القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

بكاملها فان ابن طولون الذي كان يعيش في منتصف هذا القرن يقول عن نفسه : أدركت فيها السبع قاعات ثم يقول والآن باق بها مسجد ومئذنة عند طاحونها على نهر ثوري.

أما في عصرنا هذا فلم يبق في تلك الجهة الا طاحون يدعوها سكان البساتين بطاحون (مقري).

الميطور

وهي قرية أيضا كانت بسفح قاسيون تحت حي الاكراد شرق قرية مقرى وفي جوارها وكانت قديما مزرعة لسليمان بن عبد الملك ، وكان أول من غرس فيها غرسا وزرع فيها كثيرا من الفستق والبندق والتين وغيرها ، ومحل الميطور اليوم أسفل المدرسة الركنية التي في حي الاكراد ، وهناك بستان يحفظ هذا الاسم مصحفا حتى اليوم يقال له بستان المنطور ، وهذه القرية هي الميطور الغربي ، وهناك ميطور آخر شرقي كان محله فوق جسر ثورى وتحت القابون ، وقد أنشيء في الميطور وفي جواره عدة مدارس ولكنها خربت كلها في القرن العاشر حينما اختل الامن في ربوع الشام.

فمما أنشيء فيها المدرسة الميطورية التي سميت باسم تلك الجهة بنتها الست فاطمة خاتون بنت السلار في سنة تسعة وعشرين وستمائة ،

والمدرسة العلمية : وهي غربي الميطور أنشأها الامير علم الدين سنجر المعظمي في سنة ثمان وعشرين وستمائة ، والمدرسة الآمدية التي كانت في سنة احدى وعشرين وثمانمائة موجودة شاهدها بعضهم عامرة وعلى بابها طواشية وفي الميطور يقول عرقلة بن جابر الشاعر الدمشقي :

وكم بين أكناف الثغور متيّم

كئيب غزته أعين وثغور

٦١

وكم ليلة بالماطرون قطعتها

ويوم الى الميطور وهو مطير

هذه الاماكن والقرى والمتنزهات التي كانت موجودة في سفح قاسيون قبل أن تؤسس الصالحية ولا شك أن انشاء الصالحية قد زاد في عمران هذه الاماكن وازدهارها حتى أصبح جبل قاسيون يدعى بجبل الصالحية ، وأصبحت تلك الاماكن جميعا تعد جزءا من الصالحية ، ويرجع الفضل في انشاء الصالحية الى بني قدامة المقدسيين الذين نزلوها في عصر نور الدين محمود بن زنكي ثم الى الملوك الايوبيين الذين أنشأوا فيها المصانع الجميلة ، والمعاهد الثقافية والعلمية والخيرية. ونظرا لسعة الكلام في هذا الموضوع فاننا سنتكلم عليه بأبحاث خاصة تحت عنوان (الصالحية) بعد أن أنهينا الكلام عن هذا الجبل قبل أن تؤسس الصالحية.

* * *

٦٢

القلائد الجوهرية

في

تاريخ الصّالحيّة

٦٣

بسم الله الرحيمن الرحيم

الحمد لله الذي نور قلوب الصالحين بتأملها في عجائب مخلوقاته السنية ، أحمده بمحامده الوفنية ، وأشكره على نعمه الزكية ، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة عبد أخلص في توحيده بالقلب والنية ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صاحب الاخلاق الرضية ، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة جلية ، وسلم تسليما.

وبعد فهذا تعليق سميته (القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية) وحصرته في أربعين من الابواب ، وها أنا أشرع فيها مستعينا برب الارباب.

الباب الاول

في سبب تسميتها بالصالحية

اختلف في ذلك فقيل لكونها بسفح قاسيون وهو معروف بجبل الصالحين ، وقيل الى الصالحين لصلاح من كان ابتداء وضعها ، وقيل لان الذين وضعوها كانوا بمسجد أبي صالح فنسبت اليه.

أخبرنا أبو المحاسن يوسف بن حسن الصالحي (أنا) أبو العباس أحمد ابن الشريفة الحريري (أنا) أبو حفص عمر بن محمد البالسي (أنا) أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي (أنا) أبو المظفر الدمشقي

٦٤

(ح) قال شيخنا و (أنا) عاليا جدي أبو العباس بن عبد الهادي (أنا) الصلاح بن أبي عمر (أنا) الفخر بن البخاري. قالا (انا) الشيخ أبو عمر قال : هاجرنا من بلادنا فنزلنا بمسجد أبي صالح (١) بباب شرقي فأقمنا به مدة ثم انتقلنا الى الجبل. فقال الناس : الصالحية الصالحية. نسبونا الى مسجد أبي صالح لا أننا صالحون وهذا من باب التواضع من الشيخ رحمه‌الله تعالى. قال ولم يكن بالجبل عمارة الا أماكن يسيرة.

وأخبرنا أبو العباس أحمد بن حسن الصالحي (أنا) النظام عمر بن ابراهيم بن مفلح (انا) أبو بكر محمد بن عبد الله بن المحب (أنا) القاضي سليمان بن حمزة بن أبي عمر (أنا) الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (ح) وشافهتني عاليا أم عبد الرزاق خديجة بنة عبد الكريم الارموية عن أم محمد عائشة بنة محمد بن عبد الهادي عن أم محمد فقهاء بنة ابراهيم الواسطي عن الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي قال : الشيخ أبو عمر مولده سنة ثمان وعشرين وخمسمائة بجماعيل. وهاجر به والده وباخيه الشيخ موفق الدين وأهليهم الى دمشق سنة احد [ى] وخمسين لاستيلاء الفرنج على الارض المقدسية فنزلوا بمسجد أبي صالح ظاهر باب شرقي

__________________

(١) هذا المسجد خارج الباب الشرقي وشرقي بستان الجذماء في الطريق الآخذ الى طاحون [الاحدى عشرية] وقد درس هذا المسجد ولم يبق منه شيء ولكن أحيط مكانه بجدار من دك داخله قبر يعرف بالشيخ صالح ينذر له اهل القرى والبساتين التي حوله وعلى مقربة منه في بستان الجذماء حجرة ينزل اليها بدرج فيها قبور يقول العوام عنها أنها قبور بنات نور الدين محمود بن زنكي والراجح انها قبور الذين توفوا في هذا المسجد من بني قدامة وهذا المسجد ينسب الى الشيخ ابي صالح مفلح بن عبد الله الحنبلي المتوفى سنة (٣٣٠) وسيتكلم المؤلف عن هذا المسجد وعن ابي صالح في بحث المدرسة العمرية.

٦٥

فأقاموا به مدة نحو سنتين ثم انتقلوا الى الجبل ـ قال الشيخ أبو عمر ـ فقال الناس : الصالحية الصالحية ينسبونا الى مسجد أبي صالح لا أنا صالحون.

وقال أبو الفرج ابن الحنبلي : وكان والدي هو الذي أنزلهم في مسجد أبي صالح فاستوخم المسجد عليهم فمات منهم في شهر واحد قريب (١) من أربعين نفسا فأشار عليهم والدي بالانتقال الى الجبل حيث هم الان وكان رأيا مباركا وبنوا فيه المنازل وقيل لها الصالحية بهم.

قال : وقال أبو شامة الذهبي : بهم سميت الصالحية لصلاحهم.

وكان الشيخ أبو عمر يوري ذلك عنهم ويقول : انما هي نسبة الى مسجد أبي صالح لاننا نزلنا فيه أولا لا أنا من الصالحين.

الباب الثاني

في اصل وضع الصالحية

اعلم أن الصالحية اسلامية محدثة في آخر قرن الخمسمائة. وكان سبب وضعها مهاجرة أولاد قدامة المقادسة رضي‌الله‌عنهم من تلك البلاد الى دمشق من جور الفرنج.

أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي بكر بن أبي عمر الصالحي (انا) أبو الفرج عند الرحمن بن يوسف بن فريج (٢) (أنا) أبو الحسن علي بن عمر بن عبد الرحيم (أنا) التقي سليمان بن حمزة بن أبي عمر (أنا) الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي.

__________________

(١) في الاصل : قريبا.

(٢) في الاصل : فريج.

٦٦

(ح) وكتب إليّ عاليا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابي عمر عن أم محمد عائشة بنت المحتسب العمري عن أم عبد الله زينب بنة عبد الرحيم البجدي عن الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي قال سمعت خالي الامام [ص ٢] الزاهد أبا عمر محمد بن أحمد بن قدامة نور الله ضريحه يقول : ما أذكر جدي عمري الا وهو يذكر الهجرة وما كان يجبره أن يهاجر أو ما هذا معناه.

[معاملة الصليبيين للمسلمين]

وبه قال الحافظ ضياء الدين : وسمعت غير واحد من أصحابنا يقول ان المسلمين صاروا تحت أيدي الفرنج بأرض بيت المقدس ونواحيها يعملون لهم الارض وكانوا يؤذونهم ويحبسونهم ويأخذون منهم شيئا كالجزية. وكان أكثر الفرنج أهومن بن بارزان (١) لعنه الله وكانت تحت يده جماعيل (٢) قرية أصحابنا ومردا وياسوف وغير ذلك وكان اذا أخذ الكفار من كل رجل ممن تحت يده دينارا أخذ هو لعنه الله من كل واحد منهم أربعة دنانير وكان يقطع أرجلهم ولم يكن في الكفار أعتى منه ولا أكثر تجبرا أخزاه الله. قال وكان جدي الشيخ أحمد

__________________

(١) في الاصل «ابن بازان» والتصحيح من الروضتين لابي شامة (٢ / ٩٥) والفتح القسي (٣٧) ، والانس الجليل (١ / ٢٩١).

ويسميه ابو شامة والعماد الاصبهاني (باليان بن بارزان) وهو الذي فاوض السلطان صلاح الدين بتسليم بيت المقدس وبالرجوع الى المصادر الافرنجية تبين انه هو المقصود وهو حاكم نابلس الكبير وسننشر كلمة عنه في الملاحق.

(٢) قال ياقوت في معجم البلدان : جماعيل بالفتح وتشديد الميم والف وعين مهملة مكسورة وياء ساكنة ولام. قرية في جبل نابلس من ارض فلسطين. منها الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي انتسب الى بيت المقدس لقرب جماعيل منها ولان نابلس واعمالها جميعا من مضافات البيت المقدس اه والقرى الآتي ذكرها جميعها حول جماعيل وسننشر مخططا عن هذه القرى يبين مواقعها وعدد نفوسها وارتفاعها عن سطح البحر.

٦٧

ابن محمد رحمه‌الله قد سافر واشتغل بالعلم ورجع الى جماعيل وأقام بها وانتفع الناس به باقرائهم القرآن والعلم. وكان يخطب أيام الجمعات وتجتمع الناس اليه من القرايا ويقرأ لهم الاحاديث وكان مع ذلك لا يرضى بمقامه تحت أيدي الكفار كذا بلغني. وكان اخوته وأولاد عمه قد تعلموا منه ومن غيره.

[سبب هجرة بني قدامة]

وبه قال الحافظ ضياء الدين : وسمعت الشيخ الكبير أبا نجم سعد بن خليل بن حيدرة الحارثي بقرية دجانية قال كنت أعرف الشيخ أحمد من جماعيل وكنت أمضي الى عنده كثيرا وكان يخطب يوم الجمعة ويخرج اليه الناس من القرايا يحضرون الجمعة. قال فقيل لابن بارزان لعنه الله ان هذا الرجل الفقيه يشغل الفلاحين عن العمل ويجتمعون عنده. قال فتحدث في قتله. قال فأعلم الشيخ رجل من عماله يقال له ابن تسير. قال فعزم الشيخ على المضي الى دمشق فراح اليها. وكان ابن تسير كاتب بادوين ووزيره وكان يعتقد في مشايخ المسلمين ويحسن اليهم حدثني بذلك محمد بن أبي عطاف. وقال غيره وكان الشيخ أحمد أول من هاجر من تحت أيدي الفرنج لخوفه على نفسه وعجزه عن اظهار دينه.

[هجرة احمد بن قدامة]

وبه قال الحافظ ضياء الدين قال : ثم ان الشيخ أحمد عزم على الخروج الى دمشق فسافر اليها وصحبه الفقيه محمد بن ابي بكر ابن اخيه وعبد الواحد بن علي بن سرور وكان قد تزوج أخته. ووالدي عبد الواحد بن أحمد ابن اخته. فلما وصلوا الى دمشق كتب معهم كتابا الى ولده ابي عمر محمد وكتب فيه يأمرهم بالسفر الى دمشق وانه ما بقي يرجع الى تحت أيدي الكفار أبدا ويقول فيه : ما أقول الا كما قال ابراهيم عليه‌السلام (فمن تبعني فانه مني ومن عصاني

٦٨

فانك غفور رحيم) فرجعوا الى جماعيل واختفوا من اهل القرية لئلا يعلموا بسفرهم فاتفق ان اهل القرية علموا فارادوا منعهم (١). فلما لم يقدروا على منعهم اعلموا بهم الكفار حتى يمنعوهم فمضى عسكر نابلس فقعدوا لهم على الشريعة حتى يأخذوهم فاعماهم الله عنهم وكفاهم شرهم. قال سمعت معنى هذا من الامام خالي ابي عمر الا قوله : كما قال ابراهيم وذكر الآية ، فاني أشك هل سمعته منه ام لا. وقد سمعته من شيخنا الامام ابراهيم بن عبد الواحد المقدسي جزاه الله خيرا.

وبه قال الحافظ ضياء الدين : وسألت خالي الامام ابا عمر عن هجرتهم الى دمشق في أي سنة كانت؟ فقال : كانت في سنة (احدى وخمسين) يعني وخمسمائة.

وبه قال الحافظ ضياء الدين وسمعت والدتي ام احمد رقية بنت الشيخ احمد بن محمد بن قدامة أحسن الله جزاءها قالت سافر والدي الى دمشق في رجب وجاء والدك والذين معه يعني الذين سافروا مع الشيخ الى دمشق في شوال ولم نقم بعد وصولهم الا ليلة واحدة وخرجنا في شوال ووصلنا الى دمشق فيه واقمنا في الطريق نحو ثمانية أيام.

قال وسمعتها تقول لما جاؤوا من [ص ٣] دمشق ما كانوا يريدون ان يعلموا احدا. قالت فقال والدك : جئت فقعدت على شجرة الى الليل ثم جئت فدخلت في القبور وصحت بالشيخ ابي عمر حتى اعلمته. قال فخرج بي اخي ابو عمر من الغد ومضى الى دير عوريف وفيها امرأة ابيه ام عبيد الله فامرهم ان يمضوا الى الساويا ومضى الى غيرها من القرايا ثم عاد الى القرية تلك الليلة فكان للمسجد ارض

__________________

(١) انما ارادوا منعهم لان عدد اهل القرية ينقص ويبقوا مكلفين بالانتاج كما اذا كان عددهم اكثر.

٦٩

يقول كم تحتاج هذه الى بصل يوري على اهل القرية بذلك.

[المهاجرون في طريقهم الى دمشق]

وبه اليه قال : سمعت خالي الامام ابا عمر يقول وهذا معنى ما سمعته منه انهم لما عزموا يعني على الهجرة جمعوا اهاليهم من القرايا. قال واخذنا معنا ادلاء وكنا نمشي بالليل ونقيم بالنهار حتى جئنا الى قرية تشرف على الغور تسمى جبعيت فوجدنا بها قوما من العرب معهم جمال فرغ يريدون ان يقطعوا الشريعة يشترون غلة ففرحنا بهم وقلنا نكتري معهم لهؤلاء الصغار الذين معنا. فذبح لنا الريس الذي في تلك القرية وحلف علينا يعني لنقيم حتى نتغدا فمضى العرب فحزنا عليهم كثيرا وكنا نفزع عند الشريعة من اجل الفرنج. فمكثنا في القرية حتى تغدينا ثم خرجنا فتقدم ناس يعني منا الى عند الشريعة ينظرون فرأوا أثر خيل الكفار فاذا قد اخذوا الجمال التي اردنا ان نمضي صحبتها ومضوا فلم نجد أحدا ثم خرجنا نحو الشط وكان معنا من يعرف تلك المواضع فتهنا ولم يبق احد يعرف الطريق فبينما نحن في موضع ـ قال وكان في ذلك الخيرة ايضا ـ قد كان في الطريق ناس من الحرامية فلما اصبحنا مضينا حتى وصلنا الى قرايا المسلمين فقالوا لنا من أي طريق جئتم؟ فقلنا من الموضع الفلاني. فقالوا أو ما لقيكم احد من الحرامية؟ فقلنا لا ولكنا ضعنا. فقالوا لنا بضياعكم سلمتم قال وسمعت والدتي تقول : اقمنا بجبعيت ليلتين وذلك ان والدك قالوا له : انت جئت من دمشق ووالدتك لم ترك فامض اليها فان كانت تجيء معك فجيء بها. قال فمضى اليها الى مردا فقال لها. فقالت انا اريد اقعد حتى ازوج ابني ابراهيم. فقلت افليس كان عمي ابراهيم معكم؟ فقالت بلى وصل معنا الى دمشق ثم رجع يعني حتى تزوج وجاء بعد ذلك.

[اسماء المهاجرين والمهاجرات]

وبه قال الحافظ ضياء الدين قال سألت والدتي عن عدد الذين

٧٠

هاجروا وتسميتهم فكان معنى ما ذكرت : ابو عمر محمد ، والموفق عبد الله ، وعبيد الله ، ورقية ، وفاطمة ورابعة ، وآمنة ماتت صغيرة هؤلاء اولاد الشيخ احمد ، وأمهم سعيدة بنت احمد بن ابي الفتح من مردا ، وسعيدة بنت احمد بن عبد الله بن عمر بن شبيب ام عبد الله من دير عوريف امرأة الشيخ ايضا ، وعمر ، وخديجة ، وزبيدة ماتت وهي صغيرة اولاد ابي عمر محمد بن الشيخ احمد ، وابو عبد الغني عبد الواحد بن علي بن سرور وزوجته ام عبد الغني سعيدة بنت محمد ابن قدامة اخت الشيخ احمد ، وعبد الغني وابراهيم وعبد الله المقري ، وعبيد الله ، وتقية وزينة ، ورحمة ماتت صغيرة اولاد عبد الواحد بن علي ، وام محمد عائشة بنت محمد بن قدامة ، واولادها محمد وعمر واسماعيل ويحيى ، وجويرية ، وفاطمة وعالية ومريم اولاد ابي بكر ابن عبد الله بن سعد ، وابراهيم ، وعبد الواحد ، وفاطمة ام عمر اولاد احمد بن عبد الرحمن ـ وهو عمي ـ وابي وعمتي الا ان عمي ابراهيم رجع بعد وصولهم الى البلاد ثم رجع بعد مدة ، وما كان هذه المدة ابي [ص ٤] معهم الا ليعاونهم ، وابو سعيد ابراهيم من قرية قيرة ويوسف بن ام رزق الله من مردا كان مبتلى. فهؤلاء الذين هاجروا وعددهم خمسة وثلاثون نفسا من ذكر وانثى كبير وصغير.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت خالي الامام أبا عمر محمدا يقول : كنا أربعين نفسا قال وأظن خالي رحمه‌الله أراد بالاولاد الذين كانوا معهم فان والدتي لم تسم الا من وصل معهم الى دمشق قال وقد قال خالي كان معنا جماعة من الاولاد ولعلهم رجعوا من بعض الطريق لما أمنوا والله أعلم.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت خالي الامام أبا عمر قال

٧١

كان معنا رجل يعني في الطريق فقال لعل منكم رجلا صالحا (١) تمشون بهمته او هو قدامكم فاني ارى هؤلاء الصغار يمشون كما يمشون الى بيوتهم.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال وحدثني خالي ابو عمر قال لما وصلنا الى دمشق ارسلنا عمك ابراهيم الى الشيخ فاعلمه انا قد وصلنا فخرج وتلقانا وسكنا في مسجد ابي صالح الذي بباب شرقي وقلت لوالدتي : كذا ان خالي حدثني ان عمي ابراهيم هو بشر جدي بكم اعني لما وصلوا فقالت نعم كان معنا نجيب فركبه ودخل البلد قبل غلق الباب.

وبه الى الحافظ ضياء الدين وسمعت خالتي ام محمد رابعة تقول ان ممدودا وهو الذي كان بنى دارا بقرب اصحابنا كانت مكان باب دار المعتمد ارسل نجيبا لهم حتى يركبوا عليه قالت أظنه بعثه ونحن بالطريق قالت فتركوني وعبد الله ابن عمتي ام عبد الغني في خرج وتركونا عليه وركب اخي عبد الله يعني الموفق على السرج يعني الكور فافلت وصار يعدو والرجال يعدون خلفه حتى امسكوه قالت فانكسرت يدي عمتي مما كانت تضرب يعني الكور قال وسمعت والدتي تقول ان الهجين أعاره لهم صاحبه من زرع قالت وكنت انا صغيرة كان والدك يحملني على كتفه في الطريق.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال ذكر من هاجر بعدهم في السنة الثانية : عمي عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الكريم. ومعه ابنه عبد الكريم ، وبنته آمنة ، وزوجته صفية بنت أبي بكر بن عبد الله ، وام عبد الرحمن والدته واسمها مباركة بنت محمد بن قدامة جاؤوا بعدهم

__________________

(١) في الاصل : رجل صالح.

٧٢

بنحو عشرة اشهر. ثم جاء بعد هؤلاء علي بن عبد الله من قيرة وهو عم محمد وعمر ولم يكن تزوج ، ثم جاء جدي عبد الرحمن احمد ابن عبد الرحمن وام عبد الدائم مكية بنت الشيخ احمد ومعها ابن وبنت ماتا صغيرين وليس معهم عبد الدائم ومعهم عبد المحسن بن أبي عبد الله عم احمد بن سالم قالت والدتي اظنه جاء معهم.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت والدي قال رجعت الى والدي حتى أجيء به فقال يا بني كم تتردد فاني اخاف عليك من الكفار. فقلت ما كنت لا تركك فجئت به الى دمشق.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت والدتي قالت : بلغ أخي ابا عمر أن بعض الناس يقول ان أبا عمر قد مضى الى الجنة وخلى أخته في النار ـ يعنون أم عبد الدائم ـ فقال ابو عمر لأبي عبد الله عمر بن ابي بكر امض جيء باختي ام عبد الدائم وانا اعطيك سيفي فمضى هو وابوك وجدك وابو عبد الله فجاء بأم عبد الدائم.

[المهاجرون في طريقهم الى دمشق]

قال وسمعت والدي قال لما وصلنا الى الغور وكان قد تقدمت دوابنا وابو عبد الله عمر راكب فاذا قوم من أهل الغور يحصدون فقلت حتى الحق عمر اقول له لا يقل للحصادين انا حجاج فيطمعوا فينا فلم الحقه الا وقد سألوه وقال لهم فطمعوا فينا وقاموا الينا وكان معي سيف فجاءني رجل بقصبة فطعنني بها فكان علي بشت فلقي عني ثم ضربتها بالسيف فقطعتها [ص ٥] وبقينا نحن وهم ساعة ثم انه كان معنا رجل من أهل السواد فقال أنا من اهل القرية الفلانية فخلوا عنا لما سمعوه يقول ذلك ثم اننا وضعنا شيئا لنأكل فجاؤوا وأكلوا معنا وقالوا لنا لو لا هذا صاحب السيف ما كنا الا أخذناكم او ما هذا معناه.

٧٣

ثم جاء بعدهم صخر بن خلف بن عياش من السواد ومعه ابنه عبد الله وابنتاه فاطمة وعامرية ثم رجع الشيخ صخر الى السواد ثم جاء بعد مدة الى الجبل وابتنى له دارا وولده عبد الرحمن وعبد الرحيم.

ثم جاء بعده يحيى بن شافع بن جمعة من أهل نابلس واولاده ابو بكر وعمر وعلي وأم شيبان آمنة.

ثم جاء بعد هؤلاء عبد الرحمن النجار من قرية جيت وثلاثة بنون له عبد المحسن وأخواه ثم جاء عبد الله بن راس من جماعيل ومعه امرأته وابنان وبنت ورجع ابناه.

ثم جاء خلف بن راجح وامرأته مؤمنة بنت عبد الواحد بن سرور ومعها محمد الشهاب وراحج وابناه بعد انتقالهم الى الدير بنحو من سنتين او أكثر.

وجاء ابو عبد الملك عثمان بن عبد الله من اهل قيرة ومعه أخوه عمرو وسعيد واولاده بعدما سكنوا الدير بنحو خمس سنين.

قال وسمعت والدي يقول جاء ابو فارس وهو احمد بن عبد الله بن عمرو ابن ابي [و] المرض والموت يعني بمسجد ابي صالح فقال انا آخذ هؤلاء الصبيان حتى يكونوا بداريا فأخذ اخي الموفق واخي عبيد الله وابا عبد الله عمر فاقاموا عنده في تلك البلاد يعني عنده ثم جاؤوا بعدما انتقلنا الى الدير قال وسمعتها تقول ثم رجع عمك ابراهيم وابو سعيد يعني ابراهيم الى عندنا بعد ان سكنا الدير في السنة الثالثة وكانا مضيا فتزوجا ثم جاء ابراهيم وتزوج بام عبد الرحمن وابنه عبد الرحمن وابو سعيد بام سعيد واسمها كريمة بنت عثمان بن عثمان بن عبد الله.

٧٤

وجاء بعد سكنى الدير عبد الله بن احمد بن ابي الفتح من مردا خال والدتي ومات عندما ولم يتزوج ، وجاء حصن بن صالح من ساريسا في سنة اربع وستين ومعه امرأته ام شرف ، وجاء بعده بقليل جفال بن قصة ، وجاءت بعد ذلك عمتي ام عثمان رضا وابنها عثمان وابنتها فاطمة وابنتها رملة وابنها علي ومضى الى حران وعثمان جاء قبله ورجع الى البلاد فاقام حتى جاء بأمه وأخيه ومجيئوهم كان في محرم سنة تسع وستين وخمسمائة.

وجاء ابو الفتح محمد بن محمد من اهل مردا ومعه امرأته أم يحيى وبه الى الحافظ ضياء الدين قال حدثني محمد بن ابي الفتح عن والدته ام يحيى أنهم جاؤوا مع ابي عبد الواحد وأم عثمان وجاء ابو عبد الواحد ابو الواحد سلامة بن نصر بن مقدام من جماعيل وأولاده عبد الرحمن وابراهيم ومحمد ومكية وزوجته مباركة وجاء احمد ابن سالم بعد أم عثمان بستة اشهر ومعه اختاه سعيدة ومريم وامرأته سمية بنت اسماعيل بن احمد ومعه ولدان له ماتا صغيرين وجاءت ام فارس شريفة ومعها ابنها عبد الله بن أحمد بن عبد الله من دير عوريف وجاء جراح بن أبي النابلسي وأمه واخوته ابو الفضل ومسعود ونصير وجاء شجاع بن مفرج مع خاله حسن وكانا قد سكنا جبل عاملة مدة وسألت شجاعا (١) فقال انا ولدت بجبل عاملة وقد كان جماعة من اصحابنا يأتون فيقيمون مدة ثم يرجعون. منهم عبد الملك بن يوسف الفقيه وأخوه عبد الهادي ويونس بن اسماعيل ابن عم ابي وغيرهم فاما عبد الملك فانه جاء غير مرة كما قالت (٢) والدتي وكذلك عبد الهادي كان يتردد ثم جاء باولاده قبل الفتوح ويونس جاء الى عندنا زائرا وتوفي عندنا

__________________

(١) في الاصل : شجاع.

(٢) في الاصل : قلت.

٧٥

واذكر انا مجيئة وعبد الدائم بن نعمة كان يروح ويجيء وكذلك محمد ابن ابي عطاف ، وجاءت طريفة بنت ابراهيم معها ابن اختها سالم ، وجاء احمد بن ابي عطاف ومعه اولاده معالي وجميل وسعيد ومحمد وجاء اخوه [ص ٦] محمود ابو منصور ومعه ابناه منصور واحمد ، وجاء احمد بن يونس بن حسن ومعه امرأته وبناته ، وجاء محمد بن سعد من مردا ومعه أولاده عبد الملك وسعد وعبد الحميد وبناته واخواه ابراهيم ومحمود وجاء عبد الولي من الفندق (١) وجاء عمر بن ابي بكر ابن شكر ومعه اخوته وامه ، وجاء الحاج سعد بن سلطان ابو طرخان ، وجاء ابو عبد السلام من مردا ومعه عبد السلام وعبد الملك ، وجاء ابو الفضل اخو عبد الولي واولاده ابو الطاهر وابراهيم وابو الفرج ، وجاء ابو احمد محمد بن ابي عطاف وسكن وكان قد جاء متقدما وعاد ، وجاء ابو عابد مري بن ماضي بن نامي واولاده عابد ورزق الله وعبد الحميد وولد له اولاد ، وجاء نصر الله بن مفلح بن محمد ومحمد ابن مفلح.

[من مات من بني قدامة]

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال ذكر مقامهم بمسجد ابي صالح وكم اقاموا به وما جرى لهم فيه ومن مات منهم فيه سمعت والدتي تقول : اقمنا بمسجد ابي صالح نحو ثلاث سنين واكثر ومات منا فيه ثمانية وعشرون نفسا دفنا منهم في مقابر مسجد ابي صالح ستة وباقيهم بالجبل بالمقبرة المعروفة فوق دير الحوراني ولم يمت هؤلاء النفر الذين ذكرنا من الذين هاجروا اولا بل منهم وممن كان عندهم من اقاربهم ومعارفهم فبعضهم يأتي مهاجرا لطلب العلم.

__________________

(١) قرية صغيرة من اعمال نابلس.

٧٦

[من دفن في مسجد ابي صالح]

فاما الستة الذين دفنوا بمسجد أبي صالح فاولهم زبيدة بنت الشيخ ابي عمر محمد وبعدها رحمة بنت عبد الواحد بن علي ثم يحيى ابن عثمان من ياسوف كان جاء بعدهم بقليل لعله جاء يقرأ قالت والدتي ولم يكن في ياسوف حنبليا غيره وكان يوم الجمعة يأتي يحضر الجمعة عندنا بجماعيل.

وماتت آمنة بنت الشيخ احمد واسماعيل وعالية ولدا ابي بكر ابن عبد الله. قال وما أظن أحدا من هؤلاء مات الا وهو صغير سوى يحيى بن عثمان وعالية فانها كانت قد بلغت فهؤلاء الستة الذين دفنوا بالمسجد في السنة الاولى.

[من دفن في الجبل]

ومات في السنة الثانية ثمانية. وممن مات فيه وحمل الى الجبل اولهم ابو بكر بن الشيخ ابي عمر مات صغيرا ثم ماتت عائشة بنت محمد بن قدامة امرأة ابي بكر بن عبد الله وكانت قالت اينما دفن ابن اخي ابنه فنحن ندفن عنده فماتت بعد ابي بكر في السنة الثانية وبنت صغيرة ايضا للشيخ ابي عمر في الثانية وماتت جويرية بنت ابي بكر وكان قد تزوجها ابراهيم بن سعد ابو سعيد وماتت لها بنت صغيرة اسمها حسنة في السنة الثانية وماتت جويرية في السنة الثالثة بعد جدي في نفاسها جاءت بابن وماتا جميعا وماتت اختها فاطمة بنت ابي بكر وكانت زوجة عبد الوهاب بن عبد الواحد من دير اصطيا وماتت بنت لها صغيرة قبلها وموت فاطمة في السنة الثالثة وماتت ام عبد الكريم مكية بنت الشيخ احمد في رجب من السنة الثالثة وماتت جدتي ام عبد الرحمن مباركة بنت محمد بن قدامة وكان بين موتها وبين موت ام عبد الدائم سبعة ايام في رجب ايضا.

٧٧

وجاء ابو عبد الدائم في تلك الايام فلقيه عبد المحسن فقال له ماتت امرأتك وماتت ام عبد الرحمن فبكى وقال حزني على ام عبد الرحمن اكثر من حزني على امرأتي ومات قبله ابن عبد الغني عبد الواحد بن علي بن سرور في شوال من السنة الثالثة.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت شيخنا الامام ابا اسماعيل ابراهيم بن عبد الواحد يقول مات ابي قبل جدي ومات يحيى بن ابي بكر وحزن عليه أخوه محمد بن أبي بكر حزنا كثيرا وقال لا ادفنه فقال له الشيخ احمد ان كنت لا تدفنه فخذه وامض به اين اردت وانا لا نتركك عندنا تقعد به فسكت وكان له من العمر نحو ست سنين توفي في السنة الثالثة في شوال ، ومات لام عبد الدائم ابن وبنت صغيران ، ومات عبد الكريم وآمنة ولدا عمر في السنة الثانية. وولد لعبد الرحمن ابن آخر بعد موته [ص ٧] بستة اشهر وسمي بعبد الكريم وعاش ستة أشهر بالدير.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت والدتي تقول ومات في شوال علي بن عبد الله من قيرة في السنة الثانية وماتت فيه جدتي ام امي سعيدة امراة الشيخ في السنة الثالثة في شوال وماتت امرأة عبد الله بن رايش من جماعيل واسمها زعيمة في السنة الثالثة بعد جدتي سعيدة ، ومات بالمسجد ايضا بعد جدتي ام عبد الرحمن في السنة الثالثة عبد المحسن بن ابي عبد الرحمن الله (١) عم احمد بن سالم صعدوا به مريضا واقاموا به بجنينته التي فوق نهر يزيد بالدير الشرقي فمات فيها ومات فيها جدي احمد عبد الرحمن في شعبان ومات في الجنينة عبيد الله بن عبد الواحد وكان عمره نحو تسع سنين ومات في

__________________

(١) هكذا في الاصل والظاهر انه سقط قبلها [ابن عبد] فوضعها المؤلف على الهامش فلم تظهر في التصوير.

٧٨

اليوم الذي ماتت فيه جدتي فاطمة بنت نعمة بنت اربع سنين قالت والدتي واقمنا بالمسجد الى جمادى الآخرة وصعدنا فيه الى الدير في السنة الرابعة.

[مخاصمة بني الحنبلي لبني قدامة]

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت خالي الامام الرباني موفق الدين ابا محمد عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامة بارك الله في عمره يقول لما جئنا الى مسجد ابي صالح واقمنا فيه وكان في يد بيت الحنبلي وكان والدي يؤم فيه الناس وكنا نقرأ فيه السبع وكان قد ترك يعني قراءة السبع وصار الناس يأتون الى والدي ويزورنه فخاف بنو الحنبلي منا ان نأخذ الوقف من ايديهم فجاؤوا الينا وقالوا ما نخليكم في المسجد حتى تكتبوا خطوطكم أنكم من تحت ايدينا وانكم نزلتم علينا ففعلنا وكان رجل يسمى بابي القاسم الصوري وكان يجيء الى عندنا ويصفنا للناس ويحصل لنا اشياء ، منها انا لما قدمنا ومعنا صغار واحتجنا الى كسوة الشتاء حصل لنا جبايا وثيابا قال فجاء بنو الحنبلي اليه وضربوه في المسجد وخاصموا الشيخ وسمعوه ما يكره ثم مضوا يستعدون الى السلطان علينا قال فاتفق ان السلطان كان في الميدان وكان معه الاعز وكان صديقنا وابن ابي عصرون يعني القاضي وكان في قلبه عليهم فلما استعدوا علينا قال له الاعز وابن ابي عصرون في حقنا : ان هؤلاء قد جاؤوا مهاجرين ووصفا الشيخ وهم يحفظون القرآن فقال نور الدين رحمه‌الله يعني محمود بن زنكي الشهيد نكتب لهؤلاء المهاجرين به كتابا ويسلم اليهم الوقف والمسجد فكتبوا كتابا وعلم عليه السلطان وجاء به القاضي ابن ابي عصرون والاعز الى عندنا الى المسجد فاخذنا الوقف والمسجد وجعلنا على الوقف محمد بن عمتي وكان اهل باب شرقي يخرجون الى ظاهر الباب ويشربون الخمر ونحن

٧٩

نريد أن ننكر عليهم فصار اهل الباب الشرقي لا يحبونا ومرضنا فيه وصاروا يموتون فضاق صدر الشيخ منه وادخل اخي ابا عمر واباك الى السواد يبصران موضعا فلم يجدا وقعد والدك يصلي في قرية ورجع اخي وكان الفرنج قد غاروا على حوران فدخل اللجاة خوفا منهم ثم ابتنينا الدير وسكناه.

[خوف بني قدامة من وصمهم بالاشعرية]

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال قال خالي الامام ابو محمد فيما حدثني قال لما جاء ابن ابي عصرون الى عندنا مضيت انا واخي والحافظ عبد الغني وحفظنا عليه مسألة من الخلاف لاجل مشيه الينا فجعل بنو الحنبلي يشنعون علينا ويقولون قد صاروا اشاعرة يقرؤون عليهم (١) او ما هذا معناه فانقطعنا عنه فلقي اخي فقال له انقطعتم فقال له قالوا انك اشعري فقال ما انا اشعري لو كنت تقرأ علي سنة كنت تصير إماما وكان يجيء منك شيء او كما قال وانما قال ذلك [ص ٨] لما رأى من ذكائه.

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال سمعت بعض اصحابنا وقد انسيته واظنه خالي ابا عمر او والدي او والدتي انهم لما تسلموا الوقف وصار بايديهم ضاق صدر الشيخ من ذلك وقال انا هاجرت حتى انافس الناس على دنياهم ما بقيت اريد اسكن ههنا او ما هذا معناه.

[خروج بني قدامة الى جبل قاسيون]

وبه الى الحافظ ضياء الدين قال ذكر خروجهم الى الجبل وبنائهم الدير سمعت الشيخ ابا محمد وابا عبد الخالق عبد الواحد بن مستفاد

__________________

(١) كذا في الاصل عليه فالضمير يعود الى الاشاعرة.

٨٠