ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥

إلى قضاء واسط حسب ، فصار إليها في العشر الآخر من شعبان من السنة المذكورة ، وأقام بها مديدة يحكم فيها ويقبل الشّهادات ويثبّت ويسجل.

وتوفي قاضي القضاة أبو طالب روح في محرم سنة سبعين وخمس مئة ، فأذن له من الدّيوان العزيز ـ مجّده الله بالإسجال عن الدّيوان العزيز إلى أن ولي أخوه قاضي القضاة أبو الحسن قضاء القضاة مرة ثانية في شهر ربيع الأوّل سنة سبعين وخمس مئة ، فأقرّ أخاه أبا محمد على قضاء واسط ، وكان يقيم بها مدّة ويعود إلى بغداد في بعض السّنين ، وله بها نائب ، إلى أن أصعد منها في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وخمس مئة ونائبه بها يومئذ أبو الحسن عليّ بن محمد المعروف بابن طغدي فتوفي في صفر سنة ثمان وسبعين وخمس مئة ، فاستخلف بعده أبا العباس أحمد بن عليّ بن جامع ، فكان على نيابته إلى أن توفّي.

سمع القاضي أبو محمد مع إخوته من أبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري ، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وأبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي ، وحدّث بالقليل.

سمعت القاضي أبا الفتح محمد بن أحمد ابن المندائيّ ، يقول : مولد القاضي أبي محمد ابن الدّامغاني في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة ، أظنه سمعه منه.

قلت : وتوفّي ببغداد في يوم السبت ثامن عشر رجب من سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، عن ستين سنة ، ودفن بمقبرة الشّونيزي عند أبيه وأهله.

١١٧٧ ـ الحسن (١) بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عسكر البندنيجيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو طاهر بن أبي العبّاس بن أبي محمد.

من أهل باب الطّاق ومحلة مشهد أبي حنيفة رحمه‌الله.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ١١ / ٣٨٦ ، والقرشي في الجواهر ١ / ١٨٧ ، والتميمي في الطبقات السنية ١ / ١٨٧.

٨١

من بيت العدالة والقضاء هو وأبوه وجده وأخوه أبو الحسين عبد الله. وقد تقدّم ذكر أبيه (١) ، وسيأتي ذكر أخيه إن شاء الله.

شهد الحسن هذا عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد الدّامغاني في ولايته الثّانية يوم الخميس ثاني عشري محرم سنة ست وسبعين وخمس مئة ، وزكّاه العدل أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصّبّاغ ، والخطيب هارون بن محمد ابن المهتدي.

وقد سمع أبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء وغيره ، وما أعلم أنّه روى شيئا ، لأنّه توفي شابا يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة.

١١٧٨ ـ الحسن (٢) بن أحمد بن الفرج بن راشد ، أبو محمد بن أبي العبّاس الورّاق.

من أهل دار القز. كان والده أحد العدول بمدينة السّلام ، وتولّى القضاء بدجيل إلا أنّه عزل قبل موته.

وأبو محمد هذا سمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وروى عنه. كتبنا عنه.

قرئ على أبي محمد الحسن بن أحمد بن الفرج من أصل سماعه بجامع دار القزّ وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزّاز قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : حدثنا أبو محمد الحسن بن عليّ الجوهريّ ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن لؤلؤ ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الشّطويّ ، قال : حدثنا إسحاق بن البهلول ، قال : حدثنا نصر بن

__________________

(١) الترجمة ٧٢٤.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٤٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٤٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٧٧.

٨٢

مزاحم المنقريّ ، قال : حدّثنا الحكم بن عبد الله ، عن السّدّي ، عن أبي الصّدّيق النّاجي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بشّر المشّائين إلى المساجد في الظّلم بالنّور التّام يوم القيامة» (١).

توفّي أبو محمد بن راشد هذا يوم الاثنين ثاني عشري محرم سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب ، رحمه‌الله وإيانا وجميع المسلمين.

١١٧٩ ـ الحسن (٢) بن إبراهيم بن منصور بن الحسين بن عليّ بن قحطبة الفرغانيّ الأصل البغداديّ المولد والدار ، أبو عليّ الصّوفيّ ، يعرف بابن أشنانة (٣).

من أهل الجانب الغربي ، من ساكني محلة سوق المارستان.

__________________

(١) إسناده ضعيف جدا ، نصر بن مزاحم المنقري متروك كذبه أبو خيثمة كما في الميزان ٤ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، وشيخه الحكم بن عبد الله هو الكوفي كما صرّح بذلك المزي في ترجمة إسماعيل السدي من تهذيب الكمال (٣ / ١٣٣) ، ولم أستطع الوقوف على معرفة ترجمته بدقة. ورواه أبو يعلى في مسنده من طريق عبد الحكم بن عبد الله القاص ، قال : حدثني أبو الصديق الناجي ، عن أبي سعيد (١١١٣) ، وذكره صاحب مجمع الزوائد ١ / ١١٢ (٢٠٧٦) وقال : «رواه أبو يعلى وفيه عبد الحكيم بن عبد الله وهو ضعيف». وعبد الحكم بن عبد الله هذا قال فيه أبو حاتم : «منكر الحديث ، ضعيف الحديث» وأن ابن حبان قال : «لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل التعجب» وأن البخاري قال : «منكر الحديث» ، وهو قسملي بصري ، كما في ترجمته من تهذيب الكمال ١٦ / ٤٠٢ ـ ٤٠٣ ، فهذا غير المذكور في الإسناد الذي نتكلّم عليه في هذا الكتاب ، وجميع الأسانيد المذكورة لهذا المتن عن عدد من الصحابة ضعيفة.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٧٠٩ ، وابن الفوطي في الملقبين بعز الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٥٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٦٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٧٧ ، وابن العماد في شذرات الذهب ٤ / ٣٣٩.

(٣) قيّده المنذري في ترجمة ابنه أبي عبد الله محمد المتوفى سنة ٦٢٣ ، فقال : بضم الهمزة وبعدها شين معجمة ساكنة ونون مفتوحة وبعد الألف نون مفتوحة أيضا وتاء تأنيث (التكملة ٣ / الترجمة ٢١٣١).

٨٣

شيخ ظريف قد صحب الصّوفية برباط الزّوزني سنين كثيرة ، حافظّ للقرآن المجيد ، كثير المذاكرة بالحكايات والأشعار.

سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبا محمد الحسن بن أحمد بن حكّينا ، وغيرهما. سمعنا منه ، وكتبنا عنه ، ولا بأس به.

قرأت على أبي عليّ الحسن بن إبراهيم بن منصور الصّوفي ، قلت له : أخبركم الرّئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ بذلك وعرفه ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن المذهب قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، قال (١) : حدثنا سفيان ، عن عبد الكريم ، قال : أخبرني زياد بن أبي مريم ، عن عبد الله بن معقل بن مقرّن ، قال : دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود ، فقال : أنت سمعت النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «النّدم توبة»؟ قال : نعم (٢).

سمعت أبا عليّ الحسن بن إبراهيم الفرغاني يقول : قرأت على قبر بسرّ من رأى :

هذي القبور تناديكم وتخبركم

بما لقي ساكنوها فاسألوا الخبرا

تقول : أفنيت قوما طال ما نعموا

فما تركت لهم عينا ولا أثرا

سألت أبا عليّ بن أشنانة عن مولده ، فقال : ولدت في صفر سنة إحدى عشرة وخمس مئة.

وتوفي يوم الأربعاء ، ودفن فيه ، الثامن عشر من صفر سنة تسع وتسعين

__________________

(١) المسند ١ / ٣٧٦.

(٢) حديث صحيح. أخرجه الطيالسي (٣٨١) ، والحميدي (١٠٥) ، والبخاري في التاريخ الكبير ٣ / ٣٧٤ ، وابن ماجة (٤٢٥٢) ، وأبو يعلى (٤٩٦٩) ، وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على ابن ماجة.

٨٤

وخمس مئة ، بتربة الصّوفية المجاورة لرباط الزّوزني المقابل لجامع المنصور ، رحمه‌الله.

١١٨٠ ـ الحسن (١) بن إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقيّ ، أبو عليّ بن أبي طاهر بن أبي منصور بن أبي طاهر.

من بيت أهل أدب وفضل ، وجده أبو منصور شيخ النّاس في وقته في علم اللّغة العربية ، وقد تقدّم ذكر أخيه أحمد (٢) وأبيه إسحاق (٣).

وأبو عليّ هذا سمع من أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني ، وأبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب السّجزي ، وأبي القاسم نصر بن نصر ابن العكبري ، وغيرهم. وسماعه صحيح. كتبنا عنه.

قرأت على أبي علي الحسن بن إسحاق بن موهوب ، قلت له : أخبركم أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن السّري الزّاغوني قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن عليّ الزّينبي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن زنبور الورّاق ، قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود السّجستاني ، قال : حدّثنا عيسى بن حماد زغبة التّجيبي ، قال : حدثنا اللّيث بن سعد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أمّ سلمة ، عن أمّ سلمة أنّها سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّما أنا بشر وإنّكم تختصمون إليّ ولعلّ بعضكم يكون ألحن بحجّته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في التقييد ٢٤٣ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٢٠٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٧٩٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٢٧٨ ، والعبر ٥ / ١٠٣ ، والصفدي في الوافي ١١ / ٤٠١ ، واليافعي في مرآة الجنان ٤ / ٥٨ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٧١ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١١٧.

(٢) الترجمة ٦٧٦.

(٣) الترجمة ١٠٢٥.

٨٥

بشيء من حقّ أخيه فلا يأخذنّ منه شيئا ، فإنّما أقطع له قطعة من النّار» (١).

سألنا أبا عليّ هذا عن مولده ، فقال : في سنة أربع وأربعين وخمس مئة (٢).

١١٨١ ـ الحسن بن الحسين ابن الباباي ، أبو عليّ البزّاز.

أصله واسطيّ ، سكن بغداد ، وروى عن أبي محمد عبد الله بن القاسم الشّهرزوري الموصلي شيئا من شعره. كتب عنه المبارك بن كامل ، وأخرج عنه في «معجم شيوخه» فيما قرأت بخطّه ، وقال : أنشدني ، قال : أنشدني أبو محمد ابن الشّهرزوري لنفسه :

يا ليل ما جئتكم زائرا

إلا وجدت الأرض تطوى لي

ولا ثنيت العزم عن بابكم

إلا تعثّرت بأذيالي

١١٨٢ ـ الحسن بن رضا الخيّاط.

من شيوخ المبارك بن كامل أيضا روى عنه في «معجمه» أبياتا ذكر أنّه أنشده إياها ، لم أر له ذكرا في غير ذلك.

١١٨٣ ـ الحسن (٣) بن سعد بن الحسن ، أبو المحاسن الخونجيّ ، وخونج من بلاد أذربيجان (٤).

__________________

(١) حديث صحيح ، فهو في الصحيحين من حديث هشام بن عروة بهذا الإسناد والمتن ؛ البخاري في الشهادات من صحيحه ٣ / ٢٣٥ (٢٦٨٠) وفي الأحكام ٩ / ٨٦ (٧١٦٩) من طريق مالك ، وفي ترك الحيل ٩ / ٣٢ (٦٩٦٧) من طريق سفيان الثوري ، كلاهما : مالك وسفيان ، عن هشام ، به. وهو في القضاء من صحيح مسلم ٥ / ١٢٨ (١٧١٣) من طرق عن هشام أيضا. وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (١٣٣٩).

(٢) لم يذكر المؤلف وفاته لتأخرها عن نشرته الأخيرة ، وذكرها المنذري وغيره ، وأنها في سنة ٦٢٥.

(٣) ترجمه الصفدي في الوافي ٢ / ٢٦ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٧ / ٦٠.

(٤) معجم البلدان ٢ / ٤٠٧.

٨٦

قدم بغداد في صباه ، وتفقّه بها على إلكيا أبي الحسن عليّ بن محمد الطّبري الهرّاسي بالمدرسة النّظامية ، وخدم مع الوزير أبي نصر أحمد ابن نظام الملك أبي عليّ الحسن بن عليّ الطّوسي واقف المدرسة النّظامية ببغداد ، فكان على ذلك سنين كثيرة ، وكان يسكن بدرب السّلسلة.

سمع من أستاذه أبي الحسن الطّبري ، وروى عنه شيئا يسيرا ، وكان يكتب خطّا حسنا.

توفي في ليلة الأربعاء ثاني عشر جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمس مئة ببغداد ، وصلّي عليه يوم الأربعاء بالمدرسة النّظامية ، وقد تقدّم في الصّلاة عليه شيخ الشّيوخ أبو القاسم عبد الرّحيم بن إسماعيل النّيسابوري وحضر جماعة ، ودفن بمقبرة الشّونيزي إلى جانب تربة يارخ الخادم ، وكان قد أسنّ.

١١٨٤ ـ الحسن (١) بن سعيد بن أحمد بن الحسن بن أحمد ابن البنّاء ، أبو محمد بن أبي القاسم بن أبي غالب بن أبي علي.

من أهل الحربية ، من أولاد الشّيوخ الرّواة والنّقلة الثّقات الأثبات ، هو وأبوه وجدّه وجدّة أبيه.

سمع أبو محمد هذا جعفر بن أحمد السّرّاج ، وأبا غالب محمد بن الحسن البقّال ، وأبا سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش ، وأبا غالب شجاع بن فارس الذّهلي ، وغيرهم ، وحدّث عنهم.

سمع منه الشّريف أبو الحسن عليّ بن أحمد العلوي الزّيدي ، والقاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي ، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق ، وقال لي

__________________

(١) ترجمه المنذري في وفيات سنة ٥٨١ من التكملة (الورقة ٨ من القطعة غير المنشورة) ، وابن الفوطي في الملقبين بعز الدين من تلخيصه ٤ / الترجمة ٧٧ نقلا من هذا الكتاب ، وترجمه الذهبي في وفيات سنة ٥٧٢ من تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٠٩ ، ثم أعاده في وفيات سنة ٥٨١ (١٢ / ٧٢٥) ، واختاره في المختصر المحتاج ١ / ٢٧٨.

٨٧

أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر : سمعت منه ومن أبيه سعيد ومن ابنه غياث بن الحسن. أدركناه ولم يقدّر لنا السّماع منه. وروى لنا عنه غير واحد.

قرأت على أمّ محمد نور بنت غياث بن الحسن ، قلت لها : أخبرك جدّك أبو محمد الحسن بن سعيد قراءة عليه ، فأقرّت به ، قال : أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن شاذان ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان النّجّاد ، قال : حدثنا الحسن بن مكرم ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن أبي الزّناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ لله تسعة وتسعين اسما مئة غير واحد ، من أحصاها كلّها دخل الجنّة» ، قال يزيد : لا أعلم إلا أنه قال : وتر يحبّ الوتر (١).

قرأت بخط الحسن بن محمد بن حمدون ، قال : توفي أبو محمد ابن البنّاء في خامس عشر رجب سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة. وقد خولف في ذلك.

وأنبأنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر البيّع ، ومن خطّه نقلت ، قال : توفي أبو محمد الحسن بن سعيد ابن البنّاء يوم الأحد ثامن عشري شعبان سنة إحدى وثمانين وخمس مئة.

__________________

(١) حديث صحيح ، محمد بن إسحاق قد تابعه عدد من الثقات ، فهذا من صحيح حديثه. وقد أخرجه أحمد ٢ / ٢٥٨ عن يزيد بن هارون ، به. وهو في الصحيحين من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ، به : البخاري في الدعوات من صحيحه ٨ / ١٠٨ (٦٤١٠) ، ومسلم في الدعوات أيضا ٨ / ٦٣ (٢٦٧٧) (٥). وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (٣٥٠٨). وتقدم في الترجمة ٤٤٤ من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة.

٨٨

١١٨٥ ـ الحسن (١) بن سعيد بن عبد الله بن بندار ، أبو عليّ الشّاتانيّ ، منسوب إلى قلعة تعرف بشاتان بديار بكر.

كان فقيها أديبا شاعرا ، قدم بغداد وأقام بها للتّفقه على مذهب الشافعيّ رضي‌الله‌عنه بالمدرسة النّظامية والمدرّس بها يومئذ أبو عليّ الحسن بن سلمان الأصبهاني إلى أن توفّي الحسن ، ثم من بعده على أبي منصور سعيد بن محمد ابن الرّزّاز.

وسمع بها الحديث من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبي منصور عبد الرّحمن بن محمد القزّاز ، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد السّمرقندي ، وأبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، وأبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام. وقال الشّعر ، وأنشأ الرّسائل.

سكن الموصل ، ونفّذه أميرها رسولا منه إلى الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ ، وخرج إلى الشّام ، وحدّث بشيء من مسموعاته ، وكتب عنه شيء من شعره ، وبلغني أنّه تغيّر في آخر عمره.

ذكر الحافظ أبو القاسم عليّ بن عساكر الدّمشقي أنّ مولد أبي عليّ الشّاتاني كان في سنة عشر وخمس مئة.

__________________

(١) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١٣ / ٩٦ ، والعماد في الخريدة (قسم شعراء الشام) ٢ / ٣٦١ ، وياقوت في معجم البلدان ٣ / ٣٣٦ ، وابن النجار في تاريخه كما دل عليه المستفاد ، الترجمة ٦٦ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٢ / ١١٣ ، وابن الفوطي في الملقبين بعلم الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٨٣٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦٢٧ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٧٩ ، والصفدي في الوافي ١٢ / ٢٨ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٧ / ٦١ ، والإسنوي في طبقات الشافعية ٢ / ١١١ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٥٨ ، وغيرهم. وهو القائل في السلطان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه‌الله :

أرى النّصر مقرونا برايتك الصفرا

فسر واملك الدنيا فأنت بها أحرى

٨٩

وقال غيره : توفي في شعبان سنة تسع وسبعين وخمس مئة.

١١٨٦ ـ الحسن (١) بن سهل بن المؤمّل بن محمد بن سلم ، أبو المظفّر الكاتب.

من أهل واسط ، هو ابن عمّ أبي عبد الله محمد بن الخصيب بن المؤمّل بن سلم الذي قدّمنا ذكره (٢).

سمع أبو المظفر هذا بواسط من أبي نعيم محمد بن إبراهيم ابن الجمّاري ، وقدم بغداد في سنة إحدى وستين وخمس مئة وحدّث بها عنه بشيء من «مسند» مسدّد بن مسرهد (٣).

سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشّعّار ، والشريف أبو الحسن عليّ بن أحمد الزّيدي ، والقاضي عمر بن عليّ القرشي ، وأحمد بن طارق التّاجر ، وغيرهم.

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدّمشقي ، قال : أخبرنا أبو المظفّر الحسن بن سهل بن سلم الواسطيّ بقراءتي عليه ، قال : أخبرنا أبو نعيم محمد بن إبراهيم بن محمد بن خلف الجمّاري. وأخبرناه عاليا أبو طالب محمد بن عليّ بن أحمد المحتسب (٤) بواسط قراءة عليه من أصل سماعه وأنا أسمع قيل له : أخبركم أبو نعيم محمد بن إبراهيم الجمّاري قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المزني ، قال : أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٤٥ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٨٠.

(٢) الترجمة ١٧١.

(٣) ترجمه ابن الجمّاري في سؤالات السلفي لخميس الحوزي ، رقم ٢٨ ، وتاريخ الإسلام للذهبي ١٠ / ٨١٧ ، وقد روى هذا «المسند» عن أحمد بن المظفر العطار ، كما في مصادر ترجمته ، وكما سيأتي في السند الآتي.

(٤) هو ابن الكتاني المحدث الواسطي المشهور.

٩٠

الجمحيّ ، قال : حدثنا مسدّد ، قال : حدثنا خالد ، وهو ابن عبد الله الواسطي ، عن خالد الحذّاء ، عن أبي الضّحى ، عن عليّ رضي‌الله‌عنه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «رفع القلم عن ثلاثة : عن النّائم حتى يستيقظ ، وعن الصّبيّ حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل» (١).

أنبأنا القرشيّ ، قال : سألت أبا المظفّر بن سلم عن مولده ، فقال : في يوم السّبت ثاني شوّال سنة خمس وثمانين وأربع مئة.

عاد أبو المظفّر إلى واسط بعد روايته ببغداد ، وتوفّي بها بعد ذلك بيسير.

__________________

(١) إسناده ضعيف لا نقطاعه ، فإن أبا الضحى واسمه مسلم بن صبيح لم يدرك عليا.

أخرجه أبو داود (٤٤٠٣) والبيهقي ٣ / ٨٣ و ٧ / ٣٥٩ و ٨ / ٢٦٥ من طرق عن خالد الحذاء ، به.

وأخرجه أحمد ١ / ١١٦ و ١٤٠ ، والترمذي (١٤٢٣) ، والنسائي في الرجم من سننه الكبرى (٧٣٤٦) ، وغيرهم من طريق الحسن بن أبي الحسن البصري عن علي ، وأعله الترمذي بالانقطاع فإن الحسن لم يسمع من علي ، وأعله النسائي بالوقف فرواه من طريق يونس ، عن الحسن موقوفا (٧٣٤٧) ، وكذلك رجح الموقوف الإمام الدار قطني في العلل ٣ / ١٩٢.

وأخرجه أبو داود (٤٣٩٩) و (٤٤٠٠) و (٤٤٠١) والترمذي عقيب ١٤٢٣ ، والنسائي في الرجم من الكبرى (٧٣٤٣) ، وابن حبان (١٤٣) ، والدار قطني في السنن ٣ / ١٣٨ ، والحاكم ١ / ٢٥٨ و ٢ / ٥٩ و ٤ / ٣٨٩ ، والبيهقي ٨ / ٢٦٤ من طريق أبي ظبيان حصين بن جندب عن ابن عباس عن علي. وقد أخرجه الطيالسي (٩٠) ، وأحمد ١ / ١٥٤ و ١٥٨ ، وأبو داود (٤٤٠٢) والنسائي في الكبرى (٧٣٤٤) ، وأبو يعلى (٥٨٧) ، والبيهقي ٨ / ٢٦٤ من طريق أبي ظبيان عن علي من غير ذكر لابن عباس ، وأخرجه النسائي (٧٣٤٥) من طريق أبي حصين عن أبي ظبيان موقوفا ، ورجح الرواية الموقوفة.

على أنّ الحديث روي بإسناد جيد من حديث عائشة ، أخرجه أحمد ٦ / ١٠٠ ـ ١٠١ ، والدارمي (٢٢٩٦) ، والنسائي في المجتبى ٦ / ١٥٦ وفي الكبرى ٥٦٢٥ ، وابن ماجة (٢٠٤١) ، وابن الجارود (١٤٨) ، والطحاوي في شرح المعاني ٢ / ٧٤ وفي شرح المشكل (٣٩٨٧) ، وابن حبان (١٤٢) ، والحاكم ٢ / ٥٩.

٩١

١١٨٧ ـ الحسن (١) بن سيف بن الحسن بن عليّ ، أبو عليّ الشّهرابانيّ الأصل البغداديّ الدّار ، أحد التّجّار.

شهد في آخر عمره عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد ابن الدّامغاني في ولايته الثّانية وذلك يوم الجمعة التاسع من جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وخمس مئة ، وزكّاه الخطيب أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي وأبو البقاء أحمد بن عليّ بن كردي.

وقد سمع الحديث من أبي القاسم زاهر بن طاهر الشّحّامي لمّا قدم بغداد ، وروى عنه.

سمع منه القاضي أبو المحاسن القرشيّ ، وقال : سألته عن مولده ، فقال : في سنة عشر وخمس مئة.

وقال غيره : توفي بمكة مجاورا بها في يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة.

١١٨٨ ـ الحسن (٢) بن صافي بن عبد الله ، أبو نزار بن أبي الحسن

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ، الورقة ١٣ ـ ١٤ (من القسم غير المنشور) ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢٠٤٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٤٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٨٠ ، والصفدي في الوافي ١٢ / ٤٣ ، والفاسي في العقد الثمين ٤ / ٨٠.

(٢) ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق ، والعماد في القسم العراقي من الخريدة ٣ / ٨٩ ، وياقوت في معجم الأدباء ٢ / ٨٦٦ ، والقفطي في إنباه الرواة ١ / ٣٠٥ ، وابن العديم في بغية الطلب ٤ / ٢٢٩ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٢ / ٩٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٩٢ ، والعبر ٤ / ٢٠٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٨١ ، والصفدي في الوافي ١٢ / ٥٦ ، واليافعي في مرآة الجنان ٨ / ٢٩٥ ، والسبكي في طبقاته ٧ / ٦٣ ، والإسنوي في طبقاته ٢ / ٤٩٦ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٧٢ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٦٨ ، والسيوطي في البغية ١ / ٥٠٤ ، وغيرهم.

٩٢

النّحويّ البغداديّ.

ذكر الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن ابن عساكر في «تاريخ دمشق» الذي جمعه أنّ أباه كان مولى لرجل يسمّى حسين الأرموي ، وأنّ الحسن ولد بالجانب الغربي من مدينة السّلام بشارع دار الرّقيق في سنة تسع وثمانين وأربع مئة. ثم انتقل إلى الجانب الشّرقي ، واشتغل بالعلم ، وقرأ علم الكلام على أبي عبد الله محمد بن أبي بكر القيرواني ؛ مغربيّ قدم بغداد وأقام بها ، والأصول على أبي الفتح أحمد بن عليّ بن برهان ، والخلاف على أسعد بن أبي نصر الميهني ، والنّحو على أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي. وسمع الحديث من نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزّينبي.

وبرع في النّحو حتى صار أنحى أهل طبقته. وكان فهما ، ذكيّا ، فصيحا ، له نظم ورصف حسن ، إلا أنّه كان عنده عجب بنفسه وتيه بعلمه ، لقّب نفسه ملك النّحاة ، وكان يسخط على من يخاطبه بغير ذلك!

خرج عن بغداد بعد العشرين وخمس مئة ، وسكن واسط مدة ، وأخذ عنه جماعة من أهلها أدبا كثيرا. وسمعت جماعة يثنون عليه ، ويصفونه بالفضل والمعرفة مع خرق فيه.

وصار منها إلى شيراز ، وكرمان ، وتنقّل في البلاد سنين حتّى استقرّ به الحال بدمشق ، فسكنها إلى حين وفاته.

وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في كتابه ، ونحن نذكره لأنّ وفاته تأخّرت عن وفاته.

روى لنا عنه غير واحد ، وقرأت على القاضي أبي الفتح نصر الله بن عليّ ابن منصور قاضي واسط شيئا من تصانيفه ومقالاته ، وقرأ ذلك عليه ، وأنشدني عنه لنفسه :

حنانيك إن حادتك يوما خصائصي

وهالك أصناف الكلام المسخّر

٩٣

فسل منصفا من قالتي غير جائر

يجبك بأنّ الفضل للمتأخّر

توفي أبو نزار النّحويّ بدمشق في يوم الثّلاثاء ثامن شوّال سنة ثمان وستين وخمس مئة ، ودفن يوم الأربعاء تاسعه بمقبرة باب الصّغير ، رحمه‌الله وإيانا.

١١٨٩ ـ الحسن (١) بن عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم عليّ بن الحسن ، أبو عليّ بن أبي الفتوح بن أبي الفتح الملقب تاج الدين ، أخو الوزير أبي الفرج محمد الذي قدّمنا ذكره (٢) ، وقد سبق ذكر نسبه عند ذكر أخيه المذكور.

وأبو عليّ هذا كان من الأعيان الرّؤساء المقدّمين ، ومكانته وبيته أشهر من أن ينبّه عليه. تولّى النّظر بمعاملة نهر الملك وغيره ، وكان يرجع إلى فضل وتميّز.

سمع من أبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، ومن أبي الوقت عبد الأوّل السّجزي ، وغيرهما ، وروى اليسير. سمع منه القاضي عمر بن عليّ ابن الخضر الدّمشقي فيما قرأت بخطّه.

أخبرنا الحافظ أبو المحاسن بن أبي الحسن القرشيّ في كتابه ، قال : قرأت على أبي عليّ الحسن بن عبد الله ابن المظفّر ، قلت له : أخبركم أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب ، قال (٣) : أخبرنا أبو الحسين عليّ بن محمد بن بشران والحسين بن برهان ، قالا : حدثنا عثمان بن أحمد السّمّاك ، قال : حدثنا أبو عوف البزوريّ ، قال : حدثنا عمرو بن حمّاد القنّاد ، قال : حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن جابر بن

__________________

(١) ترجمه ابن الأثير في الكامل ١١ / ١٨٠ (ط. القاهرة) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٠٩ ، والصفدي في الوافي ١٢ / ٩١.

(٢) الترجمة ٢٢٢.

(٣) تاريخ مدينة السلام ١ / ٥٤١ بتحقيقنا.

٩٤

سمرة ، عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «ليفتحنّ رهط من المسلمين كنز كسرى الذي في الأبيض» ، فكنت أنا وأبي منهم ، فأصبنا من ذلك ألفي درهم (١).

توفي أبو عليّ هذا في ليلة الأربعاء سابع شعبان سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ، ودفن يوم الأربعاء عند أبيه محاذي جامع المنصور عند رباط الزّوزني.

١١٩٠ ـ الحسن (٢) بن عبد الله بن محمد بن عليّ بن محمد الدّامغانيّ ، أبو سعيد بن أبي جعفر ابن قاضي القضاة أبي عبد الله.

هكذا سماه أبو بكر عبيد الله بن عليّ المارستاني. وذكره القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ الدّمشقي في شيوخه فيمن اسمه يوسف ، وسنذكره في حرف الياء جمعا بين القولين.

قال أبو بكر المارستاني : كان أبو سعيد هذا كاتبا في سوق الحطب ، وكان أسمر شديد الأدمة ، يعني السّمرة. سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وروى عنه شيئا يسيرا.

توفي يوم الاثنين ثالث محرم سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، وصلّى عليه ابن عمّه القاضي أبو المظفّر الحسين بن أحمد الدّامغاني يوم الثلاثاء بالمدرسة التّتشيّة ، ودفن بالجانب الغربي بتربة لهم بنهر القلّائين.

١١٩١ ـ الحسن (٣) بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عليّ ابن الكرخي ، أبو جعفر بن أبي الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الفوارس الحاجب.

__________________

(١) حديث صحيح ، أسباط هو ابن نصر الهمداني صدوق كثير الخطأ يغرب ، لكنه توبع فعرف أن هذا من صحيح حديثه ، وسماك هو ابن حرب وقد توبع أيضا.

أخرجه أحمد ٥ / ٨٩ و ١٠٣ و ١٠٤ ومسلم ٨ / ١٨٧ (٢٩١٩) (٧٨) ، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند ٥ / ١٠٠ ، وأبو يعلى (٧٤٤٣) و (٧٤٧٨) ، والطبراني في الكبير (٢٠٠٢) ، وفي الأوسط (٧٢٤) ، والخطيب في تاريخه كما تقدم.

(٢) ترجمه القرشي في الجواهر المضيئة ١ / ١٩٦ ، والتميمي في الطبقات السنية ٣ / ٦٧.

(٣) ترجمه ابن الفوطي في الملقبين بعز الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٨١.

٩٥

كان خصيصا بخدمة الوزير أبي الفرج ابن رئيس الرّؤساء ملازما له ، وانقطع في آخر عمره إلى الصّوفية ، وأقام برباط الزّوزني مدة.

ذكره القاضي عمر القرشي في شيوخه وساق نسبه كما ذكرنا.

سمع أبا الفضل محمد بن عمر الأرمويّ ، وغيره ، وروى القليل.

توفي (١) ...

١١٩٢ ـ الحسن بن عبد الله بن شافع ، أبو الفوارس.

من أهل دمشق.

طلب الحديث ، وسمعه ببلده من شيوخ وقته ، ورحل فيه إلى العراق وغيرها. وسمع ببغداد من أبي محمد المبارك بن أحمد الكندي وطبقته ، وعاد إلى دمشق ، وحدّث بها ، وكان يقول الشّعر.

أنشدني عنه الأجل أبو الحسن عليّ بن محمد الجزريّ شيئا من شعره ، وذكر لي أنّه قصده ليسمع منه شيئا من الحديث فلما لقيه وعرّفه ما قصده لأجله ، أخرج له جزءا من شعره وقال له : ما أسمعك شيئا من الحديث حتى تسمع هذا الجزء من شعري وتكتبه ، فسمعته وكتبته وإن لم أكن أريد ذلك حتّى رضي ، وأسمعني.

قلت : ووقفت على ذلك الشّعر فلم يكن فيه ما يصلح للنّقل والرّواية إلا بيتين أنا أذكرهما.

أنشدني الأجل أبو الحسن عليّ بن محمد بن محمد ، قال : أنشدني أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدّمشقي بها لنفسه :

تواضع لأهل العلم تظفر بعلمهم

وإيّاك أن تزهو عليهم تكبّرا

فإبليس لم يسجد لآدم سجدة

فصار رجيما إذ عليه تكبّرا

__________________

(١) هكذا فراغ في الأصل.

٩٦

١١٩٣ ـ الحسن (١) بن عبد الله الرّوميّ.

أحد الزّهّاد المنقطعين أصحاب الزّوايا والعبادة.

قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته ، وسكن الجانب الغربي منها بمسجد على دجلة يعرف بمصلّى معروف مدّة ، ثم انتقل إلى رباط والدة سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطّاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله ـ خلّد الله ملكه ـ الذي أنشأته بالمأمونية في الجانب الشّرقي ، وأقام به أيضا مدة ، ورأيته به وجالسته.

وكان قليل المخالطة ، مقبلا على شأنه ثم فارق الرّباط المذكور وسكن أعلى البلد نحو درب الخدم إلى أن توفّي عشيّة الجمعة ثامن شوّال سنة تسع وتسعين وخمس مئة وصلّي عليه يوم السّبت بمدرسة الشّيخ أبي النّجيب السّهروردي ، وحمل إلى مقبرة الخيزران المجاورة لمشهد أبي حنيفة رحمه‌الله ، فدفن هناك بوصية منه.

١١٩٤ ـ الحسن (٢) بن عبد الرّحمن بن الحسن بن عبد الله ، أبو عليّ الصوفيّ الفارسيّ الأصل البغداديّ المولد والدار.

من أهل الجانب الغربي ، كان يسكن رباط الزّوزني ، وهو أخو أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن شيخ رباط الزّوزني الذي قدّمنا ذكره (٣) ، والحسن هذا الأسن.

كان رجلا صالحا مشتغلا بنفسه ، مقبلا على العبادة ، كثير التّلاوة للقرآن المجيد ، صموتا قليل الكلام في غير ما يعنيه.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٧٤٦ ، وابن الفوطي في الملقبين بعز الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٧٩.

(٢) ترجمه ابن نقطة في التقييد ٢٤٢ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٤٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٦٧ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٨٢.

(٣) الترجمة ٧٣٤.

٩٧

سمع أبا السّعود أحمد بن عليّ ابن المجلي ، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد الحريري ، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبا منصور عبد الرّحمن بن محمد بن زريق ، وأبا الحسن عليّ بن المبارك ابن الجصّاص ، وجماعة آخرين ، وحدّث عنهم. سمعنا منه ، وكتبنا عنه ، ونعم الشّيخ كان.

قرأت على أبي عليّ الحسن بن عبد الرّحمن الفارسي ، قلت له : أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الفرضيّ ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قراءة عليه وأنا حاضر أسمع ، قيل له : أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد بن أيوب بن ماسي ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدّثنا سليمان التّيمي ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النّار» (١).

سألت أبا عليّ هذا عن مولده ، فقال : في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وخمس مئة.

وتوفي يوم الخميس ثالث عشري شعبان سنة ست وتسعين وخمس مئة ، وحضرنا الصّلاة عليه يوم الجمعة رابع عشري منه بجامع المنصور وأمّنا في الصّلاة عليه الشّيخ أبو أحمد عبد الوهّاب بن عليّ المعروف بابن سكينة ، ودفن عند أبيه بتربة الصّوفية المجاورة لرباط الزّوزني مقابل جامع المنصور ، رحمة الله عليه.

__________________

(١) حديث صحيح من هذا الوجه ، وهو متواتر عن عدد من الصحابة.

أخرجه من حديث سليمان التيمي عن أنس : ابن أبي شيبة في المصنف ٨ / ٧٦٣ ، وأحمد ٣ / ١١٦ و ١٦٦ و ١٧٦ ، والدارمي (٢٤٢) ، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند ٣ / ٢٧٨ ، والنسائي في الكبرى (٥٩١٤) ، والطحاوي في شرح المشكل (٤٠٤) و (٤٠٥) ، والطبراني في الأوسط (٥٤٥٧) ، والخطيب في تاريخه ١٠ / ٢١٥ بتحقيقنا.

٩٨

١١٩٥ ـ الحسن (١) بن عبد الجبار بن محمد بن عبد السّلام بن أحمد ، أبو محمد يعرف بابن البردغوليّ.

من أهل محلة العتّابيين.

سمع أبا العبّاس أحمد بن عليّ بن قريش المقرئ ، وروى عنه. سمع منه القاضي أبو المحاسن القرشي ، وأبو إسحاق إبراهيم بن الحسن الزّنجاني ، وأبو القاسم عبد الرّحمن بن يحيى بن الرّبيع وغيرهم.

أخبرنا عمر بن عليّ بن الخضر الدّمشقي في كتابه ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن عبد الجبار بن محمد ، قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن عليّ بن قريش ، قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمد القزويني ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، قال : حدثنا أبو ذر القاسم بن داود الكاتب ، قال : أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا ، قال : حدثنا زهير بن حرب ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد.

وأخبرناه عاليا القاضي أبو طالب محمد بن عليّ بن أحمد الواسطي بها قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا القاضي أبو عليّ الحسن بن إبراهيم بن برهون الفارقي ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب ، قال : أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، قال : أخبرنا أبو عليّ محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي ، قال : حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السّجستاني ، قال (٢) : حدثنا حفص بن عمر ، قال : حدثنا شعبة ؛ كلاهما (٣) عن منصور (٤) ، عن ذر (٥) ، عن يسيع الحضرمي ، عن النّعمان بن بشير ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٠٩.

(٢) سنن أبي داود (١٤٧٩).

(٣) يعني جرير بن عبد الحميد وشعبة.

(٤) هو ابن المعتمر.

(٥) هو ابن عبد الله المرهبي.

٩٩

«الدّعاء هو العبادة (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)» (١) [غافر : ٦٠].

والحديث على لفظ أبي داود ، وفي حديث ابن أبي الدّنيا : ثم قرأ هذه الآية (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) [غافر : ٦٠].

أنبأنا القاضي أبو المحاسن القرشي ، قال : ذكر لي أبو عبد الله المبارك بن عبد الجبار ابن البردغولي إنّ مولد أخيه أبي محمد هذا في سنة سبع وتسعين وأربع مئة تقريبا.

قلت : وكان حيا في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة لأنّ إبراهيم بن الحسن الزّنجاني سمع منه فيها.

١١٩٦ ـ الحسن (٢) بن عبد الواحد بن أحمد بن الحصين الدّسكريّ ، أبو القاسم بن أبي سعد المعروف بابن الفقيه.

كان والده أبو سعد يعرف بالفقيه ، وكان وكيلا للإمام المقتدي بأمر الله رضي‌الله‌عنه. وابنه أبو القاسم هذا تولّى صدريّة المخزن المعمور في أيام الإمام المستظهر بالله رضي‌الله‌عنه.

__________________

(١) حديث صحيح.

أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٢٩٩) ، والطيالسي (٨٠١) ، وأحمد ٤ / ٢٦٧ و ٢٧١ و ٢٧٦ و ٢٧٧ ، والبخاري في الأدب المفرد (٧١٤) ، وأبو داود كما تقدم ، والترمذي (٢٩٦٩) و (٣٢٤٧) و (٣٣٧٢) ، وابن ماجة (٣٨٢٨) ، والنسائي في التفسير (٤٨٤) ، والطبري في تفسيره ٢٤ / ٧٨ و ٧٩ ، وابن حبان (٨٩٠) ، والطبراني في الأوسط (٣٩٠١) ، وفي الصغير (١٠٤١) ، وفي الدعاء (١) و (٣) و (٤) و (٧) ، والحاكم ١ / ٤٩١ ، وأبو نعيم في الحلية ٨ / ١٢٠ ، والقضاعي في مسند الشهاب (٢٩) و (٣٠) ، والبيهقي في الدعوات الكبير (٤) ، والمزي في تهذيب الكمال ٣٢ / ٣٠٧ وغيرهم ، وقال الترمذي : حسن صحيح.

(٢) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ٩ / ١٦٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٥٧ ، والصفدي في الوافي ١٢ / ٩٤.

١٠٠