القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

في بلدان شتى من ذلك مدرسة بالصلت وله درس بمدرسة ابي عمر وغير ذلك توفي بالاسكندرية وهو نائبها في خامس رمضان انتهى.

ثم قال الجمال ابن المبرد وبلغني ان بعض اعيان الشافعية القدماء أراد التنزيل فيها لجماعة من الشافعية فكان القاضي شرف الدين ابن قاضي الجبل يقول : ان نزلتم فيها واحدا أنزلت في الشامية اثنين. يشير الى ان هذه المدرسة وقف على الحنابلة لم يدخل فيها غيرهم والشامية وقف على الشافعية لم يدخل فيها غيرهم فان تجرأتم علينا قابلناكم.

ثم في زمن الشيخ عبد الرحمن بن داود وقع بينه وبين جماعة الحنابلة فادخل فيها المذاهب الاربعة ووقع بسبب ذلك امور وفتن وشق ذلك على الجماعة ، ثم ان شهاب الدين بن عبد الرزاق ابن اخي الشيخ عبد الرحمن ارسل الى مصر فاخرج مراسيم باخراجهم منها فلما كانت المراسيم في الطريق مات فاستمر الامر ، فكان اكثر اصحابنا يرون ذلك بلية. وأما انا لا يسوءني ذلك واراه خيرا فان فضل الشيخ كان قاصرا على الحنابلة فتعدى اليهم والى غيرهم.

[درس الشافعية]

ثم رتب للشافعية درس واول من درس به الشيخ خطاب انتهى.

(قلت) قال الشيخ تقي الدين الاسدي في تاريخه في جمادى الاولى سنة سبع واربعين وثمانمائة في يوم الاحد عشريه : درس زين خطاب العجلوني الشافعي بمدرسة ابي عمر استجد له القاضي بهاء الدين بن حجي بها تدريسا وجعل له في الشهر مائة وخمسين درهما فتوقف الناظر في ذلك ثم اتفق الحال على ان قرر له في كل شهر تسعين درهما ، وحضر في هذا اليوم ، وحضرت انا والقاضي يعني

٢٦١

جمال الدين الباعوني وجمع من الشافعية وغيرهم. ودرس درسا حسنا وبلغني ان ذلك شق على بعض الحنابلة كثيرا انتهى.

ثم درس به الشيخ مفلح الحبشي ثم الشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون ثم اخوه الشيخ تقي الدين واستناب في ذلك الشيخ موسى الحوراني ثم شهاب الدين بن شكم ثم القاضي نجم الدين ولد الشيخ تقي الدين المذكور ثم الشيخ نجم الدين ولد شهاب الدين بن شكم ثم الشيخ شمس الدين الكفرسوسي ثم تكلم الشيخ تقي الدين القاري [به] ولم يتم [له] ذلك وله مدة قد بطل.

وكان هذا الدرس يوم السبت والثلاثاء عند البير قدام باب حرم المدرسة الكبيرة.

* * *

[درس الحنفية]

ثم رتب للحنفية درس. وأول من درس به الشيخ عيسى الفلوجي ثم الشيخ زين الدين بن العيني ثم عمي القاضي جمال الدين بن طولون ثم صار الي ، وهو مستمر الى الآن. وكان هذا الدرس ايضا يوم السبت والثلاثاء وفي الايوان الشمالي وهو مستمر بهم ثم لما عطل درس الشافعية جعلته موضعهم.

* * *

[درس المالكية]

ثم رتب للمالكية درس. وأول من درس به الشيخ شهاب الدين المريني ثم انقطع وكان هذا الدرس ايضا في اليومين المذكورين بين درس الشافعية والحنابلة في الايوان القبلي.

* * *

٢٦٢

[دروس القرآن]

[ص ٧٧] وقال ابو شامة وقد حفظ القرآن بها امم لا يحصون وقال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة : في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة من ذيله : وممن توفي فيه الشيخ شمس الدين ابو عبد الله محمد السلاوي عامل خانقاه خاتون وشيخ الاقراء بمدرسة الشيخ ابي عمر. وكان عاقلا حسنا ساكنا جيد الكتابة مات في بعض القرى وحمل الى اهله فغسل وصلي عليه بجامع تنكز يوم الخميس ثالثه ودفن بالصالحية.

وقال الجمال ابن المبرد وفي هذه المدرسة من مشايخ الاقراء داخل المدرسة عشرة كان قديما شيخنا الشيخ خلف الذي كان يعد من الابدال ويقال انه كان يرى كل سنة بعرفة كان يقريء في الخزانة الغربية ، وشيخنا الشيخ عمر اللولوي كان يقرأ في الخزانة الشرقية ، وفي هاتين الخزانتين مصاحف كثيرة ، وزادها الامير محمد بن مبارك واقف المدرسة الحاجبية مصاحف كثيرة بخط الشيخ زين الدين ابن الحبال ، ورتب الامير المذكور للخزانة الغربية زيتا في وقفه فصارت تنسب اليه.

[المدرسون بالعمرية]

وشيخ المدرسة يكون في المحراب ، وكان يجلس فيه الشيخ زيد الجراعي وكان الشيخ علي الجراعي يجلس الى جنبه ثم لما ماتا قعد مكان الشيخ زيد ولده تقي الدين ومكان الشيخ علي الشيخ عمر العسكري فلما ماتا جلس مكان تقي الدين اخوه شهاب الدين ومكان الشيخ عمر ولده جمال الدين عن يسار المحراب وعن يمينه شيخنا الشيخ حسن الصفدي ثم جلس بعده شمس الدين الصفدي الحنفي

٢٦٣

وكان في القرنة الغربية يجلس القاضي علاء الدين المرداوي وجلس بعده شهاب الدين العسكري.

قلت الذي ادركناه ان الشيخ جمال الدين الجراعي ولد الشيخ زيد يجلس في الخزانة الغربية وبعده ولده موفق الدين عبد الله ثم نزل عنها لمن لا يصلح وان الشيخ شمس الدين العسكري يجلس في الخزانة الشرقية وبعده ولده الزين عبد الرحمن ثم صارت لاولاده وليسوا باهل وان الشيخ شهاب الدين الجراعي يجلس في المحراب وبعده اخوه جمال الدين وبعده شهاب الدين العسكري وبعده شومان المرداوي نيابة عن التقي بن زريق وبعده الشهاب الديوان كذلك وعن يمين المحراب بعد جمال الدين العسكري اخوه الشمس الطحان ثم حسن الطبراني وعن يساره بعد الشهاب العسكري ولداه عبد القادر واحمد.

* * *

[السبع بالعمرية]

وبها سبع يقرأ كل يوم بالايوان القبلي يجتمع فيه خلائق يختمون القرآن فيه في كل اسبوع مرة ، وسبع بعد المغرب ، ورتب فيها اسباع أخر انقطعت.

* * *

وبها قراءة الثلثين بشيخ مرتب يقرأ عليه كل من يقرأ في المقصورة وهي لا يترك فيها القراءة طول الليل بلغني عن الامير منجك انه كان يرسل من يتفقد المدرسة في الليل والنهار ان القراءة هل تنقطع منها ام لا فلم يكن يتفق له ترك القراءة.

وبها في الايوان القبلي بين بابي المدرسة والسلم الشرقيين يقرىء في القرآن والعلم في سائر المذاهب [الشيخ زين الدين ابن الحبال](١)

__________________

(١) زيادة من المروج السندسية (١٠٩ : ٧)

٢٦٤

وكان يجلس عن يمينه اخوه شهاب الدين ويجلس معه الشيخ عثمان التليلي والشيخ شمس الدين الحبراصي ويقع هناك خير كثير ثم بعد موته ترك ذلك.

[الملقنون للاطفال]

وبها شيخ لتلقين الاطفال والاضراء قال ابن مفلح في طبقاته : محمد ابن احمد بن ابي بكر بن عبد الصمد بن مرجان الشيخ العالم القدوه شمس الدين ابو عبد الله شيخ التلقين بمدرسة شيخ الاسلام ابي عمر.

روى [ص ٧٨] عن التقي سليمان ويحيى بن سعد الكثير وحدث. سمع منه الحافظ ابن حجي توفي في عاشر شعبان سنة اربع وسبعين وسبعمائة.

* * *

(الأئمة بالعمرية)

وام بهذه المدرسة الصلاح بن ابي عمر. قال ابن مفلح في طبقاته : محمد بن احمد بن ابي الحسن بن عبد الله ابن شيخ الاسلام ابي عمر الشيخ البارع صلاح الدين بن قاضي القضاة شرف الدين المعروف بابن قاضي الجبل ولي النظر على مدرسة جده. قال الشيخ شهاب الدين بن حجي وكان قد سمعه والده واحضره وحسنت سيرته في آخر ايامه. توفي في العشر الاخير من رجب سنة احدى وثمانين وسبعمائة ودفن عند والده بتربة جده ابي عمر انتهى.

وقال فيها : محمد بن محمد بن عبد الله الحاسب الامام العالم موفق الدين تفقه في المذهب وحفظ فيه المقنع حفظا جيدا وكان يستحضره وله فضيلة. وكان من النجباء الاخيار. وعنده حياء وتواضع وهو سبط الشيخ صلاح الدين بن ابي عمر وكان يؤم بمدرسة شيخ

٢٦٥

الاسلام ابي عمر توفي يوم الاحد ثاني عشر صفر سنة اربع وثمانين وسبعمائة ، قال شيخنا تقي الدين ليلة بلغ الثلاثين انتهى.

وقال فيها ايضا : يوسف بن احمد بن العز ابراهيم بن عبد الله ابن الشيخ ابي عمر الشيخ الامام العالم جمال الدين ابو المحاسن المقدسي الاصل ثم الصالحي امام مدرسة جده ابي عمر. سمع من الحجار وغيره. قال الشيخ شهاب الدين بن حجي كان فاضلا جيد الذهن صحيح العلم وكان معروفا بذلك وكان مولعا بالفتوى بمسألة الطلاق على ما ذكره الشيخ تقي الدين بن تيمية ويسأل المناظرة عليها. وهو اخو شيخنا صلاح الدين راوي المسند توفي يوم الاحد ثامن عشر رمضان سنة ثمان وتسعين وستمائة وصلي عليه من الغد ودفن بمقبرة الشيخ ابي عمر انتهى.

[اوقاف العمرية وجراياتها]

وقال الجمال ابن المبرد : وقد اتسعت اوقاف هذه المدرسة وخيراتها وقل سنة من السنين تمضي الا ويصير اليها فيها وقف حتى صار من كل انواع البر لها.

فلها خبز يفرق فيها كل يوم. وليس ثم من المدارس ما يفرق فيها من الخبز اكثر منها فانه يفرق فيها كل يوم الف رغيف او نحو ذلك.

ولا يزال منزل فيها الخمسمائة ونحو ذلك وكان من عاداتها القديمة انهم يعملون طلما وارغفة كبارا. الواحد منها طلمة ونصف ، فاذا نزل الواحد ينزل اولا في الطلمة ، ثم ينقل الى الرغيف الكبير ، ثم الى الطلمتين ، وللشيخ الذي يقريء او يدرس ثلاثة وهو مستمر طول السنة.

٢٦٦

ولها امين يفرق الخبز وكاتب غيبة على من لم يحضر.

وفي ايام شيخنا أبي الحسن بن الدويليبي ولي مشيختها فكلم السلطان الاشرف في امرها فرتب لها على داريا كل سنة ستين غرارة من القمح زيادة على عشر البقاع وستة آلاف درهم زيادة للغنم في طعام رمضان ، ولذلك تقرأ الربعة بعد العصر في رمضان قبل التفرقة وتهدى لهذا السلطان ولمن كان السبب في ذلك.

وصار يطبخ لها في رمضان بلحم كل ليلة واعرف في ايام الشيخ عبد الرحمن بن داود وهو يفرغ لهم الاطعمة ما بين قمحية ، وحب رمان ولبنية وغير ذلك ثم بعده اقتصر على القمحية والعدس ليلة الجمعة.

ويطبخ لها ليلة العيد ثلاث اطعمة : هريسة ورز حلو وطعاما حامضا.

ولها اضحية في العيد الكبير وتعطى كل من هو منزل [بها] ومرة افتى القاضي ناصر الدين بن زريق ان تترك الاضحية ويفرق دراهم فقمت عليه في ذلك وقلت هذا لا يجوز لانه لو وقف على اضحية لم تجز الصدقة عنها بدراهم.

[ص ٧٩] وكان يطبخ لها جشيشه (١) في الشتاء.

ولها وقف على قمصان كل سنة لكل منزل فيها وقد رأيناه وهو مستمر ، وعلى سراويلات لكل منزل سروال سمعنا به ولم نره ، وعلى

__________________

(١) لغة في دشيشة ويقال لها جريشة والراجح انها حساء بجريش القمح.

٢٦٧

ابشات كل سنة لكل منزل بها بشت وقد رأيناه وهو مستمر ، وعلى فراء كل سنة لكل منزل بها فروة سمعنا به ولم نره.

وعلى ختان من لم يكن مختونا كل سنة وهو عام في سائر فقراء الصالحية وايتامها رأيناه ثم انقطع ووقف هؤلاء خارج عن وقف المدرسة.

ولها وقف لحلوى في موسم رجب ، وحلوى في نصف شعبان رأيناهما ثم انقطعت الثانية واستمرت الاولى ، وحلوى دهنية في كل شهر سمعنا بها ولم نرها ، ولها وقف زبيب وقضامة كل ليلة جمعة يفرق عليهم بها بعد قراءة ما تيسر رأيناه ووقفه دكاكين تحت القلعة خارج عنها ، وزبيب في السنة مرة تحت يد ابن عبد الرزاق خارج عن وقف المدرسة ايضا ولها حصر لبيوت المجاورين كل سنة وهي مستمرة ، وصابون لهم سمعنا به ولم نره ، وكعك سمعنا به ولم نره ، ومشبك بعسل في ليلة العشرين من رمضان وهو مستمر لكنه أخّر الى ليلة سبع وعشرين منه ، وكنافة ليلة العشر الاول منه وهي مستمرة لكنها اخرت الى ليلة النصف منه ، ولها وقف اطباق غسيل لغسيل الفقراء ، ودسوت لطبخهم ، ودسوت كبار في المطبخ للطعام العام ، ومسقاة في قطع النهر لها اباريق للوضوء ، وسخانة يسخن فيها الماء في سائر الشتاء والبرد لغسل من احتلم ، ثم صار يغتسل فيها غالب اهل الصالحية حتى ان الحمامات تكسد في ايامها. ولم يزل اهل الخير والاكابر والامراء والتجار يتفقدون اهلها بالمآثر.

* * *

[نظار العمرية]

ولما حضرت الشيخ واقفها الوفاة جعل النظر عليها لولده شرف

٢٦٨

الدين عبد الله وقد رأيت ذلك مثبتا في مكتوب ـ (واقول) انه صار الي ـ وجعل له ان يفوض ويسند ، واما ابنه عمر فانه مات في حياة ابيه فلم يكن له من ذلك شيء وانما صار لبني زريق وهم من ولد عمر ، انه يقال ان ابن قاضي الجبل تزوج منهم ففوض الى احدهم ثم دخلوا ثم انهم افسدوا فيها فسادا كبيرا فأخذها الشيخ عبد الرحمن بن داود واصلح امرها وثمر وقفها. ثم لما مات اخذها القاضي ناصر الدين بن زريق وكان ناقص العقل فاسد النية والبنية لانه اكل بلا در فافسد حالها وباع كثيرا من اوقافها ، وكانت نيته ارادة اتلافها مع مساعدة اخيه شهاب الدين احمد ، وقد نقل عنه في حقها كلمات رديئة ، وامور كفرية ، منها : قصدي اخرابها واضرب على بابها دفا ومسمارا ، وكان يقول للاتراك : انا عندي خمسمائة حرامي الى غير ذلك حتى كرهها الى الاتراك وغيرهم ، وتساعد هو وغيره حتى كبست وضرب اهلها بعد ان كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على كل احد. وكانت لهم حرمة قائمة بحيث انه اذا دخلها غريم لا يدخل احد من ذوي الشوكة يأخذه ولو كان النائب ، واذا جاء في نهرها قتيل غسل ودفن من غير مشاورة ، فكسرت حرمتها وفضح امرها وكان عضده في ذلك قاضي الحنابلة النجم بن مفلح.

ثم مات اخوه شهاب الدين احمد وصار الامر في نصيبه الى ولديه عبد الرحمن وعلي فجعلا الكلام على حصتهما للامير سودون الطويل فضبط امرها واصلح حالها مدة. ثم مات ومات القاضي ناصر الدين ، وقتل عبد الرحمن ، وصار الامر الى اخيه علي وابن عمر ابي بكر انتهى.

(قلت) ثم صار الامر بعد ابي بكر الى ابنه محمد مع ابن عمه علي ، ثم اشتكى مستحقوها عليهما لنائب الشام [ص ٨٠] الغزالي

٢٦٩

فأقام متكلما عليهما شربداره السيد؟ وهو الآن مستمر وقد اضمحل حالها في ايامه وصار لا يخبز لها الا في كل شهر مرتين او ثلاثا ، وقد تهدم غالب خلاويها والباقي لا يسكنها إلا الآكلون من تكية السلطان سليم بن عثمان ، فنسأل الله تعالى ان يصلح حالها ولا يضيعها.

* * *

[خصائص العمرية]

ومما ينقل في ترجمتها من الفضل : انها تنفي الخبث فلا تدع فيها مفسدا إلا نفته واخرجته وانه لا يدخلها احد الا بشفاعة ولا يخرج منها احد الا بذنب ، وانها لا تخلو من الصالحين ، ومنهم الشيخ ريحان ، والشيخ صفي الدين ، والشيخ شهاب الدين المصري ، والشيخ شمس الدين اللبيني ، والشيخ امين الدين بن الكركري وجماعات كثيرة من اشياخ اشياخها.

قال الجمال ابن المبرد وقد اخبرني الشيخ زيد الجراعي قال : جاء رجل مرة الى عندي بهذه المدرسة فذهبنا به الى الناظر ليصرف له خبزا فأبى وكان بها في تلك الايام شرور. قال ثم ان الناظر اصرف له خبزا فأبى ان يقبله واقام مدة حتى حفظ القرآن. قال فقال لي في بعض الايام يا شيخ تدري ما قصتي؟ قلت له لا. قال : انا من البلاد الفلانية وذكر بلادا بعيدة حدثتني نفسي انه لم يبق في الدنيا احد من الصالحين قال ونحن نسمع بهذه المدرسة فقلت ان كان بقي في الدنيا احد من الصالحين فهو بها قال فلما اتيت اليها ووجدت هذه الشرور قلت لنفسي انت رحلت لاجل الصالحين فلم تجد احدا منهم فو الله لا اطعم (١).

من المدرسة شيئا قال : فأقمت مدة ثم نزلت يوم الجمعة الى الجامع

__________________

(١) في الاصل : لا اطعمل.

٢٧٠

الاموي لأصلي الجمعة ، قال فلما فرغت من الصلاة وظهرت الى صحن الجامع واذا رجل يقول يا فلان لاسمي فقلت لنفسي وكم بهذا الصحن اسمه باسمك فقال يا فلان ابن فلان باسم ابي فقلت يمكن ان يكون رجل باسمي ، واسم ابيه باسم ابي ، فقال يا فلان ابن فلان الفلاني لشهرة اعرف بها فجئت واذا رجل واقف فقبض كتفي او قال اخذ بطوقي وهزني وقال يا مسكين لو خلت من الصالحين لخسف بها. عندك منهم في الصالحية ستة ، وفي المدرسة ثلاثة وفي ضواحي الصالحية ثلاثة وارسلني فاغمي علي وسقطت الى الارض فلما أفقت لم أره فأقام مدة ثم ذهب.

ومما يلغز في المدرسة ان يقال لنا مدرسة بركتها طول يوم. وهي هذه فان نهر يزيد بها طوله يوم فأكثر.

* * *

[وصف العمرية]

وتشتمل هذه المدرسة على حرم مركب على قبو على نهر المذكور معزبة واحدة وهي جملون له شباكان قبليان مطلان على زقاق ضيق وآخر غربي مطل على شارع باب المدرسة الكبير ، وقدام هذا الشباك من الشرق باب المقصورة المعدة لقراءة القرآن في الليل ، وله ثلاثة ابواب شمالية اوسطها كبير ، والى جانبي البابين الصغيرين من جهة الغرب والشرق خزانتان بالحائط فيهما المصاحف المعدة للحلقتين قدامهما.

وفيهما باشوشان يشعلان بعد صلاة الصبح الى طلوع الشمس بعد صف المصاحف المذكورة على كراسي حولهما ، وقدام الباب الكبير والذي يليه من جهة الشرق ايوان متصل الى باب آخر للمقصورة

٢٧١

المذكورة وقدام الباب الصغير [الغربي] فسحة بها بير ماء [ص ٨١] معلق عليه صطل من نحاس للشرب ، وبها باب المدرسة الكبير المركب عليه الساباط ، وهذا الساباط واصل الى طرف حيط المدرسة غربا وقبلة وعلى حائط الميضأة الغربي جميعه وعلى بابها وباب هذا الساباط من سلم في هذه الساحة وهو طبقتان السفلى مشهورة بحارة العميان وبطرفها القبلي ثلاث طاقات اوسط [ه] ن كبرى مطلة على حرم المدرسة والعليا مشهورة بحارة البقاعيين ، وقدام الايوان المذكور صحن المدرسة وقبالته من الشمال ايوان الحنفية ، وبه يفرق الخبز ، وهو مشهور به ، وهو لطيف ، واما ذاك الايوان فانه كبير وهو مشهور بايوان السبع وبه قراء مرتبون يصرف عليهم من وقف الشيخ حسن ، وبهذا الوقف دراهم تفرق عامة على كل مستحقي المدرسة ، وشرقي هذا الصحن صحن الزيادة في المدرسة المذكورة ، وبينهما المئذنة ودائر هذين الصحنين ثلاث طباق من الخلاوي : دنيا ، ووسطى ، وعليا ، وكل منهم يشتمل على خلاوي كثيرة ، وصحن هذه الزيادة مبلط بحجر اسود ومزي ، والصحن الاصلي كان من لاطون ففي ايامنا جعله القاضي علاء الدين المرداوي اسوة صحن الزيادة وفي قبلة هذه الزيادة فسحة يصلى فيها المغرب والعشاء في ايام الصيف ، وبطرفيها الغربي والشرقي سلمان يهبطان في النهر وقبالة السلمى (١) الغربي صفة يفرق بها اللحم في رمضان يطل عليها ثلاثة شبابيك للمقصورة من خشب وكان يحصل بها الخير لان سقفها كان قصير [ا] فكانت معتمة ، وفي عصرنا فكت الخلاوي فوقها وعليت ، ولهذه الصفة شباك لطيف مطل على طريق ضيق وهو الطريق المطل عليه شباكا الحرم ، وبهذا الطريق مطبخ المدرسة ، وميضأتها الكبرى ولصيق هذه الصفة الممر الى الباب ، وهذه الصفة وهذا الممر مركبان على النهر وقبالتهما ايوان

__________________

(١) كذا في الاصل والظاهر ان يكون : السلم.

٢٧٢

متسع نافذ الى المدرسة الجديدة ، وفي الحائط القبلي للنهر شباك كبير ، وفي الايوان المتسع ثلاثة ، وهذه الاربع شبابيك مطلة ايضا على الطريق الضيق والشرقيان منهم قبالة المدرسة الجديدة ولصيق هذا الايوان المتسع الممر الى هذه المدرسة الجديدة ، وقبالته باب بيت الخلاء الصغير وبه السخانة ، وبصحنها بير ماء وسقاية معطلة ، ودايرها خلاوي ثلاث طبقات : سفلى ووسطى وعليا ، وكل منها يشتمل على خلاوي كثير ، وبشمالها ايوان عال فوق الطبقة السفلى من الخلاوي مركب على ثلاث منها ، وفي العليا ممر من جهة القبلة ينفذ الى الخلاوي بالزيادة والى خلاوي مركبة فوق سقف النهر الاعلى ، ويقال للخلاوي تلك حارة المرادوة (١).

[عدد خلوات العمرية]

ويقال ان عدة ما في هذه المدرسة العتيقة والزيادة الجديدة ثلاثمائة وستون خلوة ، وقد تعطل منها في ايامنا خلاوي كثيرة ، ويقال انه رؤي الشيخ في النوم فقيل له ايما افضل الجامع او المدرسة؟ فقال الصلاة في الجامع افضل والدعاء في المدرسة مستجاب.

* * *

[خزائن كتب العمرية]

وبهذه المدرسة (٢) عدة خزائن للكتب الموقوفة من عدة اناس

__________________

(١) نسبة الى مردا قرية في جبل نابلس.

(٢) هذه المدرسة لا تزال تحتفظ بهيئتها في الطابق الارضي وقد تهدمت بقية الطوابق التي فيها. وتعتبر هذه المدرسة اعظم مدرسة في دمشق واقدم مدرسة في الصالحية واول بناية انشئت فيها. وهي الان بحالة سيئة جدا. وحوالي سنة ١٩٤٢ اجرى المهندس الاثري المسيو أبكوشار بعض ترميمات وتدعيمات لاقسام منها كانت اخذة في الانهيار

٢٧٣

اعظمها كتب السيد الحسيني ، ومنها كتب الشيخ قوام الدين الحنفي ، ومنها كتب الشمس البانياسي ، ومنها كتب المحدث جمال الدين بن [ص ٨٢] عبد الهادي ، ومنها كتب شهاب الدين بن منصور ومنها كتب صاحبنا البدري ديوان الجيش ، وفي هذه الكتب مصحف بخط الامام علي بن ابي طالب رضي‌الله‌عنه.

الباب السادس عشر

في الخوانق التي للصوفية بالصالحية

[الخانقاه الباسطية]

منها الخانقاه الباسطية بالجسر الابيض غربي المدرسة الاسعردية المذكورة في دور القرآن ، وشمالي الخانقاه العزية الآتية.

[منشيء الباسطية]

انشأها القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل ناظر الجيوش الاسلامية والخوانق والكسوة الشريفة.

وكانت هذه الخانقاه دارا له فلما نزل السلطان الملك الاشرف برسباي الى آمد سنة ست وثلاثين وثمانمائة خاف من نزول العسكر بها فجدد لها محرابا واوقفها ، ثم اجتمع بهذا السلطان وعظم شأنه

__________________

وفي سنة ١٩٤٥ جمع النائب الدمشقي فخري البارودي (٦٥٠٠) ليرة سورية من اهل الخير ورمم من هذه المدرسة اثنتين وعشرين غرفة جعلها صالحة للسكن ليسكن فيها الاحداث المتشردين. ويسكنها الان بعض المهاجرين من اسكندرونة. ولا تزال عيون الجهل متجهة نحوها تريد القضاء عليها واعدامها من الوجود ، انظر موضعها في مخطط الصالحية.

٢٧٤

عنده وصار الحل والعقد بيده ولا يبرم الاشرف المذكور امرا الا برأيه وشرع في عمارة بلاد السلطان فزاد متحصلها بذلك.

وكان سعيد الحركات لم يصل احد من المباشرين الى ما وصل اليه عمر المدارس بالحرمين والقدس و [في] مصر على باب داره ، وبدمشق بالصالحية ووقف على ذلك كله أوقافا حسنة جيدة.

ورتب في الركبين للوفدين المصري والشامي السحابتين وما يحتاجان اليه من الجمال والرجال وغير ذلك ، وهما خيمتان كبيرتان على صفة الجملون برسم الفقراء والمساكين ، ورتب ايضا لكل سحابة خمسة وعشرين قنطارا من البقسماط وما يكفيهما من احمال الماء جزاه الله خيرا.

وتقرر مملوكه جاني بك دواداره في استادارية السلطان واوصى قبل وفاته الى جماعة منهم مملوكه المذكور ومملوكه الآخر ارغون ، واسند النظر عليهما في تركته الى ناظر الجيوش الاسلامية محب الدين ابن الاشقر والى الامير جاني بك الجركسي وتوفي في ثاني شوال سنة اربع وخمسين وثمانمائة وقد قارب الستين سنة وصلي عليه بدمشق صلاة الغائبة وكان والده عاقلا مداريا وغبطه السلطان بقرية جسرين من الغوطة ووالدته جركسية وخلف ولدين ذكرين ابو بكر وعثمان وابنتين احداهما زوجة ابراهيم بن منجك والاخرى تزوج بها السلطان وطلب السلطان جقمق من اولاده (١) مائة الف دينار ، وصارت وظائفه بدمشق لناظر الجيش بدر الدين حسن بن [ال] مزلق.

[ولي الدين السقطي]

وتوفي معه في هذا العام من الاعيان بمصر القاضي ولي الدين

__________________

(١) كذا في الاصل ، وفي تنبيه الطالب : تزوج بها السلطان جقمق وطلب السلطان من اولاده.

٢٧٥

السقطي الشافعي ، توفي في ذي الحجة وصلي عليه بدمشق بالنية (١) صلاة الغائبة ، والعالم الفاضل نائب الحكم بدمشق شهاب الدين احمد ابن عربشاه الحنفي توفي بمصر.

[مشايخ الباسطية]

[برهان الدين الباعوني]

وأول من ولي مشيخة هذه الخانقاه قاضي القضاة برهان الدين الباعوني وهو ابراهيم بن احمد بن ناصر بن خليفة بن فرج بن عبد الله ابن عبد الرحمن الباعوني الناصري الدمشقي الصالحي قاضي القضاة برهان الدين ولد سنة سبع وسبعين وسبعمائة كما اخبر به او سنة ست وسبعين بصفد ، وسمع على الحافظين العراقي والهيثمي المسلسل بالاولية وغيره وعلى ابيه [الجزء] الثالث من فوائد اسماعيل الاخشيد وعلى الشمس بن اليسر المؤدب بالمسجد الاقصى الاربعين الصوفية لابي نعيم ، وعلى التقي صالح القدسي مشيخة قاضي المارستان تخريج ابن السمعاني ، وعلى عائشة بنت عبد الهادي البخاري بفوت (٢) واجاز له ابو الخير العلائي ، [ص ٨٣] ولازم شيخ الاسلام البلقيني سنة ، واشتغل كثيرا ، واخذ الفقه ايضا عن الشرف الغزي والنور الابياري والكمال الدميري ومهر فيه وفي الادب وغيرهما ، وله الخط الحسن ، وناب في القضاء عن والده مدة ، وولي خطابة الجامع الاموي على وظيفة قضاء الشافعية بدمشق فلم يقبل الى ان توفي ففوضت لاخيه جمال الدين يوسف وله ديوان خطب وديوان شعر واختصر صحاح الجوهري اختصارا حسنا وله قدرة على الانشاء. وقد جمع غالب ما أنشأه في مجلد

__________________

(١) كذا في الاصل ، ولفظة «بالنية» لا وجود لها في تنبية الطالب : النسخة المونيخية.

(٢) اي لم يسمع صحيح البخاري باجمعه بل فاته بعض ابوابه.

٢٧٦

حافل سبطه الكمال بن الخطيب توفي في رابع عشرين ربيع الاول سنة سبعين وثمانمائة بدمشق ودفن بسفح قاسيون (١).

ثم ولي مشيختها تلميذه شيخنا العلامة شهاب الدين بن شكم ، ثم تلميذه اخونا الشيخ نجم الدين محمد ، ثم اضمحل حالها بعده ، وفي آخر الامر سكنها شيخنا العلامة شمس الدين بن رمضان الحنفي ورام لم شعثها فلم تمهله المنية ، وتوفي بها ، والى الآن تجتمع الصوفية فيها بعد العصر ويقرؤون ما تيسر من القرآن.

* * *

[وصف الباسطية]

وهذه المدرسة (٢) تشتمل على ايوان قبلي به شباكان مطلان على الطريق الآخذ من الجسر الابيض الى النيرب تحتهما جرن ماء للسبيل وقد سد اوطم الجرن في هذه الايام ، وسبب ذلك الفتنة الدوادارية ، وبغربي هذا الايوان وشرقيه قبتان (٣) عظيمتان وقبالة هذا الايوان

__________________

(١) ترجمة السخاوي في الضوء اللامع «١ / ٢٦» فاطنب في ترجمته ومدحه وقال انه اجتمع به بالباسطية وقرأ عليه وذكر : انه تولى مشيخة الخانقاه الباسطية عند الجسر الابيض من صالحية دمشق ، وحكى لي في ذلك غريبا : وهو انه دخل على واقفها في قدمة قدمها قبل ظهور تقريره اياها مدرسة للتهنئة بقدومه فاعجبته وقال في نفسه انه لا يتهيأ له سكنى مثلها الا في الجنة. فلما انفصل من السلام عليه لم يصل الى بابها الا وبعض جماعة القاضي قد تبعه فاخبره ان القاضي تحدث وهو في الطريق يعملها مدرسة وقرره في مشيختها.

(٢) كذا في الاصل مع ان الكلام عليها باعتبارها خانقاها لا مدرسة ، وقد درست هذه الخانقاه وترى مكانها في مخطط الصالحية.

(٣) كذا في الاصل ، والظاهر ان يكون الصواب : قاعتان كما مر في المدرسة الصاحبة. وفي مدينة الموصل سمعت بعض الناس يطلق لفظة القبة على الغرفة والحجرة.

٢٧٧

مربع معظم بطشتية (١) وثلاثة شبابيك مطلة على صفة قمرية ، وبابه من جهة الغرب ، وقبالة شباك لقبة به ، وبين هذا المربع وهذا الايوان صحن المدرسة وبه بركة ماء معظمه بنوافير ومن غربيها وشرقيها حوضان للزراعة ، وغربي هذه المدرسة عدة خلاوي وقد تهدمت ، وقبالتها من جهة الشرق قاعة للشيخ وبيت الخلاء ، ومن ثم الدهليز الواصل الى الباب الخارج ، وعلى اعلاه مكتب للايتام تهدم ، وغالب محاسن هذه الخانقاه زال.

* * *

[الخانقاه الحسامية]

ومنها الخانقاه الحسامية شمالي المدرسة الشبلية البرانية عند جسر كحيل ، قال ابن شداد منسوبة لام حسام الدين عمر بن لاجين وهي ست الشام اخت السلطان الملك الناصر خارج دمشق بالشرف القبلي انتهى وقوله بالشرف القبلي خطأ وصوابه ما قدمناه (٢).

[حسام الدين لاجين]

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وثمانين وخمسمائة الامير حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين وامه ست الشام بنت ايوب واقفة الشاميتين بدمشق في ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان ففجع السلطان

__________________

(١) أي فيه بركة ماء على هيئة طشت «طست».

(٢) خطأ المؤلف ابن شداد تبعا للنعيمي في تنبيه الطالب ولكن الصواب هو ما قاله ابن شداد وقد اعترف النعيمي في (تنبيه الطالب ١ / ٣٤٠) بانها في الشرف القبلي ، اما التي شمالي الشبلية فهي الخانقاه الشبلية الحسامية راجع (ص ١٩٤) من هذا الكتاب «القلائد الجوهرية».

٢٧٨

بابن اخيه يعني تقي الدين عمر بن شاهنشاه صاحب المدرسة التقوية وبابن اخته في ليلة واحدة ، فقد كانا له من اكابر الاعوان وأعز الإخوان ودفن حسام الدين بالتربة الحسامية وهي التي أنشأتها أمه بمحلة العوينة وهي الشامية البرانية انتهى.

وقال الصفدي : محمد بن عمر بن لاجين بن اخت السلطان صلاح الدين الامير حسام الدين توفي في الليلة التي توفي فيها صاحب حماة تقي الدين المظفر في سنة سبع وثمانين وخمسمائة وحزن السلطان عليهما ودفن حسام الدين في التربة الحسامية المنسوبة اليه من بناء والدته ست الشام كان صاحب نابلس وكان شجاعا مقداما جوادا ، توفي بدمشق في رمضان منها انتهى.

وقال الاسدي في سنة سبع وثمانين وخمسمائة : محمد بن عمر ابن لاجين حسام الدين بن ست الشام كان صاحب نابلس وكان شجاعا مقداما جوادا توفي بدمشق في رمضان في الليلة التي مات فيها تقي الدين عمر ففجع السلطان صلاح الدين بابن اخيه [ص ٨٤] وابن اخته ودفن بتربة أمه بالشامية بالقبر الاوسط على والدته انتهى.

[نعمان الحنفي]

وولي مشيختها شرف الدين نعمان ابن الشيخ فخر الدين فخر [كذا] ابن جمال الدين يوسف الحنفي.

قال الاسدي في شعبان سنة عشرين من ذيله لتاريخ شيخه : مولده سنة ثلاث واربعين وسبعمائة هكذا اخبر به وانا اسمع. وكان والده من اهل العلم فأخذ عنه ، وقدم دمشق وسكن المدرسة النورية ثم بعد الفتنة ولي مشيخة الخانقاه الحسامية وسكنها وتزوج بعد الفتنة. وكان قد

٢٧٩

تكلم فيه بسبب العزوبية ودرس بالمدرسة العزية ال [برانية](١) وتصدر بالجامع الاموي للاشغال وولي الخدامة بالخانقاه السميساطية في سنة خمس عشرة ، وكان له مشاركة في النحو والاصول وبعض العلوم العقلية ، لكنه قاصر في الفقه ، وكان كذلك في الفتاوى ، توفي يوم الاربعاء عاشر الشهر بالمارستان النوري عن سبع وسبعين سنة وصلي عليه بالجامع الاموي ودفن بمقابر الصوفية وحضر جنازته القاضي الحنفي وبعض الفقهاء [وولي] عوضه في مشيخة الحسامية وبعض التصدير وغير ذلك ابن عوض بنزول قديم كان معه ونصف تدريس العزية ونصف [الخدمة] والامامة بالخانقاه وهو الذي كان بيد شهاب الدين بن الفصيح وليس باهل للتدريس بوجه من الوجوه انتهى.

* * *

[وصف الحسامية]

وهذه الخانقاه هيئتها هيئة قاعة صغيرة مفصصة كانت سكن قاضي الحنفية حسام الدين بن العماد الحنفي ثم من بعده ولده جلال الدين ثم خربت لخراب المحلة (٢).

__________________

(١) الصقت ورقة على طرف (ص ٨٤) من الاصل حجبت بعض الكلمات والحروف فاستدركنا ما ذهب منها من كتاب تنبيه الطالب وجعلناه بين هذين الخطين [].

(٢) أي محلة الشبلية وقد اثبتنا موضع هذه المحلة والخانقاه في مخطط الصالحية. وهذا الوصف هو للخانقاه الحسامية الشبلية التي في الصالحية شمالي المدرسة الشبلية لا للخانقاه الحسامية التي كانت في الشرف القبلي.

وقد ترجم النعيمي في تنبيه الطالب (ص ٣٢١) من النسخة المونيخية للخانقاه الشبلية نثبتها هنا تتميما للفائدة ولان الوصف الذي ذكره المؤلف هو لها :

٢٨٠