تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

عثمان البحيري ، أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أنبأنا إبراهيم بن عبد الصّمد ، حدّثنا أبو مصعب. ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو المحاسن محمّد بن الحسين بن محمّد ابن الطبري ، وأبو عبد الله يحيى بن الحسن ، وأبو الحسن محمّد بن أحمد بن توبة ، وعلي ابن المبارك بن الحسين الخيّاط ، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، وكريمة بنت محمّد بن أحمد بن الخاضبة ، قالوا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا عيسى بن علي قال : قرئ على أبي القاسم البغوي ، حدّثنا كامل بن طلحة الجحدري ، قالا : حدّثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن محمّد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقرأ بالطور في المغرب [١٠٩٨٣].

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا أبو الميمون ، حدّثنا أبو زرعة (١) ، أخبرني الحكم بن نافع أنبأ [نا] شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ، أخبرني محمّد بن جبير بن مطعم وكان في وفد قريش الذين وفدوا على معاوية.

[قال ابن عساكر :](٢) لم يزد عليه.

أخبرنا أبو الفرج قوام بن زيد بن عيسى ، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، قالا : أنبأنا أبو الحسين بن النقور ، أنبأنا أبو الحسن الحربي (٣) ، حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبّار. ح وأخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العبّاس ، أنبأنا أبو سعد الجنزرودي ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، قالا : حدّثنا يحيى بن معين ، حدّثنا أبو اليمان (٤) ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، عن محمّد بن جبير ـ زاد أبو يعلى : بن مطعم ـ يحدّث أنه بلغ معاوية ـ وهو عنده في نفر من قريش ـ أن عبد الله بن عمرو يحدّث أنه يكون ـ وفي حديث تميم : سيكون ملك من (٥) قحطان فغضب معاوية فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون بأحاديث ـ وقال أبو يعلى : أحاديث ـ ليست في كتاب الله ، ولا تؤثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأولئك جهالكم فإيّاكم والأماني

__________________

(١) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١ / ٤١٥.

(٢) زيادة منا للإيضاح.

(٣) في «ز» : الحريمي ، تصحيف.

(٤) بالأصل : اليمن ، تصحيف ، والمثبت عن «ز» ، ود.

(٥) بالأصل : «بن» والمثبت عن «ز» ، ود.

١٨١

التي تضلّ أهلها ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «هذا الأمر في قريش لا يعازهم ـ وفي حديث ابن عبد الجبار : يعاديهم ـ أحد إلّا أكبّه الله على وجهه ما أقاموا الدين» [١٠٩٨٤].

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر ، أنبأنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد ابن زوج الحرّة ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، أنبأنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن ثوابة الحمصي ـ بحمص ـ حدّثنا أبو الحسين أحمد بن خالد بن خليّ ، حدّثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه.

ح وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أبو حامد الأزهري ، أنبأنا أبو سعيد محمّد بن عبد الله بن حمدون ، أنبأنا أبو حامد بن الشّرقي ، حدّثنا محمّد بن يحيى الذهلي ، أنبأنا أبو اليمان (١) ، أنبأنا شعيب ، عن الزهري قال : كان محمّد بن جبير بن مطعم يحدّث.

أنه بلغ معاوية ـ وهو عنده في وفد من (٢) قريش ـ أنّ عبد الله بن عمرو بن العاص حدّث أنه سيكون ملك من قحطان فغضب معاوية ، فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال :

أما بعد ، فإنّه بلغني أنّ رجالا منكم يتحدّثون أحاديث ـ وقال الذهلي : بأحاديث ـ ليست في كتاب الله ، ولا تؤثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأولئك جهّالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «هذا الأمر ـ وقال الذهلي في حديثه : إن هذا الأمر في قريش ، لا يعاديهم أحد إلّا أكبّه الله على وجهه ما أقاموا الدين» [١٠٩٨٥].

أخبرنا أبو بكر الشّحّامي ، أنبأنا أبو حامد ، أنبأنا أبو سعيد ، أنبأنا أبو حامد ، حدّثنا محمّد بن يحيى ، حدّثنا نعيم بن حمّاد ، حدّثنا ابن المبارك ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن محمّد بن جبير قال : بلغ معاوية أن عبد الله بن عمرو يحدّث أنه سيكون ملك من قحطان ، مثله.

أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنبأنا أبو نعيم الحافظ ، حدّثنا سليمان بن أحمد الطّبراني ، حدّثنا أبو زرعة ، حدّثنا أبو اليمان ، حدّثنا شعيب. ح قال : وحدّثنا سليمان (٣) ، حدّثنا عبد الرّحمن بن جابر الطائي ، حدّثنا بشر بن شعيب عن أبيه عن الزهري عن محمّد بن جبير بن مطعم قال : بلغ معاوية وأنا عنده في وفد

__________________

(١) بالأصل : اليمن ، تصحيف ، والمثبت عن «ز» ، ود.

(٢) كتبت فوق الكلام في «ز» ، بين السطرين.

(٣) راجع المعجم الكبير للطبراني ١٩ / ٣٣٨ رقم ٧٨٠ و ٧٨١.

١٨٢

من قريش أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدّث أنه سيكون ملك من قحطان ، فخطب الناس فقال : إنّ رجالا يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ، ولا تؤثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأولئك جهّالكم ، وإيّاكم والأماني التي تضلّ أهلها ، فسمعت رسول الله محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إن هذا الأمر في قريش ، لا يعاديهم أحد إلّا أكبّه الله على وجهه ما أقاموا الدين» [١٠٩٨٦].

أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنبأنا أبو طاهر بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا عبيد الله بن سعد ، حدّثنا معاوية بن (١) عمرو ، عن أبي إسحاق الفزاري قال : محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل أبو سعيد.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلي ، قالا : أنبأنا أبو طاهر الباقلاني ـ زاد أبو البركات : وأبو الفضل أحمد بن الحسن ، قالا : ـ أنبأنا أبو الحسين محمّد بن الحسن الأصبهاني ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، حدّثنا عمرو بن أحمد بن إسحاق ، حدّثنا خليفة بن خيّاط قال (٢) : محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، يكنى أبا سعيد ، توفي زمن عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا (٣) أبو البركات ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا محمّد بن علي ، أنبأنا محمّد بن أحمد ، أنبأنا الأحوص بن المفضّل ، حدّثنا أبي قال : قال يحيى بن معين : محمّد بن جبير بن مطعم أبو سعيد (٤).

أخبرنا أبو البركات أيضا ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، أنبأنا أبو محمّد بن رباح ، أنبأنا أبو بكر المهندس ، حدّثنا أبو بشر الدولابي ، حدّثنا معاوية بن صالح قال : سمعت يحيى ابن معين يقول في تسمية تابعي أهل مكة ومحدّثيهم : محمّد بن جبير.

أخبرنا أبو الحسين (٥) بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، حدّثنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزبير بن بكّار قال : فولد جبير بن مطعم محمّدا ، روى عنه الحديث ، كان محمّد بن جبير يكنى أبا سعيد ، توفي في زمن عمر بن عبد العزيز.

__________________

(١) كذا بالأصل ود : «معاوية بن عمرو» وفي «ز» : معاوية عن عمرو وهو معاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو بن شعيب الأزدي ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٨ / ٢١٧.

(٢) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٤٢٠ رقم ٢٠٦٤.

(٣) كتب فوقها بالأصل : ملحق.

(٤) كتب فوقها بالأصل : إلى.

(٥) بالأصل : الحسن ، تصحيف ، والتصويب عن «ز» ، ود.

١٨٣

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا الحسن بن محمّد بن يوسف ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثنا محمّد بن سعد قال (١) في الطبقة الثانية من تابعي (٢) أهل المدينة : محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل ابن عبد مناف ، ويكنى أبا سعيد ، توفي بالمدينة زمن عمر بن عبد العزيز.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم.

ح قال : وقرئ على سليمان بن إسحاق بن الخليل ، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة قالا : حدّثنا محمّد بن سعد (٣) قال : محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي ، وأمّه قتيلة بنت عمرو بن الأزرق بن قيس بن النعمان بن معدي كرب بن عكبّ بن (٤) كنانة بن تيم بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيّب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل ، فولد محمّد بن جبير سعيدا ، وبه كان يكنى ، وذكر غيره.

أخبرنا أبو السعود بن المجلي (٥) ، حدّثنا أبو الحسين بن المهتدي ، أنبأنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة الخلّال ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب ، حدّثنا جدي قال نافع بن جبير يكنى أبا محمّد ، وكان أخوه محمّد بن جبير بن مطعم يكنى أبا سعيد توفي بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز ، وكانا ينزلان دار أبيهما بالمدينة ، ذكر ذلك محمّد بن عمر عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد وهما ممن يعدّان في الطبقة الثانية ممن أدرك عثمان وعليا وزيد بن ثابت.

أنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي ، وحدّثنا أبو الفضل السّلامي ، أنبأنا المبارك بن عبد الجبّار ، ومحمّد بن النّرسي ـ واللفظ له ـ قالا : أنبأنا عبد الوهّاب بن محمّد ، أنبأنا أبو بكر الشيرازي ، أنبأنا أبو الحسن المقرئ ، حدّثنا أبو عبد الله البخاري (٦) قال : محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف أبو سعيد القرشي ، يعدّ في (٧) أهل الحجاز ، سمع أباه

__________________

(١) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

(٢) في «ز» : «يعني من أهل المدينة» بدلا من : «من تابعي أهل المدينة».

(٣) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٥.

(٤) فوقها في «ز» : ضبة.

(٥) بالأصل : المحلى ، والمثبت عن «ز» ، ود.

(٦) رواه البخاري في التاريخ الكبير ١ / ١ / ٥٢.

(٧) كذا بالأصل و «ز» ، ود ، وفي التاريخ الكبير : من.

١٨٤

ومعاوية ، روى عنه الزهري ، وسعد (١) بن إبراهيم ، وسعيد ابنه ، نسبه لي ابن أبي أويس عن ابن إسحاق ، قال : وكان من أعلم قريش بأحاديثها.

أنبأنا أبو الحسين هبة الله بن الحسن ، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن مندة ، أنبأنا حمد ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا علي.

قالا : أنبأنا ابن أبي حاتم (٢) قال : محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف أبو سعيد القرشي ، روى عن أبيه ومعاوية ، روى عنه بنوه : عمر ، وسعيد ، وجبير ، والزهري ، وعمرو (٣) بن دينار ، وسعد بن إبراهيم ، توفي بالمدينة زمن عمر بن عبد العزيز ، سمعت أبي يقول ذلك.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنبأنا أبو سعيد بن حمدون ، أنبأنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلما يقول : أبو سعيد محمّد بن جبير بن مطعم القرشي ، سمع أباه ، روى عنه ابنه جبير ، والزهري.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنبأنا أبو نصر الوائلي ، أنبأنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : سمعت أبا سعيد محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصقر ، أنبأنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، أنبأنا أبو بكر المهندس ، حدّثنا أبو بشر الدولابي قال : أبو سعيد محمّد بن جبير بن مطعم (٤).

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنبأنا أبو بكر الصفّار ، أنبأنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال أبو سعيد محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي المدني ، وكان ينزل دار أبيه بالمدينة ومات بها ، سمع أباه ، ومعاوية بن أبي

__________________

(١) بالأصل و «ز» ، ود : «وسعيد» تصحيف ، والمثبت عن التاريخ الكبير.

(٢) رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٧ / ٢١٨.

(٣) بالأصل : «وعمر» تصحيف ، والمثبت عن د ، و «ز» ، والجرح والتعديل.

(٤) الكنى والأسماء للدولابي ١ / ١٨٧.

١٨٥

سفيان ، روى عنه : ابن شهاب ، وعمرو بن دينار ، وإبراهيم (١) بن سعد.

أخبرنا أبو البركات بن المبارك ، أنبأنا محمّد بن طاهر ، أنبأنا مسعود بن ناصر ، أنبأنا عبد الملك بن الحسن (٢) ، أنبأنا أبو نصر الكلاباذي قال : محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي ابن نوفل بن عبد مناف أبو سعيد القرشي المدني أخو نافع ، سمع أباه ، ومعاوية بن أبي سفيان ، روى عنه ابنه عمر ، والزهري ، وعمرو بن دينار ، وسعد بن إبراهيم في : الصّلاة ، والحج ، والجهاد ، وقال ابن سعد : قال الواقدي : توفي بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد ، وأبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أحمد ، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العبّاس ، أنبأنا أحمد بن سليمان ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، حدّثني محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن طلحة ، عن موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه قال : قدم محمّد بن جبير بن مطعم على عبد الملك بن مروان وكان من علماء قريش ، فقال له عبد الملك : يا أبا سعيد ألم يكن ـ يعني ـ بني عبد شمس وأنتم ـ يعني ـ بني نوفل في حلف الفضول؟ قال : أنت أعلم يا أمير المؤمنين ، قال : لتخبرني بالحق من ذلك ، فقال : لا والله يا أمير المؤمنين ، لقد خرجنا نحن وأنتم منه ، وما كانت يدنا ويدكم إلّا جميعا في الجاهلية والإسلام.

أخبرتنا أم البهاء بنت البغدادي قالت : أنبأنا أبو طاهر بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، حدّثنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا عبيد الله بن سعد ، حدّثنا عمي يعقوب ، حدّثنا أبي عن ابن إسحاق (٣) ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال :

قدم محمّد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ـ وكان محمّد من أعلم قريش ـ على عبد الملك بن مروان [حين](٤) قتل ابن الزبير واجتمع الناس على عبد الملك ، فلمّا دخل عليه قال له عبد الملك : يا أبا سعيد ألم نكن نحن وأنتم ـ يعني ـ بني عبد شمس

__________________

(١) كذا بالأصل ود ، و «ز» هنا : «إبراهيم بن سعد» وقد تقدم أنه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وانظر أسماء الرواة عنه في تهذيب الكمال وسير أعلام النبلاء وفيهما أيضا : سعد بن إبراهيم.

(٢) بالأصل : الحسين ، تصحيف ، والمثبت عن د ، و «ز».

(٣) سيرة ابن هشام ١ / ١٤٢ ـ ١٤٣.

(٤) سقطت من الأصل ، واستدركت عن «ز» ، ود.

١٨٦

وبني نوفل في حلف الفضول (١)؟ قال : أمير المؤمنين أعلم ، قال : لتخبرني يا أبا سعيد بالحقّ من ذلك ، قال : لا والله يا أمير المؤمنين ، لقد خرجنا نحن وأنتم (٢) ، قال : صدقت.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنبأنا أبو الحسين بن الطّيّوري ، أنبأنا الحسين بن جعفر ، ومحمّد بن حسن ، وأحمد بن محمّد العتيقي.

وأنبأنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأنا ثابت بن بندار ، أنبأنا الحسين بن جعفر.

قالوا : أنبأنا الوليد بن بكر ، أنبأنا علي بن أحمد بن زكريا ، أنبأنا صالح بن أحمد ، حدّثني أبي قال : محمّد بن جبير مدني تابعي ثقة (٣).

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا أبو محمّد الكتّاني ، أنبأنا علي بن الحسن ، ورشأ ابن نظيف ، قالا : أنبأنا محمّد بن إبراهيم ، أنبأنا محمّد بن محمّد بن داود ، حدّثنا عبد الرّحمن ابن يوسف بن سعيد قال : محمّد بن جبير بن مطعم ، مدني ، ثقة.

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا علي بن أحمد المقبري البغدادي ، حدّثنا أبو بكر موسى بن إسحاق الأنصاري ، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن نمير ، حدّثنا يونس بن بكير ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، عن ابن عبد الله بن قسيط ـ يعني ـ يزيد ، عن محمّد بن جبير بن مطعم أنه احتسب بعلمه وجعله في بيت ، وأغلق عليه بابا ودفع المفتاح إلى مولاة له وقال لها : من جاءك يطلب منك مما في هذا البيت شيئا فادفعي إليه المفتاح ولا تذهبي من الكتب شيئا.

قرأت : على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، حدّثنا الحسين بن فهم.

__________________

(١) كان حلف الفضول قبل البعث بعشرين سنة ، وقيل في سبب تسميته بحلف الفضول :

أنهم لما تحالفوا قرروا أن ترد الفضول إلى أهلها ، وعلى ألا يغزو ظالم مظلوما.

وقيل إن سبب تسميته بحلف الفضول أن جرهما سبقت قريشا إلى مثل هذا الحلف ، فتحالف ثلاثة منهم وكلهم يسمى الفضل ، وهم : الفضل بن وداعة ، والفضل بن فضالة ، والفضيل بن الحارث ولما تحالفت قريش ، وأشبه حلفها حلف الجرهميين قيل له : حلف الفضول.

(٢) وقد تداعت قريش ، فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنّه ، فكان حلفهم عنده : بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد بن عبد العزى ، وزهرة بن كلاب ، وتيم بن مرة.

(راجع سيرة ابن هشام ، والروض الأنف).

(٣) تاريخ الثقات للعجلي ص ٤٠١ رقم ١٤٤١ ، وعن العجلي في تهذيب الكمال ١٦ / ١٦٦.

١٨٧

ح قال : وقرئ على سليمان بن إسحاق ، حدّثنا الحارث بن محمّد ، قالا : حدّثنا محمّد ابن سعد (١) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، أنبأنا عبد الرّحمن بن أبي الزناد قال : كان محمّد بن جبير وأخوه نافع بن جبير ينزلان دار أبيهما بالمدينة ، وتوفي محمّد في خلافة سليمان بن عبد الملك ، وكان محمّد ثقة ، قليل الحديث.

قال (٢) : وأنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثنا ابن أبي سبرة ، عن أبي مالك الحميري قال : رأيت نافع بن جبير ، يوم مات أخوه محمّد بن جبير قد ألقى رداءه عن ظهره وهو يمشي.

[قال ابن عساكر :](٣) وهذا يدلّ على أن محمّدا لم يبق إلى خلافة عمر بن عبد العزيز لأنّ نافعا بقي بعده ولم يدركها (٤).

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنبأنا أبو الحسن السّيرافي ، أنبأنا أحمد بن إسحاق ، حدّثنا أحمد بن عمران ، حدّثنا موسى ، حدّثنا خليفة قال (٥) :

٦١٥٨ ـ محمّد بن الجرّاح العبدي

أوفده الجنيد بن عبد الرّحمن من خراسان على هشام بن عبد الملك ببعض الفتوح ، له ذكر في التاريخ.

٦١٥٩ ـ محمّد بن جرو

قدم على أهل الواقوصة باليرموك مع شداد بن أوس بخبر وفاة أبي بكر الصّدّيق.

ذكر ذلك أبو الحسن علي بن محمّد المدائني.

٦١٦٠ ـ محمّد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطّبري (٦)

الإمام صاحب التصانيف المشهورة.

قرأ القرآن العظيم على العبّاس بن الوليد ببيروت ، وسمع منه.

__________________

(١) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٥.

(٢) القائل : محمد بن سعد ، والخبر في الطبقات الكبرى ٥ / ٢٠٥ وعن ابن سعد في تهذيب الكمال ١٦ / ١٦٦.

(٣) زيادة منا للإيضاح.

(٤) تعقيب ابن عساكر على قول ابن سعد ، ورد في تهذيب الكمال ، ولم يعزه إلى ابن عساكر.

(٥) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٣٢٥ (ت. العمري).

(٦) ترجمته في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢ ومعجم الأدباء ١٨ / ٩٠ وإنباه الرواة ٣ / ٨٩ ووفيات الأعيان ٤ / ١٩١ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٧١٠ وميزان الاعتدال ٣ / ٤٩٨ والوافي بالوفيات ٢ / ٢٨٤ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٦٧ والطبقات

١٨٨

وحدّث عن عبد الملك بن أبي الشوارب الأموي ، وإسحاق بن أبي إسرائيل المروزي ، وإسماعيل بن موسى الفزاري ، وهنّاد بن السّريّ ، وأبي همّام الوليد بن شجاع السّكوني ، وأبي كريب محمّد بن العلاء ، وأبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشجّ ، وأحمد بن منيع البغوي ، ويعقوب بن إبراهيم الدّورقي ، وعمرو بن علي الفلّاس ، وأبي بكر [محمّد](١) بن بشار ، وأبي موسى محمّد بن المثنى ، وعبد الأعلى بن واصل ، وسليمان بن عبد الجبّار ، ويونس بن عبد الأعلى الصّدفي ، والحسن بن قزعة ، وبشر بن دحية ، والزبير بن بكّار ، والفضل بن سخيت ، ومحمّد بن حميد ، وأبي زرعة الرازيين وغير هم من العراقيين ، والمصريين ، والرازيين.

روى عنه : أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحرّاني ، وهو أكبر منه سنا وأقدم وفاة وأبو عمرو بن حمدان النيسابوري ، وأبو الفرج أحمد بن القاسم بن الخشّاب البغدادي ، وأبو الحسن علي بن الحسن بن علّان الحرّاني ، وأبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن همّام الشيباني ، وأبو جعفر أحمد بن علي بن محمّد الكاتب ، وأبو الطّيّب عبد الغفّار بن عبيد الله ابن السّري الحصيني المقرئ الواسطي ، وأبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد بن أيوب القطّان ، وسليمان بن أحمد الطّبراني ، وأبو محمّد الفرغاني وغيرهم.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، وأبو القاسم زاهر بن طاهر ، قالا : أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن ، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان في السؤالات ، حدّثنا محمّد بن جرير بن يزيد الطّبري الفقيه ، ومحمّد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي ، قالا : حدّثنا أحمد بن منيع ، حدّثنا الحسين بن محمّد المرورّوذي ، حدّثنا إسرائيل ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لضباعة (٢) : «حجّي ، واشترطي أنّ محلّي (٣) حيث حبستني» (٤) [١٠٩٨٧].

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو جعفر أحمد بن علي بن

__________________

الكبرى للسبكي ٣ / ١٢٠ طبقات القراء ٢ / ١٠٦ ومعرفة القراء الكبار ١ / ٢٦٤ رقم ١٨١ والبداية والنهاية ١١ / ١٤٥ ولسان الميزان ٥ / ١٠٣ والمحمدون من الشعراء ٢٦٣ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٧٩ وانظر بهامشه أسماء مصادر أخرى كثيرة ترجمته.

(١) سقطت من الأصل وأضيفت عن د ، و «ز».

(٢) هي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، ابنة عم النبي ترجمتها في أسد الغابة ٦ / ١٧٨.

(٣) أي مكان خروجي من الحج ، وموضع إحلالي من الإحرام.

(٤) رواه من طريق آخر في أسد الغابة ٦ / ١٧٨ وسنن الترمذي في أبواب الحج رقم ٩٤٧.

١٨٩

محمّد الكاتب ـ قراءة عليه وأنا حاضر أسمع ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطّبري ، حدّثني بشر هو ابن دحية ، حدّثنا قزعة بن سويد ، حدّثنا عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله.

أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من ختم له عند موته بلا إله إلّا الله دخل الجنّة» [١٠٩٨٨].

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أخبرني أبو طالب محمّد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير ، أنبأنا مخلد بن جعفر.

ح قال الخطيب : وأخبرني أبو القاسم الأزهري ، حدّثني أبو جعفر أحمد بن أبي طالب الكاتب ، قالا : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطّبري ، حدّثني عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي ، حدّثنا ثابت بن محمّد ، حدّثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن طاوس ، عن ابن عبّاس قال : مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على رجل مكشوفة فخذه فقال له : «غطّ فخذك ، فإنّ فخذ الرجل من العورة» [١٠٩٨٩].

وقال أيضا : حدّثنا أبو زرعة الرازي ، حدّثنا ثابت بن محمّد ، حدّثنا إسرائيل عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال :

مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على رجل مكشوفة فخذه فقال له : «غطّ فخذك ، فإنّ فخذ الرجل من العورة».

قال أبو طالب : ذكر أبي أنّ حديث الثوري غريب ، حدّث به مخلد ، وأبو جعفر بن أبي طالب عن الطّبري هكذا قال : وقد حدّثنا أبو زرعة الرازي ـ يعني : أحمد بن الحسين ـ عن ابن نومرد ، عن أبي زرعة عن ثابت ، عن الثوري ، عن حبيب ، عن طاوس ، عن ابن عبّاس.

أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلّى في كسوف الشمس ، وإلى جنبه حديث أبي يحيى القتات (٣) عن مجاهد عن ابن عبّاس : مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على رجل مكشوفة فخذه. قال أبي : فشبه أن يكون أبو زرعة الطّبري حدّث به مرة من حفظه إن لم يكن الطّبري أخطأ عليه ، فإنّ القول قول ابن

__________________

(١) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢.

(٣) بالأصل ، ود ، و «ز» : «العتاب» والمثبت عن تاريخ بغداد ، فالمصنف يأخذه عن الخطيب ، وتاريخ بغداد مصدر الخبر.

١٩٠

نومرد ، وقد روي عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ على رجل مكشوفة فخذه ، من وجه غير مرضي ، فالله أعلم.

أنبأنا أبو القاسم بن أبي الجن ، عن أبي القاسم بن الفرات ، أنبأنا أبو علي أحمد بن محمّد بن الحسن الأصبهاني في كتاب تلخيص قراءات الشاميين ، قال : حدّثت عن مكحول البيروتي أن أبا جعفر ـ يعني ـ محمّد بن جرير الطّبري أقام ببيروت أياما منها تسع ليال يبيت في المسجد الجامع بها حتى ختم القرآن بهذه الرواية تلاوة على العبّاس بن الوليد (١) ، ثم سمع منه الكتاب بعد القراءة ، وأخبره أنه قرأ به على عبد الحميد بن بكّار القرآن مرتين وذكر باقي كلامه.

كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن مندة ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنه ، أنبأنا عمّي أبو القاسم عن أبيه أبي (٢) عبد الله قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : محمّد بن جرير بن يزيد ، يكنى أبا جعفر ، طبري من أهل آمل (٣) ، كان فقيها ، قدم إلى مصر قديما سنة ثلاث وستين ومائتين ، وكتب بها ، ورجع إلى بغداد ، وصنّف تصانيف حسنة تدل على سعة علمه (٤) ، وكانت وفاته ببغداد في العشر الأواخر من شوال سنة عشر وثلاثمائة.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وأبو منصور بن خيرون ، قالوا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٥) : محمّد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب أبو جعفر الطّبري ، سمع محمّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وأحمد بن منيع البغوي ، ومحمّد بن حميد الرازي ، وأبا همام (٦) الوليد بن شجاع ، وأبا كريب محمّد بن العلاء ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وأبا سعيد الأشج ، وعمرو بن علي ، ومحمّد ابن بشّار ، ومحمّد بن المثنى ، وخلقا كثيرا نحوهم من أهل العراق ، والشام ، ومصر ، حدّث عنه أحمد بن كامل القاضي ، ومحمّد بن عبد الله الشافعي ، ومخلد (٧) بن جعفر في آخرين.

__________________

(١) معرفة القراء الكبار ١ / ٢٦٥ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٠.

(٢) بالأصل : أبو.

(٣) في تاريخ الإسلام : «آمل طبرستان». وآمل بضم الميم واللام أكبر مدينة بطبرستان في السهل ، قاله ياقوت في معجم البلدان.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٦٩.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢.

(٦) صحفت بالأصل إلى هشام ، والتصويب عن «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٧) صحفت بالأصل إلى «محمد» ، والتصويب عن «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.

١٩١

[قال الخطيب](١) استوطن الطّبري بغداد ، وأقام بها إلى حين وفاته ، وكان أحد أئمة العلماء ، يحكم بقوله ، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظا لكتاب الله ، عارفا بالقراءات ، بصيرا في المعاني ، فقيها في أحكام القرآن ، عارفا بالسّنن ، وطرقها ، وصحيحها وسقيمها ، وناسخها ومنسوخها ، عارفا [بأقوال الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، عارفا](٢) بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في : «تاريخ الأمم والملوك» ، وكتاب في «التفسير» لم يصنّف أحد مثله وكتاب سمّاه : «تهذيب الآثار» لم أر سواه في معناه ، إلّا أنه لم يتممه ، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة ، واختيار من أقاويل الفقهاء ، وتفرّد بمسائل حفظت عنه.

ذكر أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني أنّ مولد الطّبري بآمل سنة أربع وعشرين ومائتين (٣).

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا أبو علي الجازري ، أنبأنا المعافى بن زكريا قال : وحكى لي بعض أصحابنا أنه وجد بخط صاحبنا محمّد بن جعفر بن جمهور : سألت أبا جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطّبري أن يزيدني في نسبه فقال متمثلا بقول رؤبة :

قد رفع العجاج بيننا فادعني

باسمي إذا الأنساب طالت يكفني

أخبرنا أبو القاسم النسيب ، وأبو الحسن الزاهد ، قالا : حدّثنا [ـ و](٤) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر أحمد بن علي (٥) ، حدّثني أبو الفرح محمّد بن عبيد الله بن محمّد الخرجوشي (٦) الشيرازي ـ لفظا ـ قال : سمعت أحمد بن منصور بن محمّد الشيرازي يقول : سمعت محمّد بن أحمد الصحّاف السّجستاني يقول : سمعت أبا العباس البكري من ولد أبي بكر الصّدّيق يقول :

__________________

(١) زيادة منا ، والخبر في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٣.

(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن هامشه وبعده كلمة صح ، وانظر «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٣) تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٠.

(٤) زيادة لازمة لتقويم السند عن «ز» ، ود.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥ وعنه في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.

(٦) ضبطت عن الأنساب ، وهذه النسبة إلى خرجوش ، اسم جد.

١٩٢

جمعت الرحلة بين محمّد بن جرير ومحمّد بن إسحاق بن خزيمة ، ومحمّد بن نصر المروزي ، ومحمّد بن هارون الرّوياني بمصر ، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم ، وأضرّ بهم الجوع ، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليه ، فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة ، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام ، فخرجت القرعة على محمّد بن إسحاق بن خزيمة فقال لأصحابه : أمهلوني حتى أتوضّأ وأصلّي صلاة الخيرة ، قال : فاندفع في الصلاة ، فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والي مصر يدق الباب ، ففتحوا الباب ، فنزل عن دابته فقال : أيكم محمّد بن نصر؟ فقيل : هو هذا ، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ثم قال : أيّكم محمّد بن جرير؟ فقالوا : هو ذا ، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ، ثم قال : أيكم محمّد بن هارون؟ فقالوا : هو ذا ، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه ، ثم قال : أيكم محمّد بن إسحاق بن خزيمة؟ فقالوا : هو ذا يصلّي ، فلمّا فرغ دفع إليه الصرّة وفيها خمسون دينارا ، ثم قال : إنّ الأمير كان قائلا (١) بالأمس فرأى في المنام خيالا قال : إن المحامد طووا كشحهم جياعا ، فأنفذ إليكم هذه الصرار ، وأقسم عليكم إذا نفذت فابعثوا إليّ أمدّكم.

قرأت بخط عبد العزيز بن أحمد مما نقله من كتاب أبي محمّد الفرغاني (٢) صاحب أبي جعفر الطبري والذي ذيّل تاريخه ، حدّثني أبو علي هارون بن عبد العزيز (٣) أن أبا جعفر لما دخل بغداد ، وكانت معه بضاعة يتقوّت منها ، فسرقت فأفضت به الحال إلى بيع ثيابه ، وكمّي قميصه ، فقال له بعض أصدقائه تنشط لتأديب بعض ولد الوزير أبي الحسن عبيد الله بن يحيى ابن خاقان؟ قال له : نعم ، فمضى الرجل ، فأحكم له أمره ، وعاد إليه ، فأوصله إلى الوزير بعد أن أعاره ما يلبسه ، فلما رآه عبيد الله قرّبه ورفع مجلسه ، وأجرى عليه عشرة دنانير في الشهر ، فاشترط عليه أوقات طلبه العلم ، والصلوات ، والأكل ، والشرب ، والراحة في حينها ، وسأل أسلافه رزق شهر ليصلح به حاله ، ففعل ذلك به ، وأدخل في حجرة التأديب فأجلس فيها وكان قد فرش له وخرج إليه الصبي وهو أبو يحيى ، فلما جلس بين يديه كتبه ، فأخذ الخادم اللوح ودخلوا مستبشرين ، فلم تبق جارية إلّا أهدت إليه صينية فيها دراهم ودنانير ، فرد

__________________

(١) أي نائما في القائلة ، يعني في نصف النهار.

(٢) هو عبد الله بن أحمد بن جعفر بن خذيان ، أبو محمّد التركي الفرغاني ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ١٣٢.

(٣) الخبر في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧١ ـ ٢٧٢.

١٩٣

الجميع وقال : قد شورطت على شيء ، وما هذا لي بحقّ ، وما آخذ غير ما شورطت عليه ، فعرّف الجواري الوزير ذلك ، فأدخله إليه وقال له : يا أبا جعفر سررت أمهات الأولاد في ولدهن ، فبررنك ، فغممتهن بردّك ذلك ، فقال له : ما أريد غير ما وافقتني عليه ، وهؤلاء عبيد ، والعبيد لا يملكون شيئا ، فعظم ذلك في نفسه ، وكان ربّما أهدى إليه بعض أصدقائه الشيء من المأكول ، فيقبله اتّباعا للسنّة ويكافئه لعظم مروءته أضعافا ، وربّما يجحف به فكان أصدقاؤه يجتنبون مهاداته.

قال الفرغاني (١) : وكتب إلي المراغي يذكر أن المكتفي قال للعباس بن الحسن : إنّي أريد أن أقف وقفا ، يجتمع أقاويل العلماء على صحته ويسلم من الخلاف ، فأحضر الطبري وأجلس في دار يسمع فيها المكتفي كلامه ، وخوطب في أمر الوقف ، فأملى عليهم كتابا لذلك على ما أراده الخليفة ، فلما فرغ وعزم على الانصراف أخرجت له جائزة حسنة ، فأبى أن يقبلها ، فحرص به صافي الحرمي وابن الحواري لأنهما كانا حاضرين المجلس وبينه وبين المكتفي ستر ، وعاتباه على ردّها ، فلم يكن فيه حيلة فقيل له من وصل إلى الموضع الذي وصلت إليه لم يحسن أن ينصرف إلّا بجائزة أو قضاء حاجة. فقال : أما قضاء حاجة فأنا أسأل ، فقيل له : قل ما تشاء ، فقال : يتقدم أمير المؤمنين إلى أصحاب الشّرط يمنع السّؤّال من دخول المقصورة يوم الجمعة إلى أن تنقضي الخطبة ، فتقدّم بذلك وعظم في نفوسهم.

قال الفرغاني : وأرسل إليه العباس بن الحسن قد أحببت أن أنظر في الفقه وسأله أن يعمل له مختصرا على مذهبه ، فعمل له كتاب «الخفيف» وأنفذه إليه ، فوجه إليه بألف دينار ، فردّها عليه ولم يقبلها ، فقيل له : تصدّق بها ، فلم يفعل ، وقال : أنتم أولى بأموالكم ، وأعرف بمن تصدّقون عليه (٢).

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الحسن الغسّاني ، قالا : حدّثنا [ـ و](٣) أبو منصور المقرئ ، أنبأنا أبو بكر الخطيب قال (٤) : وسمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفّار اللغوي

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٢ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٠ ـ ٢٨١.

(٢) تاريخ الإسلام ص ٢٨١ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٠.

(٣) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٣ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٢ وتاريخ الإسلام (٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨١.

١٩٤

المعروف بالسمسماني يحكي أن محمّد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كلّ يوم منها أربعين ورقة.

قال الخطيب (١) : وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الفقيه الإسفرايني أنه قال : لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير محمّد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا ؛ أو كلاما هذا معناه.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال (٢) : سمعته ـ يعني ـ أبا أحمد الحسين بن علي بن محمّد بن يحيى بن عبد الرّحمن بن الفضل الدارمي يقول : أوّل ما سألني أبو بكر محمّد بن إسحاق قال لي : كتبت عن محمّد بن جرير الطّبري؟ قلت : لا ، قال : لم؟ قلت : لأنه كان لا يظهر ، وكانت الحنابلة تمنع عن الدخول عليه ، فقال : بئس ما فعلت. ليتك لم تكتب عن كلّ من كتبت عنهم وسمعت من أبي جعفر.

أخبرنا أبو القاسم بن أبي الجن ، وأبو الحسن بن قبيس ، قالا : حدّثنا [ـ و](٣) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٤) ، سمعت أبا حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي ـ بنيسابور ـ يقول : سمعت حسينك واسمه الحسين بن علي التميمي يقول : لما رجعت من بغداد إلى نيسابور سألني محمّد بن إسحاق بن خزيمة فقال لي : ممّن سمعت ببغداد؟ فذكرت له جماعة ممن سمعت منهم فقال : هل سمعت من محمّد بن جرير شيئا؟ فقلت : لا ، إنه ببغداد لا يدخل [عليه](٥) لأجل الحنابلة ، وكانت تمنع منه فقال : لو سمعت منه ، لكان خيرا لك من جميع من سمعت منه سواه.

قال (٦) : وحدّثني محمّد بن أحمد بن يعقوب.

ح وقرأت على أبي القاسم الشّحّامي ، عن أبي بكر البيهقي ، قالا : أنبأنا محمّد بن عبد

__________________

(١) تاريخ بغداد ٢ / ١٦٣ وعنه في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٢ وتاريخ الإسلام (٣٠١ ـ ٣١٠ ص ٢٨١.

(٢) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٢ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨١.

(٣) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٤.

(٥) سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٦) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٤ ورواه الذهبي في سير الأعلام ١٤ / ٢٧٢ ـ ٢٧٣ من طريق الحاكم ومعجم الأدباء ١٨ / ٤٣.

١٩٥

الله النّيسابوري الحافظ قال : سمعت أبا بكر بن بالوية يقول : قال لي أبو بكر : محمّد بن إسحاق ـ يعني ـ ابن خزيمة بلغني أنك كتبت التفسير عن محمّد بن جرير؟ قلت : بلى ، كتبت التفسير عنه إملاء ، قال : كله؟ قلت : نعم ، قال : في أيّ سنة؟ قلت : من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين ، قال : فاستعاره مني أبو بكر فردّه بعد سنين ، ثم قال لي : قد نظرت فيه من أوّله إلى آخره ، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن جرير ، ولقد ظلمته الحنابلة.

أنبأنا أبو المظفّر بن القشيري ، عن محمّد بن علي بن محمّد ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : وسألته عن محمّد بن جرير الطّبري؟ فقال : تكلّموا فيه بأنواع.

قرأت بخط أبي محمّد التميمي مما نقله من كتاب أبي محمّد عبد الله بن أحمد الفرغاني وقد لقي من حدثه عنه (١) قال : فتمّ من كتبه كتاب : «تفسير القرآن» وجوّده وبيّن فيه أحكامه وناسخه ومنسوخه ، ومشكله وغريبه ، ومعانيه ، واختلاف أهل التأويل والعلماء في أحكامه ، وتأويله ، والصحيح لديه من ذلك ، وإعراب حروفه ، والكلام على الملحدين فيه ، والقصص وأخبار الأمم ، والقيامة وغير ذلك مما حواه من الحكم والعجائب كلمة كلمة ، وآية آية من الاستعاذة إلى أبي جاد ، فلو ادّعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب ، كلّ كتاب منها يحتوي على علم مفرد عجيب مستقصى لفعل وتمّ من كتبه أيضا كتاب «القراءات» و «التنزيل» و «العدد» ، وتم أيضا كتاب «اختلاف علماء الأمصار» وأيضا «التاريخ» إلى عصره ، وتم أيضا تاريخ «الرجال» من الصحابة والتابعين والخالفين إلى رجاله الذين كتب عنهم ، ثم أيضا «لطيف (٢) القول في أحكام (٣) شرائع الإسلام» ، وهو مذهبه الذي اختاره وجوّده واحتجّ له ، وهو ثلاثة وثمانون كتابا ، منها كتاب البيان عن أصول الأحكام وهو رسالة اللطيف ، ثم أيضا كتاب «الخفيف في أحكام شرائع الإسلام» وهو مختصر لطيف ، ثم أيضا كتابه المسمى «التبصير» وهي رسالة إلى أهل آمل طبرستان يشرح فيها ما يتقلده من أصول الدين ، وابتدأ بتصنيف : «تهذيب الآثار» وهو من عجائب كتبه ، فابتدأ بما رواه أبو بكر الصّدّيق مما صح عنه بسنده ، وتكلم على كلّ حديث منه فابتدأ بعلله وطرقه وما فيه من الفقه والسنن واختلاف العلماء وحججهم ، وما فيه من المعاني والغريب وما يطعن فيه الملحدون والردّ عليهم ، وبيان

__________________

(١) رواه مختصرا في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٣ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٣.

(٢) استدركت اللفظة على هامش «ز» ، وبعدها صح.

(٣) في تاريخ الإسلام : أذكار.

١٩٦

فساد ما يطعنون به ، فخرّج منه مسند العشرة وأهل البيت والمو الي ، ومن مسند ابن عبّاس قطعة كبيرة ، وكان قصده فيه أن يأتي بكلّ ما يصح من حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن آخره ، ويتكلم على جميعه حسب ما ابتدأ به ، فلا يكون لطاعن في شيء من علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مطعن ، ويأتي بجميع ما يحتاج إليه أهل العلم كما عمل في التفسير فيكون قد أتى على علم الشريعة القرآن والسنن ، فمات قبل تمامه ، ولم يمكن أحد بعده أن يفسّر منه حديثا واحدا ، ويتكلم عليه حسبما فسّر من ذلك ، وتكلم عليه.

وابتدأ بكتابه «البسيط» فخرّج منه كتاب الطهارة في شبيه بألف وخمسمائة ورقة ، لأنه ذكر في كلّ باب منه اختلاف الصحابة والتابعين وغيرهم ، من طرقها وحجة كلّ من اختار منهم لمذهبه واختياره هو رحمه‌الله في آخر كلّ باب منه ، واحتجاجه لذلك ، وخرّج من البسيط أكثر كتاب الصلاة ، وخرج منه آداب الأحكام تاما وكتاب المحاضر والسجلات ، وكتاب ترتيب العلماء ، وابتدأ بآداب النفوس وهو أيضا من كتبه النفيسة ، لأنه عمله على ما ينوب الإنسان من الفرائض في جميع أعضاء جسده فبدأ بما ينوب القلب واللسان والبصر والسمع على أن يأتي بجميع الأعضاء وما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ذلك وعن الصحابة والتابعين ومن يحتاج ويحتج به ، ويذكر فيه كلام المتصوفة والمتعبدين وما حكي من أفعالهم ، وإيضاح الصواب في جميع ذلك ، فلم يتم الكتاب.

وكتاب «آداب المناسك» وهو لما يحتاج إليه الحاجّ من يوم خروجه ، وما يختاره له من الإتمام لابتداء سفره وما يقوله ويدعو به عند ركوبه ، ونزوله ، ومعاينته المنازل ، والمشاهد ، وإلى انقضاء حجه.

وكتاب «شرح السنّة» وهو لطيف ، بيّن فيه مذهبه وما يدين الله به على ما مضى عليه الصحابة ، والتابعون (١) ومتفقهة الأمصار.

وكتاب «المسند» المخرّج ، يأتي على جميع ما رواه الصحابة (٢) عن رسول (٣) الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من صحيح وسقيم ، ولم يتمه ، ولما بلغه أنّ أبا بكر بن أبي داود السّجستاني (٤) تكلّم في حديث غدير خمّ عمل كتاب «الفضائل» ، فبدأ بفضل أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي رحمة

__________________

(١) بالأصل : التابعين ، والمثبت عن «ز» ، ود.

(٢) بعدها في «ز» : رضي‌الله‌عنهم.

(٣) بالأصل : «عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» ثم شطبت «النبي» بخط أفقي فوقها ، واستدرك على هامشه «رسول الله» وبعدها صح.

(٤) رواه عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٤ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٣.

١٩٧

الله عليهم ، وتكلم على تصحيح [حديث](١) غدير خمّ واحتج لتصحيحه ، وأتى من فضائل أمير المؤمنين علي بما انتهى إليه ، ولم يتم الكتاب ، وكان ممن لا يأخذه في دين الله لومة لائم ، ولا يعدل في علمه وبيانه حتى يلزمه لربه وللمسلمين إلى باطل لرغبة ولا رهبة (٢) مع عظيم ما كان يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد ، فأما أهل الدين والورع والعلم فغير منكر من علمه وفضله وزهده في الدنيا ، ورفضه لها مع إقبالها عليه ، وقناعته بما كان يرد عليه من حصة من ضيعة خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة (٣).

قال الفرغاني : وحدّثني هارون بن عبد العزيز قال : قال أبو جعفر الطّبري : استخرت الله وسألته العون على ما نويته من تصنيف التفسير قبل أن أعمله بثلاث سنين فأعانني (٤).

قال الفرغاني : وحدّثني شيخ من جيران أبي جعفر عفيف قال : رأيت في النوم كأني في مجلس أبي جعفر الطّبري والتفسير يقرأ عليه ، فسمعت هاتفا بين السماء والأرض يقول : من أراد أن يسمع القرآن كما أنزل وتفسيره فيسمع هذا الكتاب أو كلاما هذا معناه.

أخبرنا أبو منصور محمّد بن عبد الملك ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أخبرني القاضي أبو عبد الله محمّد بن سلامة القضاعي المصري ـ إجازة ـ حدّثنا علي بن نصر بن الصباح التغلبي (٦) ، حدّثنا القاضي أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار ، وأبو القاسم بن عقيل الورّاق (٧) أن أبا جعفر قال لأصحابه : أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا : كم يكون قدره؟ فقال : ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا : هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه ، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة ثم قال : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا : كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير فأجابوه بمثل ذلك ، فقال : إنا لله ، ماتت الهمم ، فاختصره في نحو ما اختصر التفسير (٨).

__________________

(١) زيادة للإيضاح عن تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء.

(٢) في «ز» : لرهبة.

(٣) من طريق أبي محمد الفرغاني رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٢ ، وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٤.

(٤) سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٤.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٣.

(٦) كذا بالأصل و «ز» ، ود ، وفي تاريخ بغداد : علي بن أحمد بن الصناع.

(٧) «وأبو القاسم بن عقيل الوراق» مكانه بياض في تاريخ بغداد.

(٨) قوله : «فاختصره في نحو ما اختصر التفسير» ليس في تاريخ بغداد.

١٩٨

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الحسن المالكي ، قالا : حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب قال : قرأت في كتاب أبي الفتح عبيد الله بن أحمد النحوي ، سمعت القاضي ابن كامل يقول (٢) : أربعة كنت أحبّ بقاءهم : أبو جعفر الطّبري ، والبربري ، وأبو عبد الله بن أبي خيثمة ، والمعمري ، فما رأيت أفهم منهم ولا أحفظ.

أخبرنا أبو العزّ السّلمي مناولة وإذنا وقرأ عليّ إسناده ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى بن زكريا (٣) ، حدّثنا محمّد بن جعفر بن أحمد بن يزيد الطّبري ، حدّثنا أبو أحمد جعفر بن محمّد الجوهري ، حدّثنا عبيد بن إسحاق العطّار ، حدّثنا نصر بن كثير قال : دخلت على جعفر بن محمّد أنا وسفيان الثوري منذ ستين سنة ـ أو سبعين سنة ـ فقلت له : إنّي أريد البيت الحرام فعلّمني شيئا أدعو به ، قال : إذا بلغت البيت الحرام فضع (٤) يدك على حائط البيت ثم قل : يا سابق الفوت ، وسامع الصوت ، ويا كاسي العظام لحما بعد الموت ، ثم ادع ، بعده بما شئت ، فقال له سفيان شيئا لم أفهمه فقال : يا سفيان ـ أو يا أبا عبد الله ـ إذا جاءك ما تحبّ فأكثر من الحمد لله ، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من قول لا حول ولا قوّة إلّا بالله ، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار.

قال القاضي (٥) :

وحكى لي بعض بني الفرات عن رجل منهم أو من غيرهم ، أنه كان بحضرة أبي جعفر الطّبري رحمه‌الله قبل موته ، وتوفي بعد ساعة أو أقل منها ، فذكر له هذا الدعاء عن جعفر بن محمّد فاستدعى محبرة وصحيفة فكتبها ، فقيل له : أفي هذه الحال؟ فقال : ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى يموت.

قرأت بخط أبي محمّد الكتّاني مما نقله من كتاب أبي محمّد الفرغاني (٦) ، حدّثنا أبو علي هارون بن عبد العزيز قال : قال لي أبو جعفر الطّبري :

__________________

(١) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٢) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٥.

(٣) رواه المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٢٢٢.

(٤) عن الجليس الصالح : «فضع» ومثله في «ز» ، ود. وبالأصل «فدع».

(٥) يعني المعافى بن زكريا الجريري ، والخبر في الجليس الصالح ٣ / ٢٢٢.

(٦) من طريقه رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٢ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٥.

١٩٩

أظهرت مذهب الشافعي وأفتيت (١) به في بغداد عشر سنين ، وتلقنه مني ابن بشار الأحوال أستاذ ابن سريج فلمّا اتسع علمه أدّاه اجتهاده وبحثه إلى ما اختاره في كلّ صنف من العلوم في كتبه ، إذ كان لا يسعه فيما بينه وبين الله جلّ وعزّ إلى الدينونة بما أدّاه اجتهاده إليه فيما لم ينصّ عليه من يحبّ التسليم لأمره ، فلم يأل نفسه والمسلمين نصحا وبيانا فيما صنفه قال الفرغاني (٢) : وكتب إليّ المراغي قال : لما تقلّد الخاقاني الوزارة وجّه إلى أبي جعفر الطّبري بمال كثير ، فامتنع من قبوله ، فعرض عليه القضاء فامتنع ، فعرض عليه المظالم فأبى ، فعاتبه أصحابه وقالوا : لك في هذا ثواب ، وتحيي سنّة قد درست ، فطمعوا في قبوله المظالم ، فباكروه ليركب معهم في قبول ذلك ، فانتهرهم وقال : كنت أظن أنّي لو رغبت في ذلك لنهيتموني عنه ولامهم ، قال : فانصرفنا من عنده خجلين.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : حدّثنا [ـ و](٣) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٤) ، حدّثني أبو القاسم الأزهري قال : حكى لنا أبو الحسن بن رزقوية ، عن أبي علي الطوماري قال : كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي أبي بكر بن مجاهد إلى المسجد لصلاة التراويح ، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره واجتاز على مسجده فلم يدخله وأنا معه ، وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش (٥) ، فوقف بباب مسجد محمّد بن جرير ، ومحمّد يقرأ سورة الرّحمن ، فاستمع قراءته طويلا ثم انصرف ، فقلت له : يا أستاذ تركت الناس ينتظرونك ، وجئت تسمع قراءة هذا؟ قال : يا أبا علي دع هذا عنك ، ما ظننت أنّ الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأ هذه القراءة ، أو كما قال.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنّا ، وابنه أبو القاسم سعيد ، قالا : أنبأنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمّد بن فهد العلّاف ، أنبأنا أبو الفتح محمّد بن أحمد الحافظ قال (٦) : وفيما أخبرنا محمّد بن علي بن محمّد بن سهل المعروف بابن الإمام صاحب محمّد ابن جرير الطّبري قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن جرير الطّبري الفقيه وهو يكلّم المعروف

__________________

(١) كذا بالأصل ، و «ز» ، ود ، وفي تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء واقتديت به ببغداد.

(٢) الخبر في المصدرين السابقين.

(٣) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٤.

(٥) سوق العطش : محلة ببغداد بالجانب الشرقي ، بين الرصافة ونهر المعلى.

(٦) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٥ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٢.

٢٠٠