تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٢

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٥٢

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

بابن صالح الأعلم وجرى ذكر علي بن أبي طالب ، فجرى خطاب فقال له محمّد بن جرير : من قال : إن أبا بكر وعمر ليسا بإمامي هدى أيش هو؟ قال : مبتدع ، فقال له الطّبري إنكارا عليه : مبتدع ، مبتدع ، هذا يقتل ، من قال : إن أبا بكر وعمر ليسا إمامي هدى ، يقتل يقتل.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن بن حمزة بن الحسين (١) بن حمدان بن أبي فجّة البعلبكي ، أنبأنا أبو عبد الله الحسين (٢) بن عبد الله بن محمّد بن أبي كامل ـ إجازة ـ حدّثنا عثمان بن أحمد الدّينوري أبو سعيد قال :

حضرت مجلس محمّد بن جرير الطّبري وحضر الوزير الفضل بن جعفر بن الفرات ، وكان قد سبقه رجل للفرات فالتفت إليه محمّد بن جرير فقال له : ما لك لا تقرأ؟ فأشار الرجل إلى الوزير ، فقال له : إذا كانت لك النوبة فلا تكترث لدجلة ولا لفرات.

أخبرنا أبو محمّد محمود بن أحمد بن عبد الله بن الحسين الحللي (٣) ، وحدّثنا الشيخ الإمام أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن إبراهيم الكروي ـ إملاء في الجامع بأصبهان ـ قال : أنشدت لمحمّد بن جرير الطّبري :

عليك بأصحاب الحديث فإنهم

على نهج للدين لا زال معلما

وما الدين إلّا في الحديث وأهله

إذا ما دجى الليل البهيم وأظلما

وأعلى البرايا من إلى السّنن اعتزى

وأغوى البرايا من إلى البدع انتما

ومن ترك الآثار ضلل سعيه

وهل يترك الآثار من كان مسلما؟

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن بن قبيس ، قالا : حدّثنا [ـ و](٤) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر أحمد بن علي (٥) ، أنشدنا علي بن عبد العزيز الطاهري ، ومحمّد بن جعفر بن علّان الشروطي ، قالا : أنشدنا مخلد بن جعفر الدقّاق ، أنشدنا محمّد بن جرير الطّبري (٦) :

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، ود : الحسن.

(٢) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : الحسن ، تصحيف ، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٣٣٩.

(٣) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : «الجيلي» والمثبت يوافق مشيخة ابن عساكر ٢٣٥ وقد ضبطت اللفظة عن هامش المشيخة.

(٤) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٥) الخبر والأبيات في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٥.

(٦) والأبيات أيضا في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٦ ومعجم الأدباء ١٨ / ٤٣ ووفيات الأعيان ٤ / ١٩٢.

٢٠١

إذا أعسرت لم يعلم رفيقي

وأستغني فيستغني صديقي

حيائي حافظ لي ماء وجهي

ورفقي في مطالبتي رفيقي

ولو أنّي سمحت ببذل وجهي

لكنت إلى الغنى سهل الطريق

قال الخطيب : وأنشدنا الطاهري والشروطي ، قالا : أنشدنا مخلد بن جعفر ، أنشدنا محمّد بن جرير (١) :

خلقان لا أرضى طريقهما

بطر الغنى ومذلّة الفقر

فإذا غنيت فلا تكن بطرا

وإذا افتقرت فته على الدهر

قال الخطيب (٢) : وأنبأنا القاضي أبو العلاء محمّد بن علي الواسطي ، حدّثنا سهل بن أحمد الديباجي قال : قال لنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطّبري : كتب إليّ أحمد بن عيسى العلوي من البلد :

ألا إنّ إخوان الثقات قليل

وهل لي إلى ذاك القليل سبيل

سل الناس تعرف غثّهم من سمينهم

فكلّ عليه شاهد ودليل

قال أبو جعفر فأجبته :

يسيء أميري الظّنّ في جهد جاهد

فهل لي بحسن الظّنّ منه سبيل

تأمل أميري ما ظننت وقلته

فإنّ جميل الظّنّ منك جميل

كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت الخليل بن أحمد يقول : سمعت أبا عبد الله الحسين بن إسماعيل القاضي يقول : سمعت أبا العباس بن سريج يقول : أبو جعفر محمّد بن جرير الطّبري فقيه العلم.

قال : وأنبأنا أبو عبد الله ، أنشدنا أبو عبد الله محمّد بن نصر الطبري في مسجد أبي الوليد ، أنشدنا أبو طارق محمّد بن إبراهيم الآملي ، قال : أنشدنا محمّد بن جرير الفقيه الطّبري :

مياس أين أنت من هذا الورى

لا أنت معلوم ولا مجهول

لو كنت مجهولا تركتك معلما

أو كنت معلوما لنالك عول

__________________

(١) الأبيات في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٥ ـ ١٦٦ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٦ ومعجم الأدباء ١٨ / ٤٣.

(٢) الخبر والأبيات في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٦ ومعجم الأدباء ١٨ / ٤٣ ـ ٤٤.

٢٠٢

أما الهجاء فدق عرضك دونه

والمدح عنك كما علمت جليل

فاذهب فأنت طليق عرضك إنه

عرض عززت به وأنت ذليل

قرأت بخط أبي محمّد عبد العزيز بن أحمد مما نقله من كتاب أبي محمّد الفرغاني (١) وقد لقي من حدّثه عنه ، حدّثني أبو بكر الدّينوري قال :

لما كان وقت صلاة الظهر من يوم الاثنين الذي توفي في آخره ، طلب ماء ليجدد طهارة لصلاة الظهر ، فقيل له : تؤخر الظهر لتجمع بينها وبين العصر ، فأبى وصلّى الظهر مفردة ، والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها. وحضر وقت موته جماعة من أصحابه منهم : أبو بكر بن (٢) كامل فقيل له قبل خروج روحه : يا أبا جعفر أنت الحجّة فيما بيننا وبين الله عزوجل فيما ندين به ، فهل من شيء توصينا به من أمر ديننا ، وبيّنة لنا نرجو به (٣) السلامة في معادنا؟ فقال : الذي أدين الله به أوصيكم هو ما بيّنت (٤) في كتبي فاعملوا به وعليه ، وكلاما (٥) هذا معناه وأكثر التشهّد وذكر الله جلّ وعزّ ، ومسح يده على وجهه ، وغمّض بصره بيده وبسطها ، وقد فارقت روحه جسده ، وكان عالما زاهدا فاضلا ورعا ، وكان مولده بآمل سنة أربع وعشرين ومائتين ، ورحل منها لما ترعرع وحفظ القرآن ، وكتب الحديث لطلب العلم ، واشتغل به عن سائر أمور الدنيا ، وآثر دار البقاء على دار الفناء ، ورفض الأهل والأقرباء ، وكتب فأكثر ، وسافر فأبعد ، وسمح له أبوه في أسفاره ، وشكره على أفعاله ، وكان أبوه طول حياته يمدّه بالشيء بعد الشيء إلى البلدان التي يقصدها فيقتات به ، فسمعته يقول : أبطأت عني نفقة والدي ، واضطررت إلى أن فتقت كمي قميصي فبعتهما وأنفقته إلى أن لحقتني ، فاطلع الله على نيته ومقصده ، فأعانه بتوفيقه ، وأرشده إلى ما قصد له بتسديده.

فابتدأ بعد ما أحكم ما أمكنه إحكامه من علم القرآن ، والعربية ، والنحو ، ورواية شعر الجاهلية والإسلام ، ومسند حديث للنبي (٦) صلى‌الله‌عليه‌وسلم من طرقه ، وما روي عن الصحابة والتابعين من علم الشريعة ، وعلم اختلاف علماء الأمصار وعللهم ، وكتب أصحاب الكلام وحججهم ،

__________________

(١) الخبر من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٧٦.

(٢) لفظة «بكر» كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.

(٣) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وفي سير أعلام النبلاء : بها.

(٤) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وفي سير أعلام النبلاء : ثبت.

(٥) بالأصل ، و «ز» ، ود : وكلام ، والمثبت عن سير أعلام النبلاء.

(٦) كذا بالأصل : «حديث للنبي» وفي «ز» : حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفي د : حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٠٣

وكلام الفلاسفة ، وأصحاب الطبائع وغيرهم بتصنيف كتبه وكان قبل تصنيفه كتبه يقرأ ويجوّد بحرف حمزة الزيّات (١).

حدّثنا محمّد بن جرير قال :

قرأت القرآن على سليمان بن عبد الرّحمن الطّلحي وكان قد قرأ على خلّاد المقرئ (٢) ، وذكر لي سليمان أن خلادا أخذه عليه وأن خلادا (٣) كان يقرأ على سليم (٤) ، وأنّ سليم كان يقرأ على حمزة الزيّات ، وأخذ سليمان بن عبد الرّحمن على هذا الحرف من حروف حمزة.

حدّثنا محمّد بن جرير الطّبري قال :

حدّثني بجميعه يونس بن عبد الأعلى الصّدفي قال : قرأنا على ابن كبشة ، وأنبأنا ابن كبشة (٥) أنه أخذه عن سليم ، وأنّ سليما أخذه عن حمزة ويتفقه بقول الشافعي.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : حدّثنا [ـ و](٦) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٧) ، أنبأنا أبو طالب عمر بن إبراهيم الفقيه قال : قال لنا عيسى بن حامد بن بشر القاضي : مات محمّد بن جرير الطّبري يوم السبت بالعشيّ ودفن يوم الأحد بالغداة في داره لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنبأنا مكي بن محمّد ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر قال :

وفي هذه السنة ـ يعني ـ سنة عشر وثلاثمائة ، توفي أبو جعفر محمّد بن جرير الطّبري ؛ قال غيره : بلغ ستا وثمانين سنة.

أخبرنا أبو القاسم الحسيني ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : حدّثنا [ـ و](٨) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر أحمد بن علي (٩) قال :

__________________

(١) معرفة القراء الكبار ١ / ١١١ وهو حمزة بن حبيب بن عمارة.

(٢) راجع معرفة القراء الكبار ١ / ٢٦٤.

(٣) هو خلاد بن خالد الصيرفي أبو عيسى الكوفي ، ترجمته في معرفة القرء الكبار ١ / ٢١٠ رقم ١٠٤.

(٤) هو سليم بن عيسى بن سليم ، أبو عيسى الحنفي الكوفي المقرئ ترجمته في معرفة القراء الكبار ١ / ١٣٨ رقم ٥١.

(٥) كذا بالأصل و «ز» ، ود ، وجاء في ترجمة سليم بن عيسى في معرفة القراء الكبار : «علي بن كيسة المصري» ، وجاء في تبصير المنتبه ٣ / ١١٨٤ عي بن كيسة (بالكسر والسكون) المقرئ ـ شيخ ليونس بن عبد الأعلى.

(٦) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٧) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٦.

(٨) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٩) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٦.

٢٠٤

قرأت على الحسن بن أبي بكر ، عن أحمد بن كامل (١) القاضي قال : توفي أبو جعفر محمّد بن جرير الطّبري في وقت المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمائة ، ودفن وقد أضحى النهار من يوم الاثنين غد ذلك اليوم في داره برحبة يعقوب ، ولم يغير شيبه ، وكان السواد في شعره ولحيته كثيرا ، وأخبرني أنّ مولده في آخر سنة أربع ـ أو أول سنة خمس ـ وعشرين ومائتين ، وكان أسمر إلى الأدمة ، أعين ، نحيف الجسم ، مديد القامة ، فصيح اللسان ، ولم يؤذن به أحد ، واجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلّا الله ، وصلّي على قبره عدة شهور ليلا ونهارا ، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب ، فقال ابن الأعرابي في مرثية له طويلة (٢) :

حدث مفظع وخطب جليل

دقّ عن مثله اصطبار الصّبور

قام ناعي العلوم أجمع لمّا

قام ناعي محمّد بن جرير

فهوت أنجم لها زاهرات

مؤذنات رسومها بالدثور

وتغشّى ضياءها النّيّر الإشراق

ثوب الدّجنّة الدّيجور

وغدا روضها الأنيق هشيما

ثم عادت سهولها كالوعور

يا أبا جعفر مضيت حميدا

غير وان في الجدّ والتشمير

بين أجر على اجتهادك موفور

وسعي إلى التّقى مشكور

مستحقّا به الخلود لدى جنّة

عدن في غبطة وسرور

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا أبو الفرج المعافى بن زكريا ، أنشدنا أبو محمّد الحسن بن عثمان البزار (٣) ، أنشدني محمّد بن الرومي مولى الطاهري في أبي جعفر محمّد بن جرير الطّبري :

كان بحرا من العلوم فلمّا

فاظ (٤) بالنفس غاض بحر معين

من له بعده إذا هو لا هو

مثله غيره عليه أمين

آخر الجزء السادس بعد الستمائة من الفرع.

__________________

(١) عن أحمد بن كامل روي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٣٠١ ـ ٣١٠) ص ٢٨٥ وسير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٨٢.

(٢) الأبيات في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٦ ـ ١٦٧ والأول والثاني في تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء.

(٣) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : البزاز.

(٤) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : فاض.

٢٠٥

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن عبد الملك ، أنبأنا ـ أحمد بن علي الحافظ (٢) قال : قرأت على أبي الحسين هبة الله بن الحسن الأديب لأبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد يرثي أباجعفرالطّبري :

لن تستطيع لأمر الله تعقيبا

فاستنجد الصبر أو فاستشعر الحوبا

وافزع إلى كنف التسليم وارض بما

قضى المهيمن مكروها ومحبوبا

إنّ العزاء إذا عزّته (٣) جائحة

ذلّت عريكته فانقاد مجنوبا

فإن قرنت إليه العزم أيّده

حتى يعود لديه الحزن مغلوبا

فارم الأسى بالأسى يطفى مواقعها

جمرا خلال ضلوع الصدر مشوبا

الأسى الحزن ، والأسى جمع أسوة كقوله : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(٤).

من صاحب الدّهر لم يعدم مجلجلة (٥)

يظلّ منها طوال العيش منكوبا

إنّ الرزية (٦) وفر تزعزعه

أيدي الحوادث تشتيتا وتشذيبا

ولا تفرق ألّاف يفوت بهم

بين يغادر حبل الوصل مقضوبا

لكنّ فقدان من أضحى بمصرعه

نور الهدى وبهاء العلم مسلوبا

أودي أبو جعفر والعلم فاصطحبا

أعظم بذا صاحبا إذ ذاك مصحوبا

إنّ المنية لم تتلف به رجلا

بل أتلفت علما للدين منصوبا

أهدى الرّدى للثرى إذ نان مهجته

نجما على من يعادي الحقّ منصوبا (٧)

كان الزمان به تصفو مشاربه

فالآن أصبح بالتكدير مقطوبا

كلا وأيامه الغرّ التي جعلت

للعلم نورا وللتقوى محاريبا

لا ينسري الدهر عن شبه له أبدا

ما استوقف الحج بالأنصاب أركوبا

أوفى بعهد وأورى عند مظلمة

زندا وآكد إبراما وتأديبا

__________________

(١) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٦٧ والقصيدة أيضا في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٨٠ وما بعدها.

(٣) بالأصل : «أعرته» والمثبت عن د ، و «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٤) سورة الأحزاب ، الآية : ٢١.

(٥) بالأصل : مجلحة ، والمثبت عن «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٦) في تاريخ بغداد : البلية.

(٧) في تاريخ بغداد : مصبوبا.

٢٠٦

منه (١) وأرصن حلما عند مزعجة

تغادر القلّبيّ الذهن منحوبا

إذا انتضى الرأي في إيضاح مشكلة

أعاد منهجها المطموس ملحوبا

لا يعزب الحلم في عتب وفي نزق

ولا يجرع ذا الزّلّات تثريبا

لا يولج اللغو والعوراء مسمعه

ولا يقارف ما يغشيه تأنيبا

إن قال قاد زمام الصدق منطقه

أو آثر الصمت أولى النفس تهييبا

لقلبه ناظرا يهوي سما بهما

فأيقظ الفكر ترغيبا وترهيبا

تجلو مواعظه رين القلوب كما

يجلو ضياء سنا الصبح الغياهيبا

سيّان ظاهره البادي وباطنه

فلا تراه على العلات مجدوبا

لا يأمن العجز والتقصير مادحه

ولا يخاف على الإطناب تكذيبا

ودّت بقاع بلاد الله لو جعلت

قبرا له فحباها جسمه طيبا

كانت حياتك للدنيا وساكنها

نورا فأصبح عنها النور محجوبا

لو تعلم الأرض ما وارت لقد خشعت

أقطارها لك إجلالا وترحيبا

كنت المقوّم من زيغ ومن ظلع

وفّاك نصحا وتسديدا وتأديبا

وكنت جامع أخلاق مطهّرة

مهذبا من قراف الجهل تهذيبا

فإن تنلك من الأقدار طالبة

لم يثنها العجز عما عزّ مطلوبا

فإنّ للموت وردا ممقرا فظعا

على كراهته لا بدّ مشروبا

إن يندبوك فقد ثلّت عروشهم

وأصبح العلم مرثيا ومندوبا

ومن أعاجيب ما جاء الزمان به

وقد يبين لنا الدهر الأعاجيبا

أن قد طوتك غموض الأرض في نجد (٢)

وكنت تملأ منها السهل واللوبا

قرأت بخط أبي محمّد عبد العزيز بن أحمد مما نقله من كتاب أبي محمّد الفرغاني قال : حدّثت عن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي أبو أبي حفص العباسي صاحب الصّلاة قال :

رأيت في النوم كأنّي في شارع المخرم فإذا بأبي جعفر الطّبري جالس ، عليه ثياب يحار في سعتها قلت : أبو جعفر محمّد بن جرير؟ قال : نعم ، قلت : أليس قد متّ؟ قال : نعم ، قلت : كيف رأيت الموت؟ قال : ما رأيت إلّا خيرا ، قال : قلت : كيف رأيت هول المطّلع؟ قال : ما رأيت إلّا خيرا ، قال : قلت : وكيف رأيت منكرا ونكيرا؟ قال : ما رأيت إلّا خيرا ،

__________________

(١) فوقها في «ز» : ضبة.

(٢) في تاريخ بغداد وسير أعلام النبلاء : لحف.

٢٠٧

فاستحييت مما أسأله وهو يقول : ما رأيت إلّا خيرا ، فقلت : إن ربّك بك حفي ، اذكرنا عند ربك! فقال : إنّ ربي بي حفي ، ثم أخذ بزندي واستند إلى الحائط ، وألزق يده على صدره ثم قال : يا أبا علي يقول لي : اذكرنا عند ربك ، ونحن نتوسل بكم إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٦١٦١ ـ محمّد بن جعفر بن أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة بن (١) واقد

أبو العباس الحضرمي البتلهي (٢)

حدّث عن جده أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة.

كتب عنه : أبو الحسين الرازي ، وعبد الوهّاب الكلابي.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنبأنا جدي أبو محمّد ، أنبأنا أبو علي الأهوازي ـ قراءة ـ قال : قال لنا عبد الوهّاب بن الحسن في تسمية شيوخه.

محمّد بن جعفر بن أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة الحضرمي من أهل بيت الإلهة (٣) ، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.

٦١٦٢ ـ محمّد بن جعفر بن إبراهيم بن عيسى

أبو جعفر النسوي الرّامراني (٤) الفقيه (٥)

رحل وسمع بدمشق ، ومصر ، وخراسان وغيرها : أبا الحسن بن جوصا ، وأبا عروبة الحرّاني ، وأبا جعفر الطحاوي ، وعلي بن أحمد بن سليمان ، والحسن بن سفيان ، وعبد الله ابن محمّد الفرهاذاني (٦) ، ومحمّد بن جرير الطبري ، وأبا بكر الباغندي ، وأبا سعيد المفضّل ابن محمّد الجندي وغيرهم.

__________________

(١) من هنا إلى قوله : كتب عنه ، سقط من «ز».

(٢) البتهلي : بفتح الباء والتاء فوقها نقطتان وتسكين اللام ثم بالهاء نسبة إلى بيت لهيا من أعمال دمشق بالغوطة (اللباب).

(٣) بالأصل و «ز» ، ود : «بيت الاهيا» وفي معجم البلدان : «بيت لهيا». قال ياقوت : «كذا يتلفظ به ، والصحيح بيت الإلهة» وهو ما أثبتناه.

(٤) هذه النسبة : الرامراني : بفتح الراء والميم بينهما الألف وبعدها راء أخرى وفي آخرها النون ، هذه النسبة إلى رمران وهي إحدى قرى نسا على فرسخ منها.

(٥) ترجمته في الأنساب (الرامراني) ، واللباب (الرامراني).

(٦) بالأصل و «ز» ، ود : الفرهاذاني ، والمثبت عن الأنساب. وهذه النسبة إلى فرهاذان ، كما في معجم البلدان ، وقال ياقوت : أظنها من قرى نسا بخراسان ، ذكره ياقوت وترجمه.

٢٠٨

روى عنه : الحاكم أبو عبد الله الحافظ.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال :

محمّد بن جعفر بن إبراهيم بن عيسى النسوي أبو جعفر الفقيه من أهل الرّامران وهي قرية على أقلّ من فرسخ من مدينة نسا ، وكان أبو جعفر من الفقهاء الثقات المعدلين ، قدم نيسابور سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة فكتبنا عنه بنيسابور ، وكتبت عنه بها ، سمع بنسا ، والعراق ، وبالحجاز ، وبمصر ، وبالشام ، وبالجزيرة ، وكان حسن الحديث ، صحيح الأصول ، توفي أبو جعفر الرّامراني في قريته وأنا بها في رجب من سنة ستين وثلاثمائة (١).

٦١٦٣ ـ محمّد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح

أبو الفرج ، يعرف بابن صاحب المصلّى ، البغدادي (٢)

سمع بدمشق إبراهيم بن عبد الرّحمن بن مروان ، وعبد الله بن أحمد بن محمّد بن يحيى بن حمزة البتلهي ، وعبد الله بن الحسين بن محمّد بن جمعة ، وطاهر بن محمّد بن الحكم الإمام ، وأبا العبّاس بن الزّفتي (٣) ، وأحمد بن عمير بن جوصا ، وسليمان بن محمّد الخزاعي ، وعبد الرّحمن بن علي بن إسماعيل الكوفي ، وأبا الجهم بن طلّاب بمشغرى (٤) ، وأحمد بن يوسف ، وصالح بن الأصبغ التنوخي المسحسن (٥) ، وعبد الله بن الحسين بن نصر الواسطي ، ومحمّد بن موسى بن عيسى الحمصي ـ بحمص ـ وعمر بن إسماعيل بن أبي غيلان ، ومحمّد بن هارون بن حميد بن المجدّر.

وسمع بالجزيرة ، وبيروت ، والرّملة.

روى عنه : القاضي أبو القاسم التنّوخي ، وأبو سعد أحمد بن محمّد بن أحمد الماليني ، وأبو الحسن علي بن أحمد النعيمي (٦).

كتب إليّ أبو محمّد عبد الله بن علي بن عبد الله بن الآبنوسي.

__________________

(١) راجع الأنساب (الرامراني).

(٢) ترجمته في تاريخ بغداد ٢ / ١٥٤.

(٣) تقرأ بالأصل ود : الرقي ، تصحيف ، والمثبت عن «ز».

(٤) بالأصل و «ز» ، ود : «يشعرا» ولعل الصواب ما أثبتناه ، أو «لعله : «المشغرائي».

(٥) كذا رسمها بالأصل ، وفي «ز» : «الميحيين».

(٦) سقطت من «ز».

٢٠٩

ثم أخبرني أبو عبد الله البلخي عنه ، أنبأنا أبو القاسم التنوخي القاضي ، أنبأنا أبو الفرج محمّد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح صاحب المصلّى ، حدّثنا إبراهيم بن مروان أبو إسحاق المرواني من ولد مروان بن الحكم بدمشق ، حدّثنا عبد السّلام ابن عتيق ، حدّثنا منبّه بن عثمان ، حدّثنا ثور ، عن سليمان بن موسى ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن أم كرز قالت : سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن العقيقة فقال : «عن الغلام شاتان مكافئتان (١) وعن الجارية شاة» [١٠٩٩٠].

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وأبو منصور محمّد ابن عبد الملك قالوا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٢) : محمّد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح صاحب المصلّى ، يكنى أبا الفرج ، حدّث عن الهيثم بن خلف الدوري ، وعبد الله بن إسحاق المدائني ، ومحمّد بن محمّد الباغندي ، والحسن بن الطيّب الشجاعي ، ومحمّد بن إبراهيم البرتي ، وعبيد الله بن جعفر بن أعين ، وأبي القاسم البغوي ، وعبد الله بن أبي داود ، وأبي الليث الفرائضي ، والحسين بن محمّد بن عفير ، وأبي صخرة الكاتب ونحوهم ، وروى عن خلق كثير من الغرباء مثل : أبي عروبة الحرّاني ، وأبي الحسن بن جوصا الدمشقي ، ومكحول البيروتي ، والحسن بن أحمد بن بسطام الأيلي (٣) ، ومحمّد بن سعيد التّرخمي ، وسعيد بن علي بن الخليل النّصيبي وغيرهم ، حدّثنا عنه أبو الحسن النعيمي ، والقاضي أبو القاسم التنوخي أحاديث تدل على سوء ضبطه ، وضعف حاله.

أنبأنا أبو محمّد بن الآبنوسي ، أنبأنا أبو القاسم التنوخي قال : قال لي أبو الفرج : أول ما كتبت الحديث في سنة سبع وثلاثمائة.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : حدّثنا [ـ و](٤) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٥) ، حدّثني علي بن محمّد بن نصر الدّينوري.

ثم أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم الإسماعيلي ، قالا : سمعنا حمزة بن يوسف السهمي يقول : أبو الفرج محمّد بن صالح بن جعفر البغدادي من ساكني

__________________

(١) كذا بالأصل ، ورسمت في «ز» ، ود : «مكافأتان».

(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٥٤.

(٣) كذا بالأصل ود ، و «ز» «الأيلي» والذي في تاريخ بغداد : «الأبلي».

(٤) زيادة عن «ز» ، ود ، لتقويم السند.

(٥) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٥٦.

٢١٠

البصرة في الجزيرة ، ضعيف ، لا يحتجّ بحديثه ، ما رأيت له أصلا جيّدا ، ولا رأيت أحدا يثني عليه خيرا ، وسمعت جماعة يحكون أنه غصب كتب أبي مسلم بن مهران البغدادي ، وحدّث بها ، ولم يكن له فيها سماع ـ زاد ابن السّمرقندي : روى عن أبي عروبة ، وابن جوصا وهذه الطبقة.

قال الخطيب : كذا قال لنا حمزة : اسمه محمّد بن صالح بن جعفر ، والصواب محمّد ابن جعفر بن صالح. قال لنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التّنوخي ، كان محمّد بن جعفر هذا يصحب جدي أبا القاسم التنوخي سنين كثيرة ويلزمه ، وسمعته يقول : ولدت ببغداد في يوم الخميس لسبع ليال خلون من صفر سنة ست وتسعين ومائتين ، وتوفي في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة بالبصرة ، وكان انحدر إليها ، فأدركه أجله بها.

٦١٦٤ ـ محمّد بن جعفر بن الحسين (١) بن محمّد

أبو بكر البغدادي الحافظ المفيد ، يلقّب غندر (٢)(٣)

رحّال ، جمّاع.

سمع بدمشق وغيرها : أحمد بن عمير ، ومكحولا البيروتي ، وأبا الجهم بن طلّاب ، ومحمّد بن يوسف بن بشر الهروي ، والحسن بن علي المعمري ، وأبا بكر الباغندي ، وعبد الرّحمن بن عبيد الله الحلبي ، وأبا عروبة ، وعبد الله بن أبي سفيان الموصلي ، وأبا جعفر الطحاوي ، وعبد الله بن محمّد بن زياد النيسابوري ، ويحيى بن محمّد بن صاعد ، وأبا علي محمّد بن سعيد الحرّاني الحافظ نزيل الرقّة ، وأسامة بن علي بن سعيد الرّازي ، وأبا بكر محمّد بن الحسن بن دريد.

روى عنه : الحاكم أبو عبد الله ، وأبو الحسين بن جميع ، وأبو عبد الرّحمن السّلمي ، وأبو نعيم الحافظ ، وعمر بن أبي سعد الهروي الزاهد ، وأبو نصر أحمد بن الحسن بن محمّد ابن علي بن الشاه التميمي المروذي ، وأبو بكر عبد الله بن أحمد القفّال المروزي الفقيه.

أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، وأبو القاسم بن السّمرقندي ، قالا : أنبأنا أبو نصر بن

__________________

(١) في الوافي بالوفيات : الحسن.

(٢) بالأصل ، ود ، و «ز» : غندر.

(٣) ترجمته في تاريخ بغداد ٢ / ١٥٢ وذكر أخبار أصبهان ٢ / ٢٩٦ والوافي بالوفيات ٢ / ٣٠٢ وسير أعلام النبلاء ١٦ / ٢١٤ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٩٦٠ والعبر ٢ / ٣٥٧ والبداية والنهاية ١١ / ٢٩٧ وشذرات الذهب ٣ / ٧٣.

٢١١

طلّاب ، أنبأنا أبو الحسين بن جميع ، حدّثنا محمّد بن جعفر غندر الحافظ ببغداد ، حدّثنا الحسن بن شبيب المعمري ، حدّثنا هدبة من كتابه ، حدّثنا حمّاد ، عن عمّار بن أبي عمّار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بالمضمضة والاستنشاق [١٠٩٩١].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، حدّثنا محمّد بن جعفر البغدادي ، حدّثنا محمّد بن يوسف الهروي بدمشق بحديث ذكره.

قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر ، عن أبي بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال : محمّد بن جعفر بن الحسين بن محمّد المفيد أبو بكر البغدادي الملقّب بغندر ، وكان يحفظ سؤالات شيوخه ، ويعرف رسوم هذا العلم.

أقام بنيسابور ، سنين ، وكان يفيدنا سنة ست وسبع وثلاثين إلى أن فرّد لي أفراد الخراسانيين من حديثي سنة ست وستين ، ثم إنه خرج إلى مرو وبقي بها ، سمع ببغداد وبالجزيرة وبالشام ، ثم دخل البصرة ، والأهواز ، وخوزستان [وأصبهان والجبال ، ودخل](١) خراسان ، وما وراء النهر إلى الترك ، وعلى طريق بلخ إلى سجستان ، وكتب من الحديث ما لم يتقدمه فيه أحد كثرة ، ثم استدعي إلى الحضرة ببخارى ليحدّث بها من مرو ، فتوفي رحمه‌الله في المفازة سنة سبعين وثلاثمائة (٢).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو القاسم الإسماعيلي ، أنبأنا حمزة بن يوسف قال : أبو بكر محمّد بن جعفر بن الحسين (٣) بن محمّد المعروف بغندر الحافظ البغدادي ، قدم جرجان وحدّث بها ، ثم خرج إلى نيسابور ، روى عن ابن جوصا ، وابن أبي داود ، والبغوي وغيرهم.

أخبرنا أبو القاسم النسيب ، وأبو الحسن الزاهد ، وأبو منصور المقرئ قالوا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) : محمّد بن جعفر بن الحسين بن محمّد بن زكريا أبو بكر الورّاق ، يلقّب غندرا ، كان جوّالا ، حدّث ببلاد فارس ، وخراسان عن محمّد بن محمّد الباغندي ، ويحيى ابن محمّد بن صاعد ، وأبي بكر بن دريد النحوي ، وأبي عروبة الحرّاني ، وعبد الله بن أبي

__________________

(١) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل ، وبعدها صح.

(٢) الوافي بالوفيات ٢ / ٣٠٣ وسير أعلام النبلاء ١٦ / ٢١٤.

(٣) في «ز» ، هنا : الحسن ، تصحيف.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٥٢.

٢١٢

سفيان الموصلي ، وأبي علي محمّد بن سعيد الحافظ نزيل الرقّة ، وأبي الحسن بن جوصا الدمشقي ، ومكحول البيروتي ، وأبي جعفر الطحاوي (١) ، وأسامة بن علي بن سعيد الرّازي ، حدّثنا عنه عمر بن أبي سعد الزاهد الهروي ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وكان حافظا ثقة ، قال لي أبو نعيم (٢) : توفي غندر بخراسان بعد سنة ستين وثلاثمائة.

قال الخطيب (٣) : وحدّثني محمّد بن أحمد بن يعقوب عن محمّد بن عبد الله بن محمّد النيسابوري الحافظ أن غندرا خرج من مرو قاصدا بخارى ، فمات في المفازة في سنة سبعين وثلاثمائة.

٦١٦٥ ـ محمّد بن جعفر بن خالد الدّمشقي

صنّف كتابا في فتوح الشام.

حدّث فيه عن الوليد بن مسلم ، وشعيب بن إسحاق ، وسويد بن عبد العزيز ، وأبي يوسف يزيد بن يوسف الصّنعاني ، وإسماعيل بن عيّاش ، والهيثم بن عدي الطائي ، وأبي الحارث عامر بن صالح الزّبيري ، وإبراهيم بن أبي يحيى (٤) ، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير ، وعبد الرّحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عامر العمري المدنيين ، ورشدين بن سعد المهري ، وزياد بن عبد الله البكّائي ، وأبي معاوية الضرير ، وإسماعيل بن مجالد بن سعيد ، وعبد الرّحمن بن مالك بن مغول ، وسعيد بن عبيد الطائي ، وجرير بن عبد الحميد ، والقاسم بن الوليد الهمداني الكوفيين ، ومحمّد بن الحجّاج اللّخمي ، وهشيم بن بشير الواسطيّين ، وداود بن الزبرقان ، وقدامة بن شهاب المازني في جماعة سواهم.

وما علمت روي عنه شيء.

٦١٦٦ ـ محمّد بن جعفر بن عبد الحميد بن بحر بن غياث بن مالك بن بحر

ابن أسد بن جبلة أبو عبد الله الأزدي المعروف بالمكّي

حدّث عن من لم يقع إليّ اسمه.

كتب عنه أبو الحسين الرّازي ، وهو نسبه.

__________________

(١) بالأصل : «الطحان» تصحيف ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وتاريخ بغداد.

(٢) راجع كتاب ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٢٩٦.

(٣) تاريخ بغداد ٢ / ١٥٢ والوافي بالوفيات ٢ / ٣٠٣.

(٤) في «ز» : منيحي.

٢١٣

قرأت بخط أبي الحسن نجاء بن أحمد ، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرّازي في تسمية من كتب عنه بدمشق أبو عبد الله محمّد بن جعفر الأزدي ويعرف بالمكّي ، مات في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة الأساكفة.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنبأنا مكي بن محمّد ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر قال : وفي هذه السنة توفي أبو عبد الله المكّي يعني سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

٦١٦٧ ـ محمّد بن جعفر بن عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب

ابن عبد مناف الهاشميّ (١)

كان مع بني العباس الذين خرجوا من الحميمة (٢) إلى الكوفة في أول أمر بني العبّاس ، له ذكر ، وكان المنصور معجبا به ، وكان كريما يسأله حوائج الناس فيقضيها له.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وأبو منصور محمّد ابن عبد الملك ، قالوا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٣) :

محمّد بن جعفر بن عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، كان فاضلا أديبا ، وعاقلا لبيبا ، مشهورا بالسخاء ، والجود ، والمروءة ، وكان له اختصاص بأبي جعفر المنصور ، فأخبرني عبيد الله بن أبي الفتح ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم البزاز (٤) ، حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن عرفة ، أخبرني أبو العبّاس المنصوري ، عن يحيى بن زكريا مولى علي بن عبد الله ، عن أبيه قال : كان المنصور يعجب بمحمّد بن جعفر بن عبيد الله بن العبّاس بن عبد المطّلب ، يؤانسه ، ويفاوضه ، ويداعبه ، ويلتذّ بمحادثته ، وكان أديبا ، لبيبا ، لسنا ، وكان لحسن منزلته من المنصور ، وعظيم قدره عنده ، يفزع الناس إليه في حوائجهم ، فيكلّمه فيها قيقضيها ، حتى أكثر عليه من الحوائج وأفرط ، فأمر الربيع أن يحجبه ، فلما حجبه قعد في منزله أياما ، فظمئ المنصور إلى رؤيته ، وقرم إلى محادثته ، فقال : يا ربيع إن جميع لذّات مولاك ، قد أخلقن

__________________

(١) ترجمته في تاريخ بغداد ٢ / ١١١ والوافي بالوفيات ٢ / ٢٨٨.

(٢) الحميمة : بلفظ تصغير الحمة ، بلد من أرض الشراة من أعمال عمّان في أطراف الشام. كان منزل بني العباس (معجم البلدان).

(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١١١ ـ ١١٢.

(٤) كذا بالأصل و «ز» ، ود ، وفي تاريخ بغداد : البزار.

٢١٤

عنده ، ورثثن في عينه ، سوى لذته من محادثة محمّد بن جعفر فإنّها تجدد عنده في كل يوم وليلة ، وقد كدرها عليّ بكثرة ما يحملني عليه من حوائج الناس [فاحتل لمولاك](١) فيما كدر عليه من لذّته ، فقال الربيع : أفعل يا أمير المؤمنين ، وخرج من عنده ، فأتى محمّد بن جعفر فعاتبه على ما يحمل المنصور عليه من حوائج الناس وسأله إعفاءه من ذلك. فنصح (٢) عن نفسه فيما عاتبه عليه ، فأجابه إلى أن لا يسأله حاجة لأحد ، فأمره بالغدو على المنصور ، ورجع إلى المنصور فأعلمه ذلك. وبلغ قوما من قريش قدموا العراق لحوائجهم ما كان من أمر محمّد بن جعفر ومن الربيع ، وأنه عازم على الغدو على المنصور ، فكتبوا حوائجهم في رقاع ، ووقفوا بها على طريق محمّد بن جعفر ، فلمّا غدا يريد المنصور ، عرضوا له بها ، ومتّوا إليه بقراباتهم ، وتوسلوا بأرحامهم ، وسألوه إيصال رقاعهم ، والتماس نجاح ما فيها. فاعتذر إليهم وسألهم أن يعفوه من ذلك ، فأبوا أن يقبلوا ذلك منه ، وألحّوا عليه فقال : لست أكلّم المنصور في حاجة لأحد من الناس ، فإن أحببتم أن تودعوا رقاعكم كمي فافعلوا ، فقذفوا رقاعهم في كمّه ومضى حتى دخل على المنصور وهو في الخضراء مشرف على مدينة السلام ودجلة والصراة وما حولها من البساتين والمزارع ، فعاتبه فنصح (٣) عن نفسه ، ثم حادثه ساعة قال له المنصور : أما ترى حسن مستشرفنا هذا؟ قال : أرى يا أمير المؤمنين ، فبارك الله لك فيما آتاك ، وهنّاك بإتمام النعمة عليك ما أعطاك ، فما بنت العرب في دولة الإسلام ولا العجم في مدة الكفر مدينة أحصن ، ولا أحسن ، ولا أجمع للخصال المحمودة منها ، وقد سمجها (٤) في عيني خصلة ، قال : وما هي؟ قال : ليس لي فيها ضيعة ، فتبسم ، ثم قال : فإنّي أحسّنها في عينك بثلاث ضياع أقطعك في أكنافها ، فاغد على أمير المؤمنين يسجل (٥) لك بها ، فقال : أنت والله يا أمير المؤمنين سهل الموارد ، كريم المصادر ، فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه ، فقد بررت فأفضلت ، ووصلت فأجزلت ، وأنعمت فأسبغت ، فبدرت الرقاع من كمّيه (٦) وهو يتشكر له ، فأقبل يردّهن في كمّه ويقول : ارجعن خاسئات ، فضحك ، وقال : بحق أمير المؤمنين عليك لما أخبرته خبر هذه الرقاع؟ فأعلمه ، فقال : أبيت يا بن معلم الخير

__________________

(١) ما بين معكوفتين زيادة عن «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٢) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : فنضح.

(٣) راجع الحاشية السابقة.

(٤) في تاريخ بغداد : سمجتها.

(٥) بالأصل : يستجل ، والمثبت عن «ز» ، ود ، وتاريخ بغداد.

(٦) كذا بالأصل ، و «ز» ، ود ، وفي تاريخ بغداد : كمه.

٢١٥

إلّا كرما ، فف للقوم بضمانك ، والقها عن كميك (١) لننظر في حوائجهم ، فطرح الرقاع بين يديه فتصفحها ثم دفعها إلى الرّبيع ، ثم التفت إليه فتمثل بقول امرئ القيس (٢) :

لسنا وإن أحسابنا كرمت

يوما على الأحساب نتّكل

نبني كما كانت أوائلنا

تبني ، ونفعل مثل ما فعلوا

ثم قال : قد قضى أمير المؤمنين حوائجهم ، فأمرهم بلقاء الربيع ، قال محمّد : فخرجت من عند أمير المؤمنين وقد ربحت وأربحت.

٦١٦٨ ـ محمّد بن جعفر بن عبيد الله بن صالح

أبو عبد الله الحميري الكلاعي الحمصيّ

حدّث بأطرابلس عن أبي سهل محمّد بن هارون الطّرزي ، وأبي بكر محمّد بن عمر بن محمّد بن الجعابي ، وأبي علي يونس بن أحمد بن عبد الرّحمن بن يونس الرافقي السّرّاج ، وأبي الفضل العبّاس بن القاسم بن المهلّب الرّقّي ، والحسن بن هاشم الرّازي ، وخيثمة بن سليمان ، وأبي القاسم الحسن بن علي بن الحسن بن عمرو ، وأبي طالب محمّد بن زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسي.

روى عنه : علي بن محمّد الحنّائي ، وأبو عبد الله الصوري ، وأبو علي الأهوازي ، وأبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي.

أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل ، أنبأنا جدي أبو محمّد ، حدّثنا أبو علي الأهوازي ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن جعفر بن عبيد الله بن صالح الكلاعي الحمصيّ المؤدّب ـ بأطرابلس (٣) ـ حدّثنا أبو سهل محمّد بن هارون الطرزي بطرسوس ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يونس الكديمي ، حدّثنا مسلم بن إبراهيم ، حدّثنا شعبة ، عن يزيد بن خمير (٤) ، عن سليمان بن مرثد ، عن أبي الدّرداء قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا وبكيتم كثيرا» [١٠٩٩٢].

__________________

(١) في تاريخ بغداد : كمك.

(٢) البيتان ليسا في ديوان امرئ القيس (ط بيروت ـ صادر) ، وهما في الوافي بالوفيات بدون نسبة.

(٣) في «ز» : بطرابلس.

(٤) كذا بالأصل ود ، وفي «ز» : حجير ، تصحيف ، وهو يزيد بن خمير بن يزيد الرحبي الهمداني ، ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٣٠٣.

٢١٦

أنبأنا أبو طاهر بن الحنّائي ، أنبأنا أبو علي الأهوازي ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن جعفر بن عبيد الله بن صالح الكلاعي الحمصيّ ـ بأطرابلس ـ حدّثنا أبو علي يونس بن أحمد ابن عبد الرّحمن بن يونس بن أبي سلمة ـ بالرافقة ـ حدّثنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز المكّي ، حدّثنا أحمد بن يونس الكوفي ، حدّثنا أبو معشر ، عن محمّد بن المنكدر ، عن جابر ابن عبد الله الأنصاري قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده» [١٠٩٩٣].

حدّثنا أبو سعد (١) عبد الكريم بن محمّد بن منصور بن السمعاني ـ لفظا بدمشق ـ أنبأنا موسى بن علي البغدادي ـ بها ـ وأجازه لي موسى.

قال : أنبأنا محمّد بن عبد السّلام الأنصاري ، أنبأنا أبو عبد الله الصوري الحافظ قال : قرأت على أبي عبد الله محمّد بن جعفر بن عبيد الله بن صالح بن إبراهيم بن عبد الله الكلاعي ـ بطرابلس ـ قلت : حدّثكم أبو بكر محمّد بن عمر بن محمّد بن البراء (٢) الجعابي الحافظ بالرقّة سنة ست وأربعين وثلاثمائة ، حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثنا أبو ياسر قال : أنشد رجل ابن عائشة :

وقفنا فلو لا أننا راضنا الهوى

لهتكنا عند الرقيب نحيب

وفي دون ما ألقاه من ألم الهوى

تشقّ جيوب بل تشقّ قلوب

قال : فقال ابن عائشة : لا يلوم على شقّها إلّا أحمق.

٦١٦٩ ـ محمّد بن جعفر بن علي بن محمّد بن جعفر بن جبارة (٣)

أبو جعفر الجوهري

روى عن أبي القاسم عبد الجبّار بن أحمد بن محمّد السّمرقندي ، وأبي الحارث أحمد ابن سعيد ، وأحمد بن أبي الحسن علي بن شعيب المدائني ، ومحمّد بن زبّان (٤) ، وأحمد بن عبد الوارث.

__________________

(١) في «ز» : سعيد ، تصحيف.

(٢) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٨٨ وسماه أبا بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي البغدادي الجعابي.

(٣) بالأصل ود : «حباره» بالحاء المهملة ، والمثبت عن «ز» ، وجبارة ضبطت بكسر الجيم عن الاكمال لابن ماكولا.

(٤) بدون إعجام بالأصل ، وفي د : «زيان» والمثبت «زبان» عن «ز» ، وهو محمد بن زبان بن حبيب أبو بكر الحضرمي ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٤ / ٥١٩.

٢١٧

روى عنه : أبو نصر بن الجندي ، وأبو الحسين الميداني.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، أنبأنا أبو نصر بن طلّاب ، أنبأنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن هارون بن الجندي (١) ، حدّثنا أبو جعفر محمّد بن جعفر بن جبارة الجوهري ـ قراءة عليه وأنا أسمع ـ في سنة ستين وثلاثمائة ، حدّثنا أبو القاسم عبد الجبّار بن أحمد بن محمّد السّمرقندي ، حدّثنا أبو علقمة عبد الله بن هارون بن موسى القزويني (٢) ، حدّثنا قدامة بن محمّد ، حدّثنا أبي ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من عزّى أخاه المؤمن في مصيبته كساه الله حلّة خضراء يحبر بها» قيل : يا رسول الله بما يحبر بها؟ قال : «يغبط بها» [١٠٩٩٤].

[قال ابن عساكر :] كذا وقع في الأصل ، وصوابه الفروي وهو من أهل المدينة.

أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، أنبأنا أبو بكر الخطيب قال : محمّد بن جعفر بن علي بن محمّد بن جعفر بن جبارة بكسر الجيم.

وقرأت على أبي محمّد السّلمي عن أبي نصر بن ماكولا (٣) قال في باب جبارة بكسر الجيم : محمّد بن جعفر بن علي بن محمّد بن جعفر بن جبارة أبو جعفر الجوهري الدمشقي ، حدّث عن محمّد بن زبّان ، وأحمد بن عبد الوارث ـ زاد الخطيب : المصريين ـ وقال : روى عنه ـ وقال ابن ماكولا : حدّث ـ عنه القاضي أبو نصر محمّد بن أحمد بن هارون المعروف بابن الجندي.

٦١٧٠ ـ محمّد بن جعفر المتوكّل بن المعتصم بن هارون الرّشيد بن محمّد المهدي

ابن عبد الله المنصور بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطّلب

أبو أحمد الناصر لدين الله المعروف بالموفّق (٤)

قدم دمشق مع أبيه جعفر المتوكّل فيما.

__________________

(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٧ / ٤٠٠.

(٢) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، «القزويني» وهو تصحيف ، وسينبه المصنف في آخر الحديث إلى الصواب : الفروي.

ذكره السمعاني وترجمه وترجم أباه هارون (الفروي).

(٣) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ٤٦.

(٤) ترجمته في تاريخ الطبري (الفهارس) ، البداية والنهاية (الفهارس) الكامل لابن الأثير (الفهارس) ، تاريخ بغداد ٢ / ١٢٧ الوافي بالوفيات ٢ / ٢٩٤ العبر ٢ / ٣٩ سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٦٩.

٢١٨

قرأت بخط عبد الله بن محمّد الخطابي الشاعر.

حكى عن المأمون ولم يدركه.

حكى عنه ابنه المعتضد (١).

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ـ ونقلته من خطّه ـ أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين بن محمّد بن سيبخت ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى بن العباس الصولي قال : سمعت أبا عبد الله بن داود بن الجرّاح يقول :

سمعت عبد الله بن سليمان يقول : سمعت أمير المؤمنين المعتضد بالله يقول : سمعت أبي يعني الموفّق يقول : صدق المأمون حيث يقول : الفلك أدقّ من أن يبقى على حال ، فانتهزوا أوقات فرص الزمان من السرور ، واعتقدوا (٢) المنن في أعناق الرجال ، فتكونوا قد جمعتم الأمرين : أخذ [الحظ](٣) من السرور قبل فوته ، وبقّيتم لأنفسكم الذكر الجميل ، ولأعقابكم الصنائع المحمودة ، فإنّ السرور في الدنيا لمع ، والعوارض بالغموم والمكروه لا تعدم فيها ، وليس تدوم لا على السّرّاء ولا الضّرّاء.

أخبرنا أبو القاسم الحسيني ، وأبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور المقرئ ، قالوا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) :

محمّد بن جعفر المتوكّل على الله بن محمّد المعتصم بالله يكنى أبا أحمد ، ولقبه الموفّق بالله ، كان أخوه المعتمد قد عقد له ولاية العهد بعد ابنه جعفر ، فمات الموفّق قبل موت المعتمد بسنة وأشهر ، ويقال : إنّ اسمه كان طلحة.

أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ فيما قرأ عليّ إسناده وناولني إيّاه وقال اروه عنّي ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا أبو الفرج القاضي (٥) ، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثني عبد الله الألوسي قال :

__________________

(١) المعتضد بالله ، اسمه أحمد ، ولد سنة ٢٤٢ ، ترجمته في تاريخ بغداد ٤ / ٤٠٣.

(٢) في «ز» : واعقدوا.

(٣) ما بين معكوفتين سقطت من الأصل واستدركت عن «ز» ، ود.

(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ٢ / ١٢٧.

(٥) الخبر والشعر في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا الجريري ٢ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣.

٢١٩

لما صار جيش الدّعيّ (١) بالبصرة إلى النّعمانية (٢) طرحت رقعة في دار الناصر مختومة ، فجاءوا بها إلى الموفّق فقال : فيها عقرب لا شك ، ففتحوها فإذا فيها :

أرى نارا تأجّج من بعيد

لها في كلّ ناحية شعاع

وقد نامت بنو العبّاس عنها

وأضحت وهي غافلة رتاع

كما نامت أميّة ثم هبّت

لتدفع حين ليس لها دفاع

فأمر الموفّق ساعته بالارتحال إلى البصرة.

قال القاضي : وهذا الشعر مما نحا به (٣) قائله قول القائل في بني أميّة :

أرى تحت الرّماد وميض جمر

وأخلق أن يكون له ضرام

وقد غفلت أميّة عن سناها

ويوشك أن يكون لها اضطرام

أقول من التعجّب ليت شعري

أأيقاظ أميّة أم نيام

أنبأنا أبو علي محمّد بن سعيد بن نبهان ، ثم أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن محمّد بن المحاملي الفقيه.

ح وأخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، قالوا : أنبأنا أبو علي بن شاذان.

وأخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنبأنا أبو الفوارس طراد بن محمّد الزينبي ، وأبو محمّد التميمي ، قالا : أنبأنا أبو بكر بن وصيف الصيّاد ، قالا : أنبأنا أبو بكر الشافعي ، حدّثنا أبو بكر عمر بن حفص السّدوسي قال : ودعي لجعفر المفوض إلى الله بن المعتمد ولأبي أحمد بن المتوكّل الموفّق بالله بولاية العهد يوم الجمعة بسرّ من رأى لسبع عشرة خلت من ذي القعدة سنة إحدى وستين ومائتين ، وتوفي أبو أحمد الموفّق بالله يوم الأربعاء فدفن ليلة الخميس لثمان خلون من صفر ، وليلة مضت من حزيران ، سنة ثمان وسبعين ومائتين ، وخلع أمير

__________________

(١) يعني صاحب الزنج ، علي بن محمد الورزنيني ، ظهر في أيام المهتدي بالله سنة ٢٥٥ والتف حوله سودان أهل البصرة ، قوى أمره واشتدت شوكته وعجز عن قتاله الخلفاء ، ظفر به الموفق وقتله سنة ٧٠ ه‍. راجع تاريخ الطبري ١١ / ١٧٤ والكامل لابن الأثير ٧ / ٢٠٥ وما بعدها. والبداية والنهاية ١١ / ٤١ وسير أعلام النبلاء ١٣ / ١٢٩.

(٢) النعمانية : بضم النون ، بليدة بين واسط وبغداد ، على ضفة دجلة ، معدودة من أعمال الزاب الأعلى (راجع معجم البلدان).

(٣) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، وفي الجليس الصالح : يجابه.

٢٢٠