قد سار إلى الفرات ينتظر ما يكون من خبر الفرنج ، فلما وصله الخبر أنفذ إلى الجزر وغيره من أعمال حلب التي في أيدي الفرنج فأمرهم بالقبض على من عندهم من الفرنج ، فوثب أهل الفوعة وسرمين ومعرة مصرين وغيرها ففعلوا ذلك ، وطلب بعض الفرنج الأمان من رضوان فأمنهم من القتل وحملهم أسرى ولم يبق بأيدي الفرنج غير الجبل وهاب وحصون معرة وكفر طاب وصوران ، فوصل شمس الخواص وفتح صوران فهرب من كان بلطمين وكفر طاب وبلد المعرة والبارة إلى أنطاكية وسلموها إلى رضوان وأصحابه ما خلا هاب ، واسترجع رضوان بالس والفايا ممن كان بهما من أصحاب جناح الدولة ، وجرى بحماة خلف وخافوا من شمس الخواص فكاتبوا رضوان وسلموها إليه وسلمية ، فأمنت أعمال حلب وتراجع أهلها إليها وقوى جأش رضوان ، واتصلت غارات أهل حلب إلى بلد أنطاكية وعرف ميمند ضعفه عن حفظ البلد وأنه لم يفلت من وقعة سكمان إلا في نفر قليل وخاف من المسلمين فسار إلى بلاده في البحر يستنجد بمن يخرج بهم إلى البلاد واستخلف ابن أخته ( ابن أخيه ) طنكريد يدبر أمر أنطاكية والرها.
سنة ٤٩٦
ذكر غارة الفرنج على الرقة وقلعة جعبر
قال ابن الأثير : في هذه السنة في صفر أغار الفرنج من الرها على مرج الرقة وقلعة جعبر ، وكانوا لما خرجوا من الرها افترقوا فرقتين وأبعدوا يوما واحدا تكون الغارة على البلدين فيه ، ففعلوا ما استقر بينهم وأغاروا واستاقوا المواشي وأسروا من وقع بأيديهم من المسلمين ، فكانت القلعة والرقة لسالم بن مالك بن بدران بن المقلد بن المسيب سلمها إليه السلطان ملكشاه سنة تسع وسبعين ، وقد ذكرناه فيها.
ذكر غزو سقمان وجكرمش الفرنج
قال ابن الأثير : لما استطال الفرنج بما ملكوه من بلاد الإسلام واتفق لهم اشتغال عساكر الإسلام وملوكه بقتال بعضهم بعضا فتفرقت حينئذ بالمسلمين الآراء واختلفت الأهواء وتمزقت الأموال ، وكانت حران لمملوك من مماليك ملكشاه اسمه قراجة فاستخلف