ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ٣

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٥

ابن الطّلّاية الزّاهد وغيرهما ، وحدّث عنهما.

سمع منه إلياس بن جامع الإربليّ ، وروى عنه في مصنّفاته ، وأثنى عليه خيرا.

١١٥١ ـ جعفر (١) بن غريب بن كارتاه ، أبو عبد الله المقرئ.

من أهل درزيجان (٢) قرية قريبة من بغداد على دجلة ، سكن باب الأزج. وسمع من جماعة ، منهم : أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي الهروي ، وأبو الفضل محمد بن ناصر البغدادي وغيرهما ، وروى عنهم.

ذكر لي أبو بكر عبد الله بن أحمد المقرئ أنّه سمع منه ، وأنّه توفي في رابع محرم من سنة ست وتسعين وخمس مئة.

١١٥٢ ـ جعفر (٣) بن محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز ، أبو محمد ويدعى الأفضل ابن قاضي القضاة أبي الحسن العبّاسي ، وقد تقدّم نسبه فيمن اسمه محمد (٤).

وجعفر هذا كان شابا وافر الهمّة في طلب الحديث كثير السّعي فيه والتّحصيل له في مظانّه ، حسن المعرفة والفهم له مع صغر سنّه. بكّر به والده وأسمعه من أبي الفتح بن شاتيل ، وأبي السّعادات بن زريق ، وأبي المعالي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي النّيسابوريّ لما عاد من الحج.

ثم سمع هو بنفسه من خلق كثير من أصحاب أبي طالب بن يوسف ، وأبي

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥١٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٦٧.

(٢) قيدها المنذري في التكملة كما قيدناها.

(٣) ترجمه ابن النجار في تاريخه كما دلّ عليه المستفاد للحسامي الدمياطي ٢٠٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٨٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٣٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٨٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٧٣ ، وميزان الاعتدال ١ / ٤١٥ ، والصفدي في الوافي ١١ / ١٤٣ ، وابن حجر في لسان الميزان ٢ / ١٢٧.

(٤) الترجمة ١٠١.

٦١

عليّ ابن المهدي ، وأبي الغنائم ابن المهتدي ، وأبي سعد ابن الطّيوري ، وأبي البركات ابن البخاري ، وأبي الحسن الدّينوري ، وجماعة يطول ذكرهم. وله رحلة إلى الشّام سمع في طريقها من جماعة بالجزيرة وبلادها ، وأقام بدمشق مدّة يسمع من شيوخها وحدّث بها. وقد كان روى ببغداد شيئا يسيرا قبل خروجه.

سألته عن مولده فذكر لي أنّه ولد ببغداد في صفر سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.

وتوجه من دمشق عائدا إلى العراق فتوفي بحماة في العشر الأوسط من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ، فدفن بها.

١١٥٣ ـ جعفر (١) بن أحمد بن المعوّج ، أبو الفضل.

أظنّه من أهل الحريم الطّاهري.

روى عن أبي بكر أحمد بن عليّ بن الأشقر الدّلّال ، ولم يكن مشهورا بالرّواية. لم ألقه.

توفي ليلة الخميس ثالث جمادى الأولى سنة ست مئة فيما قرأت بخط بعض أصحابنا.

١١٥٤ ـ جعفر (٢) بن محمد بن أبي العز بن عليّ بن عبد الله ، أبو عبد الله ، قطّاع الآجرّ ، ويعرف بالمستعمل.

من ساكني قراح ظفر ، كان يتولّى العمارات بديوان الأبنية المعمور ، وله معرفة بعلم الكلام ، واطلاع على مذاهب النّاس مع تشيّع فيه وغلو كان يغلب

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٧٩٣ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٢٧٣.

(٢) ترجمه القفطي في أخبار الحكماء ١٠٩ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٩٢٠ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ١٨٤ ، وابن الفوطي في الملقبين بعماد الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ١٠١٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٥٦.

٦٢

عليه ، لم يعن بالحديث وطلبه.

توفّي يوم السبت سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وست مئة ، ودفن يوم الأحد بداره بقراح ظفر ، رحمه‌الله وإيانا.

١١٥٥ ـ جعفر بن محمد بن عبد القاهر بن عليّان ، أبو بكر أخو عبد الله الذي يأتي ذكره.

هكذا سمّاه أبو الفضل إلياس بن جامع الإربليّ في «معجم شيوخه». وخالفه في ذلك أبو العباس أحمد بن سلمان بن أبي شريك الحربي المعروف بالسّكّر ، وقال : اسمه عبد القاهر باسم جدّه. وأحمد أعرف بذلك لأنّه جاره ومن أهل محلّته.

سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبا الحسين محمد بن محمد ابن الفرّاء والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف ، وغيرهم ، وروى عنهم.

سمع منه أبو العباس أحمد بن سلمان الحربي ، وإلياس بن جامع بن عليّ الإربلي ، وغيرهما. وسنذكره فيمن اسمه عبد القاهر جمعا بين القولين ، والله الموفّق.

١١٥٦ ـ جعفر بن أحمد بن عليّ بن عبد الله النّجّار ، أبو بكر ، يعرف بابن عمارة.

من أهل الحربية أيضا.

سمع من أبي القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وغيره. وحدّث عنهم. سمع منه جماعة من أصحابنا ، وأظنّه أجاز لنا ، والله أعلم.

١١٥٧ ـ جعفر (١) بن محمد بن أبي محمد ، أبو محمد يعرف

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٥ / ٦١١ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١٣٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٥٩ ، والمشتبه ٦١٣ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٧٣ ،

٦٣

بابن آموسان.

من أهل أصبهان ، قدم بغداد بعد سنة ستين وخمس مئة ، وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطّي وغيره ، وعاد إلى بلده. وقد كان سمع ببلده من أبي القاسم غانم بن خالد الجلودي وفاطمة بنت محمد بن أحمد البغدادي وغيرهما وحدّث عنهم.

قدم علينا بغداد حاجا في سنة ست وست مئة ، وكتبنا عنه بها.

قرأت على أبي محمد جعفر بن محمد بن آموسان ببغداد بدرب صالح من سوق الثلاثاء ، قلت له : أخبركم أبو القاسم غانم بن خالد بن إبراهيم البيّع وفاطمة بنت محمد بن أبي سعد قراءة عليهما وأنت تسمع بأصبهان ، فأقرّ به ، قالا : أخبرنا أبو عثمان سعيد بن أبي سعيد العيّار قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي ، قال : أخبرنا محمد بن الحسن الحافظ ، قال : حدثنا عبد الرّحمن بن بشر ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله بن عمر ، قال : حدثنا سميّ ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة» (١).

كان جعفر هذا صحيح السّماع ، مشهورا بين أهل بلده بالثّقة له معرفة بالوعظ وفصاحة.

خرج إلى الحج في هذه السنة فحج وقضى مناسكه ، وصار إلى مدينة الرّسول صلوات الله عليه وسلامه ، فتوفي بها في ليلة الثّلاثاء خامس محرم سنة سبع وست مئة ، ودفن بها بالبقيع.

__________________

والعبر ٥ / ٢٢ ، وابن الفرات في تاريخه ٩ / الورقة ٤٨ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٨ / ٢٦٣ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ٤ / ١٣٩٢ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٠٢ ، وابن العماد في شذرات الذهب ٥ / ٢٥.

(١) قطعة من حديث صحيح تقدم تخريجه في الترجمة (٤٨٢).

٦٤

كنت سألته عن مولده فقال لي : ولدت في شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة بأصبهان.

١١٥٨ ـ جعفر (١) بن ظفر بن يحيى بن محمد بن هبيرة ، أبو طالب بن أبي البدر ابن الوزير أبي المظفّر ، أخو أحمد الذي قدّمنا ذكره (٢).

من بيت معروف بالفضل والرّئاسة والتّقدّم ، وسيأتي ذكر أبيه وجدّه فيما بعد إن شاء الله.

كان فيه فضل وله معرفة بالأدب ، تولّى الإشراف بالدّيوان المعمور بواسط في سنة ست وست مئة وصار إليها. وفي سنة سبع وست مئة ولي النّظر بالدّيوان المذكور ، وأقام هناك إلى أن توفي يوم الخميس سادس عشر جمادى الأولى سنة عشر وست مئة ، فدفن بها بمدرسة خطلبرس أعلى البلد.

١١٥٩ ـ جعفر (٣) بن أسعد بن أبي القاسم الخيّاط ، أبو القاسم الصّوفيّ.

سمع الكثير بنفسه ولازم الشيوخ ، وأكثر من المسموعات قبلنا ومعنا ، وحدّث بمكة شرّفها الله وببغداد. سمع منه جماعة من الطلبة في هذا الزّمان.

بلغني أنّ مولده في سنة سبع وأربعين وخمس مئة ، وهو صدوق صحيح السّماع (٤).

١١٦٠ ـ جعفر (٥) بن عليّ بن محمد ، أبو عليّ التّاجر.

__________________

(١) ترجمة الصفدي في الوافي ١١ / ١٠٧.

(٢) الترجمة ٧٢٠.

(٣) ترجمة المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٥٨٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٦٦ ، والصفدي في الوافي ١١ / ٩٨.

(٤) وتوفي في ليلة الثامن من جمادى الأولى سنة ٦٣٢ ، كما ذكر المنذري في التكملة.

(٥) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٢٧٤.

٦٥

من ساكني الظّفرية ، يعرف بكيباية.

سمع أبا العبّاس أحمد بن المبارك المعروف بالمرقّعاتي ، وحدّث عنه.

١١٦١ ـ جعفر (١) بن مكّي بن علي بن سعيد ، أبو محمد ، وقيل : أبو جعفر.

تفقّه على مذهب الشافعي بالمدرسة النّظامية وبالموصل وتكلّم في مسائل الخلاف ، وله معرفة بالأدب وعلم الكلام ، وقال الشّعر الجيّد ، وله مدائح كثيرة في سيّدنا ومولانا الإمام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ـ وهو أحد الشّعراء الذين يوردون المدائح في الهناءات ، سمعنا منه كثيرا من شعره ولغيره. وهو من أهل الفضل والمعرفة.

تولى ديوان البريد في صفر سنة ثلاث عشرة وست مئة ، وعزل عنه ، وصار أحد الحجّاب بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله تعالى (٢).

* * *

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٣٠٠٩ ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢٠٣٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٢٩٠ ، والصفدي في الوافي ١١ / ١٥٤ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٨ / ١٣٨ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ٢٣٠.

(٢) تأخرت وفاته إلى ما بعد وفاة المؤلف بعامين حيث توفي في الثاني من صفر سنة ٦٣٩ ، كما ذكر المنذري وغيره.

٦٦

ذكر من اسمه الجنيد

١١٦٢ ـ الجنيد بن عبد الرّحمن بن الجنيد ، أبو طالب بن أبي مسلم ابن أبي عبد الله الصّوفيّ.

من أهل أصبهان.

قدم بغداد قديما ، وسمع بها من القاضي أبي الحسين محمد بن عليّ ابن المهتدي بالله وغيره ، وسمع بمكة من كريمة بنت أحمد المروزي ، وبأصبهان من جماعة ، وعاد إلى بلده ، وحجّ في سنة تسع وتسعين وأربع مئة ، وعاد فحدّث بعد عوده بالحلّة المزيدية في صفر سنة خمس مئة ، فسمع عليه بها أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين البغدادي ، وبواسط أيضا في هذا الشهر فسمع عليه خميس الحوزيّ وجماعة من أصحابه ، منهم : أبو الحسن عليّ بن المبارك بن نغوبا ، وأبو العباس هبة الله بن نصر الله بن مخلد الأزدي ، وحدّثنا عنه.

قرأت على أبي العباس هبة الله بن نصر الله بن محمد بن مخلد المعدّل بواسط ، قلت له : أخبركم أبو طالب الجنيد بن عبد الرّحمن بن الجنيد الصّوفي الأصبهاني ، قدم عليكم قافلا من الحج قراءة عليه وأنت تسمع في صفر سنة خمس مئة ، فأقرّ بذلك وعرفه ، قال : أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عليّ ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن محمد السّكّري ، قال : حدثنا أبو سعد حاتم بن الحسن الشّاشي قدم علينا للحج سنة ثلاث وثلاث مئة ، قال : حدثنا إسحاق الكوسج ، قال : حدثنا عبد الرّزاق ، قال (١) : حدثنا عكرمة بن عمّار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يزال أقوام يتخلّفون عن الصّفّ الأوّل حتى يؤخّرهم الله

__________________

(١) مصنف عبد الرزاق (٢٤٥٣).

٦٧

تعالى في النار» (١).

الجنيد هذا من شرط تاج الإسلام أبي سعد ابن السّمعاني لأنّه دخل بغداد وسمع بها ولم يذكره فذكرناه نحن مستدركين به عليه ، والله الموفق.

١١٦٣ ـ الجنيد بن إسماعيل بن عليّ بن إسماعيل ، أبو نصر.

من أهل أردبيل (٢) ، أحد بلاد أذربيجان.

قدم بغداد حاجا في سنة ست وست مئة ولقيته بها بعد عوده من الحج ، كان فيه فضل وتميّز ، وله تقدّم ورئاسة ببلده. كتبت عنه أناشيد.

أنشدني أبو نصر الجنيد بن إسماعيل ببغداد لتميم بن معد المصري :

يا ليلة بات فيها البدر معتنقي

وأمست الشّمس لي من بعض جلّاسي

وبتّ مستغنيا بالثّغر عن برد

وبالخدود عن التّفاح والآس

ناولتها شبه خدّيها مشعشعة

في الكأس تحسبها ضوءا لمقباس

فقبّلتها وقالت وهي باكية

وكيف تسقي خدود النّاس للنّاس

قلت : اشربي إنّها دمعي ، ومازجها

دمي ، وطابخها في الكأس أنفاسي

قالت : إذا كنت من حبّي بكيت دما

فسقّنيها على العينين والرّاس

سألت الجنيد هذا عن مولده ، فقال : في شهر ربيع الآخر سنة خمس وثلاثين وخمس مئة.

* * *

__________________

(١) إسناده ضعيف ، رجاله ثقات لكن رواية عكرمة بن عمار ـ وهو ثقة ـ عن يحيى بن أبي كثير ضعيفه لاضطرابه فيها ، وهو أمر أجمع عليه علماء الجرح والتعديل ، كما بيناه في تحرير التقريب ٣ / ٣٢.

وقد أخرجه أبو داود (٦٧٩) ، وابن خزيمة (١٥٥٩) كلاهما من طريق عبد الرزاق ، به.

(٢) هكذا قيدها ياقوت في معجم البلدان ، أما السمعاني فقد ضم الدال.

٦٨

الأسماء المفردة في حرف الجيم

١١٦٤ ـ جهور بن الحسن بن جهور ، أبو محمد الضّرير.

من أهل عكبرا.

ذكر أنّه سمع من أبي عليّ بن شهاب العكبري. كتب عنه أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السّقطي فيما قاله القاضي عمر بن عليّ القرشي ونقلته من خطّه.

١١٦٥ ـ جميل بن يوسف بن إسماعيل ، أبو عليّ.

من أهل بادرايا ، بلدة قريبة من البندنيجين.

ذكر أبو القاسم عليّ بن الحسن ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١) أنّه قدم دمشق وسمع بها أبا القاسم بن أبي العلاء ، وطاهر بن بركات الخشوعي ، وحدّث بها عن أبي الحسن محمد بن محمد بن حامد القاضي البادرائي وعبد الرحيم بن أحمد النّجار. سمع منه غيث بن عليّ البانياسي ، وأنّه سكن بانياس ، وتوفي بها في سنة أربع وثمانين وأربع مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

١١٦٦ ـ جامع (٢) بن محمد بن جامع الطّيّب ، أبو الفضل يعرف بابن السّمك.

من أهل الحربية.

سمع أبا العباس أحمد بن على قريش ، وأبا القاسم هبة الله بن محمد ابن الحصين ، وأبا البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وغيرهم ، وروى عنهم.

__________________

(١) تاريخ دمشق.

(٢) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٢٧٥.

٦٩

سمع منه القاضي عمر بن عليّ القرشي ، وأحمد بن سلمان ، وعبد الله بن أبي طالب الخبّاز ، وغيرهم.

قال لنا الخبّاز : توفي جامع بن محمد هذا في سنة ثمان وستين وخمس مئة.

١١٦٧ ـ جهير (١) بن عبد الله بن الحسين بن جهير ، أبو القاسم.

من بيت قديم أهل رئاسة وتقدّم ولي منهم الوزارة غير واحد.

سمع أبو القاسم هذا من أبي الوقت السّجزي ، وأبي القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وأبي عبد الله محمد بن عبيد الله ابن الرّطبي وغيرهم. وروى شيئا يسيرا سمع منه بعض الطّلبة ، ولم يكن مشتهرا بالرواية.

توفي في شوّال سنة ست مئة.

١٦٨ ـ جبريل (٢) بن صارم بن أحمد الصّعبيّ ، أبو الأمانة.

من أهل مصر.

قدم بغداد وأقام بها إلى أن توفي. وكان فيه فضل ، وله شعر ، وله مدائح في سيّدنا ومولانا إلامام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ـ واستخدم بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ ونفّذ في رسائل إلى خوارزم وغيرها فحسنت حاله ونمي ماله ، وصار مشهورا بعد أن كان مخمولا (٣).

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / ٨٣٠ ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢٠٣٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٩٥ ، والصفدي في الوافي ١١ / ٢١٢.

(٢) ترجمه ابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٢٦٢ وابن الفوطي في الملقبين بعماد الدين من تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ١٠٦ نقلا من تاريخ ابن النجار ، والصفدي في الوافي ١١ / ٤٦ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ٢ / ٣٨ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٢.

(٣) ذكر ابن النجار أنه سجن بدار الخلافة ، وانقطع خبره عن الناس وذلك في حدود سنة ست

٧٠

سمع من جماعة من شيوخنا ، وحدّث في أسفاره. كتبت عنه ببغداد أناشيد له ولغيره.

أنشدني أبو الأمانة جبريل بن صارم المصريّ لفظا لغيره :

غافصتها والرّيح تضرب عقربا

في صحن خدّ مثل قلب العقرب

وأردتها عن قبلة فتمنّعت

وتستّرت مني بقلب العقرب

١١٦٩ ـ جلخ (١) بن عيسى بن محمد بن عليّ بن خليف ، أبو بكر.

من أهل الحربية.

هكذا كان اسمه في «شيوخ الحربية» تخريج أحمد بن سلمان المعروف بالسّكّر ، وهو بكنيته معروف ، وأظن «جلخ» لقبا له جعله السّكّر اسما له (٢).

سمع أبا المظفّر هبة الله بن أحمد بن الشّبلي القصّار ، وروى عنه. سمعنا منه.

قرأت على أبي بكر جلخ بن عيسى بن محمد في آخرين : أخبركم أبو المظفّر هبة الله بن أحمد بن محمد الشّبلي قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد بن عليّ الزّينبي ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن عليّ بن حرب الطّائي ، قال : أخبرنا جد أبي عليّ بن حرب بن محمد الطّائي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزّهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن ، عن أبي هريرة عن

__________________

مئة ، وذكره صاحب الشذرات في وفيات سنة ٦٠١ ، ولم يذكر المؤلف شيئا من ذلك ، لعله بسبب الخوف من السلطة.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٢٥٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٢١٢ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٧٥ ، ونزهة الألباب لابن حجر ١ / ١٧٤. وقيّد المنذري الجلخ فقال : بفتح الجيم وسكون اللام وبعدها خاء معجمة.

(٢) لذلك ذكره المنذري والذهبي بكنيته.

٧١

النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «التّسبيح للرّجال والتّصفيق للنّساء» (١).

توفي جلخ بن عيسى ليلة الجمعة مستهل شهر رمضان من سنة تسع وست مئة ، ودفن يوم الجمعة بمقبرة باب حرب (٢).

__________________

(١) حديث سفيان بن عيينة في الصحيحين : البخاري ٢ / ٧٩ (١٢٠٣) ، ومسلم ٢ / ٢٧ (٤٢٢) (١٠٦) ، وله طرق أخرى عن الزهري بيناها في تعليقنا على التحفة (١٣٣٤٩) ، وفي كتابنا : المسند الجامع ١٦ / ٥٩٥ حديث رقم (١٢٨٤٤) فراجعه إن شئت استزادة.

(٢) هذا هو آخر المجلد الأول من نسخة المنذري ، وجاء في آخرها : «آخر الجزء الثاني والعشرين من أصل بوقف السلطان الملك الأشرف بدار الحديث التي أنشأها جوار قلعة دمشق رحمه‌الله وتقبّل منه. وهو آخر المجلد الأول من هذه النسخة ، يتلوه إن شاء الله في الذي يليه : حرف الحاء. ذكر من اسمه الحسن. الحسن بن أحمد بن محمد ، أبو علي. والحمد لله رب العالمين ، وصلوات ربي على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه وذريته أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير. وافق الفراغ منه في ليلة الاثنين المسفرة عن يومها سابع عشر جمادى الأولى من سنة خمس وثلاثين وست مئة».

٧٢

حرف الحاء

ذكر من اسمه الحسن

١١٧٠ ـ الحسن (١) بن أحمد بن محمد ، أبو عليّ الأنصاريّ.

ذكره أبو بكر المبارك بن كامل في «معجم شيوخه» ، وقال : أنشدني لنفسه :

سأصبر جهدي ما استطعت فلا أبدي

فما قصدهم قصدي ولا وجدهم وجدي

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٢٨٨ ، ترجمة تختلف عن ترجمة ابن الدبيثي هذه ، فقال : «أبو علي الصوفي الملقب بالبزّ ، واسمه الحسن بن أحمد بن محمد ، سمع أبا عبد الله بن طلحة النعالي ، سمع منه أبو سعد السمعاني. ذكر الشيخ أبو محمد ابن الخشاب النحوي ، ومن خطه نقلت ، قال : أخبرني بكتاب «التنبيه» في الفقه لأبي إسحاق الشيرازي ، وكان قد قرأه عليه ومعه خطه به ، وكان البزّ يقول : لا أسمّع هذا الكتاب وقد بقي من أصحاب أبي إسحاق أحد ، فتوفي ولم أسمع منه ، بل أخبرني بإسناده».

وهذه الترجمة هي أصل الترجمة التي ذكرها الذهبي في المشتبه ٥٥ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٤٠٢ ، وابن حجر في التبصير ١ / ٤٠٢. أما ما ذكره في تاريخ الإسلام ١١ / ٥٦٧ ، فأظنه منقول من مصدر آخر لعله تاريخ ابن النجار ، حيث ذكر اثنين من شيوخه واثنين ممن سمع منه ، وهما السمعاني وابن سكينة ، كما ذكر تاريخ وفاته وأنها كانت في شوال من سنة ٥٣٢. وأما الصفدي في الوافي ١١ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ فهو وإن لم يصرح بمصدره ، لكن يظهر أنه نقل من تاريخ ابن النجار أيضا ، ولقّبه «البزكان» وقيّده بالحروف فقال : بضم الباء الموحدة وسكون الزاي وبعدها كاف وبعد الألف نون ، ونسبه بغداديا. وهذا التقييد لا يتفق مع تقييد ابن نقطة وكتب المشتبه وتقييد الذهبي في تاريخ الإسلام ، وهذا القسم منه مما وصل إلينا بخطه ، وأزعم أن الصفدي ظن الفعل الناقص «كان» جزءا من اللقب فقرأه هكذا وقيده ، والله أعلم بالصواب. وقد ساق الصفدي في الترجمة البيتين اللذين ذكرهما المؤلف نقلا من معجم شيوخ ابن كامل الخفاف باختلاف لفظي يسير.

٧٣

ولكنّه حبّ (١) تقادم عهده

لعلّي أنال القرب من بينهم (٢) وحدي

١١٧١ ـ الحسن (٣) بن أحمد بن محمد بن حكّينا ، أبو محمد بن أبي عبد الله.

من أهل الحريم الطاهري.

شاعر مكثر مجيد من ظرّاف البغداديين ، أكثر القول في المدح والهجاء والغزل والجدّ والهزل. وهو ممن سار شعره ، وحفظ نظمه ، واستجيد قوله ، على فقر كان يعانيه وضيق معيشة كان يقطع زمانه بها.

روى لنا عنه جماعة شيئا من شعره منهم : أبو علي الحسن بن إبراهيم الصّوفي ، وأبو الرّضا محمد بن أبي تمّام الهاشميّ ، وغيرهما.

أنشدنا أبو عليّ الحسن بن إبراهيم بن منصور الصّوفي ، قال : أنشدني أبو محمد بن حكّينا لنفسه (٤) :

قد بان لي عذر الكرام وصدّهم

عن أكثر الشّعراء ليس بعار

لم يسأموا بذل النّوال وإنما

جمد النّدى لبرودة الأشعار

وأنشدنا أبو الرّضا محمد بن محمد الهاشميّ ، قال : أنشدنا أبو محمد بن

__________________

(١) في الوافي : «وأكتم حبا».

(٢) في الوافي : «من دونهم».

(٣) ترجمه العماد في القسم العراقي من الخريدة ٢ / ٢٣٠ ، وابن النجار في تاريخه كما دل عليه المستفاد منه للحسامي الدمياطي ، الترجمة ٦٤ ، وسبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٥٤٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٤٧٢ نقلا من تاريخ ابن النجار ، وفي المختصر المحتاج ١ / ٢٧٥ ، والصفدي في الوافي ١١ / ٣٨٧ ، وابن شاكر في فوات الوفيات ١ / ٣١٩ (ط. إحسان عباس) ، وابن تغري بردي في النجوم الزاهرة ٦ / ١٩٧ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٨٨. وقد اضطربت المصادر في تقييد «حكينا» بين الحاء المهملة والجيم ، فقيدها ابن خلكان والذهبي بخطه بالجيم ، وضبطها السيد الزبيدي بالحاء المهملة في «حكن» من التاج ، وكذلك هي بالحاء المهملة في نسخ تاريخ ابن الدبيثي ، وهو الراجح ، ثم هي بكسر الحاء المهملة والكاف وتشديدها ، كما عند السيد الزبيدي.

(٤) البيتان في الوافي ١١ / ٣٩٠.

٧٤

حكّينا لنفسه (١) :

يا من تواضعه للنّاس عن ضعة

منه فمن أجلها بالكبر يتّهم

قعدت عن أمل الرّاجي وقمت له

هذا وثوب على الطّلّاب لا لهم (٢)

١١٧٢ ـ الحسن (٣) بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل ابن سلمة بن عثكل بن حنبل بن إسحاق ، أبو العلاء الحافظ المعروف بابن العطّار.

من أهل همذان.

هكذا رأيت نسبه بخطّ بعض أصحاب الحديث وقال : نقلته من خطّ ولده عبد الغني.

شيخ فاضل له معرفة حسنة بالحديث ، سمع منه الكثير ببلده ، ورحل في طلبه إلى البلدان ، وكتب منه الكثير. وقرأ القرآن الكريم بالقراءات الكثيرة بأصبهان ، وببغداد ، وبواسط ، وسمع فيها.

__________________

(١) كذلك ١١ / ٣٩١.

(٢) لم يذكر المؤلف وفاته ، وذكرها ابن النجار وأنها بشارع دار الرقيق في يوم الاثنين سابع عشر ربيع الأول سنة ٥٢٨. أما ما ذكره سبط ابن الجوزي من وفاته سنة ٦٠٦ فهو من مجاز فاته المعروفة.

(٣) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٤٨ ، وياقوت في معجم الأدباء ٢ / ٨٢٥ ، وابن نقطة في التقييد ٢٣٩ ، وابن الأثير في الكامل ١١ / ٤١١ ، وابن النجار في تاريخه ، كما دل عليه المستفاد ، الترجمة ٦٣ ، وسبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ٨ / ٣٠٠ ، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب ٤ / الترجمة ٢٧٧٨ ولقبه قطب الدين ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٤٠٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٤٠ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / الترجمة ٤٨٩ ، والعبر ٤ / ٢٠٦ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ٢٧٦ ، والصفدي في الوافي ١١ / ٣٨٤ ، واليافعي في مرآة الجنان ٣ / ٣٨٩ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٨٦ ، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٢٤ ، وابن الجزري في غاية النهاية ١ / ٢٠٤ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٧٢ ، والسيوطي في البغية ١ / ٤٩٤ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٣١ وغيرهم.

٧٥

دخل بغداد مرارا كثيرة ، وسمع بها من أبي طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، والبارع أبي عبد الله الحسين بن محمد الدّبّاس ، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البنّاء ، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي ، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وخلق يطول ذكرهم.

ثم قدمها آخر مرة في سنة ست وأربعين وخمس مئة ، وحدّث بها ؛ سمع منه جماعة من أهلها ، وقرأوا عليه بالقراءات. روى لنا عنه جماعة منهم : أبو أحمد عبد الوهّاب بن عليّ الأمين ، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون المقرئ ، وأبو زكريا يحيى بن طاهر الواعظ وغيرهم.

وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في كتابه ، وذكرناه نحن لأنّ وفاته تأخرت عن وفاته كما شرطنا ، والله الموفق.

قرأت على أبي أحمد عبد الوهّاب بن عليّ بن عليّ الأمين ، قلت له : أخبركم الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذاني بقراءتك عليه ببغداد في ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمس مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن المقرئ ، قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أحمد بن يوسف بن خلّاد ، قال : حدّثنا محمد بن غالب بن حرب ، قال : حدثنا القعنبيّ ، عن مالك (١) ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن

__________________

(١) الموطأ (٢٧٤٣) برواية الليثي ، وهو في رواية أبي مصعب الزهري للموطأ (٢٠٠٥) ومن طريقه ابن حبان (٧٣٣٨) ، والبغوي (٤٧٠) ، وفي رواية سويد بن سعيد (٦٥٣). وكذلك رواه الجوهري في مسنده من طريق القعنبي عن مالك (٣٢٥) مثل هذه الرواية. كما رواه عبد الله بن وهب عن مالك كما عند أبي عوانة ٤ / ٤١١ والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٥٨٤٤) ، ورواه الترمذي (٢٣٩١) عن معن بن عيسى القزاز ، ومسلم ٣ / ٩٣ والبيهقي ١٠ / ٨٧ عن يحيى بن يحيى النيسابوري كلاهما عن مالك ، به.

وقال ابن عبد البر : «وروى هذا الحديث عن مالك كل من نقل الموطأ عنه ، فيما

٧٦

حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد الخدري ، أو عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه : إمام عادل ، وشابّ نشأ بعبادة الله عزوجل ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال ، فقال : إني أخاف الله عزوجل ، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل كان قلبه متعلّقا بالمسجد إذا خرج منه حتّى يعود إليه ، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا على ذلك وتفرّقا عليه».

قرأت على أبي عبد الله محمد بن محمد بن هارون المقرئ ، قلت له : حدّثكم الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذانيّ إملاء عليكم ببغداد ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد المقرئ ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الحافظ ، قال : وفيما كتب إليّ جعفر ، يعني الخلدي ، وحدّثني عنه محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت رويما يقول : الصّبر ترك الشّكوى ، والرضا استلذاذ البلوى ، واليقين المشاهدة ، والتّوكّل إسقاط رؤية الوسائط والتّعلّق بأعلى الوثائق ، والأنس أن تستوحش من سوى محبوبك. وسئل عن المحبة ، فقال : الموافقة في جميع الأحوال ، وأنشد :

__________________

علمت ، على الشك في أبي هريرة وأبي سعيد ، إلا مصعب الزبيري وأبا قرة موسى بن طارق فإنهما قالا فيه عن مالك عن خبيب ، عن حفص عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعا ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ... والحديث محفوظ لأبي هريرة بلا شك من رواية خبيب بن عبد الرحمن عن حفص ابن عاصم ، عن أبي هريرة ، ومن غير هذا الإسناد أيضا. والذي رواه عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة من غير شك عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، وهو أحد أئمة أهل الحديث الأثبات في الحفظ والنقل ؛ رواه عن عبيد الله جماعة منهم : حماد بن زيد ، وابن المبارك ، ويحيى القطان ، وأنس بن عياض» (التمهيد ٢ / ٢٨٠ ـ ٢٨١).

قال بشار : وحديث أبي هريرة في الصحيحين : البخاري ١ / ١٦٨ (٦٦٠) و ٢ / ١٣٨ (١٤٢٣) و ٨ / ١٢٥ (٦٤٧٩) و ٨ / ٢٠٣ (٦٨٠٦) ، ومسلم ٣ / ٩٣ (١٠٣١). وصحح الإمام الترمذي الروايتين بعد أن ساقهما في الجامع (٢٣٩١) و (٢٣٩١ م).

٧٧

ولو قلت لي : مت متّ سمعا وطاعة

وقلت لداعي الموت : أهلا ومرحبا

كتب إلينا أبو عبد الله أحمد ابن الحافظ أبي العلاء الهمذاني ، قال : توفّي والدي في تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمس مئة.

وقال غيره : ودفن بمسجده بهمذان ، رحمه‌الله وإيانا.

١١٧٣ ـ الحسن (١) بن أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان الحويزيّ ، أبو عليّ بن أبي العباس ، العبّاسيّ ، وقد تقدّم ذكر أبيه (٢).

ولد أبو عليّ هذا ببغداد ، ونشأ ، وقرأ القرآن الكريم بالقراءات على أبي الكرم المبارك ابن الشّهرزوري. وسمع الحديث منه ، ومن أبي الفرج عبد الخالق ابن أحمد بن يوسف ، وأبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ ، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني. وقرأ الأدب على أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب ، وأبي الحسن عليّ بن عبد الرّحيم ابن العصّار.

وانتقل في آخر أمره إلى واسط فسكنها إلى حين وفاته ؛ وقرأ عليه قوم من أهلها الأدب ، وتخرّجوا به. وكان يديم الصّوم ، ويكثر العبادة إلا أنّه كان مستهترا بسماع الغناء على طريقة الصّوفية ويعلّمه الأحداث.

رأيته بواسط ، وجالسته ، ولم أكتب عنه شيئا ، وما أظنّه حدّث بشيء ، لأنّ الأدب والاشتغال به كان يغلب عليه.

أنشدني عنه صاحبه أبو الحسن عليّ بن المعمّر المقرئ ، قال : أنشدني أستاذي الحسن بن أحمد الحويزي لنفسه (٣) :

__________________

(١) ترجمه ابن النجار في تاريخه ، كما دل عليه المستفاد ، الترجمة ٦٥ ، والقفطي في إنباه الرواة ١ / ٢٧٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥٢٢ ، والمشتبه ١٩٤ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٥٥٢ ، وابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٣٧٨ ، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة ، الورقة ١٢٦.

(٢) الترجمة ٨٢٥.

(٣) الأبيات في إنباه الرواة ١ / ٢٧٦ نقلا من المؤلف وإن لم يصرّح بذلك ، فالترجمة كلها منه.

٧٨

غرامي غرامي والهوى ذلك الهوى

وحبّي لكم حبّي ووجدي بكم وجدي

وليس محبا من يدوم وداده

على القرب لكن من يدوم على البعد

أحبّاي منّوا بالوصال فإنّني

على هجركم غير الصّبور ولا الجلد

صرمتم حبالي حين واصلت حبلكم

وأسكرتموني إذ صحوتم من الوجد

توفّي الحسن بن أحمد الحويزي بواسط يوم الخميس ثاني عشر ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة ، وصلّى عليه الجمع الكثير بعد العصر من هذا اليوم بجامعها ، ودفن بمقبرة مسجد زنبور بها.

١١٧٤ ـ الحسن بن أحمد بن عليّ بن محمد بن محمد بن عليّ بن عامر ، أبو عليّ بن أبي الفتح بن أبي الحسن المعروف بابن الوكيل.

كان حاجب الحجّاب في أيام الإمام المستضيء بأمر الله رضي‌الله‌عنه ، ثم تولّى ديوان الزّمام المعمور في أيامه أيضا ، فكان على ذلك إلى أن توفّي الإمام المستضيء بأمر الله ، وولي سيّدنا ومولانا الإمام النّاصر لدين الله ـ خلّد الله ملكه ـ فأقرّه على ولايته ، فكان عليها إلى أن توفي في شهر ربيع الأوّل سنة سبع وسبعين وخمس مئة.

وقد كان سمع شيئا من الحديث من أبيه وغيره ، إلا أنّه لم يرو شيئا وتوفّي شابا.

١١٧٥ ـ الحسن (١) بن أحمد بن محمد بن المعمّر بن جعفر ، أبو جعفر.

من بيت أهل رئاسة وولاية ، وقد ذكرنا ونذكر منهم جماعة.

سمع أبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وغيره ، وحدّث عنهم. سمع منه القاضي عمر بن عليّ القرشيّ وغيره. وقصدناه للسّماع منه في سنة ست وسبعين وخمس مئة مع جماعة من طلبة الحديث فلم يقدّر لنا لقاؤه.

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦١١.

٧٩

ذكر أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحرّاني أنّه توفي في صفر سنة ثمان وسبعين وخمس مئة.

١١٧٦ ـ الحسن (١) بن أحمد بن عليّ بن محمد بن عليّ ابن الدّامغانيّ ، أبو محمد ابن القاضي أبي الحسين ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة أبي عبد الله.

من بيت كلّهم قضاة وولاة للأمور الحكميّة.

شهد أبو محمد هذا عند أخيه قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد ابن الدّامغاني في ولايته الأوّلة يوم السّبت ثالث ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة ، وزكّاه القاضيان أبو طاهر محمد بن أحمد ابن الكرخي وأبو محمد عبيد الله بن محمد ابن السّاوي.

وكان قد ولّاه أخوه قاضي القضاة المذكور القضاء بربع الكرخ من الجانب الغربي في يوم الثّلاثاء ثالث عشري ربيع الأول سنة ست وأربعين وخمس مئة ، ومضى معه جماعة من العدول والوكلاء إلى هناك ، وجلس وحكم.

وفي ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة ولّاه القضاء على واسط وأعمالها مضافا إلى ما يليه من القضاء بربع الكرخ ، فصار إليها في صفر سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة ، وأقام بها يحكم بين أهلها ويقبل الشّهود. إلى أن عزل أخوه قاضي القضاة أبو الحسن في جمادى الآخرة من سنة خمس وخمسين وخمس مئة فعزل أبو محمد هذا عن قضاء واسط وربع الكرخ ، وصار إلى بغداد ملازما بيته ، إلى أن ولي قاضي القضاة أبو طالب روح بن أحمد الحديثي وذلك في شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة ، فردّ أبا محمد ابن الدّامغاني

__________________

(١) ترجمه ابن الأثير في الكامل ١١ / ٥٦٣ ، والمنذري في التكملة (الورقة ١٤ من القطعة غير المنشورة) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٤٦ ، والصفدي في الوافي ١١ / ٣٨٧ ، والقرشي في الجواهر المضيئة ١ / ١٨٨ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٠٤.

٨٠