ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥

الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصّفّار ، قال : أخبرنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان التّيمي ، قال : سمعت عاصم الأحول ، قال : حدثني شرحبيل أنّه سمع أبا هريرة وأبا سعيد وابن عمر يحدّثون أنّ نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الذّهب بالذّهب وزنا بوزن مثلا بمثل من زاد أو أزداد فقد أربى» إن لم أكن سمعته منهم فأدخلني الله النار (١).

١٧٥١ ـ عبيد الله (٢) بن مسعود بن عبيد الله ابن نظام الملك الحسن ابن عليّ بن إسحاق ، أبو القاسم بن أبي شجاع بن أبي بكر بن أبي عليّ.

من بيت معروف بالرئاسة والتّقدّم والآثار الحسنة.

سمع أبو القاسم هذا أبا نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، وأبا العز أحمد ابن عبيد الله بن كادش العكبري ، وروى عنهما. سمع منه القاضي عمر القرشي وروى عنه في «معجم شيوخه».

أنبأنا القاضي أبو المحاسن الدّمشقي ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن مسعود ابن نظام الملك بقراءتي عليه ، قال : أخبرنا أبو العز بن كادش ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن عليّ بن الفتح العشاري.

وأخبرناه عاليا أبو السّعادات نصر الله بن عبد الرّحمن بن محمد القزّاز قراءة عليه من أصل سماعه ونحن نسمع ، قيل له : أخبركم أبو الحسين المبارك ابن عبد الجبار بن أحمد الصّيرفي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا

__________________

(١) حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف ، لضعف شرحبيل ، وهو ابن سعد أبو سعد المدني مولى الأنصار كما بيناه مفصلا في تحرير التقريب ٢ / ١١٠.

أخرجه أحمد عن معتمر بإسناده ومتنه ٣ / ٥٨ ، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (١٠١٦) من طريق معتمر أيضا.

(٢) ترجمه ابن النجار في تاريخه ٢ / ١٤٨.

٥٤١

أبو طالب العشاري ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ ، قال : أخبرنا عليّ بن عبد الله بن مبشّر بواسط ، قال : حدثنا محمد بن حرب النّشائي ، قال : حدثنا يعقوب بن محمد ، قال : حدثنا الحكم بن سعيد الأموي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا قال العبد يا ربّ يا ربّ ، قال الله عزوجل : لبّيك عبدي سل تعط» (١).

١٧٥٢ ـ عبيد الله (٢) بن محمد بن عليّ بن عبد الرّحمن بن أحمد بن طاهر بن علّك ، أبو عليّ بن أبي منصور بن أبي الحسن بن أبي طاهر.

من بيت كان فيهم فضل وتقدّم ، وجد أبيه أبو طاهر كان من كبار أهل العلم وشيوخ وقته فقيها شافعيا ، قدم بغداد في زمن نظام الملك وأراد أو يوليه تدريس المدرسة النّظامية ببغداد فتوفي أبو طاهر قبل تمام ذلك ، ومشى نظام الملك في جنازته.

وأبو عليّ هذا سمع (أبا الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد البيهقي) (٣) وذكره القاضي عمر القرشي في «معجم شيوخه» الذين سمع منهم (٤).

١٧٥٣ ـ عبيد الله (٥) بن حمزة بن عليّ بن طلحة بن عليّ الرّازيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو نصر بن أبي الفتوح الملقّب والده

__________________

(١) إسناده ضعيف ، لضعف الحكم بن سعيد الأموي ، كما في الميزان ١ / ٥٧٠.

أخرجه البزار كما في كشف الأستار (٣١٤٥). وينظر مجمع الزوائد ١٠ / ١٧٩ حديث ١٧٢٧٣.

(٢) ترجمه ابن النجار في تاريخه ٢ / ١٤٠.

(٣) ما بين الحاصرتين من تاريخ ابن النجار بيّض له المؤلف ، فأضفناه للفائدة.

(٤) نقل ابن النجار من معجم شيوخ أبي المحاسن عمر القرشي أن مولده في محرم سنة ٥١٦ ، وأنه توفي لتسع خلون من ذي الحجة سنة ٥٦٥ ، وأنه دفن بمقابر قريش.

(٥) ترجمه ابن النجار في تاريخه ٢ / ٤٧.

٥٤٢

بكمال الدين ، أخو أبي المظفّر عبد الله الذي قدّمنا ذكره (١).

ولي أبو نصر هذا حجابة باب المراتب في أيام الإمام المستضيء بأمر الله ، وكان على ذلك إلى أن توفّي في ليلة الثّلاثاء ثامن عشري رمضان من سنة خمس وسبعين وخمس مئة.

١٧٥٤ ـ عبيد الله (٢) بن محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرّؤساء أبي القاسم ابن المسلمة ، أبو الفضل ابن الوزير أبي الفرج بن أبي الفتوح.

من بيت مشهور ، وقد تقدم ذكرنا لأبيه (٣) وجماعة من أهله.

وأبو الفضل هذا يلقّب بكمال الدّين ، وكان أكبر أولاد الوزير أبي الفرج ، ولي أستاذيه دار الخلافة المعظّمة ـ شيّد الله قواعدها بالعز ـ لما ولي والده الوزارة للإمام المستضيء بأمر الله قدّس الله روحه ، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة ، فكان على ذلك إلى أن عزل والده وهو معا في عاشر شوّال سنة سبع وستين وخمس مئة.

وقد سمع من أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي ، وأبي الوقت السّجزي وغيرهما. وما أعلم أنّه روى شيئا.

توفي في محرم سنة ست وسبعين وخمس مئة.

١٧٥٥ ـ عبيد الله بن أحمد بن عليّ بن محمد بن عليّ ابن السّرّاج ، أبو محمد يعرف بابن حمتيس.

من أهل باب الأزج.

__________________

(١) الترجمة.

(٢) ترجمه العماد في القسم العراقي من الخريدة ١ / ١٦٢ ، وابن النجار في تاريخه ٢ / ١٢٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٨٦ ، والصفدي في الوافي ١٩ / ٤٠٤.

(٣) الترجمة ٢٢٢.

٥٤٣

وقد ذكرناه فيمن اسمه عبد الله وهو الأصح ، ولكنّ بعضهم سمّاه عبيد الله وبيّنا أنهما واحد ، وأن لا يظن أنه قد كان له أخ اسمه عبيد الله ، وفيما سبق من ذكره في ترجمته كفاية عن إعادته ها هنا ، والله الموفق للصّواب.

١٧٥٦ ـ عبيد الله (١) بن عليّ بن محمد بن محمد بن الحسين بن أحمد ابن خلف ابن الفرّاء ، أبو القاسم بن أبي الفرج بن أبي خازم بن أبي يعلى بن أبي عبد الله.

أحد الشّهود المعدّلين هو وأبوه وجده وجد أبيه وجد جده. شهد أبو القاسم هذا عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد ابن الدّامغاني في ولايته لقضاء القضاة النّوبة الأوّلة وذلك يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأوّل سنة خمس وخمسين وخمس مئة ، وزكّاه القاضيان أبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي وأبو الفضل محمود بن أحمد بن محمد قاضي باب الطّاق ، فكان على عدالته إلى أن عزله قاضي القضاة أبو الحسن ابن الدّامغاني المذكور في ولايته الأخيرة قبل وفاته ، أعني ابن الفراء بيسير ، لما ظهر من تخليطه ودلسه وارتكابه ما لا يليق بالعدالة من الهمز واللّمز والخلاعة وتناول ما لا يجوز تناوله.

وقد كان والده اسمعه في صباه من جماعة وسمع هو بنفسه الكثير من خلق منهم : أبو الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السّلام ، وأبو منصور عبد الرّحمن بن محمد بن زريق ، وأبو سعد أحمد بن محمد الزّوزني ، وأبو المعالي عبد الخالق ابن البدن ، وأبو البدر إبراهيم بن محمد الكرخي ، وأبو الحسن أحمد بن عبد الله ابن الآبنوسي ، وأبو عبد الله محمد بن محمد ابن السّلّال ، وأبو الفضل محمد بن

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٥٦٠ ، وابن النجار في تاريخه ٢ / ٩٢ ، والنعال في مشيخته ٧٠ ، وابن الفوطي في الملقبين بمجد القضاة من تلخيص مجمع الآداب ٥ / الترجمة ٣٦١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦٤١ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٨٠ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٥١ ، وابن حجر في لسان الميزان ٤ / ١٠٩.

٥٤٤

ناصر ، وأبو بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني ، وجماعة يطول ذكرهم.

وكانت داره مجتمع أصحاب الحديث وعنده يحضر الشّيوخ ويقرأ عليهم. وجمع من الكتب والأصول الشيء الكثير ، ولم يحدّث إلا باليسير.

سمع منه جماعة من رفقته وأقرانه منهم : الشريف أبو الحسن عليّ بن أحمد الزّيدي ، وأبو الحسين صبيح بن عبد الله العطّاري ، وأبو المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله ، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر ، وابن عمّه أبو العباس أحمد بن محمد ابن الفرّاء وغيرهم. وما سمعت منه شيئا ، وقد أجاز لي.

قرأت بخطّ تميم بن أحمد ابن البندنيجي ، قال : مولد أبي القاسم ابن الفرّاء ليلة الاثنين رابع عشر ذي الحجة من سنة سبع وعشرين وخمس مئة.

وتوفي ليلة الجمعة عيد الأضحى من سنة ثمانين وخمس مئة ، ودفن يوم الجمعة بمقبرة باب حرب عند أهله ، سامحه الله وإيانا.

١٧٥٧ ـ عبيد الله (١) بن عبد الله بن محمد بن نجا بن محمد بن عليّ ابن شاتيل ، أبو الفتح بن أبي محمد الدّبّاس.

الشيخ الثّقة من أبناء المحدّثين والرّواة المذكورين هو وأبوه.

سمع أبا عبد الله الحسين بن عليّ ابن البسري ، وأبا غالب محمد بن الحسن البقّال ، وأبا سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش ، وأبا القاسم عليّ بن الحسين الرّبعي ، وأبا بكر أحمد بن المظفّر بن الحسين بن سوسن ، وأبا الحسن عليّ بن محمد ابن العلّاف ، وأبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأبا الخطّاب

__________________

(١) ترجمه الزكي البرزالي في المشيخة البغدادية لابن مسلمة ، الترجمة ٢٣ ، وابن النجار في تاريخه ٢ / ٦٦ ، والمنذري في التكملة ، الورقة ٥ (من القسم غير المنشور) ، والنعال في مشيخته ٧٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٣٤ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١١٧ ، والعبر ٤ / ٢٤٤ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٣٦ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٨١ ، والصفدي في الوافي ١٩ / ٣٧٨ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٠١ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٧٢.

٥٤٥

محفوظ بن أحمد الكلوذاني ، وأبا عليّ محمد بن سعيد بن نبهان ، وغيرهم.

وبورك له في عمره وروايته ، فحدّث نحوا من خمسين سنة. وسمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني بعد سنة ثلاثين وخمس مئة ، وذكره في «تاريخه» وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته. وسمع منه جماعة من شيوخنا مثل الزّيدي ، والباقداري ، وأبي أحمد البصري ، وأحمد بن طارق ، وأبي المعالي بن هبة الله. وروى لنا عنه الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في «مشيخته» وقال : كان ثقة صحيح السّماع. وحدّث عنه أيضا أبو محمد بن الأخضر بكثير ، وسمعت منه ، أعني ابن شاتيل ، ونعم الشّيخ كان.

قرأت على أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل ، قلت له : أخبركم أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أحمد ابن البسري قراءة عليه وأنت تسمع في صفر سنة سبع وتسعين وأربع مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السّكّري ، قال : قرئ على أبي عليّ إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصّفّار وأنا أسمع ، قال : حدثنا عبّاس بن عبد الله التّرقفي ، قال : حدثنا روّاد بن الجرّاح أبو عاصم العسقلاني ، قال : حدثنا أبو سعد السّاعدي ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له» (١).

__________________

(١) إسناده ضعيف ، لجهالة أبي سعد الساعدي وضعف رواد بن الجراح.

أخرجه الخطيب في تاريخه ٩ / ٤٤٠ بتحقيقنا من طريق إسماعيل بن محمد الصفار ، به.

وأخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (٤١٧) ، والقضاعي في مسنده (٢٩٩) ، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠ / ٢١٠ ، وفي شعب الإيمان (٩٦٦٤) من طرق عن رواد بن الجراح ، به.

وأخرجه ابن عدي في الكامل ١ / ٣٧٧ ، وعنه الخطيب في تاريخه ٥ / ٢٨٠ ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (١٣٠١) من طريق الخطيب ، من حديث الربيع بن بدر عن أبان

٥٤٦

سألت أبا الفتح بن شاتيل عن مولده ، فقال : في سنة إحدى وتسعين وأربع مئة. وكذا سأله القاضي عمر القرشي فقال مثل ذلك. ووجد قبل موته بيسير جزء فيه حديث الإفك وغيره وعليه نقل سماعه ، أعني ابن شاتيل على أبي الخطّاب ابن البطر بخطّ أبي بكر بن كامل وتاريخ السّماع سنة تسعين وأربع مئة ، فسمعه عليه قوم من غير أن يحقّقوا مولده وأنكره جماعة عرفوا مولده وحملوا نقل ابن كامل على السّهو والغلط منه ، إذ تاريخ هذا السماع قبل مولد هذا الشيخ.

وسمعت شيخنا ابن الأخضر ينكر سماعه من ابن البطر ويحيل الغلط على ابن كامل ، وهذا هو الصحيح ، والله الموفق.

توفي عبيد الله بن شاتيل يوم الخميس العشرين من رجب من سنة إحدى وثمانين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم الجمعة حادي عشرين بجامع القصر الشّريف ، وحمل إلى مقبرة باب حرب ، فدفن هناك.

١٧٥٨ ـ عبيد الله (١) بن محمد بن عبد اللّطيف بن محمد بن ثابت الخجنديّ ، أبو (إبراهيم) (٢).

من أهل أصبهان ، أخو شيخنا صدر الدين أبي إبراهيم بن عبد اللطيف الذي يأتي ذكره.

من أهل بيت لهم الرياسة والتّقدّم ببلده.

ذكر أبو بكر عبيد الله بن عليّ المارستاني أنّه قدم بغداد وحدّث بها ، وأنّه سمع منه ، والله أعلم.

__________________

ابن أبي عياش ، عن أنس ، وإسناده تالف فإن الربيع وأبان متروكان.

(١) ترجمه ابن النجار في تاريخه المجدد ٢ / ١٣٤ ، وعنه الصفدي في الوافي ١٩ / ٤٠٥.

(٢) بيّض المؤلف للكنية ، واستفدتها من تاريخ ابن النجار ، وكأن المؤلف توقف فيها لأن أخاه صدر الدين يكنى بأبي إبراهيم أيضا.

٥٤٧

١٧٥٩ ـ عبيد الله (١) بن أحمد بن عليّ بن عليّ ، أبو جعفر بن أبي المعالي المعروف بابن السّمين.

من أولاد الشّيوخ المقرئين والرّواة المسندين.

سمع أبا القاسم هبة الله بن أحمد ابن الطّبر الحريري ، وأبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم (٢) الكروخي ، وأبا العبّاس أحمد بن أبي غالب ابن الطّلّاية الزّاهد ، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وأبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني وغيرهم ، وحدّث عنهم.

وصار في آخر عمره إلى الموصل ، وأقام بها إلى أن توفي. وحدّث هناك. وقد أجاز لنا ببغداد في سنة سبع وثمانين وخمس مئة.

وتوفي بالموصل في شهر رمضان سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.

١٧٦٠ ـ عبيد الله (٣) بن يونس بن أحمد بن عبيد الله بن هبة الله ، أبو المظفّر بن أبي منصور بن أبي المعالي.

من بيت أهل عدالة ورواية ، وسيأتي ذكر أبيه إن شاء الله.

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ٢٢٠ ، وابن النجار في تاريخه ٢ / ١٩ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٧٤ ، والنعال في مشيخته ١١١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٥٥ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٧٧ ووقعت في اسمه وترجمته جملة تحريفات ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٩٣.

(٢) في النسختين : «الفتح» وهو سبق قلم لا ريب فيه وصوابه ما أثبتنا.

(٣) ترجمه ابن الأثير في الكامل ١١ / ٥٦٢ و ١٢ / ٢٤ ، وابن النجار في تاريخه المجدد لمدينة السلام ٢ / ١٦٩ ، وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ٨ / ٤٣٨ ، والظهير الكازروني في مختصر التاريخ ٢٤٩ ، وابن طباطبا في الفخري ٣٢٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٠١ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٨٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٢٩٩ ، والصفدي في الوافي ١٩ / ٤٢٠ ، وابن شاكر في عيون التواريخ ١١ / ٥٦٢ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٩٢ ، وابن حجر في لسان الميزان ٤ / ١١٧ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٤٢.

٥٤٨

وأبو المظفّر هذا تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه‌الله على أبي حكيم إبراهيم بن دينار النّهرواني ، ثم على أبي الفرج صدقة بن الحسين الحدّاد. ورحل إلى همذان فقرأ هناك القرآن الكريم على أبي العلاء الحسن بن أحمد ابن العطّار بشيء من القراءات. وعاد إلى بغداد ، وسمع بها الحديث من جماعة منهم : أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى السّجزي ، والنّقيب أبو جعفر أحمد بن محمد العبّاسي ، وأبو يعلى محمد بن محمد ابن الفرّاء ، وجماعة من طبقتهم.

وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد ابن الدّامغاني في ولايته الثّانية لقضاء القضاة عشيّة يوم الأربعاء حادي عشر ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، وزكّاه القاضي أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصّبّاغ والخطيب أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله ، وهو أول شاهد شهد في خلافة سيّدنا ومولانا الإمام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه وأدام أيامه ـ وكان فيه فضل ، وله حسن سمت ووقار.

وخدم أولا بديوان الأبنية المعمور ، ثم تولّى وكالة الباب الشّريف لوالدة سيّدنا ومولانا الإمام النّاصر لدين الله ـ ثبّت الله دعوته ـ ثم تولّى ديوان الزّمام في رجب سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ولقّب جلال الدين. ثم استوزره سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطّاعة على كافة الأنام النّاصر لدين الله أسبغ الله ظلّه على كافة الأنام يوم الجمعة ثاني عشري شوّال سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة ، وخلع عليه بباب الحجرة الشّريفة بمحضر من سائر الولاة وأرباب المناصب. وكانت خلعته قميص أطلس وفرجيّة وعمامة قصب كحليّة ، وقلّد سيفا محلّى ، وأنطي مركوبا من المراكب الخاصة ، وأعطي عهدا ، وركب من هناك ، ومشى سائر النّاس بين يديه إلى الدّيوان العزيز مجّده الله ، وجلس في إيوانه في دست الوزارة ، وكتب إلى الخدمة الشّريفة إنهاء ضمّنه الدّعاء الجزيل وشكر ما أنعم عليه ، وحضوره بالدّيوان العزيز أجلّه الله ، وعرضه على يد حاجب الباب يومئذ

٥٤٩

أبي شجاع محمد بن سعيد ابن الظّهيري. وبرز جوابه وقرئ بحضور الجماعة ، ونهض إلى الموضع الذي يجلس فيه الوزراء بالديوان العزيز ، وصلّى الجمعة بالمقصورة ، وعاد إلى الدّيوان ،. وكان يوما مطيرا ، فأقام به إلى آخر نهار اليوم المذكور ، وعاد إلى داره.

ولم يزل على وزارته متصرّفا في ولايته إلى أن خرج بالمعسكر المنصور متوجّها إلى همذان لما تبع الخارج بها طغري (١) بن أرسلان السّلجقي ليلقاه ، وذلك في أوائل صفر سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، ومعه جماعة من أرباب الولايات والأمراء والأجناد والحواشي والأتباع بأجمل عدّة وأوفر عدة ، فلما بلغع موضعا يعرف بدامرك قريب من همذان لقيهم طغري المذكور فجاءة في يوم الخميس خامس شهر ربيع الأول من السّنة فجرى بينه وبين المعسكر المنصور مصاف على غير استعداد واختلط أصحابه بالمعسكر المنصور ، وانكشف النّقع عن وقوف الوزير جلال الدين في خاصّته ، وتفرّق المعسكر عنه ، فاستولى عليه أصحاب طغري ونقلوه بما كان معه من ثقل وأثاث إلى مخيّمهم. ثم دخلوا به همذان وبقي عندهم شهورا. ثم صار معهم إلى بلاد أذربيجان ، ثم خلص من أيديهم فصار إلى الموصل ، ومنها إلى بغداد في خفية ، فوردها في شهر رمضان من السنة المذكورة ، وصعد من شفارة (٢) كان بها بباب الأزج إلى داره بباب الأزج مختفيا. وأما من تخلّف من المعسكر بعده يوم المصاف فذهبوا متفرّقين واختلف بهم الطّرق وهلك معظمهم غرقا وفرقا ، ولم يصل منهم بغداد إلا من عرف الطّريق. وكان ورود أوائلهم إلى بغداد في خامس عشر ربيع الأوّل الذي قدّمنا ذكره ، وأخبروا بالحال ، وفقد جماعة لم يعرف لهم خبر.

__________________

(١) هكذا في النسختين ويكتب آخره باللام أيضا «طغرل».

(٢) هكذا في النسختين ، ولعل الصواب : «شبّارة» وهي نوع من الزوارق السريعة التي كانت تستعمل في نهر دجلة ، فقد تكون «الفاء» بديلة عن «الباء» ، والله أعلم.

٥٥٠

وأما الوزير فإنّه لما قدم بغداد كان قد ولي الوزارة معز الدّين أبو المعالي ابن حديدة فطالع بقدومه الخدمة الشّريفة. ولم يزل بمنزله إلى أن عزل الوزير أبو المعالي بن حديدة يوم السّبت سابع عشري صفر سنة خمس وثمانين وخمس مئة ، فإنه ولي صدرية المخزن المعمور في هذا اليوم وردّت الدّواوين كلّها إليه ، فكان ينظر في المخزن المعمور وينوب عن ديوان المجلس إلى أن عزل في ذي القعدة من السنة المذكورة.

وفي جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين رتّب أستاذا بالدّار العزيزة ـ ثبّت الله قواعدها بالعزّ ـ وردّت إليه الأمور الدّيوانية كلّها ، فكان الولاة وأرباب المناصب يحضرون عنده ، وتنفّذ الأمور بتقدماته إلى رجب سنة تسعين وخمس مئة ، فإنّه عيّن على مؤيّد الدين أبي الفضل محمد بن علي ابن القصّاب في توليته الوزارة ، وصرف ابن يونس عما كان يتولّاه ، وردّت الأمور إلى مؤيّد الدين المذكور (١).

وقد كان ابن يونس صنّف كتابا في علم الأصول والكلام ، فكان يقرأ عليه أيام ولايته أستاذية الدّار العزيزة ، ويحضر قراءته الفقهاء والعلماء والأعيان ولم تتم قراءته. وقد حدّث أيضا بشيء في تلك الأيّام فسمع منه عبد العزيز بن دلف الخازن ، وأبو الحسن محمد بن أحمد ابن القطيعي ، وداود بن بندار الجيلي وجماعة ممن يحضر مجلسه ، رحمه‌الله وإيانا.

١٧٦١ ـ عبيد الله (٢) بن الحسن بن عليّ ابن الدّوّاميّ ، أبو الفرج

__________________

(١) الذي لم يذكره المؤلف ـ ولعل سبب ذلك السياسة ـ هو أن ابن القصاب حين عزل ابن يونس قبض عليه ، واعتقله بداره ، أعني دار ابن القصاب ، فبقي بها معتقلا إلى أن توفي ابن القصاب في سنة ٥٩٢ ، فنقل ابن يونس من داره إلى دار الخلافة فحبس في بواطنها ، وكان آخر العهد به ، وذكر بعض المؤرخين أنه مات يوم الثلاثاء سابع عشر صفر سنة ٥٩٣ في محبسه بدار الخلافة فدفن في سرداب من سراديبها. (ينظر تاريخ ابن النجار ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢).

(٢) ترجمه ابن النجار في تاريخه المجدد ٢ / ٤٢ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٨١ ،

٥٥١

ابن أبي عليّ.

عمّ شيخنا أبي عليّ الحسن الذي قدّمنا ذكره (١).

سمع من أبي سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي ، وأبي عبد الله محمد بن محمد ابن السّلّال ، وأبي الفضل محمد بن عمر الأرمويّ وأبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني وجماعة آخرين.

ويقال : إنّه روى شيئا يسيرا ولم يكن مشتغلا بالرّواية لانقطاعه إلى خدمة الدّيوان العزيز ، مجّده الله ، بالحضرة والسّواد.

توفّي ضحى نهار الخميس عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وخمس مئة ، وصلّي عليه بكرة الجمعة حادي عشر الشّهر المذكور ، ودفن بباب حرب بوصيّة منه ، رحمه‌الله وإيانا.

١٧٦٢ ـ عبيد الله (٢) بن محمد بن عبد الجليل بن محمد بن الحسن ابن السّاوي ، أبو محمد بن أبي الفتح بن أبي سعد.

وقد تقدّم ذكر أبيه (٣).

كان أبو محمد من شيوخ العدول والقضاة والأعيان الأثبات ؛ شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن هبة الله النّحوي قراءة عليه وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم القاضي أبو

__________________

والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٣٣ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٨٥.

(١) الترجمة.

(٢) ترجمه ياقوت في «ساوة» من معجم البلدان ٣ / ١٨٠ وابن نقطة في التقييد ٣٦٢ ، وإكمال الإكمال ٣ / ٢٨٣ ، وابن النجار في تاريخه ٢ / ١٢٧ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥١٥ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٢٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٨٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٠٥ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٨٦ ، والقرشي في الجواهر المضيئة ١ / ٣٤١ ، والتميمي في الطبقات السنية ٢ / الورقة ٦٠٥.

(٣) الترجمة ٢٩٠.

٥٥٢

العبّاس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءة عليه وأنت تسمع في «تاريخ الحكّام بمدينة السّلام» الذي ألّفه ، فأقرّ به ، قال : ذكر من قبل قاضي القضاة الزّينبي شهادته وأثبت تزكيته ومنهم : أبو محمد عبيد الله بن محمد بن عبد الجليل السّاوي وذلك في يوم الأربعاء خامس ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وخمس مئة ، وزكّاه القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد ابن الكرخي والخطيب أبو المظفّر محمد بن أحمد ابن التّريكي.

قلت : واستنابه قاضي القضاة أبو الحسن عليّ بن أحمد ابن الدّامغاني في الحكم والقضاء بدار الخلافة المعظّمة ـ شيّد الله قواعدها بالعز ـ وما يليها وأذن للشّهود بالشّهادة عنده وعليه فيما يسجّله. وكان على ذلك إلى أن توفي قاضي القضاة هذا في آخر ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة. ثم استنابه ابن أخيه القاضي أبو القاسم عبد الله بن الحسين ابن الدّامغاني لما تولّى القضاء بمدينة السّلام فيما يتولاه من الحكم والقضاء بمدينة السّلام وذلك في رجب سنة ست وثمانين وخمس مئة ، وأذن له أن يسمع البيّنة ويسجل عنه ، فكان على ذلك إلى أن عزل ، أعني ابن الدّامغاني ، في رجب سنة أربع وتسعين وخمس مئة ، فلزم منزله. وكان مشكورا في ولايته ، محمودا في سيرته.

سمع الحديث من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبي الحسين محمد بن محمد ابن الفرّاء ، وأبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري ، وأبي البركات عبد الوهّاب بن المبارك الأنماطي ، وغيرهم ، وروى عنهم.

سمع منه قبلنا القاضي عمر القرشي وذكره في «معجم شيوخه» الذين كتب عنهم. وسمعنا منه.

قرأت على القاضي أبي محمد عبيد الله بن محمد ابن السّاوي بمجلس حكمه وقضائه بمدينة السّلام ، قلت له : أخبركم أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر ابن الطّبر المقرئ قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي ، قال : أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن

٥٥٣

حيّوية ، قال : حدثنا أبو القاسم عليّ بن موسى الأنباري ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنا مخشي بن عمارة ، قال : حدثنا الحجّاج بن أرطاة ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا نكاح إلا بوليّ ، والسّلطان وليّ من لا وليّ له» (١).

سألت القاضي أبا محمد ابن السّاوي عن مولده ، فقال : ولدت في محرم سنة ثلاث عشرة وخمس مئة.

قلت : وتوفي في يوم الأحد تاسع المحرم سنة ست وتسعين وخمس مئة ، عن ثلاث وثمانين سنة ، وصلّي عليه في يومه ، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشّونيزي. وكان آخر من بقي من بيت السّاوي ولا عقب له ، رحمه‌الله وإيانا.

١٧٦٣ ـ عبيد الله (٢) بن ملد بن المبارك بن الحسين الهاشميّ ، أبو طالب بن أبي المكارم المعروف بابن النّشّال ، ويدعى الأكمل.

أحد الأشراف والأعيان ، تولّى عدّة ولايات منها ديوان الزّمام المعمور في رجب سنة تسعين وخمس مئة ، ثم النّقابة على الأسرة الهاشمية عشيّة الأحد سلخ شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، وخلع عليه وقرئ عهده بذلك متضمّنا للنّقابة والصّلاة والخطبة والنّظر في أوقافهم ، فكان على ذلك إلى أن عزل في سنة ست وتسعين وخمس مئة. ثم ردّ إليه النّظر بالغرّاف من أعمال السّواد فصار إليها ، وعزل عن ذلك قبل وفاته ، وألزم المقام بواسط ، فكان بها إلى أن توفي يوم الأحد ثالث عشري شوّال سنة ست وتسعين وخمس مئة ، ودفن بمقبرة

__________________

(١) إسناده ضعيف ، الحجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعنه ، وقال الإمام أحمد لم يسمع من عكرمة ، فهو لهذا منقطع.

أخرجه أحمد ١ / ٢٥٠ ، والطبراني في الكبير (١١٢٩٨).

(٢) ترجمه ابن النجار في تاريخه ٢ / ١٥٢ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٢٢ ، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢١٩٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٧٣ وسماه «عبد الله» فوهم.

٥٥٤

قبلة المصلّى هناك.

١٧٦٤ ـ عبيد الله (١) بن عليّ بن نصر بن حمرة ـ بالحاء المهملة والرّاء غير معجمة ـ أبو بكر بن أبي الفرج المعروف باب المارستانيّ.

أحد من طلب الحديث وسمعه ، وجمع الكتب المصنّفات فيه ، واتسم بمعرفته ، وادّعى الحفظ له ، وسعة الرّواية ، والنّقل عمن لم يدركه ولا سمع منه ، فاطلق ألسن النّاس في جرحه وتكذيبه وإساءة القول في حقّه من أهل هذه الصّناعة والعلماء بها.

وانتسب إلى أبي بكر الصّدّيق رضي‌الله‌عنه مع معرفة النّاس به وبأبيه وبعدهم عن نسب مشهور غير خدمة المارستان ، فكان أبواه يخدمان بالمارستان ، وتعرف أمّه بالمارستانية وإليها نسب. وأما أبوه فكان يعرف بفرج أحد حواشي المارستان والقوّام به ، لا يعرف بكنيته ولا يعرف بغير ذلك ، فغيّر ابنه هذا اسمه وكنّاه بأبي الفرج وسمّاه عليا ، ولعلّ قائلا لو قال لأبيه أتعرف أبا الفرج عليّ بن نصر المحمّدي التّيمي كما كان ابنه عبيد الله هذا يكتب عنه لما عرف ذلك الشّخص ، وهو نفسه! ومن العجائب أن عبيد الله هذا روى في شيء من تأليفاته في عدّة مواضع عن أبيه هذا ويقول : أخبرني والدي أبو الفرج عليّ بن نصر ،

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٥٨ ، وابن النجار في تاريخه المجدد ٢ / ٩٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٧٥٤ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٣٤ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٩٨ ، ١١٢ ، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢١٩٥ ، وابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء ٤٠٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٧٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٩٧ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٨٧ ، والمشتبه ٢٤٦ ، وميزان الاعتدال ٣ / ١٤ ، والصفدي في الوافي ١٩ / ٣٩٠ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٣٥ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٤٤٢ ، والغساني في العسجد المسبوك ٢٨٠ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٣ / ٣١٠ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٤٥٧ ، ولسان الميزان ٤ / ١٠٨ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٣٩.

٥٥٥

قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، ويذكر حديثا. وأبوه معروف كان عامّيا غير معروف بطلب الحديث ولا بسماعه ولا يفهم الرّواية ولا كان من أهلها. وكان في ابنه عبيد الله من الجرأة والقحّة والإقدام أن خرّج عنه وأدخله في جملة الرّواة ونقله الأخبار ، وجعله ممن يسند إليه تمهيدا لنفسه حتى يقال : هو محدّث ابن محدّث ومن أولاد الشيوخ الرّواة ، ولم يحصل له ذلك بل كان من أظهر الأدلّة على تمحّله وتخرّصه وادعائه ما لم يكن قطّ إلى غير ذلك من فعلاته الظّاهرة المحال وروايته الواضحة البطلان.

وقد بلغني أنّ شيخنا أبا الفرج ابن الجوزي بلغه أنّه روى عن شيخ من أهل بغداد يتحقق أنّه ما سمع منه ، وأحضره عنده وسأله عن رواية غير ذلك الشّيخ ، فأقرّ بالسّماع منه ، فسأله عن مولده فأخبره ، وذكر الشّيخ وفاة ذلك الشّيخ فكان قد توفّي قبل مولد هذا الرّجل ، أعني ابن المارستانية ، فظهر كذبه واتّضح تخرّصه.

ولقد وقفت على جزء من حديث أبي محمد العلوي الأقساسي الكوفي وقد رواه القاضي أبو الفضل الأرموي عنه سماعا صحيحا ، وسمعه من الأرموي جماعة في طباق وعليه طبقة قد زوّرها هذا ابن المارستانية على الأرموي وذكر اسمه فيها وسماعه منه ، وجعل كاتب السّماع أبا العلاء محمد بن هبة الله ابن البوني الواسطي وهي ظاهرة المحال من وجوه : منها بعد سماعه من الأرموي لأنّه كان في حياته صبيا ولم يكن معروفا بطلب الحديث في صباه ولا كان له من يسمّعه ، ومنها : أنّ أبا العلاء لم يسمع من الأرموي ولا دخل بغداد في حياته ، وإنما دخلها بعد وفاته بسنين ، وقد أدركنا أبا العلاء وسمعنا منه ، وما ذكر لنا أنّه سمع من الأرموي ولا غيره من أهل بغداد لاشتغاله بغير ذلك ، ومنها : أنّ خطّ أبي العلاء كنا نعرفه ، وقد كتب لنا سماعا عليه بخطّه وفي إجازة لا يشبه الخطّ الذي على الجزء بسماعه من الأرموي. ثم رأيت على حاشية الجزء المذكور عنه هذه الطّبقة بخطّ أبي القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي : كذب فعل الله به

٥٥٦

وصنع ، لم يسمع من الأرموي ولا لقيه وسمّاه ، أعني ابن المارستانية. وله مثل ذلك كثير.

على أنّه كان منتميا إلى علم الطّبّ والفلسفة وأشباه ذلك مشهورا به. وقد سمع شيئا من الحديث من المتأخرين كالكاتبة شهدة بنت أحمد الإبري ، وأبي الحسين بن يوسف ، وأبي الفتح بن شاتيل. فأمّا ما يدّعيه من السّماع ممن قبلهم فغير صحيح.

وقد حدّث عن الأرموي بالجزء الذي قدّمنا ذكره ، وعن غيره من الشّيوخ بما لا يصح سماعه. وسمع منه قوم على غرّة من أمره.

وتقلّبت به أحوال الدّنيا ونظر في أوقاف المارستان العضدي ولم تحمد سيرته ، فقبض عليه وحبس به ، أعني المارستان ، مدة وأطلق.

وجمع مسوّدة كتاب سمّاه «ديوان الإسلام الأعظم في تاريخ بغداد» فكتب منه كثيرا ولم يتمّمه ولا بيّضه ، ووقفت منه على شيء وقد ضمّنه من غرائب الشّيوخ له والرّوايات غير قليل ، ولو ظهر هذا الكتاب وتمّ لكان من أكبر الشّواهد على تخرّصه.

وفي صفر سنة تسع وتسعين وخمس مئة ، ندب من الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ إلى الخروج في بعض الأمور السّلطانية إلى تفليس ، وخلع عليه خلعة سوداء وطيلسان ، وتوجّه إليها في الشّهر المذكور وجاز في طريقه بإربل والموصل وحدّث بهما وبغيرهما ، ووصل إلى البلد المذكور وقضى ما خرج فيه ، وتوجّه عائدا إلى بغداد ، فتوفي قبل وصوله بموضع يعرف بجرخ بند في ليلة ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمس مئة ، فدفن هناك.

١٧٦٥ ـ عبيد الله بن هاشم بن أبي منصور ، أبو عليّ الهاشميّ ، يعرف بابن الفأفاء.

أحد الأشراف المرتّبين في التّاج الشّريف. هكذا ذكر لي أنّ اسمه عبيد الله ، وكان في سماعاته أشرف ، وبه كان يعرف ، وقد ذكرناه فيمن اسمه

٥٥٧

أشرف (١) بأتمّ من هذا ، فأغنى عن إعادة ذكره ، والله الموفق.

١٧٦٦ ـ عبيد الله (٢) بن عبد الواحد بن عبد الله ، أبو بكر بن أبي الفرج البغداديّ.

كان يكتب في سماعاته : أبو بكر بن عبد الواحد ، ورأيت اسمه في بعض الكتب «عبيد الله» فأريته إيّاه فقال : نعم هذا اسمي وأنا عبيد الله.

سمع الكثير بنفسه في شبابه دون صباه من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطّي ، وأبي الحسن محمد بن إسحاق ابن الصّابئ ، وأبي بكر عبد الله بن محمد ابن النّقّور ، وأبي محمد عبد الله بن منصور من الموصل ، وغيرهم. سمعنا منه.

قرأت على أبي بكر عبيد الله بن عبد الواحد البغداديّ برباط ثقة الدّولة صهر الإبري بباب الأزج ، قلت له : أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عبد الله مالك ابن أحمد بن عليّ الفرّاء قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصّلت ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي ، قال : حدّثنا الحسين بن الحسن المروزي بمكة ، قال : حدثنا عبد الله ابن المبارك والفضل بن موسى ، قالا : حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن أبيه ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعمتان المغبون فيهما كثير من النّاس : الصحة والفراغ» (٣).

__________________

(١) الترجمة ١٠٤٩.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١٤٣ ، والذهبي في المختصر المحتاج ٢ / ١٨٨.

(٣) حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة ٢٣٩ ، وتكرر في التراجم : ٩٦٧ و ١٢٨٩ و ١٦٧٦.

٥٥٨

توفي أبو بكر بن عبد الواحد البغداديّ يوم الخميس ثاني شهر ربيع الآخر سنة سبع وست مئة ، ودفن في ذلك اليوم بمقبرة الزّرّادين بالمأمونية.

١٧٦٧ ـ عبيد الله (١) بن أحمد بن هبة الله بن عبد القادر بن الحسين ابن المنصوريّ ، أبو الفضل بن أبي العباس بن أبي القاسم الهاشميّ الخطيب.

وقد تقدم ذكر أبيه (٢) وأخيه عبد الله (٣).

كان من الشّهود المعدّلين ، شهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد ابن الحديثي في يوم الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ست وستين وخمس مئة ، وزكّاه أبو جعفر هارون بن محمد بن عبد الله ابن المهتدي بالله الخطيب ، وأبو العباس أحمد بن محمد ابن الطّبيب. ولبث على ذلك مديدة إلى أن عزله قاضي القضاة أبو الحسن ابن الدّامغاني في ولايته الثانية لقضاء القضاة ، وكان يتولّى الخطابة بجامع المدينة المعروف بجامع السّلطان مدة ، وخطب بجامع القصر الشّريف بعد وفاة أبي العباس ابن الغريق مديدة ، ثم مع ابنه أبي طالب ، وعجز لكبر سنّه ، فانقطع في منزله قبل موته سنين.

وقد كان سمع الحديث من الشّيخ أبي منصور ابن الجواليقي ، وشيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النّيسابوري ، وسعد الخير بن محمد الأنصاري ، وأبي عبد الله محمد بن أحمد ابن الطّرائفي ، والزاهد أبي العباس أحمد بن أبي طالب ابن الطّلّاية ، وأبي الفرج بن يوسف ، وأبي الفضل بن ناصر ، وأبي بكر ابن الزّاغوني. سمعنا منه.

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في تاريخه ٢ / ٢٥ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤١١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٤٥.

(٢) الترجمة ٩٠٢.

(٣) ضاعت ترجمته بسبب خلل في مجلد باريس.

٥٥٩

قرأت على أبي الفضل عبيد الله بن أحمد المنصوريّ ، قلت له : أخبركم أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر اللّغوي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد ابن البسري ، قال : أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضيّ ، قال : حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، قال : حدثنا يوسف بن موسى ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن عبد الله بن سلمة (١) ، قال : سمعت عبد الله يقول : من كلّ شيء قد أوتي نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا مفاتيح الخمس : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) ... إلى آخر الآية [لقمان : ٣٤](٢).

توفي أبو الفضل ابن المنصوري يوم الأربعاء سابع عشر رجب سنة اثنتي عشرة وست مئة ، ودفن يوم الخميس ثامن عشرة بمقبرة باب حرب.

١٧٦٨ ـ عبيد الله (٣) بن عليّ بن المبارك بن الحسين بن نغوبا ، أبو المعالي بن أبي الحسن بن أبي السعادات الواسطيّ.

وقد تقدم ذكر أخيه عبد الله (٤) وسيأتي ذكر أبيهما.

قدم أبو المعالي هذا بغداد مرارا ، وسمع بها من أبي المظفّر هبة الله بن أحمد ابن الشّبلي الدّقّاق ، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وأبي العباس أحمد بن المبارك المرقّعاتي ، والنّقيب الطّاهر أبي عبد الله أحمد بن عليّ

__________________

(١) سلمة : بكسر اللام ، قيده الحافظ ابن حجر في التقريب.

(٢) إسناده ضعيف ، لضعف عبد الله بن سلمة وهو المرادي الكوفي ، كما بيناه في تحرير التقريب ٢ / ٢١٧.

(٣) ترجمه ابن نقطة في التقييد ٣٦٢ ، وإكمال الإكمال ١ / ٤٢٣ ، وابن النجار في تاريخه ٢ / ٨٩ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٠٤٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٧١٣ ، والمختصر المحتاج ٢ / ١٨٩ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ١٦٥.

(٤) الترجمة ١٦٧٣.

٥٦٠