كره الله تعالى ما نحن فيه لغيّره ».
وقال معاوية في بعض خطبه : « أنا عامل من عمّال الله اُعطي من أعطاه الله وأمنع من منعه الله ولو كره الله أمرا لغيّره ».
فأنكر عليه عُبادة بن الصامت وغيره من الصحابة. نقله ابن المرتضى وقال : هذا صريح الجبر (١).
وهذا هو الذي شدّد قبضة الامويين على البلاد والعباد ، ومكّنهم من قتل ابي عبدالله الحسين سبط رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بكل جرأة ، ومن دون نكير!
وقد أظهر يزيد ، أن الحسين عليهالسلام إنما قتله الله! فأعلن ذلك في مجلسه وأمام الناس.
لكن الإمام السجاد عليهالسلام لم يترك ذلك يمرّ بلا ردّ ، فانبرى له وقال ليزيد : قتل أبي الناس (٢).
وقبل ذلك في الكوفة قال عبيدالله : أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟
فقال الإمام عليهالسلام ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ). [ سورة الزمر (٣٩) الآية (٤٢) ]
فغضب عبيدالله وقال : وبك جرأة لجوابي ، وفيك بقية للردّ عليّ ، اذهبوا به فاضربوا عنقه.
ثم صعد المنبر ، وقال : الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين وحِزبه (٣).
إن الموقف كان خطرا جدا ، فالطاغية في عتوّه ، ونشوة الانتصار تغمره ، فالردّ عليه في مثل هذه الحالة يعني منازعته سلطانه.
ولكن الإمام السجاد عليهالسلام وهو أسير ، يعاني آلام الجرح والمرض ، لم يتركه يلحد في دين الله ، ويمرّر فكرة الجبر أمامه ، على الناس البسطاء ، الفارغين من المعارف ، التي نصّ عليها القرآن بوضوح.
وليس غرضنا من سرد هذه الأخبار إلاّ نقل ردّ الإمام عليهالسلام على مزاعم الحكّام
__________________
(١) المنية والأمل (ص ٨٦).
(٢) الاحتجاج (٣١١).
(٣) الارشاد للمفيد (ص ٢٤٤) ولاحظ صدره في تاريخ دمشق ( الحديث ٢٥ ).