاف ما لو قيل عنه أنه كان يقرأ بقراءة شاذة ، فعرف بها وأثرت عنه وهي مخالفة لرسم المصحف ، كما هو الحال مع وجوه الصحابة وأكابر سلف أهل السنة ، فشتان بين الموردين .

___________

(١) لو كان عندي مجال لتتبعت كل ما قاله هذا الشخص ، لكن التقليب السريع لأحد فصول الكتاب أغنى ولله الحمد .

١٣٦
 &

اعلام أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن

في بعض أيامنا تتبجح الوهابية بخلو مذهب أهل السنة ممن يقول بتحريف القرآن ، وحسبت أن هذا مؤذٍ للشيعة ! ، فأردنا هنا أن نوقفهم على الحقيقة المرّة التي ترفع عنهم نشوة السُّكر الكاذب ، وهي أنّ زادَ أهل السنة دسمٌ جدا في مأدبة القاتلين بتحريف القرآن ، فالأعلام الآتية أسماؤهم قد قام مذهب أهل السنة على أكتاف بعضهم ، فهم أركان المذهب وحماته ، وسيتضح أن القائلين بالتحريف من الشيعة لا يقارنون بمن قالوا بتحريف القرآن من أهل السنة ؛ لأن تعظيم الشيعة للأخبارية الذين قالوا بتحريف القرآن أقل بكثير من تعظيم أهل السنة لهؤلاء الصحابة والتابعين الذين قالوا بتحريف القرآن .

ملاحظة مهمة :

قد يوجد في ضمن البحث روايات في سندها رجال لم يوثقوا ، وهو حال بعض الروايات التي سبق أن ذكرناها ، ولا بأس بذلك ، لأننا في مقام إلزام الوهابية بمثل ما ألزمونا به ، فقد اعتمدت الوهابية في افترائها على الشيعة على روايات ضعيفة ، وأخری مصادرها غير معتمدة عند الشيعة ، وبرواة ثبت كذبهم ووضعهم للحديث ، بل من ذلك ، فقد افتروا على الشيعة من كتب منحولة مدخولة ، لا يعلم الشيعة أنفسهم من الذي قام بكتابتها وتأليفها ! ، أهو نصراني ؟! ، أم مجوسي ؟! ، أم يهودي ؟! ، نحو كتاب دبستان مذاهب الذي كان مصدرَا لما يسمی بسورة الولاية السخيفة ! ، فما أخذت

١٣٧
 &

الوهابية بصحاح الروايات ، بل التقطوها متونا جاهزة ، اقتصروا عليها وكأنه لا سند لها ، فقاموا بالسرد والطعن ، ولن نعاملهم بنفس هذا الأسلوب بدليل أنا سنشبع البحث بالروايات الصحيحة السند والمقبولة على موازين أهل السنة ، بل سنُتبعه بمبحث آخر ننقل فيه اعترافات علماء أهل السنة بأن هؤلاء الصحابة والتابعين قد قالوا بتحريف القرآن لنفس تلك الروايات التي نقلناها في هذا البحث ، وكله بإذن الله ومشيئته تعالی .

لفتة !

البعض ينكر تارة النص القرآني المتواتر أو ينسب ما هو موجود في مصحف المسلمين للخطأ واللحن ، فهذا المدّعي ممن يرى تحريف القرآن بلا ريب ؛ لأنه يزعم أن أيادي البشر تلاعبت في بعض كلماته ومواضعه ، ومحل الوفاق بين أهل التحقيق أن القرآن ثابت بكل كلماته وحروفه ، ويُتهم بالتحريف من أنكر حرفا منه أو نسب الخطأ لما هو موجود في المصحف ، وتارة يصرح البعض من أكابرهم بوقوع التحريف في القرآن الكريم بكل وضوح وجرأة ، ويقول إن الآية حرفت وتلوعب بها ، والوهابية يدعون عوام الشيعة لتكفير فلان وفلان من الشيعة لأنهم قالوا بتحريف القرآن ، ونحن الآن نتمنى من الوهابية أن يكفروا كل هؤلاء الآتية أسماؤهم ، بل نتنازل لهم ولا نسلك سبيلهم في اعتماد الروايات الضعيفة ، بل نريد منهم تكفير من صحت النسبة إليه ، ولا يمكن تأويل قوله ، ونتنازل لهم أكثر فأكثر ، ونطلب منهم تكفير من اعترف علماء أهل السنة بأنه قال بتحريف القرآن ، بل نتنازل لهم أكثر من ذلك ونريد منهم تكفير من شهد عليه واعترف شيخ إسلامهم ابن تيمية بأنه قد قال بتحريف القرآن ! ، فهل يجرأون ؟! ، أم سيقتصر عملهم

١٣٨
 &

على دعوة عوام الشيعة لتكفير فلان وفلان من الأخبارية ؟! ، قال تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) (١) ، صدق الله العلي العظيم .

القسم الأول : من رأی النبي صلی الله عليه وآله سلم

عمر بن الخطاب

بعد كل ما ذكرناه من الجمل الركيكة والكلمات الغريبة التي نسبها عمر بن الخطاب للقرآن الكريم ، ونسبة ما ثبت أنه قول للنبي صلی الله عليه وآله وسلم ، للقرآن مع عدم وجوده في المصحف ، بعد كل هذا كان من الطبيعي أن يقال : إن ابن الخطاب إن لم يكن هو سيد رجالات التحريف ، فلا أقل أنه من أوائل من نسب للقرآن ما ليس منه .

نقطٌ على حروف !

إن العلم بالكيفية التي كان ينتهجها الرسول صلی الله عليه وآله في تبليغ القرآن للناس يساعدنا للوقوف على بعض الحقيقة ، فالرسول الكريم صلی الله عليه وآله وسلم كان يبلغ القرآن لكتبة الوحي إضافة لمن حضر من الصحابة ، وما كان ليكتفي بتبليغه لشخص واحد ، ولو حدث هذا فمعناه أنه صلی الله عليه وآله وسلم متيقن من أن هذا الشخص سيبلغ ما أمره به على أكمل وجه ، وخلاصة الكلام : إن القرآن لم ينزل لفلان معين من الناس

___________

(١) العنكبوت : ١٢ ـ ١٣ .

١٣٩
 &

ولكن للبشرية جمعاء .

بهذا وبتدعيم من الصحف والمداد ، يصبح معلوما دقة المهمة الذي أتمها صلی الله عليه وآله وسلم في حياته الحفاظ على نص القرآن من الضياع ، وبهذه الحال لو جاءنا رجل منفرد وحيد شاذ عن الجمهور فادعی أن جملة (كيت وكيت) آية من القرآن يُجزم حينما وبكل تأكيد أن ادعاءه باطل ويكون بادعائه هذا عرضة لسهام الطن والتهمة بلا أدنى وسوسة ، إذ كيف تخفي هذه الآية المزعومة عمن حضر من الصحابة وكتّاب الوحي وهو بمفرده اختصه الله بآيته ؟! ، وإما فما معنى قولهم : إن القرآن يثبت بالتواتر وما لم بتواتر فليس بقرآن ؟!

وعليه تكون الجمل الغريبة التي جاءنا بها ابن الخطاب كـ (الشيخ والشيخة ارجموهما البتة بما قضيا من الشهوة) محاولة لتحريف القرآن بإدخال ما ليس منه فيه ،

وقال الشيخ العريض في فتح المنان معلقا على آية الرجم التي جاءنا بها عمر :

وهنا نستطيع أن نقول : بأنّ هذه الآية التي قالها عمر كانت أحكاما حفظها عن الرسول بألفاظ الرسول صلی الله عليه [ وآله ] وسلم ، والتعبير بأنّها آية من كتاب الله مجاز ، ولو كان ما قاله سيدنا عمر باب الحقيقة لا المجاز . (١)

___________

(١) فتح المنان في نسخ القرآن : ٢٢٤ ـ ٢٣٠ للشيخ علي حسن العريض مفتّش الوعظ بالأزهر .

١٤٠