تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي


المحقق: حسين درگاهى
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٣

هارون الرّشيد لمّا قال له : كيف تكونون ذرّيّة رسول الله وأنتم أولاد ابنته؟ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ لهارون : أزيدك ، يا أمير المؤمنين.

قال : هات.

قلت : قول الله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ، ولم يدّع أحد أنّه أدخل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ تحت الكساء عند المباهلة للنّصارى ، إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين ، فكان تأويل قوله ـ عزّ وجلّ ـ : أبناءنا ، الحسن والحسين. ونساءنا ، فاطمة. وأنفسنا ، عليّ بن أبي طالب. على أنّ العلماء قد أجمعوا ، على أنّ جبريل قال يوم أحد : يا محمّد ، إنّ هذه لهي المواساة من عليّ.

قال : لأنّه منّي وأنا منه.

وفيه (١) : في باب ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع المأمون في الفرق بين العترة والأمّة حديث طويل ، وفيه قالت العلماء : فأخبرنا هل فسّر الله ـ تعالى ـ الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : فسّر الاصطفاء في الظّاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا ، فأوّل ذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ إلى أن قال : وأمّا الثّالثة ، فحين ميّز الله الطّاهرين من خلقه. فأمر نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالمباهلة بهم في آية المباهلة (٢) ، فقال ـ عزّ وجلّ ـ : يا محمّد ، (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).

فبرز (٣) النّبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّا والحسن والحسين وفاطمة ـ صلوات الله عليهم ـ وقرن أنفسهم بنفسه ، فهل (٤) تدرون ما معنى قوله : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ)؟

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٢٩٧ ، ح ٥٣.

(٢) هكذا في الأصل. وفي المصدر : الابتهال.

(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل لا يقرأ. ولعلّ الصواب : فأبرز.

(٤) الأصل : «بل». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

١٢١

قالت العلماء : عنى به نفسه.

فقال أبو الحسن ـ عليه السّلام ـ : غلطتم ، إنّما عنى به عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ وممّا يدلّ على ذلك قول النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حين قال : لينتهينّ بنو وليعة أو لأبعثنّ إليهم رجلا كنفسي ، يعني عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام.

وعنى بالأبناء ، الحسن والحسين ـ عليهما السّلام ـ وعنى بالنّساء ، فاطمة ـ عليها السّلام ـ فهذه خصوصيّة لا يتقدّم فيها أحد ، وفضل لا يلحقهم فيه بشر ، وشرف لا يسبقهم إليه خلق ، إذ جعل نفس عليّ كنفسه.

وفيه (١) : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : يا عليّ من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن سبّك فقد سبّني ، لأنّك منّي كنفسي ، روحك من روحي وطينتك من طينتي.

وفي كتاب علل الشّرائع (٢) : عن أبي جعفر الثّاني ، حديث طويل ذكرته بتمامه في سورة يونس ، عند قوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) (الآية). وفيه أنّ المخاطب بذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ولم يكن في شكّ ممّا أنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ ولكن قالت الجهلة : كيف لا يبعث (٣) الله (٤) إلينا نبيّا [من الملائكة ، إنّه] (٥) لم يفترق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق؟

فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى نبيّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) ـ بمحضر من الجهلة ـ هل بعث (٦) الله ـ عزّ وجلّ ـ رسولا قبلك إلّا وهو يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق ، ولك بهم أسوة.

وإنّما قال : و (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ) ، ولم يكن (٧) ولكن ليتفهّم (٨) ، كما قال ـ عليه السّلام ـ (٩) :

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ٢٩٧ ، ح ٥٣.

(٢) علل الشرائع / ١٢٩ ، ح ١. وفيه : «علي بن محمد» بدل «أبي جعفر الثاني».

(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل : لا بعث.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) من المصدر.

(٦) المصدر : هل يبعث.

(٧) المصدر : ولم يقل.

(٨) المصدر : ليتبعهم.

(٩) المصدر : «كما قال له ـ صلى الله عليه وآله ـ» بدل «كما قال عليه السلام».

١٢٢

(فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ). ولو قال : تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم ، لم يكونوا يجيبون للمباهلة. وقد عرف أنّ النّبيّ (١) ـ صلّى الله عليه وآله ـ مؤدّي عنه رسالة وما هو من الكاذبين ، وكذلك عرف النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه صادق فيما يقول ، ولكن أحبّ أن ينصف من نفسه.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن محمّد بن سعيد الأردنيّ (٣) ، عن موسى بن محمّد بن الرّضا (٤) ، عن أخيه أبي الحسن ـ عليه السّلام (٥) ـ أنّه قال في هذه الآية : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ، ولو قال : تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم ، لم يكونوا يجيبون للمباهلة وقد علم أنّ نبيّه مؤدي عنه رسالاته ، وما هو من الكاذبين.

وفيه (٦) عن المنذر قال : حدّثنا عليّ ـ عليه السّلام ـ لمّا نزلت هذه الآية : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (الآية) قال : فأخذ بيد فاطمة وعليّ وابنيهما ـ عليهم السّلام ـ فقال رجل من اليهود (٧) : لا تفعلوا فيصيبكم عنت الوجوه (٨) ، فلم يدعوه (٩)] (١٠).

وفي شرح الآيات الباهرة (١١) : أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ صالحهم على ألفي حلّة وثلاثين درعا وثلاثين فرسا ، وكتب [لهم] (١٢) بذلك كتابا ، ورجعوا إلى بلادهم.

(إِنَّ هذا) ، أي : ما قصّ من نبأ عيسى ومريم.

(لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ) : بجملتها ، خبر إنّ أو هو فصل ، يفيد أنّ ما ذكره في شأن

__________________

(١) المصدر : أن نبيّه.

(٢) تفسير العياشي ١ / ١٧٦ ، ح ٥٥.

(٣) المصدر : «الأزديّ» بدل «الأردني». وقيل في هامشه : وفي نسخة «الأردني».

(٤) هكذا في المصدر. وفي الأصل : عن موسى بن محمد بن محمد الرضا.

(٥) هكذا في المصدر. وفي الأصل : عن أخيه أبي الحسن الرضا ـ عليه السّلام ـ. وهو وهم والظاهر : عن أخيه أبي الحسن الهادي ـ عليه السّلام ـ ر. تنقيح المقال ٣ / ٢٥٩.

(٦) نفس المصدر ١ / ١٧٧ ، ح ٥٨.

(٧) المصدر : النصارى (اليهود خ ل)

(٨) ليس في المصدر.

(٩) هكذا في المصدر. وفي الأصل : يداعوه.

(١٠) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(١١) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط / ٤٠.

(١٢) من المصدر.

١٢٣

عيسى ومريم حقّ ، دون ما ذكروه ، وما بعده خبر ، واللّام دخلت فيه ، لأنّه أقرب إلى المبتدأ من الخبر ، وأصلها أن تدخل على المبتدأ ، وهاهنا دخول إنّ عليه مانع ، فأخّر.

(وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ) : زيادة «من» لزيادة الاستغراق ، لتأكيد الرّدّ على النّصارى في تثليثهم.

(وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) : لا يساويه أحد في القدرة التّامّة ، (الْحَكِيمُ) (٦٢) : ولا في الحكمة البالغة ليشاركه في الألوهيّة.

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : عن التّوحيد ، (فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) (٦٣) : إيراد المظهر ليدل على أنّ التّولّي (١) إفساد للدّين والاعتقاد.

(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) :

قيل (٢) : يعمّ أهل الكتابين.

وقيل (٣) : يريد به وفد نجران ، أو يهود المدينة (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) : لا يختلف فيها الرّسل والكتب ، وهي : (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) : أي : نوحّده بالعبادة.

(وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) : لا نجعل له غيره شريكا في استحقاق العبادة.

(وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) : ولا نقول : عزير بن الله ، ولا المسيح بن الله. ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوا من التّحريم والتّحليل ، لأنّ كلا منهم بعضنا ، بشر مثلنا.

وفي مجمع البيان (٤) : وقد روى ، لمّا نزلت هذه الآية قال عديّ بن حاتم : ما كنّا نعبدهم يا رسول الله.

فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أما كانوا يحلّون لكم ويحرّمون فتأخذون بقولهم؟

فقال : نعم.

فقال النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : هو ذاك.

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : عن التّوحيد ،

__________________

(١) «أنّ التّولّي» ليس في أ.

(٢ و ٣) أنوار التنزيل ١ / ١٦٤.

(٤) مجمع البيان ١ / ٤٥٥.

١٢٤

(فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (٦٤) ، أي : لزمتكم الحجّة ، فوجب عليكم أن تعترفوا وتسلّموا بأنّا مسلمون دونكم ، كما يقول الغالب للمغلوب ـ في جدل وصراع أو غيرهما ـ : اعترف بأنّي أنا الغالب وسلّم لي الغلبة.

ويجوز أن يكون من باب التّعريض ، ومعناه : اشهدوا واعترفوا بأنّكم كافرون ، حيث تولّيتم عن الحقّ بعد ظهوره.

(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ) : ويدّعي كلّ فريق أنّ إبراهيم كان على دينهم ، اليهود تدّعي يهوديّته ، والنّصارى نصرانيّته (وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ) : الّتي ثبت بها اليهوديّة ، (وَالْإِنْجِيلُ) : الّذي ثبت به النّصرانيّة ، (إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ) ، أي : بعد إبراهيم ، أنزلت التّوراة بعده بألف سنة ، والإنجيل بألفي سنة ، فكيف يكون إبراهيم على دين لم يحدث إلّا بعده بأزمنة متطاولة؟! (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٦٥) : حتّى لا تجادلوا مثل هذا الجدال المحال. هكذا قاله المفسّرون ، وفي ما قالوه إشكال من وجهين : الأوّل : أنّه يمكن أن يقال (١) من قبل (٢) اليهود والنّصارى : إنّ كون إبراهيم منهم ، لا يتوقّف على نزول التّوراة والإنجيل في زمانه ، لإمكان إيحاء اليهوديّة أو النّصرانيّة إليه ، ثمّ إنزال التّوراة والإنجيل على طبق ما أوحي إليه سابقا.

الثّاني : أنّه قد تواتر أنّ ابراهيم ـ عليه السّلام ـ كان مسلما ـ وقد دلّ عليه الآية ـ وشيعة ، مع أنّ الإسلام والتّشيّع إنّما ثبت بالقرآن الّذي نزل (٣) بعده ، فما هو جوابكم فهو جوابهم.

والأظهر أنّ مضمون الآية ـ والله أعلم ـ أنّ كلّا من اليهود والنّصارى ، يدّعي أنّ إبراهيم كان على الدّين الّذي هم (٤) عليه الآن ، من اليهوديّة (٥) الّتي حدثت بعد التّوراة ، والنّصرانيّة الّتي حدثت بعد الإنجيل بالتّحريف والتّبديل ، فقال الله ـ تعالى ـ : (لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ) ، وتدّعون أنّه كان على ما أنتم عليه الآن ، وهو حدث بتحريفكم بعد إنزال التّوراة والإنجيل [بعد إبراهيم بمدد متطاولة ، وما كان له أصل من الله ، حتّى يحتمل

__________________

(١) ر : يؤمن.

(٢) أ : قبيل.

(٣ و ٤) ليس في أ.

(٥) ر : اليهوذا.

١٢٥

أن يوحيه إلى إبراهيم ، ويكون هو عليه قبل إنزال التّوراة والإنجيل] (١) أفلا تعقلون؟ وحينئذ لا يرد عليه شيء من الإشكالين ، والله أعلم بحقيقة الحال.

(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) : «ها» ، حرف تنبيه ، نبّهوا بها على حالهم ، الّتي غفلوا عنها. و «أنتم» ، مبتدأ.

و «هؤلاء» ، خبره. و «حاججتم» ، جملة أخرى مبيّنة للأولى ، أي : أنتم هؤلاء الحمقى ، وبيان حماقتكم أنّكم جادلتم فيما لكم به علم ، ممّا وجدتموه في التّوراة والإنجيل من نعت النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ عنادا ، فلم تجادلون فيما لا علم لكم به ، ولا ذكر له في كتابكم ، من أنّ إبراهيم كان على اليهوديّة أو النّصرانيّة الّتي نحن عليها.

وقيل (٢) : هؤلاء ، بمعنى : الّذين. وحاججتم ، صلته.

وقيل (٣) : ها أنتم ، أصله أأنتم على الاستفهام ، للتّعجيب من حماقتهم ، فقلبت الهمزة هاء.

وقرء نافع وأبو عمرو «ها أنتم» حيث وقع بالمدّ ، من غير همزة. وورش ، أقلّ مدّا.

وقنبل ، بالهمزة (٤) من غير ألف بعد الهاء. والباقون ، بالمدّ والهمزة (٥).

والبزّيّ ، يقصر (٦) المدّ على أصله (٧).

(وَاللهُ يَعْلَمُ) : ما حاججتم فيه ، أوله العلم.

(وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٦٦) : أي : لا تعلمونه ، أو لستم ممّن له العلم.

(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا) :

بعد ما قرّر أنّ إبراهيم لم يكن على اليهوديّة والنّصرانيّة الّتي هم عليها الآن ، نفى عنه اليهوديّة والنّصرانيّة مطلقا ، ولمّا كان يوهم ذلك كونه على غير الحقّ ، لأنّ أصل اليهوديّة والنّصرانيّة لم يكن غير حق (٨) ، نفى ذلك الوهم بقوله : (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً) : مائلا عن العقائد الزّائغة.

في أصول الكافي (٩) : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله

__________________

(١) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٦٥.

(٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) المصدر : بالهمز.

(٥) المصدر : الهمز.

(٦) المصدر : بقصر.

(٧) نفس المصدر والموضع.

(٨) ر : على غير حقّ.

(٩) لكافي ٢ / ١٥ ، ح ١.

١٢٦

ابن مسكان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : حنيفا مسلما ، قال : خالصا مخلصا ليس فيه (١) شيء من عبادة الأوثان.

(مُسْلِماً) : منقادا لله فيما شرع له ، لأنّ اليهوديّة صارت شرعا في أيّام موسى ، والنّصرانيّة في بعثة عيسى ، ولم يكونا مشروعين قبل ذلك ، والمشروع حينئذ هو الإسلام.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن عبيد الله الحلبيّ (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال : أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : ما كان إبراهيم يهوديّا ولا نصرانيّا. لا يهوديّا يصلّي إلى المغرب ، ولا نصرانيّا يصلّي إلى المشرق ، ولكن كان حنيفا مسلما على (٤) دين محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ.

[(وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٦٧) : تعريض بأنّهم مشركون لإشراكهم به عزير والمسيح ، وردّ لا دعاء المشركين أنّهم على ملّة إبراهيم.

وفي روضة الكافي (٥) : عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن عبّاس ، عن عليّ بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : لا شرقيّة ولا غربيّة ، يقول : [لستم] (٦) بيهود فتصلّوا قبل المغرب ولا نصارى فتصلّوا قبل المشرق ، وأنتم على ملّة إبراهيم ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقد قال ـ عزّ وجلّ ـ : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)].(٧)

(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ) : أي : أقربهم به. من الوليّ بمعنى : القرب.

(لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) : من أمّته ، (وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) : لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم. والمراد بالّذين آمنوا ، هم الأئمّة وأتباعهم.

[(وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٨) : ينصرهم ويجازيهم الحسنى بإيمانهم].(٨)

__________________

(١) أ : منه.

(٢) تفسير العياشي ١ / ١٧٧ ، ح ٦٠.

(٣) النسخ : «عبد الله الحلبي». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر. وهو عبيد الله بن عليّ بن أبي شعبة الحلبي. ر. رجال النجاشي / ٢٣٠ ، رقم ٦١٢.

(٤) المصدر : [يقول كان على] بدل «على».

(٥) الكافي ٨ / ٣٨١ ، ضمن حديث ٥٧٤.

(٦) من المصدر.

(٧) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١٢٧

في أصول الكافي (١) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشاء ، عن مثّنى ، عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا). قال : هم الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ ومن اتّبعهم.

وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن عليّ بن النّعمان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ [في قوله (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)] (٣) قال : هم الأئمّة وأتباعهم.

وفي مجمع البيان (٤) : قال (٥) أمير المؤمنين عليّ (٦) ـ عليه السّلام ـ : إنّ أولى النّاس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ، ثمّ تلا هذه الآية ، وقال : إنّ وليّ محمّد من أطاع الله وإن بعدت لحمته ، وإنّ عدوّ محمّد من عصى الله وإن قربت قرابته.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن عمر بن يزيد (٨) قال (٩) : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أنتم والله من آل محمّد.

فقلت : من أنفسهم جعلت فداك؟

قال : نعم والله من أنفسهم ـ ثلاثا ـ ثمّ نظر إليّ ونظرت إليه ، فقال : يا عمر ، إنّ الله يقول في كتابه : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).

وفيه (١٠) : في حديث طويل [عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (١١) وفيه يقول ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ثمّ صعدنا إلى السّماء السّابعة (١٢) ، فما مررت بملك من الملائكة إلّا قالوا : يا محمّد احتجم وأمر أمّتك بالحجامة ، وإذا فيها رجل أشمط الرّأس واللّحية جالس

__________________

(١) الكافي ١ / ٤١٦ ، ح ٢٠.

(٢) تفسير العياشي ١ / ١٧٧ ، ح ٦٢.

(٣) من المصدر.

(٤) مجمع البيان ١ / ٤٥٨.

(٥) المصدر : قول.

(٦) «علّي» ليس في المصدر.

(٧) تفسير القمي ١ / ١٠٥.

(٨) النسخ : عمر بن زيد. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(٩) ليس في المصدر.

(١٠) نفس المصدر ٢ / ٩.

(١١) من أ.

(١٢) أ : الرابعة.

١٢٨

على كرسيّ ، فقلت : يا جبرئيل ، من هذا الّذي في السّماء السّابعة ، على باب البيت المعمور ، في جوار الله؟

فقال : هذا يا محمّد (١) أبوك إبراهيم ، وهذا محلّك ، ومحلّ من اتّقى من أمّتك. ثمّ قرأ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).

حدّثني أبي (٢) ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي خالد الكابليّ قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : والله لكأنّي أنظر إلى القائم ـ عليه السّلام ـ وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد الله حقّه ، ثمّ يقول : يا أيّها النّاس من يحاجّني في الله فأنا أولى بالله ، أيّها النّاس من يحاجّني في آدم (٣) فأنا أولى بآدم ، أيّها النّاس من يحاجّني في نوح فأنا أولى بنوح ، أيّها النّاس من يحاجّني في إبراهيم (٤) فأنا أولى بإبراهيم.

والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.

وفي نهج البلاغة (٥) : من كتاب له ـ عليه السّلام ـ إلى معاوية جوابا : وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنّا ، وهو قوله سبحانه : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) ، وقوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ). فنحن مرّة أولى بالقرابة ، وتارة أولى بالطّاعة.

وفي كتاب الاحتجاج (٦) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ خطبة لعليّ ـ عليه السّلام ـ وفيها : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُ) ، وقال ـ عزّ وجلّ ـ : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ). فنحن أولى النّاس بإبراهيم ، ونحن ورثناه ، ونحن أولو الأرحام الّذين ورثنا الكعبة ، ونحن آل إبراهيم (٧).

(وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) : قيل (٨) : نزلت في اليهود ، لمّا دعوا

__________________

(١) «يا محمد» ليس في المصدر.

(٢) نفس المصدر ٢ / ٢٠٥.

(٣) هكذا في المصدر : وفي النسخ : بآدم.

(٤) أ : بإبراهيم.

(٥) نهج البلاغة / ٣٧٨ ، ضمن رسالة ٢٨.

(٦) الاحتجاج ١ / ٣٢٤.

(٧) يوجد في أبعد هذه العبارة : «والله وليّ المؤمنين ينصرهم ويجازيهم الحسنى بايمانهم.» وهي مشطوب في الأصل.

(٨) أنوار التنزيل ١ / ١٦٦.

١٢٩

حذيفة وعمّار أو معادا (١) إلى اليهوديّة.

و «لو» ، بمعنى : أن.

(وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) : وما يتخطّاهم الإضلال ولا يعود وباله إلّا عليهم ، إذ يضاعف به عذابهم. أو يزيد به ضلالتهم ورسوخهم فيها. أو ما يضلّون إلّا أمثالهم.

(وَما يَشْعُرُونَ) (٦٩) : وزره واختصاص ضرره بهم.

(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) : الدّالّة على نبوّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ممّا نطقت به التّوراة والإنجيل.

(وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) (٧٠) : أنّها آيات الله ، أو بالقرآن. أو أنتم تشهدون نعته في الكتابين ، أو تعلمون بالمعجزات أنّه حقّ.

(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) : بالتّحريف وإبراز الباطل في صورة الحقّ ، أو بالتّقصير في الميز بينهما.

وقرئ : «تلبّسون» بالتّشديد. و «تلبسون» : بفتح الباء (٢).

(وَتَكْتُمُونَ الْحَقَ) من نبوّة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ، (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٧١) : عالمين بما تكتمونه ، أو أنتم من أهل العلم.

(وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ) : أوّله ، (وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٧٢) ، أي : لعلّهم يشكّون في دينهم ، ظنّا بأنّكم رجعتم لخلل ظهر لكم.

قيل (٣) : المراد بالطّائفة ، اثنا عشر من أحبار خيبر ، تقاولوا بأن يدخلوا في الإسلام أوّل النّهار ويقولوا آخره : نظرنا في كتابنا وشاورنا علماءنا فلم نجد محمّدا بالنّعت الّذي ورد في التّوراة ، لعلّ أصحابه يشكّون فيه.

وقيل (٤) : كعب بن الأشرف ومالك بن الضّيف (٥) قالا لأصحابهما لمّا حوّلت

__________________

(١) هكذا في النسخ والمصدر. ولعلّ الصّواب : عمّار ومعاذ.

(٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) نفس المصدر والموضع ، بتقديم وتأخير بالقيل الأولى على الثانية.

(٥) هكذا في النسخ وفي بعض طبعات أخرى من المصدر. وفي المصدر : مالك بن الصيف.

١٣٠

القبلة : آمنوا بما أنزل عليهم من الصّلاة إلى الكعبة وصلّوا إليها أوّل النّهار ثمّ صلّوا إلى الصّخرة آخره ، لعلّهم يقولون : هم أعلم منّا وقد رجعوا ، فيرجعون.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ [لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)] (٢) قال : نزلت في قوم من اليهود قالوا : آمنّا بالّذي جاء [به] (٣) محمّد بالغداة ، كفرنا (٤) به بالعشيّ.

وفي رواية أبي الجارود (٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ). فإنّ (٦) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمّا قدم المدينة وهو يصلّي نحو بيت المقدس أعجب ذلك اليهود (٧) ، فلمّا صرفه الله عن بيت المقدس إلى بيت الله الحرام وجدت (٨) اليهود من ذلك (٩) ، وكان صرف القبلة صلاة الظّهر ، فقالوا : صلّى محمّد الغداة واستقبل قبلتنا ، فآمنوا بالّذي أنزل على محمّد وجه النّهار واكفروا آخره ، يعنون ، القبلة حين استقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المسجد الحرام ، لعلّهم يرجعون إلى قبلتنا.

(وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) : أي : لا تقرّوا عن قصد قلب إلّا لأهل دينكم.

أو لا تظهروا إيمانكم وجه النّهار إلّا لمن كان على دينكم ، فإنّ رجوعهم أرجى.

(قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) : يهدي من يشاء إلى الإيمان ويثبّته.

(أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) : تعليل لمحذوف ، أي : دبّرتم وقلتم ذلك لأجل أن يؤتى ، أي : الحسد حملكم على ذلك. أو بلا تؤمنوا على المعنى الثّاني ، أي : لا تظهروا إيمانكم للمسلمين لئّلا يزيد ثباتهم ، أو للمشركين فيدعوهم إلى الإسلام.

وعلى هذا قوله : إنّ الهدى ـ الخ ـ اعتراض ، يدلّ على أنّ كيدهم لا يجدي.

ويحتمل أن يكون خبر «إنّ» و «هدى الله» بدلا من الهدى.

وقرأ ابن كثير «أأن يؤتى» على الاستفهام للتّقريع وقرئ على «إن» النّافية ، فيكون من كلام الطّائفة (١٠).

__________________

(١) تفسير القمي ١ / ١٠٥.

(٢ و ٣) من المصدر.

(٤) هكذا في المصدر. وفي النسخ : كفروا.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) المصدر : أنّ.

(٧) المصدر : «اليهود من ذلك» بدل «ذلك اليهود».

(٨) وجدت : حزنت.

(٩) «اليهود من ذلك» ليس في المصدر.

(١٠) أنوار التنزيل ١ / ١٦٧.

١٣١

(أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) : عطف «على يؤتى» (١) على الوجهين الأوّلين ، وعلى الثّالث ، معناه : حتّى يحاجّوكم ، يعني : إنّ هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم حتّى يقدر على محاجّتكم. والواو ، ضمير «لأحد» لأنّه في معنى الجمع.

(قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) : لا ينفع في جلبه أمثال هذه التّدابير.

(وَاللهُ واسِعٌ) : الفضل.

(عَلِيمٌ) (٧٣) : بمن يصلح له الفضل.

(يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) : من غير استيجاب سابق منه.

(وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (٧٤) : وفضله عظيم ، أعظم ممّا حصل لكم من الحطام الحقير ، الّذي اكتسبتموه بالتّحريف والكتمان والكفر.

(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) : نقل (٢) : أنّ عبد الله بن سلام استودعه قرشي ألفا ومائتي أوقيّة ذهبا فأدّاه إليه.

(وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) :

نقل (٣) : أنّ فنحاص بن عازوراء استودعه قرشيّ آخر دينارا ، فجحده.

وقيل (٤) : المأمونون على الكثير النّصارى ، إذ الغالب فيهم الأمانة. والخائنون في القليل اليهود ، إذ الغالب عليهم الخيانة.

وقرأ حمزة وابو بكر وأبو عمر «ويؤدّه [إليك ولا يؤدّه إليك»] (٥) بإسكان الهاء.

وقالون ، باختلاس [كسرة] (٦) الهاء. [وكذا روى عن حفص].(٧) والباقون ، بإشباع الكسرة (٨) (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) : أي : إلّا أن تأخذه منه قبل المفارقة.

(ذلِكَ) : أي : ترك الأداء المذكور.

(بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) : أي بسبب قولهم واعتقادهم أن «ليس علينا» في شأن من ليس من أهل الكتاب وعلى ديننا ، سبيل وعقاب.

__________________

(١) «على يؤتى» ليس في الأصل ويوجد في أو أنوار التنزيل ـ أيضا.

(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٦٧.

(٣ و ٤) نفس المصدر والموضع.

(٥) من المصدر.

(٦ و ٧) من المصدر.

(٨) نفس المصدر والموضع.

١٣٢

(وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) : بقول ذلك.

(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٥) : أنّهم كاذبون.

وقيل (١) : عامل اليهود رجالا من قريش ، فلمّا أسلموا تقاضوهم ، فقالوا ، سقط حقّكم حيث تركتم دينكم ، وزعموا أنّه كذلك في كتابهم.

وفي مجمع البيان (٢) : روي عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه لما قرأ هذه الآية قال : كذب اعداء الله ، ما من شيء كان في الجاهلية إلّا وهو تحت قدمي ، إلّا الأمانة فإنّها مؤدّاة إلى البّر والفاجر.

(بَلى) : إثبات لما نفوه ، أي : بلى عليهم سبيل.

(مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (٧٦) : استئناف مقرّر للجملة الّتي سدّت «بلى» مسدّها. والضّمير مجرور بإضافة العهد من الإضافة إلى الفاعل لو رجع إلى «من» ، ومن الإضافة إلى الفاعل أو المفعول لو رجع إلى الله وعموم المتّقين ، ناب الرّاجع من الجزاء إلى «مَن». وأشعر بأنّ التّقوى ملاك الأمر ، وهو يعمّ الوفاء وغيره ، من أداء الواجبات والاجتناب عن المناهي.

(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ) : يستبدلون ، (بِعَهْدِ اللهِ) : بما عهد الله عليهم ، أو بما عاهدوا الله عليه ، من الإيمان بالرّسول وأداء الأمانات.

(وَأَيْمانِهِمْ) : وبما حلفوا به من قولهم : والله لنؤمننّ به ولننصرنّه.

وفي مجمع البيان (٣) ، وفي تفسير الكلبيّ : عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : من حلف على يمين كاذبة ليقطع به مال أخيه المسلم ، لقى الله وهو عليه غضبان. وتلا هذه الآية.

(ثَمَناً قَلِيلاً) : متاع الدّنيا من الرّئاسة ، وأخذ الرشوة ، والذّهاب بمال أخيهم المسلم ، ونحو ذلك.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٤) : وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) قال : يتقرّبون إلى النّاس بأنّهم مسلمون ، فيأخذون منهم ويخونون ، وما هم بمسلمين (٥)

__________________

(١) نفس المصدر والموضع.

(٢) مجمع البيان ١ / ٤٦٣.

(٣) مجمع البيان ١ / ٤٦٤ ، مع بعض الاختلاف.

(٤) تفسير القمي ١ / ١٠٦.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «فيأخذوه منهم ويخوفون وبالمسلمين» بدل «فيأخذون منهم ويخونون وما هم بمسلمين».

١٣٣

على الحقيقة.

وفي أمالي شيخ الطّائفة (١) ـ قدّس سرّه ـ بإسناده إلى أبي وائل ، عن أبي عبد الله عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : من حلف على يمين يقطع (٢) بها مال أخيه ، لقى الله ـ عزّ وجلّ ـ وهو عليه غضبان. فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ تصديق ذلك في كتابه : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً).

قال فبرز الأشعث بن قيس فقال : فيّ نزلت ، خاصمت إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [فقضى عليّ باليمين].(٣)

(أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) :

[في عيون الأخبار (٤) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ـ في تعداد الكبائر وبيانها من كتاب الله ـ وفيه يقول الصّادق ـ عليه السّلام ـ : واليمين الغموس ، لأنّ الله تعالى يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ).

وفي كتاب الخصال (٥) : عن الحسن بن علي ـ عليهما السّلام ـ [قال :] (٦) الناس أربعة : فمنهم من له خلق ولا خلاق له ، ومنهم من له خلاق ولا خلق له ، ومنهم من لا خلق له ولا خلاق فذلك من شرّ الناس ، ومنهم من له خلق وخلاق. فذلك من (٧) خير النّاس] (٨)

في أصول الكافي (٩) : عليّ بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرّزّاق بن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمّد بن سالم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وأنزل في العهد :

__________________

(١) أمالي الطوسي ١ / ٣٦٨.

(٢) المصدر : «يقتطع». وهو أبلغ وإن كان «يقطع» ـ أيضا ـ صحيح.

(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٤) عيون أخبار الرضا ١ / ٢٨٧ ، ضمن حديث ٣٣.

(٥) الخصال / ٢٣٦ ، ح ٧٧.

(٦) من المصدر.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في «أ».

(٩) الكافي ٢ / ٣٢ ، ضمن حديث ١.

١٣٤

(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ) (الآية) والخلاق النّصيب ، فمن لم يكن له نصيب [في الآخرة] (١) فبأيّ شيء يدخل الجنّة؟

(وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) بما يسرّهم. أو بشيء أصلا ، ويسألهم الملائكة يوم القيامة. أو لا ينتفعون بكلمات الله وآياته (٢). أو كناية عن غضبه عليهم.

(وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : فإنّ من سخط على غيره أعرض عن التكلّم (٣) معه والنّظر إليه ، كما أنّ من اعتدّ بغيره تقاوله (٤) ويكثر النّظر إليه.

وفي كتاب التّوحيد (٥) ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات ـ : وأمّا قوله : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [يخبر] (٦) أنّه لا يصيبهم بخير ، وقد تقول العرب : والله ما ينظر إلينا فلان ، وإنّما يعنون بذلك [أنّه] (٧) لا يصيبنا منه بخير ، فذلك النّظر هاهنا من الله تبارك وتعالى إلى خلقه ، فنظره إليهم رحمة [منه] (٨) لهم.

(وَلا يُزَكِّيهِمْ) :

قيل (٩) : ولا يثني عليهم.

وفي تفسير الإمام (١٠) : (وَلا يُزَكِّيهِمْ) من ذنوبهم.

وقد مرّ.

(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٧) : على ما فعلوا.

قيل (١١) : [إنّها] (١٢) نزلت في أحبار حرّفوا التّوراة ، وبدّلوا نعت محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وحكم الأمانات وغيرهما ، وأخذوا على ذلك رشوة.

وقيل (١٣) : [نزلت] (١٤) في رجل أقام سلعة في السّوق ، فحلف لقد اشتراها بما لم يشترها به. وقيل (١٥) : [نزلت] (١٦) في ترافع كان بين أشعث بن قيس ويهوديّ في بئر وأرض ، وتوجّه الحلف على اليهوديّ.

__________________

(١ و ٦ و ٧ و ٨ و ١٢ و ١٤ و ١٦) من المصدر.

(٢) أ : و.

(٣) أ : الكلام.

(٤) أ : لمقاولة.

(٥) التوحيد / ٢٦٥ ، ضمن حديث ٥.

(٩) أنوار التنزيل ١ / ١٦٨.

(١٠) تفسير العسكري / ٢٤٦.

(١١) أنوار التنزيل ١ / ١٦٨.

(١٣ و ١٥) نفس المصدر والموضع.

١٣٥

وفي أمالي شيخ الطّائفة (١) ـ قدّس سرّه ـ ، بإسناده إلى أبي وائل ، عن عبد الله عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : من حلف على يمين ليقطع بها مال أخيه ، لقى الله ـ عزّ وجلّ ـ وهو عليه غضبان. فأنزل الله ـ عزّ وجلّ ـ تصديق ذلك في كتابه : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً).

قال (٢) : فبرز الأشعث بن قيس فقال : فيّ نزلت ، خاصمت (٣) إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [فقضى عليّ باليمين].(٤)

[وفيه (٥) : عن وهب بن حريز قال : حدّثني أبي قال : سمعت عديّ بن عديّ يحدّث عن رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة قال : حدّثني عن عديّ بن عديّ ، عن أبيه قال : اختصم امرؤ القيس ورجل من حضر موت إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٦) في أرض [فقال : إنّ هذا ابتزّ عليّ أرضي في الجاهليّة] (٧).

فقال (٨) [رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :] (٩) ألك بيّنة؟

فقال (١٠) : لا.

قال : فيمينه.

قال : إذا والله يذهب (١١) بأرضي.

فقال (١٢) : إن ذهب بأرضك [بيمينه] (١٣) كان ممّن لا ينظر الله إليه يوم القيامة ، ولا يزكّيه وله عذاب أليم.

[وفي عيون الأخبار (١٤) : عن الرّضا قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :

__________________

(١) أمالي الطوسي ١ / ٣٦٨.

(٢) ليس في الأصل ور. بل يوجد في المصدر وأ.

(٣) ر وأ : خاصّة.

(٤) هكذا تكملة الحديث في المصدر ، كما مرّ آنفا.

(٥) نفس المصدر والموضع.

(٦) وهكذا صدر الحديث في المصدر من دون لفظ «وفيه». وهو من عندنا. ولسقوط تلك التكملة وهذا الصدر خلط والتقط بين الحديثين المذكورين في المتن ، في النسخ.

(٧) ليس في المصدر.

(٨) المصدر : قال.

(٩) ليس في المصدر.

(١٠) المصدر : قال.

(١١) النسخ : «يذهب والله» بدل «إذا والله يذهب.» وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.

(١٢) المصدر : قال.

(١٣) من المصدر.

(١٤) عيون أخبار الرضا ٢ / ٣٤ ، ح ٦٥.

١٣٦

حرّمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي ، وعلى من قاتلهم ، وعلى المعين [عليهم ،] (١) وعلى من سبّهم ، (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

وفي أصول الكافي ، (٢) إلى ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : ثلاثة لا ينظر [الله] (٣) إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : من ادّعى إمامة من الله ليست له ، ومن جحد إماما من الله ، ومن زعم أنّ لهما في الإسلام نصيبا.

عليّ بن محمّد (٤) ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرّزّاق بن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمّد بن سالم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وأنزل في العهد (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) والخلاق النّصيب. فمن لم يكن له نصيب في الآخرة فبأي شيء يدخل الجنّة؟

محمّد بن جعفر (٥) ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ثلاثة لا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك جبّار ، ومقلّ (٦) مختال.

وفي الكافي (٧) ، بإسناده إلى محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : الشّيخ الزّاني ، والدّيّوث ، والمرأة توطئ فراش زوجها.

وبإسناده : إلى محمّد بن مسلم (٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : ثلاثة لا يكلّمهم الله ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم ، منهم المرأة توطئ فراش زوجها.

__________________

(١) من المصدر.

(٢) الكافي ١ / ٣٧٤ ، ح ١٢.

(٣) من المصدر.

(٤) نفس المصدر ٢ / ٣٢ ، ضمن حديث ١ وأوله في ص ٢٨.

(٥) نفس المصدر ٢ / ٣١١ ح ١٤.

(٦) هكذا في المصدر. وفي الأصل : مصل.

(٧) نفس المصدر ٥ / ٥٣٧ ، ح ٧.

(٨) نفس المصدر ٥ / ٥٤٣ ، ح ١.

١٣٧

وفي من لا يحضره الفقيه (١) ، وروى محمّد بن أبي عمير ، عن أبي إسحاق بن هلال (٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّ أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : ألا أخبركم بأكبر الزّنا؟

قالوا : بلى.

قال : هي امرأة توطئ فراش زوجها ، فتأتي بولد من غيره ، فتلزمه زوجها ، فتلك الّتي لا يكلّمها الله ولا ينظر إليها يوم القيامة ولا يزكّيها ولها عذاب أليم.

وفي مجمع البيان (٣) : وفي تفسير الكلبيّ ، عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول : من حلف على يمين كاذبة ليقطع بها مال أخيه المسلم ، لقي الله وهو عليه غضبان. وتلا هذه الآية.

وفي كتاب الخصال (٤) ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : النّاتف شيبه ، والنّاكح نفسه ، والمنكوح في دبره.

عن الأعمش (٥) ، عن صالح (٦) ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : رجل بايع إماما لا يبايعه إلّا للدّنيا إن أعطاه منها ما يريد وفي له وإلّا لم يبق (٧) ، ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا فصدّقه فأخذها ولم يعط فيها ما قال ، ورجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه ابن السّبيل.

وفي تفسير العيّاشيّ (٨) : عن أبي حمزة الثّماليّ ، عن عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ قال : ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة [ولا ينظر إليهم] (٩) ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : من جحد إماما ، أو ادّعى إماما من غير الله ، أو زعم أنّ لفلان وفلان في الإسلام نصيبا.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٧٦ ، ح ١٧٧٥.

(٢) المصدر : إسحاق بن هلال.

(٣) مجمع البيان ١ / ٤٦٤.

(٤) الخصال / ١٠٦ ، ح ٦٨.

(٥) نفس المصدر / ١٠٧ ، ح ٧٠.

(٦) المصدر : أبي صالح.

(٧) كذا في الأصل. وفي المصدر : «كف» بدل «لم يبق». والظاهر : لم يف.

(٨) تفسير العياشي ١ / ١٧٨ ، ح ٦٥.

(٩) من المصدر.

١٣٨

وعن محمّد الحلبيّ (١) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : الدّيّوث من الرّجال ، والفاحش المتفحّش ، والّذي يسأل النّاس وفي يده ظهر غنى.

وعن السّكونيّ (٢) ، عن جعفر بن محمّد عن أبيه ـ عليهم السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : المرخي ذيله من العظمة ، والمزكّي سلعته بالكذب ، ورجل استقبلك بودّ صدره فيواري وقلبه ممتلئ غشّا.

وفي شرح الآيات الباهرة (٣)] (٤) وفي كتاب مصباح الأنوار للشّيخ الطّوسيّ ـ رحمه الله ـ : بإسناده إلى محمّد بن إسماعيل قال : حدّثنا أبو الحسن المثنّى قال : حدّثنا عليّ بن مهرويه (٥) قال : حدثنا داود بن سليمان الغازي قال : حدّثنا عليّ بن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر ، عن أبيه محمّد ، عن أبيه عليّ ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : حرّم الله الجنّة على ظالم أهل بيتي ، وقاتلهم ، وشانئهم (٦) ، والمعين عليهم. ثمّ تلا هذه الآية : (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) (الآية) (٧).

وفي معنى هذا التأويل ما رواه الشّيخ محمّد بن يعقوب ـ رحمه الله (٨) ـ قال : روى عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن داود الحمار (٩) ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : ثلاثة لا يكلّمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم (١٠) ولهم عذاب أليم : من ادّعى إمامة ليست له من الله ، ومن جحد إماما من الله ،

__________________

(١) نفس المصدر ١ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ، ح ٦٧.

(٢) نفس المصدر ١ / ١٧٩ ، ح ٦٩.

(٣) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط ، ص ٤١.

(٤) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : على بن مردويه. ر. تنقيح المقال ٢ / ٣١٠ ، رقم ٨٥٣٣.

(٦) هكذا في المصدر. وفي النسخ : سابيهم.

(٧) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «هذا المعنى» بدل «معنى هذا التأويل».

(٨) نفس المصدر والموضع.

(٩) هكذا في المصدر. وفي النسخ : داود الحماد. والظاهر أنّه «داود بن سليمان». ر. تنقيح المقال ١ / ٤٠٧ ، رقم ٣٨٣١.

(١٠) ليس في ر.

١٣٩

ومن زعم أنّ لهما في الإسلام نصيبا.

(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) : يفتلونها بقراءته ، فيميلونها عن المنزل الى المحرّف. أو يعطفونها بشبه الكتاب. من لواه يلويه ، فتله وثناه.

وقرأ ابن كثير «يلوون» على قلب الواو المضمومة همزة ، ثمّ تخفيفها بحذفها ، وإلقاء حركتها على السّاكن قبلها (١).

(لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) :

الضّمير للمحرّف ، المدلول عليه بقوله : يلوون.

وقرئ بالياء ، والضّمير أيضا للمسلمين (٢).

(وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : تأكيد لقوله : (ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) وزيادة تشنيع عليهم وبيان ، لأنّهم يقولون ذلك تصريحا لا تعريضا.

قال البيضاويّ (٣) : وهذا لا يقتضي أن لا يكون فعل العبد فعل الله تعالى.

وغرضه أنّه ليس في هذا ردّ لمذاهب الأشاعرة ، وفيه : أنّه لو كان فعل (٤) العبد فعل الله ، لزم الكذب في قوله ، (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، لأنّه على هذا التّقرير كلّ مفترياتهم من عند الله ومن فعله ، واختصاصهم بكونهم كاسبين له ومباشرين لاتّصافه ، لا يمنع صدق كونه من عند الله عليه ، وإن صحّح إضافته إليهم (٥).

[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٦) : قوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) قال : كان اليهود يقرءون (٧) شيئا ليس في التوراة ، ويقولون : هو في التّوراة ، فكذّبهم الله].(٨)

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ١٦٨. من دون ذكر «قرأ ابن كثير» ، بل : «قرئ».

(٢ و ٣) نفس المصدر والموضع.

(٤) أ : فعل الله.

(٥) ليس في ر.

(٦) تفسير القمي ١ / ١٠٦.

(٧) المصدر : يقولون.

(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.

١٤٠