القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

بهاء الدين ابي البقاء ، والشيخ شمس الدين الموصلي وغيرهم واجتمع بمشايخ العصر واستفاد ، منهم كالشيخ شهاب الدين الازرعي وصاحبه الشيخ عماد الدين الحسباني ، والشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبداني ، والشيخ شمس الدين ابن خطيب يبرود ، وقاضي القضاة تاج الدين ابن السبكي ، والقاضي شمس الدين الغزي ، وتخرج في علوم الحديث بالحافظين عماد الدين بن كثير وتقي الدين بن رافع ، وأخذ النحو عن الشيخ العالم نجم الدين أبي الخير سعيد بن محمد ابن سعيد التلمساني المغربي المالكي ، وعن شيخ النحاة شهاب الدين ابي العباس العنابي ، ودرس وأفتى واعاد وصنف وكتب بخطه مالا يحصى كثرة ، فمن ذلك شرح على المحرر لابن عبد الهادي كتب منه قطعة ، ورد على مواضع من المهمات للاسنوي ، وعلى مواضع من الألغاز له ، وجمع فوائد في علوم متعددة في كراريس متعددة سماه جمع المفترق ، وكتابا سماه «الدارس من أخبار المدارس» يذكر فيه ترجمة الواقف وما شرطه وتراجم من درس بالمدرسة الى آخر وقت ، وهو كتاب نفيس يدل على اطلاع كثير وقد احترق غالبه في وقعة التتار ، وكتب هذا التاريخ التذييل؟ وقد درس بالظبيانية في حياة والده وأشياخه في ذي القعدة سنة أربع وسبعين [ص ٤٧] وأعاد بالعصرونية والدماغية ، ثم بعد ذلك اعاد بالشامية البرانية والتقوية في حياة والده أيضا ثم بالامينية والرواحية والعذراوية ، ودرس بالشامية البرانية والعذراوية نيابة ، وناب للقاضي شهاب الدين القرشي ثم لغير واحد من القضاة ، وبعد الفتنة درس بالحسامية الجوانية والأتابكية هذه والشامية البرانية ، وولي الخطابة ومشيخة الشيوخ مرتين ثم ترك نيابة القضاء وانجمع على العبادة والانشاء والاشغال انتهى كلام تلميذه الأسدي في تاريخه.

١٨١

ثم ان ابن حجي المذكور نزل عن نصف تدريس هذه المدرسة للقاضي شهاب الدين الاخنائي ، قال الشيخ تقي الدين الاسدي : وفي رابع ذي الحجة سنة اربع عشرة درس قاضي القضاة شمس الدين الاخنائي بالمدرسة الاتابكية في النصف الذي أخذه من شيخنا شهاب الدين بن حجي وقال في سنة اربع وعشرين استطرادا : ثم نزل الشيخ شهاب الدين بن حجي للقاضي الاخنائي عن النصف الآخر مع غيره من الوظائف في مرض موته انتهى.

[شمس الدين الاخنائي]

والقاضي الاخنائي هو قاضي القضاة شمس الدين ابو عبد الله محمد ابن القاضي تاج الدين محمد بن فخر الدين عثمان الاخنائي الشافعي مولده سنة سبع وخمسين وسبعمائة ، وتنقل في قضاء البر ، وولي قضاء الركب في سنة سبع وثمانين من ابن جماعة بشفاعة الامير جبرائيل ، وكان قاضي زرع انتقل اليه من الرحبة في رجب سنة ست وثمانين ثم ولي قضاء غزة ثم في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ناب في القضاء بدمشق عن القاضي شهاب الدين الباعوني ونزل له شهاب الدين بن الظاهري عن قضاء العسكر في ذي الحجة من السنة ، ودرس بالظاهرية الجوانية نزل له عنه القاضي علاء الدين الكركي كاتب السر ، وكان قد أخذه عن ابن الشهيد ، وولي وكالة بيت المال أيضا ثم ناب للقاضي علاء الدين أبي البقاء لما ولي القضاء في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ، ثم ولي نظر الجيش بدمشق عوضا عن القاضي شمس الدين ابن شكور في رمضان سنة ست وتسعين ، وبذل عليه مالا كثيرا فلم يمش حاله فيه ولم يحسن مباشرته فعزل عنه بعد ثمانية اشهر وعاد الى نيابة القضاء ووكالة بيت المال ، ثم لما ولي قضاء حلب في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين نزل عن المدرسة الظاهرية لتاج الدين بن

١٨٢

الشهيد ، ثم عزل من قضاء حلب في رجب سنة تسع وتسعين ، ثم ولي قضاء دمشق والخطابة والمشيخة وما يضاف الى ذلك من التداريس والانظار في جمادى الاولى سنة ثمانمائة ، ثم عزل في شعبان سنة احدى وثمانمائة ، ثم اعيد في ذي الحجة منها ، وفي سنة اثنتين وثمانمائة عزل من مصر بالقاضي شرف الدين مسعود ثم اعيد من غير أن يباشر مسعود توفي ليلة الجمعة سابع عشر رجب سنة عشر وثمانمائة ، وصلي عليه من الغد بالاموي ، ولم أعلم اين دفن.

ولما مات الاخنائي هذا استقر في تدريس هذه المدرسة الاتابكية ـ كاتب سر نوروز ـ ناصر الدين البصروي فلما ذهبت أيام نوروز اخذه القاضي ناصر الدين البارزي لولده كمال الدين.

[نور الدين بن قوام]

قال الاسدي في ذيله في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثمانمائة : وفي يوم الاول تاسعه درس الفاضل نور الدين بن قوام بالمدرسة الاتابكية نيابة عن ابن كاتب السر كمال [ص ٤٨] الدين بن البارزي ، وحضر عنده قاضي القضاة والشيخ محمد بن قديدار وقد كان التدريس المذكور لفتح الدين بن الجزري تلقاه عن جلال الدين ابن ابي البقاء فلما توفي في طاعون سنة اربع عشرة نزل عنه للشيخ شهاب الدين بن حجي فترك نصفها لقاضي القضاة ابن الاخنائي ثم انه نزل عن النصف الآخر مع غيره في مرض موته ، فلما مات أخذها ـ كاتب السر يعني بدمشق لنوروز (١) ـ ناصر الدين البيضاوي ، فلما جاء السلطان أخذها كاتب السر لابنه ودخلت في ديوان كتابة السر (٢) انتهى.

__________________

(١) في الاصل : النيروز.

(٢) الذي في تنبيه الطالب «كتاب السر انتهى وكذا رأيته بخطه كتاب تشديد التاء».

١٨٣

ثم قال في ذيله أيضا في شعبان سنة تسع عشرة وثمانمائة وفي يوم الاثنين عشريه درس الشيخ علاء الدين بن سلام بالمدرسة الاتابكية نيابة عن القاضي كمال الدين ابن القاضي ناصر الدين بن البارزي كاتب السر وحضر عنده قاضي القضاة الجديد يعني ابن زبد بعد عزل نجم الدين بن حجي وجماعة ودرس في قوله تعالى «ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها» انتهى.

[علاء الدين بن سلام]

وعلاء الدين بن سلام هذا كان فاضلا في الفقه يستحضر كثيرا من فقه الرافعي ، ويحفظ عليه اشكالات واسئلة حسنة ويعرف المختصر معرفة جيدة ويعرف الألفية معرفة تامة ويحفظ كثيرا من تواريخ المتقدمين ، وله يد طولى في النظم والنشر ، وكان منجمعا عن الناس ، ولا يكتب على الفتاوي الا قليلا ، وبحثه أحسن من تقريره ، وكان كثير التلاوة حسن الصلاة مقتصدا في ملبسه وغيره شريف النفس مليح المحاضرة ، ولم يكن فيه ما يعاب الا أنه كان يطلق لسانه في بعض الناس ، ويأتي في ذلك بعبارات غريبة ، ودرس بالركنية الجوانية في النصف ثم كملت له فدرس بها وحضر قاضي القضاة والفقهاء وخطب وبالغ في الثناء والدعاء لقاضي القضاة نجم الدين بن حجي وللسيد شهاب الدين ابن نقيب الأشراف ناظرها ، ودرس في أول الهبة ، وولي تدريس مشيخة النحو بالناصرية الجوانية وكان في أخلاقه شراسة حج في سنة تسع وعشرين وثمانمائة ، فلما قضى حجه ورجع مرض بين الحرتين ومات بوادي بني سالم ، ونقل الى المدينة النبوية فدفن بالبقيع ، وغبط بذلك.

[مشيخة النحو] [الشهاب أحمد الدلجي]

وممن درس بهذه المدرسة الأتابكية نيابة عن ابن كاتب السر

١٨٤

كمال الدين بن البارزي : الشهاب احمد بن علي بن عبد الله الدلجي المصري (١) ثم الدمشقي الشافعي اشتغل بمصر وفضل في النحو وغيره من العلوم العقلية ، ثم توجه إلى طرابلس فأقام بها يسيرا ثم قدم دمشق حوالي سنة ثمان عشرة ولزم القاضي نجم الدين بن حجي وحظي عنده ، ثم أبعده وحكم باراقة دمه ، وكان فاضلا في المعقول ، وعبارته فصيحة ، ودرس بالاتابكية هذه نيابة عن ابن البارزي ، وجلس للاشغال بالجامع مدة يسيرة ، توفي بالقاهرة في شوال سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة ، وتعاطى الشهادة ، وخطه جيد ، وهو عارف بالصنعة وعبارته جيدة ، وحصل دنيا من الشهادة ، وخدم بعد القاضي نجم الدين ابن حجي القاضي شهاب الدين بن الكشك الحنفي ، وكذلك خدم القاضي بهاء الدين بن حجي ، وكان قليل الدين متهاونا بالصلاة ، يتكلم بكلام يدل على زندقته ، وشاع ذلك عنه ، وقد حكم القاضي نجم الدين بن حجي مرة بكفره كما اشرنا اليه ، والقاضي الحنفي اخرى ، وكان مستنقصا للخلق مستزريا [ص ٤٩] بهم مصرا على أنواع من المعاصي وكان قد سافر الى مصر فاتفق وصول الخبر بوفاة ابن ابن (٢) السلاوي فولي عنه مشيخة «خانقاه خاتون» ونظرها ، وقدم دمشق وباشر ذلك مباشرة مذمومة ، وآذى الصوفية بها ، وفي العام الماضي عزل شخصا من الصوفية بها وسعى في أذاه الى ان ضرب ، فانتصر له الشيخ علاء الدين البخاري والحاجب ووقع بينهما وبين القاضي بهاء الدين بن حجي بسببه وكتب الشيخ الى مصر في القاضي بهاء الدين فكان ذلك من أسباب عزله ثم ان النائب بلغه سوء سيرة المذكور فهم بطلبه وأخذ شيء منه فخاف وأظهر انه

__________________

(١) هو مؤلف كتاب «الفلاكة والمفلوكون».

(٢) في الاصل مكررة مرتين وقد كتب عليها «صح».

١٨٥

نزل عليه اللصوص في بيته بين النهرين ، وكان ساكنا هناك ليسهل عليه ما يرومه من أنواع الفسوقات ، فاظهر انه ذهب جميع ما يملكه ، ولم يكن لذلك حقيقة ونزل عن الخانقاه لولي الدين ابن قاضي عجلون بمبلغ جيد ثم ندم على ذلك ، واستمر منكدا مضللا الى أن توجه بعد أشهر الى مصر وجلس لتحمل الشهادة عند القاضي الحنبلي فتوفي عاجلا وذهب جميع ما حصله من الحرام ولم يتزوج ، وكان يزعم أنه يعيش العمر الطبيعي مائة وعشرين سنة ، وسر الناس بموته وكان قد علق فوائد بخطه من شرح البخاري للكرماني وتكلم فيه ، وذكر فيه فوائد ، وجمع مختصرا تكلم فيه على قول الناس : فلان معلول وذكر فيه فوائد ، وجمع بين التوسط والخادم في مجلدات. قال ابو الفضل الخطيب النويري : انه اشتراه من تركته قاضي القضاء بهاء الدين بن حجي عدة مجلدات يكون اربعة ضخمة واكثر وانه يدل على فضل الرجل الفضل الزائد ، وجاء الخبر بوفاته في أوائل ذي القعدة من السنة المذكورة في عشر السبعين ظنا وقال الشيخ تقي الدين ابن قاضي شهبة في ذي القعدة سنة اربع وعشرين وثمانمائة.

وفي أواخر هذا الشهر قدم شخص من أقارب ابن البارزي وقد نزل له كمال الدين البارزي عن تدريس الأتابكية ونظرها.

[أحمد الجزري]

ثم قال في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثمانمائة وفي يوم الاثنين خامس عشريه دخل من مصر الشيخ شمس الدين بن الجزري المقري وعليه خلعة ، ومعه ولده شهاب الدين ابو الخير احمد وهو متوجه الى مردي شاه روخ بن تمرلنك التتري في رسالة ، وكان

١٨٦

قاصد ابن تمرلنك قد وصل من مصر قبله بأيام ، وكان بعد سفره من دمشق الى مصر في رجب سنة سبع وعشرين حصل له بمصر إكرام وحج وتوجه الى اليمن في متجر ثم عاد وحج ثانيا ورجع الى مصر ومعه متجر له تم جاء في هذا الوقت ، وجاء معه نزول لولده شهاب الدين من أخيه فتح الدين مثبوت بتدريس المدرسة الأتابكية ومرسوم ببقية الجهات التي كانت للشيخ شمس الدين قديما ، ثم انتقلت الى ولده فتح الدين ، منها : مشيخة الاقراء بام الصالح ، وبالعادلية ، وتصدير بالجامع الاموي ، وكان ولده فتح الدين قد نزل عن تدريس الأتابكية ونظرها والتصدير بالجامع وغير ذلك للشيخ شهاب الدين ابن حجي والاقراء بأم الصالح والعادلية للشيخ صدقة المقري (١) ، وذلك قبيل وفاته في صفر سنة اربع عشرة ، ثم ان الشيخ في مرض موته نزل عن تدريس الأتابكية ونظرها مع غيرها للقاضي شمس الدين الاخنائي بعوض فلما توفي الاخنائي استقر فيها البصروي [ص ٥٠] كاتب سر نوروز ، فلما زالت أيام نوروز استقر القاضي ناصر الدين البارزي كاتب السر في المدرسة الأتابكية عوضا عن البصروي ، ثم انه نزل عنها لابن عمه ناصر الدين بن هبة الله ، واستمرت بيده يجيء من حماة يباشرها ويتولى قسم بلدها ثم يرجع الى حماة ، فجاء شهاب الدين ابن الشيخ شمس الدين في هذا الوقت ومعه تفويض من أخيه بها مثبوت ، وكان التصدير قد نزل عنه الشيخ شهاب الدين ابن حجي لاخيه قاضي القضاة نجم الدين ، ثم نزل عنه القاضي نجم الدين للشيخ شرف الدين قاسم العلائي الحنفي ، ثم نزل عنه الشيخ شرف الدين لكاتبه وولده ، وأما الاقراء بالمكانين المذكورين فانه بيد فخر الدين بن الصلف ، تلقاه عن شرف الدين صدقة الضرير ،

__________________

(١) في الاصل «القدي» وسيأتي ذكره في السطور التالية «صدقة الضرير» انظر الضوء اللامع (٣ / ٣١٧ و ٣١٨ وشذرات الذهب ٧ / ١٧٠).

١٨٧

وأخبرني ولده أن مولد والده سنة احدى وخمسين ، وان مولد ولده سنة احدى وثمانين ، وكان ذهاب الشيخ شمس الدين الى بلاد الروم سنة سبع وتسعين ، وفي جمادى الآخرة من سنة تسع وعشرين يوم الاحد خامسه ، حضر شهاب الدين احمد ابن الشيخ شمس الدين بن الجزري بالمدرسة الأتابكية انتهى.

ثم قال وفي آخر ليلة الثلاثاء سابعه توجه الشيخ شمس الدين ابن الجزري المقرىء الى بلاد العجم الى القان مردي شاه روخ بن تمرلنك انتهى.

ثم قال في شعبان سنة احدى وثلاثين وفي يوم الاثنين تاسع الشهر وصل القاضي كمال الدين ابن القاضي ناصر الدين البارزي الى دمشق متوليا كتابة السر وخلع عليه بذلك انتهى.

ثم قال في ذي القعدة منها وفي يوم الأحد ثالثه درس القاضي كمال الدين بن البارزي كاتب السر في المدرسة الأتابكية وكان قد استعادها من ابن الجزري بمرسوم بحكم أنها كانت لهم ودرس في قوله تعالى (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) الآية وكنت أنا اسدها عن ابن الجزري من حين سفره الى الآن انتهى.

وقد صار في أيامنا تدريسها للعلامة السيد كمال الدين بن حمزة الحسيني شيخنا ولم نره درس بها قط.

* * *

[وصف الاتابكية]

وهذه المدرسة تشتمل على حرم على معزبة لطيفة بشباك غربي

١٨٨

يطل على طريق غير نافذ آخذ الى نهر يزيد (١) وباب قبالة هذا الشباك من الغرب لتربة الواقفة (٢) ، ولهذا الحرم ثلاثة ابواب اوسطها كبير ، قدامها صحن لطيف يصعد من باب في غربيه الى مئذنة لها ، وتجاهه من من جهة الغرب (٣) ساحة بها بير ماء وفي قبليها شباكان لتربة الواقفة وكذا في شمالها (٤) وفي قرنتها بين الشرق والشمال باب (٥) يذهب منه الى قاعة معدة للمدرس ، والآن ساكن بها البواب ، وهي قاعة معظمة مركبة على نهر يزيد ، وشمالي ابواب الحرم باب المدرسة المذكورة ، وهو مقنطر بحجر اسود وابيض وشكله من اعلاه غريب.

* * *

[المدرسة البهنسية]

ومنها المدرسة البهنسية بجبل الصالحية ليست الآن بمشهودة ، وتحقيقا انها ضمن الخراب.

__________________

(١) الظاهر من هذا الطريق ان لحرم هذه المدرسة شباكين لا شباكا واحدا.

(٢) ازيل منذ اربعين سنة الجدار الذي بين الحرم والقبة والذي كان فيه الباب ودرس القبر وجعلت مع الحرم حرما واحدا للصلاة ولهذه التربة خمسة شبابيك اثنان جهة القبلة. وواحد جهة الغرب وهذه الثلاثة مسدودة واثنان من جهة الشمال يطلان على ساحة المدرسة لا يزالان مفتوحين وأعلى القبة سقط ووضع مكانه سقف من خشب.

(٣) الواقع أن هذه الساحة من جهة الشرق لا الغرب.

(٤) الذي في شمالي هذه الساحة ثلاثة شبابيك تطل على الطريق ولكنها اليوم مسدودة لان جميع الجبهة الشمالية انشىء أمامها حوانيت عدا بابها الجميل ومن الراجح أن هذه هذه الجبهة المستورة من أجمل الجبهات الايوبية.

(٥) لا يزال هذا الباب ظاهرا مسدودا في زاويتها الشرقية الشمالية.

١٨٩

انشأها الوزير مجد الدين المعروف بأبي الاشبال الحارث بن مهلب ، كان وزير الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك العادل سيف الدين ابي بكر بن ايوب.

قال ابن كثير في تاريخه في سنة ثمان وعشرين وستمائة المجد البهنسي وزير الملك الأشرف ثم عزله وصادره ولما توفي دفن بتربته التي انشأها بالسفح. جعل كتبه بها وقفا واجرى عليها اوقافا جيدة دارة انتهى.

[الحارث البهنسي]

وقال الاسدي في هذه السنة المذكورة أيضا واقف البهنسية بالسفح الحارث القاضي الجليل مجد الدين ابو الاشبال ابن [ص ٥١] الرئيس العالم النحوي مهذب الدين أبي المحاسن المهلب بن حسن بن بركات بن علي بن غياث المهلبي المصري الشافعي المعروف بالمجد البهنسي. اتصل بالصاحب رضي الدين بن شكر وسافر معه الى الشام وغيرها ، وترسل الى الديوان العزيز والى ملوك النواحي ، ووقف وقفا بمصر على الزاوية التي كان والده يقريء بها بالجامع العتيق ، وهو اخو الفقيه موفق الدين عقيل وكان المجد ذا يد طولى في اللغة وله شعر حسن توفي بدمشق بصفر وقد جاوز السبعين ، كتب عنه القرشي وغيره شعرا. وقد وزر (١) بحران للأشرف. قال السبط لم يقطع رزق احد ، وكان حسن المحاضرة عاقلا ، لم يكن فيه ما يعاب الا استهتاره ، ثم ان الاشرف نكبه وصادره وحبسه مدة انتهى.

__________________

(١) في الاصل : ورد.

١٩٠

[المدرسون بالبهنسية]

قال ابن شداد درس بها القاضي نجم الدين بن سني الدولة (١) ثم من بعده شمس الدين بن خلكان ، ثم من بعده عادت الى نجم الدين أيضا ثم اعطاها لولده شمس الدين محمد وهو مستمر بها الى الآن انتهى.

[سني الدولة]

والقاضي نجم الدين هو قاضي القضاة نجم الدين ابو بكر محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين ابي العباس احمد ابن قاضي القضاة شمس الدين ابي البركات يحيى بن هبة الله بن الحسن الملقب بسني الدولة الشافعي ولد سنة ست عشرة وستمائة وسمع من ابي القاسم ابن صصرى وغيره ، واشتغل وتقدم وناب عن والده في القضاء بدمشق ، ثم ولي قاضي القضاة عقب كسرة التتار على عين جالوت في رمضان سنة ثمان وخمسين فبقي سنة وعزل ، ثم اسكن مصر وصودر ، ثم ولي دمشق اياما عقب زوال دولة سنقر الاشقر في صفر سنة تسع وسبعين ، وكان ولي تدريس المدرسة الامينية بدمشق سنة قسمة الوظائف بعد قدوم الصاحب بهاء الدين بن حنا (٢) دمشق في رجب اخذت له من قطب الدين بن ابي عصرون فباشرها واستمرت في يده احدى عشرة سنة ولما ولي قضاء حلب انتزعه منه قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في محرم سنة تسع وسبعين ، ثم لما عاد نجم الدين الى دمشق في صفر منها انتزعها منه ، قال الذهبي في تاريخ الاسلام وقد درس بالامينية والركنية وعدة مدارس ، وكان موصوفا

__________________

(١) لم يتضح لنا بالضبط رسمها فبعض المصادر ترسمها (سناء الدولة) البعض الآخر (سني الدولة) وهي كذلك في الاصل.

(٢) في الاصل : بهاء الدين بن جناد.

١٩١

بجودة النقل وصحته وكثرته ، وكان مشهورا بالصرامة والهيبة والهمة العالية والتحري في الاحكام.

وقال في العبر وكان يعد من كبار الفقهاء العارفين بالمذهب مع الهيبة والتحري ، توفي في ثامن المحرم سنة ثمانين وستمائة ودفن بقاسيون بتربة جده.

[القاضي ابن خلكان]

والقاضي شمس الدين بن خلكان هو قاضي القضاة شمس الدين ابو العباس احمد بن محمد بن ابراهيم بن ابي بكر بن خلكان ـ بفتح الخاء وتشديد اللام كما رؤي بخطه. وهو اسم جده لا كما قال الاسنوي : انه نسبة الى قرية ـ البرمكي الاربلي. مولده باربل سنة ثمان وستمائة ، وسمع البخاري من ابن مكرم واجاز له المؤيد الطوسي وجماعة قاله الذهبي في العبر ، وتفقه بالموصل على كمال الدن بن يونس وبحلب على القاضي عز الدين بن شداد وغيرهما ، وقرأ النحو على أبي البقاء يعيش بن علي النحوي وقدم [ص ٥٢] الشام في شبيبته ، واخذ عن ابن الصلاح ، ودخل الديار المصرية وسكنها ، وناب في القضاء عن القاضي بدر الدين السخاوي مدة طويلة ، وادى عنده شهادة شيخ المالكية ابو عمرو ابن الحاجب ، وسأله عن مسألة دخول الشرط على الشرط ، ثم قدم الشام على القضاء في ذي الحجة سنة تسع وخمسين منفردا بالامر ، فاضيف اليه مع القضاء نظر الاوقاف والجامع الاموي والمارستان وتدريس سبع مدارس : العادلية والناصرية والعذراوية والفلكية والركنية والاقبالية والبهنسية هذه. وقريء تقليده يوم عرفة يوم الجمعة بعد الصلاة بالشباك الكمالي من جامع دمشق ثم عزل بعز

١٩٢

الدين بن الصائغ في اول سنة تسع وستين ، فسافر الى مصر فاقام سبع سنين معزولا بمصر ثم اعيد ، وصرف ابن الصائغ في اول سنة سبع وسبعين ، ثم عزل في آخر المحرم سنة ثمانين ، واعيد عز الدين ، واستمر شمس الدين معزولا وبيده الامينية والنجيبية.

قال الشيخ تاج الدين الفزاري في تاريخه : كان قد جمع حسن الصورة وفصاحة النطق وغزارة الفضل وثبات الجأش ونزاهة النفس.

وقال الذهبي : وكان إماما فاضلا بارعا متقنا عارفا بالمذهب حسن الفتاوى جيد القريحة ، بصيرا بالعربية ، علامة في الادب والشعر وأيام الناس كريما جوادا ممدوحا وقد جمع كتابا نفيسا في وفيات الاعيان توفي بايوان المدرسة النجيبية عشية السبت سادس عشرين رجب سنة احدى وثمانين وستمائة ودفن بسفح قاسيون عن ثلاث وسبعين سنة رحمه‌الله تعالى.

الباب الثالث عشر

في مدارس الحنفية بالصالحية

[المدرسة الآمدية]

منها المدرسة الآمدية بالصالحية العتيقة جوار الميطورية من الغرب.

قال الشيخ تقي الدين الاسدي في تاريخه في سنة احدى وعشرين وثمانمائة ما صورته : وغربي الميطورية مدرسة للحنفية يقال لها الآمدية حكى لي من شاهدها وهي عامرة وعلى بابها طواشية انتهى. وقال ناظرها شيخنا قاضي القضاة المحب بن القصيف الحنفي : انها تربة.

١٩٣

ولعلها مدرسة بها تربة ، قصد التمويه عنها خوفا من الفقهاء على وقفها والله اعلم.

* * *

[المدرسة الشبلية]

ومنها المدرسة الشبلية البرانية شمالي جسر كحيل المعروف الآن بجسر الشبلية (١).

قال ابن شداد في المدارس الخارجة عن البلد : المدرسة الشبلية الحسامية بسفح جبل قاسيون بالقرب من جسري ثورى بانيها الطواشي شبل الدولة الحسامي في سنة ست وعشرين وستمائة انتهى.

[شبل الدولة]

وقال الذهبي في تاريخه العبر فيمن مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة : وكافور شبل الدولة الحسامي في سنة ست وعشرين وستمائة ، هو طواشي حسام الدين محمد بن لاجين ولد ست الشام ، له فوق جسر ثورى المدرسة والتربة والخانقاه (٢) وكان دينا وافر الحشمة روى عن الخشوعي انتهى.

__________________

(١) لا يزال هذا الجسر موجودا الى اليوم قبلي المدرستين الشبلية والبدرية والشبلية تبعد عنه قليلا لجهة لشمال.

(٢) هذه الخانقاه شمالي المدرسة الشبلية يفصل بينهما الطريق وكان موجودا أمام بابها المتهدم حجر مستطيل عليه كتابة كسر قسم منه ، والباقي من الكتابة التي عليه ما يلي : (١) رحمة ربه القدير شبل الدولة كافور الحسامي (٢) [الخا] نكاه على طائفة الصوفية المجردين برسم سكنهم (٣) المسلمين ومنه جميع المذرعة (كذا) والكرم الذي بأرض (٤) لك فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه على الذين يبد (٥) الاوسط من شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة.

والشيوخ من اهل الصالحية يقولون إن آباءهم كانوا يحدثونهم بأنه

١٩٤

وقال ابن كثير في تاريخه في سنة ثلاث وعشرين وستمائة واقف الشبلية التي بطريق الصالحية شبل الدولة كافور الحسامي نسبة الى حسام الدين محمد بن لاجين ولد ست الشام وهو الذي كان مستحثا على عمارة الشامية البرانية لمولاته ست الشام ، وهو الذي بنى الشبلية الحنفية والخانقاه الصوفية الى جانبها ، وكانت منزله ، واوقف القناة والمصنع والساباط ، وفتح للناس طريقا من عند المقبرة غربي الشامية البرانية الى طريق عين الكرش ، ولم يكن للناس طريق [ص ٥٣] الى الجبل من هناك ، انما كانوا يسلكون من عند مسجد الصفي بالعقبية ، وكانت وفاته في رجب ، ودفن في تربته التي كانت مدرسة ، وقد سمع الحديث على الكندي وغيره.

[بشارة الشبلي]

وقال في سنة خمس وخمسين وستمائة : بشارة بن عبد الله الارمني الاصل بدر الدين الكاتب مولى شبل الدولة المعظمي ، سمع الكندي وغيره ، وكان يكتب خطا جيدا ، واسند اليه مولاه النظر في اوقافه وجعله في ذريته فهم الآن ينظرون في الشبليتين ، وكانت وفاته في النصف من رمضان من هذه السنة انتهى.

وقال الصفدي في حرف الباء من كتابه الوافي : بشارة الشبلي الحسامي الكاتب مولى شبل الدولة صاحب المدرسة والخانقاه عند ثورى بدمشق ، وسمع مع مولاه حنبلا وابن طبرزد وغيرهما ، روى عنه الدمياطي والابيوردي وجماعة ، وهو رومي الجنس ، وهو ابو

__________________

كان يوزع في هذا المكان كل يوم خبز للفقراء وانه كان به فرن والآن أصبحت بستانا.

١٩٥

اولاد بشارة المشهورين بدمشق ، وكان يكتب خطا حسنا ، وذريته يدعون النظر على المدرسة والخانقاه المنسوبة الى شبل الدولة المذكور ، وتوفي رحمه‌الله سنة أربع وخمسين وستمائة انتهى.

[شبل الدولة]

وقال الأسدي في سنة ثلاث وعشرين وستمائة شبل الدولة الحسامي كافور بن عبد الله الطواشي الكبير ، خادم الامير حسام الدين محمد بن لاجين ولد الخاتون ست الشام ، يقال انه كان من خدام القصر بالقاهرة ، وكان دينا صالحا عاقلا مهيبا ذا حرمة وافرة ومنزلة عند الملوك ، وعليه اعتمدت مولاته في بناء الشامية البرانية ، وقد سمع من الخشوعي والكندي ، روى عنه البرزالي والابرقوهي ، قال ابو شامة وكان حنفيا فبنى المدرسة والخانقاه والتربة التي دفن فيها عند جسر كحيل ، وفتح للناس طريقا الى الجبل ـ من عند المقبرة التي عند غربي الشامية ـ يفضي الى عين الكرش ، ولم يكن لعين الكرش طريق الا من عند مسجد الصفي الذي بالعقيبة ، قال ابو المظفر بن الجوزي وله صدقات دارة واحسان كثير ، توفي في رجب ودفن بتربته انتهى.

[المدرسون بالشبلية]

ثم قال ابن شداد اول من درس بها الشيخ صفي الدين السنجاري وكان ضريرا فاضلا عالما الى ان توفي ، ووليها بعده شمس الدين بن الجوزي ، وبعده الشيخ وجيه الدين محمد وكان رجلا فاضلا عالما الى ان توفي ، ثم من بعده جمال الدين يوسف الى ان توفي ، ووليها بعده نور الدين ابن قاضي آمد الى ان استولى التتار المخذولون على الشام ، وتولاها عز الدين عبد العزيز الى ان توفي ، ووليها بعده

١٩٦

بدر الدين بن الغويرة وانتقل عنها ، ووليها بعده رشيد الدين سعيد ابن علي بن سعيد البصروي وهو مستمر بها الى الآن انتهى.

[الرشيد البصروي]

قال الذهبي في سنة اربع وثمانين وستمائة : والرشيد سعيد ابن علي بن سعيد البصروي الحنفي مدرس الشبلية أحد أئمة المذهب ، وكان دينا ورعا نحويا شاعرا توفي في شعبان وقد قارب الستين انتهى.

وقال ابن كثير في سنة اربع وثمانين المذكورة الرشيد سعيد بن علي بن سعيد الشيخ رشيد الدين الحنفي مدرس الشبلية وله تصانيف مفيدة كثيرة ونظم حسن من ذلك قوله :

قل لمن يحذر ان تدركه

نكبات الدهر : لا يغني الدهر

اذهب الحزن اعتقادي انه

كل شيء بقضاء وقدر

ومن شعره [ص ٥٤] قوله :

إلهي لك الحمد الذي أنت اهله

على نعم منها الهداية والحمد

الى آخره

توفي يوم السبت ثالث رمضان وصلي عليه العصر بالجامع المظفري ودفن بالسفح انتهى.

وقال الصفدي في تاريخه في حرف السين : سعيد بن علي بن سعيد العلامة رشيد الدين ابو محمد البصروي الحنفي مدرس الشبلية ، كان اماما مفتيا مدرسا بصيرا بالمذهب جيد العربية متين الديانة شديد

١٩٧

الورع ، عرض عليه القضاء او ذكر له فامتنع ، قال شمس الدين بن ابي الفتح : لم يخلف الرشيد سعيد بعده مثله في المذهب ، وكان خبيرا بالمذهب والنحو ، وكتب عنه ابن الخباز وابن البرازلي وتوفي في سنة اربع وثمانين وستمائة ومن شعره :

استجر دمعك ما استطعت معينا

فعساه يمحو ما جنيت سنينا

انسيت ايام البطالة والهوى

ايام كنت لدى الضلال قرينا

منه :

الا ايها الساعي على سنن الهوى

او بد النفس ما للنفوس غرور (١)

أتدري اذا حان الرحيل وقربت

مطايا المنايا منك اين تسير

أطعت داعي الهوى في سكرة الصبى (٢)

امالك من شيب العذار نذير

كأنى بايام الحياة قد انقضت

وان طال هذا العمر فهو قصير

ووافاك ترداد الحمام ويا لها

زيارة من لا تشتهيه يزور

__________________

(١) الوبد محركة : شدة العيش وسوء الحال وفي الاصل (او بذل ما للنفس غرور) وفي تنبيه الطالب «أول بذل ما للنفوس غرور».

(٢) كذا في الاصل وفي التنبيه : «أطعت داعي الهوى لدى سكرة الصبي».

١٩٨

وأصبحت مصروع السقام معللا

يقولون داء قد المّ يسير

وهيات بل (١) خطب عظيم وبعده

عظائم منها الراسيات تمور

ولما تيقنت الرحيل ولم يكن

لديك على ما قد اتاك نصير

ومالك من زاد وأنت مسافر

ولا من شفيع والذنوب كثير

بكيت فلا يغني البكاء عن الذي

جرى وتلا في المتلفات (٢) عسير

فبادر وايام الحياة مقيمة

وحالك موفور وأنت قدير (انتهى)

[الشمس الاذرعي]

وقال ابن كثير في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة : قاضي القضاة شمس الدين ابو عبد الله محمد بن ابراهيم بن داود بن حازم الاذرعي الحنفي ، كان فاضلا درس وافتى وولي قضاء الحنفية بدمشق ثم عزل ، واستمر على تدريس الشبلية مدة ، ثم سافر الى مصر فاقام بسعيد السعداء خمسة أيام ، وتوفي يوم الاربعاء ثاني عشرين رجب انتهى.

[الشمس الكاشغري]

وقال الذهبي في سنة ست وثلاثين وسبعمائة وعزل الشمس الكاشغري من تدريس الشبلية بنجم الدين ابراهيم بن الطرسوسي انتهى.

__________________

(١) في التنبيه : «هل خطب».

(٢) في التنبيه «الماضيات عسير».

١٩٩

وقال ابن كثير في هذه السنة وفي يوم الاربعاء رابع الحجة : ذكر الدرس بالشبلية القاضي نجم الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي ، وهو ابن سبع عشرة سنة وحضر عنده القضاة والاعيان وشكروا من فضيلته ونباهته وفرحوا لابيه به انتهى.

[النجم الطرسوسي]

ووجد بخط البرازلي في السنة المذكورة وفي يوم الاربعاء سابع ذي الحجة ذكر الدرس بالمدرسة الشبلية بسفح قاسيون القاضي نجم الدين ابراهيم ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي الحنفي عوضا عن شمس الدين الكاشغري ، وحضر قضاة القضاة واعيان المدرسين وأكرموه وأجلسوه بينهم في مجلس التدريس ، واثنوا على فضيلته مع صغر سنه انتهى.

وقال السيد الحسيني في ذيله في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة : ومات الامام العلامة قاضي القضاة نجم الدين ابراهيم ابن قاضي القضاة عماد الدين علي بن الطرسوسي الحنفي ولد بالمزة وتفقه بوالده وغيره وبرع في الفقه والاصول ودرس وأفتى [ص ٥٥] وناظر وأفاد مع الديانة والصيانة والتعفف والمهابة ، ناب في الحكم عن والده ، ثم ولي استقلالا بعده ، وحدث عن ابن الشيرازي وغيره. توفي في شعبان ، وولي بعده نائبه القاضي شمس الدين الكفري انتهى.

[تقي الدين التركماني]

وقال الصفدي في تاريخه في حرف السين : سليمان بن عثمان المفتي الزاهد الورع بقية السلف تقي الدين التركماني مدرس الشبلية ، ناب في القضاء بدمشق لمجد الدين بن العديم ، ثم استعفى ولازم الإشغال ، وكان من أعيان الحنفية وتوفي سنة تسعين وسبعمائة انتهى.

٢٠٠