يسيرة.
جاء الإسلام ليحرّر عقل الإنسان وتفكيره من الأغلال المتراكمة الموروثة التي خلقتها له الأجيال الماضية وهو يخاطب العقل ويدعوه إلى التأمّل والتفكير ، ويخاطب القلب والضمير بما حوله من الأدلّة الناطقة ، ويكفيك أنّ الذكر الحكيم استعمل مادة « العقل » بمختلف صورها ٤٧ مرة ، و « التفكّر » ١٨ مرة و « اللب » ١٦ مرّة ، و « التدبّر » ٤ مرات و « النهى » مرتين. فبذلك نهى عن التقليد وحثّ على التعقّل ببيانات مختلفة.
فتارة فتح عيون الإنسان إلى الكائنات لما فيها من دلائل ناطقة على وجوده سبحانه وصفاته.قال سبحانه : ( أأنْتُمْ أشَدُّ خَلْقاً أمِ السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها * وأغْطَشَ لَيْلَها وأخْرَجَ ضُحاها * والأرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها * أخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمرْعاها * وألجِبالَ أرْساها * متاعاً لَكُمْ ولأنْعامِكُمْ ) (١).
واُخرى دعاه إلى التفكير والاستدلال المنطقي ، فقال سبحانه : ( أمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيءٍ أمْ هُمُ الخالِقُونَ * أمْ خَلَقُوا السَّمواتِ والأرْضَ بَلْ لا يوقِنُونَ ) (٢).
فعالج المشاكل العلمية والفلسفية تارة بالدعوة إلى النظر في الكون نظرة فاحصة ، واُخرى بالحثِّ عى التفكير في المعارف باسلوب منطقي وبرهاني ، وبذلك أيقظ عقول المسلمين وبعثهم إلى اعمال الحس والتعقّل وأعطى لكلّ قدره
__________________
١ ـ النازعات / ٢٧ ـ ٣٣.
٢ ـ الطور / ٣٥ ـ ٣٦.