فالتخيير في ارتكاب أحدهما دون الآخر في معنى التخيير في الأخذ في الأخذ بالأصل الجاري في أحدهما وطرح الجاري في الآخر.
المطلب السابع
في الاستصحاب المتمسّك به لإثبات وجوب الأجزاء الباقية من العبادة المركّبة بعد تعذّر بعضها الآخر.
واعلم : أنّه إذا وجب عبادة مركّبة عند دخول وقتها واجتماع سائر شرائطها فلم يأت بها المكلّف حتّى تعذّر بعض أجزائها ، كما إذا قطع بعض أعضاء الوضوء بعد تنجّز التكليف به ، فلهم في إثبات وجوب الإتيان بالأجزاء الباقية وعدم سقوط وجوبها بسبب سقوط وجوب الكلّ طرق عديدة.
منها : العمومات القاضية بعدم سقوط الميسور بالمعسور (١).
ومنها : الغلبة الملحقة لمورد الشكّ بمورد الغالب ، المحرزة باستقراء التكاليف المركّبة الّتي وجدت في الغالب بحيث لم يعف الشارع عن باقي أجزاء المركّب بسبب تعذّر بعضها.
ومنها : الاستصحاب على ما قد يوجد في بعض الكلمات ، وإليه يرجع كلام الفاضلين في المعتبر (٢) والمنتهى (٣) في مسألة الأقطع في الاستدلال على وجوب غسل ما بقي من اليد المقطوعة ممّا دون المرفق ، بأنّ : « غسل الجميع بتقدير وجود ذلك البعض واجب ، فإذا زال البعض لم يسقط الآخر » انتهى على أحد احتماليه.
ويقرّر الاستصحاب المذكور بوجهين :
أحدهما : استصحاب وجوب ما بقي من الأجزاء بعد تعذّر ما عداه ، فإنّه كان واجبا قبل زمان التعذّر فيستصحب بعده.
وفيه من الضعف ما لا يخفى ، فإنّ أجزاء العبادة المركّبة ـ على ما حقّقناه في بحث المقدّمة ـ لا يلحقها وجوب بواسطة وجوب المركّب إلاّ ثانيا وبالعرض وعلى سبيل المجاز.
ولو سلّم فالمراد بوجوبها الّذي اريد استصحابه إمّا أن يكون هو الوجوب التبعي المقدّمي ، فلا شكّ في ارتفاعه لارتفاع المعلول بزوال العلّة وهي وجوب الكلّ على أنّه
__________________
(١) عوالي اللآلئ ٤ : ٥٨ ، ح ٢٠٥.
(٢) المعتبر ١ : ١٤٤.
(٣) المنتهى ٢ : ٣٧ ـ ٣٦.