القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

[ابن الرضي الحنفي]

وقال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ذيله في شوال سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة : شمس الدين محمد ابن القاضي العالم بدر الدين بن الرضي الحنفي ، كان في حياة والده قد قرأ كتبا في العلم ، واشتغل يسيرا ، ودرس في حياة والده بالمدرسة الشبلية ، ثم بعد موت والده ترك الاشتغال وبقي بيده بعض جهات والده ، ووقع له قضية بعد فتنة التتار وأوذي فيها ووضع في عنقه الزنجير ، ولما ولي الأمير سيف الدين تنبك ميق نيابة دمشق وكان له بالمذكور معرفة فأحسن اليه وجعله نائب الناظر بالجامع فلم يحسن المباشرة فيه وجعل له فيه وظيفة مباشرة ، فلما مات تعب يسيرا ، ثم استقر في مباشرة بالجامع وما بيده من الجهات الى ان توفي ليلة الأحد حادي عشريه شبه الفجأة بمنزله بأرض مقرى في عشر الستين وقرر القاضي الشافعي القاضي زين الدين عبد الباسط فيما في يده من التداريس والأنظار ، وكان قبل ذلك بمدة يسيرة قد قرر المذكور في وظائف ابن نقيب الأشراف [من] التدريس والانظار ، فعجب الناس من القاضي في ذلك والله المستعان. انتهى.

[عيسى الفلوجي]

وآخر من ولي تدريسها شيخنا العلامة شمس الدين محمد بن الشيخ عيسى الفلوجي البغدادي الأصل الصالحي ، ولما توفي نزل عنه لاخيه البدري حسن ، وقرر ناظرها قاضي القضاة نجم الدين عمر بن ابراهيم بن مفلح فيه ولده شمس الدين محمد الحنفي وكلاهما ليس بأهل له ، ثم أراد شمس الدين المذكور ثانيا التدريس بها فحضر ايام حضورات الحنفية بها والعم جمال الدين حاضر فلما فرغ من قراءة القرآن ذهب وذهب معه بقية الحنفية ولم يعرجوا عليه في التدريس ،

٢٠١

ثم في أيام ولي دمشق السلطان سليم بن عثمان اخذ هذا التدريس حمزة الشترقي ثم الرومي الحنفي وهو ليس بأهل ايضا فتعطل هذا التدريس من وقت موت شيخنا الى الآن ولا قوة الا بالله.

[اعادة الشبلية]

وبهذه المدرسة اعادة اعاد بها جماعة منهم ابن عياد.

[ابن عياد]

قال الذهبي في عبره فيمن مات سنة تسع وسبعين وستمائة : والفقية المعمر أبو نصر بن هلال بن عياد الحنفي عماد الدين معيد الشبلية توفي في رجب عن مائة واربع سنين وقد سمع في الكهولة من أبي القاسم بن صصرى وغيره انتهى.

وقال الصفدي : ابو بكر بن هلال بن عياد عماد الدين الحنفي معيد الشبلية كان عالما صالحا منقطعا عن الناس مشتغلا بنفسه ونفع من يقرأ عليه ، مولده سنة خمس وسبعين وخمسمائة وتوفي سنة تسع وسبعين وستمائة ، وسمع وهو كبير من ابن صصرى ومن ابن الزبيدي ولو سمع صغيرا لكان اسند اهل الأرض وكان يعرف بالعماد [ص ٥٦] الجبلي وسمع البرزالي وابن الخباز انتهى.

[ابن بشارة]

ومنهم ابن بشارة : قال البرزالي في تاريخه في سنة اربع وثلاثين وسبعمائة وفي ليلة السبت سابع شعبان توفي الفقيه العالم الامام علاء الدين علي ابن الشيخ الامام شرف الدين الحسين بن علي بن بشارة الشبلي الحنفي بسفح قاسيون وصلي عليه عقيب الظهر من يوم الثلاثاء المذكور بالجامع المظفري ودفن هناك. وكان شابا فاضلا عفيفا

٢٠٢

عاقلا ولي اعادة المدرسة الشبلية وشهد له بأهلية التدريس والفتوى وسمع معنا كثيرا ورافقته في الحج انتهى.

[بدر الدين السويدي]

فائدة ـ قال الذهبي في سنة احدى عشرة وسبعمائة : وممن توفي فيها من الاعيان الشيخ الرئيس بدر الدين محمد ابن رئيس الاطباء ابي اسحاق ابراهيم بن محمد بن طرخان الانصاري من سلالة سعد ابن معاذ السويدي من سويدا حوران سمع الحديث وبرع في الطب. توفي في ربيع الاول ببستانه بقرب الشبلية ودفن في تربة له في قبة فيها عن سبعين سنة انتهى.

* * *

[وصف الشبلية]

وهذه المدرسة (١) تشتمل على حرم بمعزبة جملون بشباك غربي مطل على جنينة لها ، وآخر غربي مطل على الطريق الآخذ الى الجسر المذكور ، وله ثلاثة أبواب ، أوسطها الأكبر ، وبصحنها ثلاثة لواوين ، الشرقي والغربي منهما بهما عمودان من رخام ، وفي صدر الشمالي باب المدفن للواقف ، واعلاه وأعلى المدرسة خلاوي ، وفي هذا الايوان باب بيت الخلاء ، ولهذه التربة شباك وباب الى الطريق ، وفي الايوان الشرقي المذكور باب المدرسة ، وفوقه سيباط متسع به خلاوي قد فكت في ايامنا هذه ، وكذا بعض السيباط ، وفي طرف حائطه الشرقي

__________________

(١) هذه المدرسة لا تزال موجودة بحالة خراب تحتفظ بشيء من تخطيطها القديم ، وسقفها ذاهبة ، وقبر الواقف موجود بحالة حسنة ، وهو من حجر كتب عليه آيات من القرآن الكريم واسم المدفون فيه وتاريخ الدفن ، وهو قبر جميل عليه بعض زخارف جميلة. وكان لهذه المدرسة مكتبة قيمة.

٢٠٣

جرن ماء معظم ، وكان في قبلي المدرسة هذه قاعة لطيفة للامام فكت في هذه الأيام وأضيفت الى جنينة المدرسة.

* * *

[المدرسة العزيزية]

ومنها المدرسة العزيزية جوار المدرسة المعظمية بالسفح أعلى غربي الصالحية. قال ابن شداد المدرسة المعظمية والمدرسة العزيزية مجاورة لها. انشئت المعظمية في سنة احدى وعشرين وستمائة ، والمدرسة العزيزية في سنة خمس وثلاثين وستمائة انتهى.

[الملك العزيز]

قال ابن كثير في سنة ثلاثين وستمائة : واما الملك العزيز عثمان ابن الملك العادل وهو شقيق المعظم وكان صاحب بانياس وتلك الحصون التي هنالك وهو الذي بنى الصبيبة ، وكان عاقلا قليل الكلام مطيعا لأخيه المعظم ، ودفن عنده ، وكانت وفاته يوم الاثنين عاشر رمضان ببستانه الناعمة (١) من بيت لهيا سامحه الله انتهى.

وقال الذهبي في العبر في السنة المذكورة : والملك العزيز عثمان بن العادل اخو المعظم لأبويه هو الذي بنى قلعة الصبيبة بين بانياس وتبنين وهونين اتفق موته بالناعمة وهو بستان له ببيت لهيا في عاشر رمضان انتهى.

__________________

(١) بستان الناعمة لا يزال موجودا الى الآن بهذا الاسم وهو شمالي نهر ثورى على مقربة من جسر يدعى جسر النمرود وجسر الناعمة. ويبعد عن جسر ثورى الذي على طريق دوما والقابون بنحو ثلاثمائة مترا لجهة الغرب.

٢٠٤

[المدرسون بالعزيزية]

ثم قال ابن شداد اول من وليها القاضي صدر الدين ابراهيم ابن الشيخ برهان الدين مسعود ثم من بعده مجد الدين اخوه الى ان توفي ثم وليها بعده كمال الدين عبد اللطيف ابن القاضي عز الدين السنجاري فظهر كتاب وقفها فعلم ان مدرسها يكون مدرس المعظمية فاستقل بها القاضي شمس الدين عبد الله بن عطاء الاذرعي الحنفي مدرس المعظمية ، ثم انتقلت بعده الى من انتقلت اليه المعظمية الى الآن انتهى.

[ابن عزيز الواعظ]

ثم درس بها الشيخ شمس الدين محمد الحنفي المعروف بابن عزيز الواعظ. قال الاسدي في تاريخه في جمادى الآخرة [ص ٥٧] سنة تسع عشرة وثمانمائة كان فاضلا ذكيا يكتب خطا حسنا ودرس بالمعظمية والعزيزية بها ومشيخة اليونسية وكان قبل الفتنة يركب في صمده ويلبس تيابا حسنة ثم انه بعد الفتنة افتقر وساءت حاله وكان حسن العشرة كريم النفس توفي بقرية كتيبة وقف المدرسة العزيزية وقدم به ميتا يوم الخميس سادسه.

واستقر عوضه في تدريس المعظمية والعزيزية القاضيان بدر الدين الحسيني وشمس الدين الاذرعي انتهى. وآخر من رأينا درس بها العم جمال الدين.

* * *

[وصف المدرسة العزيزية ـ دير سمعان]

وهي مدرسة معظمة (١) بحرم على معزبة في علو زائد ،

__________________

(١) هذه المدرسة لم يبق من آثارها شيء. وهي في أسفل مقبرة

٢٠٥

لها شباكان مطلان الى القبلة ، وآخر غربي ، وشماليه باب المدرسة البراني يصعد اليه على درج ، ولهذا الحرم ثلاثة ابواب ، قدامه بحرة ماء يصل اليها الماء من مدار غربي المدرسة المذكورة يفصل بينهما المعظمية ، وبها قبرا الواقفين وعدة قبور ، في قبليها شباك مطل على حاكورة ، وشمالي هاتين المدرستين حوش عظيم بحيطان عالية ، يقال انه دير سمعان كان ، وله باب يفتح الى الشرق ، وداخله عدة قبور معظمة.

* * *

[المدرسة العلمية]

ومنها المدرسة العلمية شرقي جبل الصالحية العتيقة وغربي الميطورية.

قال عز الدين الحلبي : بانيها الأمير علم الدين سنجر المعظمي في شهور سنة ثمان وعشرين وستمائة انتهى.

ولم يذكره الصفدي في تاريخه فانه قال : علم الدين سنجر الحصني ، علم الدين سنجر التركستاني علم الدين سنجر الصالحي ، علم الدين سنجر الحلبي ، علم الدين سنجر العبدي ، علم الدين سنجر الشجاعي المنصوري ، علم الدين الامام الأمير الكبير العالم المحدث التركي الدواداري ، علم الدين سنجر الجاولي ، علم الدين سنجر

__________________

المهاجرين التي بينها وبين الصالحية قبلي مصنع الماء الكبير الذي شيدته مصلحة عين الفيجة في هذه المقبرة. والظاهر ان العزيزية والمعظمية كانتا موجودتين من نحو سبعين عاما. فقد اثبتت للمعظمية الاستاذ هرزفيلد رسما لجبهتها الجميلة.

٢٠٦

الحمصي : قال شيخنا المحيوي النعيمي ولم يذكر المعظمي انتهى. «قلت» بل ذكره فانه هو سنجر الصالحي لكنه ترك نسبته الى المعظم والله اعلم.

[المدرسون في العلمية]

ثم قال عز الدين : ذكر من درس بها ، أول من درس بها صدر الدين علي المعروف بابي الدلالات العباسي الى أن توفي ، وناب عنه بها تاج الدين النجيلي نيابة عن ولده نجم الدين حمزة الى أن توفي الولد ، وتولاها بعده تقي الدين التركماني ، ثم تولاها بعده شرف الدين الراسعيني ، ثم وليها بعده كمال الدين علي بن عبد الحق وهو مستمر بها الى الآن انتهى.

[شمس الدين الاذرعي]

وممن درس بها قاضي القضاة شمس الدين محمد بن ابراهيم ابن داود بن حازم الاذرعي ميلاده سنة اربع واربعين وستمائة باذرعات ، تفقه على الشيخ رشيد الدين سعيد البصروي ، وأخذ علم النحو عن بدر الدين بن مالك ، ولما قدم من اذرعات كان دون العشرين بقليل فقرأ القرآن بالجامع الأموي على الشيخ يحيى بن المنبجي في مدة يسيرة فيما قيل ، دون ستة أشهر ، ثم اشتغل بالفقه ، وتوجه الى حلب ودرس بالحلاوية ، وأفتى ، ثم انتقل الى دمشق ودرس بالعلمية وغيرها وفي سنة خمس وسبعمائة ، ولي القضاء بدمشق ، وكانت ولايته سنة كاملة ، وتوفي يوم الأربعاء ثامن عشرين رجب سنة اثنتي عشرة وسبعمائة بالقاهرة ، وقد مرت له ترجمة مختصرة من كلام ابن كثير في المدرسة الشبلية ، واتفق له في توليته القضاء اتفاق عجيب قال ابن كثير في سنة خمس وسبعمائة : وفي يوم الخميس ثاني عشر ذي القعدة وصل

٢٠٧

البريد من مصر بتولية القضاء لشمس الدين محمد بن [ص ٥٨] ابراهيم الاذرعي قضاء الحنفية عوضا عن ابن الحريري ، وقال في سنة ست وسبعمائة وفي يوم الأحد العشرين من ربيع الآخر قدم البريد من القاهرة ومعه تجديد توقيع للقاضي شمس الدين الاذرعي الحنفي فظن الناس انه بولاية القضاء لابن الحريري فذهبوا اليه ليهنئوه مع البريدي الى الظاهرية واجتمع الناس لقراءة التقليد على العادة فشرع الشيخ علم الدين البرزالي في قراءته ، فلما وصل الى الاسم تبين انه ليس له وانه للاذرعي فبطل القاريء وقام الناس مع البريدي الى الاذرعي ، وحصلت كسرة وخمدة على الحريري والحاضرين انتهى.

[شرف الدين الواني]

وقال الحافظ الحسيني في ذيل العبر في سنة تسع واربعين وستمائة فيمن توفي بها : والحافظ المفيد شرف الدين أبو عبد الله بن محمد بن ابراهيم الواني الحنفي مدرس العلمية توفي في السنة هذه انتهى.

* * *

[قراء العلمية]

وبهذه المدرسة قراء عشرة مرتب لهم خبز. ولما خربت في ضمن الصالحية العتيقة صارت القراء تحضر بالمدرسة الركنية هناك ويقرؤون ويهدون ، ومنهم شيخنا العلامة يحيى الاربدي وشيخنا العلامة موسى الحوراني.

[المدرسة الجركسية]

ومنها المدرسة الجركسية ويقال الجهاركسية بالسفح على حافة الطريق الآخذ الى الكهف.

٢٠٨

قال شيخنا قاضي القضاة محب الدين محمد الشهير بابن القصيف : انه وقف على كتاب وقفها وانها مختصة بالحنفية وان واقفها فخر الدين شركس الصلاحي.

[الامير جركس]

قال الذهبي في العبر في سنة ثمان وستمائة وجهاركس الامير الكبير فخر الدين الصلاحي اعطاه العادل بانياس والشقيف فأقام هناك مدة توفي في رجب ودفن بتربته بقاسيون انتهى.

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وستمائة الامير فخر الدين شركس ويقال جهاركس احد امراء الدولة الصلاحية واليه تنسب قباب شركس بالسفح تجاه تربة خاتون وبها قبره. قال ابن خلكان وهو الذي بنى القيسارية الكبرى بالقاهرة المنسوبة اليه وبنى في اعلاها مسجدا معلقا وربعا وقد ذكر جماعة من التجار انهم لم يروا لها نظيرا في البلدان في حسنها وعظمها واحكام بنائها. قال وجهاركس بمعنى اربعة انفس قلت وكان نائبا على بانياس والشقيف وتبنين (١) وهونين انتهى.

[الامير خطلبا]

وقال في سنة خمس وثلاثين وستمائة : الامير الكبير المجاهد صارم الدين خطلبا بن عبد الله مملوك شركس ونائبه بعده مع ولده على تبنين (٢) وتلك الحصون ، وكان كثير الصدقات ، ودفن مع استاذه بقباب شركس ، وهو الذي بناها بعده ، وكان خيرا قليل الكلام كثير الغزو مرابطا مدة سنين.

وقال الصلاح الصفدي في حرف الجيم : جهاركس بن عبد الله

__________________

(١) في الاصل : قبنين.

القلائد الجوهرية م ـ ١٤

٢٠٩

الانصاري الامير فخر الدين كان من اكابر الأمراء الصلاحية كريما نبيل القدر عالي الهمة بنى بالقاهرة القيسارية الكبرى المنسوبة اليه. قال القاضي شمس الدين احمد بن خلكان : رأيت جماعة من التجار الذين طافوا البلاد يقولون لم نر في شيء من البلاد مثلها في حسنها وعظمها واحكام بنائها ، وبنى باعلاها مسجدا كبيرا وربعا معلقا وتوفي سنة ثمان وستمائة بدمشق ودفن بجبل الصالحية وتربته مشهورة هناك وكان العادل [ص ٥٩] اعطاه بانياس وتبنين والشقيف فاقام بها مدة ولما مات اقر العادل ابنه على ما كان عليه وكان اكبر من بقي من أمراء الصلاحية وقيل له بار جاريس (١) يعني انه اشتري لأستاذه باربعمائة دينار انتهى.

وقال : خطلبا الأمير صارم الدين التنيسي (٢) كان غازيا مجاهدا دينا كثير الرباط والصدقات توفي سنة خمس وثلاثين وستمائة بدمشق ودفن بتربة جهاركس بالجبل وهو الذي انشأها ووقف عليها من ماله انتهى.

وقال الأسدي في تاريخه في سنة ثمان وستمائة : الأمير جهاركس الصلاحي ويقال شركس الأمير الكبير فخر الدين ابو منصور الصلاحي اعطاه العادل نيابة بانياس والشقيف وتبنين وهونين ، وكان اكبر من بقي من امراء صلاح الدين وابنه الملك العزيز ، وكان كريما نبيلا قدوة عليّ الهمة شهد مع أستاذه الغزوات كلها وكان منحرفا عن الأفضل. قال ابن خلكان : وهو الذي بنى القيسارية الكبرى

__________________

(١) كذا : في الاصل ، وفي المرآة «ابارجاركس ، ويقال جهاركس».

(٢) كذا في الاصل وسيأتي عن المرآة انها التنيني ، وهي كذلك في المرآة.

٢١٠

بالقاهرة المنسوبة اليه وبنى في أعلاها مسجدا معلقا وربعا ، وقد ذكر جماعة من التجار انهم لم يروا لها نظيرا في البلدان في حسنها وعظمها واحكام بنائها توفي في رجب ودفن في تربته بسفح قاسيون تجاه تربة خاتون ولما توفي ترك ولدا صغيرا فاقره العادل على ما كان عليه ابوه ، وجعل له مدبرا فلم تطل حياته بعد ابيه ، وقيل مات سنة سبع.

وجهاركس بكسر الجيم قال ابن خلكان ومعناه بالعربي أربعة أنفس وهو لفظ أعجمي معربه استار والاستار أربع اواني (١) وقال في المرآة (٢) جهاركس معناه انه اشتري باربعمائة دينار انتهى كلام الاسدي.

وقال في المرآة : وقام بأمره الأمير صارم الدين خطلبا التنيني واشترى الكفر بوادي بردى وأوقفها على تربة فخر الدين وقبره له قبة عظيمة على الجادة انتهى.

(قلت) ومن وقفها الحصة من قرية بيت سوى ومبلغها الثلث والنصف ، وحصة مبلغها اثنا عشر سهما ، والثلث من المزرعة.

[محمد السبكي]

وقد توهم بعضهم أنها مشتركة بين الحنفية والشافعية بواسطة أنه ذكر الدرس بها القاضي تقي الدين ابو الفتح محمد بن عبد اللطيف السبكي الشافعي ، ولد بالمحلة سابع عشر ربيع الآخر سنة أربع وقيل سنة خمس وسبعمائة ، وطلب الحديث في صغره ، وسمع خلقا وتفقه على جده الشيخ صدر الدين يحيى بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن تميم بن حامد ، وعلى الشيخ تقي الدين السبكي ، وعلى الشيخ

__________________

(١) كذا في الاصل وفي تاريخ ابن خلكان وتنبيه الطالب : اواقي.

(٢) هنا على الهامش كتابة لها علاقة بما جاء في المرآة الصق عليها ورقة فلم يظهر منها شيء غير أحرف يسيرة.

٢١١

قطب الدين التبناطي (١) وتخرج بالشيخ تقي الدين السبكي قريبه في كل فنونه فقها وأصولا وكلاما وحديثا ونحوا وغير ذلك ، وقرأ النحو على الشيخ أبي حيان ، وتلا عليه بالسبع ، ودرس بالقاهرة ، وناب في الحكم ، ثم قدم علينا دمشق ، وناب في الحكم أيضا ، ودرس في الشامية الجوانية ، وفي المدرسة الركنية ، وذكر له الصلاح الصفدي ترجمة طويلة حسنة ، وأنه درس بالشركسية هذه ، والركنية ، وأنه حكى له بعض فقهاء المدرسة الركنية أنه كان لا يتناول منها ما للمدرس فيها من [ص ٦٠] الجراية ، ويقول تركي لهذا في مقابلة أني ما يتهيأ لي فيها الصلوات الخمس. توفي بالمدرسة الركنية ليلة السبت ثامن عشر ذي القعدة سنة أربع وأربعين وسبعمائة ، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون رحمه‌الله تعالى.

* * *

[وصف الجركسية ـ مكتب ايتام]

وتشتمل هذه المدرسة (٢) على حرم له شباكان مطلان على صفة من جهة القبلة ، وبغربيه بابه ، وهو نافذ الى دهليز يدخل منه الى ساحة شمالي باب كبير للحرم أيضا ، وبهذه الساحة عدة بيوت مسكونة ، وغربي هذا الحرم قبة بابها من الساحة المذكورة يقرأ بها الأيتام ، ولها شباك مطل على الصفة المذكورة ، وإلى جانب هذه القبة تربة الواقف ومن تقدم ، ولها عدة قراء ، ولها شباكان قبليان مطلان على الطريق ، وآخر شرقي مطل عليه أيضا ، وعلى هذه التربة قبة وقعت في هذه الأيام ، وشرع في عمارتها وإلى الآن لم تكمل ،

__________________

(١) في الشذرات السنباطي.

(٢) هذه المدرسة لم تزل موجودة اغتصب بعضها ، وتعرف الجهة الموجودة فيها هذه المدرسة بسوق الجركسية.

٢١٢

ويخرج من الدهليز المذكور الى باب المدرسة المذكورة ، وعن غربيه بئران : أحدهما من النهر ، والآخر صهريج عظيم من البئر الأول يملأ فيحصل للناس به في أيام انقطاع الأنهر من الصالحية نفع عظيم.

* * *

[المدرسة اليغمورية]

ومنها المدرسة اليغمورية بالسكة غربي الصالحية ، قرب خان السبيل من جهة الغرب بقبلة.

[جمال الدين بن يغمور]

لم أقف على ترجمة واقفها ، ولكن قال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وستين وستمائة : وجمال الدين بن يغمور الياروقي (١) ولد بالصعيد سنة تسع وتسعين ، وكان من أعيان الأمراء ، ولي نيابة مصر ونيابة دمشق ، توفي في شعبان انتهى.

وقال ابن كثير في سنة سبع واربعين وستمائة : وفي عاشر صفر دخل الى دمشق نائبها الأمير جمال الدين بن يغمور من جهة الصالح أيوب ، فنزل بدرب الشعارين داخل باب الجابية ، وفي جمادى الآخرة أمر النائب بتخريب الدكاكين المحدثة في وسط باب البريد ، وأمر ان لا يبقى فيه دكان سوى ما في جانبيه الى جانب الحائطين القبلي والشمالي وما في الوسط ، فهدم. قال أبو شامة : وقد كان العادل هدم ذلك ثم أعيد ثم هدمه ابن يغمور والمرجو استمراره على هذه الصفة.

وقال : وفيها توجه الناصر داود من الكرك الى حلب فأرسل

__________________

(١) كذا في الاصل ، وفي تنبيه الطالب «الباروقي».

٢١٣

الصالح أيوب الى نائبه بدمشق جمال الدين بن يغمور بخراب دار سامة (١) المنسوبة الى الناصر بدمشق وبستانه الذي بالقابون وهو بستان القصر (٢) أن تقطع أشجاره ويخرب القصر انتهى.

[المدرسون باليغمورية ابن العز الحنفي]

والذي علم من مدرسيها القاضي شمس الدين بن العز. قال ابن كثير في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة : وممن توفي فيها من الاعيان القاضي شمس الدين بن العز الحنفي أبو عبد الله محمد ابن الشيخ شرف الدين أبي البركات محمد ابن الشيخ عز الدين أبي العز عبد العزيز بن صالح بن أبي العز بن وهيب بن عطاء بن جبير بن كاين (٣) ابن وهيب الاذرعي الحنفي احد مشايخ الحنفية وأئمتهم وفضلائهم في فنون من العلوم متعددة ، حكم نيابة نحوا من عشرين سنة ، وكان سديد الأحكام محمود السيرة ، جيد الطريقة ، كريم الأخلاق ، كثير البر والصلة والاحسان الى أصحابه وغيرهم ، وخطب بجامع الأفرم مدة ، وهو أول من خطب به ، ودرس بالمعظمية والقليجية واليغمورية هذه والظاهرية ، وأول ما درس بها كان في ربيع الآخر سنة عشر وسبعمائة عوضا عن شمس الدين بن الحريري ، وحضر عنده خاله الصدر [ص ٦١] علي قاضي القضاة الحنفية ، وبقية القضاة ، وصار

__________________

(١) هو أسامة الجبلي ، لا أسامة بن منقذ ، وداره هذه استولى عليها الملك المعظم ثم صارت من بعده لولده الناصر داود ثم اشتراها نجم الدين البادرائي وعمرها مدرسة ، وهي موجودة الى الآن تعرف بالبادرائية وشرقيها حمام لا يزال الى الآن يعرف بحمام سامه.

(٢) لا يزال الى الآن في جهة القابون بستان يدعى ببستان القصر.

(٣) كذا في الاصل. وفي البداية لابن كثير «كابن» وترجمه النعيمي في تنبيه الطالب في المدرسة الظاهرية الجوانية ولكنه اختصر نسبه فلم يذكر فيه هذه اللفظة ، وكذلك فعل صاحب الشذرات.

٢١٤

ناظر أوقافها ، وأذن للناس في الافتاء ، وكان كبيرا معظما مهيبا ، توفي بعد مرجعه من الحج بأيام قلائل يوم الخميس سلخ المحرم ، وصلي عليه يومئذ بعد الظهر بجامع الأفرم ، ودفن عند المعظمية عند اقاربه ، وكانت جنازته حافلة ، وشهد له الناس بالخير ، وغسلوه بهذه المدرسة رحمه‌الله.

ودرس بعده في الظاهرية نجم الدين القجقازي وفي المعظمية والقليجية ، والخطابة بالأفرم ابنه علاء الدين ، وباشر بعده نائبه في الحكم القاضي عماد الدين الطرسوسي مدرس القلعة انتهى.

* * *

[وصف اليغمورية]

وهذه المدرسة (١) تشتمل على حرم بشباكين مطلين على نهر يزيد ، وباب يفتح الى الشمال قدامه ثلاثة قناطر ، بشرقيها وغربيها ايوانان لطيفان ، بالشرقي بئر ماء ينتفع الناس به أيام انقطاع الانهر ، وشمالي هذه القناطر الطريق السالك الى السكة ، وكانت لم تزل مغلوقة ، ويقال ان ناظرها شهاب الدين أحمد بن كركر الحنفي رأى بها لقية حينئذ ، ثم لمّا سكن شيخنا العلامة شمس [الدين] محمد بن رمضان الحنفي تلك المحلة فتحه [ا] ودرس بها ولما توفي قفلت.

* * *

[المدرسة المقدمية]

ومنها المدرسة المقدمية البرانية بحارة الركنية شرقي الصالحية بسفح قاسيون.

__________________

(١) هذه المدرسة اليوم مجهولة أصبحت دورا وموقعها غربي طريق السكة على مقربة من محطة الباص المسماة يأبي رمانة.

٢١٥

[ابن المقدم]

وهي غير تربة ابن المقدم فان هذه قال تقي الدين الاسدي : وأما المقدمية البرانية بمرجة دحداح وتعرف بتربة المقدم ، فإنشاء الأمير فخر الدين ابراهيم ابن الأمير شمس الدين بن المقدم ، وشمس الدين هذا باني المقدمة الجوانية ، ثم قال فيمن توفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة : ابراهيم بن محمد بن عبد الملك فخر الدين بن المقدم ، كان شجاعا عاقلا ولي قلعة بارين (١) وعدة حصون ، وله بها نواب ، فمد عينه اليها الملك الظاهر غازي فأخذها وبقيت له بارين ، توفي بدمشق ودفن بمدرستهم خارج باب الفراديس انتهى.

وقد تطلبت كتاب وقف هذه المدرسة من ناظرها كمال الدين الحريري وقد ثبت أنه من ذرية الواقف فسوف بي لأنظر اسم الواقف (٢).

[المدرسون بالمقدمية]

وقال ابن شداد : أول من درس بها نجم الدين بن الفخر الغازي ثم تغلب عليها أولاد الواقف وتعطلت عن ذكر الدرس بسبب ذلك ، ثم ذكر بها الدرس بعده مدّة زمانية صفي الدين يحيى البصروي ، ثم من بعده نجم الدين الصرخدي ، ثم من بعده محيي الدين بن عقبة ،

__________________

(١) في الاصل : باردين ، وفي تنبيه الطالب ماردين والصواب ما أثبتناه وفي معجم ياقوت (بارين) مدينة حسنة بين حلب وحماه من جهة الغرب.

(٢) هنا وضعت اشارة ثم كتب المؤلف على الهامش بخطه ولكن التصوير لم يظهر من خطه الا ما يلي : ثم شاهدت على عتبة شب [اك قبة] بها قبر الواقف من ... واقفها الغازي المجا [هد] ... يونس بن يوسف ابن المق [دم] ... تاريخ وقفه ثاني عشر ... ثمانية عشر وستمائة.

٢١٦

ثم من بعده نجم الدين أيوب الكاشي ثم من بعده فخر الدين ابو الوليد وهو مستمر بها الى الآن انتهى ، وآخر من ولي الدرس بها شيخنا قاضي القضاة برهان الدين ابراهيم بن القطب الحنفي ، ثم صار بعده الى زين الدين عمر بن التراب الحنفي ، ثم الى أخينا نجم الدين محمد بن الزهيري الحنفي وهو مستمر بها الآن وقد باشره وحضرنا عنده مع العم جمال الدين والمشهور الآن من وقفها الزور الكبير بحماه.

* * *

[وصف المقدمية]

وهي مشتملة (١) على حرم بشباكين قبليين مطلين على تربة ، وفي غربيه تربة الواقف ، وبينهما باب ، وفي شرقيه مئذنة لها مدة ذهب رأسها ، وله ثلاثة أبواب شمالية أوسطها كبير ، وقدامها ساحة كبيرة وبها خلاوي ، وبشرقيها الدهليز النافذ الى باب الزقاق ، وبه [ص ٦٢] باب المدرسة البراني.

* * *

[المدرسة الميطورية]

ومنها المدرسة الميطورية ، قال ابن شداد بجبل الصالحية من شرقية ، واقفتها الست فاطمة خاتون بنت السلار في سنة تسع وعشرين وستمائة انتهى.

[هدم الميطورية]

وقال الشيخ تقي الدين الأسدي في تاريخه في سنة احدى وعشرين وثمانمائة : ومن عجيب ما وقع ان المدرسة الميطورية بين الصالحية والقابون سلمت الى بعد الوقعة فهدمت وأخذت آلتها وحصل بسببها

__________________

(١) هذه المدرسة الآن مجهولة.

٢١٧

تشنيع كبير على الفقهاء ، وقيل إنه يشترى مكان بالصالحية ويجعل مدرسة انتهى.

[شراء مدرسة عوضا عن الميطورية]

(قلت) اشتري مكان بالزقاق قدام باب الجامع المظفري الغربي من الغرب بالقرب من التربة الصارمية.

وقد أدركنا من تلك (١) حائط [ا] بحجارة نحيت فك في أيام نائب الشام سيباي وبني بمدرسة خارج باب الجابية.

* * *

[وصف الميطورية الجديدة]

وهذه المدرسة (٢) المشتراة مشتملة على ايوان لطيف به شباكان من خشب مطلان من جهة القبلة على الطريق ، وغربيهما باب المدرسة الخارج وبها بئر ماء في صحن لطيف لها.

[الميطور]

ثم قال ابن شداد : والميطور كان مزرعة ليحيى بن أحمد بن يزيد بن الحكم وكان يسكن ارزونا وهو الميطور الشرقي انتهى.

(قلت) وهذا الميطور هو وقف المدرسة المذكورة.

[المدرسون بالميطورية]

ثم قال ابن شداد : أول من ذكر بها الدرس الشيخ حميد الدين

__________________

(١) الضمير يرجع الى المدرسة الاولى.

(٢) وهذه مجهولة الآن ايضا.

٢١٨

السمرقندي الى أن توفي ، وذكر بعده الدرس بها ولده محيي الدين الى ان انتقل الى الديار المصرية ومات بها ، وذكر عنه الدرس شمس الدين الحسين القوني (١) الخطيب بالقلعة المنصورة بدمشق ، ثم وليها محيي الدين أحمد بن عقبة وهو بها الى الآن انتهى.

(قلت) وآخر من رأينا درس بها شيخنا شمس الدين محمد ابن الشيخ عيسى الفلوجي الحنفي ، ثم تعطل الدرس بها بعده بواسطة ناظرها قاضي الحنابلة النجمي بن مفلح.

* * *

[المدرسة المعظمية]

ومنها المدرسة المعظمية بالصالحية بسفح قاسيون الغربي جوار المدرسة العزيزية.

قال العزي الحلبي : المدرسة المعظمية ، والمدرسة العزيزية مجاورة لها ، انشئت المدرسة المعظمية في سنة احدى وعشرين وستمائة ، والمدرسة العزيزية في سنة خمس وثلاثين وستمائة انتهى.

[الملك المعظم]

وقال الذهبي في العبر في سنة اربع وعشرين وستمائة : والملك المعظم سلطان الشام شرف الدين عيسى بن العادل الحنفي الفقيه الأديب ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين ، وحفظ القرآن ، وبرع في الفقه ، وشرح الجامع الكبير في عدة مجلدات باعانة غيره ، ولازم

__________________

(١) كذا في الاصل ، وفي تنبيه الطالب القونوي.

٢١٩

الاشتغال زمانا ، وسمع المسند كله من حنبل (١) ، وله شعر كثير ، وكان عديم الالتفات الى النواميس وأبهة الملوك ، يركب وحده مرارا ثم تتلاحق مماليكه بعده ، توفي في سلخ ذي القعدة ، وكان فيه خير وشر كثير سامحه الله ، تملك بعد أبيه انتهى.

وقال ابن كثير في سنة اربع وعشرين وستمائة : السلطان الملك المعظم عيسى بن العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب ملك دمشق والشام ، وكانت وفاته يوم الجمعة سلخ ذي القعدة من هذه السنة ، وكان استقلاله بملك دمشق لما توفي أبوه سنة خمس عشرة وستمائة ، وكان شجاعا عاقلا فاضلا اشتغل في الفقه على مذهب أبى حنفية على الحصيري مدرس النورية ، فقرأ عليه الجامع [الكبير] وغيره ، وفي اللغة والنحو [ص ٦٣] على الشيخ تاج الدين الكندي ، وكان محفوظه مفصل الزمخشري ، وكان يصل من حفظه بثلاثين دينارا ، وكان قد أمر أن يجمع له كتاب في اللغة يشتمل على صحاح الجوهري والجمهرة لابن دريد والتهذيب للأزهري وغير ذلك ، وأمر أن يرتب له مسند أحمد ، وكان يحب العلماء ويكرمهم ، ويجتهد في متابعة الخير ، ويقول : أنا على عقيدة الطحاوي ، وأمر عند وفاته أن لا يكفن الا في البياض ، وان يلحد له ، ويدفن في الصحراء ، ولا يبنى عليه ، وكان يقول واقعة دمياط ادخرها عند الله تعالى ، وأرجو أن يرحمني بها ، يعني أنه أبلى فيها بلاء حسنا رحمه‌الله ، وقد جمع له من الشجاعة والسماحة والبراعة والعلم ومحبة أهله ، وكان يجيء في كل يوم جمعة الى تربة والده ، فيجلس قليلا ، ثم اذا ذكّر المؤذنون ينطلق الى تربة عمه صلاح الدين فيصلي فيها الجمعة ، وكان قليل التعاظم يركب في بعض

__________________

(١) هو : حنبل بن عبد الله الرصافي راوي مسند احمد بن حنبل ، توفي بعد رجوعه من دمشق واسماعه بها سنة (٦٠٤).

٢٢٠