القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

ومنهم ـ اسماعيل بن عبد الرحمن بن عمر بن موسى بن عميرة الصالحي الشيخ العدل الجليل المسند الصالح عز الدين ابو الفداء الشهير بابن الفراء ، سمع من الشيخ موفق الدين فأكثر ، ومن ابن راجح وابن ابي لقمة والبهاء بن عبد الرحمن وابن الزبيدي وغيرهم ، وخرجوا له مشيخة في جزء واحد ، وحدث بالكثير ، وكان محبا للحديث ، كثير التلاوة والذكر والطاعة ، حسن الاخلاق دائم التواضع حسن الهيئة ، وكان من محاسن الشيوخ.

انتقل الى رحمة الله تعالى يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة سنة سبعمائة وصلي عليه بالجامع المظفري عقيب صلاة الجمعة ودفن بسفح قاسيون.

* * *

ومنهم ـ أسعد ويسمى محمد بن المنجا بن بركات بن المؤمل التنوخي المعري ثم الدمشقي الصالحي المسند الفاضل وجيه الدين ابو المعالي.

سمع بدمشق من ابي القاسم نصر بن احمد بن مقاتل ، وببغداد من ابي الفضل الاموي وغيره ، قال الذهبي : ارتحل الى بغداد وتفقه بها في مذهب احمد على الشيخ عبد القادر الجيلي ، وتفقه بدمشق على شرف الاسلام عبد الوهاب واخذ عنه الشيخ موفق الدين ، وروى عنه جماعة منهم المنذري وابن خليل وابن النجار.

توفي في ثاني عشر ربيع الاول سنة ست وستمائة ودفن بسفح قاسيون.

* * *

٤٢١

ومنهم ـ الحسن بن احمد بن الحسن بن عبد الله بن عبد الغني الصالحي الشيخ المسند الامام بدر الدين سمع من القاضي سليمان وغيره وتفقه وبرع وافتى وأمّ بمحراب الحنابلة مدة بجامع دمشق.

توفي بالصالحية ثامن عشري شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ودفن بالسفح.

* * *

ومنهم ـ احمد بن احمد بن محمد بن بركة بن صديق الحرّاني الصالحي الامام المسند العالم الفقيه ، موفق الدين.

سمع بحرّان من ابي ياسر بن عبد الوهاب بن ابي حبة وابي الفتح ابن ابي الوفا ورحل الى بغداد وسمع بها من عبد الحق اليوسفي وابن شاتيل وتفقه بها من ابي القاسم بن المنى وابي البقاء العكبري وابن الجوزي ولازمه واخذ عنه كثيرا ، ثم رحل الى حران ، واعاد بالمدرسة النورية عند الشيخ فخر الدين بن تيمية ، وحدث ، سمع منه جماعة ، وسمع على ابن الجوزي مناقب الامام أحمد ، ومثير العزم الساكن الى أشرف الاماكن.

توفي في سادس عشر صفر سنة اربع وثلاثين وستمائة ، ودفن بسفح قاسيون.

* * *

ومنهم ـ حمزة بن موسى بن احمد بن الحسين بن بدران الصالحي الشيخ المسند الامام العلامة عز الدين ابو يعلى المعروف بابن شيخ السلامية.

سمع من الحجار وتفقه على جماعة ودرس بالحنبلية وبمدرسة

٤٢٢

السلطان حسن بالقاهرة وأفتى وصنف تصانيف عدة منها على اجماع ابن حزم استدراكات جيدة ، وشرح على أحكام المجد بن تيمية قطعة صالحة ، وكان له اطلاع جيد ونقل مفيد على مذاهب العلماء المعتبرين واعتناء جيد بنصوص احمد ، وفتاوى الشيخ تقي الدين بن تيمية ، وله فيه اعتقاد صحيح وقبول لما يقوله وينصره ويوالي عليه ويعادي.

قال التقي ابن قاضي شهبة : ووقف درسا بتربته (١) بالصالحية وكتبا وعين لذلك الشيخ زين الدين بن رجب.

توفي ليلة الاحد حادي عشري الحجة سنة تسع وستين وسبعمائة ودفن عند والده وجده عند جامع الافرم بتربته (٢).

* * *

ومنهم ـ خديجة بنت التقي محمد بن محمود بن عبد المنعم الصالحية.

كانت امرأة صالحة مسندة عابدة خيرة كثيرة التلاوة من خير نساء الدين ، روت عن ابن الزبيدي والإربلي وهي ابنة الزاهدة حبيبة بنت الشيخ ابي عمر.

توفيت في تاسع عشري جمادى الاولى سنة تسع وتسعين وستمائة ودفنت بالسفح.

* * *

ومنهم ـ خديجة بنة محمد بن العماد ابراهيم بن عبد الواحد الصالحية.

__________________

(١) راجع ص ٣٢٥ عن تربته ، ولاحظ الفرق في وفاته هنا وهناك.

٤٢٣

المرأة الصالحة والدة الشيخ موفق الدين ، تروي عن الكاشغري جزءا حضورا وهي أخت زينب سمع منها البرزالي وغيره.

ماتت في سادس رجب سنة خمس وتسعين وستمائة [ص ١٣٢] بالقاهرة.

* * *

ومنهم ـ ست العرب بنت محمد بن الفخر علي بن البخاري الصالحية الشيخة الصالحة المسندة المكثرة.

حضرت على جدها كثيرا ، وعلى عبد الرحمن بن الزيني وغيرهما ، وحدثت وانتشر عنها حديث كثير ، وسمع منها الحافظان العراقي والهيثمي والمقري شهاب الدين بن رجب وذكرها في معجمه ، قال ابن قانع : طال عمرها وانتفع بها.

توفيت ليلة الاربعاء مستهل جمادى الاولى سنة سبع وستين وسبعمائة وصلي عليها عقيب الظهر بالجامع المظفري ودفنت بالسفح.

* * *

واما والدها الشيخ شمس الدين محمد ، سمع ابراهيم بن خليل وعبد الله الخشوعي وغيرهما ، حدث ، وسمع منه الذهبي وابن رافع وجماعة ، قال الذهبي في معجمه كان فيه شهامة وقوة نفس.

توفي في ذي القعدة سنة ست وعشرين وسبعمائة ودفن بالسفج ، ولم يذكره ابن رجب في طبقاته.

* * *

ومنهم ـ عبد الله بن عبد الولي بن جبارة المقدسي ثم الصالحي

٤٢٤

المسند ابو محمد تقي الدين ، قال الذهبي : امام ثبت مدرس صالح عالم بالمذهب الاحمدي متبحر في الفرائض والجبر والمقابلة كبير السن.

توفي في العشر الاوسط في ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وستمائة بجبل قاسيون ودفن به.

* * *

ومنهم ـ عبد الرحمن بن احمد بن اسماعيل بن احمد بن محمد الذهبي الصالحي.

أجاز له الحجار ، وسمع الاول من حديث ابي الحسين بن شافع على محمد بن ايوب بن حازم اللحان ، واجاز لابن حجر.

مات في جمادى الاولى سنة احدى وثمانمائة ودفن بالسفح.

* * *

ومنهم ـ عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن احمد ابن قدامة الصالحي الشيخ الامام المسند المفتي المحقق ابو الفرج شمس الدين التتري لان التتار اسروه ، وقال الحسيني لان الفرنج أسروه سنة : قازان.

سمع من القاضي تقي الدين سليمان واسماعيل بن الفراء وابي بكر بن عبد الدائم ووزيرة بنت المنجا وعائشة بنت عيسى بن الموفق ، حدث ، وسمع منه الحسيني والمقري ابن رجب (١) وذكراه في معجميهما وكان فاضلا متعبدا حسن الاخلاق والملتقى.

__________________

(١) هو شهاب الدين احمد بن رجب والد عبد الرحمن صاحب ذيل طبقات الحنابلة وكان الشهاب أحمد مقرئا جلس للاقراء بدمشق وانتفع به وتوفي سنة (٧٧٣ ـ أو ـ ٧٤)

٤٢٥

توفي بالصالحية يوم الخميس ثاني جمادى الآخرة سنة خمس وستين وسبعمائة وصلي عليه بعد العصر بالجامع المظفري ودفن عند جده ابي عمر.

* * *

ومنهم ـ عبد الرحمن بن محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن ابي عمر الصالحي الشيخ المسند الامام الخطيب الفرضي شمس الدين ابن الخطيب عز الدين.

سمع من القاضي سليمان وابي بكر بن عبد الدائم ، وحدث ، سمع منه ابن حجي ، وقال كان من خيار عباد الله ، وكانت له يد طولى في الفرائض ، وحلقة بالجامع المظفري وكان يشيع الجنائز ويحضرها حتى تدفن وكان عليه نور وهيبة.

توفي يوم الاربعاء مستهل جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بالصالحية عن خمس وسبعين سنة ودفن بالسفح.

* * *

ومنهم ـ عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن القاسم بن محمد ابن الخضر بن تيمية الحراني الصالحي الامام الفقيه المسند شهاب الدين.

سمع من والده وغيره ورحل في صغره الى حلب ، وسمع بها من ابن اللتي وابن رواحة وقرأ العلم على والده وتفنن في الفضائل ، ودرس ، وافتى ، وصنف ، وصار شيخ البلد بعد ابيه وخطيبه وحاكمه ، وكان اماما كثير الفوائد جيد المشاركة في العلم ، له يد طولى في الفرائض والحساب والهيئة ، وكان دينا متواضعا حسن الاخلاق جوادا من حسنات الدهر ، كان من أنجم الهدى ، وانما اختفى بين نور القمر

٤٢٦

وضوء الشمس ، اشارة الى ابيه وابنه الشيخ تقي الدين فان فضائله وعلومه انغمرت بين فضائلهما وعلومهما.

توفي ليلة الاحد سلخ الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة بدمشق ودفن من الغد بسفح قاسيون.

* * *

ومنهم ـ عبد الكريم بن نجم بن عبد الوهاب بن عبد الواحد الشيرازي الفقيه المسند ابو الفضل.

سمع ببغداد من نصر الله القزاز ، واجاز له الحافظ ابو موسى المديني ، وتفقه وبرع وأفتى وناظر ، ودرس بمدرسة جده ، قال ابن الساعي كان [ص ١٣٣] فقيها مناظرا خيرا عارفا بالمذهب والخلاف واجاز للمنذري.

توفي في سابع ربيع الاول سنة تسع عشرة وستمائة ودفن من الغد بالسفح.

* * *

ومنهم ـ عيسى بن بركة الصالحي الصالح المسند السلمي المفعلي المقريء المؤدب سمع من ابن اللتي والحافظ الضياء وعبد الحق وسمع منه ...

وجد ميتا في بيت من بيوت المدرسة بالجبل سنة تسع وتسعين وستمائة ودفن بالسفح.

* * *

ومنهم ـ عائشة بنت عيسى بن عبد الله بن احمد بن محمد بن

٤٢٧

[موفق الدين] الصالحية الشيخة الصالحة العابدة المسندة أم أحمد بنت المجد ابن شيخ الاسلام موفق الدين.

اجاز لها ابو القاسم بن الحرستاني ، وسمعت من ابيها ، وجدها ، وتفردت بأجزاء ، وحدث عنها ابن الخباز في حياتها ، وسمع منها ابن النابلسي والمحب.

توفيت تاسع عشر شعبان سنة سبع وتسعين وستمائة ودفنت بالسفح.

* * *

ومنهم محمد بن احمد بن رمضان بن عبد الله الجزيري (١) ثم الدمشقي الصالحي الشيخ الامام المسند العالم تاج الدين المقرىء.

سمع من الشمس بن ابي عمر وابن عساكر وابن الفرّاء ، وأجاز له الصيرفي وابن الصابوني وابن البخاري وابن الكمال وخلق ، وخرج له ابن سعد مشيخة سمعها عليه جماعة منهم الحسيني وابن رجب.

توفي في مستهل رمضان سنة ثمان وخمسين وسبعمائة بدمشق ـ وصلي عليه بالجامع الاموي ودفن بالسفح.

* * *

ومنهم ـ محمد بن احمد بن الحسن بن عبد الله بن عبد الواحد الصالحي الشيخ الامام المسند شمس الدين ابن الشيخ شهاب الدين.

كان اماما بمحراب الحنابلة بجامع دمشق مدة ، وحضر على ابن البخاري المسند ، والغيلانيات ، وسمع من جده لامه الشيخ التقي

__________________

(١) في الاصل : الحريري ، وفي الشذرات الجزيري ، وفي الدرر. انه كان يؤم الناس في مسجد الجزيرة.

٤٢٨

الواسطي ، وابن عساكر ، وحدث ، سمع منه الحسيني وابن رجب ، وذكراه في معجميهما.

توفي يوم السبت سابع عشر شعبان سنة تسع وخمسين وسبعمائة بالسفح ودفن به.

* * *

وكان له أخ امام عالم قاض يقال له تقي الدين عبد الله توفي سنة أربع وأربعين وقد أهمله ابن رجب في الطبقات.

* * *

ومنهم ـ محمد بن العز أحمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي الصالحي الصالح المسند.

سمع من المؤتمن بن قميرة واليلداني وعم والده محمد بن عبد الهادي ، واجاز له القبيطي وابن رواح وجماعة ، وحدث ، وكان لديه زهد وعبادة.

توفي سنة تسع وتسعين وستمائة ودفن بالروضة بسفح قاسيون عندهم (١).

[المسندون الواردون اليها]

واما المسندون الواردون اليها فمنهم :

الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم بن موسى بن عمر ابن الربعي البغدادي الحنبلي التيمي سراج الدين ابو عبد الله قرأ القرآن

__________________

(١) فراغ في الاصل بمقدار ستة اسطر من الاصل

٤٢٩

بالروايات ، وسمع من جده وابي الوقت وابي الفتوح الطائي وغيرهم ، وتفقه ، وافتى ، ودرس بمدرسة الوزير ابن هبيرة ، وكان له معرفة حسنة بالادب ، وخرجت له مشيخة ، وصنف كتبا منها : كتاب البلغة في الفقه ، وله نظم في القراءات ، واللغة.

سمع منه خلائق منهم الحافظ ضياء الدين ، وآخر من حدث عنه ابو العباس الحجار سمع منه صحيح البخاري وغيره.

توفي في ثالث عشري صفر سنة احدى وثلاثين وستمائة ودفن بمقبرة جامع المنصور ببغداد.

[الحفّاظ]

[ص ١٣٤] واما الحفاظ منها ـ فمنهم :

محمد بن المحب عبد الله بن احمد بن المحب عبد الله بن احمد بن محمد بن ابراهيم بن احمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور بن عبد الرحمن السعدي المقدسي الاصل الصالحي الحنبلي الشهير بالمحب الصامت.

لقب بذلك لكثرة صمته عن فضول الكلام ، وكان يكره ان يدعى بذلك مع معرفته به واشتهاره ، الامام العلامة العابد العامل الزاهد النبيل المحدث الاصيل الحافظ الكبير المسند المكثر المفيد عمدة الحفاظ شيخ المحدثين من لم تر العيون أزهد منه شمس الدين ابو بكر بن العلامة القدوة الحافظ محب الدين ابي محمد بن الشهاب ابي العباس.

مولده في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة بسفح قاسيون ظاهر دمشق ، وبكر به ابوه فأحضره على القاضي سليمان وابن المهتار واسماعيل بن

٤٣٠

مكتوم ووزيرة بنت المنجا وسمعه الكثير من ابي بكر بن عبد الدائم ويحيى بن سعد والمطعم والقاسم ابن عساكر والشهاب احمد بن ابي بكر الارموي وابي العباس الحجار والامين بن النحاس وابي الفتح بن النشو وابي نصر بن الشيرازي وابراهيم بن غالب الانصاري واسحاق بن يحيى الآمدي وابي عبد الله بن الزراد وابي عبد الله بن مشرف واحمد ابن مزيز وجماعة كثيرون يطول ذكرهم.

وحج سنة اربع وثلاثين ولقي بمكة أبا حيان فسمع منه ، واجاز له من مكة الرضي الطبري واقرانه ، ومن بيت المقدس زينب بنت شكر ، ومن مصر الشريف موسى بن علي الحسيني والشريف علي بن عبد العزيز الرسي والحسن الكردي والامام رشيد الدين اسماعيل بن عثمان ابن العلم الحنفي والعلم احمد بن دراره وغيرهم ومن بغداد عبد المحسن ابن الدواليبي وغير ذلك.

وطلب الحديث بنفسه فقرأ على الحجار ، واكثر عن زينب بنت الكمال ، وسمع ، ورحل ، وأفاد ، وخرج ، وانتخب وأجاد ، وكتب الطباق والاجزاء ، وانفرد بأكثر مسموعاته ، وكان مكثرا سماعا وشيوخا ، وانتهى اليه حفظ الحديث ومعرفة أسانيده ورواته من المتقدمين والمتأخرين وخرج من زمن أبي الحجاج المزي خرج له اربعين حديثا متباينة المتن والاسناد ، وعمل أعمالا كثيرة : رتب المسند للامام أحمد على الابواب ، وخرج تتمة أحاديث المختارة للضياء ، وله كتاب التذكرة في الضعفاء ، وغير ذلك ، وله نظم مقبول ، ولم يزل على الاقبال في الحديث والتحديث الى أن مات ، وكان اماما عالما حافظا متقنا زاهدا متقشفا احد أئمة هذا الشان ، في الحفظ والاتقان ، مبرزا في الدراية مكثرا من الرواية ، حتى قال مرة : لا أعلم حديثا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الاولي به رواية ، وكان ذا صلاح وعبادة ، ولزوم صمت وزهادة ، منقطع القرين مؤثر الانجماع

٤٣١

والانقطاع والوحدة والعزلة بحيث لا يكلم احدا الا جوابا ولا يزيد من يكلمه على رد السلام ، واذا قصده طلبة الحديث رحب بهم وأفادهم ، وكان فيه بعض دعابة ، ولم يتزوج قط ، يحكى عنه أنه قال : ما وجب علي الغسل لا من جماع ولا احتلام ، وهو كالضرع أن حلبته در ، وان تركته قر ، وحدث ، سمع منه الحافظ زين الدين العراقي وغيره من الائمة ، وكان يطوف كثيرا على المكاتب فيسمع الاولاد ، وكان كثير الفوائد ولكنها لا تخرج غالبا الا بسؤال.

وكانت وفاته في ليلة الاحد خامس شوال سنة تسع وثمانين وسبعمائة [ص ١٣٥] بالصالحية ودفن من الغد بسفح قاسيون ولم يخلف بعده مثله.

* * *

ومنهم ـ محمد بن احمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الاصل ثم الصالحي المقري الفقيه المحدث الحافظ الناقد النحوي المتقن شمس الدين ابو عبد الله بن العماد ابي العباس.

ولد في رجب سنة اربع وسبعمائة ، وقرأ بالروايات ، وسمع الكثير من القاضي سليمان وابي بكر بن عبد الدائم والمطعم وزينب بنت الكمال وخلق.

وعني بالحديث وفنونه ومعرفة الرجال والعلل وبرع في ذلك ، وتفقه على مذهب أحمد وافتى وقرأ الاصلين والعربية وبرع فيها ، ولازم التقي بن تيمية مدة وقرأ عليه قطعة من الاربعين في أصول الدين للرازي ، وتفقه بالمجد الحراني ، وانتفع بالمزى ، واعتنى بالرجال ، واخذ عن

٤٣٢

الذهبي ، وقد ذكره في طبقات الحفاظ فقال : ولد سنة خمس او ست وسبعمائة واعتنى بالرجال والعلل وبرع وتصدى للافادة وله توسع في العلوم وذهن سيال ، وذكره في معجمه المختص وقال : وعني بفنون الحديث ، وله عدة محفوظات وتواليف وتعاليق مفيدة ، كتب عني واستفدت منه انتهى ودرس بالصدرية وغيرها بالسفح ، وكتب بخطه المتقن الكثير.

وصنف تصانيف كثيرة ، بعضها كمله ، وبعضها لم يكمله لهجوم المنية عليه في سن الاربعين ، فمنها :

تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق لابن الجوزي ، مجلدان ، الاحكام الكبرى المرتبة على أحكام الحافظ الضياء ، كمل منها سبع مجلدات ، الرد على أبي بكر الخطيب الحافظ في مسألة الجهر بالبسملة ، مجلد ، المحرر من الاحكام ، مجلد ، فصل النزاع بين الخصوم ، في ، الكلام على أحاديث : «أفطر الحاجم والمحجوم» ، مجلد لطيف الكلام على احاديث مس الذكر ، جزء كبير ، الكلام على حديث : «البحر هو الطهور ماؤه» جزء كبير ، الكلام على حديث القلتين ، جزء [الكلام على حديث معاذ في الحكم بالرأي ، جزء كبير](١) ، الكلام على حديث ابي سفيان : «ثلاث أعطيتهن يا رسول الله» ، والرد على ابن حزم في قوله انه موضوع ، جزء ، كتاب العمدة في الحفاظ ، كمل منه مجلدان ، تعليقة في الثقات ، كمل منها مجلدان ، الكلام على أحاديث مختصر ابن الحاجب ، مختصر ومطول ، الكلام على احاديث كثيرة فيها ضعف من المستدرك للحاكم ، أحاديث الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جزء منتقى من مختصر المختصر لابن خزيمة ومناقشته على احاديث اخرجها فيه فيها مقال مجلد ،

__________________

(١) زيادة من ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب مخطوطة الظاهرية.

القلائد الجوهرية م ـ ٢٨

٤٣٣

الكلام على احاديث الزيارة ، جزء ، مصنف في الزيارة ، مجلد ، الكلام على أحاديث تحلل السباق (١) ، جزء ، جزء في مسافة القصر ، جزء في قوله تعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى) الآية ، جزء في احاديث الجمع بين الصلاتين في الحضر ، الاعلام في ذكر مشايخ الائمة الاعلام اصحاب الكتب الستة ، عدة اجزاء ، الكلام على حديث : «الطواف بالبيت صلاة» ، جزء كبير في مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تعليقة على سنن البيهقي الكبرى كمل منها مجلدان ، جزء كبير في المعجزات والكرامات ، جزء في تحريم الربا ، جزء في تملك الاب من مال ولده ما شاء ، جزء في العقيقة ، [جزء في الاكل من الثمار التي لا يحاط عليها ، الرد على الكيا الهراسي جزء كبير](٢) ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية مجلد ، منتقى من تهذيب الكمال للمزي كمل منه خمسة اجزاء ، اقامة البرهان على عدم [وجوب](٣) صوم يوم الثلاثين من شعبان جزء ، جزء في فضائل الحسن البصري ، جزء في حجب الام بالاخوة وانها تحجب بدون ثلاثة ، جزء في الصبر ، جزء في فضائل الشام ، صلاة التراويح ، جزء كبير ، الكلام على احاديث لبس الخفين للمحرم ، جزء كبير ، جزء في صفة الجنة ، جزء في المراسيل ، جزء في مسألة الجد والاخوة ، منتخب من مسند الامام أحمد ، مجلدان ، منتخب من مسند البيهقي ، مجلدان ، منتخب من سنن أبي داود ، مجلد لطيف ، تعليقة على التسهيل في النحو ، كمل منه مجلدان جزء في حديث : «افرضكم زيد». احاديث حياة الانبياء في قبورهم ، جزء ، تعليقة على [ص ١٣٦] العلل لابن ابي حاتم ، كمل منه مجلد ، تعليقة على الاحكام لابي البركات [بن تيمية](٤) لم يكمل ، منتقى من علل الدارقطني ، مجلد ، جزء في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، شرح لامية ابن مالك ، جزء ، مآخذ على تصانيف ابي عبد الله الذهبي الحافظ

__________________

(١) في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب : محلل السباق.

(٢) زيادة من المصدر المذكور

٤٣٤

شيخه ، اجزاء عدة ، حواشي على كتاب الالمام في الرد على ابي حيان النحوي فيما رده على ابن مالك واخطأ فيه ، جزء في اجتماع المصريين (١) ، جزء في تحقيق الهمز والابدال في القراءات ، وله رد على ابن طاهر وابن دحية وغيرهما ، وتعاليق كثيرة في الفقه واصوله والحديث ، ومنتخبات [كثيرة من أنواع العلوم](٢).

وحدث بشيء من مسموعاته وسمع منه غير واحد. قال ابن رجب وقد سمعت من ابيه فانه عاش بعده نحو عشر سنين.

توفي الحافظ ابو عبد الله في [عاشر](٣) جمادى الاولى سنة اربع واربعين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون وشيعه خلق كثير وتأسفوا عليه ورئيت له منامات حسنة.

* * *

ومنهم ـ احمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن احمد بن محمد ابن قدامة المقدسي الصالحي الحافظ المحدث سيف الدين ابو العباس بن مجد الدين ابي المجد ابن شيخ الاسلام موفق الدين ابو محمد.

ولد سنة ست ـ أو ـ خمس وهو الاصح وستمائة بالجبل ، وسمع من جده الكثير ومن ابي اليمن الكندي وابي القاسم بن الحرستاني وداود بن ملاعب واحمد بن عبد الله العطار وطبقتهم ، ورحل وسمع ببغداد من ابي الفتح بن عبد السلام وابي علي بن الجواليقي وخلق من اصحاب ابن ناصر وابي الوقت ، وكتب بخطه الكثير وخرج ، وألف.

__________________

(١) في ذيل ابن رجب المخطوطة بالظاهرية رقم ٦١ : الضميرين ، وفي رقم ٦٠ : المصيرين

(٢) زيادة من : ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب.

٤٣٥

قال الحسيني : خرج وحدث وكان حسن التخريج فاضلا ، وقال الذهبي كتب العالي والنازل وجمع وصنف ، وكان ثقة حافظا ذكيا متيقظا مليح الخط عارفا بهذا الشأن عاملا بالاثر صاحب عبادة وانابة ، وكان تام المروءة أمارا بالمعروف قوالا بالحق ولو طال عمره لساد أهل زمانه علما وعملا ، ومحاسنه جمة.

والف مجلدا كبيرا في الرد على الحافظ محمد بن طاهر المقدسي لاباحة السماع وفي أماكن من كتاب صفوة اهل التصوف ، واختصرت هذا الكتاب على مقدار الربع ، وانتفعت كثيرا بتعاليق الحافظ سيف الدين انتهى ، وله مصنف في الاعتقاد فيه آثار كثيرة وفوائد ، وله كتاب : الازهر في ذكر آل جعفر بن ابي طالب وفضائلهم ، حدث ، وروى عنه احمد بن محمد الدشتي.

توفي في مستهل شعبان سنة ثلاث واربعين وستمائة بسفح قاسيون ودفن به وله ثمان وثلاثون سنة.

* * *

ومنهم ـ يوسف بن خليل بن قراجا بن عبد الله الدمشقي الادمي الحافظ المحدث ذو الرحلة الواسعة شمس الدين ابو الحجاج.

ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق ، وتشاغل بالكسب الى الثلاثين من عمره ، ثم طلب الحديث ، وتخرج بالحافظ عبد الغني وهو بالصالحية واستفرغ فيه وسمع وكتب ما لا يوصف بخطه المليح المتقن ، ورحل الى الاقطار وسمع بدمشق من الحافظ عبد الغني وابن ابي عصرون وابن الموازيني ويحيى الثقفي وابن صدقة الحراني والخشوعي والكندي وغيرهم ، وسمع ببغداد من ابن كليب وابن بوش وذاكر ابن هامل وابي منصور بن عبد السلام وخلق من اصحاب ابن الحصين

٤٣٦

وطبقته ، ودخل اصبهان وسمع بها ابن مسعود الجمال والراراني واللبان والكراني والصيدلاني وعبد الرحيم الكاغدي وابي جعفر الطرسوسي وجماعة من اصحاب ابي علي الحداد ، ثم عاد الى دمشق ، ورحل الى مصر فسمع بها من البوصيري وابن ياسين وغيرهما.

وكان اماما حافظا ثقة ثبتا عالما واسع الراي جميل السيرة متسع الرحلة تفرد في وقته باشياء كثيرة عن الاصبهانيين وخرج وجمع لنفسه معجما عن ازيد من خمسمائة شيخ [ص ١٣٧] وثمانيات وعوالي وفوائد غير ذلك ، واستوطن في آخر عمره حلب وتصدر بجامعها وصار حافظا والمشار اليه بعلمه بها. حدث بالكثير قبل الستمائة والى آخر عمره ، حدث عنه البرزالي ومات قبله باثنتي عشرة سنة وسمع منه الحفاظ القدماء كابن [](١) وابن الدبيثي وابن نقطة وابن النجار والصريفيني وعمر بن الحاجب ، وقال : هو احد الرحالين بل اوحدهم فضلا واوسعهم رحلة نقل بخطه المليح ما لا يدخل تحت الحصر وهو طيب الاخلاق مرضي الطريقة متقن ثقة حافظ.

وسئل عنه الحافظ الضياء فقال : حافظ مفيد صحيح الاصول وحصل ، سمع الكثير ، صاحب رحلة وتطواف.

وسئل الصريفيني عنه فقال : حافظ ثقة عالم بما يقرأ عليه لا يكاد يفوته اسم رجل.

وقال الذهبي : هو يدخل في شرط الصحيح وقد تفرد بشيء كثير [وضاعت كتبه] لخراب اصبهان.

روى عنه الدمياطي وابن الظاهري والدشتي والعفيف الآمدي

__________________

(١) كلمة لم تظهر في التصوير

٤٣٧

وآخر من روى عنه اجازة زينب بنت الكمال خالة الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الله بن المحب الصامت ، كما تفردت بالرواية اجازة عن الشهيد محيي الدين يوسف ابن الحافظ جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي.

توفي صاحب الترجمة سحر يوم الجمعة منتصف ـ وقيل عاشر ـ جمادى الآخرة سنة ثمان واربعين وستمائة بحلب ودفن بها بظاهرها ، وانما ذكرته لانه سكن الصالحية مدة طويلة كما افادنيه شيخنا المحدث ناصر الدين بن ابي عمر.

* * *

ومنهم ـ عبد الرحمن بن سليمان بن ابي الكرم الصالحي ، قال ابن مفلح في طبقات الحنابلة : الشيخ الامام العلامة الحافظ القدوة زين الدين المعروف بأبي شعر.

نشأ على خير ودين ، واشتغل على الشيخ علاء الدين بن اللحام ، واذن له في الافتاء شمس الدين بن القباقبي ، وذكر عنه انه قال : حضرت مجلس الشيخ زين الدين بن رجب ، وعني بالحديث وعلومه وكان استاذا في التفسير وله مشاركة جيدة في الفقه والاصلين والنحو ، وكان متبحرا في كلام الشيخ تقي الدين بن تيمية ، يذكر بالله تعالى الى ان وقع له كائنة مع بعض الشافعية فلزم بيته بالصالحية وعكف عليه جماعة كثيرون وانتفعوا به ، وكان مجلسه يقصد حتى يغص بأهله ، وكان هيئة حسنة عليها آثار النسك والعبادة تذكر هيأته بالسلف الصالح ، وله سرعة كشف للمسائل والوقائع مستحضرا.

وكان بعض الناس ينال منه ويصبر عليه حتى لحق بالله تعالى في

٤٣٨

ثاني (١) عشري شوال سنة اربع واربعين وثمانمائة ، وصلي عليه بالجامع المظفري.

وكانت جنازته حافلة ودفن بالروضة قريبا من الشيخ موفق الدين شمالي قبر ابن مالك المعروف به.

وتوفي قبله ولده برهان الدين ابراهيم بالطاعون سنة احدى واربعين وكان شابا حسنا انتهى كلام ابن مفلح. (قلت) : ورثاه الشيخ كمال الدين ابراهيم بن عبد الرحمن البصري بقصيدة طويلة اولها :

ما انصف الصب يوم البين[](٢)

 ......

وآخر من حدثنا عنه قطعا شيخنا ابو البقاء بن ابي عمر روى لنا عنه الموطأ رواية القعنبي بسماعه له على الصلاح الارموي والله اعلم.

* * *

ومنهم ـ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع الجماعيلي الزاهد ابو محمد تقي الدين.

ولد بجماعيل من ارض نابلس سنة احدى واربعين وخمسمائة ، قال الحافظ الضياء : والاظهر انه سنة اربع واربعين ، وقدم دمشق بعد الخمسين ، فسمع بها من ابي المعالي بن هلال وابي المعالي بن صابر ، ثم رحل الى بغداد هو والشيخ موفق الدين وكان يميل الى الفقه ، والحافظ عبد الغني الى الحديث.

ونزلا [ص ١٣٨] عند الشيخ عبد القادر وكان يكرمهما ويحسن

__________________

(١) في الشذرات : ثامن عشري

(٢) لم يظهر في التصوير مقدار كلمة

٤٣٩

اليهما ، وقرأا عليه شيئا من الفقه والحديث ، وأقاما عنده نحو أربعين يوما ثم مات ، فاشتغلا على ابي الفتح بن المنى في الفقه والخلاف وصارا يتكلمان في المسألة ويناظر انه عليها ، وسمعا من أبي الفتح بن البطي واحمد بن المقرىء الكرخي وغيرهما ، ثم رحل الحافظ الى مصر فسمع بها من أبي محمد بن بري النحوي ، والى الاسكندرية ، فسمع بها من ابي طاهر السلفي ، ثم رحل الى همذان فسمع بها من عبد الرزاق المديني وطبقته ، ثم الى أصبهان وأقام بها مدة وحصل الكتب الجيدة ، ثم الى الموصل وسمع من خطيبها ابي الفضل الطوسي وغيره.

قال الحافظ الضياء كان لا يسأل عن حديث الا ذكره وبينه وذكر صحته أو سقمه وكان يقال هو أمير المؤمنين في الحديث ، وجاء رجل اليه فقال : رجل حلف بالطلاق انك تحفظ مئة ألف حديث ، فقال لو قال : اكثر صدق ، وقد أثنى عليه أئمة زمانه ، وقال : وقد رأيت فيما يرى النائم وانا بمرو كأن الحافظ عبد الغني جالس والامام محمد بن اسماعيل البخاري يقرأ عليه من جزء أو كتاب وكأن الحافظ يرد عليه شيئا ، وقال التاج الكندي الحنفي ـ ووهم البرهان بن مفلح فظنه حنبليا (١) لم ير الحافظ عبد الغني مثل نفسه ولم يكن بعد الدارقطني مثله ، وكان دائم الصيام ، ويصلي كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ، وحسن التصنيف ، ومن تصانيفه كتاب المصباح في عيون الاحاديث الصحاح ، ثمانية وأربعون جزءا يشتمل على احاديث الصحيحين ، كتاب نهاية المراد من كلام خير العباد لم يبيضه كله في السنن في مائتي جزء ، كتاب اليواقيت ، مجلدة ، كتاب تحفة المطاليب في الجهاد والمجاهدين ، كتاب الآثار المرضية في فضائل خير البرية ، اربعة اجزاء ، كتاب الروضة ، اربعة

__________________

(١) الحقيقة ان التاج الكندي كان حنبليا ثم صار حنفيا راجع بحثنا المطبوع ، الزاوية التاجية.

٤٤٠