محمّد باقر الوحيد البهبهاني
المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94603-0-6
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٤٨
وفي الصحيح عن صفوان ـ وهو ممّن أجمعت العصابة (١) ، وممّن لا يروي إلّا عن الثقة على ما قاله في «العدّة» (٢) ـ عن إسحاق بن عمّار ، والظاهر أنّه ابن حيّان الكوفي الثقة بقرينة الرواية ، لأنّه كان صيرفيّا ، وصفوان من أهل الكوفة لا المدائن ، وهو أشهر وأعرف ، بل من الأجلّاء المشهورين غاية الاشتهار.
قال : سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن رجل له مائة درهم وعشرة دنانير أعليه زكاة؟ فقال : «إن كان فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة» ، قلت : لم يفرّ بها ، ورث مائة درهم وعشرة دنانير ، قال : «ليس عليه زكاة» ، قلت : فلا تكسر الدراهم على الدنانير ولا الدنانير على الدراهم؟ فقال : «لا» (٣).
وفي الموثّق كالصحيح ـ أو الحسن كذلك ـ عن معاوية بن عمّار ، عن الصادق عليهالسلام : عن الرجل يجعل لأهله الحلي من مائة دينار والمائتي دينار وأراني قد قلت ثلاث مائة فعليه الزكاة؟ قال : «ليس فيه الزكاة» ، قلت : فإنّه فرّ بها من الزكاة ، فقال : «إن كان فرّ به من الزكاة فعليه الزكاة» (٤) الحديث.
مع أنّه مرّ في كصحيحة زرارة أنّ الباقر عليهالسلام قال : «من فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة» (٥) ، ويدلّ عليه أيضا ما رواه زرارة في الموثّق كالصحيح أنّه قال للصادق عليهالسلام : إنّ أباك قال : «من فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة» ، [ف] قال : «صدق أبي» (٦) وساق الكلام على نحو ما مرّ في كالصحيحة عنه.
__________________
(١) رجال الكشي : ٢ / ٨٣٠ الرقم ١٠٥٠.
(٢) عدّة الاصول : ١ / ١٥٤.
(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ٩٤ الحديث ٢٧٠ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٥١ الحديث ١١٧٢٠.
(٤) تهذيب الأحكام : ٤ / ٩ الحديث ٢٥ ، الاستبصار : ٢ / ٨ الحديث ٢٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٥٧ الحديث ١١٧٣٤ ، ١٦٢ الحديث ١١٧٤٦.
(٥) راجع! الصفحة : ١٩٦ ـ ١٩٨ من هذا الكتاب.
(٦) الكافي : ٣ / ٥٢٥ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٦١ الحديث ١١٧٤٥.
وقد ذكرنا غير مرّة أنّ كلام الباقر عليهالسلام كان مرّ الحقّ من وجوه متعدّدة.
وقال الصادق عليهالسلام أيضا : «إنّ أبي كان يفتي بمرّ الحقّ وأنا أفتي بالتقيّة ، لأنّ أصحاب أبي ما كانوا يسألونه شكّاكا ويسألوني كذلك فأفتيهم بالتقيّة» (١).
ولعلّ المقام أيضا منه ، لأنّ الفرار بعد تعلّق الوجوب لا معنى له ، ولا يسمّى فرارا ، لأنّ الفارّ جزم بأنّه وجب عليه الزكاة بدّلها بغيرها أو لا ، أطاع وأمتثل أو لا.
مع أنّ جعل الدنانير والدراهم حليّا فيه ضرر عظيم ، بل مجرّد كسرها أيضا فيه الضرر العظيم الواضح ، ليس بأنقص من قدر الزكاة ، لو لم نقل بأنّه أزيد ، وأضرّ منه الهبة التي يجعلها في محلّ الخطر.
فالظاهر ؛ أنّه لأجل السنوات الآتية أيضا ، فكيف يقول : بأنّ من فرّ بها فعليه الزكاة على سبيل الإطلاق؟ فتأمّل!
مع أنّ السيّد كان مطّلعا على مذاهب العامّة ، ولم يكن كاذبا.
غاية ما يمكن أن يتأمّل فيه ، أنّه لا يكون إجماع كلّهم على ما قال ، لكن إجماع الجلّ والشهرة بينهم لا أقلّ منه ، وهو يكفي لترجيح أخباره.
مع أنّ حمل الأخبار المذكورة على الفرار بعد الوجوب غير مستقيم ، لأنّ الزكاة حينئذ زكاة الدنانير والدراهم لا زكاة الحلي ، فالاستثناء فيه ما فيه.
وأجاب الشيخ عنه ، بأنّ «لا» في جواب السؤال عن وجوب الزكاة في الحلي ، اقتضى أنّ كلّ ما يقع عليه اسم الحلي لا يجب عليه الزكاة ، سواء صنع قبل حلول الوقت أو بعده ، لدخوله تحت العموم ، فيقصد عليهالسلام بذلك إلى تخصيص البعض من الكلّ ، وهو ما صنع بعد حلول الوقت (٢) ، انتهى. ولا يخفى ما فيه.
قال في «الذخيرة» والأقرب في وجه الجمع حمل ما دلّ على وجوب الزكاة
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣٥ الحديث ٥٢٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٢٦٤ الحديث ٥١٠٨ مع اختلاف يسير.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ١٠ ذيل الحديث ٢٧.
على الاستحباب ، فإنّه حمل قريب جدّا ، كما اشير إليه مرارا.
ولا يتعيّن حمل المعارض على التقيّة كما ذكره المرتضى (١) ، لأنّ العامّة مختلفون ، فذهب مالك وأحمد إلى الوجوب (٢) والشافعي (٣) وأبو حنيفة (٤) إلى عدمه ، وما ذكره من جهات الترجيح غير واضح (٥) ، انتهى.
وبملاحظة ما ذكرناه ؛ ظهر التأمّل فيما ذكره أيضا ، مضافا إلى أنّه رحمهالله لغاية قرب عهده بالأخبار ، ومذاهب الشيعة في ذلك الزمان ، يكون كالشاهد يرى ما لا يراه الغائب.
فلا وجه في تأمّله في جهات ترجيحه ، ولا في كون المشهور عند الشيعة ما ذكره ، فإنّه استثنى ابن الجنيد خاصّة ، مع أنّه كثيرا ما يطابق رأيه رأي العامّة ، كما لا يخفى على المطّلع ، ومجرّد الشهرة بين الشيعة يكفي مرجّحا ، فما ظنّك إذا كان المشتهر بين العامّة خلافه؟
والذي وصل إلينا من الأئمّة عليهمالسلام في الأخبار المتعارضة وعلاجها (٦) ، هو أمثال ما ذكره السيّد رحمهالله ، لا الحمل على الاستحباب.
وقد كتبنا رسالة مبسوطة في أمثال المقام ، وأشرنا إلى ذلك في الجملة في هذا الكتاب في مقامات ، وكان الأمر على ذلك إلى زمانه ، وزمان صاحب «المدارك» ، بل صاحب «المدارك» في الغالب يمشي مشي الأصحاب.
__________________
(١) الانتصار : ٨٣.
(٢) نسب إليهما عدم الوجوب ، لاحظ! الخلاف : ٢ / ٨٨ تذكرة الفقهاء : ٥ / ١٣٠ ، المغني لابن قدامه : ٢ / ٣٢٢.
(٣) لاحظ! الامّ : ٢ / ٤١ و ٤٢.
(٤) نسب إليه الوجوب ، لاحظ! بداية المجتهد : ١ / ٢٥٨ ، احكام القرآن لابن العربي : ٢ / ٩٣١ ، الخلاف : ٢ / ٨٨.
(٥) ذخيرة المعاد : ٤٣٢.
(٦) الكافي : ١ / ٦٧ الحديث ١٠ ، من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٥ الحديث ١٨ ، تهذيب الأحكام : ٦ / ٣٠١ الحديث ٨٤٥ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.
لكن اشتهار عدم الوجوب بعد السيّد إلى الآن ، ربّما يوهن ما ذكره السيّد رحمهالله.
والأصل براءة الذمّة حتّى يثبت الوجوب ، وإن كان ما ذكرنا عن الصدوق وغيره (١) يؤيّد السيّد رحمهالله ، والاحتياط واضح ، ولعلّه لا يخلو من التأكيد التام في المقام لما عرفت.
قوله : (وإذا سبك). إلى آخره.
أقول : لم نجد دعوى الوفاق فيما ذكره إلّا من المصنّف ، وإلّا فكلام المرتضى عام كما عرفت ، وكذلك كلام غيره ، ولم يشر أحد إلى ما ادّعاه المصنّف ، بل ينقل الخلاف كما ذكرناه مطلقا.
بل الصدوق قال في «الفقيه» : وليس على السبائك زكاة إلّا أن يفرّ بها من الزكاة ، فإن فررت بها فعليك الزكاة (٢).
وكذلك قال في «المقنع» (٣) موافقا لوالده في «الرسالة» (٤) ، ووافقهما الشيخ رحمهالله (٥) بعد المرتضى رحمهالله (٦).
وقال المحقّق [الشيخ] مفلح في «شرح الشرائع» : قال ابن أبي عقيل : إنّ من سبك النقدين فرارا من الزكاة وجبت عليه مقابلة له بنقيض مقصوده كالقاتل والمطلق (٧) ، انتهى.
__________________
(١) راجع! الصفحة : ١٩٤ ـ ١٩٦ من هذا الكتاب.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٩ ذيل الحديث ٢٦.
(٣) المقنع : ١٦٣.
(٤) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٣ / ١٥٧.
(٥) المبسوط : ١ / ٢١٠ ، الخلاف : ٢ / ٧٧ المسألة ٩٠ ، الرسائل العشر : ٢٠٥.
(٦) رسائل الشريف المرتضى : ٣ / ٧٥ ، الانتصار : ٨٣.
(٧) غاية المرام في شرح شرائع الإسلام : ١ / ٢٥٠.
والمعتبرة قد عرفت حالها ، وعدم اختصاصها بالسبيكة.
وقوله : (إذا أردت ذلك فاسبكه).
يمكن أن يكون المراد إذا أردت بقاء الذهب عندك من دون زكاة عليه فاسبكه ، وكذلك الفضّة.
ويشهد عليه الصحيح الآخر عن علي بن يقطين عن الكاظم عليهالسلام : عن المال الذي لا يعمل به ولا يقلب؟ قال : «تلزمه الزكاة في كلّ سنة إلّا أن يسبك» (١) إذ معلوم عدم انحصار عدم الزكاة في السبيكة فتدبّر!
وربّما يظهر من الصحيح عدم المرجوحيّة أيضا.
ولعلّه يكون كذلك بالنسبة إلى مثل علي بن يقطين ، ممّن كان يصرف أمواله في سبيل الله ، وكانت المصلحة بقاء قدر منها لمصالح اخر.
ويحتمل أن يكون ما ذكر وجه جمع آخر بين ما دلّ على المنع من الفرار ، وأنّه لا تسقط الزكاة ، وما دلّ على خلافه ممّا عرفت.
قوله : (وهل مبدأ). إلى آخره.
اختلف الأصحاب كما ذكره ، ذهب جماعة منهم الشيخ رحمهالله إلى أنّه من حين النتاج (٢).
ونسبه في «المختلف» إلى أكثر الأصحاب (٣) ، وذهب إليه غير واحد من المتأخّرين (٤) ، لما في الحسن بإبراهيم بن هاشم ، عن زرارة ، عن الباقر عليهالسلام قال :
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥١٨ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٧ الحديث ١٧ ، الاستبصار : ٢ / ٧ الحديث ١٥ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٦٦ الحديث ١١٧٥١.
(٢) المبسوط : ١ / ١٩٨.
(٣) مختلف الشيعة : ٣ / ١٦٧.
(٤) الروضة البهيّة : ٢ / ٢٦ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٤ / ٦٠.
«ليس في صغار الإبل شيء حتّى يحول عليه الحول من يوم تنتج» (١) ، ولا قائل بالفصل.
وما رواه الشيخ في القوي بالقاسم بن عروة عن الباقر والصادق عليهماالسلام قالا : «ليس في الإبل شيء ـ إلى أن قالا ـ : وما كان من هذه الأصناف الثلاثة : الإبل والبقر والغنم فليس فيها شيء حتّى يحول عليها الحول من يوم تنتج» (٢).
وما رواه أيضا بطريق آخر فيه القاسم المذكور ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهمالسلام قال : «ليس في شيء من الحيوان شيء غير هذه الأصناف [الثلاثة] الإبل والبقر والغنم». إلى أن قال : «وما كان من هذه الأصناف فليس فيها شيء حتّى يحول عليه منذ يوم تنتج» (٣).
وما رواه في الموثّق كالصحيح عن زرارة قال : سألت الباقر عليهالسلام عن صدقات الأموال؟ فقال : «في تسعة». إلى أن قال : «وكلّ شيء كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شيء حتّى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج» (٤).
ويدلّ عليه أيضا الصحاح ، والمعتبرة الدالّة على أنّ ما حال عليه الحول من الأموال والحيوانات المذكورة وغيرها يجب فيها الزكاة (٥) ، لصدق ذلك على ما وجد ، وحال عليه الحول بعد وجوده في ملك المالك. ولم يظهر دخوله فيما دلّ على اشتراط السؤم طول الحول ، لعدم تبادر مثله منه.
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥٣٣ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٢٢ الحديث ١١٦٦٤.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٢١ الحديث ٥٤ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٠٩ الحديث ١١٦٤١.
(٣) الاستبصار : ٢ / ٢٤ الحديث ٦٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٢٠ الحديث ١١٦٥٨ ، ١٢٣ الحديث ١١٦٦٧ مع اختلاف يسير.
(٤) تهذيب الأحكام : ٤ / ٢ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٥٧ الحديث ١١٥١١.
(٥) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ١٢١ الباب ٨ من أبواب زكاة الأنعام.
ولا يعارض ما ذكرناه موثّقة إسحاق بن عمّار أو صحيحته أنّه قال للصادق عليهالسلام : السخل متى يجب فيه الزكاة؟ قال : «إذا أجذع» (١) ، إذ فسّر الأجذع منه بأن يكون تمّت له سنة ، ودخل في السنة الثانية ، فيكون حينئذ من جملة الأدلّة على ما ذكر.
وفيها وفي أمثالها دلالة قويّة على كون الشهر الثاني عشر من تتمّة السنة السابقة لا السنة الآتية ، كما اختاره بعض (٢) ، بل وفيها ظهور في كون وجوب الزكاة بمجرّد الدخول في الثاني عشر وجوبا غير مستقرّ بالمعنى الذي عرفت فتأمّل! وذهب جماعة منهم الفاضلان إلى أنّه حين استغنائها بالرعي ، ليتحقّق الشرط بالنسبة إليها وهو السؤم (٣).
واستقرب الشهيد في «البيان» اعتبار الحول من حين النتاج ، إذا كان اللبن الذي يشربه من السائمة (٤).
ولا يخلو عن قوّة ، لعدم ظهور دخول غيره في الأخبار التي ذكرناها ، لانصراف الإطلاق إلى الأفراد الشائعة المتعارفة ، وكون نتاج المعلوفة بحيث يقبل وجوب الزكاة عليها بتحقّق شرائطها ، لعلّه ليس من المتبادر.
مع أنّ الأخبار التي ذكرناها كلّها كالصريحة في كون ما فيه الزكاة من يوم تنتج ، من جملة ما وجب فيه الزكاة لا غير ، حيث قالوا عليهمالسلام : «وما كان من هذه الأصناف فليس فيها شيء حتّى يحول عليه الحول من يوم تنتج» (٥).
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١٥ الحديث ٣٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٢٣ الحديث ١١٦٦٦ مع اختلاف يسير.
(٢) إيضاح الفوائد : ١ / ١٧٢.
(٣) شرائع الإسلام : ١ / ١٤٤ ، المعتبر : ٢ / ٥١٠ ، مختلف الشيعة : ٣ / ١٦٧ ، نهاية الإحكام : ٢ / ٣١٣.
(٤) البيان : ٢٨٥ و ٢٨٦.
(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ١٢٣ الحديث ١١٦٦٧.
وأشاروا بلفظ هذه الأصناف إلى الإبل والبقر والغنم التي حكموا بوجوب الزكاة فيها البتّة ، نعم الرواية الاولى خالية ممّا ذكرناه.
والظاهر ؛ اتّحاد الحال في الكلّ ، مع أنّ سخال السائمة التي غذاؤها من لبن امّها ، ربّما يعدّ في العرف من السائمة.
وما ذكرناه من الأخبار ظاهرة في ذلك ، لا أنّها ليست بسائمة ، ومع ذلك يجب فيها ، مع أنّها ترعى في كثير من أوقات الحول ، وربّما يستغنى بالرعي في بعض أوقاته ، ومثلها لا تعدّ من المعلوفة قطعا ، بخلاف سخال المعلوفة ، التي غذاؤها من لبن امّها.
والأصل براءة الذمّة من وجوب الزكاة فيها ، بملاحظة ما دلّ على اشتراط السؤم في الحول ، فبملاحظتها لا يبقى عموم ما دلّ على وجوبها في كلّ ما حال عليه الحول على حاله ، إلى أن يثبت به الوجوب ، فلاحظ وتأمّل!
بل لم نجد من كلام أحد من الفقهاء وجوب الزكاة في سخال الأنعام المعلوفة التي لا تجب فيها الزكاة ، من جهة عدم كونها سائمة ، مع أنّ هذه الجهة تكون في سخالها أيضا ، فكيف يجوّز فقيه كون زكاة السخال المذكورة واجبة مع عدم كونها سائمة؟ وزكاة امّهاتها غير واجبة ، من جهة عدم كونها سائمة.
بل الموجود في عباراتهم أنّ الأنعام التي يجب زكاتها لو كانت سخالا ، فهل يكون ابتداء الحول المشروط فيها من حين نتاجها؟ أو من حين استغنائها بالرعي؟
منهم من قال : بالأوّل ، لظواهر الأخبار (١).
ومنهم من قال : بالثاني ، لعموم ما دلّ على اشتراط السؤم (٢) ، فلاحظ وتأمّل!
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ١٢٢ الباب ٩ من أبواب زكاة الأنعام.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ١١٨ الباب ٧ من أبواب زكاة الأنعام.
ثمّ اعلم! أنّه ظهر ممّا ذكرنا من الأخبار أنّ للسخال حول بانفرادها ، لصراحتها في أنّ ما لم يحلّ عليه الحول ، فليس فيه شيء حتّى يحول عليه الحول (١).
والظاهر عدم الخلاف في ذلك ، والأمر كذلك في كلّ ما ملكه المكلّف ممّا يزكّى ، ممّا اعتبر في زكاته الحول ، أنّه إذا اجتمع شرائط الوجوب وتحقّق الوجوب ، ثمّ ملك من هذا الجنس قدرا آخر ، فإنّه له حول آخر بانفراده بمقتضى الأدلّة.
فلو كان السخال المتجدّدة في ملكه في أثناء الحول نصابا مستقلّا ، كما لو ولدت خمس من الإبل خمسا ، فلكلّ حول بانفراده.
ولو ولدت أربعون من الغنم أربعين ، وجب شاة عند تمام حول الأربعين ، ولم يجب في السخال شيء ، لأنّ الزائد عن الأربعين عفوا ، إلى أن يصل النصاب الثاني ، إذ الظاهر عدم الفرق في ذلك بين أن يملكها مجتمعة أو متفرّقة.
واحتمل في «المعتبر» وجوب شاة في الثانية أيضا عند تمام حولها (٢) ، كما قلنا في الإبل ، محتجّا بقوله عليهالسلام : «في كلّ أربعين شاة شاة» (٣).
وفيه أنّ المتبادر منه النصاب المبتدأ ، إذ لو ملك ثمانين ، لم يجب عليه شاتان إجماعا ، ولعموم قولهم عليهمالسلام : «في كلّ أربعين شاة شاة ، وليس فيما دون الأربعين شيء ، ثمّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ عشرين ومائة» (٤) الحديث.
وقولهم عليهمالسلام : «إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة» (٥).
وبالجملة ؛ الظاهر عدم الإشكال في جميع ما ذكر ، إنّما الإشكال فيما إذا كانت
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ١٢١ الباب ٨ من أبواب زكاة الأنعام.
(٢) المعتبر : ٢ / ٥١٠.
(٣) الكافي : ٣ / ٥٣٤ الحديث ١ ، الاستبصار : ٢ / ٢٢ الحديث ٦١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١١٦ الحديث ١١٦٤٩.
(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ١١٦ الحديث ١١٦٤٩.
(٥) تهذيب الأحكام : ٤ / ٢٥ الحديث ٥٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١١٦ الحديث ١١٦٥٠.
المتجدّدة متمّمة للنصاب الثاني ، مثل أنّه كان له ثمانون ، وحال عليها الحول فأعطى شاة ، فحصل له بعد ذلك ستّة أشهر أزيد من أربعين ، فتمّ له النصاب الثاني.
ففيه أوجه ، سقوط اعتبار الأوّل ، واعتبار الجميع نصابا واحدا من حين كمال النصاب الثاني وتحقّقه ، ووجوب زكاة كلّ منهما عند تمام حولها ، واعتبار حول المجموع بعد انتهاء حول الأوّل.
والأخير أقرب ، لعموم ما دلّ على أنّ من ملك أربعين ، وحال عليها الحول في ملكه ، فيجب عليه شاة ، ويصدق عليه من الحين أنّه ملك النصاب الثاني ، فعليه بعد حول الحول عليه إعطاء شاتين.
ولا يضرّ صدق حول الحول على أربعين بعد مضيّ ستّة أشهر ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ثنى في صدقة له» (١).
وقول الباقر عليهالسلام : «لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد» (٢) ، فإنّه أعطى زكاة أربعين منها قبل هذا بستّة أشهر لوجوبها عليه ، من جهة عموم قولهم عليهمالسلام : «من ملك أربعين وحال على ملكه الحول وجب عليه شاة» (٣).
وقد عرفت عدم شموله لملك الأربعين الاخرى لعموم قولهم عليهمالسلام : «ثمّ ليس فيها شيء حتّى تبلغ عشرين ومائة» (٤) ، وقولهم عليهمالسلام : «ففيها شاة إلى عشرين ومائة» (٥)
وهذا البحث آت في العدد المتجدّد في أثناء الحول مطلقا ، فتأمّل جدّا!
__________________
(١) النهاية لابن الأثير : ١ / ٢٢٤ ، كنز العمّال : ٦ / ٣٣٢ الحديث ١٥٩٠٢ ، ٤٦٦ الحديث ١٦٥٧٥ مع اختلاف يسير.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٣٣ الحديث ٨٥ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٠٠ الحديث ١١٦٢٥.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ١١٦ الباب ٦ من أبواب زكاة الأنعام.
(٤) وسائل الشيعة : ٩ / ١١٦ الحديث ١١٦٤٩.
(٥) وسائل الشيعة : ٩ / ١١٦ و ١١٧ الحديث ١١٦٥٠.
٢٢٤ ـ مفتاح
[ما لو ملك أحد النصب]
إذا ملك أحد النصب الزكاتيّة للتجارة ، سقطت إحدى الزكاتين على المشهور ، للنصوص المستفيضة منها النبوي : «لا ثنى في صدقة» (١) ، وفي الحسن «لا يزكّي المال من وجهين في عام واحد» (٢).
والأشهر سقوط زكاة التجارة ، لتقدّم الواجب على الندب.
وقيل : إن قلنا بوجوبها تخيّر المالك في إخراج أيّهما شاء (٣) ، والأوّل أظهر ، لانتفاء الدليل على ثبوت زكاة التجارة مع وجوب العينيّة.
__________________
(١) كنز العمال : ٦ / ٣٣٢ الحديث ١٥٩٠٢ مع اختلاف يسير.
(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ١٠٠ الحديث ١١٦٢٥.
(٣) لاحظ! مسالك الأفهام : ١ / ٤٠٣ ، مدارك الأحكام : ٥ / ٧٨.
قوله : (إذا ملك).
الأمر كما ذكره ، بل عرفت أنّ في نفس الاستحباب أيضا نوع تأمّل (١).
__________________
(١) راجع! الصفحة : ١٠٦ ـ ١٠٨ من هذا الكتاب.
القول في مقاديرها ونصبها
٢٢٥ ـ مفتاح
[نصاب النقدين]
لا شيء فيما دون عشرين دينارا ، وفيه نصف دينار ، ثمّ في كلّ أربعة ، عشر دينار ، ولا فيما دون مائتي درهم ، وفيه خمسة ، ثمّ في كلّ أربعين درهم ، والضابط فيهما ربع العشر ، كذا في المعتبرة المستفيضة (١) وعليه الأكثر.
وقيل : لا شيء فيما دون أربعين دينارا (٢) ، للمعتبرين (٣) ، وأوّلهما الشيخ بالبعيد (٤) ، ويمكن حملهما على التقيّة لموافقتهما لمذهب بعضهم (٥) وإن قلّوا.
قال المحقّق : ما تضمّن اعتبار العشرين أشهر في النقل وأظهر في العمل ،
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ١٣٧ ـ ١٤٦ الباب ١ و ٢ من أبواب زكاة الذهب والفضة.
(٢) نسب إلى علي بن بابويه في مختلف الشيعة : ٣ / ١٨٢.
(٣) وسائل الشيعة : ٩ / ١٤١ الحديث ١١٦٩٧ و ١١٦٩٨.
(٤) تهذيب الأحكام : ٤ / ١١ ذيل الحديث ٢٩.
(٥) المجموع للنووي : ٦ / ١٧ ، المغني لابن قدامة : ٢ / ٣١٩.
فكان المصير إليه أولى (١) ، وسائر الأحكام مجمع عليه.
والدينار مثقال وهو قدر درهم وثلاثة اسباع درهم ، والدرهم علمته في مباحث الوضوء (٢) ، ولا شيء في المغشوشة ما لم يعلم أنّ الصافي منها نصاب ، كذا قيل (٣) ، والأحوط استعلامه.
وفي حكم النقدين مال التجارة قدرا ونصابا بلا خلاف ، وكذا نماء العقار على القول بالاستحباب فيه (٤).
__________________
(١) المعتبر : ٢ / ٥٢٤.
(٢) لاحظ! مفاتيح الشرائع : ١ / ٥٠ المفتاح ٥٦.
(٣) شرائع الإسلام : ١ / ١٥١.
(٤) مسالك الأفهام : ١ / ٤٠٧.
قوله : (لا شيء). إلى آخره.
المشهور ؛ كون النصاب الأوّل في الذهب عشرين دينار ، وفيه نصف دينار.
ونسب إلى علي بن بابويه أنّه أربعون دينارا ، وفيه دينار (١). وعن «الخلاف» أنّه نسبه إلى قوم من أصحابنا (٢). وعن «المعتبر» أنّه نسبه إلى الصدوق ، وجماعة من أصحاب الحديث (٣).
وكلامه في «الفقيه» صريح في المذهب المشهور (٤).
حجّة المشهور الأخبار الكثيرة المعتبرة مثل صحيحة البزنطي عن أبي الحسن عليهالسلام عمّا اخرج من المعدن [من قليل أو كثير] هل فيه شيء؟ قال : «ليس فيه شيء حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا» (٥).
وصحيحة الحسين بن بشّار قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام في كم وضع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الزكاة؟ فقال : «في كلّ مائتي درهم خمسة دراهم فإن نقصت فلا زكاة فيها ، وفي الذهب في كلّ عشرين دينارا نصف دينار» (٦) الحديث. إلى غير ذلك ممّا هو في غاية الكثرة (٧). وأكثرها سندها في غاية الاعتبار صحيح وكالصحيح.
__________________
(١) نقل عنه في مدارك الأحكام : ٥ / ١٠٨.
(٢) الخلاف : ٢ / ٨٣ و ٨٤ المسألة ٩٩.
(٣) المعتبر : ٢ / ٥٢٣.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٩ الحديث ٢٦.
(٥) تهذيب الأحكام : ٤ / ١٣٨ الحديث ٣٩١ ، وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٤ الحديث ١٢٥٦٨.
(٦) الكافي ، ٣ / ٥١٦ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٤٣ الحديث ١١٧٠٢.
(٧) لاحظ! وسائل الشيعة : ٩ / ١٣٧ الباب ١ من أبواب زكاة الذهب والفضّة.
ويؤيّدها الأنسبيّة والأقربيّة إلى نصاب الفضّة ، بل في صدر الإسلام كان كلّ دينار عشرة دراهم وبالعكس ، وعلى ذلك بيّن الديات ونحوها.
وفي كالصحيحة عن الصادق عليهالسلام : عن الذهب والفضّة ما أقلّ ما يكون فيه الزكاة؟ قال : «مائتا درهم وعدلها من الذهب» (١).
وفي كالصحيحة عن زرارة عن الباقر عليهالسلام قال : «في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار ، وفي الفضّة إذا بلغت مائتي درهم خمسة دراهم ، فإذا زادت تسعة وثلاثون على المائتين فليس فيها شيء حتّى تبلغ الأربعين ، وليس في شيء من الكسور شيء حتّى تبلغ الأربعين ، وكذلك الدنانير على هذا الحساب» (٢).
وصحيحة زرارة وبكير أنّهما سمعا الباقر عليهالسلام يقول : «ليس في أقلّ من عشرين دينارا شيء ، فإذا بلغت عشرين [دينارا] ففيه نصف دينار». إلى أن قال : «فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم ، فما زاد فبحساب ذلك ، وليس في مائتي درهم وأربعين درهما غير درهم إلّا خمسة دراهم ، فإذا بلغت أربعين ومأتي درهم ففيها ستّة دراهم فإذا بلغت ثمانين ومائتي [درهم] ففيها سبعة دراهم ، وما زاد فعلى هذا الحساب ، وكذلك الذهب وكلّ ذهب» (٣) ، الحديث.
وكصحيحة محمّد بن مسلم عن الصادق عليهالسلام : عن الذهب كم فيه من الزكاة؟ قال : «إذا بلغ قيمته مائتي درهم فعليه الزكاة» (٤).
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٥١٦ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٤٢ الحديث ١١٧٠٠.
(٢) تهذيب الأحكام : ٤ / ٧ الحديث ١٥ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٤٠ الحديث ١١٦٩٣ ، ١٤٤ الحديث ١١٧٠٥.
(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ١٢ الحديث ٣٣ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٤٠ الحديث ١١٦٩٥ ، ١٤٥ الحديث ١١٧٠٩.
(٤) الكافي : ٣ / ٥١٦ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ١٠ الحديث ٢٨ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٣٧ الحديث ١١٦٨٦.
ومرّ كصحيحة إسحاق بن عمّار (١) في بحث الفرار من الزكاة (٢) ، وغير ذلك ممّا هو ظاهر فيما ذكرناه ، من كون البناء شرعا في أمثال المقام ، على كون الدراهم عشرة منها دينار ، ودينار عشرة دراهم.
حجّة علي بن بابويه ومن وافقه ؛ كصحيحة الفضلاء عن الباقر والصادق عليهماالسلام قالا : «في الذهب في كلّ أربعين مثقالا مثقال ، وفي الورق في كلّ مائتين خمسة دراهم ، وليس في أقلّ من أربعين مثقالا شيء ، ولا في أقلّ من مائتي درهم شيء ، وليس في النيّف شيء حتّى يتمّ أربعون فيكون فيه واحد» (٣).
وحملها في «التهذيب» على أنّ المراد من الشيء المنفي هو الدينار (٤) ، وهو ليس بذلك البعيد ، بعد ملاحظة قوله : «وليس في النيّف». إلى آخره ، والتأمّل فيه.
وأكثر التوجيهات للجمع ، ليست خالية عن البعد ، بل لو لم يكن بعيدا لم يكن توجيها ، إذ ربّما كانت قرائن حالية ، أو مقاليّة ذهبت من البين ، ولو لم تذهب ولوحظت لارتفع البعد ، وربّما يتعيّن التوجيه المذكور ، وربّما وقع سهو في الفهم ، أو النقل من أحد من الرواة.
ألا ترى! إلى ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة ، في جملة حديث ، قلت للصادق عليهالسلام : رجل عنده مائة درهم وتسعة وتسعون درهما وتسعة وثلاثون دينارا أيزكّيها؟ قال عليهالسلام : «[لا ؛] ليس عليه شيء من الزكاة في الدراهم ولا في
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٩ / ١٥١ الحديث ١١٧٢٠.
(٢) راجع! الصفحة : ١٦٩ و ١٧٠ من هذا الكتاب.
(٣) تهذيب الأحكام : ٤ / ١١ الحديث ٢٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٤١ الحديث ١١٦٩٧ ، ١٤٤ الحديث ١١٧٠٦.
(٤) تهذيب الأحكام : ٤ / ١١ ذيل الحديث ٢٩.
الدنانير حتّى يتمّ أربعين [دينارا] والدراهم مائتي درهم» ، قال زرارة : وكذلك هو في جميع الأشياء (١) ، الحديث.
وروى عن زرارة بإسناد آخر نحوه (٢) ، ومع ذلك رواها الصدوق في الصحيح عن زرارة ، والمتن هكذا :
قلت للصادق عليهالسلام : رجل عنده مائة وتسعة وتسعون درهما وتسعة عشر دينارا أيزكّيها؟ فقال عليهالسلام : «[لا] ليس عليه زكاة في الدراهم ولا في الدنانير حتّى يتمّ» ، قال زرارة : وكذلك هو في جميع الأشياء (٣).
وحملتا على التقيّة أيضا ، ولا يخلو عن البعد ، لأنّ معظم العامّة لا يقولون بمضمونها.
وكيف كان ؛ هما غير قابلين للمعارضة والمقاومة مع أدلّة المشهور ، فضلا عن الغلبة ، فالجمع إن أمكن ، وإلّا فالطرح متعيّن ، وعرفت الحال.
وبما ذكرنا ظهر الوجه في قويّة إسحاق بن عمّار عن أبي إبراهيم عليهالسلام قال : قلت له : مائة وتسعون درهما وتسعة عشر دينارا أعليها في الزكاة شيء؟ فقال : «إذا اجتمع الذهب والفضّة فبلغ ذلك مائتي درهم ففيها الزكاة ، لأنّ عين المال الدراهم ، وكلّ ما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود ذلك إلى الدراهم في الزكاة والديات» (٤) بأنّ المراد من الزكاة فيها زكاة التجارة ، بقرينة كون إسحاق صيرفيّا.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٤ / ٩٢ الحديث ٢٦٧ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٤١ الحديث ١١٦٩٨.
(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ١٥٠ الحديث ١١٧١٨.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١ الحديث ٣٢ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٥٠ الحديث ١١٧١٨.
(٤) الكافي : ٣ / ٥١٦ الحديث ٨ ، تهذيب الأحكام : ٤ / ٩٣ الحديث ٢٦٩ ، وسائل الشيعة : ٩ / ١٣٩ الحديث ١١٦٩١.