تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٣

عليّ بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي طالب ، عن يونس بن بكّار ، عن أبيه ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : و «لو أنّهم فعلوا ما يوعظون به في عليّ ـ عليه السّلام ـ لكان خيرا لهم».

(وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) (٦٧) : جواب لسؤال مقدّر ، كأنّه قيل (١) وما : يكون لهم بعد التّثبيت؟ فقال : وإذا لو ثبتوا لآتيناهم. لأنّ «إذا» جواب وجزاء. والواو للاستئناف.

(وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٦٨) : يصلون بسلوكه إلى رضوان الله وجنّته ،

كما يقول : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) : الّذين في أعلى علّيّين.

(وَالصِّدِّيقِينَ) : الّذين صدقوا في أقوالهم وأفعالهم.

(وَالشُّهَداءِ) : المقتولين في سبيل الله.

(وَالصَّالِحِينَ) : الّذين صلحت حالهم ، واستقامت طريقتهم.

وكلمة «من» مع ما يتبعها بيان «للّذين» حال منه ، أي : من ضميره.

(وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٦٩) : فيه معنى التّعجّب. «رفيقا» نصب على التّميّز ، أو الحال. ولم يجمع. لأنّه يقال للواحد وتجمع ، كالصّديق. أو لأنّه أريد به : وحسن كلّ واحد منهم رفيقا.

وفي أصول الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن الحسين بن علوان الكلبيّ ، عن عليّ بن الحزور الغنويّ ، عن الأصبغ بن نباتة الحنظليّ قال : رأيت أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله ، ثمّ قال : أيّها النّاس ألّا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله؟

فقام إليه أبو أيّوب الأنصاريّ فقال : [بلى] (٣) يا أمير المؤمنين ، حدّثنا. فإنّك كنت تشهد ونغيب.

فقال : إنّ خير خلق الله يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطّلب. لا ينكر فضلهم إلّا كافر ولا يجحد بهم (٤) إلّا جاحد.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٨.

(٢) الكافي ١ / ٤٥٠ ، ح ٣٤.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر : يجحد به.

٤٦١

فقام عمّار بن ياسر ـ رحمه الله ـ فقال : يا أمير المؤمنين ، سمّهم لنا لنعرفهم (١).

فقال : إنّ خير الخلق يوم يجمعهم الله الرّسل. وإنّ أفضل الرّسل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وإنّ أفضل كلّ أمّة بعد نبيّها وصيّ نبيّها حتّى يدركه نبيّ. ألا وإنّ أفضل الأوصياء وصيّ محمّد ـ عليه وآله السّلام. ألا وإنّ أفضل الخلق بعد الأوصياء الشّهداء. ألا وإنّ أفضل الشّهداء حمزة بن عبد المطّلب وجعفر بن أبي طالب. له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنّة. لم ينحل أحد من هذه الأمّة جناحان غيره ، شيء كرم الله به محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ وشرفه. والسّبطان الحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ والمهديّ ، يجعله الله من شاء منّا أهل البيت. ثمّ قرأ هذه الآية : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) ـ إلى ـ (حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٢).

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٣) ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصّباح الكنانيّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أعينونا بالورع. فإنّه من لقي الله ـ عزّ وجلّ ـ منكم بالورع كان له عند الله ـ عزّ وجلّ ـ فرجا ، وإنّ الله ـ تعالى ـ يقول : (مَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) ـ وقرأ إلى ـ (حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً). فمنّا النّبيّ ومنّا الصّدّيق والشّهداء والصّالحون.

أبو عليّ الأشعريّ : عن محمّد بن سالم (٤) ، عن أحمد بن النّضر الخزّاز ، عن جدّه الرّبيع بن سعد قال : قال لي أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ يا ربيع ، إنّ الرّجل ليصدق حتّى يكتبه الله صدّيقا.

عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عبد الله ، عن خالد القميّ ، عن خضر بن عمرو ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : المؤمن مؤمنان : مؤمن وفى الله بشروطه الّتي اشترطها (٥) عليه ، فذلك مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقا. وذلك ممّن يشفع ولا يشفع له. وذلك ممّن لا تصيبه (٦) أهوال الدّنيا ولا أهوال الآخرة. ومؤمن زلّت به قدم. فذلك كخامة الزّرع كيف

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فلنعرفنّهم.

(٢) ذكر في المصدر الآية بطولها.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٧٨ ، ح ١٢.

(٤) نفس المصدر ٢ / ١٠٥ ، ح ٨.

(٥) المصدر : شرطها.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لا يصيبه.

٤٦٢

ما كفأته الرّيح انكفأ. وذلك ممّن تصيبه (١) أهوال الدّنيا وأهوال الآخرة ويشفع له وهو على خير.

وفي روضة الكافي (٢) بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : ألم تسمعوا ما ذكر الله من فضل اتّباع الأئمّة الهداة وهم المؤمنون؟ قال : (أُولئِكَ) ـ إلى ـ (حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فهذا وجه من وجوه فضل اتّباع الأئمّة ، فكيف بهم وفضلهم؟!

عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد (٣) ، عن محمّد بن سليمان [، عن أبيه ،] (٤) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال لأبي بصير : يا أبا محمّد ، لقد ذكركم الله في كتابه ، فقال : (أُولئِكَ) ـ إلى ـ (حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً). فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء وأنتم الصالحون فتسمّوا بالصّلاح كما سمّاكم الله ـ عزّ وجلّ ـ

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

[وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن عبد الله بن جندب ، عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : حقّ على الله] (٦) أن يجعل وليّنا رفيقا للنّبيّين والصدّيقين والشّهداء والصّالحين ، وحسن أولئك رفيقا.

وفي كتاب الخصال (٧) : عن الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أوصى إلى عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ وكان فيما أوصى به أن قال له : يا عليّ ، من حفظ من أمّتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله ـ تعالى ـ والدّار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقا.

فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : يا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ما هذه الأحاديث؟ فقال : أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، وتعبده ولا تعبد غيره ـ إلى أن قال

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : يصيبه.

(٢) الكافي ٨ / ١٠ ، ضمن حديث ١.

(٣) نفس المصدر ٨ / ٣٥ ـ ٣٦ ، ح ٦ ، وأوّله في ص ٣٣.

(٤) من المصدر.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٢٥٦ ، ح ١٨٩.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) الخصال ٢ / ٥٤٣ ، ح ١٩.

٤٦٣

بعد تعدادها صلوات الله عليه وآله ـ : فهذه أربعون حديثا ، من استقام عليها وحفظها عنّي عن أمّتي دخل الجنّة برحمة الله ، وكان من أفضل النّاس وأحبّهم إلى الله ـ تعالى ـ بعد النّبيّين والوصيّين ، حشره الله ـ تعالى ـ يوم القيامة مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين ، وحسن أولئك رفيقا.

عن محمّد بن أبي ليلى (١) قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : الصّدّيقون ثلاثة : عليّ بن أبي طالب ، وحبيب النّجّار ، ومؤمن آل فرعون.

وفي عيون الأخبار : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ (٢) عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لكلّ أمّة صدّيق وفاروق. وصدّيق هذه الأمّة وفاروقها عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ.

[وفي شرح الآيات الباهرة (٣)] (٤) ذكر الشّيخ أبو جعفر الطّوسيّ ـ رحمه الله ـ في كتابه مصباح الأنوار قال : حدّث (٥) النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ لعمّه العبّاس بمشهد من القرابة والصّحابة ، روى أنس بن مالك قال : صلّى بنا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في بعض الأيّام صلاة الفجر ، ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم ، فقلت : يا رسول الله ، أرأيت (٦) أن تفسّر لنا قوله ـ تعالى ـ : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً).

فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أمّا النّبيّون فأنا ، وأمّا الصّدّيقون فأخي عليّ ، وأمّا الشّهداء فعميّ حمزة ، والصّالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين.

قال : وكان العبّاس حاضرا. فوثب وجلس بين يدي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقال : ألسنا أنا وأنت وعليّ وفاطمة والحسن والحسين من نبعة (٧) واحدة؟

قال : وما ذاك يا عمّ؟

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ١٨٤ ، ح ٢٥٤.

(٢) عيون الأخبار ٢ / ١٢ ، ح ٣٠.

(٣) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط / ٥٠ ـ ٥١.

(٤) من ر.

(٥) المصدر : في حديث.

(٦) المصدر : إن رأيت.

(٧) المصدر : نبقة.

٤٦٤

قال : لأنّك تعرّف بعليّ وفاطمة والحسن والحسين دوننا.

فتبسّم النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقال : أمّا قولك [يا عمّ] (١) : «ألسنا من نبعة (٢) واحدة» فصدقت ، ولكن يا عمّ إنّ الله خلقني وخلق عليّا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الله (٣) آدم ، حين لا سماء مبنيّة ولا أرض مدحيّة ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنّة ولا نار.

فقال العبّاس : فكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟

فقال : يا عمّ ، لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم كلمة خلق منها نورا ، ثمّ تكلّم كلمة أخرى فخلق منها روحا ، ثمّ مزج النّور بالرّوح فخلقني وخلق عليّا وفاطمة والحسن والحسين. فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح ، ونقدّسه حين لا تقديس. فلمّا أراد الله ـ تعالى ـ أن ينشئ الصّنعة فتق (٤) نوري فخلق منه العرش فالعرش من نوري ونوري من نور الله ونوري أفضل من العرش ، ثمّ فتق نور أخي عليّ فخلق منه الملائكة. فالملائكة من نور عليّ. ونور عليّ من نور الله. وعليّ أفضل من الملائكة. ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة. فخلق منه السّماوات والأرض. فالسّماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة. ونور ابنتي فاطمة من نور الله ـ عزّ وجلّ ـ. وابنتي فاطمة أفضل من السّماوات والأرض. ثمّ فتق نور ولدي الحسن. وخلق منه الشّمس والقمر فالشّمس والقمر من نور ولدي الحسن. ونور الحسن من نور الله. والحسن أفضل من الشّمس والقمر. ثمّ فتق نور ولدي الحسين. فخلق منه الجنّة والحور العين. فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين. ونور ولدي الحسين من نور الله. و [ولدي] (٥) الحسين أفضل من الجنّة والحور العين. ثمّ أمر الله الظّلمات أن تمرّ على سحائب المنظر (٦). فأظلمت السّموات على الملائكة. فضجّت الملائكة بالتّسبيح والتّقديس. وقالت : إلهنا وسيّدنا منذ خلقتنا وعرّفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا. فبحقّ

__________________

(١) من المصدر.

(٢) المصدر : نبقة.

(٣) ليس في أو المصدر.

(٤) هكذا في المصدر وتفسير البرهان ١ / ٣٩٣ ، نقلا عن المصدر وفي بعض النسخ. وفي الأصل : شقّ.

(٥) من المصدر. وفي تفسير البرهان هكذا (١ / ٣٩٣)

(٦) المصدر : «سحائب القطر». وفي تفسير البرهان ، ١ / ٣٩٣ : «أن تمرّ بسحائب الظلم».

٤٦٥

هذه الأشباح (١) إلّا ما كشفت عنّا هذه الظّلمة. فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة (٢) قناديل.

فعلّقها في بطنان العرش. فأزهرت (٣) السّموات والأرض. ثمّ أشرقت بنورها. فلأجل ذلك سمّيت الزّهراء.

فقالت الملائكة : إلهنا وسيّدنا ، لمن هذا النّور الزّاهر (٤) الّذي قد أشرقت به السّماوات والأرض؟

فأوحى الله إليها : هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة بنت حبيبي وزوجة وليّي وأخ نبيّي وأبي حججي على عبادي. أشهدكم ملائكتي أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبّيها إلى يوم القيامة.

قال : فلمّا سمع العبّاس من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ذلك وثب قائما وقبّل بين عيني عليّ ـ عليه السّلام ـ وقال : والله يا عليّ ، أنت الحجّة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر.

وفي أصول الكافي (٥) ، عن رجاله ، عن إسماعيل بن جابر قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : من سرّه أن يلقى الله وهو مؤمن حقّا حقّا فليتولّ الله ورسوله والّذين آمنوا وليتبرّأ إلى الله من عدوّهم وليسلّم إلى ما انتهى إليه من فضلهم. إنّ فضلهم لا يبلغه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا من دون ذلك ، ألم تسمعوا ما ذكره الله من فضل أتباع الأئمّة الهداة وهم المؤمنون؟ قال ـ تبارك وتعالى ـ : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) ـ وتلا إلى قوله ـ : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) وقال : وهذا وجه من وجوه فضل أتباع الأئمّة ، فكيف بهم وبفضلهم (٦)؟!

[وفي كتاب معاني الأخبار (٧) : حدّثنا محمّد بن القاسم الاستراباديّ المفسّر قال : حدّثني يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن محمّد بن سيّار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن

__________________

(١) «لم نر بؤسا. فجق هذه الأشباح» ليس في المصدر وموجود في تفسير البرهان ، ١ / ٣٩٣.

(٢) هكذا في النسخ وتفسير البرهان. وفي المصدر : نورا من ابنتي فاطمة.

(٣) ر : فأظهرت.

(٤) هكذا في النسخ وتفسير البرهان. وفي المصدر : النور الأزهر.

(٥) بل في روضة الكافي ٨ / ٨٠ ، ضمن حديث ١.

(٦) هكذا في أ. وفي المصدر وسائر النسخ : فضلهم.

(٧) معاني الأخبار / ٣٦ ، صدر حديث ٩.

٤٦٦

عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ، أي : اهدنا صراط الّذين أنعمت عليهم بالتّوفيق لدينك وطاعتك ، وهم الّذين قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) حكي هذا بعينه عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

وفي بصائر الدّرجات (١) : الحسن بن أحمد (٢) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن العبّاس الحريش (٣) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ لنا [في ليالي الجمعة] (٤) لشأنا (٥) ـ وذكر حديثا ، وفي آخره قلت ـ : [والله] (٦) ما عندي كثير صلاح.

قال : لا تكذب على الله. فإنّ الله قد سمّاك صالحا حيث يقول : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) يعني : الّذين آمنوا بنا وبأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : وامّا قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً).

قال : النّبيّين ، رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والصّدّيقين ، [علي]. (٨) والشّهداء ، الحسن والحسين. والصّالحين ، الأئمّة. وحسن أولئك رفيقا ، القائم من آل محمّد ـ صلوات الله عليهم ـ].(٩)

ونقل في سبب نزول هذه الآية : أنّ ثوبان مولى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أتاه يوما وقد تغيّر وجهه ونحل جسمه ، فسأله عن حاله ، فقال : ما بي من وجع ، غير أنّي إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثمّ ذكرت الآخرة فخفت أن لا أراك هناك ، لأنّي عرفت أنّك ترفع مع النّبيّين ، وإن أدخلت الجنّة كنت في

__________________

(١) بصائر الدرجات / ١٥٠ ـ ١٥١ ، ضمن حديث ٢.

(٢) المصدر : الحسين بن محمّد.

(٣) المصدر : العباس بن حريش.

(٤) من المصدر.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : شأنا.

(٦) من المصدر.

(٧) تفسير القمي ١ / ١٤٢ ـ ١٤٣.

(٨) من المصدر.

(٩) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٤٦٧

منزل دون منزلك ، وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبدا ، فنزلت (١).

(ذلِكَ) : إشارة إلى ما للمطيعين من الأجر ومزيد الهداية ومرافقة المنعم عليهم. أو إلى فضل هؤلاء المنعم عليهم ومرتبتهم.

(الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) : خبره. أو «الفضل» خبره ، و «من الله» حال. والعامل فيه ، معنى الإشارة.

(وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) (٧٠) : بجزاء من أطاعه. أو بمقادير الفضل ، واستحقاق أهله.

[وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ (٢) قال : حدّثني عبيد بن كثير معنعنا ، عن أصبغ بن نباتة قال : لمّا (٣) هزمنا أهل البصرة جاء عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ حتّى استند إلى حائط من حيطان البصرة. فاجتمعنا حوله وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ راكب والنّاس نزول. فيدعو الرّجل باسمه فيأتيه. ثمّ يدعو الرّجل باسمه فيأتيه. [ثم يدعو الرجل فيأتيه].(٤) حتّى وافاه بها (٥) نحو ستّين شيخا ، كلّهم قد : صغروا (٦) اللّحى وعقصوها وأكثرهم يومئذ من همدان. فأخذ أمير المؤمنين في طريق من طرائق (٧) البصرة ونحن معه ، وعلينا الدّروع والمغافر (٨) ، متقلّدين السّيوف ، متنكّبي الأترسة (٩) ، حتّى انتهى إلى دار قوراء [عظيمة].(١٠) فدخلنا. فإذا فيها نسوة يبكين. فلمّا رأينه صحن صيحة واحدة وقلن : هذا قاتل الأحبّة. فأسكت (١١) عنهم. ثمّ قال : أين منزل عائشة؟ فأوموا إلى حجرة في الدّار ، فحملنا عليّا من دابّته. فأنزلناه. فدخل عليها. فلم أسمع من قول عليّ شيئا إلّا أنّ عائشة كانت امرأة (١٢) عالية الصّوت. فسمعت كهيئة المعاذير : إنّي لم أفعل. ثمّ خرج علينا أمير المؤمنين عليّ ـ عليه السّلام ـ فحملنا عليّا على دابّته. فعارضته (١٣) امرأة من قبل

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٩.

(٢) تفسير فرات / ٣٥ ـ ٣٦.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) من المصدر.

(٥) المصدر : لها.

(٦) المصدر : صفروا.

(٧) المصدر : طرق.

(٨) المصدر : المغافير.

(٩) هكذا في المصدر. وفي النسخ : متنكي الاترمعيه.

(١٠) من المصدر.

(١١) هكذا في النسخ والمصدر. والظاهر : فسكت عنهنّ.

(١٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : امرأة كانت.

(١٣) المصدر : فعارضت.

٤٦٨

الدّار.

فقال (١) : أين صفيّة؟

قالت : لبيّك يا أمير المؤمنين.

قال : ألا تكفيني عنّي هؤلاء الكلبات الّتي يزعمن أنّي قتلت (٢) الأحبّة. لو قتلت الأحبّة لقتلت من في تلك الدّار ـ وأومأ بيده إلى ثلاث حجر في الدّار. فضربنا بأيدينا على (٣) قوائم السّيوف. وضر (٤) بنا بأبصارنا إلى الحجر الّتي أومأ إليها. فو الله ما بقيت في الدّار باكية إلّا سكتت ، ولا قائمة إلّا جلست.

قلت : يا أبا القاسم ، فمن كان في تلك الثّلاث حجر؟

قال : أمّا واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحا ومعه شباب قريش جرحى ، وأمّا الثّانية [فكان] (٥) فيها عبد الله بن الزّبير ومعه [آل] (٦) الزّبير جرحى ، وأمّا الثّالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أين ما دارت.

قلت : يا أبا القاسم ، هؤلاء أصحاب القرحة ، هلا ملتم (٧) عليهم بهذه السّيوف.

قال : يا بن أخي ، أمير المؤمنين أعلم منك وسعهم أمانه ، إنّا لمّا هزمنا القوم نادى مناديه : لا يذفف (٨) على جريح ، ولا يتبع مدبر ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن سنّة يستنّ بها (٩) بعد يومكم هذا.

ثمّ مضى ومضينا معه حتّى انتهينا إلى المعسكر. فقام إليه ناس من أصحاب النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ منهم ، أبو أيّوب الأنصاريّ وقيس بن سعد (١٠) وعمّار بن ياسر وزيد بن حارثة وأبو ليلى ، فقال : ألا أخبركم بسبعة من أفضل الخلق يوم يجمعهم الله ـ تعالى ـ؟

__________________

(١) المصدر : ثم قال.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : قتلنا.

(٣) المصدر : إلى.

(٤) المصدر : فضربنا.

(٥ و ٦) من المصدر.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فلا ملتم.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لا يدفق.

(٩) النسخ : «فهي ابن سنة بسنتين بها» بدل «فهو آمن سنّة يستنّ بها». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(١٠) هو قيس بن سعد بن عبادة بن ولهم الساعدي. وفي المصدر : «قيس بن سعيد». فهي خطأ. ر. تنقيح المقال ٢ / ٣١ ، رقم ٩٧١٢.

٤٦٩

قال أبو أيّوب : بلى (١) والله فأخبرنا يا أمير المؤمنين ، فإنّك كنت تشهد ونغيب.

قال : فإنّ أفضل الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من بني عبد المطّلب ، لا ينكر فضلهم إلّا كافر ، ولا يجحد إلّا جاحد.

قال عمّار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ : ما اسمهم يا أمير المؤمنين لنعرفهم (٢).

قال : إنّ أفضل الخلق يوم يجمع الله الرّسل ، وإنّ من أفضل الرّسل محمّدا ـ عليهم أفضل الصّلاة والسّلام ـ ثمّ إنّ أفضل كلّ أمّة بعد نبيّها وصيّ نبيّها حتّى يدركه نبيّ ، وإنّ أفضل الأوصياء وصيّ محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ثمّ إنّ أفضل النّاس بعد الأوصياء الشّهداء ، وإنّ أفضل الشّهداء جعفر بن أبي طالب (٣) ـ رحمه الله ـ ذو جناحين مع الملائكة لم يحلّ بحليته أحد من الآدميّين في الجنّة ، شيء شرفّه الله به. والسّبطان الحسنان سيّدا شباب أهل الجنّة (٤) ولادته آباءهما (٥) والمهديّ يجعله الله من أحبّ منّا أهل البيت.

ثمّ قال : أبشروا ـ ثلاثة ـ (مَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ، ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) ..

وقال : حدّثني الحسن بن عليّ (٦) معنعنا ، عن أصبغ بن نباتة قال : قال (٧) عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : إنّي أريد أن أذكر حديثا.

قلت (٨) : فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تذكره؟ فقال : ما قلت هذا إلّا وأنا أريد أن أذكره. ثمّ قال : إذا جمع الله الأوّلين والآخرين كان أفضلهم سبعة منّا بني عبد المطّلب ،

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : فلنعرفنهم.

(٣) المصدر : «حمزة بن عبد المطّلب وجعفر بن أبي طالب.» ولعلّه الصواب.

(٤) النسخ والمصدر : الحسنين سيدي شباب أهل الجنة.

(٥) كذا في النسخ وفي المصدر : من ولدت آباهما.

(٦) هكذا في الأصل ور. وفي نسخة المجلس : «الحسن بن علي بن بزيع». وفي المصدر : «الحسين بن علي بن بزيع». ولم نعثر على «بزيع» إلّا «أحمد بن حمزة بن بزيع» و «أحمد بن عميرة بن بزيع». والحديث في نفس المصدر / ٣٥ ـ ٣٦.

(٧) المصدر : لي.

(٨) المصدر : «فقال عمار بن ياسر فذكره قال : إنّي أريد أن أذكر حديثا. قال أبو أيّوب الأنصاري :» بدل «قلت».

٤٧٠

الأنبياء أكرم (١) الخلق ونبيّنا أفضل الأنبياء (٢) ـ عليه السّلام ـ ثمّ الأوصياء أفضل الأمم (٣) ووصيّه أفضل الأوصياء ـ عليه السّلام ـ ثمّ الشّهداء أفضل الأمم بعد الأوصياء (٤) ، وحمزة سيّد الشّهداء ، وجعفر ذو الجناحين يطير مع الملائكة ، لم ينحله الله شهيدا قطّ قبله ـ رحمة الله عليهم أجمعين (٥) ـ من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما. ثمّ (٦) السّبطان حسن وحسين (٧). والمهديّ ـ عليهم السّلام والتّحيّة والإكرام ـ جعله (٨) الله ممّن يشاء أهل البيت.

وقال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبيد (٩) معنعنا ، عن سليمان الدّيلميّ قال : كنت عند عبد الله ـ عليه السّلام ـ إذ دخل عليه أبو بصير وقد أخذه النّفس ، فلمّا أن أخذ مجلسه قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : يا أبا محمّد ، ما هذا النّفس العالية؟

قال : جعلت فداك يا بن رسول الله ، كبرت سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي ، ولست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي.

فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ يا أبا محمّد ، وإنّك لتقول هذا! قال : وكيف لا أقول هذا؟ فذكر كلاما ، ثمّ قال : يا أبا محمّد ، لقد ذكركم الله في كتابه المبين [بقوله] (١٠) : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في الآية النّبيّين ، ونحن في هذا الموضع الصّدّيقين والشّهداء ، وأنتم الصّالحون ، فسمّوا بالصّلاح كما سمّاكم الله يا أبا محمّد].(١١)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) : فتيقّظوا واستعدّوا للأعداء. الحذر والحذر ، كالإثر والأثر.

__________________

(١) المصدر : أكرم الخلق على الله.

(٢) المصدر : أكرم الأنبياء.

(٣) المصدر : أفضل الأمم بعد الأنبياء.

(٤) المصدر : بعد الأنبياء والأوصياء.

(٥) المصدر : «وإنّما ذلك شيء أكرم الله به وجه محمّد ـ صلّى الله عليه وآله. ثم قال : أولئك مع الّذين أنعم الله عليهم» بدل «رحمة الله عليهم أجمعين».

(٦) المصدر : و.

(٧) النسخ والمصدر : حسنا وحسينا.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : جعلهم.

(٩) نفس المصدر / ٣٦.

(١٠) من المصدر.

(١١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٤٧١

وقيل (١) : ما يحذر به ، كالحزم والسّلاح.

ويؤيّده ما رواه في مجمع البيان (٢) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّ : معناه : خذوا أسلحتكم.

(فَانْفِرُوا) : فاخرجوا إلى الجهاد.

(ثُباتٍ) : جماعات متفرّقة. جمع ، ثبة. من ثبيت على فلان ، إذا ذكرت متفرّق محاسنه. ويجمع ـ أيضا ـ على ثبين ، جبرا لما حذف من عجزه.

(أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) (٧١) : مجتمعين كوكبة واحدة.

وروي في مجمع البيان (٣) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : أنّ المراد بالثّبات ، السّرايا. وبالجميع ، العسكر.

والآية وإن نزلت في الحرب ، لكن يقتضي إطلاق لفظها وجوب المبادرة إلى الخيرات كلّها كيف ما أمكن قبل الفوات.

(وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) : الخطاب لعسكر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المؤمنين منهم والمنافقين. والمبطئون منافقوهم ، تثاقلوا وتخلّفوا عن الجهاد. من بطأ ، بمعنى : أبطأ. وهو لازم. أو ثبّطوا غيرهم ، كما ثبّط ابن أُبيّ ناسا يوم أحد. من بطأ منقولا من بطؤ ، كثقل من ثقل.

واللّام الأولى للابتداء ، دخلت على اسم «إنّ» للفصل. والثّانية جواب قسم محذوف. والقسم بجوابه صلة «من» والرّاجع إليه ما استكنّ في «ليبطئنّ» والتّقدير : وإنّ منكم لمن أقسم بالله ليبطئنّ.

(فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) : كقتل وهزيمة.

(قالَ) ، أي : المبطئ.

(قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً) (٧٢) : حاضرا ، فيصيبني ما أصابهم.

وفي مجمع البيان (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : لو أنّ أهل السّماء والأرض قالوا : قد أنعم الله علينا إذ لم نكن مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لكانوا بذلك

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٩.

(٢) مجمع البيان ٢ / ٧٣.

(٣) نفس المصدر ٢ / ٧٣.

(٤) مجمع البيان ٢ / ٧٤.

٤٧٢

كفّارا مشركين.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم والعيّاشيّ (١) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : لو قال هذه الكلمة أهل الشّرق والغرب لكانوا بها خارجين من الإيمان ، ولكنّ الله سمّاهم مؤمنين بإقرارهم.

وفي رواية (٢) : سمّاهم مؤمنين ، وليسوا هم بمؤمنين ولا كرامة.

(وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) كفتح وغنيمة.

(لَيَقُولَنَ) : أكّده تنبيها على فرط تحسّره.

وقرئ ، بضمّ اللّام ، إعادة للضّمير على المعنى (٣).

(كَأَنْ لَمْ تَكُنْ) :

وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم ورويس عن يعقوب ، بالتّاء ، لتأنيث لفظ المودّة (٤).

(بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) : اعتراض بين الفعل ومفعوله ، وهو (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧٣) : تنبيه على ضعف عقيدتهم ، وأنّ قولهم هذا قول من لا مواصلة بينكم وبينه ، وإنّما يريد أن يكون معكم لمجرّد المال. أو حال عن الضّمير في «ليقولنّ» ، أي : حال كونهم لا مودّة بينه وبينكم ، بناء على أنّه إنّما يريد أن يكون معكم لمجرّد المال. أو داخل في المقول ، أي : يقول المبطئ لمن يثبّطه من المنافقين وضعفة المسلمين تضريبا وحسدا : كأن لم يكن بينكم وبين محمّد ـ عليه السّلام ـ مودّة حيث لم يستعن بكم فتفوزوا بما فاز (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ). والقول باتّصاله بالجملة الأولى ضعيف ، إذ لا يفصل أبعاض الجملة بما لا يتعلّق بها لفظا ومعنى.

و «كأن» مخفّفة ، واسمها ضمير الشّأن المحذوف. والمنادى في «يا ليتني» محذوف ، أي : يا قوم. وقيل : «يا» للتّنبيه على الاتّساع. «فأفوز» نصب على جواب التّمنّي.

وقرئ ، على تقدير : فأنا أفوز في ذلك الوقت. أو العطف على «كنت».

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٤٣+ تفسير العياشي ١ / ٢٥٧ ، ح ١٩١.

(٢) تفسير العياشي ١ / ٢٥٧ ، ح ١٩١.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٩.

(٤) نفس المصدر والموضع.

٤٧٣

(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ. الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) ، أي : يبيعونها.

(بِالْآخِرَةِ) ، يعني : إن بطأ هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة. أو فليقاتل الّذين يشترونها ويختارونها على الآخرة ، وهم المبطئون.

والمقصود ، حثّهم على ترك ما حكى عنهم.

(وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٧٤) : وعد له الأجر العظيم غلب أو غلب ، ترغيبا في القتال ، وتكذيبا لقولهم (١) : (قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً). وإنّما قال : (فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ) تنبيها على أنّ المجاهد ينبغي أن يثبت في المعركة حتّى يعزّ نفسه بالشّهادة أو الدّين بالظّفر والغلبة ، وأن لا يكون قصده بالذّات إلى القتل ، بل إعلاء الحقّ وإعزاز الدّين.

وفي كتاب الخصال (٢) : عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ـ عليهما السّلام ـ أن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : فوق كلّ برّ برّ حتّى يقتل الرّجل في سبيل الله ، فإذا قتل في سبيل الله ليس فوقه برّ.

[عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ (٣) قال : كلّ ذنب يكفّره القتل في سبيل الله إلّا الدّين لا كفّارة له ، إلّا أداءه ، أو يقضي صاحبه ، أو يعفو الّذي له عليه الحقّ].(٤)

وعن الصّادق ـ عليه السّلام ـ (٥) : من قتل في سبيل الله لم يعرّفه الله شيئا من سيّئاته.

وعن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ (٦) : للشّهيد سبع خصال من الله : أوّل قطرة من دمه ، مغفور له كلّ ذنب. والثّانية ، يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه ، تقولان : مرحبا بك ، ويقول هو مثل ذلك لهما ، والثّالثة ، يكسى من كسوة الجنّة. والرّابعة ، يبتدر خزنة الجنّة بكلّ ريح طيّبة ، أيّهم يأخذه منه ، والخامسة ، أن يرى منزله. والسّادسة ، يقال لروحه : اسرحي (٧) في الجنّة حيث شئت. والسّابعة ، أن ينظر

__________________

(١) النساء / ٧٢.

(٢) الخصال ١ / ٩ ، ح ٣١.

(٣) نفس المصدر / ١٢ ، ح ٤٢.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) الكافي ٥ / ٥٤ ، ح ٦.

(٦) تهذيب الأحكام ٦ / ١٢١ ـ ١٢٢ ، ح ٣.

(٧) المصدر والنسخ : اسرح.

٤٧٤

في وجه الله ، وإنّها الرّاحة لكلّ نبيّ وشهيد.

(وَما لَكُمْ) : مبتدأ وخبر.

(لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) : حال. والعامل فيها ، ما في الظّرف عن معنى الفعل.

(وَالْمُسْتَضْعَفِينَ) : عطف على اسم «الله» ، أي : وفي سبيل المستضعفين.

وهو تخليصهم من الأسر وصونهم عن العدوّ. أو على «السّبيل» بحذف المضاف ، أي : وفي خلاص المستضعفين.

ويحتمل النّصب على الاختصاص ، فإنّ «سبيل الله» يعمّ أبواب الخير ، وتخليص ضعفة المسلمين من أيدي الكفّار أعظمها وأخصّها.

(مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) : بيان «للمستضعفين» وهم المسلمون الّذين بقوا بمكّة لصدّ المشركين ، أو لضعفهم عن الهجرة مبتذلين. وإنّما ذكر «الولدان» مبالغة في الحثّ ، وتنبيها على تناهي ظلم المشركين ، بحيث بلغ أذاهم الصّبيان ، وأنّ دعوتهم أجيبت بسبب مشاركتهم في الدّعاء ، حتّى يشاركوا في استنزال الرّحمة واستدفاع البليّة.

وفي الكشّاف (١) : أنّ المراد به ، العبيد والإماء. وهو جمع وليد.

(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) (٧٥) : فاستجاب الله دعاءهم بأن يسّر لبعضهم الخروج إلى المدينة ، وجعل لمن بقي منهم خير وليّ وناصر بفتح مكّة على نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فتولّاهم ونصرهم.

قيل : ثمّ استعمل عليهم عتاب بن أسيد ، فحماهم ونصرهم حتّى صاروا أعزّة أهلها.

و «القرية» مكّة. و «الظّالم» صفتها. وتذكيرها لتذكير ما أسند إليه ، لأنّ اسم الفاعل أو المفعول إذا جرى على غير من هو له ، كان كالفعل يذكّر ويؤنّث على حسب ما عمل فيه.

في روضة الكافي (٢) : ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن سعيد

__________________

(١) الكشاف ١ / ٥٣٤ ويوجد أيضا في أنوار التنزيل ١ / ٢٣٠.

(٢) الكافي ٨ / ٣٤٠ ، ح ٥٣٦.

٤٧٥

بن المسيّب ، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال ـ في حديث طويل ـ : وقد كانت خديجة ـ عليهما السّلام ـ ماتت قبل الهجرة بسنة ، ومات أبو طالب ـ عليه السّلام ـ بعد موت خديجة بسنة ، فلمّا فقدهما رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ سئم المقام بمكّة ودخله حزن شديد وأشفق على نفسه من كفّار قريش ، فشكى إلى جبرئيل ذلك ، فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : أن اخرج من القرية الظّالم أهلها وهاجر إلى المدينة ، فليس لك اليوم بمكّة ناصر ، وانصب للمشركين حربا. فعند ذلك توجّه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى المدينة.

وفي تفسير العيّاشي (١) : عن حمران عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه تلا : (الْمُسْتَضْعَفِينَ) ـ إلى ـ (نَصِيراً) وقال : نحن أولئك. وعن سماعة (٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله.

(الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) ، أي : فيما يصلون به إلى الله.

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) : فيما يبلغ بهم إلى الشّيطان.

(فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) : لمّا ذكر مقصد الفريقين ، أمر أولياءه أن يقاتلوا أولياء الشّيطان. ثمّ شجّعهم بقوله : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (٧٦) ، أي : أنّ كيده للمؤمنين ـ بالإضافة إلى كيد الله للكافرين ـ ضعيف لا يؤبه به ، فلا تخافوا أولياءه ، فإنّ اعتمادهم على أضعف شيء وأوهنه ، واعتمادكم على أقوى شيء وأحكمه.

وفي أصول الكافي (٣) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه عمّن ذكره ، عن محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : إذا سمعتم العلم فاستعملوه ولتسع قلوبكم. فإنّ العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشّيطان عليه. فإذا خاصمكم الشّيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون.

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٢٥٧ ، ح ١٩٣.

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١٩٤.

(٣) الكافي ١ / ٤٥ ، ح ٧.

٤٧٦

فإنّ كيد الشّيطان كان ضعيفا.

فقلت : وما الّذي نعرفه؟

قال : خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله ـ عزّ وجلّ ـ.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) : عن القتال.

(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) : واشتغلوا بما أمرتم به منهما.

قيل (١) : وذلك حين كانوا بمكة ، وكانوا يتمنّون أن يؤذن لهم في ذلك.

وفي مجمع البيان (٢) : المرويّ عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ : أنّ هذه الآية منسوخة بقوله : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ).

وفي أصول الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عبد الله بن عليّ الحلبيّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : كفّوا ألسنتكم.

فعلى هذه الرّواية ، تكون الآية في من لا يصلح له القتال. ويكون المراد بكفّ الأيدي ، كفّ الألسن عمّا يوجب القتال. ولم تكن الآية منسوخة. والجمع بينها وبين الرّواية الأولى ، أنّها منسوخة ببعض معانيها ، محكمة ببعض آخر.

وفي روضة الكافي (٤) : عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن العبّاس ، عن الحسن بن عبد الرّحمن ، عن منصور ، عن حريز ، عن عبد الله ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : يا فضيل ، أما ترضون أن تقيموا الصّلاة وتؤتوا الزّكاة وتكفّوا ألسنتكم وتدخلوا الجنّة؟ ثمّ قرأ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) أنتم والله أهل هذه الآية.

[يحيى الحلبيّ ، عن ابن مسكان (٥) ، عن مالك الجهنيّ قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : يا مالك ، أما ترضون أن تقيموا الصّلاة وتؤتوا الزّكاة وتكفّوا ألسنتكم وتدخلوا الجنّة؟] (٦).

(فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) :

__________________

(١) مجمع البيان ٢ / ٧٧.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٨٥.

(٣) الكافي ٢ / ١١٤ ، ح ٨.

(٤) نفس المصدر ٨ / ٢٨٩ ، ح ٤٣٤.

(٥) نفس المصدر ٨ / ١٤٦ ، ح ١٢٢.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٤٧٧

يخشون الكفّار أن يقتلوهم ، كما يخشون الله أن ينزّل عليهم بأسه.

و «إذا» للمفاجأة جواب «لمّا».

و «فريق» مبتدأ ، «منهم» صفته ، و «يخشون» خبره.

و «كخشية الله» من إضافة المصدر إلى المفعول ، وقع موقع المصدر ، أو الحال ، من فاعل «يخشون» على معنى : يخشون النّاس مثل أهل خشية الله منه.

(أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) : عطف عليه ، إن جعلته حالا. وإن جعلته مصدرا ، فلا.

لأنّ أفعل التّفضيل إذا نصب ما بعده لم يكن من جنسه ، بل هو معطوف على اسم الله ، أي : وكخشية الله أو كخشية أشدّ خشية منه ، على الفرض. اللهمّ إلّا أن نجعل الخشية ذات خشية ، كقولهم : جدّ جدّه. على معنى : يخشون النّاس خشية مثل خشية الله ، أو خشية أشدّ خشية من خشية الله.

(وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) :

استزادة في مدّة الكفّ عن القتال ، حذرا عن الموت. ويحتمل أنّهم ما تفوّهوا به ، ولكن قالوه في أنفسهم ، فحكى الله عنهم.

وفي تفسير العيّاشي (١) [، عنه : (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) قال : نزلت في الحسن بن عليّ ، أمره الله بالكفّ. (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) قال : نزلت في الحسين بن عليّ ، كتب الله عليه وعلى أهل الأرض أن يقاتلوا معه.

عليّ بن أسباط (٢) يرفعه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لو قاتل معه أهل الأرض ، لقتلوا كلّهم].(٣)

[عن إدريس مولى لعبد الله بن جعفر (٤) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في تفسير هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) مع] (٥) الحسن. (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مع الحسين ـ عليه السّلام ـ (قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) إلى خروج القائم ـ عليه السّلام ـ فإنّ معه

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٢٥٨ ، ح ١٩٨ ـ وفيه : «وفي رواية الحسن بن زياد العطّار عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله» بدل «عنه».

(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١٩٩.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) نفس المصدر ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، ح ١٩٥.

(٥) ما بين المعقوفتين ليس في ر.

٤٧٨

النّصر والظّفر.

[وفي روضة الكافي (١) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الصّباح بن عبد الحميد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : والله ، للّذي صنعه الحسن بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ كان خيرا لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشّمس ، والله لقد نزلت هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) إنّما هي طاعة الإمام ، وطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مع الحسين ـ عليه السّلام ـ (قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) نجب دعوتك ونتّبع الرّسل أرادوا تأخير ذلك إلى القائم ـ عليه السّلام ـ].(٢)

قال الله ـ تعالى ـ (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) : سريع التّقضّي.

(وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٧٧) ، أي : ولا تنقصون أدنى شيء من ثوابكم ، فلا ترغبوا عنه. أو من آجالكم المقدّرة. و «الفتيل» حبل دقيق من ليف. والسّماة الّتي في شقّ النواة. وما فتلته بين أصابعك من الوسخ. يكنّى به عن القليل ، كقولهم : وما أغنى عنك فتيلا. وقرأ ابن كثير والكسائيّ ، بالياء ، لتقدّم الغيبة (٣).

(أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) :

وقرئ ، بالرّفع ، على حذف الفاء. أو على أنّه كلام مبتدأ. و «أينما» متّصل بلا تظلمون (٤).

(وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) : في قصور ، أو حصون مرتفعة.

و «البروج» في الأصل ، بيوت على أطراف القصر. من تبرّجت المرأة ، إذا ظهرت.

وقرئ : مشيّدة. بصيغة اسم الفاعل ، وصفا لها بوصف فاعلها ، كقولهم : قصيدة شاعرة ومشيّدة. من شاد القصر ، إذا رفعه (٥).

(وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) : نعمة ، كخصب.

__________________

(١) الكافي ٨ / ٣٣٠ ، ح ٥٠٦.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣١.

(٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) نفس المصدر والموضع.

٤٧٩

(يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) ، أي : بليّة ، كقحط.

(يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) : يطّيّروا بك. ويقولون : إن هي إلّا بشؤمك ، كما قالت اليهود حين دخل محمّد ـ عليه السّلام ـ المدينة : نقصت ثمارها وغلت أسعارها.

(قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : يبسط ويقبض ، حسب إرادته.

(فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٧٨) : يوعظون به ، وهو القرآن. فإنهم لو فهموه وتدبّروا معانيه لعلموا أنّ الكلّ من الله. أو حديثا ما ، كبهائم لا إفهام لها. أو حادثا من صروف الزّمان ، فيتفكّروا فيها ، فيعلموا أنّه الباسط والقابض.

(ما أَصابَكَ) : يا إنسان : (مِنْ حَسَنَةٍ) : من نعمة.

(فَمِنَ اللهِ) : تفضّلا ، فإنّ كلّ ما يفعله الإنسان من عبادة فلا يكافئ صغرى نعمة من أياديه.

(وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) : من بليّة.

(فَمِنْ نَفْسِكَ) : لأنّها السّبب فيها ، لاستجلابها بالمعاصي. وهو لا ينافي قوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فإنّ الكلّ منه إيجادا وإيصالا ، غير أنّ الحسنة إحسان وامتنان ، والسّيئة مجازاة وانتقام. قال الله : (ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) .. (١)

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : عن الصّادقين ـ عليهم السّلام ـ أنّهم قالوا :

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) الحديث هنا فيه اختلاف كثير وفي المصدر موجود هكذا (ر. تفسير القمي ١ / ١٤٤) : عن الصادقين ـ عليهم السّلام ـ أنّهم قالوا : الحسنات في كتاب الله على وجهين والسيّئات على وجهين. فمن الحسنات التي ذكرها الله الصحة والسلامة والأمن والسعة والرزق. وقد سمّاها الله الحسنات : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) يعني بالسيّئة هاهنا المرض والخوف والجوع والشدّة يطيّروا بموسى ومن معه ، أي : يتشاءموا به. والوجه الثاني من الحسنات يعني به أفعال العباد وهو قوله [الأنعام / ١٦٠] : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ومثله كثير وكذلك السيّئات على وجهين. فمن السيّئات الخوف والجوع والشدّة وهو ما ذكرناه في قوله [الأعراف / ١٣١] : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) وعقوبات الذنوب فقد سمّاها الله السيّئات. والوجه الثاني من السيّئات يعني بها أفعال العباد التي يعاقبون عليها فهو قوله [النمل / ٩٠] : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ).

٤٨٠