بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا وآله الطيبين الطاهرين ، ولا سيما بقية الله في الأرضين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
النسخ التي أستفدنا منها في الربع الأول من التفسير
١ ـ نسخة موجودة في جامعة طهران ، برقم ١٤ ، ورمزها (أ).
٢ ـ نسخة إلى آخر سورة المائدة ، كتبت في حياة المؤلف ، بل في نفس سنة تأليف الكتاب.
وكانت هذه النسخة ضمن مخطوطات الأستاذ الشانهچي ، ثم نقلت إلى مكتبة الروضة الرضوية المقدسة في مشهد الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ وهي الأصل.
٣ ـ نسخة أخرى إلى نهاية سورة المائدة أيضا ، نسخت هي الأخرى في نفس سنة التأليف. محفوظة في المكتبة المركزية بجامعة طهران ، برقم ٧٣٥٣ ، ورمزها (ر).
ولا بد من توضيح مسألة : وهي ان متن النسخة ٢ (الأصل) ، هو نفسه في النسخة ١ (أ) ، مع شيء من الاختلاف في العبارات والمواضع التي حذفت وأبدلت بغيرها في الحاشية.
وقد كانت هذه الحواشي تذيل بعبارات مثل : منه ، منه سلمه الله ، منه دام ظله العالي ، منه أدام الله بقائه ، أوصح.
ويلاحظ في الحاشية كلمات : «بلغ» و «بلغ قبالا».
وفي الواقع ، فإن النسخة (٣) ، هي عين النسخة (٢) التي توجد التصحيحات
والحواشي في متنها.
أما الإختلاف الموجود بين النسخة الأولى (أ) ، والنسختين الأخريين ، فهو يوضح أن نسخة التأليف الأول هي نفسها ، ولكن ، وبعد إنهاء الربع الأول من التفسير ، أدعاء المفسر النظر فيها وأدخل عليها بعض التصحيحات وأكملها.
كان ذلك بعدما تداولت الأيدي النسخة غير المصححة واستنسختها. حيث بقيت على تلك الحال.
وعلى هذا الأساس ، جعلت النسخة ٢ ، التي تم تصحيحها من قبل المفسر ، أصلا.
وخلال التحقيق في سائر النسخ الموجودة ، التي تحتوي على الربع الأول ، لوحظ أن النسخة المرقمة (٢٣٤٨) الموجودة في مكتبة آية الله المرعشي ـ دام ظله ـ ، مطابقة لنسخة جامعة طهران برقم (١٤). وجميع النسخ ـ مع الأخذ بنظر الاعتبار المتن والحاشية ـ مطابقة للنسخة الأصل.
ولا بد من القول : إننا قد اعتمدنا في حل غوامض النسخة الأصل ، على نسخة مكتبة مجلس الشورى الإسلامي ، برقم (١٢٠٧٣).
حسين الدّرگاهي
سورة آل عمران
سورة آل عمران (١)
في كتاب ثواب الأعمال (٢) : بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : من قرأ البقرة وجاء (٣) يوم القيامة يضلّانه (٤) على رأسه مثل الغمامتين ، أو مثل الغيابتين. [مدنيّة وآيها مائتان].(٥)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم) (١) : قد مرّ بعض إشاراته في أوّل سورة البقرة.
وفي كتاب معاني الأخبار (٦) : بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثّوريّ ، عن الصادق ـ عليه السّلام ـ ، في حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وأمّا «الم» في أوّل فمعناه أنا الله المجيد.
وفي تفسير العيّاشيّ (٧) خيثمة الجعفيّ ، عن أبي لبيد (٨) المخزوميّ قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : يا أبا لبيد انّه يملك من ولد عبّاس (٩) اثنا عشر (١٠) ، يقتل بعد الثّامن منهم أربعة ،
__________________
(١) يوجد في أبعد «سورة» : مدنية وآيتها مائتان.
(٢) ثواب الأعمال / ١٣٠ ، ح ١.
(٣) المصدر : جاءتا.
(٤) المصدر : تضلانه.
(٥) ليس في أ.
(٦) معاني الأخبار / ٢٢ ضمن ح ١. وفي أ : ثواب الأعمال.
(٧) تفسير العياشي ٢ / ٣.
(٨) النسخ : «خيثمة الجعفري حدثني أبو لبيد» وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٩) المصدر : ولد العباس.
(١٠) النسخ : «اثنى عشرة.» وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
يصيب (١) أحدهم الذّبحة فتذبحه ، هم فئة (٢) قصيرة أعمارهم قليلة مدّتهم خبيثة سيرتهم [منهم] (٣) الفويسق الملقّب بالهادي ، والنّاطق والغاوي ، يا أبا لبيد إنّ في حروف القرآن المقطّعة لعلما جمّا ، إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أنزل (الم ذلِكَ الْكِتابُ) فقام محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ حتّى ظهر نوره وثبتت كلمته وولد (٤) يوم ولد وقد مضى من الألف السّابع مائة سنة وثلاث سنين ، ثمّ قال : وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطّعة ، إذا عدّدتها من غير تكرار ، وليس من حروف مقطّعة حرف تنقضي أيّام إلّا وقائم من بني هاشم عند انقضائه ، ثمّ قال : الألف واحد ، واللّام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصّاد تسعون ، فذلك مائة وإحدى وستّون ، ثمّ كان بدء (٥) خروج الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ الم الله ، فلمّا بلغت مدّته قام قائم ولد العبّاس عبد «المص» ويقوم قائمنا عند انقضائها «بالر» فافهم ذلك وعه واكتمه.
وإنّما فتح الميم في المشهورة ، وكان حقّها أن يوقف عليها ، لإلقاء حركة الهمزة عليها ليدلّ على أنّها في حكم الثّابت ، لأنّها أسقطت للتّخفيف لا للدّرج ، فإنّ الميم في حكم الوقف ، كقولهم : واحد اثنان ، لا لالتقاء السّاكنين ، فإنّه غير محذور في باب الوقف ، ولذلك لم يحرّك في لام.
وقرئ بكسرها ، على توهّم التّحريك لالتقاء السّاكنين. وقرأ أبو بكر بسكونها ، والابتداء بما بعدها على الأصل (٦).
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (٢) : (٧) : قد مرّ تفسيره فلا حاجة إلى تكريره.
(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) ، أي : القرآن منجما ، (بِالْحَقِ) : بالعدل ، أو بالصّدق في أخباره ، أو بالحجج المحقّقة أنّه من عند الله. وهو في موضع الحال عن المفعول.
(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) : من الكتب.
__________________
(١) المصدر : فتصيب.
(٢) النسخ : «فتنة». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٣) يوجد في المصدر.
(٤) النسخ : «ولده». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٥) هكذا في أ. وفي الأصل ورو المصدر : بدو.
(٦) ر. أنوار التنزيل ١ / ١٤٨.
(٧) البقرة ٢٥٥.
(وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) (٣) (١) جملة على موسى وعيسى.
في أصول الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن القاسم ، عن محمّد بن سليمان ، عن داود ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : [سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ، وإنّما أنزل في عشرين سنة بين أوّله وآخره.
فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ :] (٣) نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور ، ثمّ نزل (٤) في طول عشرين سنة ، ثمّ قال : قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : نزلت (٥) صحف إبراهيم في أوّل ليلة من شهر رمضان ، وأنزلت التّوراة لستّ مضين من شهر رمضان ، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت (٦) من شهر رمضان ، وأنزل الزّبور لثمان عشرة خلون من شهر رمضان ، [وأنزل القرآن في ثلاث وعشرين من شهر رمضان.
وفي الكافي (٧) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : أنزلت (٨) التّوراة في ستّ مضت من شهر رمضان ، ونزل (٩) الإنجيل في اثنا عشر (١٠) ليلة من شهر رمضان ، وأنزل (١١) الزّبور في ليلة ثمانية عشرة مضت من شهر رمضان] (١٢) وأنزل (١٣) القرآن في ليلة القدر.
قيل (١٤) : التّوراة مشتقّة من الورى ، الّذي هو إخراج النار من الزناد ، سمّي بها لإخراج نور العلم منه. والإنجيل من النّجل ، بمعنى : الولد ، سمّي به لأنّه يتولّد منه النّجاة.
ووزنهما تفعلة وإفعيل ، وهو تعسّف لأنّهما اسمان أعجميّان ، يؤيّد ذلك أنّه قرئ الإنجيل بفتح الهمزة ، وهو ليس من أبنية العرب.
__________________
(١) آل عمران، ٣.
(٢) الكافي ٢ / ٦٢٨ ، ح ٦.
(٣) ما بين المعقوفتين يوجد في المصدر.
(٤) النسخ : «نزلت». وما في المتن موافق المصدر.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : نزل.
(٦) ليس في ر.
(٧) نفس المصدر ٤ / ١٥٧ ، ح ٥.
(٨) المصدر : نزلت.
(٩) هكذا في النسخ والمصدر. والظاهر : أنزل.
(١٠) هكذا في النسخ والمصدر. والظاهر : اثنتي عشرة.
(١١) المصدر : نزل.
(١٢) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(١٣) المصدر : نزل.
(١٤) أنوار التنزيل ١ / ١٤٨.
(مِنْ قَبْلُ) : تنزيل القرآن.
(هُدىً لِلنَّاسِ) ، أي : لكلّ من أنزل عليه (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) :
قيل (١) : يريد به جنس الكتب الإلهيّة ، فإنّها فارقة بين الحقّ والباطل ، ذكر ذلك بعد [ذكر] (٢) الكتب الثّلاثة ليعمّ ما عداها [كأنّه قال : وأنزل سائر ما يفرّق به بين الحقّ والباطل ، أو الزّبور] (٣) أو القرآن. وكرّر ذكره بما هو نعت له مدحا وتعظيما وإظهارا لفضله ، من حيث أنّه يشركهما في كونه وحيا منزّلا ، ويتميّز بأنّه معجز ، يفرّق به بين المحقّ والمبطل أو المعجزات.
ويحتمل أن يكون المراد به محكمات القرآن ، أفردها لزيادة شرفها ونفعها.
وفي أصول الكافي (٤) : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن سنان أو غيره ، عمّن ذكره قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن القرآن والفرقان أهما شيئان أو شيء واحد.
فقال ـ عليه السّلام ـ : القرآن جملة الكتاب ، والفرقان المحكم الواجب العمل به.
[وفي تفسير العيّاشيّ (٥) : عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته (٦) عن قول الله : (الم اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ).
قال : هو كلّ أمر محكم ، والكتاب هو جملة القرآن الّذي يصدّق فيه من كان (٧) قبله [من] (٨) الأنبياء.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٩) : حدّثني أبي ، عن النّضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وروى مثل ما في تفسير العيّاشيّ.
وفي كتاب علل الشّرائع (١٠) : بإسناده إلى أبي عبد الله [بن يزيد قال : حدّثني يزيد] (١١)
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٤٨.
(٢ و ٣) يوجد في المصدر.
(٤) الكافي ٢ / ٦٣٠ ، ح ١١.
(٥) تفسير العياشي ١ / ١٦٢ ، ح ١.
(٦) «قال سألته» ليس في المصدر.
(٧) المصدر : «كتاب» بدل «كان».
(٨) يوجد في المصدر.
(٩) تفسير القمي ١ / ٩٦.
(١٠) علل الشرائع / ٤٧٠ ، صدر ح ٣٣.
(١١) يوجد في المصدر.
ابن سلام أنّه سأل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال له : لم سمّي الفرقان فرقانا؟
[قال :] (١) لأنّه متفرّق الآيات والسّور أنزلت في غير الألواح ، وغيره من الصّحف (٢) والتّوراة والإنجيل والزّبور أنزلت (٣) كلّها جملة في الألواح والورق.
والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.
وفي الصّحيفة السّجّاديّة في دعائه ـ عليه السّلام ـ عند ختم القرآن (٤) : وفرقانا فرقت به بين حلالك وحرامك ، وقرآنا أعربت به عن شرائع أحكامك.
] (٥) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) : من كتب منزلة كانت أو غيرها ، (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) : بسبب كفرهم. ولا شك أنّ أمير المؤمنين من أعظم آيات الله ، والكافرين به والمنكرين لحقّه لهم عذاب شديد.
(وَاللهُ عَزِيزٌ) : غالب ، لا يمنع من التّعذيب ، (ذُو انْتِقامٍ) (٤) : تنكيره للتّعظيم ، أي : انتقام لا يقدر مثله أحد ولا يعرف كنهه أحد. والنّقمة ، عقوبة المجرم. والفعل منه ، نقم ـ بالفتح والكسر ـ وهو وعيد جيء به بعد تقرير التّوحيد ، وإنزال الكتب والآيات لمن أعرض عنها.
(إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ) : كلّيّا كان أو جزئيّا ، إيمانا أو كفرا ، (فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) (٥) : خصّصهما ، إذ الحسّ لا يتجاوزهما ، وقدّم الأرض ترقّيا من الأدنى إلى الأعلى ، ولأنّ المقصود ما اقترف فيها.
(هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ) :
وهو ردّ على ما ذهب إليه بعض الحكماء من وجود القوّة المصوّرة.
وقرئ : تصوّركم ، أي : صوّركم لنفسه وعبادته (٦).
(كَيْفَ يَشاءُ) : من الصّور المختلفة ، مشابها لصورة أبيه أولا.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) الأصل : «غير الصحف» بدل «غيره من الصحف». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٣) المصدر : نزلت.
(٤) الصحيفة السجادية / ٢١١ ، الدعاء ٤٢.
(٥) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٤٩.
وفي كتاب علل الشّرائع (١) : بإسناده إلى جعفر بن بشير ، عن رجل ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كلّ صورة بينه وبين أبيه إلى آدم ، ثمّ خلقه على صورة أحدهم ، فلا يقولنّ أحد : هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي.
وفي الكافي (٢) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن نوح بن شعيب رفعه ، عن عبد الله بن سنان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : اتى رجل من الأنصار رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : هذه ابنة عمّي وامرأتي ، لا أعلم منها (٣) إلّا خيرا ، وقد أتتني بولد شديد السّواد ، منتشر المنخرين ، جعد ، قطط ، أفطس الأنف ، لا أعرف شبهه في أخوالي ولا في أجدادي.
فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ لامرأته : ما تقولين؟
قالت : لا والّذي بعثك بالحقّ نبيّا ما أقعدت مقعده منّي (٤) منذ ملكني أحدا غيره.
قال : فنكس رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ [برأسه] (٥) مليّا ، ثمّ رفع بصره إلى السّماء ، ثمّ أقبل على الرجل فقال : يا هذا ، إنّه ليس من أحد إلّا بينه وبين آدم تسعة وتسعون (٦) عرقا كلّها تضرب في النّسب ، فإذا وقعت النّطفة في الرّحم اضطربت تلك العروق تسأل الشّبه (٧) لها ، فهذا من تلك العروق الّتي لم يدركها أجدادك ولا أجداد أجدادك ، خذ إليك ابنك.
فقالت المرأة : فرجت عنّي يا رسول الله.
محمّد بن يحيى وغيره (٨) ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن إسماعيل بن عمرو ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ للرحم أربعة (٩) سبل ، في أيّ سبيل سلك فيه الماء كان منه الولد واحد واثنان وثلاثة وأربعة ، (١٠)
__________________
(١) علل الشرائع / ١٠٣ ، ح ١.
(٢) الكافي ٥ / ٥٦١ ، ح ٢٣.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) أ : مقعدته أعنى.
(٥) يوجد في المصدر.
(٦) النسخ : تسعة وتسعين. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٧) المصدر : تسأل الله الشبهة.
(٨) الكافي ٦ / ١٧ ، ح ٢.
(٩) النسخ : أربع. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(١٠) النسخ : ثلث أربع. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
ولا يكون إلى سبيل أكثر من واحد.
عليّ بن محمّد رفعه (١) ، عن محمّد بن حمران ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ خلق للرّحم أربعة أوعية ، فما كان في الأوّل فللأب ، وما كان في الثّاني فللأم ، وما كان في الثّالث (٢) فللعمومة ، وما كان في الرّابع (٣) فللخئولة. وذلك التّصوير بعد مكث النّطفة في الرّحم أربعين يوما.
يدلّ عليه ما رواه في كتاب علل الشّرائع (٤) : بإسناده إلى محمّد بن عبد الله بن زرارة ، عن عليّ بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : تعتلج النطفتان في الرّحم فأيّتهما كانت أكثر جاءت تشبهها ، فإن كانت نطفة المرأة أكثر جاءت يشبه (٥) أخواله ، وان كانت نطفة الرّجل أكثر جاءت يشبه (٦) أعمامه.
وقال : تحول النّطفة في الرّحم أربعين يوما ، فمن أراد أن يدعو الله ـ عزّ وجلّ ـ ففي تلك الأربعين قبل أن يخلق (٧) ، ثمّ يبعث الله ـ عزّ وجلّ ـ ملك الأرحام ، فيأخذها فيصعد بها إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ فيقف منه ما شاء (٨) الله ، فيقول : يا إلهي أذكر أم أنثى؟ فيوحي الله ـ عزّ وجلّ ـ ما يشاء.
والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : إذ لا يعلم ولا يفعل جملة ما يعلمه ، ولا يقدر أن يفعل مثل ما يفعله غيره.
(الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٦) : إشارة إلى كمال قدرته ، وتناهي حكمته.
قال البيضاويّ (٩) : قيل : هذا حجاج (١٠) على من زعم أنّ عيسى كان ربّا ، فإنّ وفد نجران لمّا حاجّوا فيه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نزلت السّورة من أوّلها إلى نيف وثمانين آية ، تقريرا لما احتجّ به عليهم وأجاب عن شبههم.
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) : أُحكمت عبارتها ، بأن
__________________
(١) نفس المصدر ٦ / ١٧ ، ح ٢.
(٢) النسخ : للثالث. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٣) النسخ : للرابع. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٤) علل الشرائع / ٩٥ ، ح ٤.
(٥ و ٦) المصدر : تشبه.
(٧) المصدر : تخلق.
(٨) المصدر : «حيث يشاء» بدل «ما شاء».
(٩) أنوار التنزيل ١ / ١٤٩.
(١٠) النسخ : احتجاج. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
حفظت من الإجمال والاشتباه.
(هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) : أصله ، يردّ إليها غيرها. والقياس أمّهات ، فأفرد على تأويل واحدة ، أو على أنّ الكلّ بمنزلة آية واحدة.
(وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) : محتملات ، لا يتضح مقصودها لإجمال أو مخالفة ظاهر.
والعلّة في ذلك ما رواه في كتاب الاحتجاج (١) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في حديث طويل وفيه يقول : ثمّ إنّ الله ـ جلّ ذكره ـ لسبقة (٢) رحمته ورأفته بخلقه ، وعلمه بما يحدثه المبدّلون من تغيير كلامه ، قسّم كلامه ثلاثة أقسام : فجعل قسما منه يعرفه (٣) العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تميّزه ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعرفه إلّا الله وأنبياؤه (٤) والرّاسخون في العلم. وإنّما فعل ذلك ، لئلّا يدّعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من علم الكتاب ما لم يجعله (٥) الله (٦) لهم ، وليقودهم الاضطرار إلى الائتمار لمن (٧) ولاه أمرهم ، فاستكبروا عن طاعته تعزّزا (٨) وافتراء على الله ، واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند (٩) الله ـ جل اسمه ـ ورسوله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
واعلم أنّ قسمين ممّا ذكر في الخبر داخل في المحكم المذكور في الآية. وأمّا قوله : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) ، فمعناه : أنّها حفظت من فساد المعنى ، وركاكة اللّفظ. وقوله : (كِتاباً مُتَشابِهاً). فمعناه : يشبه بعضه بعضا في صحّة المعنى ، وجزالة اللّفظ. «وأخر» جمع أخرى ، ولم ينصرف لأنّه وصف معدول من «الآخر» ولا يلزم معرفته ، لأنّ معناه أنّ القياس أن يعرّف ، ولم يعرّف لأنّه (١٠) معرّف في المعنى (١١) أو من آخر من بهذا المعنى (١٢).
في أصول الكافي (١٣) : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن أورمة ، عن عليّ بن حسّان ، عن عبد الرّحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٣٧٦.
(٢) المصدر : لسعة.
(٣) أ : معرفة.
(٤) المصدر : أمناؤه.
(٥) المصدر : يجعل.
(٦) ليس في أ.
(٧) النسخ : بمن وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٨) النسخ : تفررا. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٩) الأصل : عاندا. وما أثبتناه في المتن موافق أ.
(١٠) الأصل : لا أنّه. وما أثبتناه في المتن موافق ر.
(١١ و ١٢) أ : الحق.
(١٣) الكافي ١ / ٤١٤ ، ح ١٤.
تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) ، قال : أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ والائمّة ـ عليهم السّلام ـ (وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) ، قال : فلان وفلان.
وللحديث تتمّة ، أخذت منه موضع الحاجة.
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) : ميل عن الحقّ وعدول.
(فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) : بظاهره ، أو بتأويل غير منقول عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ والأئمّة ـ عليهم السّلام ـ أو فلان وفلان.
(ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) طلب أن يفتنوا أنفسهم والناس عن دينهم.
وفي مجمع البيان (١) : قيل : المراد بالفتنة هنا الكفر ، وهو المرويّ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
(وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) : طلب أن يأوّلوه (٢) على ما يشتهونه.
قيل (٣) : يحتمل أن يكون الدّاعي إلى الاتّباع مجموع الطّلبتين ، أو كل (٤) واحدة منهما على التّعاقب ، والأوّل يناسب المعاند والثّاني يلائم الجاهل.
[وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : حدّثنا محمّد بن أحمد بن ثابت قال : حدّثنا الحسن بن محمّد بن سماعة (٦) ، عن وهيب بن حفص (٧) ،] (٨) عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : إنّ القرآن زاجر وآمر يأمر بالجنّة (٩) ويزجر عن النّار.
وفيه محكم ومتشابه. فأمّا المحكم فيؤمن به ويعمل به. وأمّا المتشابه فيؤمن به ولا يعمل به وهو قول الله : (فَأَمَّا الَّذِينَ) ـ وقرأ الى ـ (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، وقال (١٠) : آل محمّد الرّاسخون في العلم.
(وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ) ، أي : الّذي يجب أن يحمل عليه.
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٤١٠.
(٢) الأصل : يألوه. وما أثبتناه في المتن موافق أ.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ١٤٩.
(٤) ر : لكل. (ظ)
(٥) تفسير القمي ٢ / ٤٥١.
(٦) الأصل : الحسن بن أحمد بن سماعة. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٧) الأصل : وهب بن حفص. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٩) أ : بالخير.
(١٠) ليس في المصدر.
(إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ، أي : الّذين ثبتوا وتمكّنوا فيه.
وفي تتّمة الحديث السّابق ، أنّ الرّاسخين في العلم أمير المؤمنين والأئمّة ـ عليهم السّلام (١) ـ.
وفي كتاب معاني الأخبار (٢) : بإسناده إلى محمّد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يحدّث : أنّ حييّا وأبا ياسر أبني أخطب ونفرا من يهود اهل نجران أتوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقالوا (٣) له : أليس فيما تذكر فيما أنزل الله عليك الم؟
قال : بلى.
قالوا : أتاك بها جبرئيل من عند الله؟
قال : نعم.
قالوا : لقد بعثت أنبياء قبلك وما نعلم نبيّا منهم أخبر ما (٤) مدّة ملكه وما أجل أمّته غيرك.
قال : فأقبل حييّ بن أخطب (٥) على أصحابه فقال لهم : الألف واحد ، واللّام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة ، فعجب ممّن يدخل في دين مدّة ملكه وأجل أمّته إحدى وسبعون سنة.
قال : ثمّ أقبل على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال له : يا محمّد هل مع هذا غيره؟
قال : نعم.
قال : فهاته (٦).
قال : المص.
قال : هذه أثقل وأطول ، الألف واحد ، واللّام ثلاثون (٧) ، والميم أربعون ، والصّاد تسعون ، فهذه مائة وواحد وستّون سنة (٨).
__________________
(١) لا يوجد هكذا تتمة في الحديث السابق ، كما أنّ الحديث السابق قد نقل هنا بتمامه ولم تبق له تتّمة لم تنقل.
(٢) معاني الأخبار / ٢٣ ـ ٢٤ ، ح ٣.
(٣) كذا في المصدر وفي النسخ : فقال.
(٤) المصدر : أخبرنا.
(٥) أ : حيّ بن أخطب.
(٦) المصدر : هاته.
(٧) يوجد في أبعد هذه العبارة : «والراء مائتان.» ووجودها خطأ أو زائدة.
(٨) النسخ : «فهذه مائة وواحد وأربعون». وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
ثمّ قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : فهل مع هذا غيره؟
قال : نعم.
قال : هاته.
قال : الر.
قال : هذه أثقل وأطول ، الألف واحد ، واللّام ثلاثون (١) ، والرّاء مائتان.
[ثمّ قال لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ :] (٢) فهل مع هذا غيره؟
قال : نعم.
قال : هاته.
قال : المر.
قال : هذه أثقل وأطول ، الألف واحد ، واللام ثلاثون والميم أربعون والرّاء مائتان.
ثمّ قال له : هل مع هذا غيره؟
قال : نعم.
قال : قد التبس علينا أمرك فما ندري ما أعطيت. ثمّ قاموا عنه ، ثمّ قال أبو ياسر لحييّ (٣) أخيه : ما يدريك ، لعل محمّدا قد جمع له هذا كلّه وأكثر منه.
قال : فذكر أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّ هذه الآيات أنزلت فيهم : منه آيات محكمات هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهات.
قال : وهي تجري في وجه آخر [على] (٤) غير تأويل حييّ وأبي ياسر وأصحابهما.
أقول : وهذا الوجه هو ما مرّ ، من أنّ المراد بالمحكمات والمتشابهات الأئمّة وأعداؤهم ، وبعضهم وقفوا على الله وفسّروا المتشابه بما استأثره بعلمه.
(يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) : استئناف موضح. لحال الرّاسخين ، أو حال منهم ، أو خبر إن جعلته مبتدأ.
(كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، أي : كلّ من المحكم والمتشابه من عنده ، وعلى كون المراد بالمتشابه فلان وفلان كونه من عنده ، بمعنى : خلقه له وعدم جبره على الاهتداء ، كما هو
__________________
(١) يوجد في أبعد هذه العبارة : «والميم أربعون والصاد تسعون هذه». وهي زائدة.
(٢) يوجد في المصدر.
(٣) أ : لحيّ. المصدر : للحيي.
(٤) يوجد في المصدر.
طريقة الابتلاء والتّكليف.
(وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (٧) : مدح للرّاسخين ، أو لمن يتذكّر أنّ العالم بالمتشابه لا يكون غير الرّاسخين ، الّذين هم الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ.
[وفي شرح الآيات الباهرة (١)] (٢) روى محمّد بن يعقوب (٣) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن أيّوب (٤) بن الحرّ [وعمران بن عليّ ، عن أبي بصير] (٥) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : نحن الرّاسخون في العلم ، ونحن نعلم تأويله.
ويؤيّده ما رواه أيضا ، عن عليّ بن محمّد (٦) ، عن عبد الله بن عليّ ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حمّاد ، عن بريد بن معاوية ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ في قول الله عزّ وجلّ : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ).
قال : فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أفضل الرّاسخين في العلم ، قد علّمه الله ـ عزّ وجلّ ـ علم جميع ما أنزل [الله] (٧) عليه من التّنزيل والتّأويل ، وما كان [الله] (٨) لينزل عليه شيئا لم يعلّمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه [وكيف لا يعلمونه؟! ومنهم مبدأ العلم ، وإليهم منتهاه ، وهم معدنه وقراره ومأواه.
] (٩) وبيان ذلك ما رواه الشّيخ محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم (١٠) ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن عبد الله بن سليمان ، عن حمران بن أعين [عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ] (١١) قال : إنّ جبرئيل ـ عليه السّلام ـ أتى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ برمّانتين ، فأكل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إحداهما وكسر الأخرى بنصفين ،
__________________
(١) تأويل الآيات الباهرة / ٣٥ ـ ٣٧.
(٢) ليس في أ.
(٣) الكافي ١ / ٢١٣ ، ح ١.
(٤) أ : أبو أيوب.
(٥) ليس في النسخ.
(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ٢.
(٧ و ٨) يوجد في الكافي.
(٩) يوجد في الكافي بدل ما بين المعقوفتين : والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم فأجابهم الله بقوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والقرآن خاصّ وعامّ ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ. فالراسخون في العلم يعلمونه.
(١٠) الكافي ١ / ٢٦٣ ، ح ١.
(١١) يوجد في الكافي.
فأكل نصفا وأطعم عليّا نصفا.
ثمّ قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا أخي هل تدري ما هاتان الرّمّانتان؟
قال : لا.
قال : أمّا الأولى فالنّبوّة ليس لك فيها نصيب ، وأمّا الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه.
فقلت : أصلحك الله كيف يكون (١) شريكه فيه؟
قال : لم يعلّم الله محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ [علما] (٢) إلّا وأمره أن يعلّمه عليّا ـ عليه السّلام ـ.
ويؤيّده ما رواه أيضا ، عن محمّد بن يحيى (٣) ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن منصور بن يونس ، عن ابن أذينة ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ يقول : نزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ على محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ برمّانتين من الجنّة ، فلقيه عليّ ـ عليه السّلام ـ فقال له : ما هاتان الرّمّانتان الّتي في يدك؟
فقال : أمّا هذه فالنّبوّة ليس لك فيها نصيب ، وأمّا هذه فالعلم. ثمّ فلقها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نصفين (٤) فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نصفها ، ثمّ قال : أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه.
قال : فلم يعلّم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ حرفا ممّا علّمه الله ـ عزّ وجلّ ـ إلّا وقد علّمه عليّا ، ثمّ انتهى العلم إلينا ، ثمّ وضع يده على صدره.
وأوضح من هذا بيانا ما رواه أيضا ، عن أحمد بن محمّد (٥) ، عن عبد الله [بن] (٦) الحجّال ، عن أحمد بن عمر الحلبيّ (٧) ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ فقلت : جعلت فداك إنّي أسألك عن مسألة ، فههنا (٨) أحد يسمع كلامي؟
__________________
(١) الكافي : كان يكون.
(٢) يوجد في الكافي.
(٣) نفس المصدر والموضع ، ح ٣.
(٤) الكافي : بنصفين.
(٥) نفس المصدر ١ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، ح ١.
(٦) يوجد في الكافي.
(٧) كذا في الكافي. وفي النسخ وشرح الآيات : أحمد بن محمد الحلبي
(٨) الكافي : هاهنا.
قال : فرفع أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ سترا بينه وبين بيت آخر فاطّلع فيه. ثمّ قال : يا أبا محمّد سل عمّا بدا لك.
قال : قلت : جعلت فداك إنّ شيعتك يتحدّثون أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ علّم عليّا بابا ، يفتح [له] (١) منه ألف باب.
قال : فقال : يا أبا محمّد ، علّم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ عليّا ـ عليه السّلام ـ ألف باب ، يفتح [الله] (٢) كلّ باب ألف باب.
قال : قلت : هذا ـ والله ـ العلم.
قال : فنكت (٣) ساعة في الأرض ، ثمّ قال : إنّه لعلم وما هو بذاك.
قال : ثمّ قال : يا أبا محمّد انّ عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة.
قال : قلت : جعلت فداك وما الجامعة؟
قال : صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله ، و (٤) إملائه من ملء (٥) فيه ، وخطّ عليّ بيمينه ، فيها كلّ حلال وحرام ، وكلّ شيء يحتاج إليه النّاس حتّى الأرش في الخدش ، وضرب بيده إليّ فقال لي : أتأذن (٦) لي يا أبا محمّد.
قال : قلت : جعلت فداك إنّما أنا لك ، فاصنع ما شئت.
قال : فغمزني بيده ، قال : حتّى أرش هذا ـ كأنّه مغضب ـ.
قال : قلت : هذا ـ والله ـ العلم.
قال : إنّه لعلم وليس (٧) بذاك. ثمّ سكت ساعة. ثمّ قال : إنّ (٨) عندنا الجفر.
وما يدريهم ما الجفر.
[قال :] (٩) قلت : وما الجفر؟
قال : وعاء من أدم ، فيه علم النّبيّين والوصيّين وعلم العلماء (١٠) الّذين مضوا من بني
__________________
(١) يوجد في الكافي.
(٢) يوجد في شرح الآيات. وفي الكافي : «من» بدل «الله».
(٣) أو شرح الآيات : فسكت.
(٤) النسخ : من.
(٥) الكافي : فلق.
(٦) الكافي : تأذن.
(٧) هكذا في أو الكافي. وفي الأصل ور : فليس.
(٨) ليس في الأصل ور.
(٩) يوجد في الكافي.
(١٠) النسخ : علماء
إسرائيل.
قال : قلت : إنّ هذا هو العلم.
قال : إنّه لعلم (١) وليس بذاك. ثمّ سكت ساعة ، ثمّ قال : وإنّ عندنا لمصحف فاطمة ـ عليها السّلام ـ. وما يدريهم ما مصحف فاطمة.
قال : قلت : وما مصحف فاطمة؟
قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ـ ثلاث مرّات ـ والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد.
قال : قلت : هذا ـ والله ـ هو العلم.
قال : إنّه العلم (٢) وليس بذاك. ثمّ سكت ساعة. ثمّ قال : وإنّ عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم السّاعة.
قال : قلت : جعلت فداك هذا ـ والله ـ هو العلم.
قال : إنّه لعلم وليس بذاك.
قال : قلت : جعلت فداك فأيّ شيء العلم؟
قال : ما يحدث باللّيل والنّهار ، والأمر بعد الأمر ، والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة.
وممّا ورد في غزارة علمهم ـ صلوات الله عليهم ـ
ما رواه أيضا ـ رحمه الله ـ قال (٣) : روى عدّة من أصحابنا [عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب ، عن الحارث بن مغيرة وعدّة من أصحابنا] (٤) منهم : عبد الأعلى [وأبو عبيدة] (٥) وعبد الله بن بشير الخثعميّ (٦) ، أنّهم سمعوا أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّي لأعلم ما في السّموات وما في الأرض ، وأعلم ما في الجنّة ، وأعلم ما في النّار ، وأعلم ما كان وما يكون ، ثمّ سكت هنيئة فرأى أنّ ذلك كبر على من سمعه منه. فقال : علمت ذلك من كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ [إنّه ـ عزّ وجلّ ـ] (٧) يقول : فيه (٨) فيه تبيان كلّ شيء.
__________________
(١ و ٢) النسخ : العلم. وما أثبتناه في المتن موافق «الكافي».
(٣) الكافي ١ / ٢٦١ ، ح ٢.
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في ر.
(٥) يوجد في الكافي.
(٦) الكافي : «عبد الله بن بشر الخثعمي». والظاهر هي خطأ. ر. تنقيح المقال ٢ / ١٧٠. وما أثبتناه في المتن موافق الأصل.
(٧) يوجد في المصدر.
(٨) النحل / ٨٩. وفيها : (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ). وهنا إمّا نقل بالمعنى ، او كان في قراءتهم ـ عليهم السّلام ـ كما تذكّر بهذين في هامش المصدر.
وممّا ورد في غزارة علمهم ـ صلوات الله عليهم ـ
ما رواه أيضا ، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى ، (١) عن محمّد بن الحسين ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حمّاد ، عن سيف التّمّار قال : كنّا مع أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ و (٢) جماعة من الشّيعة في الحجر ، فقال : علينا عين ، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا.
فقلنا ليس علينا عين.
فقال : وربّ الكعبة وربّ البيّنة ـ ثلاث مرّات ـ لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أنّي أعلم منهما ، ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما ، لأنّ موسى والخضر ـ عليهما السّلام ـ أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتّى تقوم السّاعة ، وقد ورثناه من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وراثة.
ويؤيّد هذا ويطابقه ، ما رواه أصحابنا من رواة الحديث ، من كتاب الأربعين ، رواية أسعد الأربلىّ (٣) ، عن عمّار بن خالد ، عن إسحاق الأزرق (٤) ، عن عبد الملك بن
__________________
(١) الكافي ١ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ ، ح ١.
(٢) «واو» ليس في الكافي.
(٣) هو أسعد بن إبراهيم بن الحسن بن علي الأربلي وله كتاب الأربعين في الفضائل والمناقب يرويها عن مشايخه من العامّة في مجلس واحد سنة ٦١٠ ، ألّفه في بغداد. توجد من الأربعين هذا نسخ في المكتبة المركزية لجامعة طهران ، رقم ١ / ٢١٣٠ ، ٢ / ٢١٤٠. وأمّا ما ذكره في فهرس هذه المكتبة أنّه يوجد من الأربعين هذا في مجموعة رقم ٣ / ٢١١٧ وهم. بل هو أربعين حافظ أبو نعيم الاصبهاني الّذي نقله ابو الحسن على بن عيسى الاربلي في كتابه كشف الغمة في معرفة الائمة ، عند ذكر صاحب الأمر ـ صلوات الله عليه ـ. فراجع.
والحديث الذي نقل في المتن ، الحديث الثاني من هذا الأربعين. وأورده العلامة المجلسي ـ رحمه الله ـ في البحار ١٣ / ٣١٢ ـ ٣١٣ ، ح ٥٢ ، نقلا عن رياض الجنان بعين السند المذكور في «الأربعين». ولكن بين البحار ونسخ الأربعين وتفسير تأويل الآيات (مصدر المتن) إختلاف كثير في الألفاظ والعبارات. وقال ـ رحمه الله ـ في نفس المصدر والموضع ، بعد نقل الحديث : «كنز : ذكر بعض أصحابنا من رواة الحديث في كتاب الأربعين رواية أسعد الاربليّ عن عمّار بن خالد مثله.» و «كنز» المذكور في البحار رمز لكنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة معا (على ما قيل في «رموز الكتاب».) وأيضا أورده العلامة ـ رحمه الله ـ في نفس المصدر ٤٠ / ١٨٦ ، ح ٧١ ، نقلا عن البرسيّ في مشارق الأنوار ، بسند آخر مع تفاوت في المتن.
وفي تصحيح الرواية اختصرنا بالنسخ التفسير ، إلّا في موارد ما.
(٤) الأصل : الأورق. أ : الأورق. وما أثبتناه في المتن موافق ر ، المصدر ، الأربعين والبحار (١٣ / ٣١٢)