القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

زيد ان تمر لا يحب الصلح ولا يذكره الا تخذيلا فلما تقارب العسكران اظهر تمر الهزيمة خديعة فلم يفطن ابن عثمان لذلك وساق خلفه الى مكان يسمى الآن المكسورة فلما قربوا منهم اخرج تمرلنك طائفة كانوا مستريحين واراح المنهزمين فتلاقوا مع عسكر ابن عثمان وهم كالموتى من التعب فلاقاهم اولئك على الفور فقتل منهم مقتلة عظيمة واستولى اللنك على ابي يزيد واسر ولده موسى ثم قتل ابا يزيد وافلت ولده انتهى.

* * *

[وصف جامع الخنكار]

وهذا الجامع (١) مشتمل على رواقين بينهما اربعة اعمدة اثنان زرزوريان (٢) واثنان ابيضان جيء بهم من عمارة نائب الشام جان بلاط (٣) باصطبل دار السعادة (٤) وكان نائب الشام هذا جاء بهم من

__________________

على بعد ٣٨ كيلو مترا من جنوب غربي ارزنجان ، وهي واقعة على الضفه الجنوبيه من النهر الاسود احد فرعي الفرات. (ترجمت ولخصت من قاموس الاعلام لشمس الدين سامي ٥ / ٣٨٨١)

(١) يحتفظ هذا الجامع بكل مظاهره الاولى وفيه قسم كبير من الفاشاني البديع وهو يفص يوم الجمعة بالمصلين ولذلك قصد توسيعه من جهة القبلة والعمل بذلك مستمر.

(٢) لا تزال هذه الاعمدة موجودة وقد طلتها دائرة الاوقاف بالدهان شانها في تشويه الاثار الجميلة ، ولا يعلم ما المراد بالحجر الزرزوري والذي اظنه انه من نوع الغرانيت ، ولعل مصلحة الآثار تزيل عن الاعمدة الدهان فيعلم مقصود المؤلف.

(٣) دخل دمشق سنة (٩٠٤) اول شهر رجب فأساء الى الناس وظلم وبعد سبعة اشهر دعي الى مصر فتولى الامرة الكبرى ثم صار ملكا على مصر والشام نصف سنة وستة عشر يوما ثم خلع سنة (٩٠٦).

(٤) مكان اسطبل دار السعادة المشيرية التي تبنى الآن قصرا

١٢١

تربة الزبال بالعقبة العتيقة على رؤوسهم خمسة قناطر.

وفي قبليه اربعة شبابيك مطلة على ساحة على نهر يزيد وفي شرقيه شباك آخر مطل على جنينة وفي جهته باب يدخل منه الى قبة على قبر المحيوي ابن العربي وبهذه القبة شباكان : قبلي مطل على الجنينة المذكورة ، وشمالي مطل على تربة وبها تابوت مركب على قبو قبالة قبر المحيوي المذكور.

وفي غربيه خلوتان احداهما وهي القبلية بيت الخطابة وثانيتهما للمتولي. ودايره على علو المحراب حجر اصفر وابيض مركب به رخام وغيره.

وفي شماليه ثلاثة ابواب له. اوسطها الاكبر وهي مبنية من حجر ابيض واصفر وبصحنه ثلاثة لواوين وفي طرف شرقيها القبلي سلم الى باب ينفذ الى ضريح المحيوي المذكور تحت القبو المعقود عليه القبة.

وتحت هذا القبو شباكان احدهما قبلي مطل على الجنينة المذكورة وثانيهما شرقي مطل على قبر الشيخ محمد البلخشي الحنفي ـ وهو أوسط وعلى قبر امام السلطان حليم شلبي وهو الشمالي وعلى قبر أخي حليم المذكور وهو القبلي وهذان الاخوان توفيا والسلطان كان قد شرع في عمارة هذا الجامع. ويقال ان حليم كان هو السبب في عمارته واما الشيخ محمد المذكور فانه توفي والسلطان بمصر ـ وفي طرف شرقيها الشمالي بئر ماء وفي طرف غربيها القبلي خلوة الامام.

__________________

للعدل ، أما دار السعادة فشرقيها داخل السور غربي جامع الاحمدية بسوق الحميدية يفصل بينهما الطريق فقط.

١٢٢

وفي طرف غربيها الشمالي باب ينفذ الى خلاوي للوافدين ، وفي وسط شماليها باب مدخل الجامع وبغربية بيت البواب وفي شرقيه باب المئذنة وهي مركبة على باب الجامع وهي مبنية من حجر ابيض واصفر واسود وواجهة الباب من حجر اسود وابيض وعتبة من رخام وكان اصلها عمودا.

* * *

[وصف التكية السليمية]

وشمالي هذا الجامع التكية كما ذكرناه وهي مشتملة على بيت للفقراء يأكلون به له اربعة شبابيك مطلة [ص ٢٣] على باب الجامع المذكور وبه معزبة مختصة بالنساء وله بابان شرقي ومنه يدخل الناس وبالقرب منه شباك لمعزبة النساء وغربي ينفد الى مطبخ وبه ثلاثة حواصل للمؤن ولهذا المطبخ باب كبير ببوابة يفتح الى القبلة وبه حلتان كبرى وصغرى وثالثة لغسل المواعين وعدتها مائتا ماعون من نحاس والى جانبه القبلي طالع الماء وهو واصل من ناعورة مجددة لهذه العمارة وملؤه ينقسم الى جرن بالتكية وجرن للسبيل على باب المطبخ المذكور وقسم الى بحرة وسط الجامع المذكور.

[فرن التكية السليمية]

والى جانب هذا المطبخ الغربي فرن معد للخبز الذي يفرق بهذه التكية واصل هذا الخبز قنطار طحين غداء وعشاء ولهذه التكية من اللحم في كل يوم ستون رطلا غداء وعشاء ايضا ويطبخ ذلك بكرة النهار في شوربة رز واخرى في قمحية خلا ليلة الجمعة فيطبخ في رز مفلفل معه رز حلو بعسل.

* * *

١٢٣

الباب العاشر

في دور القرآن بالصالحية

[الدلامية]

منها دار القرآن الدلامية (١) شمالي الماردانية شرقي الشارع الآخذ الى الجسر الابيض وفيها تربة الواقف.

[منشؤها]

وهو الجناب الخواجكي (٢) الرئيسي الشهابي ابو العباس احمد

__________________

(١) ذكر العلموي في مختصر تنبيه الطالب : ان بعضهم ذكر أن سبب انشاء هذه المدرسة هو ان الخواجا ابراهيم الاسعردي عمر مدرسة بالجسر الابيض ليس لها نظير وجعل بها خلاوي فطلب رجل من جماعة الخواجكي دلامة خلوة من الاسعردي بشفاعة الخواجكي دلامة فلم يعط الاسعردي الخلوة لطالبها بل اعطاه غيرها فلم يقبلها الطالب فقال الخواجا الاسعردي للطالب : قل للخواجا دلامة يعمر مدرسة مثلها ويعمر لك خلوة تريدها فأخبر الطالب دلامة بذلك فلم ينم تلك الليلة حتى رسم مكانها وقاسها. فقال الخواجا ابراهيم ما اردت بذلك الا تنهيضه لفعل الخير.

(٢) الخواجا من القاب أكابر التجار الاعاجم من الفرس وغيرهم ، وهو لفظ فارسي ومعناه السيد والخواجكي بزيادة كاف نسبة اليه كان الكاف في لغتهم تدخل مع ياء النسب (صبح الاعشى ٦ : ١٣) وفي العهد المملوكي كانت كبار التجار تخاطب كما تخاطب الامراء بالنعوت والالقاب وجاء في صدر مرسوم لكبير تجار دمشق ما نصه : الجناب العالي الصدري الكبيري المحترمي المؤتمني الاوحدي الاكملي الرئيسي العار في المقربي الخواجكي الشمسي ، مجد الاسلام والمسلمين ، شرف الاكابر في العالمين ، اوحد الامناء المقربين ، صدر الرؤساء ، رأس الصدور ، عين الاعيان ، كبير الخواجكية ، سفير الدولة ، مؤتمن الملوك والسلاطين ، محمد بن المزلق ، عين الخواجكية بالمملكة المحروسة (صبح الاعشى ١٣ : ٤٠).

١٢٤

بن المجلس الخواجكي زين الدين دلامة بن عز الدين نصر الله البصري احد اعيان الخواجكية بالشام انشأها الى جانب داره واوقفها في سنة سبع وأربعين وثمانمائة كما رأيته في كتاب وقفها.

[قانونها الداخلي ـ تعليم الايتام]

ورتب بها اماما وله من المعلوم مائة درهم ، وقيما وله مثل الامام ، وستة انفار من الفقراء الغرباء المهاجرين في قراءة القرآن ولكل منهم ثلاثون درهما في كل شهر ، ومن شرط الامام الراتب ان يتصدى شيخا لاقراء القرآن للمذكورين وله على ذلك زيادة على معلوم الامامة عشرون درهما وستة أيتام ولكل منهم عشرة دراهم في كل شهر ، وقرر لهم شيخا وله من المعلوم ستون درهما في كل شهر وقراءة بخاري في الشهور الثلاثة وله من المعلوم مائة درهم وعشرون درهما وناظرا وله من المعلوم في الشهر ستون درهما وعاملا وله من المعلوم في كل سنة ستمائة درهم ، ورتب للزيت في كل عام مثلها وللشمع لقراءة البخاري والتراويح مئة درهم ولأرباب الوظائف خمسة عشرة رطلا من الحلوى ورأسين غنما اضحية ، ولكل من الأيتام جبة قطنية وقميصا كذلك ومنديلا ، وقرر قارىء ميعاد (١) في يوم الثلاثاء من كل اسبوع وله في الشهر ثلاثون درهما ، وشرط على ارباب الوظائف حفظ حزب الصباح والمساء لابن داود يقرؤونه عقب صلاة الصبح والعصر وان يكون الامام هو قارىء البخاري وقارىء على ضريح الواقف ، والقيم هو البواب والمؤذن. ثم توفي في ثامن عشر المحرم سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وقد قارب الثمانين رحمه‌الله تعالى :

__________________

(١) اشتهر في العصر المملوكي تسمية درس الحديث او الوعظ بالميعاد اذا لم يكن متتابعا كما اذا كان في الاسبوع مرة او مرتين.

١٢٥

[المدرسون بالدلامية]

وأول من باشر امامتها والمشيخة الشيخ شمس الدين البانياسي وقراءة الميعاد الشيخ شمس الدين بن حامد.

* * *

[وصف الدلامية]

وهذه المدرسة (١) تشتمل على إيوانين شمالي وبه خلاوي للقراء ، وقبلي وبشرقيه شباكان مطلان على جنبية وبغربيه ايوان ـ به شباكان مطلان على الطريق وجرن ماء للسبيل ـ وبه باب تربة الواقف ولها شباك مطل على الطريق أيضا وبين الايوانين الشمالي والقبلي البركة وهي فسقية بداير مبلط من مزي ومعذري (٢) وفي شرقي هذا الداير

__________________

(١) يقول الشيخ عبد القادر بدران في «منادمة الاطلال» ان أيدي المختلسين تناولتها قديما فجعلوا نصفها دارا والنصف الآخر جنينة للورد والازهار التي يزرعها أهل الصالحية ويبيعونها فلما كانت سنة ثلاثمائة وألف انتدب لها السري المحسن علي بك بن مردم باشا المؤيد العظمى فاستخلصها من يد مختلسها وبناها على الطراز الذي هي عليه الآن انتهى كلامه.

أقول : بأعلى باب قاعة الصلاة رخامة كتب عليها ما يلي : جدد هذا المسجد المبارك علي المؤيد بن سعادة أحمد بك بمساعدة سر السيد ابراهيم الرشيد قدس‌سره سنة (١٣٠٢) والباقي من بنائها القديم : محرابها المطلي بالدهان ، وقبر الواقف وبعض أحجار في أرضها من الحجر المعذري وجبهتها الغربية التي على الطريق وفيها الباب وهي جميلة من الطراز المملوكي وجرن الماء للسبيل وقد بنى بعض أهل الخير منذ ما يقارب سنة ١٣٦٤ ه‍ منارة فوق بابها من الحجر الابيض زينت ببعض أحجار سود.

(٢) في الاصل : معرذري ولكن المؤلف رسمها في الحاجبية التي مر ذكرها وفي القلانسية التي سيأتي الكلام عنها «المعذري».

١٢٦

بقبلة باب الجنينة المذكورة وغيره وفي غربيه بشمال [ص ٢٤] باب المدرسة الداخل وهو ينفذ الى بابها الخارج وباب لبيت الخلاء وبه باب المكتب وهو مركب على باب المدرسة الخارج ولصيقه بيت الشيخ والامام.

* * *

[الاسعرتية]

ومنها دار القرآن الاسعرتية وهي معروفة بمدرسة الخواجا ابراهيم بالجسر الابيض.

قال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في الذيل : في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة وقد خرب في هذه السنة ثلاثة مساكن هي أحسن مساكن بساتين دمشق : الدهيشة (١) وبستان ابن النشو على حافة ثورا بالقرب من الربوة وبستان ابن جماعة بالمزة ولكن هذا الثالث نقلت آلته الى مدرسة الخواجا ابراهيم بن السعرتي وانتفع الناس بها.

__________________

(١) كذا في الاصل وتنبيه الطالب والضوء اللامع ٤ / ١٦٧ ، وفي آخر جمع الجوامع لتاج الدين السبكي المطبوع في مجموع المتون وما نصه : وكان تمام بياضه في أخريات ليلة حادي عشر ذي الحجة الحرام سنة ستين وسبعمائة بمنزلي بالدهشة من أرض المزة ظاهر دمشق. والراجح أنه خطأ مطبعي والصواب : الدهيشة كما في المصادر المتقدمة.

أما الدهشة فهي قيسارية تجارية كانت داخل جيرون شرقي باب جامع الاموي الشرقي ، هناك دهشة ثانية كانت غربي الجامع الاموي أو قبليه لجهة الغرب ودهشة ثالثة في حماة وهي محلة فيها واليها ينسب محمد بن أحمد الحموي الشهير بابن خطيب الدهشة توفي سنة (٨٣٤).

١٢٧

وقال في ذي الحجة سنة سبع عشرة وفيه فرغت عمارة الخواجا ابراهيم السعرتي بالجسر الابيض وجاءت في غاية الحسن ورتب بها وظائف كثيرة.

[الاسعردي]

وقال في [شهر رجب (١)] سنة ست وعشرين وثمانمائة وممن توفي فيها من الاعيان فيه الخواجا الكبير برهان الدين ابراهيم بن مبارك شاه الاسعردي كان والخواجا شمس الدين بن مزلق اكبر التجار بدمشق وله المتاجر السائرة في البلدان قد اعطاه الله الما [ل] والبنين وكان عنده كرم واحسان الى الفقراء وعمل المدرسة المشهورة على الجسر الابيض وتأنق في بنائها وعمل بها تربة ورتب بها فقراء يقرؤون القرآن ومقرأة على ضريحه وهي من أحسن عمائر دمشق توفي آخر نهار الجمعة انقطع يومين فقط ودفن من الغد بتربته وهو في عشر الستين ولم يحتفل الناس بجنازته بالنسبة الى احتفالهم لما توفي ولده وترك اموالا واولادا واملاكا وبضائع لا تحصى وقيل انه مات وعلى طوالته (٢) عدد كثير من الخيول المسومة التي لا نظير لها وخلف ولدين شابين حسنين ووالدة وزوجته بنت الخواجا شمس الدين ابن

__________________

(١) في الاصل غير واضحة أكملناها من كتاب «تنبيه الطالب».

(٢) هكذا ورد هذا النص أيضا في تنبيه الطالب عن ابن قاضي شهبة وفي القاموس : والطويلة والطول والطيل فيها وتشدد لامهما في الشعر : حبل يشد به قائمة الدابة أو تشد وتمسك طرفه وترسلها ترعى. وطول لها أرخى طويلتها في المرعى ١ ه‍. والراجح بأن المراد بالطوالة : حبل غليظ يشد من اول الاصطبل الى آخره ويمتن بأوتاد في الارض ثم يربط به الحبل الذي تقيد به الفرس ولا يزال مستعملا حتى الآن في اصطبلات الحكومة حيث يكثر عدد الخيل.

١٢٨

مزلق سامحه الله تعالى وبلغني انه توفي في بيته في هذا الفصل عشرون نفسا انتهى.

* * *

وهذه المدرسة (١) تشتمل على ايوانين شمالي وبه خلاوي للقراء وقبلي وبه شباكان مطلان على الجسر الابيض وشرقي مطل على الطريق الآخذ الى الدلامية والطريق الآخذ الى السهم الاعلى وغربي مطل على الطريق الآخذ الى السكة والطريق الآخذ الى النيرب. وهذا الايوان مركب على جرنين للماء بينهما بير بمصنع له خرزة من رخام وجرن من رخام وبين الايوانين المذكورين بركة الماء وهي فسقية كالدلامية وشرقيها باب تربة الواقف ولها شباكان شرقي مطل على الطريق الآخذ الى مسجد العفيف وقبلي مطل على قناة للماء معطلة وغربيها باب المدرسة الداخل ومنه الى الباب الخارج وبينهما باب بيت القيم والبواب وباب مكتب الايتام ـ المركب على باب المدرسة الخارج وله مدة معطل كمكتب الدلامية ـ وباب بيت الخلاء.

__________________

(١) لما دخل الملك فيصل دمشق سنة (١٩١٩ م) نزل في دار غربيها يفصل بينهما الطريق فهدمت دائرة الاوقاف هذه المدرسة لتنشيء مكانها مسجدا خاصا بالملك ثم حال احتلال الافرنسيين لدمشق دون بقاء الملك فيها فحولتها دائرة الاوقاف الى عقارات وغيرت شرط الواقف ومقصده. ومكانها شمالي جامع الماردانية تقابل القادم من دمشق الى الجسر وهي تفصل بين طريق المهاجرين وطريق الصالحية.

القلائد الجوهرية م ـ ٩

١٢٩

الباب الحادي عشر

دور الحديث في الصالحية

[الضيائية]

منها دار الحديث الضيائية المحمدية ويقال لها دار السنة بسفح قاسيون شرقي الجامع المظفري.

قال ابن شداد بانيها الفقيه ضياء الدين محمد بجبل الصالحية انتهى.

[ضياء الدين المقدسي]

قال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات في سنة ثلاث واربعين وست مئة والشيخ الضياء ابو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي احد الاعلام ولد سنة سبع (١) وستين وخمسمائة وسمع من الخضر ابن طاووس وطبقته بدمشق ومن ابن المعطوش (٢) وطبقته ببغداد ومن البوصيري وطبقته [ص ٢٥] بمصر ومن ابي جعفر الصيدلاني وطبقته باصبهان ومن أبي الروح والمؤيد وطبقتهما بخراسان وافنى عمره في هذا الشأن مع الدين المتين والورع والفضيلة التامة والثقة والاتقان انتفع الناس بتصانيفه والمحدثون بكتبه فالله يرحمه ويرضى عنه توفي في السادس والعشرين من جمادى الآخرة انتهى.

وقال تلميذه ابن كثير في تاريخه الحافظ ضياء الدين مقدسي

__________________

(١) كذا في الاصل وتنبيه الطالب. وفي تذكرة الحفاظ الذهبي (٤ / ١٩٠) وذيل طبقات الحنابلة لابن رحب مخطوط الظاهرية : تسع.

(٢) كذا في الاصل وتنبيه الطالب وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب. وفي تذكرة الحفاظ (٤ / ١٩١) وشذرات الذهب (٥ / ٦٤) ابن المعطوس.

١٣٠

صاحب الأحكام محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي سمع الحديث الكثير وكتب كثيرا ورحل وطاف وجمع وصنف والف كتبا مفيدة حسنة كثيرة الفوائد من ذلك كتاب الاحكام ولم يتمه وكتاب المختارة وفيه علوم حسنة كثيرة الفوائد حديثية وهي اجود من مستدرك الحاكم لو كملت وله فضائل الاعمال وغير ذلك من الكتب الحسنة الدالة على حفظه واطلاعه وتضلعه من علم الحديث متنا وإسنادا وكان رحمه‌الله في غاية العبادة والزهادة والورع.

[مكتبة الضيائية]

وقد وقف كتبا كثيرة بخطه بخزانة المدرسة الضيائية التي وقفها على اصحابهم من اهل الحديث والفقهاء وقد وقفت عليها اوقاف اخر كثيرة بعد ذلك انتهى.

[الضياء المقدسي]

وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين : الحافظ ضياء الدين المقدسي محمد بن عبد الواحد بن احمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل الحافظ الحجة الامام ضياء الدين ابو عبد الله السعدي المقدسي الصالحي صاحب التصانيف ولد بالدير المبارك سنة سبع وستين وخمسمائة ولزم الحافظ عبد الغني وتخرج به وحفظ القرآن وتفقه ورحل اولا الى مصر سنة خمس وتسعين ورحل الى بغداد بعد موت ابن كليب ومن هو اكبر منه وسمع من ابن الجوزي الكثير وبهمدان ورحل ثم رجع الى دمشق بعد الستمائة ثم رحل الى اصبهان فاكثر فيها وتزيد وحصل شيئا كثيرا من المسانيد والاجزاء ورحل الى نيسابور ودخلها ليلة وفاة الفراوي ، ورحل الى مرو ، وسمع بحلب وحران والموصل وقدم دمشق بعد خمسة اعوام بعلم كثير وحصل

١٣١

اصولا نفيسة فتح الله بها عليه هبة وشراء ونسخا وسمع بمكة ولزم الاشغال لما رجع وأكب على التصنيف والنسخ واجاز له السلفي وشهدة واحمد بن علي بن الناعم واسعد بن يلدك وتجني الوهبانية وابن شاتيل وعبد الحق اليوسفي واخوه عبد الرحيم وعيسى الدوسابي ومحمد بن نسيم العيشوتي ومسلم بن ثابت النحاس وابن شاكر السقلاطوني وابن بري النحوي وابو الفتح الخرقي وخلق كثير قال الشيخ شمس الدين سمعت الحافظ ابا الحجاج المزي ـ وما رأيت مثله ـ يقول : الشيخ الضياء اعلم بالحديث والرجال من الحافظ عبد الغني ولم يكن في وقته مثله ومن تصانيفه : كتاب الاحكام يعوز قليلا ثلاث مجلدات ، وفضائل الاعمال مجلد ، والاحاديث المختارة خرج منها تسعين جزءا وهي الاحاديث [التي] تصلح ان يحتج بها سوى ما في الصحيحين خرجها من مسموعاته ، فضائل الاعمال مجلد فضائل الشام ثلاثة اجزاء. فضائل القرآن جزء. كتاب الجنة. كتاب النار. مناقب اصحاب الحديث. النهي عن سب الصحابة. سير المقادسة كالحافظ عبد الغني والشيخ الموفق والشيخ ابي عمر وغيرهم في عدة مجلدات ، وله تصانيف كثيرة في اجزاء عديدة وبنى مدرسة على باب الجامع المظفري واعانه عليها بعض اهل الخير وجعلها دار حديث وان يسمع فيها جماعة من الصبيان ووقف بها كتبه واجزاءه.

[مكتبة الضيائية]

وفيها من وقف الشيخ موفق الدين والبهاء عبد الرحمن والحافظ عبد العزيز وابن الحاجب وابن سلام وابن هامل والشيخ علي الموصلي والحافظ عبد الغني وقد [ص ٢٦] نهبت في نكبة الصالحية نوبة قازان (١) وراح منها شيء كثير ثم تماثلت وتراجعت وجمع بين فقه

__________________

(١) قال ابن كثير في البداية والنهاية (١٤ / ٦ ـ ٨) حوادث سنة

١٣٢

الحديث ومعانيه وسنده وطرفا من الادب وكثيرا من اللغة والتفسير ونظر في الفقه وناظر فيه توفي يوم الاثنين ثامن عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث واربعين وست مئة وله اربعون سنة انتهى.

وقال برهان الدين بن مفلح في طبقاته : واقف الضيائية محمد بن عبد الواحد بن احمد بن اسماعيل بن منصور السعدي المقدسي الحافظ الكبير ضياء الدين ابو عبد الله محدث عصره ووحيد دهره وشهرته تغني عن الاطناب في ذكره سمع بدمشق من ابي المجد البانياسي والخضر بن هبة الله بن طاووس ، وبمصر من البوصيري وببغداد من ابن الجوزي وطبقته ، وسمع ببلاد شتى يقال انه كتب عن ازيد من خمسمائة شيخ ، وحصل اصولا كثيرة واقام بهراة ومرو وله اجازة من السلفي وشهدة. قال ابن النجار كتبت عنه ببغداد ونيسابور ودمشق وهو حافظ مصنف ثبت ثقة حجة صدوق نبيل

__________________

(٦٩٩) وفي يوم السبت النصف من ربيع الاخر شرعت التتار وصاحب سيس في نهب الصالحية ومسجد الاسدية. ومسجد خاتون. ودار الحديث الاشرفية بها. واحترق جامع التوبة بالعقيبة وكان هذا من جهة الكرج والارمن من النصارى الذين هم من التتار قبحهم الله. وسبوا من اهلها خلقا كثيرا وجما غفيرا. وجاء اكثر الناس الى رباط الحنابلة فاحتاطت به التتار فحماه شيخ الشيوخ المذكور ثم اقتحموا عليه فسبوا منه خلقا كثيرا من بنات المشايخ وأولادهم فانا لله وانا اليه راجعون.

ولما نكب دير الحنابلة في ثاني جماد الاولى قتلوا خلقا من الرجال واسروا من النساء كثيرا ونال قاضي القضاة تقي الدين اذى كثير. ويقال انهم قتلوا من اهل الصالحية قريبا من أربعمائة وأسروا نحو أربعة آلاف اسير ونهبت كتب كثيرة من الرباط الناصري والضيائية وخزانة ابن البزوري. وكانت تباع وهي مكتوب عليها الوقفية. وفعلوا بالمزة مثل ما فعلوا بالصالحية كذلك وبغيرها (راجع أخبار قازان المفصلة في المصدر المذكور).

١٣٣

حجة عالم بالحديث واحوال الرجال له مجموعات وتخريجات وهو ورع تقي زاهد عابد محتاط في اكل الحلال مجاهد في سبيل الله ولعمري ما رأت عيناي مثله في نزاهته وعفته وحسن طريقته في طلب العلم واثنى عليه عمر بن الحاجب والشرف بن النابلسي والذهبي وقال بنى مدرسة على باب الجامع المظفري واعانه عليها بعض اهل الخير ووقف عليها كتبه واجزاءه وله تصانيف كثيرة منها كتاب الاحاديث المختارة وهي الاحاديث التي تصلح ان يحتج بها سوى ما في الصحيحين خرجها من مسموعاته قال بعضهم هي خير من صحيح الحاكم روى عنه ابن نقطة وابن النجار والبرزالي وابن الحاجب وابن اخيه [و] الفخر بن البخاري والقاضي تقي الدين سليمان بن حمزة وابو بكر بن عبد الدائم وعيسى المطعم وخلق توفي يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث واربعين ودفن بسفح قاسيون.

[محمد بن عبد المنعم الحراني]

ثم ذكر بعده محمد بن عبد المنعم بن غازي بن ماهان بن موهوب الحراني الى ان قال واقام بدمشق ووقف كتبه وأجزاءه بالضيائية واثنى عليه البرزالي توفي بدمشق بالمارستان الصغير ليلة الاربعاء ثاني رمضان سنة احدى وسبعين وستمائة ودفن من الغد بسفخ قاسيون انتهى.

[المدرسون بالضيائية]

ثم قال ابن شداد اول من ذكر بها الدرس بانيها ثم من بعده الشيخ تقي الدين بن عز الدين ثم من بعده شمس الدين خطيب جبل الصالحية قاضي القضاة وهو مستمر بها الى الآن.

[ابن الكمال المقدسي]

قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثمان وثمانين وستمائة :

١٣٤

وابن الكمال المحدث الامام شمس الدين ابو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي ولد سنة سبع وستمائة وسمع من الكندي وابن الحرستاني حضورا ومن داود بن ملاعب وطائفة وعني بالحديث وجمع وخرج مع الدين المتين والورع والعبادة وولي مشيخة الضيائية ومشيخة الاشرفية بالجبل توفي في تاسع جمادى الاولى انتهى.

وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين : شمس الدين بن الكمال محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد بن احمد الامام المحدث القدوة الصالح شمس الدين بن الكمال المقدسي الحنبلي بن اخي الحافظ ضياء الدين ولد سنة سبع وستمائة وسمع من الكندي وابن الحرستاني حضورا ومن ابن ملاعب وابي الفتوح البكري وموسى بن عبد القادر والشمس احمد العطار والشيخ العماد ابراهيم والشيخ الموفق وابن ابي لقمة وابن البز (١) وابن صصرى وزين الامناء وابن راجح واحمد بن طاووس وابن الزبيدي وخلق كثير وحدث بالكثير نحو من اربعين سنة وتمم تصنيف الاحكام الذي خرجه عمه الحافظ ضياء الدين وكان محدثا فاضلا نبيها حسن التحصيل وافر الديانة كثير العبادة نزها عفيفا مخلصا روى عنه القاضي [ص ٢٧] تقي الدين سليمان وابن تيمية وابن العطار والمزي وابن مسلم وابن الخباز

__________________

(١) كذا في الاصل وفي تنبيه الطالب : «ابن الفن» وسعيد المؤلف ذكر ترجمته في دار الحديث الاشرفية وقد رسمها هناك بما يشبه ان تكون «ابن الفن» والظاهر انها مصحفة عن : ابن العز فقد جاء في ترجمة الفخر البعلبكي الحنبلي : انه تفقه على تقي الدين احمد ابن العز. والفخر البعلبكي هو معاصر لشمس الدين احمد بن الكمال وتوفي واياه في سنة واحدة ودفن كلاهما الى جانب قبر موفق الدين المقدسي (راجع شذرات الذهب (٥ / ٤٠٤ ـ ٤٠٦).

١٣٥

والبرزالي وولي مشيخة دار الحديث الاشرفية بالجبل ، ودرس بالضيائية ، وحج مرتين ، حفر مكانا بالصالحية لبعض شأنه فوجد جرة مملوءة ذهبا وكانت معه زوجته تعينه فطمه وقال لزوجته هذا فتنة ولهذا مستحقون لعلنا لا نعرفهم فوافقته وطماه وتركاه توفي سنة ثمان وثمانين وستمائة انتهى.

[احمد السعدي]

وقال شيخنا المحيوي النعيمي قال شيخنا البرهان ابن مفلح في طبقاته في الاحمدين : احمد بن عبد الله بن احمد بن ابي بكر السعدي أبو العباس كان من كبار الصالحين الأتقياء حدث عن ابراهيم بن خليل وابن عبد الدائم سمع منه الذهبي وقال سألت عنه ولده فقال ما علم منه شيء يشينه في دينه وكان شيخ [دار] الحديث الضيائية ، حدث بالكثير ، سمع منه ابن الخباز وغيره ، توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعمائة انتهى.

[محمد المقدسي]

وقال فيها أيضا : محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن الشيخ ابي عمر المقدسي الخطيب البليغ الصالح العالم القدوة عز الدين ابو عبد الله ابن الشيخ العز ، سمع من ابن عبد الدائم والكرماني حضورا ، وسمع كثيرا من ابي عمر ، وتفقه قديما بعم ابيه الشيخ شمس الدين ، درس بمدرسة جده والضيائية ، وخطب بالجامع المظفري ، وكان من الصالحين الاخيار المتفق عليهم ، وعمر وحدث بالكثير توفي يوم الاثنين عشرين رمضان سنة ثمان واربعين وسبعمائة ، ودفن بتربة جده الشيخ ابي عمر انتهى.

١٣٦

[عمر الحراني]

وقال فيها عمر بن سعد الله بن عبد الاحد الحراني ثم الدمشقي الفقيه الفرضي القاضي زين الدين ابو حفص ، حضر على ابي الحسن ابن البخاري ، وسمع بالقاهرة ودخل بغداد وأقام بها ثلاثة ايام ، وتفقه وبرع في الفقه والفرائض ، ولازم الشيخ تقي الدين وغيره ، وكتب بخطه الكثير من كتب المذهب ، وكان خيرا دينا حسن الاخلاق متواضعا بشوش الوجه فرضيا فاضلا ، وذكره الذهبي في معجمه المختص فقال فيه : عالم ذكي متواضع بصير بالفقه والعربية سمع الكثير ولي مشيخة الضيائية فألقى دروسا محررة توفي سنة تسع واربعين وسبعمائة مطعونا شهيدا انتهى.

[محمد المرداوي القباقبي]

وقال فيها أيضا : شمس الدين القباقبي محمد بن ابراهيم بن عبد الله المرداوي الشيخ الامام شمس الدين الشهير بالقباقبي ثم الصالحي ، سمع على احمد بن عبد الهادي نسخة اسماعيل بن قيراط (انا) الفخر عن الخشوعي ، وله يد طولى في الفقه ، اشتغل وافتى ودرس ، وانتفع به جماعة منهم صاحبنا الشيخ شمس الدين التسيلي باشر درس الضيائية جوار الجامع المظفري ، وحضرنا درسه بحضور قاضي القضاة شهاب الدين بن الحبال ، وجدي الشيخ شرف الدين وغيره توفي يوم الاربعاء ثامن عشر ذي القعدة سنة ست وعشرين وثمانمائة ودفن بالصالحية انتهى.

[احمد موفق الدين]

وقال فيها أيضا أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الشيخ المحدث موفق الدين قارىء الحديث بالضيائية وله اعتناء بالحديث وحصل الاجزاء

١٣٧

وصار له معرفة وفهم وكان شابا حسنا محببا إلى الناس سمع من ابن عبد الدائم فمن بعده توفي سنة ثلاث وتسعين وستمائة انتهى.

* * *

[مكتبة الضيائية]

وقال الجمال بن عبد الهادي وكان بهذه المدرسة كتب الدنيا والأجزاء الحديثية ، حتى يقال انه كان فيها خط الأئمة الاربعة ، حتى يقال انه كان فيها التوراة والانجيل وكانت مضبوطة الحال أيام خزنتها بني المحب ، وبعدهم صارت الى القاضي ناصر الدين بن [ص ٢٨] زريق الذي قال عنه ابو الفضل بن حجر : انه ما رأى في بلاد الشام من يستحق اسم الحافظ غيره ، وكان في أيام القاضي علاء الدين بن مغلى (١) فاحتاج القاضي علاء الدين الى كتاب الخلاف للقاضي أبي يعلى فقالوا له لا يوجد الا في الضيائية فأرسل يطلبه منه فجمعه في قفتين وارسله له.

قالوا فمن ثم انفرط أمرها وطمع الناس فيها.

ثم لما جاء تمر وذهب زاد انفراط حالها.

فجاء ابن حجر وأخذ منها عدة احمال.

ثم جاء الحافظ شمس الدين ابن ناصر الدين فأخذ منها.

ثم جاء الحافظ قطب الدين الخيضري فأخذ.

ثم ان القاضي ناصر الدين بن زريق الثاني استوعب أحاسن ما فيها (٢).

__________________

(١) راجع ترجمته في شذرات الذهب (٧ / ١٨٥).

(٢) اضمحل أمر هذه المدرسة قبل مئة عام من عصرنا فأخذت كتبها ووضعت في المدرسة العمرية ، ثم اضمحل امر العمرية بعد ذلك

١٣٨

وكان مرتبا لها شيخ للحديث وآخر من كان شيخنا الشيخ زين الدين ابن الحبال. ومدرس للفقه وكان قد صار لشيخنا تقي الدين بن قندس فدرس بها كثيرا انتهى. قلت باشر هذه المشيخة وهذا الدرس في عصرنا أخونا الشيخ شهاب الدين الشويكي عدة سنين نيابة عن قاضي القضاة شرف الدين عبد الله بن شيخنا قاضي القضاة نجم الدين عمر بن مفلح من يوم الاربعاء الى مثله واللائق به الدرس.

[اعادة الضيائية]

وبها اعادة بيد شيخنا الشيخ علي بن البهاء البغدادي ثم صارت الى يد ولده اخينا شهاب الدين احمد.

[اوقاف الضيائية]

والوقف على هذه المدرسة غالب دكاكين السوق الفوقاني وحوانيت وجنينة في النيرب وأرض بسقبا ويؤخذ لأهلها ثلث قمح ضياع وقف دار الحديث الاشرفية بالجبل وهي الدير والدوير والمنصورة والتليل والشبرقيه.

* * *

[وصف الضيائية]

وتشتمل هذه المدرسة (١) على مسجد له باب غربي قدام باب خلوة

__________________

واخذ النظار يتصرفون في المدارس والمكتبات تصرف السفهاء فجمعت خزائن كتب المدارس وألف منها المكتبة الظاهرية.

وهي الآن تحوي عددا كبيرا من الكتب القيمة وقف المدرسة الضيائية وعليها خطوط العلماء وخاصة خط الضياء المقدسي.

(١) أصبحت هذه المدرسة دارا تستغل لمصالح الجامع المظفري (جامع الحنابلة) ولم يبق فيها من بنائها القديم الا قوس ايوانها الشمالي

١٣٩

الكتب والأجزاء المذكورة وقد سعيت انا والشيخ موسى الكناني الحنبلي وكانت بيده الخلوة المذكورة في عود نحو الفي جزء اليها.

ولهذا المسجد شباكان مطلان على صفة بها بير ماء وهذه الصفة في صحن هذه المدرسة ودايرها خلاوي سفلية وعلوية وفي شرقية بيت الخلاء وفي قبلية باب المدرسة الخارج وهو قديم. ثم لما جاء ابن قاضي الجبل احدث لها بابا غربيا فقام عليه جماعة بسبب ذلك وانشدني الشيخ موسى المذكور لبعضهم في ذلك :

باب الضيائية القبلي بلا درج

خير من المحدث الغربي بالدرج

* * *

[دار الحديث العالمة]

ومنها دار الحديث العالمة وهي شرقي الرباط الناصري غربي سفح قاسيون قبلي جامع الافرم بشرق بنتها العالمة بنت شيخ الاسلام الشيرازي للحنابلة.

[امة اللطيف العالمة]

وقال ابن كثير : أوقفتها الشيخة الصالحة العالمة أمة اللطيف بنت الشيخ الناصح الحنبلي وكانت فاضلة لها تصانيف وهي التي أرشدت خاتون ربيعة بنت نجم الدين أيوب اخت الملك صلاح الدين الى وقف المدرسة الصاحبة بقاسيون على الحنابلة ايضا.

ثم لما ماتت ربيعة وقعت العالمة في المصادرات وحبست مدة ثم

__________________

رأيته سالما قبل اثنتي عشرة سنة من عصرنا وهي واقعة مقابل باب جامع الحنابلة الغربي تماما وتدعى الآن بالضلاعية.

١٤٠