تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٣

وفيه : أنّه مسخ خاصّ ، فيصحّ أن يكون مقابلا لمسخ أصحاب السّبت. ومن حمل الوعيد على تغيّر الصّورة في الدّنيا قال : إنّه بعد مترقّب ، أو كان وقوعه مشروطا بعدم إيمانهم. وقد آمن منهم طائفة.

(وَكانَ أَمْرُ اللهِ) : بإيقاع شيء ، أو وعيده ، أو ما حكم به وقضاه.

(مَفْعُولاً) (٤٧) : نافذا ، أو كائنا فيقع لا محالة ما أوعدتم به إن لم تؤمنوا.

(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) : لأنّه حكم بخلود عذابه وأوجب على نفسه تعذيبه ، لأنّه لا ينمحي عنه أثره فلا يستعد للعفو إلّا أن يتوب ويرجع إلى التّوحيد ، فإنّ باب التّوبة مفتوح أبدا.

في عيون الأخبار (١) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ وبإسناده قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ الله يحاسب كلّ خلق إلّا من أشرك بالله ، فإنّه لا يحاسب [يوم القيامة] (٢) ويؤمر به إلى النّار.

(وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) ، أي : ما دون الشّرك ، صغيرا كان أو كبيرا.

في أصول الكافي (٣) : يونس ، عن ابن بكير ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر لما دون ذلك لمن يشاء الكبائر فما سواها.

قال : قلت : دخلت الكبائر في الاستثناء؟

قال : نعم.

(لِمَنْ يَشاءُ) : تفضّلا عليه وإحسانا.

والمراد «بمن يشاء» الشّيعة خاصّة يغفر لهم ما سوى الشّرك ، فمن كان شيعة وخرج من الدّنيا مشركا لا يغفر له كما لا يغفر لسائر المشركين ، وإن لم يكن مشركا يغفر له ـ وإن كان عليه ذنوب أهل الأرض غير الشّرك.

والدّليل على أنّ المراد «بمن يشاء» الشّيعة ما رواه العيّاشي في تفسيره (٤) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أمّا قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) يعني : أنّه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليّ. وأمّا قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) يعني : لمن والى

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ / ٣٤ ، ح ٦٦.

(٢) من المصدر.

(٣) الكافي ٢ / ٢٨٤ ، ح ١٨.

(٤) تفسير العياشي ١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، ح ١٤٩.

٤٢١

عليّا ـ عليه السّلام ـ.

وما رواه في من لا يحضره الفقيه (١) : بإسناده إلى أمير المؤمنين قال : ولقد سمعت حبيبي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : لو أنّ المؤمن خرج من الدّنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفّارة لتلك الذّنوب ، ثمّ قال ـ عليه السّلام ـ : من قال لا إله إلّا الله بإخلاص فهو بريء من الشّرك ، ومن خرج من الدّنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنّة ، ثمّ تلا هذه الآية : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) من شيعتك ومحبّيك يا عليّ.

قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ فقلت : يا رسول الله ، هذا لشيعتي؟

قال : إي وربّي إنّه لشيعتك.

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

والدّليل على أنّه يغفر ذنوب الشّيعة وإن لم يتب ولو كان عليه مثل ذنوب أهل الأرض ما سبق وما رواه في كتاب التّوحيد (٢) : بإسناده إلى أبي ذرّ ـ رحمه الله ـ قال : خرجت ليلة من اللّيالي ، فإذا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يمشي وحده وليس معه إنسان ، فظننت أنّه يكره أن يمشي معه أحد ، قال : فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني.

فقال لي من هذا؟

فقلت أبو ذر جعلني الله فداك.

قال : يا أبا ذرّ تعال.

قال : فمشيت معه ساعة ، فقال : إنّ المكثرين هم الأقلّون يوم القيامة إلّا من أعطاه الله خيرا ، فنفخ منه بيمينه وشماله وبين يديه وورائه وعمل فيه خيرا.

قال فمشيت معه ساعة ، فقال لي : اجلس هاهنا ، وأجلسني في قاع حوله حجارة ، فقال لي : اجلس حتّى أرجع إليك.

قال فانطلق (٣) في الحرّة حتّى لم أره وتوارى عنّي فأطال اللّبث ، ثمّ إني سمعته وهو مقبل وهو يقول : وإن زنى وإن سرق ، فلمّا جاء لم أصبر حتّى قلت : يا نبيّ الله جعلني الله

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٢٩٥ ، ح ضمن حديث ٨٩٢.

(٢) التوحيد / ٢٥ ـ ٢٦ ، ح ٢٤ ، وأيضا فيه ، ص ٤٠٩ ـ ٤١٠ ، ح ٩.

(٣) المصدر : وانطلق.

٤٢٢

فداك من تكلّمه (١) في جانب الحرّة ، فإني ما سمعت أحدا يردّ عليك [من الجواب] (٢) شيئا؟

قال : ذاك جبرئيل عرض لي في جانب الحرّة ، فقال : بشّر أمّتك إنّ من مات لم يشرك (٣) بالله ـ عزّ وجلّ ـ شيئا دخل الجنّة.

فقلت : يا جبرئيل ، وإن زنى وإن سرق؟

قال : نعم.

قلت : وإن زنى وإن سرق؟

قال : نعم (٤) ، وإن شرب الخمر.

وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أمّا قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) يعني : أنّه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليّ. وأمّا قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) يعني : لمن والى عليّا ـ عليه السّلام ـ.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : فإنّه حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : دخلت الكبائر في الاستثناء؟

قال : نعم.

عن أبي العبّاس قال : سألت أبا عبد الله عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركا؟

قال : من ابتدع رأيا فأحبّ عليه أو أبغض.

وفي نهج البلاغة (٧) : قال ـ عليه السّلام ـ : فامّا الظلم الّذي لا يغفر فالشرك بالله ، قال الله سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ).

وفي مجمع البيان (٨) : وقف الله ـ سبحانه ـ المؤمنين الموحّدين بهذه الآية بين الخوف والرّجاء ، وبين العدل والفضل ، وذلك صفة المؤمنين ، ولذلك قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ : لو وزن رجاء المؤمن وخوفه لاعتدلا.

وفي كتاب التّوحيد (٩) : بإسناده إلى ثوير ، عن أبيه أنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ قال :

__________________

(١) هكذا في المصدر. وفي النسخ : تكلّم.

(٢) من المصدر.

(٣) المصدر : لا يشرك.

(٤) «قلت : وإن زنى وإن سرق؟ قال : نعم» ليس في المصدر.

(٥) تفسير العياشي ١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، ح ١٤٩.

(٦) تفسير القمي ١ / ١٤٠.

(٧) نهج البلاغة / ٦١ ، ضمن خطبة ١٧٦.

(٨) مجمع البيان ٢ / ٥٧.

(٩) التوحيد / ٤٠٩ ، ح ٨.

٤٢٣

ما في القرآن آية أحبّ إليّ من قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).

(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٤٨) : ارتكب ما استحقر دونه الآثام.

وهو إشارة إلى المعنى الفارق بينه وبين سائر الذّنوب والافتراء ، أو كما يطلق على القول يطلق على الفعل ، وكذلك الاختلاق.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) :

في مجمع البيان (١) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أنّها نزلت في اليهود والنّصارى حين قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) وقالوا : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى).

والجمع ، أنّها نزلت في الأوّلين وجرت في الآخرين ، وفيمن يسمّون أنفسهم باهل الرّياضة والتّوحيد ويجعلون أنفسهم ممتازة من أهل القشر والتّقليد.

(بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) : لأنّه العالم بما ينطوي عليه الإنسان من حسن وقبح ، ولا غرض في التّزكية ، وقد ذمّهم وزكّى المرتضين من عباده المؤمنين.

وأصل التّزكية ، نفي ما يستقبح فعلا] (٢) وقولا.

(وَلا يُظْلَمُونَ) : بالذّمّ والعقاب على تزكيتهم أنفسهم بغير حقّ ، (فَتِيلاً) (٤٩) : أدنى ظلم وأصغره. وهو الخيط الّذي في شقّ النّواة ، يضرب به المثل في الحقارة.

(انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) : في زعمهم أنّهم أبناء الله وأزكياء عنده ، أو خلفاؤه ، أو أولياؤه.

__________________

(١) مجمع البيان ٢ / ٥٨.

(٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

٤٢٤

(وَكَفى بِهِ) : بزعمهم هذا ، أو بالافتراء ، (إِثْماً مُبِيناً) (٥٠) : لا يخفى كونه مأثما من بين آثامهم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) : قيل (١) : نزلت في يهود ، كانوا يقولون : إنّ عبادة الأصنام أرضى عند الله ، ممّا يدعو إليه محمّد.

وقيل (٢) : في حيّ بن أخطب ، وكعب بن الأشرف ، وجمع من اليهود ، خرجوا [إلى مكّة] (٣) يحالفون قريشا على محاربة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقالوا : أنتم أهل الكتاب. وأنتم أقرب إلى محمّد منكم إلينا. فلا نأمن مكركم. فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئنّ إليكم ، ففعلوا.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) قال : نزلت في اليهود ، حين سألهم مشركو العرب : أديننا أفضل أم دين محمّد؟ قالوا : بل دينكم أفضل.

وروي أيضا (٥) : أنّها نزلت في الّذين غصبوا آل محمّد حقّهم ، وحسدوا منزلتهم.

وروى العيّاشي (٦) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أنّ الجبت والطّاغوت ، فلان وفلان.

و «الجبت» في الأصل ، اسم صنم. فاستعمل في كلّ ما عبد من دون الله.

وقيل : أصله ، الجبس. وهو الّذي لا خير فيه ، فقلبت سينه تاء (٧) والطّاغوت ، يطلق لكلّ باطل من معبود أو غيره (٨).

(وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ، أي : لأجلهم وفيهم.

(هؤُلاءِ) : إشارة إليهم.

(أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (٥١) أقوم دينا ، وأرشد طريقا.

في الكافي (٩) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : «يقولون» لأئمّة الضّلال (١٠) والدّعاة إلى النّار :

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٤.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) من المصدر.

(٤) تفسير القمي ١ / ١٤٠.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) تفسير العيّاشي ١ / ٢٤٦.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٤.

(٨) نفس المصدر والموضع.

(٩) الكافي ١ / ٢٠٥ ، ضمن حديث ١.

(١٠) المصدر : لأئمة الضلالة.

٤٢٥

«هؤلاء أهدى» من آل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ [«سبيلا»] (١).

(أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) (٥٢) :

يمنع العذاب بشفاعة ، أو غيرها.

(أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) : إنكار ، يعني : ليس لهم ذلك.

(فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (٥٣) ، يعني : لو كان لهم نصيب (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ) ما يوازي «نقيرا» وهو النّقطة الّتي في وسط النّواة. وهذا هو الإغراق في بيان شحّهم ، فإنّهم نجلوا بالنّقير وهم ملوك ، فما ظنّك بهم إذا كانوا أذّلاء متفاقرين.

ويحتمل أن يكون إنكار ، أنّهم أوتوا نصيبا من الملك على الكناية ، وأنّهم لا يؤتون النّاس شيئا.

و «إذا» (٢) إذا وقع بعد الواو أو الفاء ، لا لتشريك مفرد ، جاز فيه الإلغاء والإعمال. ولذلك قرئ : «فإذا لا يؤتوا» على النّصب (٣).

وفي الكافي (٤) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) ، يعني : الإمامة والخلافة. قال (٥) : ونحن النّاس الّذين عنى الله. والنّقير ، النّقطة الّتي في وسط النّواة.

(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) : قيل (٦) : بل أيحسدون النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأصحابه ، أو العرب ، أو النّاس جميعا.

(عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) : قيل (٧) : النّبوّة والكتاب والنّصرة والإعزاز ، وجعل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ الموعود منهم.

وفي الكافي وتفسير العيّاشي وغيرهما في عدّة روايات ، عنهم ـ عليه السّلام (٨) ـ : نحن المحسودون الّذين قال الله ، على ما آتانا ومن الامامة.

وفي مجمع البيان (٩) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : المراد بالنّاس ، النّبيّ وآله

__________________

(١) من المصدر.

(٢) هكذا في ر وأ. وفي الأصل : إذن.

(٣ و ٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٤.

(٤) الكافي ١ / ٢٠٥ ، ضمن حديث ١.

(٥) المصدر : «فإذا لا يؤتون الناس نقيرا» بدل «قال و».

(٧) نفس المصدر والموضع.

(٨) الكافي ١ / ٢٠٦ ، ح ٤ ، تفسير العياشي ١ / ٢٤٦. وراجع بحار الأنوار ٢٣ / ٢٨٣.

(٩) مجمع البيان ٢ / ٦١.

٤٢٦

ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

[وفي أصول الكافي (١) : أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي الصّباح الكنانيّ قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : نحن قوم فرض الله ـ عزّ وجلّ ـ طاعتنا ، لنا الأنفال ، ولنا صفو المال ، ونحن الرّاسخون في العلم ، ونحن المحسودون الّذين قال الله ـ : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد (٢) ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) قال : نحن المحسودون.

الحسين بن محمد ، عن المعلّى بن محمّد (٣) ، عن الوشّاء ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي الصّباح الكنانيّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

فقال : يا أبا الصّباح ، نحن ـ والله ـ النّاس المحسودون.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (٤) ، عن ابن أبي عمير ومحمّد بن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق ، عن عليّ بن مهزيار ، عن عليّ بن فضّال ، عن ابن أيّوب (٥) جميعا ، عن معاوية بن عمّار ، عن عمرو بن عكرمة قال : دخلت على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقلت [له :] (٦) لي جار يؤذيني.

فقال : أرحمه.

فقلت : لا رحمه الله. فصرف وجهه عنّي [قال :] (٧) فكرهت أن أدعه ، فقال : ارحمه ، فقال : لا رحمه الله (٨) ، فقلت : يفعل بي كذا وكذ (٩) ويؤذيني ، فقال : أرأيت إن كاشفته انتصفت منه. فقلت : بلى أربي (١٠) عليه. فقال : إنّ ذا ممّن (يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ، فإذا رأى نعمة على أحد فكان له أهل جعل بلاءه عليهم. وإن

__________________

(١) الكافي ١ / ١٨٦ ، ح ٦.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٠٦ ، ح ٢.

(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٤. وفيه : معلّى بن محمد.

(٤) نفس المصدر ٢ / ٦٦١ ، صدر حديث ١.

(٥) المصدر : عن فضالة بن أيّوب.

(٦ و ٧) من المصدر.

(٨) «فقال : أرحمه. فقال : لا رحمه الله» ليس في المصدر وهي يمكن أن تكون زائدة.

(٩) المصدر : يفعل بى كذا وكذا ويفعل بي.

(١٠) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ان أبى.

٤٢٧

لم يكن [له] (١) أهل جعله على خادمه. فإن لم يكن له خادم أسهر ليله وأغاظ (٢) نهاره.

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة].(٣) (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ) : الّذين هم أسلاف النّبيّ ، وبني عمّه.

(الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٥٤) : فلا يبعد أن يؤتيهم مثل ما آتاهم.

في تفسير علي بن إبراهيم (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : الكتاب ، النّبوّة.

والحكمة ، الفهم والقضاء. والملك العظيم ، الطّاعة المفروضة.

وفي الكافي وتفسير العيّاشي (٥) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : يعني : جعل منهم الرّسل والأنبياء والأئمّة ، فكيف يقرّون في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمّد؟! وقال : الملك العظيم ، أن جعل فيهم أئمّة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم.

[وفي أصول الكافي (٦) : محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن مختار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) قال : الطّاعة المفروضة.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٧) ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضّر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن محمّد الأحول ، عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قول الله عزّ وجلّ (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ) (٨).

قال : النّبوّة. قلت : (الْحِكْمَةَ).

قال : الفهم والقضاء.

قلت : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً).

قال : الطّاعة.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أنهى.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

(٤) تفسير القمي ١ / ١٤٠.

(٥) الكافي ١ / ٢٠٦ ، ح ٥ وتفسير العياشي ١ / ٢٤٦. وسيأتي أيضا عن الكافي فقط قريبا.

(٦) الكافي ١ / ١٨٦ ، ح ٤.

(٧) نفس المصدر ١ / ٢٠٦ ، ح ٣.

(٨) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «وآتيناهم الكتاب» بدل «فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب».

٤٢٨

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه (١) ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد العجليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً).

[قال :] (٢) جعل منهم الرّسل والأنبياء والأئمّة ، فكيف يقرّون في آل إبراهيم وينكرونه (٣) في آل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله؟! قال : قلت : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً).

قال : الملك العظيم ، أن جعل فيهم أئمّة من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله ، وهو الملك العظيم.

وفي عيون الأخبار (٤) ، في باب ما جاء عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ في وصف الإمامة والإمام قال ـ عليه السّلام ـ : إنّ الأنبياء والأئمّة يوفّقهم الله ويؤتيهم من مخزون (٥) علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم ، فيكون علمهم فوق كلّ علم أهل زمانهم ، في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (٦) (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) وقال ـ عزّ وجلّ ـ لنبيّه (٧) : (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) وقال ـ عزّ وجلّ ـ في الأئمّة من أهل بيته وعترته وذرّيّته : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً).

وفيه (٨) ، في باب ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع المأمون ، في الفرق بين العترة والأمّة ، حديث طويل ، وفيه : فقال له المأمون : هل فضّل الله العترة على سائر النّاس؟

فقال أبو الحسن ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله ـ تعالى ـ أبان فضل العترة على سائر النّاس في محكم كتابه.

فقال له المأمون : أين ذلك من كتاب الله ـ تعالى؟

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٢٠٦ ، ح ٥.

(٢) من المصدر.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ينكرون.

(٤) عيون الأخبار ١ / ٢٢١ ، ضمن حديث. وقد سقط من وسطه بعض الآيات.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : مخزن.

(٦) يونس / ٣٥.

(٧) النساء / ١١٣.

(٨) نفس المصدر ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، ضمن حديث.

٤٢٩

فقال له الرّضا ـ عليه السّلام ـ : في قوله ـ تعالى (١) ـ : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَعَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ [وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)]. وقال ـ عزّ وجلّ ـ في موضع آخر : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) [..]. يعني الطّاعة للمصطفين الطّاهرين فالملك هاهنا هو الطّاعة.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٢) ، بإسناده إلى محمّد بن الفضل ، عن أبي حمزة الثّماليّ عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : فإنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ يجعل العلم جهلا ولم يكل أمره إلى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، ولكنّه أرسل رسلا من الملائكة إلى نبيّه فقال له : كذا وكذا ، وأمره بما يحبّه (٣) ونهاه عما يكره (٤) فقصّ عليه ما قبله وما خلفه بعلم. فعلّم ذلك العلم أنبياءه وأولياءه (٥) وأصفياءه من الآباء والإخوان بالذّرّيّة الّتي بعضها من بعض. وذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً). فأمّا (الْكِتابَ) ، النّبوّة. وأمّا (الْحِكْمَةَ) ، فهم الحكماء من الأنبياء والأولياء والأصفياء [من الصّفوة] (٦).

وقال ـ عليه السّلام ـ فيه (٧) ـ أيضا ـ : إنّما الحجّة في آل إبراهيم لقول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً).

فالحجّة الأنبياء وأهل بيوتات الأنبياء حتى تقوم السّاعة.

وفي روضة الكافي (٨) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن الفضل ، عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ مثله سواء.

وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ (٩) قال : حدّثني عليّ بن محمّد بن عمر

__________________

(١) / ٣٣ ـ ٣٤.

(٢) كمال الدين وتمام النعمة / ٢١٧ ـ ٢١٨ ، ضمن حديث.

(٣) المصدر : يحبّ.

(٤) المصدر : ينكر.

(٥) ليس في المصدر.

(٦) من المصدر.

(٧) نفس المصدر / ٢١٨ ، ضمن حديث.

(٨) الكافي ٨ / ١١٧ ـ ١١٨ و ١١٩.

(٩) تفسير فرات / ٣٢.

٤٣٠

الزّهريّ (١) معنعنا ، عن إبراهيم قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : جعلت فداك ما تقول في هذه الآية : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ..

قال : نحن النّاس الذين قال الله ، ونحن المحسودون ، ونحن أهل الملك ، ونحن ورثنا النّبيّين ، وعندنا عصا موسى ، وإنّا لخزّان الله (٢) في الأرض لا نحزن على ذهب (٣) ولا فضّة ، وإنّ منّا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ والحسن والحسين ـ عليهما السّلام].(٤)

(فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) :

قيل (٥) : بمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أو بما ذكر من حديث آل إبراهيم.

وقيل (٦) : معناه : فمن آل إبراهيم «من آمن به» ومنهم من كفر ، ولم يكن في ذلك وهن في أمره ، فكذا لا يوهن كفر هؤلاء أمرك.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) ، يعني : أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وهم سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار.

(وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ) ، أي : أعرض عنه ولم يؤمن.

(وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) (٥٥) : نارا مسعورة يعذّبون بها ، يعني : إن لم يعجّلوا بالعقوبة فقد كفاهم ما أعدّ لهم من سعير جهنّم.

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً) :

في تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) : الآيات ، أمير المؤمنين والأئمّة ـ عليه السّلام.

(كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) :

قيل (٩) : بأن يعاد ذلك الجلد بعينه على صورة أخرى ، كقولك : بدّلت الخاتم قرطا.

أو بأن يزال عنه أثر الإحراق ، ليعود إحساسه للعذاب.

وقيل (١٠) : يخلق مكانه جلد آخر.

__________________

(١) المصدر : عليّ بن محمّد بن عليّ بن عمر الزّهريّ.

(٢) المصدر : لله.

(٣) المصدر : «لا بخزان ذهب» بدل «لا نحزن على ذهب».

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥ و ٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٤.

(٧) تفسير القمي ١ / ١٤٠ ـ ١٤١.

(٨) تفسير القمي ١ / ١٤١.

(٩) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٥.

(١٠) نفس المصدر والموضع.

٤٣١

والعذاب في الحقيقة للنّفس العاصية المدركة ، لا لآلة (١) إدراكها ، فلا محذور.

وفي كتاب الاحتجاج (٢) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ : وعن حفص بن غياث قال : شهدت المسجد الحرام ، وابن أبي العوجاء يسأل أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ وعن هذه الآية ، فقال : ما ذنب الغير؟

قال : ويحك ، هي هي ، وهي غيرها.

قال : فمثّل لي في ذلك شيئا من أمر الدّنيا.

قال : نعم ، أرأيت لو أنّ رجلا أخذ لبنة فكسرها ، ثمّ ردّها في ملبنها ، فهي هي وهي غيرها.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : قيل لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : كيف تبدّل جلودهم غيرها؟

قال : أرأيت لو أخذت لبنة فكسرتها وصيّرتها ترابا ، ثمّ ضربتها في القالب أهي كانت ، إنّما هي ذلك وحدث تغيير (٤) آخر والأصل واحد.

[وفي أصول الكافي (٥) : الحسين بن محمّد ، عن معلى بن محمّد ، عن محمّد بن عليّ [قال : أخبرني سماعة بن مهران] (٦) قال : أخبرني الكلبيّ النّسّابة قال : قلت لجعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ : ما تقول في المسح على الخفّين؟ فتبسّم ثمّ قال : إذا كان يوم القيامة وردّ الله كلّ شيء إلى منبته (٧) وردّ الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم.

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

وفي عيون الأخبار (٨) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع سليمان المروزيّ ، قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ في أثناء كلام بينه ـ عليه السّلام ـ وبين سليمان : يا سليمان ، هل يعلم [الله] (٩) جميع ما في الجنّة والنّار؟

__________________

(١) أ : لا دلالة.

(٢) الاحتجاج ٢ / ١٠٤.

(٣) تفسير القمي ١ / ١٤١.

(٤) هكذا في أ. وفي الأصل : «تغيّر» وفي المصدر : «تفسيرا».

(٥) الكافي ١ / ٣٥٠ وأوّله في ص ٣٦٩ ، ح ٦.

(٦) من المصدر.

(٧) المصدر : شيئه.

(٨) عيون الأخبار ١ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، ضمن حديث.

(٩) من المصدر.

٤٣٢

قال سليمان : نعم.

قال : أفيكون ما علم الله ـ عزّ وجلّ ـ أنّه يكون من ذلك؟

قال : نعم.

قال : فإذا كان [حتّى] (١) لا يبقى منه شيء إلّا كان أيزيدهم أو يطويه عنهم؟

قال سليمان : بل يزيدهم (٢).

قال : فأراه في قولك قد زادهم ما لم يكن في علمه أنّه يكون.

قال : جعلت فداك ، فالمزيد (٣) لا غاية له.

قال : فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف [غاية] (٤) ذلك ، وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون (٥) ، تعالى الله عن ذلك علّوا كبيرا.

قال سليمان : إنّما قلت : لا يعلمه ، لأنّه لا غاية لهذا ، لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ وصفهما بالخلود وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعا.

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم ، لأنّه قد يعلم ذلك ثمّ يزيدهم ثمّ لا يقطعه عنهم ، وكذلك قول (٦) الله ـ عزّ وجلّ ـ : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) وقال لأهل الجنّة (٧) : (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) وقال ـ عزّ وجلّ ـ (٨) : و (فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) فهو ـ جلّ وعزّ ـ يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزّيادة.

وفي باب آخر (٩) ، عنه ـ عليه السّلام ـ بإسناده قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ قاتل الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ في تابوت من نار. عليه

__________________

(١) من المصدر.

(٢) النسخ : «ليزيدهم». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(٣) المصدر : فالمريد.

(٤) من المصدر.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «ذلك» بدل «أن يكون».

(٦) المصدر : قال.

(٧) هود / ١٠٨.

(٨) الواقعة / ٣٣.

(٩) نفس المصدر ٢ / ٤٧ ، ح ١٧٨.

٤٣٣

نصف عذاب أهل الدّنيا. وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، منكس في النّار حتّى يقع في قعر جهنّم. وله ريح يتعوّذ أهل النّار إلى ربّهم من شدّة نتنه. وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع على قتله. كلّما نضجت جلودهم بدّل الله ـ عزّ وجلّ ـ عليهم الجلود حتّى يذوقوا العذاب الأليم. لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنّم ، فالويل لهم من عذاب النّار].(١)

(إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً) : لا يمتنع عليه ما يريده.

(حَكِيماً) (٥٦) : يعاقب على وفق حكمته.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) : تقديم ذكر الكفّار ووعيدهم لأنّ الكلام فيهم ، وذكر المؤمنين بالعرض.

(لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) : من الأقذار الّتي تكون لأزواج الدّنيا.

(وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) (٥٧) : فيئانا لا جوب فيه ، ودائما لا تنسخه الشّمس. وهو إشارة إلى النّعمة التّامّة الدّائمة.

و «الظّليل» صفة ، مشتقّة من الظّلّ ، لتأكيده ، كقولهم : شمس شامس. وليل أليل (٢). ويوم أيوم.

(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) :

قيل (٣) : نزلت يوم الفتح في عثمان بن طلحة بن عبد الدّار لمّا أغلق باب الكعبة وأبى أن يدفع المفتاح ليدخل فيها ، وقال : لو علمت أنّه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم أمنعه. فلوى عليّ ـ عليه السّلام ـ يده وأخذه منه. ودخل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصلّى ركعتين. فلمّا خرج سأله العبّاس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السّقاية والسّدانة. فأمره الله أن يردّه إليه. فأمر عليّا ـ عليه السّلام ـ يردّه ويعتذر إليه. وصار ذلك سببا لإسلامه. ونزل الوحي بأنّ السّدانة في أولاده أبدا.

وفي مجمع البيان (٤) ، عنهما ـ عليهما السّلام ـ : أنّها في كلّ من ائتمن أمانة من الأمانات ، وأمانات الله أوامره ونواهيه ، وأمانات عباده فيما يأتمن بعضهم بعضا من

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) أ : ليل الليل.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٥.

(٤) مجمع البيان ٢ / ٦٣.

٤٣٤

المال وغيره (١).

وفي الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان قال : قال لي أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ في وصيّته له : اعلم أنّ ضارب عليّ ـ عليه السّلام ـ بالسّيف وقاتله لو ائتمنني واستنصحني واستشارني ثمّ قبلت ذلك منه لأدّيت إليه الأمانة.

وفي معاني الأخبار (٣) : حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ قال : حدّثني أبي ، عن جدّي أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمّد بن خالد ، عن يونس بن عبد الرّحمن قال : سألت موسى بن جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها). فقال : هذه مخاطبة لنا خاصّة. أمر الله ـ تبارك وتعالى ـ كلّ إمام منّا أن يؤدّي إلى الإمام الّذي بعده ويوصي إليه ، ثمّ هي جارية في سائر الأمانات. [ولقد حدّثني أبي ، عن أبيه : أنّ عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال لأصحابه : عليكم بأداء الأمانة ، فلو أنّ قاتل [أبي] (٤) الحسين بن عليّ ائتمنني على السّيف الّذي قتله [به] (٥) لأدّيته إليه].(٦).

وفي تفسير العيّاشي (٧) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : إيّانا عنى أن يؤدّي الإمام الأوّل إلى الّذي بعده العلم والكتب والسّلاح.

__________________

(١) ذكر في حديث عن الكافي [٢ / ١٠٥] هكذا وهو مشطوب في الأصل وليس في ر : وفي أصول الكافي : محمد بن يحيى عن أبي طالب ، رفعه ، قال : قال قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده ، فانّ ذلك شيء اعتاده ، فلو تركه استوحش لذلك ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.

(٢) الكافي ٥ / ١٣٣ ، ح ٥.

(٣) ذكر بعد ذلك في أ : «ولقد حدّثني أبي عن أبيه عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال لأصحابه : عليكم بأداء الأمانة. فلو أنّ قاتل الحسين بن عليّ ائتمني على السيف الّذي قتله به ، لأدّيته إليه» [معاني الأخبار / ١٠٨ ، ح ١] وهو مشطوب في الأصل وليس في ر. والحديث الذي ذكر في المتن في معاني الأخبار / ١٠٧ ـ ١٠٨ ، ح ١.

(٤ و ٥) من المصدر.

(٦) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٧) تفسير العياشي ١ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧.

٤٣٥

[وفي أصول الكافي (١) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء (٢) ، عن أحمد بن عمر قال : سألت الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها).

قال : هم الأئمّة من آل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن يؤدّي الإمام الأمانة إلى من بعده ، ولا يخصّ بها غيره ، ولا يزويها (٣) عنه.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٤) ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) ..

قال : هم الأئمّة يؤدّي الإمام إلى الإمام من بعده. ولا يخصّ بها غيره.

ولا يزويها عنه.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد (٥) ، عن محمّد بن سنان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن ابن أبي يعفور ، عن المعلّى بن خنيس قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) ..

قال : أمر الله الإمام الأوّل أن يدفع إلى الإمام الّذي بعده كلّ شيء عنده.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (٦) ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي كهمس قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : عبد الله بن يعفور يقرئك السّلام.

قال : وعليك وعليه السّلام ، إذا أتيت عبد الله فاقرأه السّلام وقل له : إنّ جعفر بن محمّد يقول لك : انظر ما بلغ به عليّ ـ عليه السّلام ـ عند رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فالزمه فإنّ عليّا ـ عليه السّلام ـ إنّما بلغ ما بلغ به عند رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ

__________________

(١) الكافي ١ / ٢٧٦ ، ح ٢.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «الحسين بن عليّ الوشا» وهي خطأ. ر. تنقيح المقال ١ / ٣٠٠ ، رقم ٢٦٨١.

(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : لا يزوبها.

(٤) نفس المصدر ١ / ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، ح ٣.

(٥) نفس المصدر ١ / ٢٧٧ ، ح ٤. وورد ذيل هذا الحديث ، فقط ، بدون سند في نسخه أ ، دون غيره من الأحاديث.

(٦) نفس المصدر ٢ / ١٠٤ ، ح ٥.

٤٣٦

وله بصدق الحديث وأداء الأمانة.

محمّد بن يحيى ، عن أبي طالب (١) ـ رفعه ـ قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لا تنظروا إلى طول ركوع الرّجل وسجوده. فإنّ ذلك شيء اعتاده. فلو تركه استوحش لذلك. ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.

وفي شرح الآيات الباهرة (٢) : قال محمّد بن يعقوب (٣) ـ رحمه الله ـ : عن الحسين بن محمّد ـ بإسناده ـ عن رجاله ، عن أحمد بن عمر قال : سألت الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها).

قال : هم الأئمّة من آل محمّد ـ صلوات الله عليهم ـ أمرهم أن يؤدّي الإمام الإمامة إلى من بعده ، لا يخصّ بها غيره ، ولا يزويها عنه].(٤).

(وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) :

في الكافي وفي تفسير العيّاشي (٥) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ يعني : العدل الّذي في أيديكم.

وفي رواية أخرى للعيّاشي (٦) : أن تحكموا بالعدل إذا ظهرتم ، أن تحكموا بالعدل إذا بدت في أيديكم.

(إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) ، أي : نعم الشّيء الّذي يعظكم به. «فما» منصوبة موصوفة «بيعظكم به» أو مرفوعة موصولة به. والمخصوص بالمدح محذوف ، وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكومات.

وفي تفسير العيّاشي (٧) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : فينا نزلت والله المستعان.

(إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً) : بأقوالكم وأحكامكم.

(بَصِيراً) (٥٨) : بما تفعلون بأداء الأمانات.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) :

في الكافي والعيّاشي (٨) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : إيّانا عنى خاصّة ، أمر جميع

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ١٠٥ ، ح ١٢.

(٢) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط ، ص ٤٨.

(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور : محمد بن العباس.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) الكافي ١ / ٢٧٦ ، ح ١ وتفسير العياشي ١ / ٢٤٧ ، ح ١٥٣.

(٦) تفسير العياشي ١ / ٢٤٧ ، ح ١٥٤.

(٧) نفس المصدر ١ / ٢٤٩ ، ح ١٦٦.

(٨) الكافي ١ / ٢٧٦ ، وتفسير العياشي ١ / ٢٥٠ ، ح ١٦٩.

٤٣٧

المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا.

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (١) : [حدّثنا أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن عبد الله بن محمّد الحجّال ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (٢) في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قال : الأئمّة من ولد عليّ وفاطمة ـ عليهما السّلام ـ إلى أن تقوم السّاعة.] (٣)

وبإسناده إلى جابر بن عبد الله الأنصاري (٤) قال : لمّا أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ على نبيّه محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قلت : يا رسول الله ، عرفنا الله ورسوله ، فمن أولي الأمر الّذين قرن طاعتهم بطاعته؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : هم خلفائي ـ يا جابر ـ وأئمّة المسلمين من بعدي.

أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التّوراة بالباقر وستدركه ـ يا جابر ـ فإذا لقيته فاقرأه منّي السّلام ، ثمّ الصّادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ سميّي محمّد وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ. ذاك الّذي يفتح الله ـ تعالى ذكره ـ على يديه مشارق الأرض ومغاربها. ذاك الّذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان.

قال جابر : فقلت له : يا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فهل لشيعته الانتفاع به في غيبته؟

فقال ـ عليه السّلام ـ : والّذي بعثني بالنّبوّة أنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة ١ / ٢٢٢ ، ح ٨.

(٢) المصدر : «أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ» وفي الرواة «حماد بن عثمان» و «أبو بصير» متعدد مع تطابق زماني. ولذلك لم نستطيع أن نختار بين «أبي عبد الله» أو «أبي جعفر» ـ عليهما السّلام ـ أحدهما بيانا وصوابا.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) نفس المصدر ١ / ٢٥٣ ، ح ٣.

٤٣٨

بولايته في غيبته كانتفاع النّاس بالشّمس وإن تجلاها سحاب. يا جابر هذا من مكنون سرّ الله ومخزون علم الله. فاكتمه إلّا عن أهله.

وفي تفسير العيّاشي (١) : عن أبان أنّه قال : دخلت على أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ فسألته عن قول الله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ..

فقال : ذلك عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ ثمّ سكت.

قال : فلمّا طال سكوته قلت : ثمّ من؟

قال : ثمّ الحسن. ثمّ سكت.

فلمّا طال سكوته قلت : ثمّ من؟

قال : ثمّ الحسين. قلت : ثمّ من؟

قال : ثمّ عليّ بن الحسين.

فلم يزل يسكت عند كلّ واحد حتّى أعيد المسألة فيقول ، حتّى سمّاهم إلى آخرهم ـ صلّى الله عليهم.

[عن عمران الحلبي (٢) قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّكم أخذتم هذا الأمر من جذوه ـ يعني : من أصله ـ عن قول الله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ومن قول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : «ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا» ، لا من قول فلان ولا من قول فلان.

عن عبد الله بن عجلان (٣) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قال : هي في عليّ ـ عليه السّلام ـ وفي الأئمّة ، جعلهم الله مواضع الأنبياء غير أنّهم لا يحلّلون شيئا ولا يحرّمونه.

عن حكيم (٤) قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : جعلت فداك ، أخبرني من أولو الأمر (٥) الّذين أمر الله بطاعتهم؟

فقال [لي] (٦) : أولئك عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين

__________________

(١) تفسير العياشي ١ / ٢٥١ ، ح ١٧١.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، ح ١٧٢.

(٣) نفس المصدر ١ / ٢٥٢ ، ح ١٧٣.

(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ١٧٤.

(٥) المصدر : أولي الأمر.

(٦) من المصدر.

٤٣٩

ومحمّد بن عليّ وجعفر [أنا] (١) فاحمدوا الله الّذي عرّفكم أئمّتكم وقادتكم حين جحدهم النّاس.

وفيه (٢) : عن ابن بريد معاوية ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : ثمّ قال للنّاس : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) إيّانا عنى خاصّة.

وفي عيون الأخبار (٣) ، في باب ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع المأمون ، في الفرق بين العترة والأمّة ، حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وقال ـ عزّ وجلّ ـ في موضع آخر : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ثمّ ردّ الخاطبة في أثره (٤) إلى سائر المؤمنين فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ، يعني : الّذين قرنهم بالكتاب والحكمة وحسدوا عليهما.

وفي هذا المجلس كلام طويل له ـ عليه السّلام ـ يقول فيه (٥) في شأن ذوي القربى : فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم ، وكذلك الفيء (٦) ما رضيه منه لنفسه ولنبيّه رضيه لذي القربى كما أجراهم (٧) في الغنيمة. فبدأ بنفسه ـ جلّ جلاله ـ ثمّ برسوله ثمّ بهم. وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله. وكذلك في الطّاعة قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). فبدأ بنفسه ثمّ برسوله ثمّ بأهل بيته.

وفيه (٨) ، في باب ما كتبه الرّضا ـ عليه السّلام ـ للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدّين ، وبإسناده إلى الرّضا ـ عليه السّلام ـ : عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ـ عليهم السّلام ـ قال : أوصى النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى عليّ والحسن والحسين ـ عليهم السّلام ـ ثمّ قال ـ عزّ وجلّ ـ :

__________________

(١) من المصدر.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٤٧ ضمن حديث ١٥٣ وأوله في ص ٢٤٦.

(٣) عيون الأخبار ١ / ٢٣٠.

(٤) المصدر : أثر هذه.

(٥) نفس المصدر ١ / ٢٣٨.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أنفى.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : أجوبهم.

(٨) نفس المصدر ٢ / ١٣١ ، ح ١٤.

٤٤٠