بنسبة القتل الى الله ، بينما هو من فعل الناس ، والتذكير بالفرق بين الوفاة للأنفس واسترجاعها الذي نسب في القرآن الى الله حين حلول الأجل والموت حتف الأنف ، وبين القتل الذي هو إزهاق الروح من قِبَل القاتل قبل حلول الموت المذكور.
إن تحدّي الحكام وفي مجالسهم ، وبهذه الصراحة ينبىء عن شجاعة وبطولة ، وهو تحدّ للسلطة أكثر من أن يكون ردا على انحراف في العقيدة فقط.
وفي حديث رواه الزهري ـ من كبار علماء البلاط الأموي ـ أجاب الإمام زين العابدين عليهالسلام عن هذا السؤال : أبِقَدَرٍ يصيب الناس ما اصابهم ، أم بعمل؟
أجاب عليهالسلام بقوله : إنّ القدَرَ والعمل بمنزلة الروح والجسد ... ولله فيه العون لعباده الصالحين.
ثم قال عليهالسلام : ألا ، من أجور الناس مَنْ رأى جوره عدلا ، وعدل المهتدي جورا (١).
وقد تجرأ أعداء الأسلام ـ بعد سيطرتهم على الحكم ـ على المساس بأساس العقيدة الإسلامية ، وهو التوحيد الإلهي ، وذلك بإدخال شبه التجسيم والتشبيه في أذهان العامة ، لإبعادهم عن الحق ، وجرّهم الى صنمية الجاهلية.
ولقد استغلّ الإعداء جهل الناس ، وبعدهم عن المعارف ، حتى اللغة العربية! فموّهوا عليهم النصوص المحتوية على ألفاظ الأعضاء ، كاليد والعين ، مضافة في ظاهرها الى الله تعالى ، وتفسيرها بمعانيها المعروفة عند البشر ، بينما هي مجازات مألوفة عند فصحاء العرب في شعرهم ونثرهم ، يعبّرون باليد عن القوة والقدرة ، وبالعين عن البصيرة والتدبير ، وهكذا ...
وقد قاوم الإسلام منذ البداية هذه الأفكار المنافية للتوحيد والتنزيه ، وقام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الأطهار بمقاومتها وإبطال شبهها ، وفضح أغراض ناشريها ودعاتها.
وفي عهد الإمام السجاد عليهالسلام ، وبعد أن استشرى الوباء الاموي بالسيطرة التامة ،
__________________
(١) التوحيد للصدوق (ص ٣٦٦).