القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

أفرج عنها وتزوجها الأشرف صاحب حمص وسافرت معه الى الرحبة وتل ناشر ، ثم توفيت في سنة ثلاث وخمسين وستمائة ، ووجد لها بدمشق ذخائر وجواهر نفيسة تقارب ستمائة الف درهم غير الأملاك والأوقاف انتهى ذكر ذلك في سنة ثلاث واربعين وستمائة.

[محمد ابن هامل]

وقال الصفدي في المحمدين من تاريخه : ابن هامل المحدث محمد بن عبد المنعم ابن عماد (١) بن هامل المحدث شمس الدين عبد الله الحراني سمع ابن الزبيدي وابن اللتي والاربلي والهمداني وابن رواح والسخاوي والقطيعي وعمر بن كرم [ص ٢٩] وجماعة بديار مصر وعني بالحديث عناية كلية وكتب الكثير وتعب وحصل روى عنه ابن الخباز والدمياطي وابن ابي الفتح وابن العطار ، توفي في شهر رمضان سنة احدى وسبعين وستمائة (٢) ووقف اجزاءه بالضيائية وكان شيخ الحديث بالعالمة انتهى.

وقال ابن مفلح في طبقاته : يوسف بن ابي زكريا يحيى بن الناصح عبد الرحمن ابن الحنبلي الشيرازي الأصل ثم الصالحي من بيت مشهور بالعلماء والفضلاء.

قال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة : هو الشيخ الاصيل المدرس المعبر شمس الدين ابو المحاسن وابو المظفر ، حضر على والده وسمع من ابن ابي عمر وابن البخاري وابن المجاور ، وولي

__________________

(١) كذا في الاصل وفي تنبيه الطالب وشذرات الذهب (٥ / ٣٤٤) عمار.

(٢) في الاصل وتنبيه الطالب : وسبع مئة وهي خطأ والتصحيح من شذرات الذهب.

١٤١

مشيخة العالمة ، والنظر عليها ، وعلى الصاحبة ، ودرس بهما ، وسمع منه ابن رافع والمقري ابن رجب والحسيني ، توفي يوم الجمعة سادس شعبان سنة احدى وخمسين وسبعمائة بالصالحية ، وصلي عليه عقب الجمعة بالجامع المظفري ودفن بسفح قاسيون انتهى.

[درس مدرسة العالمة]

وقال شيخنا الجمال بن عبد الهادي : وبها درس وقد درس به شيخنا تقي الدين بن قندس انتهى.

وكانت هذه المدرسة سكن الشهاب بن المحب قال ابن حجر :

محمد بن علي بن عبد الله اليمني توفي يوم الثلاثاء ثاني المحرم سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمنزل شهاب الدين بن المحب بالمدرسة العالمة وكان صاحبه انتهى.

[أوقاف مدرسة العالمة]

والوقف عليها البستان بجسر البط (١) والغيطة ، وحكر ابن صبح عند الشامية البرانية.

وكان القاضي برهان الدين بن مفلح المتكلم عليها يزعم انها محصورة في عشرين من أعيان الطلبة والله أعلم.

وقد آلت في أيامنا الى الخراب ولم نرها قط مفتوحة غير ان الشيخ علي بن ميمون المغربي (٢) المسلك لما سكن تلك المحلة أسكن فقراءه بخلاويها العامرة (٣) والله يحسن الحال.

__________________

(١) هو جسر قديم كان جهة مسجد الشهداء بطريق الصالحية.

(٢) راجع ترجمته في الكواكب السائرة (١ / ٢٧١).

(٣) دثرت هذه المدرسة ولم يبق من آثارها شيء.

١٤٢

[دار الحديث القلانسية]

ومنها دار الحديث القلانسية على حافة نهر يزيد ، غربي مدرسة ابي عمر وشمالي جامع الأتابكي ابن مبارك بالقرب من القاهرية يفصل بينهما الطريق ، وتعرف الآن بالخانقاه ، وعلى ذلك مشى الجمال بن عبد الهادي في فضائل الصالحية.

[حمزة القلانسي]

أنشأها الصاحب عز الدين ابو يعلى حمزة بن مؤيد الدين ابي المعالي اسعد بن عز الدين بن غالب بن المظفر بن الوزير مؤيد الدين ابي المعالي اسعد بن يعلى حمزة بن اسد بن علي بن حمزة التميمي الدمشقي ابن القلانسي احد رؤساء دمشق الكبار ولد سنة تسع واربعين وستمائة وسمع الحديث من جماعة ورواه.

قال ابن كثير في سنة تسع (١) وعشرين وسبعمائة : وسمعنا عليه وله رياسة باذخة واصالة كثيرة وأملاك هائلة كافية لما يحتاج اليه من أمور الدنيا ولم تزل مع صناعة الوظايف الى ان الزم بوكالة بيت السلطان ثم بالوزارة في سنة ست عشرة ، ثم عزل وقد صودر في بعض الأحيان ، وكانت له مكارم على الخواص والكبار ، وله احسان على الفقراء والمحتاجين ، ولم يزل معظما وجيها عند الدولة من النواب والملوك والأمراء وغيرهم الى ان توفي ببستانه ليلة السبت سادس ذي الحجة وصلي عليه من الغد ودفن بتربته بسفح قاسيون وله في الصالحية رباط حسن بمئذنة وفيه دار حديث وبر وصدقة انتهى.

وقال الذهبي في العبر : ومات الصاحب الأمجد رئيس الشام عز

__________________

(١) في الاصل سبع وهي خطأ.

١٤٣

الدين حمزة بن المؤيد بن القلانسي الدمشقي في ذي الحجة يعني من سنة تسع وعشرين وسبعمائة عن ثمانين سنة واشهر وكان محتشما معظما متنعما على الوزارة وغيرها وروى عن البرهان وابن عبد الدائم انتهى.

ولم أقف على أحد ممن ولي مشيختها.

* * *

[وصف القلانسية]

وهي موضع حسن يشتمل على مصلى بثلاثة شبابيك أوسطها [ص ٣٠] كبير جدا مطلة على النهر المذكور ، ويدخل اليه من باب غربيه ، يسلك اليه على جسر على النهر ، ولصيق هذا الباب يصعد منه الى مئذنة ، ولها باب آخر من القبلة بالزقاق شمالي باب بيت ابن عبادة ، وشمالي هذه الشبابيك ساحة مبلطة بمزي ومعذري على حافة النهر يتنفع بها الناس كثيرا ، يتوصل اليها والى الجسر المذكور في سلم حجر طويل باعلاه فسحة بها الباب الخارج لهذه الدار ، وشمالي هذه الفسحة سلم آخر يهبط منه الى بيت الخلاء وهو وان كان فوق النهر لكنه بماء كثير ، وبينه وبين تلك الساحة المبلطة بالمزي والمعذري جنينة بشرقيها طريق يتوصل من كل منهما الى الآخر أسفل السلمين ، وشمالي هذه الدار رباط للنساء كان قبل الفتنة الدوادارية عامرا ثم تعطل (١).

__________________

(١) خربت هذه المدرسة حتى لم يبق من آثارها شيء فجددها المرحوم السيد اسماعيل التكريتي الآن بجامع التكريتي وهي شرقي جامع الشيخ محيي الدين وعلى مقربة منه ومن القاهرية التي شرقيها

١٤٤

[دار الحديث النظامية]

ومنها دار الحديث النظامية ، شرقي الصالحية ، وقبلي حمام العلاني ، يفصل بينهما طريق دخلة غير نافذة (١).

[نظام الدين عمر]

أنشأها قاضي القضاة نظام الدين ابو حفص عمر ، ابن قاضي القضاة تقي الدين ابراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج بن عبد الله الراميني المقدسي الأصل الصالحي الحنبلي ولد بالصالحية سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة وحضر على الحافظ شمس الدين ابي بكر محمد بن الحافظ المحب أبي محمد عبد الله بن احمد بن المحب الصامت مشيخة المطعم عنه والمنتخب من مسند الحارث بن ابي اسامة وغيرهما وذكر أنه سمع من لفظه البخاري ومن رسلان الذهبي صحيح مسلم بقراءة والده وأخذ شيئا من الادب من علي بن ايبك ، وسمع من قاضي حماة احمد بن عبد الرحمن المرداوي الأربعين المخرجة له تخريج الحافظ الشمس الصامت وذيلها ، وحضر عند السراج البلقيني

__________________

وعلى بابها رخامة كتب عليها أبيات تحوي تاريخ تجديدها ثم تاريخ وفاة مجددها وهي

مدرسة ذي عمرت

من بعد ما قد دثرت

أنعم باسماعيل من

شيدها فبهرت

ابن علي التكريتي من

يؤجر ما قد بقيت

شاد لأن يبقى له

اجر هدى أن نفعت

تاريخ تجديدها :

أعطاه ربي أرخوا

أجرا ببره ثبت ١٣١٦

تاريخ وفاة مجددها :

دعي فأرخ الذي

حبي بجنة علت ١٣٢١

 (١) الذي ترجح لدي ان هذه المدرسة والحمام كانتا في الطريق الذي شمالي المدرسة الشبلية الموصل من جهة الشرق الى حي الاكراد ومن جهة الغرب الي مسجد الشيخ عبد الغني النابلسي.

القلائد الجوهرية م ـ ١٠

١٤٥

والصدر المناوي وغيرهما ، وتفقه بوالده وغيره ، وناب في القضاء مدة عن والده ثم ولي قضاء غزة وهو أول قاض حنبلي ولي بها ، ثم عزل ، ثم ناب في دمشق مدة عن ابن عبادة وغيره ، ثم ولي قضاء القضاة بدمشق عن ابن الحبال ، ثم عزل بعز الدين الحنبلي ، ثم أعيد ثم عزل به ثم أعيد ثم عزل ببرهان الدين بن مفلح ثم أعيد ثم عزل به واستمر الى ان مات سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة ودفن بالروضة بسفح قاسيون رحمه‌الله.

[المدرسون بالنظامية]

وهو أول من باشر مشيخة دار الحديث هذه ثم وليها شيخنا القاضي علاء الدين علي بن البهاء البغدادي الحنبلي.

* * *

[وصف النظامية]

وهي لطيفة تشتمل على ايوان المحراب وبه ايوان غربي به شباك مطل على الطريق الآخذ الى الشبلية ، وشمالي ايوان المحراب ايوان لطيف بينهما بركة ماء ، وعن شرقيها رواق بشعيرة معد للنساء ، وقبالته خلوة لها شباك مطل على الطريق المذكور أيضا ، واعلى كتاب للايتام ، ولصيقها الى جهة القبلة دهليز آخذ الى باب الزقاق ، وتجاهه بيت الخلاء وجرن ماء قديم.

* * *

[دار الحديث الناصرية]

ومنها دار الحديث الناصرية وبها رباط أيضا بمحلة الفواخير قبلي جامع الافرم بسفح قاسيون ويقال لها الناصرية البرانية والتي داخل دمشق الجوانية.

١٤٦

وكلاهما انشاء الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر عز الدين غازي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي وصلاح الدين جده هو فاتح بيت المقدس.

[الملك الناصر]

قال ابن كثير في سنة عشر وستمائة لما ذكر [ص ٣١] الملك العزيز وهو والد الملك الناصر صاحب دمشق واقف الناصريتين انتهى.

وكان مولد الناصر هذا بحلب في سنة سبع وعشرين وستمائة ، ولما توفي أبوه في سنة اربع وثلاثين بويع بالسلطنة بحلب وعمره سبع سنين ، وقام بتدبير مملكته جماعة من مماليك أبيه العزيز وكبيرهم الشمس لولو ، وكان الأمر كله عن رأي جدته ام ابيه صفية خاتون ابنة الملك العادل ابي بكر بن ايوب ، ولهذا سكت الملك الكامل لانها اخته ، فلما توفيت سنة [اربعين] اشتد الناصر واشتغل عنه الكامل بعمه الصالح ، ثم فتح عسكره له حمص (١) سنة ست واربعين [ثم ملك دمشق سنة ثمان واربعين] فوليها عشر سنين. وفي سنة اثنتين وخمسين دخل بابنة السلطان علاء الدين صاحب الروم وهي بنت [خالة] ابيه العزيز وكان حليما جوادا موطأ الاكناف حسن الاخلاق حسن السيرة في الرعايا محببا اليهم كثير النفقات ولا سيما لمّا ملك دمشق مع حلب. فيه عدل في الجملة وقلة جور وصفح ، وكان الناس معه في ب [ل] هنية من العيش لكن مع ادارة الخمر والفواحش ، وكان للشعر دولة بايامه ويجيز عليه ، ومجلسه مجلس ندماء وأدباء ، خدع وعمل عليه حتى وقع [في] قبضة التتار فذهبوا به الى هلاكو فأكرمه فلما

__________________

(١) الذي في البداية (٣ / ١٧٤) ان الناصر قايض تل باشر بحمص.

١٤٧

بلغه كسر جيشه على عين جالوت غضب وتنمر وأمر بقتله فتذلل له وقال ما ذنبي فأمسك عن قتله بلغه كسر بيدرا على حمص استشاط غضبا وأمر بقتله وقتل شقيقه الملك الظاهر عليا فقتلا.

قال الذهبي في العبر في سنة تسع وخمسين وستمائة وقيل بل قتله في الخامس والعشرين من شوال عام ثمان ودفن بالشرق وقد كان اعد له تربة برباطه الذي بناه بسفح قاسيون فلم يقدر دفنه به وكان شابا ابيض مليحا حسن الشكل بعينه قبل.

قال ابن كثير في سنة اربع وخمسين وفيها أمر الناصر بعمارة الرباط الناصري بسفح قاسيون وذلك عقيب فراغ الناصرية الجوانية بدمشق ، وهذه الناصرية البرانية طلعت من اغرب الامكنة في البنيان الموكل والجوانية من احسن المدارس وهو الذي بنى الخان الكبير تجاه الزنجاري وحول اليه دار الاطعمة وقد كانت قبل ذلك غربي القلعة في اسطبل السلطان اليوم وكانت مدة تملكه لدمشق عشر سنين فبنى بها هذه الأمكنة رحمه‌الله تعالى.

[المدرسون بالناصرية ـ جمال الدين الشريشي]

وقال ابن كثير أيضا في سنة خمس وثمانين وستمائة وممن توفي بها الشيخ الامام العالم البارع جمال الدين ابو بكر محمد بن احمد ابن محمد بن عبد الله بن سحبان البكري الشريشي المالكي ولد بشريش سنة احدى وستمائة ، ورحل الى العراق فسمع بها الحديث من المشايخ كالقطيعي وابن روزبة وابن اللتي وغيرهم ، واشتغل وحصل وساد اهل زمانه ثم عاد الى مصر فدرس بالفاضلية ثم اقام بالقدس شيخ الحرم ، ثم جاء الى دمشق فولي مشيخة الحديث بتربة ام الصالح ومشيخة الرباط الناصري بقاسيون ، ودفن بسفحه تجاه الناصرية هذه ، ولي مشيخة المالكية ، وعرض عليه القضاء فلم يقبل

١٤٨

توفي يوم الاثنين الرابع والعشرين من رجب بالرباط المذكور وخرجت له جنازه [ص ٣٢] حافلة جدا انتهى.

[كمال الدين الشريشي]

وقال ابن كثير أيضا في الوفيات من تاريخه في سنة ثمان عشرة وسبعمائة والشيخ الامام العلامة كمال الدين ابو العباس احمد بن الامام العلامة جمال الدين ابي بكر محمد بن احمد بن محمد بن عبد الله بن سحبان البكري الوائلي الشهير بابن الشريشي ، ميلاده في رمضان سنة ثلاث وخمسين وستمائة كان ابوه مالكيا فاشتغل هو في مذهب الشافعي فبرع وحصل علوما كثيرة وكان خبيرا بالكتابة مع ذلك ، وسمع الحديث ، ورحل وكتب الطباق بنفسه ، وحدث عن النجيب وغيره ، وأفتى ودرس وناظر وباشر عدة تداريس ومناصب ، فكان اول ما باشر مشيخة الحديث بتربة ام الصالح بعد والده في سنة خمس وثمانين وستمائة الى ان توفي ، وناب في الحكم عن ابن جماعة ثم تركه ، وولي وكالة بيت المال وقضاء العسكر ونظر الجامع مرات ، ودرس بالشامية البرانية عوضا عن زين الدين الفارقي لما تولي الناصرية الجوانية وتركها ثم عاد الى الشامية وتولى الشيخ كمال الدين الناصرية عوضا عنه لأن شرط الشامية ان لا يجمع بينها وبين غيرها ، واستمر الشيخ كمال الدين بالناصرية يدرس بها عشرين سنة ثم انتزعها من يده ابن جماعة وزين الدين الفارقي فاستعادها منهما ، وباشر مشيخة الرباط الناصري بقسيون مدة اكثر من خمس عشرة سنة ، ومشيخة دار الحديث الاشرفية الدمشقية ثمان سنين ، وكان مشكور السيرة فيما تولاه من هذه الجهات كلها ، وفي هذه السنة عزم على الحج فخرج باهله فأدركته منيته بالحسا في سلخ شوال من هذه السنة ودفن هناك رحمه‌الله تعالى.

١٤٩

فولي بعده الوكالة جمال الدين ابن العلائي ، ودرس في الناصرية كمال الدين ابن الشيرازي ، وبدار الحديث الأشرفية الحافظ جمال الدين المزي ، وبام الصالح الشيخ شمس الدين الذهبي ، وبالرباط الناصري ولده جمال الدين انتهى.

[جمال الدين الشريشي الثاني]

وجمال الدين هذا هو الامام العلامة بقية السلف ابو بكر محمد ميلاده سنة اربع او خمس وتسعين وستمائة ، احضر على جماعة واجاز له آخرون واشتغل في صباه وتفنن في العلوم مدة واشتهر بالفضيلة ، وكان حسن المحاضرة دمث الأخلاق ، ودرس في حياة والده ببعض المدارس ، ثم بعد وفاة والده بالرباط الناصري ثم درس بعدة مدارس وافتى كل ذلك في زمن الشبيبة ثم ولاه القونوي قضاء حمص فنزح الى هناك وأقام زمانا طويلا ، ثم قدم دمشق في اول ولاية تقي الدين السبكي فولي تدريس البادرائية في سنة احدى واربعين وأقام بها وهو يشغل الناس بالجامع ، ثم ترك البادرائية لولده شرف الدين سنة خمسين عندما ولي تدريس الاقبالية ثم تركه لولده الآخر بدر الدين ، ولما عزل القاضي تاج الدين في سنة تسع وستين توجه الى مصر فولاه البلقيني نيابته في الطريق ، ثم توجه هو الى القاهرة فولي تدريس الشامية البرانية سنة تسع بتقديم التاء وستين وسبعمائة وعاد الى دمشق وباشر التدريس المذكور والحكم في النيابة المذكورة يوما واحدا ، ثم مرض ومات في شوال من هذه السنة بالمدرسة الاقبالية ، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون مقابل جامع الافرم ، وهو الذي اختصر الروضة وشرح المنهاج في اربعة اجزاء لخصه من شرح الرافعي الصغير من غير زيادة ، وله زوائد الحاوي على المنهاج ، وله خطب ، ونظم ، وحدث بمصر والشام ، وسمع منه ابو زرعة ابن [ص ٣٣]

١٥٠

العراقي وابن حجي وغيرهما.

[حسام الدين القومي]

وقال ابن كثير في سنة خمس وغشرين وسبعمائة وفي سابع عشر شوال درس بالرباط الناصري بقاسيون حسام الدين القومي (١) الذي كان قاضي طرابلس قايضه بها الجمال بن الشريشي الى تدريس المسرورية وكان قد جاء توقيعه بالعذراوية والظاهرية فوقف في طريقه قاضي القضاة جلال الدين ونائباه ابن جملة والفخر المصري ، وعقد له ولجمال الدين مجلسا ومعه توقيع بالشامية البرانية فعطل الامر عليهما لأنهما لم يظهرا استحقاقهما في ذلك المجلس ، فصارت المدرستان العذراوية والشامية لابن المرحل واعطي القومي المسرورية فقايض فيها لابن الشريشي في الرباط الناصري ، فدرس به في هذا اليوم وحضر عنده القاضي جلال الدين ، ودرس بعده ابن الشريشي بالمسرورية وحضر عنده الناس أيضا انتهى.

[ناظر الناصرية]

وقال ابن كثير أيضا في سنة تسعين وستمائة : والامير الكبير بدر الدين بمكت (٢) بن عبد الله الناصري ناظر الرباط بالصالحية عن وصية استاذه وهو الذي ولى الشيخ شرف الدين الفزاري مشيخة الرباط بعد ابن الشريشي انتهى.

__________________

(١) راجع (١٤ / ١١٨ : ٢٥) من تاريخ ابن كثير المطبوع ترى مبلغ الخطأ والتصحيف الذي فيه. وفي بعض نسخ تنبيه الطالب : حسام الدين القرمي بدلا عن القومي.

(٢) كذا في الاصل ويحتمل قراءتها يمكت والذي في نسخ تنبيه الطالب بمكتب ، أما نص ابن كثير في البداية والنهاية المطبوع (١٣ / ٣٢٦) الامير الكبير بدر الدين علي بن عبد الله الناصري ، وهذه الطبعة مما لا يعتمد عليها.

١٥١

[الشرف الفزاري]

والشرف الفزاري هو الحافظ شرف الدين ابو العباس أحمد بن ابراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري خطيب جامع دمشق ، وهو أخو الشيخ تاج الدين ، ولد بدمشق في رمضان سنة ثلاثين وستمائة ، وقرأ بثلاث روايات على السخاوي وسمع منه الكثير ومن ابن الصلاح ، وتلا بالسبع على شمس الدين ابن أبي الفتح ، واحكم العربية على المجد الاردبيلي ، وطلب الحديث بنفسه وقرأ الكتب الكبار ، وله مشيخة ودرس بالرباط الناصري وغيره ولي خطابة جامع جراح ثم ولي خطابة جامع دمشق.

قال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في سنة خمس وسبعمائة : وفي شوال توفي خطيب دمشق ونحويها ومحدثها ، الشيخ شرف الدين الفزاري أخو شيخنا تاج الدين وله خمس وسبعون سنة انتهى.

[حسام الدين القومي]

وقال السيد الحسيني في ذيل العبر في سنة ست واربعين وسبعمائة : ومات باطرابلس قاضيها العلامة حسام الدين أبو علي الحسن بن رمضان بن الحسن القومي مدرس الناصرية بالجبل تفقه للشافعي وبرع في علم الحديث وصنف وأفاد وكان أحد الأثمة.

ودرس بعده بالناصرية شيخنا نجم الدين بن قوام انتهى.

وليتأمل هذا المحل فان ظاهر كلام المؤرخين فيه التناقض بالنسبة الى تقديم بعض من وليها على بعض والله اعلم.

١٥٢

[نجم الدين بن قوام]

ونجم الدين بن قوام هذا هو الشيخ العالم الصالح الزاهد القدوة أبو بكر بن محمد بن عمر بن الشيخ الكبير أبي بكن بن قوام ابن علي بن قوام البالسي الاصل الدمشقي ميلاده في ذي الحجة سنة تسعين وستمائة سمع وتفقه وحدث عن عمر بن القواس وغيره وكان شيخ زاوية والده ودرس بالرباط المذكور وسمع منه الشريف الحسيني وآخرون ، قال ابن كثير وكان رجلا حسنا جميل المعاشرة فيه أخلاق وآداب حسنة وعنده فقه ومذاكرة ومحبة للعلم توفي في رجب سنة ست واربعين وسبعمائة ودفن بزاويتهم بسفح قاسيون الى جانب والده رحمه‌الله.

[نور الدين بن قوام]

ودرس به بعده ولده الشيخ نور الدين أبو عبد الله محمد ميلاده في رمضان سنة سبع ـ بتقديم السين ـ عشرة وسبعمائة وسمع من جماعة وتفقه [ص ٣٤] ودرس وحدث ، قال ابن كثير كان من العلماء الفضلاء ودرس بالناصرية البرانية بعد ابيه وبالرباط الدواداري داخل باب الفرج وكان يحب السنة ويفهمها جيدا ، وقال الحافظ ابن رافع : سمع وتفقه ودرس وكان حسن الخلق توفي في ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون بزاويتهم انتهى.

فائدتان [شمس الدين المقصاتي]

(الأولى) قال ابن كثير في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة : الشيخ الكبير المقرىء شمس الدين ابو بكر بن محمد (١) بن عمر بن المشبع ، الجزري

__________________

(١) الذي في البداية لابن كثير ، وغاية النهاية لابن الجزري «ابو بكر بن عمر».

١٥٣

المعروف بابن المقصاتي نائب الخطابة ، وكان يقرىء الناس بالقراءات السبع وغيرها من الشواذ وله المام بالنحو وفيه ورع واجتهاد توفي ليلة السبت حادي عشري جمادى الآخرة ، ودفن من الغد بسفح قاسيون تجاه الرباط الناصري وقد جاوز الثمانين.

وقال الحسيني في ذيل العبر في هذه السنة : ومات بدمشق شيخ القراء تقي الدين المقصاتي في جمادى الآخرة عن بضع وثمانين سنة ، أمّ مدة بالرباط الناصري وتلا على الشيخ عبد الصمد وغيره وروى عن الكواشي تفسيره وكان دينا صالحا بصيرا بالسبع انتهى.

[الامير ايدغدي]

(الثانية) قال ابن كثير في سنة اربع وستين وستمائة : وممن توفي بها ايدغدي بن عبد الله الامير جمال الدين العزيزي ، كان من أكابر الامراء وأحظاهم عند الملك الظاهر لا يكاد يخرج عن رأيه ، وهو الذي أشار عليه بولاية القضاة من كل مذهب على سبيل الاستقلال ، وكان رحمه‌الله متواضعا كريما وقورا رئيسا معظما في الدولة ، اصابته جراحة في حصار صفد فلم يزل مريضا منها حتى مات ليلة عرفة ودفن بالرباط الناصري بسفح قاسيون انتهى.

* * *

[وصف الناصرية]

وهذه الدار من أحاسن دمشق (١) ولكنها خربت لخراب محلتها ،

__________________

(١) هذه لمدرسة دثرت ولم يبق من آثارها شيء وهي شرقي التربة العادلية. والراجح ان ساقية الماء التي تقوم على قناطر عالية قبلي التربة العادلية هي ساقية الناصرية وان المدار الذي في اعلاها هو المدار الذي اشار اليه المؤلف ولا يزال البستان الذي كانت تقوم فيه هذه المدرسة يدعى بستان الناصرية.

١٥٤

وهي مركبة على نهر يزيد ينزل اليها في عدة درج ، ولها عدة شبابيك مطلة على صحن بركته النهر المذكور ، وفي غربيه مدار للماء يمشي في ساقية الى جرن على باب الدار المذكور [ة] ، وخلف هذا الجرن تربة ، وغربي هذه الدار الرباط المذكور ، وله باب الى الزقاق بين ثلاثة شبابيك وأعلاه مئذنة وواجهة هذا الباب متصلة بواجهة تلك الدار والجرن ، جميعها من حجر أبيض وأصفر يعجز أبناء هذا العصر عن بناء مثله لاتقانه ، فان الابرة لا يمكن ان تدخل بين حجرين منها.

* * *

[دار الحديث الأشرفية]

ومنها دار الحديث الاشرفية البرانية المقدسية بسفح قاسيون على حافة نهر يزيد ، تجاه تربة الوزير تقي الدين توبة بن علي التكريتي ، وشرقي المدرسة الحنفية المرشدية ، وغربي المدرسة الشافعية الاتابكية.

انشاء الملك الاشرف مظفر الدين موسى بن الملك العا [د] ل ابي بكر بن ايوب سمع صحيح البخاري على الزبيدي في سنة ثلاثين وستمائة.

[الملك الاشرف]

وقال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في سنة خمس وثلاثين المذكورة وفيها مات الاخوان الملك الاشرف مظفر الدين في أول السنة بقلعة دمشق واوصى بالملك بعده لاخيه الصالح اسماعيل ، وكان أخوهما الملك الكامل بمصر فسار الى دمشق وقد تسلطن بها اخوه الصالح اسماعيل ، فأخذها منه في آخر جمادى الاولى من السنة المذكورة ، ونقل الاشرف الى تربته شمالي الكلاسة من قلعة دمشق بعد دفنه بها ، فما بقي الكامل سوى شهرين حتى فجأته المنية في

١٥٥

الحادي والعشرين من رجب من هذه السنة في القلعة ، ودفن بالتربة الكاملية الجوانية شرقي الخانقاه السميساطية ، وكان مولده ومولد أخيه الاشرف في عام واحد أيضا ، وهو [ص ٣٥] سنة ست وسبعين وخمسمائة انتهى ملخصا.

[عبد الله بن سرور المقدسي]

قال ابن مفلح في طبقاته : عبد الله بن عبد الغني بن علي بن سرور المقدسي ثم الدمشقي الحافظ ابن الحافظ جمال الدين بن تقي الدين ، سمع بدمشق من عبد الرحمن بن علي الخرقي والخشوعي وغيرهما ، وببغداد من ابن كليب وابن المعطوش ، وباصبهان من ابي المكارم بن اللبان وخلق ، وبمصر من ابي عبد الله الارتاحي ، كتب بخطه الكثير وجمع وصنف وافاد ، وقرأ في القراآت على عمه العماد ، والفقه على الشيخ موفق الدين ، والعربية على ابي البقاء العكبري ، قال الحافظ الضياء كان علامة وقته ، وقال ابن الحاجب لم يكن في عصره مثله في الحفظ والمعرفة والامانة ، وكان كثير الفضل ، وافر العقل متواضعا ، مهيبا جوادا سخيا ، له القبول التام مع العبادة والورع والمجاهدة ، قال الذهبي روى عنه الضياء وابن ابي عمر وابن البخاري ، وآخر من روى عنه اجازة القاضي تقي الدين سليمان بن حمزة ، وبنى له الملك الاشرف دار الحديث بالسفح وجعله شيخها ، وقرر له معلوما ، فمات قبل فراغها ، توفي يوم الجمعة خامس رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة ودفن بالسفح ، ورآه بعضهم في النوم فقال له ما فعل الله بك؟ قال اسكنني على بركة رضوانه ، ورآه آخر فسأله فقال لقيت خيرا ، فقيل له كيف الناس؟ فقال متفاوتون على قدر اعمالهم. انتهى كلام ابن مفلح.

١٥٦

[المدرسون بالاشرفية]

وأول من درس بهذه الدار القاضي شمس الدين بن أبي عمر.

[شيخ الجبل ابن أبي عمر]

قال ابن كثير في سنة اثنتين وثمانين وستمائة : شيخ الجبل الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام شمس الدين ابو محمد عبد الرحن بن الشيخ ابي عمر محمد بن احمد بن قدامة الحنبلي أول من ولي قضاء الحنابلة في دمشق ثم تركه وتولاه ابنه نجم الدين وتدريس الأشرفية بالجبل ، وقد سمع الحديث الكثير ، وكان من علماء الناس واكثرهم ديانة في عصره وأمانة مع هدى وسمت صالح حسن وخشوع ووقار ، توفي ليلة الثلاثاء سلخ ربيع الأول من هذه السنة عن خمس وثمانين سنة ، ودفن في مقبرة والده انتهى.

ثم ولي تدريسها الامام شمس الدين بن الكمال.

قال الذهبي في تاريخه العبر في سنة ثمان وثمانين وستمائة : والمحدث شمس الدين بن الكمال ابو عبد الله محمد بن عبد الرحيم ابن عبد الواحد بن احمد المقدسي الحنبلي ، ولد سنة سبع وستمائة ، وسمع الكندي وابن الحرستاني حضورا ، ومن داود بن ملاعب وطائفة ، وعني بالحديث وجمع وخرج مع الدين المتين والورع والعبادة ، وولي مشيخة الضيائية ، ومشيخة الأشرفية بالجبل.

وقال الصفدي في تاريخه في المحمدين : الشيخ القدوة الصالح شمس الدين محمد بن الكمال ابن اخي الحافظ ضياء الدين سمع من ابي الفتوح البكري وموسى بن عبد القادر ، والشمس احمد العطار والعماد ابراهيم والشيخ الموفق وابن ابي لقمة وابن صصرى وابن

١٥٧

الفن (١) وزين الأمناء وابن راجح واحمد بن طاوس وابن الزبيدي وخلق كثير ، وحدث بالكثير نحو اربعين سنة وتمم تصنيف الاحكام الذي جمعه عمه الحافظ الضياء ، وكان فاضلا نبيها حسن التحصيل وافر الديانة كثير العبادة نزها عفيفا ، روى عنه القاضي تقي الدين سليمان وابن تيمية وابن العطار والمزي وابن مسلم وابن الخباز والبرزالي وولي مشيخة الاشرفية التي بالجبل وغدا [اليها] غير مرة ودرس بالضيائية وحج مرتين ، وحفر مكانا بالصالحية لبعض شأنه فوجد جرة مملوءة ذهبا وكانت معه زوجته تعينه على [ص ٣٦] ذلك فطمه وقال لزوجته هذا فتنة وله مستحقون لا نعرفهم فوافقته وطماه وتركاه توفي في تاسع جمادى الاولى سنة ثمان وثمانين وستمائة انتهى وقد مرت ترجمته هذه في دار الحديث الضيائية (٢).

[الحسن بن عبد الله بن ابي عمر]

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة خمس وتسعين وستمائة : قاضي القضاة شرف الدين أبو الفضل الحسن ابن الشيخ الامام الخطيب شرف الدين أبي بكر عبد الله ابن الشيخ أبي عمر المقدسي ، سمع الحديث وتفقه وبرع في الفروع واللغة وفيه أدب وحسن محاضرة ، مليح الشكل ، تولى القضاء بعد نجم الدين ابن الشيخ شمس الدين في أواخر سنة سبع وثمانين ودرس بدار الحديث الاشرفية بالسفح.

وقال الصفدي في تاريخه في الحاء : الحسن بن عبد الله ابن الشيخ القدوة الزاهد ابي عمر بن احمد بن قدامة قاضي القضاة شرف

__________________

(١) كذا في الاصل وعندي ان صوابها ابن العز كما تقدم في حاشية الصفحة ١٣٥ وفي نسختين من ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب «ابن البن» ووردت كذلك في شذرات الذهب (٥ / ١٤٠ : ١٥).

(٢) تختلف عما وردت هنا بعض الاختلاف.

١٥٨

الدين أبو الفضل ابن الخطيب شرف الدين الصالحي الحنبلي ، ولد سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، وسمع من ابن قميرة وابن مسلمة والمرسي واليلداني وجماعة وقرأ الحديث بنفسه على الكفرطابي وغيره ، وتفقه على عمه شمس الدين وصحبه مدة ، وبرع في المذهب وكان مديد القامة حسن الهيئة له شيب يسير وفيه لطف ومكارم وسيادة ومروءة وديانة وصيانة وأخلاق زكية وسيرة حسنة في الاحكام سمع منه البرزالي وغيره ، ودرس بمدرسة جده وبدار الحديث الاشرفية وولي القضاء بعد نجم الدين ابن الشيخ توفي ليلة الخميس الثاني والعشرين من شوال ودفن من الغد ، بمقبرة جده بالسفح وحضر نائب السلطنة والقضاة والاعيان جنازته وعمل من الغد عزلؤه بالجامع المظفري ، وباشر القضاء بعده تقي الدين سليمان بن حمزة ، قال ابن كثير : وكذا مشيخة دار الحديث بالسفح ، وقد وليها شرف الدين الفائق الحنبلي النابلسي مدة شهور ثم صرف عنها ، واستقرت بيد التقي سليمان المقدسي انتهى.

[سليمان بن حمزة]

وتقي الدين سليمان هذا قال ابن كثير في سنة خمس عشرة وسبعمائة : القاضي المسند المعمر الرحلة تقي الدين سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر المقدسي الحنبلي الحاكم بدمشق ، ولد في نصف رجب سنة ثمان وعشرين وستمائة ، وسمع الحديث الكثير وقرأ بنفسه وتفقه وبرع وولي الحكم وحدث ، وكان من خيار الناس وأحسنهم خلقا وأكثرهم مودة ، توفي فجأة بعد مرجعه من البلد وحكمه بالجوزية فلما صار الى منزله بالدير تغيرت حاله ومات عقب صلاة المغرب ليلة الاثنين حادي عشرين ذي القعدة ودفن من الغد بتربة جده وحضر جنازته خلق كثير وجم غفير.

١٥٩

وقال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام وله ثمان وثمانون سنة وكان مسند الشام في وقته.

وقال في العبر في الذيل في سنة خمس عشرة وسبعمائة : ومات في ذي القعدة فجأة قاضي القضاة تقي الدين أبو الفضل سليمان ، روى الصحيح عن ابن الزبيدي حضورا وسمع من ابن اللتي وجعفر وابن المقير وكريمة وابن الجميزي والحافظ الضياء ، وأجاز له عمر بن كرم وأبو الوفاء محمود بن مندة وشهاب الدين السهروردي ، وله معجم في مجلدين عمله له ابن الفخر وكان بصيرا بالمذهب دينا متعبدا متواضعا كثير المحاسن واسع الرواية افتى نيفا وخمسين سنة وتخرج به الفقهاء انتهى.

[محمد بن سليمان بن حمزة]

ثم درس [ص ٣٧] بها بعده ولده عز الدين ، قال الذهبي في تاريخه في سنة احدى وثلاثين وسبعمائة : ومات في صفر قاضي الحنابلة عز الدين محمد ابن قاضي القضاة تقي الدين سليمان المقدسي ، وله ست وثلاثون سنة روى عن الشيخ وعن أبي بكر الهروي ، وبالاجازة عن ابن عبد الدائم ، ودرس بدار الحديث الاشرفية وغيرها ، وكان متوسطا في العلم والحلم متواضعا انتهى.

[الحسن بن محمد بن سليمان]

ثم درس بها بعده ولده بدر الدين قال الصفدي في الحاء : الحسن بن محمد بن سليمان بن حمزة الشيخ الامام اقضى القضاة بدر الدين ابن قاضي القضاة عز الدين ابن قاضي القضاة سليمان المقدسي

١٦٠