ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥

النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «نعمتان مغبون فيهما كثير من النّاس : الصّحّة والفراغ» (١).

ذكر لنا أبو بكر هذا أنّه ولد بمرغينان بلدة من بلاد فرغانة بمحلة برخشان يوم الاثنين ثاني عشري رجب سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.

وبلغنا أنّه قتله الكفّار (٢) لمّا دخلوا سمرقند في ذي الحجة سنة ست عشرة وست مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

١٦٧٧ ـ عبد الله بن العبّاس بن محمّد الزّينبيّ ، أبو المظفّر الهاشميّ.

من أهل بغداد.

سمع أبا الحسين محمد بن عليّ ابن المهتدي الخطيب ، وحدّث عنه. سمع منه أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني ببغداد في شعبان سنة خمس وتسعين وأربع مئة ، وأخرج عنه حديثا في «مشيخته» البغداديين (٣).

١٦٧٨ ـ عبد الله (٤) بن محمد بن الحسين بن ناقيا (٥) ، أبو القاسم الأديب الشّاعر.

كان فاضلا له ترسّل حسن ، وشعر جيّد ، ومقامات ، وغير ذلك من التّصانيف الأدبية.

__________________

(١) حديث صحيح ، تقدم تخريجه في الترجمة ٢٣٩ ، وتكرر في الترجمتين رقم ٩٦٧ و ١٢٨٩.

(٢) يريد : المغول ، بقيادة الطاغية جنكيزخان ، لعنه الله.

(٣) لا يحضرني الآن موضع رواية السلفي عنه في «المشيخة البغدادية» ، فقد تركت نسختي المصورة منها بمدينة السلام بغداد بعد استيلاء الكفار عليها وهجرتي إلى الهاشميين واستيطاني عمان البلقاء.

(٤) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ٩ / ٦٨ ، وياقوت في معجم الأدباء ٤ / ١٥٦٠ ، وابن الأثير في الكامل ١٠ / ٢١٨ ، والقفطي في إنباه الرواة ٢ / ١٣٣ و ١٥٦ ـ ١٥٧ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٣ / ٩٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٠ / ٥٤٥ ، وميزان الاعتدال ٢ / ٥٣٣ ، والصفدي في الوافي ١٧ / ٤٧٢ و ١٨ / ١٦ ، والقرشي في الجواهر المضيئة ١ / ٢٨٣ ، وابن حجر في اللسان ٣ / ٣٣٥ ، والسيوطي في بغية الوعاة ٢ / ٦٧.

(٥) قيده الصفدي فقال : بالنون وبعد الألف الأولى قاف وياء آخر الحروف (الوافي ١٨ / ١٦).

٤٨١

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في «تاريخه» فيمن اسمه عبد الباقي فقال : عبد الباقي بن محمد بن الحسين بن ناقيا ، أبو القاسم الشّاعر ، من أهل الحريم الطّاهري ، سهو منه. هكذا سمّاه جماعة ممن لقيه وسمع منه وروى عنه من الحفّاظ المتقنين والأثبات المحقّقين كأبي عليّ أحمد بن محمد البرداني ، وأبي الفضل محمد بن ناصر السّلامي ، وغيرهما.

أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي قراءة عليه وأنا أسمع قيل له : أنشدكم أبو عليّ أحمد بن محمد بن أحمد البرداني فيما كتبه إليكم بخطّه ، قال : أنشدني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن الحسين بن ناقيا البندار لنفسه (١) :

أخلّاي ما صاحبت في العيش لذّة

ولا زال عن قلبي حنين التّذكّر

ولا طاب لي طعم الرّقاد ولا اجتنت

لحاظي مذ فارقتكم حسن منظر

ولا عبثت كفّي بكأس مدامة

يطوف بها الساقي ولا جسّ مزهر

هكذا سمّاه أبو عليّ في روايته عنه لهذه الأبيات وفي غيرها ، وفي ذكر وفاته.

أنبأنا محمد بن عليّ المحتسب ، قال : كتب إلينا أحمد بن محمد الحافظ ، يعني أبا عليّ البرداني يذكر لنا أنّ أبا القاسم عبد الله بن محمد بن ناقيا توفّي ليلة الأحد رابع محرم سنة خمس وثمانين وأربع مئة ، ودفن بباب الشّام ، ومولده في ذي القعدة من سنة عشر وأربع مئة ، وله شعر ورسائل.

١٦٧٩ ـ عبد الله (٢) بن محمد بن عليّ بن محمد ، أبو القاسم بن أبي

__________________

(١) الأبيات في معجم الأدباء ٤ / ١٥٦١.

(٢) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء ٤ / ١٥٥١ ، والقفطي في إنباه الرواة ٢ / ١٣٦ ، والصفدي في الوافي ١٧ / ٥٤١ ، وترجمة ياقوت مما ضاع من المعجم ولكن استدركها شيخنا العلامة مصطفى جواد ـ يرحمه‌الله ـ مما نقله عنه ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٥ / ٨٨

٤٨٢

عبد الله الأديب ، يعرف بابن الخوارزمي.

من أهل زواطا (١) أحد بلاد البطائح.

قدم والده من خوارزم العراق ، وسكن هذه النّاحية ، وولد ابنه عبد الله هنا ، وطلب العلم ، وقرأ الأدب على أبيه وغيره. وسمع منه الحديث ، ومن أبي سعد أحمد بن عليّ ابن الموصليّة وغيرهما ، وحدّث بواسط في سنة خمس مئة.

وقدم بغداد في سنة عشر وخمس مئة ، وروى بها شيئا من شعره وتصانيفه ، وسمع منه بها أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي البزّاز فيما قرأت بخطه.

أنشدني أبو القاسم إقبال بن عليّ بن أحمد المقرئ ، قال : أنشدني أبو العلاء محمد بن محمد ابن التّقي العلوي ، قال : أنشدني أبو القاسم عبد الله بن محمّد الخوارزمي لنفسه (٢) :

ربّ ليل فريت فروته

أحسبه وهو بارد بارد

على سناء سناء كلكلها

عند الونى مثل ساعد ساعد

وما افتقرت المطيّ مفتقرا

عمري وما كلّ واجد واجد

إن تنكري يا قتيل قتلك لي

فلي على ذاك شاهد شاهد

تغيير لوني ولمّتي شهدا

أنّ الذي طلّ عامدي عامد

أقول إذ زارني وودّعني

قل لي متى أنت عائد عائد

عاد أبو القاسم ابن الخوارزمي إلى بلده بعد قدومه بغداد ، وتوفي بعد ذلك بيسير ، والله أعلم.

__________________

واستفادها صديقنا العلامة إحسان عباس فوضعها في طبعته من المعجم.

(١) لم يذكرها ياقوت في معجم البلدان.

(٢) الأبيات في معجم الأدباء ٤ / ١٥٦٠.

٤٨٣

١٦٨٠ ـ عبد الله (١) بن محمد بن أحمد ، أبو القاسم ، يعرف بابن المعلّم.

من أهل باب المراتب.

روى عن أبي عليّ محمد بن محمد ابن المسلمة ، وأبي القاسم عبد الحكيم ابن محمد المقرئ. سمع منه هزارسب بن عوض الهروي ، وأبو الفضل عبد الملك بن عليّ بن يوسف ، ومنوجهر بن محمد بن تركانشاه. وحدث عنه منوجهر هذا «بأخبار النّحويين» للسيرافي.

قرأت بخطّ أبي بكر المبارك بن كامل الخفّاف ، ومنه نقلت ، قال : توفي أبو القاسم ابن المعلّم من باب المراتب في ذي الحجة سنة ست عشرة وخمس مئة.

وقال غيره : في محرم من سنة سبع عشرة وخمس مئة.

١٦٨١ ـ عبد الله بن محمد بن سعدون بن المرجّى العبدريّ ، أبو بكر ابن أبي عامر ، واسمه أيضا : عتيق ، وسنذكره فيمن اسمه عتيق أيضا إن شاء الله.

كان والده أحد علماء وقته بالحديث والأدب والفقه ، وكان مغربيا قدم بغداد بعد الثّمانين وأربع مئة ، واستوطنها إلى حين وفاته. وولد ابنه عبد الله هذا بها ، واسمعه من جماعة منهم : أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأبو الغنائم محمد ابن عليّ بن ميمون النّرسي ، وأبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، وجماعة آخرون.

وكان ورّاقا ينسخ ، وما أعلم أنّه حدّث بشيء.

قال أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في «تاريخه» ، ومن خطّه نقلت : توفي عبد الله بن أبي عامر العبدري يوم الأحد حادي عشر جمادى الآخرة سنة

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ١٧ / ٤٢٩ ، والسبكي في طبقاته الكبرى ٧ / ١٢٧ ، والإسنوي في طبقاته ٢ / ٤٢١.

٤٨٤

اثنتين وخمسين وخمس مئة ، ودفن عند أبيه بمقبرة الخلّال بباب الأزج ، وما أظنّه روى شيئا البتة.

١٦٨٢ ـ عبد الله (١) بن محمد بن أحمد بن محمد ابن الكرخي ، أبو منصور الشّاهد القاضي ، ابن القاضي أبي طاهر.

من بيت العدالة ، هو وأبوه وعمّه أبو المعالي الحسن ، والقضاء.

شهد أبو منصور هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النّحوي قراءة عليه ، قال : أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي الواسطي قراءة عليه في «تاريخ الحكّام بمدينة السلام» جمعه في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته وأثبت تزكيته ، قال : وأبو منصور عبد الله بن محمد بن أحمد ابن الكرخي يوم الأربعاء تاسع عشر محرم سنة أربع وثلاثين وخمس مئة ، وزكّاه القاضي أبو منصور إبراهيم بن سالم الهيتي ، والشّيخ أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرّزّاز.

قلت : وتولّى القضاء بباب النّوبي المحروس بعد وفاة أبيه ، وكان يلي ذلك.

ولم يزل أبو منصور على ولايته إلى أن توفي يوم الخميس الثامن والعشرين من ذي القعدة من سنة سبع وخمسين وخمس مئة فيما ذكر صدقة ابن الحدّاد في «تاريخه» ، وقال : كان شابا حسنا ، رحمه‌الله وإيانا.

١٦٨٣ ـ عبد الله (٢) بن محمد بن عبد الله بن علي الأشيريّ ، أبو محمد.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ١٧ / ٤٣٠.

(٢) ترجمه ياقوت في «أشير» من معجم البلدان ١ / ٢٠٢ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ١٩٣ ، والقفطي في إنباه الرواة ٢ / ١٣٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٥٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٦٦ ، والعبر ٤ / ١٧٤ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٥ ، والمشتبه

٤٨٥

من أهل المغرب.

قدم بغداد في سنة تسع وخمسين وخمس مئة ، وكان فاضلا عالما له معرفة حسنة بالحديث ومعانيه والأسانيد والأنساب والأسامي ونظر جيّد في النّحو واللغة العربية والفقه. سمعت جماعة ممن لقيه يثنون عليه ويصفون بالفضل والحفظ والمعرفة.

حدث ببغداد عن أبي الحسن بن موهب (١) المريي وذكر أنّه منسوب إلى المرية مدينة بالمغرب ، وعن القاضي أبي الفضل عياض بن موسى.

سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي ، وأبو بكر محمد بن أبي طاهر بن مشّق ، وأبو العباس أحمد بن أحمد ابن البندنيجي. وحدثنا عنه أبو الفتوح نصر بن محمد البغدادي بمكة.

قرأت على أبي الفتوح نصر بن أبي الفرج البغدادي بالمسجد الحرام ، قلت له : أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد في شوّال سنة تسع وخمسين وخمس مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا القاضي أبو الفضل عياض بن موسى ، قال : أخبرنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقيّ بن مخلد ، عن أبيه محمد ، عن أبيه أحمد ، عن أبيه مخلد ، عن أبيه عبد الرحمن ، عن أبيه أحمد ، عن أبيه بقي بن مخلد ، قال : حدثنا وهب وهو ابن بقية ، قال : أخبرنا خالد ، عن الجريري ، عن

__________________

٢٨ والمختصر المحتاج ٢ / ١٥٥ ، وابن مكتوم في تلخيصه ٨٨ ، والصفدي في الوافي ١٧ / ٥٣٦ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٢٣٧ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٤٦ ، وابن تغري بردي في النجوم ٥ / ٣٧٢ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ١٩٨.

(١) في الأصل : «موهوب» خطأ ، وجاءت على الصواب «موهب» بخط الذهبي في المختصر المحتاج مما يدل على أن المؤلف كتبه على الصواب ، وهو أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن سعيد بن موهب ، مترجم في الصلة البشكوالية (٩١٦) ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٨ ، وتاريخ الإسلام ١١ / ٥٧٤.

٤٨٦

أبي نضرة ، عن أبي سعيد أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يمنعنّ أحدكم مخافة النّاس أن يقول الحقّ إذا رآه» (١).

أنبأنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق ومن كتابه الذي بخطّه نقلت ، قال : كتب إلينا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن ابن عساكر من دمشق يذكر لنا أنّ عبد الله بن محمد الأشيري توجّه من مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الشّام فتوفي قبل دخوله الشام وذلك في شهر رمضان سنة إحدى وستين وخمس مئة.

وقرأت بخط أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع في «تاريخه» قال : وفي يوم الجمعة مستهل محرم سنة اثنتين وستين وخمس مئة صلّينا على الأشيري ببغداد بالجامع ، بكتاب ابن عساكر ، يعني صلاة الغائب.

__________________

(١) حديث صحيح من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد ، خالد هو ابن عبد الله الواسطي ، والجريري هو سعيد بن إياس اختلط ، ولا نعلم إن كان سماع خالد منه قبل الاختلاط أم بعده ، لكنه توبع ، فعلم أن هذا من صحيح حديثه.

أخرجه أحمد ٣ / ٨٧ عن خلف بن الوليد ، عن خالد به. وأخرجه ابن حبان (٢٧٥) من طريق خلف بن هشام البزار ، عن خالد به أيضا. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٧٥٧٣) من طريق علي بن عاصم الواسطي ـ وهو ضعيف ـ عن الجريري.

وأخرجه الطيالسي (٢١٥٨) ، وأحمد ٣ / ٤٦ ـ ٤٧ ، وأبو يعلى (١٢١٢) ، وأبو نعيم في الحلية ٣ / ٩٨ من طريق المستمر بن الريان ، عن أبي نضرة ، به ، وإسناده صحيح.

وأخرجه أحمد ٣ / ٩٢ ، وأبو نعيم في الحلية ٣ / ٩٩ من طريق قتادة بن دعامة السدوسي عن أبي نضرة ، به ، وإسناده صحيح.

وأخرجه أحمد ٣ / ٥ و ٥٣ من طريق سليمان التيمي ، عن أبي نضرة ، به ، وإسناده صحيح.

وأخرجه أحمد ٣ / ٤٤ وعبد بن حميد (٨٦٩) ، والبيهقي في السنن ١٠ / ٩٠ ، وفي الشعب (٧٥٧٣) من طريق أبي مسلمة سعيد بن يزيد البصري ، عن أبي نضرة ، به ، وإسناده صحيح.

ويتبين مما تقدم أن أربعة من الثقات تابعوا الجريري على روايته.

٤٨٧

١٦٨٤ ـ عبد الله بن محمد العلوي ، أبو نزار الزّيديّ.

من أهل الكوفة يعرف بابن الشّريف الجليل.

شاعر حسن الشّعر ، ذكره أبو المعالي سعد بن عليّ الكتبي في كتابه الذي سمّاه «زينة الدّهر في ذكر شعراء العصر» ، وقال : أنشدني لنفسه :

انظر إلى الرّشإ الغرير وقدّه

وسواد طرّته وحمرة خدّه

ألقى الظّلام على الضّياء فزانه

والشيءّ يحسن إذ يقاس بضدّه

قمر تكامل دلّه وجماله

كالبدر ليلة تمّه في سعده

لم يبق من ثوب الجمال بقيّة

للمكتسي وطلابه من بعده

١٦٨٥ ـ عبد الله (١) بن محمد بن محمد (بن محمد) (٢) بن أحمد ابن المهتدي بالله ، أبو جعفر بن أبي الحسن بن أبي الغنائم الخطيب.

من بيت الخطابة والعدالة ، وهو أخو أبي الغنائم محمد بن محمد ابن المهتدي الذي قدّمنا ذكره ، وكان عبد الله هذا الأسن.

وكان ذا معرفة حسنة بأنساب الهاشميين والعلويين ، وله في ذلك تصنيف جامع. وقد سمع شيئا من الحديث من أبيه وغيره ، وتولّى صاحب الخبر بباب النّوبي الشّريف في أيام الإمام المستنجد بالله رضي‌الله‌عنه.

وتوفي يوم الاثنين تاسع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وخمس مئة ، وصلّي عليه سحرة الثلاثاء عاشر الشّهر المذكور بدرب القيّار ، وحمل إلى باب حرب ، فدفن هناك عند أبيه وأهله. وكان شابا حسنا. ذكر ذلك كلّه أبو الفضل بن شافع في «تاريخه».

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ١٧ / ٥٧٨.

(٢) إضافة لا بد منها سقطت من الأصل ، وهي ثابتة في ترجمة أخيه محمد بن محمد بن محمد ابن محمد بن أحمد ابن المهتدي التي تقدمت في المجلد الثاني من هذا الكتاب (الترجمة ٤٨١).

٤٨٨

١٦٨٦ ـ عبد الله (١) بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله ابن النّقّور ، أبو بكر بن أبي منصور بن أبي الحسين بن أبي الحسن البزّاز.

الشيخ الثّقة ابن الثّقة ابن الثّقة ، من أولاد المحدّثين والرّواة المذكورين.

سمع أباه وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن الطّيوري ، وأبا الحسن عليّ بن محمد ابن العلّاف ، وأبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأبا عليّ محمد ابن سعيد بن نبهان ، وغيرهم.

وحدث بالكثير ؛ سمع منه قديما تاج الإسلام ابن السّمعاني وذكره في «تاريخه» وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته. وسمع منه بعده أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشّعّار ، وأبو الخطاب عمر بن محمد العليمي ، والقاضي عمر بن عليّ القرشي ، وأبو أحمد البصري ، وأحمد بن طارق. وحدثنا عنه جماعة.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك البزّاز من أصل كتابه ، قلت له : أخبركم أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد ابن النّقّور بقراءتك عليه ، قلت له : أخبركم أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش الكاتب وأبو القاسم عليّ بن الحسين بن عبد الله الرّبعي وأبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان العمري قراءة عليهم وأنت تسمع ، فأقرّ به.

قلت : وأخبرنيه عاليا أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد الدّبّاس بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم أبو القاسم عليّ بن الحسين الرّبعي وعليّ بن أحمد بن بيان قراءة عليهما وأنت تسمع ، فأقرّ بذلك ، قالوا : أخبرنا أبو الحسن

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٩٨ ، والعبر ٤ / ٩٠ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٥٦ ، والفاسي في ذيل التقييد ٢ / ٥٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٥ / ٣٨٤ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢١٥.

٤٨٩

محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصّفّار ، قال : حدثنا أبو عليّ الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي ، قال : حدثنا ابن عليّة ، عن يزيد ، عن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير ، عن عمران ابن حصين ، قال : قال رجل : يا رسول الله أعلم أهل الجنّة من أهل النّار؟ قال : نعم. قال : ففيم يعمل العاملون؟ قال : اعملوا فكلّ ميسّر» ، أو كما قال (١).

أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ بن الخضر الدّمشقي ، ومن خطّه كتبت ، قال : أبو بكر ابن النّقّور طلب بنفسه ، وقرأ وكتب ، وكان من الدّين والصّلاح والأمانة والتّحرّي والتّثبّت على درجة رفيعة قلّ ما رأيت في شيوخنا أكثر تثبّتا منه ، كتبت عنه وقرأت عليه قطعة صالحة ، وسألته عن مولده فقال : في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.

وتوفي يوم الأربعاء عاشر شعبان من سنة خمس وستين وخمس مئة ، ودفن من الغد. قال غيره : بباب حرب ، رحمه‌الله وإيانا.

١٦٨٧ ـ عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الجبار بن توبة ، أبو طاهر ابن أبي الحسن الأسديّ.

من أولاد المحدّثين. سمع أباه وعمّه عبد الجبار ، وأبا الحسن عبيد الله ابن محمد البيهقي ، وأبا القاسم بن الحصين ، وأبا الحسن بن عبد السّلام ، وحدّث بالقليل.

قال القاضي عمر بن عليّ القرشي : كتبت عنه شيئا يسيرا.

أخبرنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الحافظ إجازة ، قال : أخبرنا أبو طاهر عبد الله بن محمد بن توبة ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السلام ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصّريفينيّ.

وأخبرناه عاليا أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن بركة التّوّزي بقراءتي عليه ،

__________________

(١) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة (٨٢٧) ، وتكرر في الترجمة (١٤١٦) أيضا.

٤٩٠

قلت له : أخبركم أبو البركات عبد الوهّاب بن المبارك بن أحمد البندار ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصّريفيني ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبيد الله ابن محمد بن حبابة ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، قال : حدثنا عليّ بن الجعد ، قال : حدثنا شريك ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، قال : سألت عائشة عن المسح على الخفّين ، فقالت : ائت عليا فسله ، فأتيته فسألته فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأمرنا أن نمسح على خفافنا إذا سافرنا» (١).

قال القاضي عمر القرشي : سألت أبا طاهر بن توبة عن مولده فقال ما يدل أنّه في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.

وتوفي يوم الخميس خامس جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمس مئة.

١٦٨٨ ـ عبد الله (٢) بن محمد بن جرير بن أبي الحسن بن أبي عليّ بن جرير بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن جبير بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، أبو محمد بن أبي عبد الله القرشيّ.

من أهل شارع دار الرّقيق ، وقد تقدم ذكرنا لأبيه (٣).

وعبد الله هذا سمع الكثير بنفسه ، وكتب بخطه الكتب الكبار وغيرها له ولغيره ، وكان ورّاقا حسن الخطّ يذهب إلى رأي مالك في الفروع.

سمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبي منصور

__________________

(١) إسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله النخعي ، والمحفوظ من رواية شريح عن علي التوقيت : ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم ، كما في صحيح مسلم (٢٧٦) ، فهذا من سوء حفظ شريك. وتقدم بلفظه الصحيح في الترجمة (٧٩١) من هذا الكتاب.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ، الورقة ١٥ (من القطعة غير المنشورة) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٥٠ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٥٧ ، والصفدي في الوافي ١٧ / ٥٧٧ ، والغساني في العسجد المسبوك ٢٠٠ ، وابن حجر في لسان الميزان ٣ / ٧٣٤٨ وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٠٤.

(٣) الترجمة ١٠٤.

٤٩١

عبد الرحمن بن محمد القزّاز ، وأبي محمد يحيى بن عليّ ابن الطّرّاح ، وأبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، وأبي منصور محمد بن عبد الملك ابن خيرون ، وأبي عبد الله الحسين بن عليّ المقرئ سبط أبي منصور الخيّاط ، وأبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ، وأبي البدر إبراهيم بن محمد الكرخي ، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي وجماعة يطول ذكرهم.

وحدث بشيء من مسموعاته ، فسمع منه القاضي عمر بن عليّ القرشي ، وأحمد بن عبد الحميد المؤدّب نزيل أوانا ، وأبو الفضل إلياس بن جامع الإربلي ، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق ، وأبو الفرج عبد الرّحمن بن عيسى الواعظ ، وأخوه عمر ، وغيرهم. وظاهر أمره الصّدق.

أخبرنا أبو حفص عمر بن عيسى بن عليّ الزّاهد بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد بن جرير قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقر به ، قال : أخبرنا أبو منصور عبد الرّحمن بن محمد الشّيباني ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النّقّور.

وأخبرناه عاليا أبو عبد الله عبد الرّحمن بن هبة الله المقرئ قراءة عليه قال : قرئ على أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النّقّور ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلّص ، قال : أخبرنا رضوان بن أحمد الصّيدلاني ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، قال : حدثنا محمد ابن إسحاق ، عن الزّهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لي خمسة أسماء ، أنا محمد ، وأحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ، وأنا العاقب ، والحاشر الذي يحشر النّاس على قدميه» (١).

__________________

(١) حديث الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه في الصحيحين : البخاري ٤ / ٢٢٥ (٣٥٣٢) و ٦ / ١٨٨ (٤٨٩٦) ، ومسلم ٧ / ٨٩ (٢٣٥٤) ، ومحمد بن إسحاق قد توبع على

٤٩٢

أنبأنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر البيّع ، قال : مولد عبد الله بن جرير ليلة الخميس سابع ربيع الأوّل سنة عشر وخمس مئة.

وحدثني محمد بن عبد الله بن جرير قال : توفي أبي آخر نهار الخميس سلخ رجب سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، وصلّينا عليه يوم الجمعة مستهل شعبان من السنة ودفناه بمقبرة باب حرب.

١٦٨٩ ـ عبد الله (١) بن محمد بن هبة الله بن عليّ بن المطهّر بن أبي عصرون ، أبو سعد بن أبي السري التّميميّ الحديثيّ ثم الموصليّ الفقيه الشافعيّ القاضي.

ولد بالموصل ، ونشأ بها ، وقرأ بها القرآن الكريم وتلقّنه من أبي الغنائم السّلمي السّروجي. وتفقه على أبي محمد عبد الله بن القاسم ابن الشّهرزوري ، ثم على أبي عليّ بن عمّار ، وعلى أبي محمد بن خلدة ، وعلى أبي عبد الله بن خميس. وسمع الحديث من أبي الحسن عليّ بن أحمد بن طوق ، ومن الحسين ابن خميس.

__________________

هذا الحديث فرواه عن الزهري عدد من أصحابه الثقات ، منهم : يونس بن يزيد الأيلي ، ومالك بن أنس ، وشعيب ، وسفيان بن عيينة ، وعقيل ، ومعمر بن راشد وغيرهم ، فعلم أن هذا من صحيح حديثه ، وينظر تعليقنا على الموطأ برواية الليثي (٢٨٦١).

(١) ترجمه العماد في القسم الشامي من الخريدة ٢ / ٣٥١ ـ ٣٥٧ ، وابن الأثير في الكامل ١٢ / ٤٢ ، وابن النجار في تاريخه ، كما دل عليه المستفاد ٢٧٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٨٢ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٣ / ٥٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٠١ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٢٥ ، والعبر ٤ / ٢٥٦ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٥٨ ، والصفدي في الوافي ١٧ / ٥٧٨ ، ونكت الهميان ١٨٥ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٧ / ٧١٣٢ والإسنوي في الطبقات ٢ / ١٩٣ ، وابن كثير في البداية والنهاية ١٢ / ٣٣٤ ، وابن الجزري في غاية النهاية ١ / ٤٥٥ ، والمقريزي في السلوك ١ / ١ / ١٠٣ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١١٠ ، والغساني في العسجد المسبوك ٢٠٧ ، ابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٨٣ وغيرهم.

٤٩٣

ثم قدم بغداد فقرأ بها القرآن الكريم على البارع أبي عبد الله ابن الدّبّاس ، وعلى أبي بكر المزرفي ، وعلى أبي محمد ابن بنت الشّيخ أبي منصور الخيّاط ، وعلى دعوان بن عليّ الجبّائي ، وعلى أبي الدّلف الزّاهد. وتفقه بها على أسعد بن أبي نصر الميهني. وأخذ الأصول عن أبي الفتح بن برهان. وسمع الحديث من أبي القاسم بن الحصين ، والبارع ابن الدّبّاس ، وأبي بكر المزرفي ، وأبي البركات ابن البخاري ، وأبي بكر بن حبيب العامري ، وإسماعيل ابن السّمرقندي وغيرهم. وصار إلى واسط وأقام بها مدة يتفقه على القاضي أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي ، وبه تخرّج ، وسمع منه أيضا الحديث.

ثم عاد إلى الموصل ودرّس بها الفقه في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة ، ثم خرج إلى الشّام ، وأقام بحلب مدة يدرّس الفقه. ودخل دمشق في سنة تسع وأربعين وخمس مئة ودرّس بها في الزّاوية الغربية من جامعها. وتولّى القضاء بها في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة إلى أن أضرّ فتوفّر على التّدريس والتّعليم ، وانتفع به خلق كثير وتفقهوا عليه. وحدّث بدمشق.

وذكره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في تاريخها وأثنى عليه. وقدم بغداد رسولا من أمراء الشام غير مرّة ، وحدّث بها وسمع منه بها القاضي عمر بن عليّ القرشي وغيره. وكتب إلينا بالإجازة من دمشق.

أخبرنا القاضي أبو سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله الشّافعي في كتابه إلينا ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءة عليه ببغداد ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، قال (١) : حدثنا محمد بن مسلمة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب ، عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار

__________________

(١) الغيلانيات (١١٢٨).

٤٩٤

ناداهم مناد : يا أهل الجنّة إنّ لكم عند الله عزوجل موعدا لم تروه. قالوا : وما هو ، ألم يثقل موازيننا ويبيّض وجوهنا ويدخلنا الجنّة وينجينا من النار؟ قال : فيكشف الحجاب عزوجل ، فينظرون إليه ، فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحبّ إليهم من النّظر إليه ، ثم تلا هذه الآية (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦](١).

ذكر الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن ابن عساكر في «تاريخه» لدمشق أنّ مولد أبي سعد بن أبي عصرون في ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة.

وكتب إلينا من دمشق أنّ القاضي عبد الله بن أبي عصرون توفي بها ليلة الثلاثاء حادي عشر شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمس مئة.

قلت : وقد ذكره تاج الإسلام ابن السّمعاني في كتابه ملحقا في الزّيادات ، وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته كما شرطنا.

«آخر الجزء الثاني والثلاثين من الأصل»

__________________

(١) الصحيح أنه موقوف على عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وقد تقدم الكلام عليه وتخريجه في الترجمة (١٤٥٩).

٤٩٥

١٦٩٠ ـ عبد الله (١) بن محمد بن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام بن عبد الله بن يحيى الكاتب ، أبو منصور بن أبي الفتح بن أبي الحسن.

من بيت أهل كتابة ورواية.

سمع أبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأبا عليّ محمد بن سعيد بن نبهان ، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وجده أبا الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وحدّث عنهم.

سمع منه القاضي عمر القرشي ، وأحمد بن طارق ، وعبد العزيز بن الأخضر وغيرهم. وقال لي ابن الأخضر : سمعت منه ومن أبيه ومن جدّه.

قلت : وقد أجاز لي.

أنبأنا أبو منصور عبد الله بن محمد بن عبد السّلام وأخبرني عنه أبو محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزّاز قراءة ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان قراءة عليه وأنا أسمع. وقرأته على أبي طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي بها وعلى أبي السّعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد ببغداد ، قالا : أخبرنا أبو القاسم بن بيان قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصّفّار ، قال : أخبرنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله البجلي ، قال : كنّا جلوسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فطلع القمر ليلة البدر فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما إنّكم ترون ربّكم عزوجل كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٩٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٧٩ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٦٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٢٣٥ ، والعبر ٤ / ٢٦٩ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٣٣.

٤٩٦

قدرتم أن لا تغلبوا على ركعتين قبل طلوع الفجر» (١).

ولد أبو منصور بن عبد السّلام في سنة ست وخمس مئة.

وتوفي يوم الاثنين عاشر شهر ربيع الأوّل سنة تسع وثمانين وخمس مئة ، ودفن بالمشهد (٢) بالجانب الغربي.

١٦٩١ ـ عبد الله بن محمد بن محمد بن الخليل النّوقانيّ ، أبو بكر.

قدم بغداد في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ، وحدث بها ، فسمع منه أبو أحمد العباس بن عبد الوهّاب البصري ، وأبو القاسم يعيش بن صدقة الفراتي الفقيه صاحب أبي الحسن ابن الخل.

١٦٩٢ ـ عبد الله (٣) بن محمد بن سعد الله ، أبو محمد بن أبي عبد الله الحنفيّ يعرف بابن الشّاعر.

من أهل الحريم الطّاهري.

سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبا المواهب أحمد بن عبد الملك بن ملوك الورّاق ، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبا البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، وغيرهم.

وكانت له معرفة بمذهب أبي حنيفة ، وبالوعظ. سافر إلى بلاد الشّام ، وصار إلى مصر واستوطنها إلى حين وفاته ، وحدث هناك. وسمع منه المصريون والواردون إلى هناك ، ودرّس مذهب أبي حنيفة. وكان له جاه وقبول عند أمراء تلك البلاد.

__________________

(١) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ٧٨٢ ، وتقدم أيضا في الترجمة ١١٢١.

(٢) يعني مشهد موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، بالكاظمية.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٧٩ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٦١ ، والقرشي في الجواهر المضيئة ١ / ٢٨٥ ، والسيوطي في حسن المحاضرة ١ / ٢١٩ ، والتميمي في الطبقات السنية ٢ / الورقة ٣٤٩.

٤٩٧

بلغنا أنّه توفي بمصر في سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، والله أعلم.

١٦٩٣ ـ عبد الله (١) بن محمد بن أحمد ابن الخلّال ، أبو الفرج الأنباريّ.

من بيت العدالة والرّواية بالأنبار.

قدم بغداد واستوطنها ، وخدم بالدّيوان العزيز أجلّه الله ، وتولّى ديوان الزّمام المعمور في محرم سنة ثمانين وخمس مئة إلى أن عزل عنه في رجب سنة اثنتين وثمانين ، ورتّب بالتّاريخ مشرفا بالدّيوان العزيز أيضا. وكان خيرا.

توفي في شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وخمس مئة ببغداد.

١٦٩٤ ـ عبد الله (٢) بن محمد بن عبد الله بن عبد المجيد الصّوفيّ ، أبو القاسم بن أبي عبد الله.

وقد تقدّم ذكرنا لأبيه (٣) ، وهو ابن أخت شيخنا أبي عليّ الحسن بن عبد الرحمن الفارسي الصّوفي.

توفي أبوه وهو طفل ، فنشأ مع خاليه أبي عليّ المذكور وأخيه أبي بكر أحمد شيخ الصّوفية برباط الزّوزني ، وأسمعاه الحديث من جماعة منهم : جدّه لأمّه أبو القاسم عبد الرّحمن بن الحسن الفارسي ، وأبو القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى الهروي ، وأبو المظفّر هبة الله بن أحمد ابن الشّبلي. وتولّى التّقدّم برباط الزّوزني بعد وفاة خاله أبي بكر المذكور وخدمة الفقراء به والنّظر في أوقافه.

وفي سنة تسع وسبعين وخمس مئة أنشأت الجهة الشّريفة والدة سيّدنا

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٠١.

(٢) ترجمه سبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٤٤٨ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٩٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٦٠ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٦٢.

(٣) في المجلد الأول ، الترجمة ٢١٣.

٤٩٨

ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله خلّد الله ملكه رباطا للصّوفية بالجانب الشّرقي من مدينة السّلام بالمأمونية ، وفتح في ذي القعدة من السنة المذكورة ، وجعل أبو القاسم عبد الله هذا شيخا للصّوفية المقيمين فيه مضافا إلى نظره برباط الزّوزني ثم نظر في أوقافه أيضا. ومن قبله كان يتولّى رباط بهروز بسوق المدرسة أيضا مشيخة ونظرا.

وكان سريا جميلا فيه سماحة وطلاقة وجه. لم يحدّث بشيء لتوفّره على طريقة التّصوف واشتغاله بما كان في نظره. وقبل موته بسنين داوم الصّوم.

حضر معنا عند خاله الأكبر الحسن بن عبد الرّحمن برباط الزّوزني ونحن نقرأ عليه الحديث ، وسمع معنا عليه وسأله بعض أصحابنا أن يقرأ عليه شيئا من مسموعاته فامتنع وقال : لست في موضع ذلك. تواضعا.

سمعت أبا العلاء محمد بن عليّ ابن الرأس بعد وفاة أبي القاسم هذا يقول : كان مولده في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.

قلت : وتوفي عشية الخميس سابع شوّال سنة إحدى وتسعين وخمس مئة برباط المأمونية في الجانب الشّرقي ، وحضرنا الصّلاة عليه ضحى يوم الجمعة ثامنه بجامع القصر الشّريف والخلق كثير ، وتقدم في الصّلاة عليه الفخر محمد ابن أبي عليّ النّوقاني الفقيه الشافعي ، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بباب رباط الزّوزني مقابل جامع المنصور إلى جانب خاله أبي بكر أحمد بن عبد الرّحمن الفارسي.

١٦٩٥ ـ عبد الله (١) بن محمد بن أحمد بن حمديّة ، أبو منصور بن

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٢٨٦ ، والتقييد ٣٢٨ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣١٠ ، والنعال في مشيخته ١٢٣ وهو الشيخ السابع والثلاثون فيها ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٢٧٣ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٦٣ ، والمشتبه ٢٤٩ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٣ / ٣٢٠ ، وابن حجر في تبصير

٤٩٩

أبي عبد الله.

وقد ذكرنا أباه (١) وأخاه إبراهيم (٢). وأبو منصور هذا عكبريّ الأصل بغداديّ المولد والمنشأ والدار ، يسكن باب المراتب ، وكان أكبر من أخيه إبراهيم.

سمع أبا عليّ الحسن بن المظفّر ابن السّبط ، وأبا عبد الله الحسين بن محمد ابن الدّبّاس ، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبا غالب محمد بن الحسن الماوردي ، وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفي ، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد الحريري. ومن الغرباء أبا القاسم زاهر بن طاهر الشّحّامي ، وأبا سهل محمد بن إبراهيم بن سعدوية ، وأبا الحسن عبيد الله بن محمد البيهقي ، وجماعة آخرين ، وحدّث عنهم. سمع منه قبلنا القاضي عمر القرشي وطبقته ، وكتبنا عنه.

قرأت على أبي منصور عبد الله بن محمد بن حمديّة البيّع بداره بباب المراتب ، قلت له : أخبركم أبو عليّ الحسن بن المظفّر بن الحسن البزّاز قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن عليّ ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر الحربي ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي داود ، قال : حدثنا عيسى بن يونس ، قال : حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نضّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلّغها غيره ، فربّ حامل فقه غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرء مسلم : النّصيحة لله ولرسوله ، ولكتابه ، ولعامة المسلمين» (٣).

__________________

المنتبه ١ / ٤٦١ ، والزبيدي في «حمد» تاج العروس.

(١) في المجلد الأول ، الترجمة ١٤.

(٢) في المجلد الثاني ، الترجمة ٩٧٠.

(٣) إسناده حسن ، عيسى بن يونس هو الفاخوري الرملي صدوق حسن الحديث كما بيناه في

٥٠٠