إعلام الخلف - ج ٣

صادق العلائي

إعلام الخلف - ج ٣

المؤلف:

صادق العلائي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الآفاق للدراسات الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٩
الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

عبد الله (وفوق كل عالم عليم) (١) ، وهي في القرآن هكذا ( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) (٢) .

لاحظ أن ابن مسعود كان مغرماً بتبديل ألفاظ القرآن إلى معانيها بدعوى أن معناها واحد ! وقلنا فيما سبق أن أول من افتتح هذا الباب هو ابن مسعود ، ولعل هذا سبب ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام :

عن عبد الله بن فرقد والمعلى بن خنيس قالا : كنا عند أبي عبد الله عليه السلام ومعنا ربيعة الرأي ، فذكرنا فضل القرآن ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضال ، فقال ربيعة : ضال ؟! فقال : نعم ، ضال . ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : أما نحن فنقرأ على قراءة أبي (٣) .

أخرج ابن جرير عن ابراهيم رضي الله عنه قال : في مصحف عبد الله (فأوف لنا الكيل وأوقر ركابنا) (٤) ، وهي في القرآن هكذا ( فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّـهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) (٥) .

أخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال : في حرف عبد الله

___________

(١) الدر المنثور ٢ : ٢٨ .

(٢) يوسف : ٧٦ .

(٣) الكافي ٢ : ٦٣٤ ، رقم ٢٧ .

(٤) الدر المنثور ٤ : ٣٣ .

(٥) يوسف : ٨٨ .

٦١
 &

قال : (أنا يوسف وهذا أخي بيني وبينه قربى قد منّ الله علينا) (١) ، وهي في القرآن هكذا ( قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا ) (٢) .

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه قال : البشير هو يهودا ، قال : وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ (وجاء البشير من بين يدي العير) (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ) (٤) .

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : في مصحف عبد الله (وكائن من آية في السماوات والأرض يمشون عليها والسماء والأرض آيتان عظيمتان) (٥) .

أقول : من السياق أستبعد كون هذه الزيادة (والسماء والأرض آيتان عظيمتان) من القرآن في نظر ابن مسعود ، بالاضافة إلى أن الراوي أخذها من مصحفه وهذا يقوي احتمال عدم كونها من القرآن في نظر ابن مسعود بخلاف جملة (يمشون عليها) لأنها حلت بدلا من بعض مفردات الآية وهي في القرآن هكذا ( وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ

___________

(١) الدر المنثور ٤ : ٣٣ .

(٢) يوسف : ٩٠ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٣٥ .

(٤) يوسف : ٩٦ .

(٥) الدر المنثور ٤ : ٤٠ ـ ٤١ .

٦٢
 &

عَنْهَا مُعْرِضُونَ ) (١) .

أخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ( يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ ) (٢) . قال : بأمر الله ، قال وفي بعض القراءة (يحفظونه بأمر الله) (٣) .

رقيب ، رقباء من خلفه !

أخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : في قراءة أُبيّ بن كعب رضي الله عنه (له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه يحفظونه من أمر الله) .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ (له معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه) .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن الجارود بن أبي سبرة رضي الله عنه قال : سمعني ابن عباس رضي الله عنهما اقرأ (له معقبات من بين يديه ومن خلفه) فقال : ليست هناك ! ولكن (له معقبات من بين يديه ورقيب من خلفه) (٤) .

أقول : ورد نفس مضمون هذه الآية في تفسير القمي ، وهي ـ كالعادة ـ

___________

(١) يوسف : ١٠٥ .

(٢) الرعد : ١١ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٤٦ .

(٤) الدر المنثور ٤ : ٤٨ ـ ٤٩ .

٦٣
 &

محل لغظ الوهابية ، ولكن المساكين جهلوا بما عندهم ! ، وهي في القرآن هكذا ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) (١) .

أفلم يتبيّن !

أخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ (أفلم يتبين الذين آمنوا) ، فقيل له : إنها في المصحف ( أَفَلَمْ يَيْأَسِ ) (٢) . فقال : أظن الكاتب كتبها وهو ناعس .

أقول : هذه الرواية إنما وردت عن ابن جرير بهذا اللفظ : عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأها (أفلم يتبيّن الذين آمنوا) قال : كتب الكاتب الأخرى ، وهو ناعس (٣) .

وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ (أفلم يتبين الذين آمنوا) .

___________

(١) الرعد : ١١ .

(٢) الرعد ٣١ .

(٣) تفسير الطبري ١٨ : ١٣٦ ، من المؤكد أن كثيرا من الموارد التي نقلناها عن الدر المنثور تتغاير مع ما في أصولها ، خاصة وأن السيوطي ينقل الرواية عن أكثر من مصدر ، ومقتضى الحال اختلاف ألفاظ الروايات ، فيسهل عليه حينئذ اعتماد وتدوين أخف الروايات نكارة وشذوذا في المتن ، والمصادر التي أخذ منها ـ السيوطي ـ الروايات ليس كلها في متناول اليد .

٦٤
 &

وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه ( أَفَلَمْ يَيْأَسِ ) أفلم يعلم . ومن الناس من يقرأها (أفلم يتبين) (١) .

وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : ومن طريق ابن جريج قال : زعم ابن كثير وغيره أنها القراءة الأُولى ، وهذه القراءة جاءت عن علي وابن عباس وعكرمة وابن أبي مليكة وعلي بن بديمة وشهر بن حوشب ، وعلي بن الحسين وابنه زيد وحفيده جعفر بن محمد عليهم السلام قرأوا كلهم (أفلم يتبيّن) (٢) .

وواضح أن ما ذكره ابن عباس هو تحريف صريح للقرآن الكريم ؛ لأن كاتب المصحف في زمن عثمان كتب الآية وهو ناعس مخالفاً لما أنزله الله وما زال هذا التحريف إلى يومنا هذا على ما أخطأ به الكاتب .

أخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله : (كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت في الأرض) وكذلك كان يقرأها (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) (٤) .

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : أمر الذي حاج

___________

(١) الدر المنثور ٤ : ٦٣ .

(٢) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٨ : ٤٧٥ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٧٠ .

(٤) إبراهيم : ٢٤ .

٦٥
 &

إبراهيم ـ إلى قوله ـ فذلك قولهم ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّـهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) (١) . وهي قراءة عبد الله بن مسعود (وإن كاد مكرهم) (٢) .

أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه كان يقرأها (من قطر) قال : من صفر يحمى عليه آن ، قال : قد انتهى جره (٣) . وهي في القرآن هكذا : ( مِّن قَطِرَانٍ ) (٤) .

أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أن أبا عياض كان يقرأها (والخيل وحشية فذللها الله لإسماعيل بن إبراهيم) (٥) وهي في القرآن هكذا ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) (٦) .

منكم جائر !

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ( وَعَلَى اللَّـهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) (٧) . قال : على الله بيان حلاله وحرامه

___________

(١) إبراهيم : ٤٦ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٩٠ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٩٢ .

(٤) إبراهيم : ٥٠ .

(٥) الدر المنثور ٤ : ١١١ .

(٦) النحل : ٨ .

(٧) النحل : ٩ .

٦٦
 &

وطاعته ومعصيته . ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) قال : على السبيل ناكب عن الحق ، وفي قراءة ابن مسعود (ومنكم جائر) .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن علي أنه كان يقرأ هذه الآية (فمنكم جائر) (١) ، وهي في القرآن هكذا : ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) (٢) .

أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال : في قراءة أُبيّ بن كعب رضي الله عنه (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه يقرأهُ يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا) (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ) (٤) .

ووصّى ربّك !

هذه الآية الكريمة ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) (٥) التي ندر من لا يحفظ نصّها من المسلمين لكثرة ترديد الوعّاظ لها نجد أن أكابر الصحابة وعلماء القرآن من سلفهم الصالح يتجاهرون بوقوع التحريف فيها بسبب ما أخطأ به كتّاب القرآن الذين حرّفوا نصّها وغيروا لفظها ، وسنقتصر في هذا المقام على الروايات الحاكية عمن كان يقرأها محرفة

___________

(١) الدر المنثور ٤ : ١١٢ .

(٢) النحل : ٩ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ١٦٨ .

(٤) الإسراء : ١٣ .

(٥) الإسراء : ٢٣ .

٦٧
 &

وسيأتي الكلام بإذنه تعالى في التحريف الصريح :

أخرج الطبراني عن الأعمش قال : كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ (ووصی ربك أن لا تعبدوا إلا إياه) .

وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت رضي الله عنه قال : أعطاني ابن عباس رضي الله عنها مصحفا فقال : هذا على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه فرأيت فيه (ووصى ربك) .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود رضي الله عنه (ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه) (١) .

أخرج أبو يعلی وابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا إلا من تاب فإن الله كان غفوراً رحيماً) فذكر لعمر رضي الله عنه فسأله ، فقال : أخذتها من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وليس لك عمل إلا الصفق بالبقيع ! ، وهي في القرآن هكذا ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) (٢) .

أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الكسائي قال : هي في قراءة أبي بن كعب (فلا تسرفوا في قتل إن وليه كان منصورا) (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا ) (٤) .

___________

(١) الدر المنثور ٤ : ١٧١ .

(٢) الإسراء : ٣٢ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ١٨١ .

(٤) الإسراء : ٣٣ .

٦٨
 &

أخرج أبو عبيد في فضائله ، وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف ، وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم أكن أحسن ما الزخرف حتي سمعتها في قراءة عبد الله ( أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ ) (١) . قال : (من ذهب) (٢) ، يقصد أن هذا المقطع من الآية كان هكذا (أو يكون لك بيت من ذهب) في قراءة ابن مسعود .

أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أبي رزين رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله بن عمر (ولا تخافت يصوتك ولا تعال به) (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ) (٤) .

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود (وقالوا لبثوا في كهفكم) الآية ، يعني : إنما قاله الناس ألا تری أنه قال : ( قُلِ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ) (٥) ! (٦) .

ما زال باب الاجتهاد مفتوحا في القراءات ! ولا أدري أين قراءة النبي صلی الله عليه وآله وسلم من اجتهادات هؤلاء ؟! وعلى أي حال هي في القرآن هكذا ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ) (٧) .

___________

(١) الإسراء : ٩٣ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٠٣ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٢٠٨ .

(٤) الإسراء : ١١٠ .

(٥) الكهف : ٢٦ .

(٦) الدر المنثور ٤ : ٢١٤ .

(٧) الكهف : ٢٥ .

٦٩
 &

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ( وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ ) (١) . قال : هي في مصحف ابن مسعود (وما يعبدون من دون الله) فهذا تفسيرها (٢) .

أقول : لا يتوهم أن جملة (فهذا تفسيرها) دليل ٌ على أن هذا التغيير كان مجرد تفسير للآية ، فالظاهر أن قتادة فسر الآية بهذا المعنی ؛ لأن قراءة ابن مسعود لها كانت بهذا الشكل ، ويتضح ذلك أكثر عند ملاحظة تبديل مفردات الآية في المصحف بمفردات أخرى ، والتفسير إنما يكون بالزيادة لا مع حذف الآية وتبديل مفرداتها ، ولأمر سهل كما قلنا ، فلا نطيل لإثبات مورد وموردين مع وجود مئات الموارد الأخرى التي تثبت تلاعب سلفهم الصالح بالقرآن .

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي في مصحف عبد الله (فخاف ربك إن يرهقهما طغيانا وكفرا) (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) (٤) .

سفينة صالحة !

أخرج من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن

___________

(١) الكهف : ١٦ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢١٦ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٢٢٩ .

(٤) الكهف : ٨٠ .

٧٠
 &

عباس ... إلی أن يقول ابن عباس : في قراءة أُبيّ بن كعب (كل سفينة صالحة) (١) ، ثم ذكر السيوطي نفس الرواية من وجه آخر .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلی الله عليه [ وآله ] وسلم كان يقرأ (وكان أمامهم ملك يأخذ سفينة صالحة غصبا) .

أقول : إن كانت قراءة الرسول صلی الله عليه وآله وسلم تخالف قراءتنا فلا خير في قراءتنا إذن !

وأخرج ابن الأنباري عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ (يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت تُقرأ في الحرف الأول (كل سفينة صالحة غصبا) قال : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن .

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي الزاهرية قال : كتب عثمان (وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) (٢) .

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعد بن جرير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال : سلوني ، قلت : أي أبا عباس جعلني الله فداءك ، بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ليس بموسی بني

___________

(١) الدر المنثور : ٢٣٢ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٣٧ .

٧١
 &

إسرائيل ... إلی قوله : وكان ابن عباس يقرأ (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) (١) .

واضح من الرواية السابقة أن ما قاله سعيد بن جبير كان متأخرا عن زمن توحيد المصاحف في عهد عثمان ؛ لأن سعيد بن جبير وُلد في دولة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام كما قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : وكان قتله في شعبان سنة خمس وتسعين ، ومن زعم أنه عاش تسعا وأربعين سنة لم يصنع شيئا ، وقد مر قوله لابنه : ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين . فعلی هذا يكون مولده في خلافة أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (٢) .

فلا يستفاد من رواية قتادة أنهم كفوا عن قراءة هذه الزيادة بعد توحيد المصاحف في زمن عثمان ، وقول قتادة : إن هذه الزيادة كانت في الشكل الأول للقرآن غير صحيح (٣) ، وعلى أي حال فما أنزله الله عزّ وجلّ

___________

(١) نفس المصدر : ٢٣٠ .

(٢) سير أعلام النبلاء ٤ : ٣٤١ ، ط . مؤسسة الرسالة .

(٣) قلنا سابقا : إن سبب هذه المعمعة هو ابتعادهم عن مناهل الوحي وبيوت العصمة عليهم السلام الذين بينوا في بعض رواياتهم أن هذه الزيادة وغيرها كانت من قبيل التنزيل الذي نزل من السماء ، ولكن بعض الصحابة كان يتمسك بكل ما سمعه من النبي صلی الله عليه وآله سلم حرفيا من غير تفريق بين ما هو قرآن وما هو تفسير اقترن بالقرآن ، فوقع الاشتباه عند بعض الصحابة ، وأتعب أهل السنة أنفسهم في تخريج تلك الموارد ، وإلا فروايات أهل البيت عليهم السلام واضحة في أن هذه الزيادة (صالحة) هي من التنزيل لا من القرآن وأهل مكة أدری بشعابها ، فقد روی الكشي رضوان الله تعالى عليه في رجاله بسند معتبر ما

=

٧٢
 &

قرآنا هو ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا * وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) (١) .

أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في قراءة أُبيّ (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكر له) (٢) ، وهي في القرآن هكذا ( وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) (٣) .

___________

=

يصرح به الإمام أن تلك الزيادة تفسيرية ، أُنزلت من عند الله عزّ وجلّ : عن عبد الله بن زرارة قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : اقرأ مني على والدك السلام ... إلی قوله عليه السلام : فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك ، يقول الله عزّ وجلّ : ( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ) ، هذا التنزيل من عند الله : (صالحة) .

ومن نظر بتأمل في بعض ما روي من القراءات الشاذة للصحابة لا يخفی عليه الدور الخطير الذي لعبه التنزيل في هذه المسألة ، إذ كان بعض الصحابة يقرأه كقرآن منزل بلا فرق ، وكونه من التنزيل يصحح ما نسبه بعض الصحابة للنبي صلی الله عليه وآله وسلم أنه قرأ بهذه الزيادة ، كما في الرواية الأُولى ، تكلمنا عن التنزيل بما فيه الكفاية في أول الأبحاث فراجع .

(١) الكهف : ٧٩ ـ ٨٠ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٣٦ : ٢٣٦ .

(٣) الكهف : ٦٣ .

٧٣
 &

كان كافرا وأبواه مؤمنين !

أخرج عبد الزاق وابن المنذر عن قتادة قال : حرف أبي (وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين) (١) .

أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته ... إلی قوله : وكان يقرأ (وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين) (٢) . وهي في القرآن هكذا ( وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ) (٣) .

عين حامية !

هذه من الروايات التي تصور كعب الأحبار الذي ملأ دنيا الإسلام بالإسرائيليات بصورة المتصدي لتصحيح قراءة المسلمين ، فيقيس القرآن بتوراة اليهود ! وأعجب منه أن ابن أبي سفيان ، معاوية ، كان ممن يقرأ القرآن ! بل ويهتم بقراءاته أيضا !

أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سورة الكهف (تغرب في عين

___________

(١) الدر المنثور ٤ : ٢٣٧ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٣٠ .

(٣) الكهف : ٨٠ .

٧٤
 &

حامية) قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه ما نقرأها ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) (١) . فسأل معاوية عبد الله بن عمرو : كيف تقرأها ؟ فقال عبد الله : كما قرأتها ! قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية في بيتي نزل القرآن (٢) .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) (٣) . قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحدا يقرأها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة تغرب في حمئة سوداء .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في حمئة وحامية وقرأتها ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) (٤) . فقال عمرو (وحامية) فسألنا كعبا فقال : إنها في كتاب الله المنزل تغرب في طينة سوداء (٥) .

صوما صمتا !

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري

___________

(١) الكهف : ٨٦ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٤٠ .

(٣) الكهف : ٨٦ .

(٤) الكهف : ٨٦ .

(٥) الدر المنثور ٤ : ٢٤٨ .

٧٥
 &

في المصاحف وابن مردويه عن أنس بن مالك أنه كان يقرأ (إني نذرت للرحمن صوما صمتا) .

وكشاهد نذكر :

أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها (إني نذرت للرحمن صوماً صمتاً) وقال : ليس إلا أن حملت فوضعت (١) .

وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي قال : في قراءة أُبيّ بن كعب (إني نذرت للرحمن صوما صمتاً) (٢) ، وما أنزل الله عزّ وجلّ قرآنا هو ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ) (٣) ، نعم هذا من التنزيل الذي نزل مع القرآن ، وكان سببا لاختلاط الأمر على بعض الصحابة ، إذ حسبوه كغيره من ألفاظ القرآن .

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عياش قال : في قراءة أُبيّ (قالوا يا ذا المهد) (٤) ، وهي في القرآن هكذا ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) (٥) .

أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قرأ (وإن منهم إلا وادّها) قال :

___________

(١) نفس المصدر : ٢٦٩ .

(٢) نفس المصدر : ٢٧٠ .

(٣) مريم : ٢٦ .

(٤) الدر المنثور ٤ : ٢٧٠ .

(٥) مريم : ٢٩ ـ ٣٠ .

٧٦
 &

وهم الظلمة كذلك كنا نقرأها (١) ، وهي في القرآن هكذا ( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) (٢) .

أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب بن أبي ثابت قال : في حرف أُبيّ (قل من كان في الضلالة فانه يزيده الله ضلالة) (٣) وهي في القرآن هكذا ( قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَـٰنُ مَدًّا ) (٤) .

أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ( وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ ) (٥) . قال : ما عنده هو قوله ( لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ) (٦) . وفي حرف ابن مسعود (ونرثه ما عنده ويأتينا فردا لا مال ولا ولد) (٧) ، وهي في القرآن هكذا ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَـٰنِ عَهْدًا * كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ) (٨) .

أخرج الترمذي وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن

___________

(١) الدر المنثور ٤ : ٢٨٢ .

(٢) مريم : ٧١ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٢٨٣ .

(٤) مريم : ٧٥ .

(٥) مريم : ٨٠ .

(٦) مريم : ٧٧ .

(٧) الدر المنثور ٤ : ٢٨٤ .

(٨) مريم : ٧٧ ـ ٨٠ .

٧٧
 &

مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما قفل رسول الله صلی الله عليه [ وآله ] وسلم من خيبر أسري ليلة ... إلی قوله : ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) (١) . وكان ابن شهاب ـ الزهدي ـ يقرأها (للذكری) (٢) .

أخفيها من نفسي !

أخرج ابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما إنه قرأ (أكاد أخفيها من نفسي) يقول : لأنها لا تخفی من نفس الله أبدا .

أقول : هذا ما يفعله الاجتهاد والرأي في نصوص القرآن ! وواضح هنا في أن علة انتخاب هذه القراءة ليس التوقيف ، بل الاجتهاد والرأي ، وههنا هو اعتقاد القارئ بعلم الله عزّ وجلّ بكل شيء ، فأين التوقيف من هذه القراءات كما يزعم أهل السنة ؟!

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ليس من أهل السماوات والأرض أحد إلا قد أخفی الله عنه علم الساعة ، وهي في قراءة ابن مسعود (أكاد أخفيها من نفسي) يقول : أكتمها من الخلائق حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت .

أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة (أكاد أخفيها من نفسي) قال : لعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين ، وهي في القرآن هكذا ( إِنَّ

___________

(١) طه : ١٤ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٩٣ ـ ٢٩٤ .

٧٨
 &

السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ ) (١) ، ثم تأتينا رواية تزيد الطين بلة ، وهو اجتهاد من سيد القرّاء يزيد به هذا المقطع (فكيف أطعكم عليها)

وأخرج ابن الأنباري عن الفراء قال : في قراءة أُبيّ بن كعب رضي الله عنه (أكاد أخفيها من نفسي فكيف أطلعكم عليها) (٢) !

أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في بعض القراءة (لنذبحنه ثم لنحرقنه) خفيفة ، قال قتادة : وكان له لحم ودم (٣) ، وهي في القرآن هكذا ( وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) (٤) .

أخرج عبد ابن حميد عن الضحاك رضي الله عنه ( كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (٥) . قال : يجرون قال : وكان عبد الله يقرأ (كل في فلك يعملون) (٦) .

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) (٧) . قال : حطبها ، قال : في بعض القراءة (حطب جهنم) من قراءة عائشة (٨) .

___________

(١) طه : ١٥ .

(٢) الدر المنثور ٤ : ٢٩٤ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٣٠٧ .

(٤) طه : ٩٧ .

(٥) الأنبياء : ٣٣ .

(٦) الدر المنثور ٤ : ٣١٨ .

(٧) الأنبياء : ٩٨ .

(٨) الدر المنثور ٤ : ٣٣٩ .

٧٩
 &

صوافن !

أخرج ابن الأنباري في المصاحف والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن) .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن الأنباري عن قتادة قال : كان عبد الله بن مسعود يقرأ (فاذكروا اسم الله عليها صوافن) أي معقولة قياما .

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأها صوافن قال : رأيت ابن عمر ينحر بدنته وهي على ثلاثة قوائم قياما معقولة (١) ، وهي في القرآن هكذا ( فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ) (٢) .

أخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس رضي الله عنه يقرأ (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث) (٣) .

أقول : هذه الزيادة (ولا محدث) وردت في الكافي فكانت وما زالت محلا لهرج الوهابية ولغطهم على الشيعة بفرية تحريف القرآن ! ويا ليتهم نظروا في كتبهم قبل أن يتفوهوا بشيء ! مع أن الشيعة عندهم الوجه الصحيح لهذا المقطع ، ولكن أهل السنة يقولون هو مما حذفه عثمان ! ، وهذا ليس إلا تحريف للقرآن ، لأن هذه الجملة إما من القرآن فعثمان حرفه بحذفها ، وإما ليست من

___________

(١) نفس المصدر : ٣٦٢ .

(٢) الحج : ٣٦ .

(٣) الدر المنثور ٤ : ٣٦٦ .

٨٠