ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥

وأعوذ بك من شرّ نفسي» (١).

سمعت أبا الحسن عليّ بن نصر بن هارون المقرئ يقول : سمعت شيخنا أبا الحسن صدقة بن الحسن بن وزير يقول من كلامه في الوعظ والتزم في كلّ كلمة حرف السّين : حسدك إبليس ، فسوّل لنفسك سوء سعيها ، فانتكست أسوأ انتكاس ، وتأسّدت آساد نفسك لافتراسك ، كتأسّد الهرماس ، سلّم سلمك ، وسر واستقم ، وأحسن كإحسان سمح مواس ، فساعات سنّك محسوبة وليس الحساب بمسح المواسي.

قال أبو الفرج صدقة بن الحسين الحدّاد في تاريخه : وتوفي صدقة بن وزير الواسطي ، يعني ببغداد ، يوم الخميس ثامن عشري ذي القعدة سنة سبع وخمسين وخمس مئة ، وصلّي عليه بميدان الخيل داخل السّور ، ودفن برباطه بقراح القاضي.

١٥٧٥ ـ صدقة (٢) بن الحسين بن الحسن بن بختيار ، أبو الفرج النّاسح ، يعرف بابن الحدّاد.

تفقّه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه‌الله على أبي الوفاء بن عقيل ، ثم من بعده على أبي الحسن عليّ بن عبيد الله ابن الزّاغوني. وسمع

__________________

(١) إسناده صحيح ، سعيد بن إياس الجريري وإن كان قد اختلط في آخر عمره لكن سماع حماد ابن سلمة منه قبل الاختلاط كما بيناه في «تحرير التقريب».

أخرجه ابن أبي شيبة ١٠ / ٢٨٢ ، وأحمد ٤ / ٢١٧ عن حسن بن موسى الأشيب ، به.

(٢) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٧٦ ، وصيد الخاطر ٢٣٩ ، وابن الأثير في الكامل ١١ / ٤٤٩ ، وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ٨ / ٣٤٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٢٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٦٦ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٣١٠ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٠٩ ، والصفدي في الوافي ١٦ / ٢٩٢ ، وابن كثير في البداية والنهاية ١٢ / ٢٩٨ ، وابن رجب في الذيل ١ / ٣٣٩ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / الورقة ٦٠٨ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٤٥.

٤٠١

الحدث منهما ، ومن أبي عثمان إسماعيل بن محمد بن ملّة الأصبهاني ، وأبي طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، وأبي السّعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد المتوكّلي ، وغيرهم. وروى عنهم.

وكانت له معرفة حسنة بالفرائض والحساب وقسمة التّركات ، وعرف طرفا من علم الكلام والجدل ، وتكلّم في المسائل ، وأقرأ النّاس مدة ، وتخرّج به جماعة.

وكان مورّقا حسن الخطّ ، كتب الكثير ، ومعاشه من ذلك ، مقيما بمسجد بين عقد الحديد والبدرية المحروسة يؤمّ فيه في أوقات الصّلوات ويغشاه النّاس فيه.

سمع منه الشّريف أبو الحسن عليّ بن أحمد العلوي الزّيدي ، والقاضي أبو المحاسن الدّمشقي ، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق ، وجماعة آخرون.

وكان شيخنا أبو الفرج عبد الرّحمن بن عليّ ابن الجوزي سيء الرأي فيه يطلق القول فيه بفساد المعتقد ورداءة المذهب ، والله أعلم بحاله (١).

وله تاريخ على السّنين بدأ فيه من محرم سنة سبع وعشرين وخمس مئة وجعله مذيّلّا على «تاريخ» أبي الحسن ابن الزّاغوني ، ذكر فيه الحوادث والوفيات إلى حين وفاته.

أنبأنا عمر بن عليّ بن الخضر القرشي ، قال : أخبرنا أبو الفرج صدقة بن الحسين بن الحسن الحنبلي ، قال : أخبرنا أبو السّعادات أحمد بن أحمد المتوكّلي ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب ، قال : أخبرنا

__________________

(١) ذكر أبو الحسن القطيعي ، أول شيخ للحديث بالمدرسة المستنصرية ، فيما نقل عنه الحافظ ابن رجب أنه كان بينه وبين ابن الجوزي مباينة شديدة ، وكل واحد يقول في صاحبه مقالة الله أعلم بها. وقد أثنى عليه محدث بغداد محب الدين ابن النجار (الذيل ١ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠) ، فكلام ابن الجوزي فيه من كلام الأقران الذي لا يعتد به.

٤٠٢

محمد بن موسى الصّيرفي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الصّفّار ، قال : حدثنا ابن أبي الدّنيا ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، قال : حدثنا حمّاد بن زيد ، عن ثابت ، عن أبي بردة ، عن الأغر المزني ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله كلّ يوم مئة مرّة» (١).

قال القرشي : توفّي صدقة النّاسخ يوم الأحد رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.

وقال غيره : يوم السّبت ، ودفن بمقبرة باب حرب.

قلت : وقرأت بخطّه ما يدل أنّه ولد في سنة سبع وتسعين وأربع مئة ، والله أعلم.

١٥٧٦ ـ صدقة (٢) بن محمد بن المبارك ابن البردغولي ، أبو الفتوح ، ويعرف بابن الطّاهري.

من أهل الحريم الطّاهري ، وسكن الجانب الشّرقي إلى حين وفاته ، وسمّى نفسه نصرا ، فأما اسمه المعروف بين أصحاب الحديث : صدقة ، وكذا كتب بخطّه في إجازة لي ، وسنذكره فيمن اسمه نصر جمعا بين الاسمين.

سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وبعده أبا الوقت الصّوفي ، وروى لنا عنهما.

__________________

(١) حديث صحيح.

أخرجه ابن المبارك في الزهد (١١٤٠) ، وأحمد ٤ / ٢١١ و ٢٦٠ ، وعبد بن حميد (٣٦٤) ، ومسلم ٨ / ٧٢ ، وأبو داود (١٥١٥) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٤٤٢) ، وابن قانع في معجم الصحابة ١ / ٥١ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٧ / ٥٢ ، وفي شعب الإيمان (٦٤٠) و (٧٠٢٣) ، وفي الآداب (١٠٢٥) ، والخطيب في تاريخه ٨ / ٥٤٢ ـ ٥٤٣ ، والبغوي في شرح السنة (١٢٨٧) ، وابن الأثير في أسد الغابة ١ / ١٢٥.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٥٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٧٧ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٠.

٤٠٣

قرأت على أبي الفتوح صدقة بن محمد بن المبارك الطّاهري ، وكان يذكر أنّه من ولد طاهر بن الحسين الخزاعي ، قلت له : أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن محمد التّميمي ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال (١) : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن الحسن بن ثوبان عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا ودّع أحدا قال : «استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك» (٢).

سألت صدقة هذا عن مولده ، فقال لي : ولدت في سنة اثنتي عشرة وخمس مئة.

وتوفي ليلة الخميس رابع عشري شوّال سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، ودفن يوم الخميس ، رحمه‌الله وإيانا.

١٥٧٧ ـ صدقة بن هبة الله بن صدقة ، أبو البراعة.

كذا رأيت كنيته بخطّ بعض أصحاب الحديث.

سمع أبا عبد الله يحيى بن الحسن ابن البنّاء ، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي وغيرهما.

سمع منه أبو بكر عبد الله بن أبي طالب المقرئ ، وروى عنه ، وقال : كانت له معرفة بالنّحو والعربية.

__________________

(١) مسند أحمد ٢ / ٣٥٨.

(٢) حديث صحيح ، وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة فإنه سيء الحفظ. على أن متن الحديث صحيح من حديث ابن عمر الذي أخرجه أحمد ٢ / ١٣٦ ، وعبد بن حميد (٨٣٤) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٥١١) و (٥١٢) و (٥١٣) ، والطحاوي في شرح المشكل (٥٩٤٠) من طريق قزعة عن ابن عمر ، ويروى من غير وجه عن ابن عمر كما بيناه في تعليقنا على جامع الترمذي (٣٤٤٢) و (٣٤٤٣).

٤٠٤

وسألت عنه بعض أهل المعرفة ، فقال : كان فيه فضل وتميّز ، ولم أكن لقيته.

١٥٧٨ ـ صدقة (١) بن نصر بن زهير بن المقلّد ، أبو محمد بن أبي القاسم الحرّانيّ الأصل البغداديّ المولد والدار.

والد شيخنا العدل أبي نصر أحمد الذي قدّمنا ذكره (٢) ، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه نصر إن شاء الله.

سمع صدقة هذا من أبي نصر الحسن بن محمد اليونارتي الأصبهاني ببغداد لما حدّث بها «بجامع» أبي عيسى التّرمذي في سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وما أعلم أنّه حدّث بشيء ، وانقطع في منزله قبل موته بمدة ، بل ذكر لي ولده أحمد أنه أجاز له وقال لي : ولد في سابع عشر شوّال سنة أربع عشرة وخمس مئة ببغداد.

قلت : وتوفي يوم الخميس سابع جمادى الأولى سنة ست وتسعين وخمس مئة ، وصلّي عليه في هذا اليوم ، ودفن بباب حرب.

١٥٧٩ ـ صدقة (٣) بن محمد بن أحمد بن صدقة ، أبو الفتح بن أبي الرّضا.

وقد تقدّم ذكرنا لأبيه (٤).

وصدقة هذا من بيت أهل تقدّم ووزارة وولاية لأمور الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ تولّى نيابة الوزارة في أيام سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٣١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٧٢ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١١.

(٢) الترجمة ٧١٦.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٠٢ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٦٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٩٨ ، ولقبه ظهير الدين.

(٤) الترجمة.

٤٠٥

الأنام النّاصر لدين الله ـ خلّد الله ملكه ـ بعد وفاة المتولّي كان لذلك أبي المظفّر ابن البخاري في خامس عشر محرم سنة ثمانين وخمس مئة. وحضر الدّيوان العزيز منفّذا للمراسم الشّريفة ومجريا للأمور على قواعدها. ولم يزل على ذلك إلى أن عزل في يوم الثّلاثاء ثالث عشري ربيع الآخر من السنة المذكورة.

وقد كان قبل نيابته في الوزارة يتولّى حجابة باب النّوبي المحروس ، ونقل إلى النّيابة. وبعد عزله كان ملازما لمنزله إلى أن ولي الإشراف بالدّيوان العزيز في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مئة فمرض عقيب ذلك ، وتوفي ليلة الجمعة حادي عشري رجب من هذه السنة ، أعني سبع وتسعين ، وصلّي عليه يوم الجمعة ، ودفن فيه بعد ولادته بأيام.

١٥٨٠ ـ صدقة (١) بن سعيد بن صدقة ابن البوشنجيّ ، أبو البدر ابن أخي أبي المحاسن محمد بن صدقة الكاتب الذي قدّمنا ذكره (٢).

بلغني أنه روى عن أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى السّجزي ، وسمع منه بعض الطّلبة ، وخرج عن بغداد نحو الشّام ، وتوفي هناك وانقطع خبره (٣).

١٥٨١ ـ صدقة (٤) بن عليّ بن صدقة ، أبو محمد الكيّال.

من أهل باب الأزج.

سمع بإفادة خلف المشاهر من أبي الوقت السّجزي ، ومن النّقيب أبي جعفر أحمد بن محمد العبّاسي المكي ، ومن ست الإخوة بنت محمد الكرخي ، وغيرهم. سمعنا منه.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ١٦ / ٢٩٥ نقلا من تاريخ ابن النجار.

(٢) الترجمة ٢٠٠.

(٣) ذكر ابن النجار أنه توفي بحلب سنة ٦٠٦ (الوافي ١٦ / ٢٩٥).

(٤) ترجمه ياقوت في «ميدان» من معجم البلدان ٥ / ٢٤٢ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٢١٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٩١ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٢ ، وهو من ميدان باب الأزج.

٤٠٦

قرأت على أبي محمد صدقة بن عليّ بن صدقة الكيّال من أصل سماعه ، قلت له : أخبرتكم ست الإخوة المباركة بنت محمد بن منصور قراءة عليها بمنزلها بالكرخ ، فأقرّ به ، قالت : أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن محمد المقرئ قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي ، قال : حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، قال : حدثنا أحمد ابن إسماعيل المدني ، قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أتمن خان» (١).

توفي صدقة الكيّال هذا في ليلة الأربعاء ثاني عشر ذي الحجة سنة ثمان وست مئة ، ودفن يوم الأربعاء بباب الأزج بمقبرة غلام الخلّال.

١٥٨٢ ـ صدقة بن عليّ بن عليّ بن جهير ، أبو الفتوح الكاتب.

من بيت معروف بالتّقدّم والرّياسة ، وقد وزر منهم غير واحد.

وصدقة هذا كان كاتبا ، وفي آخر أمره كان يكتب بالعقار المعمور إلى أن توفي ليلة الأربعاء ثاني ذي القعدة سنة تسع وست مئة ، ودفن يوم الأربعاء بقراح ابن رزين بتربة عميد الدولة ابن جهير الوزير.

١٥٨٣ ـ صدقة (٢) بن المبارك بن سعيد بن عليّ بن ثابت ، أبو الفضل ابن أبي محمد.

أحد التّجّار ، وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن سلمان في يوم الخميس خامس ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمس مئة ، وزكّاه العدلان أبو نصر أحمد بن صدقة بن زهير وأبو محمد عبد المنعم بن محمد الباجسرائي. وتولّى خزن الدّيوان العزيز ـ مجده الله ـ مدة ، وعزل عنه ، وبقي على عدالته

__________________

(١) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ٥ ، وتقدم ذكره في الترجمة ٦٩٠ أيضا.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٤٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٧٢.

٤٠٧

إلى أن توفي.

سمع أبا القاسم يحيى بن ثابت البقّال ، وأبا محمد عبد الله بن منصور ابن الموصلي وغيرهما. وروى أحاديث يسيرة. سمعنا منه.

قرأت على أبي الفضل صدقة بن المبارك بن سعيد من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو محمد عبد الله بن منصور بن هبة الله الموصلي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو غالب شجاع بن فارس بن الحسين الذّهلي قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن عليّ بن الفتح البزّاز ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين الدّقّاق إجازة ، قال : أخبرنا الحسين بن صفوان ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا ، قال : حدثنا أبو خيثمة ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي بكر بن حفص ، عن أبي مصبح ، عن شرحبيل بن السّمط ، عن عبادة بن الصّامت ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الطّاعون شهادة» (١).

سألت صدقة بن سعيد عن مولده ، فقال : في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمس مئة.

__________________

(١) قطعة من حديث إسناده صحيح ، أبو مصبح هو المقرئي ، وأبو بكر بن حفص هو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد الزهري ، ومنصور هو ابن المعتمر ، وجرير هو ابن عبد الحميد الضبي.

أخرجه الشاشي (١٣٠٦) من طريق جرير ، والدارمي (٢٤١٤) ، والشاشي (١٣٠٢) من طريق إسرائيل بن يونس كلاهما عن منصور ، به.

وأخرجه الطيالسي (٢٤١٤) ، وأحمد ٤ / ٢٠١ و ٥ / ٣١٤ ، والشاشي (١٣٠٣) و (١٣٠٤) و (١٣٠٥) من طريق شعبة بن الحجاج ، عن أبي بكر بن حفص ، به.

وهو في الصحيحين من حديث أنس بن مالك : البخاري في الجهاد ٤ / ٢٩ (٢٨٣٠) وفي الطب ٧ / ١٦٩ (٥٧٣٢) ، ومسلم في الجهاد ٦ / ٥٢ (١٩١٦) «الطاعون شهادة لكل مسلم».

٤٠٨

وتوفي يوم السبت سابع عشر محرم سنة ثلاث عشرة وست مئة ، وصلّي عليه يوم الأحد ثامن عشره ، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة باب حرب.

١٥٨٤ ـ صدقة (١) بن عليّ بن مسعود ، أبو المواهب المقرئ الضّرير المؤذّن ، يعرف بابن الأوسي (٢).

ذكر لي أنّه قرأ القرآن الكريم بشيء من القراءات على أبي الحسن علي بن أحمد اليزدي ، وأنّه سمع منه ، ومن أبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطّلّاية الزّاهد ، ومن أبي بكر محمد بن منصور القصري. وشاهدت سماعه من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطّي ، ومن أبي الفوارس ابن الشّباكية الخفّاف. وسمعنا منه في جماعة من أصحابنا.

قرأت على أبي المواهب صدقة بن عليّ بن مسعود من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أيوب البزّاز قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو طاهر عبد الغفّار بن محمد بن جعفر المؤدّب ، قال : أخبرنا أبو عليّ محمد بن أحمد بن الحسن ابن الصّوّاف ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ابن النّضر ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، قال : حدثنا زائدة ، عن منصور ، عن أبي هاشم ، عن يحيى بن عبّاد ، عن حجّاج ، أو عن أبي هاشم عن حجّاج ، شكّ منصور ، عن سعيد ، عن ابن عبّاس ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده ، قال : اللهم ربّنا لك الحمد ملء السّماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد» (٣).

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٥٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٧١ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٢.

(٢) قيده المنذري فقال : بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر السين المهملة وياء النسبة.

(٣) حديث صحيح ، معاوية بن عمرو هو ابن المهلب الأزدي ، وزائدة هو ابن قدمة ، ومنصور هو ابن المعتمر ، وأبو هاشم هو يحيى بن دينار الرماني ، وحجاج هو ابن أرطأة.

٤٠٩

سألت صدقة ابن الأوسي عن مولده ، فقال : في سابع عشري شهر رمضان سنة ثلاثين وخمس مئة.

وتوفي ليلة الجمعة غرّة صفر سنة ثلاث عشرة وست مئة ، ودفن يوم الجمعة بمقبرة الزّرّادين بالمأمونية ، رحمه‌الله وإيانا.

١٥٨٥ ـ صدقة (١) بن جروان بن عليّ البوّاب ، يعرف بابن الببغ (٢).

قال لي : كنيتي أبو البر (٣).

ذكر لي أنّه قرأ القرآن على حمّاد بن سعيد بن عبد الله المنوني (٤) ، وسمع منه ، ومن أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى الهروي ، وروى عنهم. سمعنا منه.

قرأت على أبي البر صدقة بن جروان بن عليّ ، قلت له : أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الهروي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عبد الرّحمن بن محمد الدّاودي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمّوية ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ،

__________________

أخرجه أحمد ١ / ٢٧٥ عن معاوية بن عمرو ، به ، وقال عقيبة : وقال منصور : وحدثني عون (بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) عن أخيه عبيد الله بهذا.

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٢٨٩ و ٣٤٢ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٦٦٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٧١ ، والمشتبه ١٠٧ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٣ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٤٠١ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٧٣.

(٢) الببغ ، قيده ابن نقطة فقال : بالباء المكررة ، الأولى مفتوحة والثانية ساكنة والغين معجمة (إكمال ١ / ٣٤٢).

(٣) قيده ابن نقطة بكسر الباء الموحدة وبعدها راء (إكمال ١ / ٢٨٨).

(٤) قيده المنذري فقال : «بفتح الميم وضم النون وتخفيفها وبعدها واو ساكنة ونون أخرى نسبة إلى قرية من سواد العراق من أعمال نهر الملك يقال لها منونيا» (التكملة ٢ / الترجمة ١٦٦٠).

٤١٠

قال (١) : حدّثني أحمد بن إشكاب ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال : قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلمتان حبيبتان إلى الرّحمن خفيفتان على اللّسان ثقيلتان في الميزان : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم».

توفّي صدقة بن جروان عشية الأربعاء سادس ربيع الأول سنة ست عشرة وست مئة ، ودفن يوم الخميس بباب حرب.

١٥٨٦ ـ صدقة بن أبي محمد بن منعة.

من أهل الجانب الغربي ، كان يسكن محلة النّصرية.

سمع أبا الحسن عليّ بن المبارك ابن الحصّاص الصّوفي ، وروى عنه.

سمع منه أبو محمد عبد الرّحمن بن عمر الواعظ في سنة تسعين وخمس مئة. وسألنا عنه فما وقفنا على خبره.

* * *

__________________

(١) في التوحيد من صحيحه ٩ / ١٩٨ (٧٥٦٣). وأخرجه في الدعوات ٨ / ١٠٧ (٢٤٠٦) عن زهير بن حرب ، وفي الأيمان والنذور ٨ / ١٧٣ (٦٦٨٢) عن قتيبة بن سعيد ، كلاهما عن محمد فضيل ، به. وهو في صحيح مسلم ٨ / ٧٠ (٢٦٩٤) عن زهير بن حرب وابن نمير وأبي كريب محمد بن العلاء ومحمد بن طريف أربعتهم عن محمد بن فضيل ، به. وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (٣٤٦٧).

٤١١

ذكر من اسمه صاعد

١٥٨٧ ـ صاعد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن عاصم ، أبو الفتح العاصميّ.

من أهل خوارزم.

قال القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ الدّمشقي ، فيما قرأت بخطّه : قدم بغداد حاجا في سنة أربع وستين وخمس مئة فحجّ وعاد في سنة خمس وستين ، وحدّث بها.

قال الدّمشقي : ولقيته وسألته عن مولده ، فقال : في ليلة تاسع عشري شوّال سنة سبع وثمانين وأربع مئة بخوارزم.

١٥٨٨ ـ صاعد (١) بن عليّ بن محمد بن عمر ، أبو المعالي الواعظ.

ولد ببغداد وصار إلى واسط مع أبيه وهو صبي ، فنشأ بها وبسوادها ، ثم عاد إلى بغداد مع صدقة بن وزير الواعظ لمّا قدمها وصحبه وتكلّم في الوعظ ، وسمع معه من أبي الوقت السّجزي ومن غيره ، وسمع هو بنفسه من أبي النّجيب عبد القاهر بن عبد الله السّهروردي ، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطّي ، ومن الكاتبة فخر النّساء شهدة بنت أحمد بن الفرج الدّينوري ، ومن أبي الفوارس سعد بن محمد التّميمي المعروف بحيص بيص وغيرهم.

وخرج عن بغداد بعد السّبعين وخمس مئة ، وسكن إربل ، وصار له بها قبول عند ولاتها وأهلها ، وحدّث بها بالكثير ، ووعظ. وكتبت عنه بها.

قرأت على أبي المعالي صاعد بن عليّ بن محمد البغدادي بإربل ، قلت له :

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢١٩٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٧٩٧ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٣.

٤١٢

أخبرتكم الكاتبة فخر النّساء شهدة بنت أحمد بن الفرج بن عمر الدّينوري قراءة عليها ببغداد وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قالت : أخبرنا النّقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن عليّ الزّينبي قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الكسكري ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عيّاش القطّان ، قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي ، قال : حدثنا حمّاد ابن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله أنّ رجلا أتى المسجد والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : صلّيت يا فلان قال : لا. قال : قم فاركع» (١).

أنشدنا أبو المعالي صاعد بن عليّ بن محمد الواعظ من حفظه ، قال : أنشدنا أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد الصّيفي لنفسه (٢) :

علمي بسابقه المقدور ألزمني

صمتي وصبري فلم أحرص ولم أسل

لو نيل بالقول مطلوب لما حرم الرؤيا الكليم وكان الحظّ للجبل

وحكمة العقل إن عزّت وإن شرفت

جهالة عند حكم الرّزق والأجل

سألت أبا المعالي هذا عن مولده ، فقال لي : ولدت ببغداد في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة تقريبا (٣).

__________________

(١) هو في الصحيحين من حديث حماد بن زيد ، به : البخاري ٢ / ١٥ (٩٣٠) ، ومسلم ٣ / ١٤ (٨٧٥). وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (٥١٠).

(٢) الأبيات في الخريدة العراقية ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.

(٣) وتوفي في التاسع من شهر ربيع الآخر سنة ٦٢٥ بإربل ، ودفن بداره ، كما في تكملة المنذري (٣ / الترجمة ٢١٩٠).

٤١٣

الأسماء المفردة في حرف الصاد

١٥٨٩ ـ صافي بن عبد الله البزّاز.

روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل في «معجمه» بيتين من الشّعر ، ذكر أنّه أنشده إياهما ، وقال : أنشدني عيسى الغزنوني ، وهما :

أشارت إليّ بعنابة

مخضّبة من دم الأفئده

فقالت : على العهد يا سيّدي

فقلت : إلى الحين يا سيّده

١٥٩٠ ـ صبيح (١) بن عبد الله ، أبو الخير الحبشيّ الخادم ، مولى أبي القاسم نصر ابن العطّار التّاجر الحرّاني وعتيقه.

نشأ مع ولد مولاه أبي بكر منصور بن نصر ، وحفظ القرآن المجيد ، وكتب خطّا حسنا. وسمع الكثير مع ابن مولاه ، ومع الشّريف أبي الحسن عليّ بن أحمد العلويّ الزّيدي ، وبنفسه من خلق منهم : أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد البغدادي ، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر ابن الزّاغوني ، وأبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى السّجزي ، وأبو القاسم نصر بن نصر ابن العكبري الواعظ ، وأبو المظفّر محمد بن أحمد بن عليّ ابن التّريكي الخطيب ، وأبو منصور مسعود ابن عبد الواحد بن الحصين ، والنقيب أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العبّاسي المكيّ ، وأبو محمد محمد بن أحمد ابن المادح التّميمي ، وأبو المظفّر هبة الله بن أحمد ابن الشّبلي القصّار ، وأبو القاسم أحمد بن المبارك بن قفرجل القطّان ، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطّي ،

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٦ / ٩١ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٧٨ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٤ ، والمشتبه ٨٣ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٥٥١ و ٥٧٩ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٩٩ و ١٦٠.

٤١٤

وجماعة يطول ذكرهم.

وكتب بخطّه ، وحصّل الأصول ، وشارك الشّريف أبا الحسن الزّيدي في وقف الكتب الكثيرة بالمسجد الكبير درب دينار من سوق الثّلاثاء ، ويعرف هذا المسجد بالشّريف الزيدي ، وكان يتولّى خزنها وإعارتها إلى حين وفاته. وكان خيّرا.

حدّث ، وروى ، وسمع منه جماعة من رفقائه ، ومن الطلبة ، منهم : أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشّعّار ، وأبو حفص عمر بن أحمد بن بكرون ، وأبو عمر وعثمان بن نصر ابن العطّار ، وأبو الحسين عليّ وأبو الحسن المظفّر ابنا الحسن ابن رئيس الرّوؤساء ، وأبو غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين الشّيباني ، وأبو أحمد داود بن عليّ بن المظفّر ، وأبو السّعادات محمد بن المبارك الجبّي. ومن الغرباء : أبو الفتوح محمد بن حامد ، وحمد بن عثمان ، ومحمد بن محمود بن جبّوية الأصبهانيون ، وعليّ بن خلف بن معزوز المغربي ، والحسن بن هبة الله بن صصرى الدّمشقي ، وغيرهم. ولقيته ولم يتّفق لي منه سماع.

قرأت على أبي أحمد داود بن عليّ بن محمد بن المظفّر من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو الخير صبيح بن عبد الله العطّاري قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو المظفّر محمد بن أحمد بن عليّ العبّاسي وأبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التّميمي قراءة عليهما وأنا أسمع.

وأخبرناه عاليا أبو الرّضا أحمد بن طارق بن سنان القرشي بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم أبو المظفّر محمد بن أحمد بن عليّ العبّاسي وأبو محمد محمد ابن أحمد بن عبد الكريم التّميمي في آخرين ، قراءة عليهما ، فأقرّ به ، قالا : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن عليّ الزّينبي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن خلف الورّاق ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل وجدّي وزهير بن حرب وسريج بن يونس وابن المقرئ ، قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزّهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، قال : مرّ

٤١٥

النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم برجل يعظ أخاه في الحياء ، فقال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحياء من الإيمان» (١).

توفّي صبيح مولى ابن العطّار يوم الأربعاء العشرين من صفر سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، ودفن يوم الخميس بمقبرة باب حرب بتربة مولاه نصر ابن العطّار.

١٥٩١ ـ صندل (٢) بن عبد الله الحبشيّ ، أبو الفضل الخادم مولى أمير المؤمنين أبي عبد الله المقتفي لأمر الله رضي‌الله‌عنه.

أحد خدم الدّار العزيزة ، شيّد الله قواعدها بالعزّ.

كان خيّرا ، تولّى النّظر بأعمال الدّيوان العزيز بواسط في أيام الإمام المستنجد بالله قدّس الله روحه ، ونظر بها مدّة ، وعاد إلى بغداد في أوائل خلافة الإمام المستضيء بأمر الله ، أسكنه الله بحبوحة جنانه ، فولّاه أستاذية دار الخلافة المعظّمة في عاشر شوّال سنة سبع وستين وخمس مئة ، فكان على ذلك إلى أن عزل في ربيع الأوّل سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.

ولم يزل ملازما خدمة الدّار العزيزة إلى أن كبر وعجز عن الحركة ، فاستأذن الخدمة الشّريفة الإماميّة النّاصرية ـ أعزّ الله أنصارها ـ في الانقطاع بموضع جعله مدفنا له بالجانب الغربي قريب من جامع العقبة (٣) فأذن له ، فعبر إلى هناك ، وكان به إلى حين وفاته ، ودفن به (٤).

__________________

(١) حديث صحيح ، تقدم تخريجه في الترجمة ١٩ ، ومرّ في التراجم ٧٧ و ١٤٧ و ٢٥٤ و ٢٨٣ و ٦٦٦ و ٦٧٤ و ٨٠٢ و ٩٧٦ و ١٣٧٤.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٧٨ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ١١ ، وابن الفوطي في الملقبين بعماد الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة (١٠٦٧) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦٦٩ ، والصفدي في الوافي ١٦ / ٣٣٣ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٢١٥.

(٣) هو المعروف بجامع ابن بهليقا.

(٤) لا يزال قبره ظاهرا إلى يوم الناس هذا.

٤١٦

وكان قد سمع الحديث من جماعة ، منهم : أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان المعروف بابن البطّي ، وأبو عبد الله محمد بن الحسين بن القاسم التّكريتي ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر بن المرحّب المقرئ البطائحي ، وغيرهم.

وروى شيئا من مسموعاته ؛ سمع منه جماعة من رفقائنا ، وأجاز لنا.

أنبأنا أبو الفضل صندل بن عبد الله المقتفوي ، قال : قرئ على أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وأنا أسمع في ذي القعدة سنة أربع وخمسين وخمس مئة.

قلت : وأخبرنيه الشّيخ أبو الفرج عبد الرّحمن بن عليّ بن محمد ابن الجوزي بقراءتي عليه في «مشيخته» قلت له : أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بقراءتي عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن عليّ البانياسي قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصّلت القرشي ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي ، قال : حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزّهري ، عن مالك بن أنس ، عن سالم ، عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحياء من الإيمان» (١).

توفّي صندل في ليلة الجمعة الرابع والعشرين من ربيع الأوّل سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة ، وصلّي عليه ، ودفن يوم الجمعة المذكور قبل الصّلاة بالجانب الغربي من مدينة السّلام بالتّربة التي عملها لنفسه.

١٥٩٢ ـ صبح (٢) بن غالب ، ويقال : ابن أبي غالب ، أبو المستنير الضّرير المقرئ.

__________________

(١) حديث صحيح ، تقدم تخريجه في الترجمة ١٩ ، وتقدّم أيضا في التراجم رقم ٧٧ و ١٤٧ و ٢٥٤ و ٢٨٣ و ٦٦٦ و ٦٧٤ و ٨٠٢ و ٩٧٦ و ١٣٧٤ و ١٥٩٠.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٥٠.

٤١٧

سمع الكثير بنفسه من صباه إلى أن أسنّ من مثل أبي الفضل محمد بن ناصر ابن محمد البغدادي ، ومن بعده ، وروى اليسير. سمع منه بعض الطّلبة فيما يقال ، والله أعلم.

توفي سنة ست مئة ، وكان صالحا.

* * *

حرف الضّاد

ذكر من اسمه ضياء

١٥٩٣ ـ ضياء بن محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الهمذانيّ الأصل البغداديّ المولد والدار ، أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي الفضل.

من أولاد الشّيوخ الفضلاء ، وأبوه أبو الحسن صاحب تواريخ عدّة منها مذيّله على ما عمله الوزير أبو شجاع تتمّة لكتاب مسكوية الكاتب و «تاريخ الوزراء» و «الفصول» وغير ذلك. وجدّه أبو الفضل الهمذاني يعرف بالمقدسي كان أوحد عصره في علم الفرائض. وكلاهما ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في كتابه ، وذكر ضياء هذا وساق نسبه وقال : هو من أهل همذان ، دخل بغداد ، وسمع بها من أصحاب أبي عليّ بن شاذان ، وأبي القاسم بن بشران ، وحدّث بها عن الحسين ابن البسري ، فسمع منه عمر بن محمد النّسفي. وهذا آخر كلامه.

قلت : ووهم في قوله همذانيّ دخل بغداد وسمع بها وحدث. بل هو بغداديّ المولد والدّار هو وأبوه. أما جدّه فأظنّه قدم بغداد وسكنها.

أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الحافظ ، ومن خطّه نقلت ، قال : ضياء بن محمد بن عبد الملك ، سمع الكثير من أبي عبد الله الحسين بن

٤١٨

عليّ ابن البسري ، وأبي الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن الطّيوري ، وأبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش ، وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن العلّاف ، وأبي القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأبي عليّ محمد بن سعيد بن نبهان ، وخلق. ولم يدرك زمن الرّواية : كتب عنه أبو بكر بن فولاذ الطّبري لغرابة اسمه.

وذكره تاج الإسلام أبو سعد فلم يعرفه ، وقال : شابّ دخل بغداد. ولم يصب فإنّ الرّجل ولد ببغداد ، وقد ذكر أباه وجده. هذا آخر كلام القاضي أبي المحاسن الحافظ ، والله الموفق.

١٥٩٤ ـ ضياء (١) بن بدر بن عبد الله ، أبو الفرج البزّاز.

من ساكني درب السّلسلة مجاور المدرسة النّظامية ، كان أبوه بدر مولى لرجل تاجر يعرف بابن غوادي أعتقه.

وأبو الفرج هذا سمع من جماعة ، منهم : أبو البركات هبة الله بن عليّ ابن البخاري ، وأخوه أبو المعالي أحمد ، وأبو عبد الله الحسين بن محمد الدّبّاس ، وغيرهم. وروى عنهم ؛ سمع منه القاضي عمر القرشي وجماعة بعده. ورأيته ولم يقدّر لي منه سماع ، وقد أجاز لي.

أخبرنا أبو الفرج ضياء بن بدر بن عبد الله البزّاز فيما أذن لنا أن نرويه عنه ، قال : أخبرنا أبو البركات هبة الله بن عليّ بن محمد الشّاهد قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان البزّاز.

وأخبرناه القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار الواسطي بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الكاتب قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكّي ، قال : حدثنا أحمد

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة (الورقة ١٤ من نسختي المصورة عن الخزانة الحسنية بفاس) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٤٨ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٥.

٤١٩

ابن البختري ، قال : حدثنا عليّ بن حجر ، قال : حدثنا فرج بن فضالة ، عن يحيى ابن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لينتهينّ أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمنّ الله على قلوبهم ثم ليكوننّ من الغافلين» (١).

توفي ضياء بن بدر ليلة السّبت سابع عشري جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، ودفن في ذلك اليوم بباب أبزر.

١٥٩٥ ـ ضياء (٢) بن أحمد بن يوسف بن جندل ، أبو محمد.

من أهل الحربية.

سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف ، وأبا الحسن عليّ بن هبة الله ابن عبد السّلام ، وأبا البركات المبارك بن كامل بن حبيش الدّلّال ، وروى عنهم.

سمع منه أبو العباس أحمد بن سلمان الحربي ، وجماعة من أصحابنا ، وما لقيته ، وقد أجاز لي غير مرّة.

أنبأنا ضياء بن أحمد بن جندل ، قال : أخبرني أبو القاسم عبد الله بن أحمد ابن عبد القادر بن يوسف قراءة عليه ، قال : أخبرنا الشّريف أبو الحسين محمد ابن عليّ بن محمد ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن

__________________

(١) حديث صحيح.

أخرجه الطيالسي (٢٧٣٥) ، وابن أبي شيبة ٢ / ١٥٤ ، وأحمد ١ / ٢٣٩ و ٢٥٤ ، وابن ماجة (٧٤٩) وابن حبان من طريق الحكم بن ميناء عن ابن عمر وابن عباس.

وأخرجه مسلم (٨٦٥) ، والبغوي من حديث الحكم بن ميناء عن ابن عمر وأبي هريرة.

وأخرجه ابن خزيمة (١٨٥٥) ، من حديث الحكم بن ميناء عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٨٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٣٠ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١١٦.

٤٢٠