مصابيح الظلام - ج ١٠

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ١٠

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94603-0-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٦٤٨

عياله ، لاشتهر اشتهار الشمس ، وشاع وذاع بحيث لم يتأمّل أحد فيه.

بل وصار ضروريّا ، ويكون المدار في الأعصار والأمصار عليه لغاية عموم البلوى ، وشدّة الحاجة ، ونهاية توفّر الدواعي على النقل والفعل والظهور ، لما عرفت من الأخبار من أنّ الأغنياء ما كانوا يعطون الزكاة ، ومن هذه الجهة اوتوا الفقراء فيما اوتوا.

ويرى أيضا ؛ أنّهم لا يعطون ، لأنّها أشقّ الأشياء عليهم ، وهم في غيرها مثل الصلاة وغيرها يطيعون ، ويريدون أن يكونوا من أمّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشيعة عليّ والأئمّة عليهم‌السلام ، إلّا أنّها لكمال مشقّتها وصعوبتها عليهم لا يعطون ، ويعترفون أنّهم في عدم الإعطاء مقصّرون ، يتوقّعون الشفاعة ، ويخافون العذاب والمؤاخذة ، مع أنّهم لهم عيال ، وربّما يكون عيالهم كثيرون ، ونراهم ليس لهم مضايقة في التوسعة عليهم.

بل ويرى أكثرهم يوسّعون بلا تأمّل ، ويرى الله ورسوله والأئمّة عليهم‌السلام في غاية الشفقة عليهم ، عزيز عليهم عنتهم ، فضلا عن شدّة هلاكهم ، فكانوا يبالغون في إبلاغ هذا الحكم إليهم ، وإخراجهم عن المحنة والشدّة ، ونجاتهم عن النار ، وعصيان الجبّار ، ويقولون لهم صريحا أنّه يجوز ، لكم أن تصرّفوا زكاتكم في توسعة عيالكم ، لعدم وجوبها عليكم.

والتوسعة ميدانها وسيع ، فكانوا يميلون إلى ذلك ويتّفقون ، ويقولون ويعملون ، فلا يكاد يتعيّش فقير من زكاة ، سيّما بعد ملاحظة ما ذكرنا في الغارمين وغيرهم ، ولم يخف ذلك على طفل،فكيف صار العمل بعكس ذلك في الأعصار والأمصار قولاوعملا؟

هذا مع ما عرفت مكرّرا من أنّ الزكاة ليست إلّا حقّ الفقراء ، ولا يحلّ شي‌ء

٥٠١

منها لغنيّ من الأغنياء ، كما هو مضمون الأخبار المتواترة ، والفتاوى الظاهرة المتظاهرة ، والإجماعات المتكاثرة ، اشير إليها في الجملة ، سيّما في الغارمين.

وبالجملة ؛ فتح أمثال هذه الأبواب يوجب هلاك الفقراء ، ويخطّئه ما ورد في المتواتر ، وأيّ فرق بين أن لا يعطى الزكاة أو يعطى لغير الفقراء ، وجعل أمثال هؤلاء فقراء يوجب عدم تحقّق غنيّ على طريقة الفقهاء ، إلّا نادرا غاية الندرة ، ويوجب دخول الأغنياء بلا تأمّل في الفقراء.

نعم ؛ لو لم يتمكن المعيل من كمال النفقة على من يجب عليه نفقتهم ، وتمام ما عليه من النفقة ، يجوز له الإكمال من زكاته ، كما عرفت سابقا.

ويدلّ عليه أيضا صحيحة صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار أنّه قال للصادق عليه‌السلام : رجل له ثمانمائة درهم ولابن له مائتا درهم ، وله عشر من العيال ، وهو يقوتهم فيها قوتا شديدا وليست له حرفة بيده إنّما يستبضعها فتغيب عنه الأشهر ثمّ يأكل من فضلها ، أترى له إذا حضرت الزكاة أن يخرجها من ماله فيعود بها على عياله يسبغ عليهم بها النفقة؟ قال : «نعم ، ولكن يخرج منها الشي‌ء الدرهم» (١).

وصحيحة أبي خديجة السابقة حيث قال عليه‌السلام بعد ما ذكرناه منها : «إذا كان لرجل خمسمائة درهم وكان عياله كثيرا ، ليس عليه زكاة ، ينفقها على عياله ، يزيدها في نفقتهم وكسوتهم وفي طعام لم يكونوا يطعمونه ، وإن لم يكن له عيال وكان وحده فليقسّمها في قوم ليس بهم بأس أعفّاء عن المسألة لا يسألون أحدا شيئا» (٢) وغيرها من الأخبار.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٥٦١ الحديث ٨ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٢ الحديث ١١٩٣٢.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٤ الحديث ١١٩٣٧.

٥٠٢

وظاهر هذه الصحيحة المنع من إعطاء الزكاة الفاسق فتأمّل جدّا!

ثمّ اعلم! أنّه إذا كان المعيل قادرا على كمال نفقة من يجب عليه نفقتهم ، فهل يجوز أخذهم الزكاة من غيره أم لا؟ ففي «الذخيرة» فرّق بين الزوجة والمملوك وبين غيرهما ، واختار الجواز في غيرهما ، ونسبه إلى «المنتهى» و «الدروس» (١) ، ونقل عن «التذكرة» المنع (٢) ، واستدلّ على مختاره بصدق اسم الفقر عليه عرفا.

وما رواه في «الكافي» عن عبد الرحمن بن الحجّاج ـ في الصحيح ـ عن الكاظم عليه‌السلام سأله عن الرجل يكون أبوه أو عمّه أو أخوه يكفيه مئونته ، أيأخذ من الزكاة فيتوسّع به إن كانوا لا يوسّعون عليه في كلّ ما يحتاج إليه؟ فقال : «لا بأس» (٣).

ثمّ قال : ظاهر الرواية الجواز في صورة عدم توسّعهم عليه (٤) ، انتهى.

مع أنّه اختار في إعطاء المعيل عدم الجواز ، لأنّ العيال في حكم الغنيّ ، ولهذا لا يجوز لهم أن يأخذوا من الزكاة شيئا كما قلناه.

ومعلوم ؛ أنّ ذلك يوجب المنع من غيرهم أيضا ، فكيف ينفع صدق الفقر عليه عرفا؟ مع أنّه اختار طريقة الفقهاء ، من أنّ القادر على مئونة السنة غنيّ.

ولا شكّ في أنّه بعد كفايتهم مئونة سنتهم يكونون أغنياء ، مع أنّك عرفت أنّ المعتبر هو الحاجة ، وإن كان عندهم آلاف الدنانير رأس المال ، ويتّجرون بها ويحصّلون منها كثيرا ، إلّا أنّ المحصول لا يفي لجميع مئونة سنتهم ، بل يبقى شي‌ء قليل ، وإن كان في غاية القلّة ، ومثله من عنده المستغلّات العظام ، وربّما يعدّ فقيرا

__________________

(١) منتهى المطلب : ١ / ٥١٩ ط. ق ، الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٤٢.

(٢) تذكرة الفقهاء : ٥ / ٢٤٤ المسألة ١٦٤.

(٣) الكافي : ٣ / ٥٦١ الحديث ٥ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٣٨ الحديث ١١٩٢٢.

(٤) ذخيرة المعاد : ٤٥٩.

٥٠٣

عرفا ، إلّا أنّه قادر على اكتساب المئونة بعد ذلك ، وهو غنيّ قطعا كما أنّ الأوّلين فقيران قطعا.

وأمّا الصحيحة ؛ فلا يبعد حملها على أنّهم لا يرفعون تمام حاجته في كلّ ما يحتاج إليه ، فيبقى في الضيق في الجملة ، فيخرج نفسه من الضيق بالزكاة ويتوسّع بها.

ويمكن حملها أيضا على أنّه لم يصر واجب النفقة على الأب ، كما أنّه ليس واجب على العمّ والأخ ، ولذا ذكرهم في سياق واحد بقوله : «يكفيه مئونته». فعلى هذا يكون فقيرا.

غاية ما في الباب أنّهم يكفون مئونته من غير توسيع ، وأنّه تعالى جعل للفقراء في الزكاة ما يتوسّعون به ، وليس فيه المفسدة التي ذكرناها في إعطاء المعيل.

والحاصل ؛ أنّه لا يظهر منها ما ينافي ما قاله الفقهاء وأدلّتهم ، وعلى فرض ظهور ضعيف معلوم أنّه لا يقاوم ولا يضرّهم ، بل الظاهر عدم الظهور أصلا ، لأنّ التوسعة على الإطلاق في مقابل الضيق ، ورفع الضيق واجب على من يجب عليه النفقة مع تمكّنه منه.

وأمّا التوسعة بمعنى زيادة الرفاهيّة ، والقدر الزائد عن عدم الضيق ، فهي غير واجبة على من يجب النفقة عليه.

وحمل هذه الصحيحة على خصوص هذه التوسعة غير ظاهر ، لو لم نقل بمرجوحيّته في الجملة ، سيّما بعد ملاحظة السياق في كفاية مئونته الظاهر في عدم وجوب النفقة.

ثمّ قال : وأمّا الزوجة فالظاهر عدم الجواز لأنّ بضعها كالعوض ، ولو كانت ناشزة فالأقرب عدم جواز الدفع إليها أيضا ، وإن كانت فقيرة ، لتمكّنها من الطاعة

٥٠٤

في كلّ وقت فتكون غنيّة في الحقيقة (١) ، انتهى.

لا يخفى عدم الفرق بينها وبين من يكفيه الأب مثلا مؤنته في كونه غنيّا ، فإنّ التمكّن من العوض ، أيّ دخل له في الغنى ، إذ بعد حصول المئونة بالفعل خرج عن الحاجة قطعا.

نعم ؛ إن لم يكف مؤنته يكون محتاجا إجماعا ، كما سيجي‌ء وصرّح به ، والحال في الزوجة أيضا كذلك من دون فرق أصلا كما ستعرف ويصرّح.

قال بعد ما ذكر : وفي «المعتبر» : لا يعطى الزوجة من سهم الفقراء والمسكنة ، مطيعة كانت أو عاصية إجماعا ، لتمكّنها من النفقة (٢) ، ثمّ قال : وكلامه يحتمل وجهين : أحدهما : المنع بالزوج ، وثانيهما : العموم بقرينة التعليل (٣) ، انتهى.

أقول : الاحتمال الأوّل فاسد ، لمنافاة التعليل إيّاه ، فوجب عليه تركه لو كان مراده ، مع أنّه لو لم يأت به يكون الحكم العموم ، لأنّ المتمكّن من المئونة سنة غنيّ عندهم بلا شبهة ، بل عرفت فيما سبق موافقته أيضا لهم.

مع أنّك عرفت ما ذكره في صحيحة عبد الرحمن (٤) ، وأنّه هو الحقّ ، فلا يكون فرق أصلا بين الزوجة وغيرها ممّن يجب نفقتهم.

ثمّ قال : وأمّا المملوك ففي جواز أخذه تردّد ، وقطع في «الدروس» و «البيان» بالعدم (٥) ، وفي عدم الإعطاء على القول بتملّكه إشكال ، وكذا على القول بعدم تملّكه إذا كان المولى فقيرا وأذن له في الأخذ (٦) ، انتهى.

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ٤٥٩.

(٢) المعتبر : ٢ / ٥٨٢.

(٣) ذخيرة المعاد : ٤٥٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٠ الحديث ١١٩٢٨.

(٥) الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٤٣ ، البيان : ٣١٧.

(٦) ذخيرة المعاد : ٤٥٩.

٥٠٥

ولا يخفى ما فيه ، إذ عرفت حال الصحيحة وما وافقها ، وما صرّح هو فيها ، وأنّ ذلك يقتضي عدم الفرق بين المملوك وغيره ممّن وجب نفقته.

مع أنّ المملوك الذي يعطي المولى جميع مئونته ، كيف يجوز إعطاء الزكاة إيّاه؟ مع كونها حقّ الفقراء ، كما عرفت وعرفت اشتراط الفقر إجماعا في الفقير والمسكين بلا تأمّل من أحد ، وكذا في سائر السهام سوى المؤلّفة ، وبعض آخر ، وعرفت ممّا ذكرنا في الغارم.

وبالجملة ؛ عدم الفرق بديهي ، مع أنّ التملّك وعدمه أيّ مدخليّة لهما في الحاجة وعدمها؟ وكذا الحال لو كان المولى فقيرا ، أيّ فرق بين إذنه وعدم إذنه في حاجة العبد وغناه؟

ثمّ قال : ويجوز دفعها إلى المتعة ، لعدم وجوب الإنفاق عليها (١).

أقول : هذا أيضا فيه ما فيه ، لأنّ الدائمة ربّما لا تتمكّن من أخذ النفقة ، وربّما وقع اشتراط عدم النفقة ، وفي المتعة ربّما يقع الاشتراط ، ومع عدمه ربّما يكتفي مؤنتها ، كما هو المتعارف الغالب الآن ، فعدم الوجوب لا يصير علّة.

بل العلّة عدم كفاية المئونة ، مع أنّه لا تفاوت بين بضعها وبضع الدائمة في القابليّة للعوض ، فعندها العوض قبل إيقاع العقد ، وتمكّنها من العوض ، فبعد العقد وإعطاء البضع من دون عوض حالها حال الدائمة التي تشترط عدم النفقة أو تهب النفقة لزوجها وتأخذ الزكاة ، وإدخال نفسها في الفقراء الغير المتمكّنين من العوض شرعا مع تمكّنها من العوض ، وتحصيل المئونة به لا بدّ من عذر شرعي يكن عنده مئونة السنة ويهبها للرحم ، أو بعوض قليل غاية القلّة أو يتلفه.

مع أنّه يعلم أنّه كان متمكّنا ، وكانت الزكاة عليه حراما ، فيجعلها عليه

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ٤٥٩.

٥٠٦

حلالا ، إذ مع العذر الشرعي يكون الأمر كما ذكره بلا شبهة.

وأمّا مع عدمه يكون حراما ، فعلى اعتبار عدم المعصية في الأخذ ، لا يجوز الدفع ولا الأخذ ، مع أنّه قال : لو امتنع من وجب عليه النفقة من الإنفاق ، ولم يكن متمكّنا من الأخذ منه ولو بالحاكم ، جاز الإعطاء في الجميع بلا خلاف (١) ،انتهى، فتأمّل جدّا!

ثمّ قال : العيلولة من دون القرابة غير مانعة من الزكاة ، وفي «التذكرة» أنّه قول علمائنا أجمع ، واحتجّ عليه بعموم الأدلّة ، ثمّ روى صحيحة أبي خديجة السابقة بعد ما قال : في شأنه توقّف ، وحمل قوله عليه‌السلام : «أحدا ممّن تعول» (٢) على من وجب نفقته أو على الاستحباب ، وعلّل بضعفها عن مقاومة العمومات (٣).

أقول : جواز الإعطاء بترك العيلولة لا تأمّل فيه ، وأمّا مع ارتكاب العيلولة ، وحصول المئونة ، وارتفاع الحاجة بالمرّة للسنة ، فجواز الإعطاء حينئذ من سهم الفقراء فيه ما فيه ، لما عرفوا الغنى والفقر ، وثبوت عدم الجواز لمن تمكّن من تحصيل المئونة واكتسابها مع عدم فعليّتها.

ولعلّ هذا مراده في «التذكرة» لما عرفت ، مع أنّه هو الذي عرّف الغنى ، وجعل ذلك مذهب الأصحاب (٤) ، فكيف يمكنه دعوى إجماع جميع علمائنا على جواز الإعطاء؟ مع حصول الغنى ورفع الحاجة على ما عرّفه ، ونسبه إلى الفقهاء ، فعلى هذا لا داعي إلى توجيه الخبر بحمله على ما حمله ، وتعليله بما علّل ، ولا شكّ في أنّ الظاهر من قوله : «تعول» تحقّق العيلولة ، بل واستمرار التحقق ، لأنّه فعل

__________________

(١) ذخيرة المعاد : ٤٥٩.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٤٤ الحديث ١١٩٣٧.

(٣) ذخيرة المعاد : ٤٥٩.

(٤) تذكرة الفقهاء : ٥ / ٢٣٨ المسألة ١٦٣.

٥٠٧

مضارع ، فعلى هذا يكون مطابقا للأدلّة والتعريفات ، كما ظهر لك مكرّرا.

قوله : (خلافا للصدوق). إلى آخره.

أقول : وقال في أماليه : من دين الإماميّة الذي يجب الإقرار به أنّه لا يجوز دفع الزكاة إلّا إلى أهل الولاية ، ولا يعطى من أهل الولاية الأبوان والولد والزوج والزوجة والمملوك ، وكلّ من يجبر الرجل على نفقته (١).

وفي «الفقيه» أيضا قال كذلك بعينه ، مع زيادة : الجدّ والجدّة (٢).

وهذا ينادي بخلاف ما ذكره جدّي في شرحه على «الفقيه» ، من أنّ عبارته عبارة «الفقه الرضوي» (٣) ، وليس فيها لفظ الزوج ، فهو وهم من النسّاخ (٤) ، انتهى.

وظهر منها مستنده أيضا ، وهو إجماع الإماميّة ، فظهر منه أنّه ليس فتواه خاصّة ، بل فتوى كلّ الإماميّة ، لكنّه بعيد جدّا ، لعدم أثر منه في الفتاوى والأخبار وطريقة الشيعة في الأعصار والأمصار ، ولعلّه اجتهاد منه بأنّ إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الفقير من قبيل إعطاء المولى لمملوكه في عدم الإخراج عن النفس في الجملة ، كما أنّ هذا مراد الإسكافي (٥) ، وفيه تأمّل ظاهر.

قوله : (وإعطاء ما زاد). إلى آخره.

قد عرفت فيه مشروحا مع غاية فساد ظاهر عبارته ، لعدم ذكر مصرف لها

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٥١٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١ ذيل الحديث ٦.

(٣) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٩٩.

(٤) لوامع صاحبقراني : ٥ / ٤٨٦.

(٥) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٥ / ٢٤٨.

٥٠٨

أصلا ، فضلا أن يكون مصرفا شرعا ثابتا من دليل ، مع عدم إشارة إلى تأمّل أحد فيه ، بل وربّما يظهر منه عدم خلاف أصلا ، مع أنّه أسوأ حالا بلا شبهة من إعطاء غير من يجب ، وإن كان بالنسبة إلى كونها زيادة يكون أحسن ، فتأمّل!

قوله : (وكذا). إلى آخره.

أقول : الظاهر أنّ الأمر كما ذكره ، بعد أن يعطيهم من غير سهم الفقراء والمساكين ، بل الغازي من سهم سبيل الله إن كان مؤمنا ، وإلّا فمن سهم المؤلّفة.

وكذلك الحال في العامل والغارم وابن السبيل ، إذ كلّ منهم يأخذ من سهمه بعد تحقّق شرطه ، فإنّه وإن لم يكن ممّن وجب نفقته على الغير ، فيكون متمكّنا من نفقته غير محتاج إليها أصلا ، يجوز لهم الأخذ من سهم أنفسهم دون سهم الفقير ، ومن لم يتمكّن من نفقة نفسه ويكفيه غيره يكون كذلك بلا شبهة ، لو لم يكن أولى ، فإنّ العامل يأخذ لعمله كالأجرة ، وكذلك الغازي ، والغارم لوفاء دينه ، والمكاتب بمقدار فكّ رقبته ، وهكذا.

قوله : (منها الحسن). إلى آخره.

هو ما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم أنّه قال للصادق عليه‌السلام : رجل حلّت عليه الزكاة ومات أبوه وعليه دين ، أيؤدّي زكاته في دين أبيه وللابن مال كثير؟ فقال : «إن كان أبوه أورثه مالا ثمّ ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه ، قضاه من جميع الميراث ولم يقضه من زكاته ، وإن لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد أحقّ بزكاته من دين أبيه ، فإذا أدّاها في دين أبيه على هذه الحالة أجزأت عنه» (١).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٥٥٣ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٥٠ الحديث ١١٩٤٩.

٥٠٩

وروى في الصحيح عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : عن رجل على أبيه دين ولأبيه مئونة ، أيعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال : «نعم ، ومن أحقّ من أبيه» (١)؟!

فظهر منهما أنّهم أحقّ بها من غيرهم ، كما يظهر من غيرها أيضا ، كما مرّ.

قوله : (وفي جواز). إلى آخره.

قد عرفت ما فيه أيضا مشروحا ، وكذلك الحال في قوله : ويحتمل المنع وكذا في قوله : (ولو امتنع). إلى آخره (٢).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٥٥٣ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٢٥٠ الحديث ١١٩٥٠.

(٢) راجع! الصفحة : ٤٩٨ ـ ٥٠٤ من هذا الكتاب.

٥١٠

القول في إخراجها (١)

٢٣٧ ـ مفتاح

[اشتراط النيّة في الدفع]

يشترط فيها النيّة بإجماع العلماء ـ إلّا الأوزاعي (٢) ـ مقارنة للدفع أو متأخّرة عنه ، أمّا التقدّم فلا ، قولا واحدا (٣) ، ويحتمل عدم جواز التأخير مع تلف العين لانتفاء الضمان ، ولا بدّ فيها من التعيين والقربة ، كما مرّ تحقيقه في مباحث الوضوء (٤) ، ولا يفتقر إلى تعيين الجنس الذي يخرج منه بلا خلاف.

قال في «المعتبر» : النيّة اعتقاد القلب فإذا اعتقد عند دفعها أنّها زكاة تقرّبا إلى الله كفى ذلك (٥).

وتجزي نيّة الوكيل عنه ، وفي نيّته عند الدفع إلى الوكيل قولان.

__________________

(١) في بعض النسخ : القول في لواحقها.

(٢) لاحظ! المغني لابن قدامة : ٢ / ٢٦٤.

(٣) لاحظ! مدارك الأحكام : ٥ / ٣٠١.

(٤) راجع! مفاتيح الشرائع : ١ / ٤٨ المفتاح ٥٤.

(٥) المعتبر : ٢ / ٥٥٩.

٥١١
٥١٢

قوله : (بإجماع العلماء). إلى آخره.

نقل الإجماع كذلك في «المعتبر ، و «المنتهى» (١) والدليل عليه بعد الإجماع ما مرّ في بحث الوضوء والصلاة (٢).

ومقتضى ذلك أن تكون داعية على الفعل ، وهو الدفع إلى المستحقّ ، أو وكيله في الأخذ ، وعلّة لوجوده ، فيكون معه مقارنة له لا محالة ، إذ ليست هي المخطرة بالبال ، فيكون تأخيرها مشكلا ، وإن بقي الزكاة ولم تتلف عينها ، لأنّ الفعل الاختياري لا يمكن تحقّقه بغير علّة داعية ، فمعلوم أنّه أعطاها لا بأنّها زكاته ، إلّا أن يقال : يجوز له استردادها ، فيخلّيها له بقصد الزكاة.

ولا بدّ من تأمّل في دخوله فيما دلّ على وجوب إعطائها ، بحيث تحصل البراءة اليقينيّة من دون شائبة غبار أصلا ، إلّا أن يكون وقت الدفع ، لا يكون قصده أنّها له ، ولم ينتقلها من ملكه إليه ، وإن كان الظاهر على الأخذ أنّها زكاته أعطاه أو وهبه ، فحينئذ بعد إتلافه العين يشكل احتسابها من الزكاة لانتفاء الضمان.

لكن الظاهر من الأصحاب وأكثر العامّة وجوب مقارنتها للدفع ، صرّح بذلك في «الذخيرة» ، ثمّ نقل عن بعض العامّة تجويزه التقديم بزمان يسير ، ونقل الاعتراض عليه بأنّ ما سبق إن لم يستدم إلى حال الدفع ، فلا يكون الدفع عن النيّة ، وإن استديم تحقّق المقارنة ، ثمّ قال : وفيه تأمّل (٣).

وغير خفيّ ؛ أنّه لا تأمّل فيه بعد تسليم اشتراط النيّة في الزكاة ، لما عرفت في

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٥٥٩ ، منتهى المطلب : ١ / ٥١٦ ط. ق.

(٢) راجع! الصفحة : ٣٦٣ (المجلّد الثالث) و ١٢٩ (المجلّد السابع) من هذا الكتاب.

(٣) ذخيرة المعاد : ٤٦٨.

٥١٣

بحث الوضوء والصلاة.

ثمّ ذكر عبارة «الإرشاد» ، وهي قوله : ولو نوى بعد الدفع احتمل الإجزاء (١) ، وقال هو : والوجه الإجزاء مع بقاء العين لبقائها في ملكه فيصادفها النيّة ، وفيه ما عرفت ، ثمّ قال : وكذا عند التلف إذا علم القابض بالحال لثبوت العوض في ذمّته كسائر الديون.

أمّا مع انتفاء العلم ؛ فمشكل لانتفاء الضمان ، وكلام الشيخ مشعر بعدم الاجتزاء بالنيّة بعد الدفع (٢).

أقول : فعل الاختياري بغير علّة تامّة لا يتحقّق والمفروض أنّه لم يعط بأنّها زكاة ، بل بنحو آخر ، فكيف يتأتّى علم القابض وقت الدفع بغير ذلك النحو؟!

نعم ؛ ربّما يتوهّم أنّها زكاة ، لأنّه أعطاه بأنّها ليست بزكاة ، وسلّطه على إتلافه بذلك النحو فأتلف.

نعم ؛ أنّه أعطاه بنحو لا يكون تسليطا على الإتلاف مجّانا وأعلمه بذلك ، ومع ذلك أتلف ، فهو دين أدانه فخرج من المقام ، ودخل في مسألة من أدانه ثمّ احتسب به من الزكاة ، ولم يتأمّل فيه أحد ، فضلا عن مثل العلّامة والشيخ ، بل غيرهما أيضا ، لأنّ الاحتساب هو دفع كما لا يخفى ، كما أنّ من عنده أمانة من المزكّي بأيّ نحو من الأمانات الشرعيّة ، أو المالكيّة ، فلا شكّ في أنّ قوله : أعطيتك الذي عندك أمانة زكاة من دفع زكاته إيّاه ، فإنّ المراد من الدفع هو الإعطاء ، كما يقول : ارفع هذه الدراهم أو الدنانير تكون لك زكاة ، أو بقول أو يرخّصه بالأخذ من بيته من دون حاجة إلى من يدفع إليه أو يثبت أمينه كذلك والأمين راض به إلى غير

__________________

(١) إرشاد الأذهان : ١ / ٢٨٩.

(٢) ذخيرة المعاد : ٤٦٨.

٥١٤

ذلك.

ومن البديهيّات عدم اشتراط الدفع بالمعنى الذي توهّم ، وكيف يجوز لأحد أن يشترط ذلك.

والحاصل ؛ أنّ دفع غير الزكاة غير دفع الزكاة ، فلو كانا اختياريين لا جرم كلّ واحد منهما بنيّة نفسه مقارنة له ، وغير الاختياري وجوده وعدمه سواء ، كما هو الحال في جميع أفعال العبادات وغيرها ممّا يعتبر فيه النيّة ، لا بدّ فيه من المقارنة ، ومحال عدمها ، الّا أن يراد من النيّة مجرّد الإخطار بالبال ، وإن لم تكن داعية ، ومرّ في مبحث الوضوء وغيره.

وقد ظهر لك فساده سيّما عند المصنّف أيضا.

قوله : (ولا بدّ). إلى آخره.

قد مرّ التحقيق في الوضوء (١).

قوله : (قولان).

القائل بعدم إجزاء ذلك ابن البرّاج (٢) وابن إدريس (٣) ، على ما نقله في «الذخيرة» واختاره هو أيضا ، معلّلا بعدم دليل على ثبوت ذلك ، وتوقّف البراءة اليقينيّة على الدفع إلى المستحقّ (٤).

أقول : إذا جعل المستحقّ شخصا وكيلا له في الأخذ له ، فلا شكّ في أنّ يد

__________________

(١) راجع! الصفحة : ٣٧٧ ـ ٣٨٤ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.

(٢) نقل عنه في السرائر : ٢ / ٨٢.

(٣) السرائر : ٢ / ٨٢.

(٤) ذخيرة المعاد : ٤٦٨.

٥١٥

الوكيل يد الموكّل ، وفعله فعله كما هو الثابت في مبحث الوكالة ، والمسلّم في جميع مواردها.

هذا ؛ لكن الأظهر أنّ مراد المصنّف من الوكيل في عبارتيه وكيل المالك لا الفقير ، وأشار بذلك إلى ما قال الشيخ والفاضلان : من أنّه إذا نوى المالك عند الدفع إلى الوكيل ولم ينو الوكيل عند الدفع إلى المستحقّ لم يجزئه (١).

بل في «التذكرة» أنّه لم يجزئه عندنا ، ومشعر بل ظاهر في الاتفاق (٢).

ولعلّ وجهه ما ذكرناه ، من أنّ الدفع المعتبر في تحقّق الامتثال هنا هو الإخراج عن ملكه ، والإدخال في ملك المستحقّ ، ويد الوكيل يد الموكّل كما أشرنا ، فهو من قبيل أن ينوي الزكاة عند دفعه من يده اليمنى إلى اليسرى.

وأمّا اليسرى فقد أعطته الفقير لا بأنّه زكاة ، فيكون بأنّه غير الزكاة ، كما عرفت الحال في الفعل الاختياري ، إلّا أن يقال بأنّ اليسرى تعطي بالاستدامة الحكميّة.

وفيه ؛ أنّ الاستدامة الحكميّة قد عرفت في مبحث الوضوء فسادها واقعا.

وأمّا من توهّم صحّتها في باقي أفعال الصلاة ونحوها فإنّما توهّمها من جهة أنّ النيّة عنده منحصرة في المخطرة بالبال ، أي الصورة الحاضرة في الذهن ، ولمّا كان وجودها في جميع أجزاء الصلاة محالا بالبديهة ، لبداهة أنّه كيف ينوي لباء البسملة أنّها جزء البسملة الواجبة أوجدها لوجوبها قربة إلى الله؟ ثمّ تذكر الباء.

وكذلك الحال في السين ، وكذلك في تقديم الباء على السين ، وكذلك الحال في الإعراب في الأولى ، والجزم في الثانية ، وهكذا إلى آخر البسملة ، بل إلى آخر

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٣٣ ، المعتبر : ٢ / ٥٥٩ ، نهاية الإحكام : ٢ / ٤٢٤.

(٢) تذكرة الفقهاء : ٥ / ٣٢٩ المسألة ٢٤٠.

٥١٦

الحمد ، بل إلى آخر القراءة ، بل إلى آخر كلّ جزء جزء ، إلى آخر الصلاة حتّى أجزاء التسليم وإعرابها ، وجزمها ، والترتيب بالتقديم والتأخير المعهود ، فمن جهة التعذّر المذكور جاز الاستدامة الحكميّة التي هي أمر عدمي ، وإلّا فكلامه ينادي بأنّ اللازم هو الفعلي الوجودي ، كما هو مقتضى أدلّته الدالّة على وجوب النيّة.

ومعلوم عدم جريان ذلك في المقام ، فضلا أنّ المعطي وكيله ، وهو رجل مكلّف مختار مستقلّ برأسه ، كالموكّل من دون تفاوت أصلا ، إلّا أن يكون الوكيل يعطي بأيّ قصد قصده المالك ، أو لا يقصد هذا أيضا ، إلّا أنّه يجعل نفسه آلة للمالك ، كدابّته التي تحمل الزكاة إلى المستحقّ أو حمّاله الذي يحملها عليه ، كعبده أو أجيره في الحمل عليه ونحو ذلك فحينئذ يكون الدافع هو المالك خاصّة ونسبته إلى الوكيل مثل النسبة إلى الحمّال المذكور.

ومع جميع ما عرفت لم يذكروا القائل بالإجزاء ، بل لم يشيروا إلى قائل به أصلا.

ومع هذا في الصورة التي نوى الوكيل عند الدفع ولم ينو الموكّل ، قال الشيخ أيضا والمحقّق : إنّه لم يجزئه (١) ، إلّا أنّه نقل عن العلّامة ومن تأخّر عنه الإجزاء (٢) ، فكيف يقول المصنّف في الصورة السابقة قولان دون هذه الصورة؟

ومع ذلك عرفت الإشكال في هذه الصورة أيضا ، بل وأشدّ ، إلّا أن يكون وكيلا في النيّة أيضا أو وكيلا مطلقا ، أو أن يكون الموكّل بعد ما فعل الوكيل أمضى فعله ، وإلّا فلا معنى لامتثاله في إعطاء الزكاة.

وممّا ذكرنا ظهر الحال فيما ذكر في «الذخيرة» في شرح كلام «الإرشاد» ، من

__________________

(١) المبسوط : ١ / ٢٣٣ ، المعتبر : ٢ / ٥٥٩.

(٢) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٥ / ٣٠٠ ، نهاية الإحكام : ٢ / ٤٢٤ ، مسالك الأفهام : ١ / ٤٣٩.

٥١٧

أنّه يجب أن تكون النيّة من الدافع ، إماما كان ، أو ساعيا ، أو مالكا ، أو وكيلا ، ولو كان الدافع غير المالك جاز أن ينوي أحدهما ، أي المالك عند دفع أحد الثلاثة إلى المستحقّ ، أو أحد الثلاثة عند دفعه إلى المستحقّ.

ويحتمل أن يكون المراد أنّه يجزي نيّة أحد الأمرين من المالك عند الدفع إلى أحد الثلاثة ، ونيّة أحدهم عند الدفع إلى المستحقّ.

وقد صرّح في «المعتبر» ، والمصنّف في غير واحد من كتبه وغيرهما (١) ، بأنّه يكفي نيّة المالك عند الدفع إلى الساعي وكذا الإمام.

أمّا إذا نوى الإمام أو الساعي عند الدفع إلى المستحقّ ، ولم ينو المالك عند الدفع إليهما ؛ فقال العلّامة : إن أخذها كرها أجزأت ، وإن أخذها طوعا لم يجز (٢).

وفي «المبسوط» : إن أخذها كرها أجزأه ، وإن أخذها طوعا لم يجزه فيما بينه وبين الله تعالى ، وليس للإمام مطالبته دفعة ثانية (٣).

ثمّ قال : وللعلّامة قول آخر بالإجزاء في الصورتين (٤) ، وهو مختار المحقّق ، والشهيد في «البيان» (٥) (٦) ، انتهى.

__________________

(١) المعتبر : ٢ / ٥٥٩ ، نهاية الإحكام : ٢ / ٤٢٤ ، تذكرة الفقهاء : ٥ / ٣٣٠ المسألة ٢٤١ ، منتهى المطلب : ١ / ٥١٦ ط. ق ، الدروس الشرعيّة : ١ / ٢٤٦.

(٢) منتهى المطلب : ١ / ٥١٦ ط. ق.

(٣) المبسوط : ١ / ٢٣٣.

(٤) منتهى المطلب : ١ / ٥١٦ ط. ق.

(٥) شرائع الإسلام : ١ / ١٦٨ ، البيان : ٣٢٢.

(٦) ذخيرة المعاد : ٤٦٨.

٥١٨

٢٣٨ ـ مفتاح

[جواز إعطاء الزكاة كلّها لواحد]

لا يجب بسطها على الأصناف عندنا ، بل لو خصّ بها شخصا واحدا من بعضها جاز بإجماعنا والصحاح المستفيضة (١) ، ولا ينافيه الآية الشريفة (٢) ، إذ اللام فيها للاختصاص لا الملك.

وأوجب المفيد المفاوتة بين الفقراء بحسب فقههم وديانتهم (٣) ، وفي الأخبار ما يؤيّده (٤) ، وفي الصحيح : «يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل» (٥).

وأوجب هو والحلبي والقاضي حملها إلى الإمام أو نائبه الخاصّ ومع الغيبة العام (٦) ، ولا دليل عليه.

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ٢٦٥ الباب ٢٨ من أبواب المستحقّين للزكاة.

(٢) التوبة (٩) : ٦٠.

(٣) المقنعة : ٢٥٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٦١ الباب ٢٥ من أبواب المستحقين للزكاة.

(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٦٢ الحديث ١١٩٨١.

(٦) المقنعة : ٢٥٢ ، الكافي في الفقه : ١٧٢ ، المهذب : ١ / ١٧١ و ١٧٥.

٥١٩

نعم ؛ الأفضل ذلك ، لأنّهم أبصر بمواقعها. وينبغي حمل المواشي إلى المتجمّلين وصرف غيرها إلى غيرهم ، كما في الخبر (١).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢٦٣ الحديث ١١٩٨٣.

٥٢٠