القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]

القلائد الجوهريّة في تاريخ الصالحيّة

المؤلف:

أبي عبد الله شمس الدين محمّد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي [ ابن طولون ]


المحقق: محمّد أحمد دهمان
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربيّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٧٥٦

ومنهم اسماعيل بن ابراهيم بن علي الفراء الصالحي ، كان صالحا زاهدا ورعا ذا كرامات ظاهرة واخلاق طاهرة ومعاملات باطنة ، صحب الشيخ الفقيه اليونيني ويقال انه يعرف الاسم الاعظم.

مات في جمادى الاولى سنة أربع وثمانين وستمائة ودفن بالسفح.

* * *

ومنهم ـ محمد بن احمد بن عبد الحميد بن محمد بن غشم ـ بفتح الغين وسكون الشين المعجمتين ـ المقدسي ثم الصالحي الزاهد شمس الدين ، روى عن زينب بنت الكمال بالحضور.

ومات في رابع شوال سنة احد [ى] وثمانمائة وهو في عشر السبعين ودفن بالسفح.

[الزهاد الواردون اليها]

وأما الزهاد الواردون اليها فمنهم :

عبد الله بن عثمان بن جعفر اليونيني الشيخ الزاهد العابد أسد الشام ، كان طويلا مهيبا حاد الحال ، يقوم نصف الليل الى الفقراء فمن رآه نائما ـ وله عصا اسمها العافية ـ ضربه بها ، وكان لا يقوم لاحد تعظيما لله ، ولا يدخر شيئا ، له ثوب خام ويلبس في الشتاء فروة ، وقد يؤثر بها في البرد ويلبس قبعا من جلد ماعز بصوفه ، وكان أمّارا بالمعروف لا يهاب الملوك ، حاضر القلب دائم الذكر ، بعيد الصيت ، كان من حداثته يخرج وينطرح في شعرا يونين (١) فيرده السفارة (٢) إلى

__________________

(١) يراد بالشعرا : الارض ذات الاحراج وفي المصباح : الشعار بالفتح كثرة الاشجار في الارض. ويونين قرية قرب بعلبك.

(٢) الجماعة المسافرون.

القلائد الجوهرية م ـ ٣١

٤٨١

أمه ، ثم تعبد بجبل لبنان ، قال الشيخ علي القصار : كنت أهابه كأنه أسد فاذا دنوت منه وددت ان اشق قلبي واجعله فيه.

وقيل ان العادل اتى والشيخ يتوضأ فجعل تحت سجادته دنانير فردها وقال : يا أبا بكر كيف ادعو لك والخمور دائرة في دمشق وتبيع المرأة وقية فيؤخذ منها قرطيس فأبطل ذلك.

وقيل جلس بين يديه المعظم وطلب الدعاء منه فقال : يا عيسى لا تكن نحسا مثل ابيك أظهر الزغل وأفسد على الناس المعاملة.

وحكى الشيخ عبد الصمد قال : والله مذ خدمت الشيخ عبد الله ما رأيته استند ولا سعل ولا بصق.

وقال السبط : كان شجاعا ما يبالي الرجال قلوا أو كثروا ، وكان قوسه ثمانين رطلا ، وما فاتته غزاة ، وله كرامات ورياضات واشارات.

توفي في ذي الحجة سنة سبع عشرة وستمائة وهو نائم وقبره مشهور ببعلبك وقد جاوز الثمانين ، ولاصحابه فيه غلو وقد جعل الله لكل شيء قدرا ، والشيخ ابو عمر اجل الرجلين ، قاله الذهبي واطال ترجمته في التاريخ الكبير.

[ص ١٥٥]

الباب السابع والثلاثون

فيمن كان من أهل الصالحية من القضاة والتجار ومن ورد اليها

القضاة

أما القضاة منها فمنهم : محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن محمود المرداوي الصالحي الحنبلي المعروف بابن التقي ،

٤٨٢

قاضي [الحنابلة](١) شمس الدين ابو عبد الله ابن الفقيه تقي الدين ابن شمس الدين بن تقي الدين.

مولده في سنة اربع عشرة وسبعمائة فيما قيل و [سمع](٢) في سنة ثلاث وثلاثين على محمد بن ابي بكر بن احمد بن عبد الدائم ومحمد بن ابي بكر بن طرخان وعبد الرحمن بن البجدي وست العرب بنت علي بن عبد الرحيم المقدسي مشيخة احمد بن عبد الدائم بفوت فيها ، وخرج له الحافظ ابو بكر بن المحب خمسة عشر حديثا متباينة المتن والاسناد ، وحدث بها ، سمعها منه الحسباني وغيره ، وأخذ الفقه عن عمه قاضي القضاة جمال الدين المرداوي ، وكان رجلا جيد الفقه والفهم ، حسن الاستحضار للفقه مع حسن الفهم ، خبيرا بالاحكام ، الا انه كان يتساهل في اثبات شهر رمضان ، وكان عالما بالأمور ، ذاكرا للوقائع ، صبورا على الحكم ، باشر نيابة عمه من حين توجهه الى الحج هو ونائبه وصهره العلامة [شمس](٣) الدين بن مفلح في سنة ستين واستمر يحكم سبع سنين الى ان عزل مستخلفه ، ثم باشر نيابة قاضي القضاة علاء الدين العسقلاني مدة ولايته مدة يسيرة من اولها ، وكانت نحو خمس سنين ، ثم استقل بالقضاء من حادي عشر ذي القعدة سنة ست وسبعين الى ان مات ، فباشر اثنتي عشرة سنة الا أربعين يوما ، ولم يكن بقي من الحنابلة اقدم منه ، وكان يكتب على الفتاوى قبل القضاء كتابة جيدة ، وعنده لين وتواضع وقضاء حقوق الاصحاب والاخوان ، وحدث ، سمع منه الفضلاء وبعض الاعلام.

ومات في يوم الثلاثاء عقيب طلوع الشمس تاسع عشري رمضان

__________________

(١) لم تظهر في الاصل.

٤٨٣

سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بصالحية دمشق ودفن بسفح قاسيون.

(قلت) قال شيخنا الجمال بن عبد الهادي الحنبلي : كان احد قضاة العدل والخير ، وله حكايات كثيرة ونوادر مشهورة ، ويقال له قاضي الحمارة ، لانه كان لا يركب بغلة وانما كان يركب حمارة ، وكان يقوم بالحق على الكبير والصغير حتى على نائب الشام حتى انه مرة أخذ نائب الشام ماء للجذماء فقيل لهم لا يخلصكم الا هو ، فلما كان يوم حضوره حضروا وشكوا فنهرهم النائب وضربوهم (؟) جماعته وطلبوا اخراجهم ، فأمر بردهم ، وقال مالكم؟

قالوا : ظلمنا وأخذ ماءنا.

فقال : من أخذه؟

فقالوا : النائب ، وكان جبارا عنيدا.

فقال للنائب : انت أخذته؟

فقال : أنا أخذته.

فقال : ولم أخذته؟

فقال : أخذته.

فقال : حكمت عليك ان تعيده اليهم بمقتضى اعترافك.

فقال : احكم على زوجتك.

فقال له كلاما صلبا ثم قام وقال : اذا لم تقبل من الشرع حكمه نحن نترك الحكم لاجلك وقام ، فقام من في المجلس على النائب وقالوا : هذا ما ولاه السلطان الا غصبا ، وما يحصل لك بهذا خير.

٤٨٤

فقال : ردوه ، فلم يرجع فلحقه حافيا حتى رده ورد عليهم ماءهم.

ويحكى انه لما ولاه السلطان ارسل اليه الخلعة مع بريدي فجاء فلم يجده في البيت فسأل عنه فقيل ذهب يخبز فوقف واذا به قد أقبل والطبق على رأسه فادخله وظهر اليه ، فدفع اليه الخلعة والمنشور فدخل فأتاه برغيفين ، فقال ما هذا؟ فقال : ليس عندي غيرهما [ص ١٥٦] والا فخذ خلعتك ، فقال : والله لآخذنهما حتى أقف بهما بين يدي السلطان ، فأخذهما ورجع ليشكو بهما عليه ، فلما كان في بعض الطريق جاع فأكل أحدهما ، ثم جاء الى السلطان ، فلما رآه قال له : ما فعلت؟ قال : ما فعلت وجعل يثرب (١) ويسود ، فقال له : اين الرغيفين؟ فقال : جعت فأكلت أحدهما ، وهذا الآخر ، فقال : هاته ، فأخذه منه وأعطاه مائة دينار وقال له : والله لو جئت بالآخر كنت أعطيتك فيه مائة دينار اخرى ، فندم على أكله ، ثم انه بعد مدة عمي ، فاستفقده السلطان فقيل : انه عمي ، فأرسل اليه فأتي به فقال اصبر ثم جاء بكحل فكحله به فبرأ ، فقال : ما تقول في هذا الكحل؟ فقال : ليس في الدنيا مثل هذا الكحل ، فقال : تدري ما هو؟ قال : وما هو؟ قال من الرغيف الذي جئت به ، او ما هذا معناه.

* * *

ومنهم محمد بن عبد الرحمن بن الخضر بن محمد بن العماد المصري الصالحي الحنفي قاضي القضاة حسام الدين المعروف بابن بريطع ، وهو من ذرية العماد الكاتب ، ولذا يكتب بخطه ابن العماد.

ولد في ذي الحجة سنة احدى عشرة وثمانمائة ، ولزم ناصر الدين الأياسي فانتفع به ، ثم ارتحل ولقي الاكابر ، وتقدم في المعقول والمنقول ،

__________________

(١) ثرب عليه يثرب من باب ضرب : عتب ولام. المصباح المنير.

٤٨٥

وقال ولده جلال الدين : انه كتب بخطه الكثير كالصحيحين والاستيعاب والكشاف وقاضي خان وشرح القدوري للزاهدي وأكثر من مائة مجلد ، وخطه جيد ، وحافظته قوية ، وكان يحفظ الحماسة والمعلقات السبع وملحقاتها ، وقد ملكتها من خطه وهي محشاة ، وصنف كثيرا ، وعمل منظومة في الفقه ، ومن نظمه ما كتب به على تفكيك الرموز ، والتكليل على مختصر الشيخ خليل تصنيف ابن عامر المالكي :

لقد غدا التكليل اعجوبة

واصبح التفكيك تحبيرا

رصعه درا فتى عامر

فزاده الرحمن تعميرا

وكان اماما مفننا عالما حسن الذات جم الفضائل غزير الفوائد أخذ عنه جماعة منهم : المحدث شمس الدين السخاوي المصري غير مرة ، وذكره الحافظ شهاب الدين بن حجر في بعض الحوادث في ابناء الغمر في انباء العمر ، وكان ممن قرأ عليه سنة ست وثلاثين في شرح الالفية للعراقي وسأله نظما فقال :

ماذا يقول امام العصر سيدنا

قاضي القضاة أدام الله أيامه

هل صح نقل بأن الشافعي لقي

يعقوب بعد بلوغ الحبر أحلامه

وابن الحسن معه عند الرشيد وهل

أبدا السؤال الذي إستشكلا احكامه

٤٨٦

وهل هما عجزا فيما سأله فجد

بالرد فأنت وحيد الدهر علامه

فأجابه ابن حجر بقوله :

ما صح لقيا الامام الشافعي لنا

يعقوب يوما ببغداد ولا شامه

وما روى البلوي في رحلة شهرت

قد رده ونفاه كل علامه

ولائح أثر الوضع المنمق في

تلك المسائل لا يرضاه فهامه

هذا جواب محب في الجميع غدا

مناه أن يغفر الرحمن آثامه

وولي قضاء صفد ، ثم أضيف اليه نظر جيشها عن ابن القف ، ثم طرابلس ، ثم دمشق مرارا أولها في سنة احدى وخمسين عن قوام الدين.

وأقام بالخانقاه الحسامية بالشبلية الى ان توفي في رمضان سنة اربع وسبعين و [ص ١٥٧] ثمانمائة وصلي عليه بالجامع المظفري ودفن بأعلى الروضة بسفح قاسيون.

* * *

ومنهم ـ محمد بن محمد بن محمد بن قوام الرومي الاصل الصالحي الحنفي قاضي القضاة قوام الدين بن قوام الدين ويعرف بلقبه.

ولد سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بدمشق ونشأ بها ، فأخذ الفقه

٤٨٧

عن الركن دخان (١) وغيره ، والنحو عن العلاء العايدي (٢) الحنفي ، والاصول عن العلاء البخاري ، وقيل انه سمع صحيح البخاري على عائشة بنة عبد الهادي ، وبرع في الفنون ، وتصدى للافادة والافتاء ، وولي قضاء الحنفية بدمشق مسؤولا بدون ارشاء غير مرة فحمدت سيرته وكان ذا همة عالية ونفس أبية من خيار القضاة وسروات الناس عقلا ودينا وتواضعا وكرما ومن محاسن دمشق.

مات مصروفا عن القضاء في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وثمانمائة بمنزله بالحواكير تحت قبة سيّار (٣) وغربي زاوية سيدي أبي بكر بن قوام (٤) ، وصلي عليه بباب منزله ثم دفن تجاهه وكانت جنازته حافلة جدا وكثر الدعاء له والتأسف عليه.

* * *

ومنهم ـ يوسف بن احمد بن ناصر بن خليفة بن فرج بن عبد الله ابن يحيى بن عبد الرحمن الباعوني الصالحي الشافعي العلامة الاديب المفنن قاضي القضاة جمال الدين ابو المحاسن بن العلامة قاضي القضاة شهاب الدين.

ولد يوم السبت ثامن عشر جمادى الآخرة سنة خمس وثمانمائة ببيت المقدس ، ثم انتقل به والده وهو في الرابعة الى صالحية دمشق ، فقرأ القرآن وصلى به وحفظ المنهاجين وألفية ابن مالك ، وشرع في الاشتغال فبحث على الشهاب الغزي منهاج النووي ، ثم على البرهان ابن خطيب عذرا ، ثم الشمس البرماوي ، ثم الشمس الكفيري ، وأخذ

__________________

(١) ستأتي ترجمته ص ٥٠١

(٢) في الضوء اللامع : العابدي.

(٣) انظر موضعها في مخطط الصالحية.

٤٨٨

النحو عن الشمس البرماوي وبحث عليه في قواعد العلائي ، ثم ارتحل الى القاهرة سنة ثمان وعشرين للاشتغال فالزمه كاتب السر النجمي بن حجي بكتابة سر صفد ، ثم سأل الاستعفاء منها في سنة تسع وعشرين واعتل بانها لا تكفيه فاضيف له اليها القضاء بها في سنة ثلاثين ، ثم امتنع منها في أوائل سنة ست وثلاثين بعد تضرر كثير من رفقته وسوء سيرتهم لا سيما الزيني عبد الرحمن بن نصر الله البغدادي الحنبلي ، فحكم بعزله وألغى جميع احكامه لفسقه وتساهله باحكام الشريعة ، وانتقل الى عند اخوته بدمشق فناب في القضاء فيها لابن حجي الى ان سافر الى القاهرة فقدمها يوم الخميس رابع عشري ربيع الاول سنة ثمان وثلاثين ، ثم تولى كتابة سر صفد وقضاءها أيضا يوم الاربعاء مستهل ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين ، ثم ولي قضاء طرابلس ، ثم عزل منها ، وولي حلب ، ثم عزل منها وولي دمشق وأقام بها مدة طويلة يعزل في أثنائها مرارا ، وباشر الوظيفة بعفة وهيبة ودين وورع ، وسمع على عائشة بنت عبد الهادي والزين القبابي والتدمري وابن رسلان.

ومات منفصلا عن القضاء دهرا في المحرم سنة ثمان وثمانمائة بصالحية دمشق ، ودفن بتربة البواعنة شمالي الزاوية الداودية قبلي الروضة (١).

* * *

ومنهم ـ محمد بن مسلم بن مالك بن مزروع بن جعفر الزيني الصالحي الفقيه الصالح الزاهد قاضي القضاة شمس الدين ابو عبد الله.

ولد سنة اثنتين وستين وستمائة وتوفي أبوه سنة ثمان وستين وكان من

__________________

(١) انظر مكان الزاوية الداودية ومقبرة الروضة في مخطط الصالحية.

٤٨٩

[ص ١٥٨] الصالحين ونشأ يتيما فقيرا وكان قد حضر على ابن الدائم وعمر الكرماني ، ثم سمع من ابن البخاري وطبقته ، وأكثر عن ابن الكمال ، وقرأ بنفسه ، وكتب بخطه الكثير ، وعني بالحديث ، وتفقه وبرع وأفتى ومهر في العربية وتصدى للاشغال والافادة ، واشتهر اسمه مع الديانة والورع والزهد والاقتناع باليسير ، ثم بعد موت القاضي تقي الدين سليمان ورد تقليده القضاء في صفر سنة ست عشرة عوضه فتوقف في القبول ، ثم استخار الله وقبل بعد ان شرط الا يلبس خلعة حرير ولا يركب في المواكب ولا يقتني مركوبا فأجيب الى ذلك ، ولما لبس الخلعة بدار السعادة خرج بها ماشيا الى الجامع ومعه الصاحب وجماعة من الاعيان مشاة فقرىء تقليده ، ثم خلعها وتوجه الى الصالحية.

قال الذهبي في معجمه المختص : برع في المذهب والعربية أقرأ الناس مدة على ورع وعفاف ومحاسن جمة ، ثم ولي القضاء بعد تمنع وشكر وحمد ولم يغير زيه ولا اقتنى دابة ولا أخذ مدرسة واجتهد في الخير وفي عمارة اوقاف الحنابلة انتهى.

وكان من قضاة العدل مصمما على الحق لا يخاف في الله لومة لائم ، وهو الذي حكم على ابن تيمية بمنعه من الفتيا بمسائل الطلاق وغيرها مما يخالف مذهب احمد ، وقد حدث ، وسمع منه جماعة ، وخرج له المحدثون تخاريج عدة ، وحج ثلاث مرات ، ثم حج رابعة فمرض في طريقه بعد رحيله ثم منّ العلي فورد المدينة النبوية يوم الاثنين ثالث عشري ذي القعدة سنة ست وعشرين وسبعمائة وهو ضعيف ، فصلى في

٤٩٠

المسجد وصلى وسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان بالاشواق الى ذلك في مرضه.

ثم مات عشية ذلك اليوم ـ وقيل من اواخر الليلة المقبلة ـ وصلي عليه بالروضة ودفن بالبقيع شرقي قبر عقيل رضي‌الله‌عنه ، وتأسف أهل الخير لفقده.

* * *

ومنهم ـ احمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة ، الشيخ العلامة جمال الاسلام صدر الأئمة الاعلام شيخ الحنابلة قاضي القضاة شرف الدين بن قاضي القضاة شرف الدين الخطيب المقدسي الاصل ثم الدمشقي المعروف بابن قاضي الجبل.

مولده على ما كتبه بخطه في الساعة الاولى من يوم الاثنين تاسع شعبان سنة ثلاث وتسعين وستمائة كان من اهل البراعة والفهم متفننا عالما بالحديث وعلله والنحو واللغة والاصلين والمنطق وكان له في الفروع القدم العالي ، قرأ على الشيخ تقي الدين بن تيمية عدة مصنفات في علوم شتى منها : المحصل للرازي ، وأفتى في شبيبته ، واذن له في الافتاء الشيخ تقي الدين وغيره ، وسمع في صغره من اسماعيل الفراء ومحمد بن الواسطي ، ثم طلب بنفسه بعد العشر وسبعمائة فسمع من القاضي تقي الدين سليمان ، واجازه والده والمنجا التنوخي وابن القواس وابن عساكر ، وخرج له المحدث شمس الدين مشيخة عن ثمانية عشر شيخا حدث بها ، ودرس بعدة مدارس ، ثم طلب في آخر عمره الى مصر ليدرس بمدرسة السلطان حسن ، وولي مشيخة سعيد السعداء ، واقبل عليه اهل مصر واخذوا عنه ، ثم عاد الى الشام واقام بها مدة يدرس ويشغل ويفتي ، ورأس على أقرانه الى ان ولي القضاء بعد قاضي القضاة جمال الدين المرداوي في رمضان سنة سبع وستين ، فباشره مباشرة لم يحمد فيها ، وكان عنده مداراة وحب للمنصب ووقع بينه وبين

٤٩١

الحنابلة من المرادوة وغيرهم بحيث انه منع أن يذبح الجاموس في الصالحية لاجل المرادوة.

قال ابن كثير : لم تحمد مباشرته ولا فرح به صديقه بل شمت به عدوه وباشر القضاء دون [ص ١٥٩] الاربع سنين الى أن مات وهو قاض.

وذكره الذهبي في معجمه المختص وكذا الحسيني وقال فيه : مفتي الفرق سيف المناظرين وبالغ ابن رافع وابن حبيب في مدحه ، وكان فيه مزح وانكاء في البحث ، ومن انشاده وهو بالقاهرة (الصالحية جنة) البيتين وسيأتيان وله أيضا :

نبيي أحمد خ وكذا امامي

وشيخي أحمد كالبحر طامي

واسمي أحمد خ وبذاك أرجو

شفاعة أشرف الرسل الكرام

وقال مرة الشيخ برهان الدين بن مفلح : كم تقول أحفظ بيت شعر؟ فقلت : عشرة آلاف فقال بل وضعفها ، وله اختيارات في مذهب أحمد : منها أن النزول تولية ، وهذه مسألة تنازع فيها هو والقاضي برهان الدين الزرعي ، وأفتى كل منهما بما اختاره.

و [له] مصنفات منها : ما وجد من الفائق ، وكتاب في اصول الفقه لم يكمله كشرح المنتقى.

ومن حكاياته ما أخبرنا شيخنا الشيخ جمال الدين بن عبد الهادي (أنا) شيخنا الشيخ تقي الدين بن قندس انه كان مرة عنده في الدرس صاحب

٤٩٢

الفروع فذكر مرة [مسألة] فقال صاحب الفروع : يا مولانا قاضي القضاة في المسألة قول [آخر] ، فقال : اسكت هذا القول أسود مثل وجهك ، فسكت فلما فرغ الدرس قام فخرج فرؤي عند المصطبة السلطانية ، فقال له من لقيه : الى أين؟ قال : الى البيت قال : وأين البيت؟ فرده ، وحصل له ذلك من الغيظ الذي حصل له في الدرس.

ومنها ما قال شيخنا (أنا) والدي أن الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية كان اذا بحث معه في مسألة يقول له : ست العيش أرخي نقابك فيسكت ولا يعود يتكلم ، وأن الشيخ شمس الدين بن عبد الهادي لما كان يثبت معه في البحث ربما تنخم وبصق في وجهه فيمسحه بيده ويقول : طاهر بإجماع المسلمين ، هات ان كان معك شيء ، وبلغنا عنه أنه لقيه مرة السبكي الكبير فقال له : يا مولانا لما رأينا كم من بعيد حسبناكم يهودا ،

فقال : لكنا لما رأيناكم حسبناكم مسلمين ، فسقط في يد السبكي وندم على ما قال له.

ويقال ان أعجميا قدم دمشق فجعل يمتحن العلماء بمسائل عقلية ويقول : مات العلماء ، فذكر له ، فقال : اجمعوا بيني وبينه ، فجمع بينهما في ضيافة ، فسأل ابن قاضي الجبل عن مسألة متعلقة بالامور العقلية ، فلما سأله عنها ، قال له : وأيش أوصلك أنت الى هذه المسألة فقال : كيف ذلك؟ فقال : يا شيخ حتى نعرف أولا ان كنت تعرف تتطهر أم لا؟ ثم قال له : اذا كان رجل في برية وبال وليس عنده غير احجارها اذا اراد أن يستجمر هل يأخذ ذكره بيمينه والاحجار بيساره او بالعكس؟ فسكت فلم يدر ما يقول ، فقال له ما تقول : هذه مسألة هينة ثم جعل يوبخه ويقرق عليه ويقول : هذا الذي تقولون عنه انه يقول : مات العلماء ، والله هذا مسكين ما يعرف يستجمر ، حقا يا شيخ انك أنت قلت شيئا من ذلك ، لا والله هذا ما يقول شيئا من هذا ، الى أن بلغ منه غايته ،

٤٩٣

ثم قام فوقف ، وقال يا شيخ : وأما مسألتك فكذا وكذا وهدر عليه فيها شيئا كثيرا فذهب ذلك الاعجمي فما رؤي بعد ذلك بدمشق.

توفي صاحب الترجمة بمنزله بالصالحية يوم الثلاثاء رابع عشر رجب سنة احدى وسبعين وسبعمائة وصلي عليه بعد الظهر بالجامع المظفري ودفن بمقبرة جده الشيخ أبي عمر وشهده جمع كثير.

* * *

ومنهم ـ يوسف بن محمد بن التقي عبد الله بن محمد بن محمود ـ ورأيت عوض محمود أحمد ـ بن غرار بن نائل ، الشيخ الامام العالم العلامة الصالح الخاشع قاضي القضاة جمال الدين المرداوي.

سمع صحيح البخاري من أبي بكر بن عبد الدائم ، وابن الشحنة ووزيرة وبعضه من فاطمة بنت الفراء والتقي سليمان [ص ١٦٠] بن حمزة وشرح عليه المقنع ، ولازم قاضي القضاة شمس الدين بن مسلم الى حين وفاته ، واخذ النحو عن نجم الدين القحفازي ، وباشر وظيفة قضاء الحنابلة بالشام سبع عشر سنة بعد موت القاضي علاء الدين بن المنجا في رمضان سنة خمسين بعد تمنع زائد وشروطا شرطها عليهم ، واستمر الى أن عزل في رمضان سنة سبع وستين بالقاضي شرف الدين ابن قاضي الجبل وذلك لخيرة عند الله تعالى ، وقد أخبرت أنه كان يدعو الله أن لا يتوفاه [وهو](١) قاض ، فاستجاب الله دعوته.

وذكره الذهبي في المعجم المختص قال في حقه : الامام المفتي الصالح أبو الفضل شاب خير امام في مذهب أحمد نسخ الميزان وله اعتناء بالمتن والإسناد.

__________________

(١) زيادة من تنبيه الطالب ٢ / ٤٢.

٤٩٤

وقال قاضي القضاة البرهان بن مفلح في كتاب المقصد الارشد في طبقات أصحاب الامام أحمد : قال الشيخ شهاب الدين بن حجي : كان عفيفا نزيها ورعا صالحا ناسكا خاشعا ذا سمت ووقار ولم يغير ملبسه وهيئته ، يركب الحمارة ويفصل الحكومات بسكون ، ولا يحابي أحدا ، ولا يحضر مع النائب الا يوم دار العدل ، وأما في العيد والمحمل فلا يركب ، وكان مع ذلك عارفا بالمذهب لم يكن فيهم مثله مع فهم وكلام جيد في النظر والبحث ومشاركة في أصول وعربية ، وجمع كتابا في أحاديث الاحكام حسنا ، وكان قبل القضاء يتصدر بالجامع المظفري للاشغال والفتوى ، لم يتفق لي السماع منه ولكن أجاز لي.

(قلت) وقد أجاز لجدنا الشيخ شرف الدين واخوته ، وكتابه هذا سماه : الانتصار ، وبوبه على أبواب المقنع في الفقه وهو محفوظنا انتهى كلام ابن مفلح.

(قلت) وظاهر كلام ابن حجي هذا : ان القاضي جمال الدين المذكور هو الذي يقال له قاضي الحمارة ، وكذا رأيته بخط صاحبنا العلامة شهاب الدين بن البغدادي الحنبلي ، وما قدمناه عن القاضي ابن التقي أنه قاضي الحمارة هو الذي مشى عليه شيخنا المحدث جمال الدين بن المبرد الحنبلي في كتابه : الدرة المضيئة والله أعلم.

وقال ابن حبيب في تاريخه : الجمال المرداوي عالم علمه زاهر ، وبرهان ورعه طاهر ، وامام تتبع طرائقه ، وتغتنم ساعاته ودقائقه ، كان لين الجانب ، متلطفا بالطالب ، رضي الاخلاق ، شديد الخوف والاشفاق ، عفيف اللسان ، كثير التواضع والاحسان ، لا يسلك في ملبسه مسلك سبيل ابناء الزمان ، ولا يركب حتى الى دار الامارة غير الاتان ، ولي

٤٩٥

الحكم بدمشق عدة اعوام ، ثم صرف واستمر الى ان لحق بالسالفين من العلماء والاعلام.

توفي يوم الثلاثاء ثامن ربيع الاول سنة تسع وستين وسبعمائة بالصالحية وصلي عليه بعد الظهر بالجامع المظفري ودفن بتربة شيخ الاسلام موفق الدين بالروضة وحضره جمع كثير.

* * *

ومنهم ـ احمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة الصالحي الشيخ الامام قاضي القضاة نجم الدين ابو العباس ابن شيخ الاسلام شمس [الدين] بن ابي عمر.

سمع حضورا من خطيب مردا وسمع من ابراهيم بن خليل وابن عبد الدائم ، كان شابا مليحا مهيبا تام الشكل ليس له من اللحية الا شعرات يسيرة ، وكان له مع القضاء خطابة الجامع بالجبل والامامة بحلقة الحنابلة ، وكان حسن السيرة في أحكامه ، مليح الدرس ، له قدرة على الحفظ ومشاركة جيدة في العلوم ، تولى القضاء في أيام والده لما عزل نفسه.

توفي في ثالث عشر جمادى الاولى سنة تسع وثمانين وستمائة ودفن في مقبرة جده من الغد ، وشيعه خلق وعاش ثمانيا وثلاثين سنة.

* * *

ومنهم ـ أحمد بن علي بن عبد الله بن علي بن حاتم الصالحي [ص ١٦١] الشيخ الامام المحدث الرحلة شهاب الدين ابو العباس بن الحبال ، ولي قضاء دمشق بعد قضاء طرابلس ، سمع الحديث من جماعة ، وكان مهابا معظما عند الخاص والعام ، شديد القيام على الاتراك وغيرهم ، وللناس فيه اعتقاد.

٤٩٦

وحكى الشاب التائب (١) لقاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي شهبة : أن أهل طرابلس يعتقدون فيه الكمال بحيث أنه لو جاز أن يبعث الله نبيا في هذا الزمان لكان هو ، وكان قد كبر وضعف وزال بصره في آخر عمره ، وكان مواظبا على الجمعة والجماعة والنوافل قائما ، وعزل قبل وفاته بنحو سنة ، وتوجه الى طرابلس.

وبها مات في ربيع الاول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة وصلي عليه بدمشق صلاة الغيبة.

* * *

ومنهم ـ علي بن منجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي الصالحي الشيخ الامام العلامة قاضي القضاة علاء الدين.

سمع من ابن البخاري واحمد بن شيبان وخلق ، وولي القضاء بعد وفاة ابن الحافظ في سنة اثنتين وثلاثين ، وحدث بالكثير ، قال الشيخ زين الدين بن رجب : انه قرأ عليه الاحاديث التي رواها مسلم في صحيحه عن الامام احمد بسماعه للصحيح من ابي عبد الله محمد بن عبد السلام بن ابي عصرون باجازته من المؤيد الطوسي.

توفي في شعبان سنة خمسين وسبعمائة بدمشق ودفن بسفح قاسيون

* * *

ومنهم ـ علي بن محمد بن محمد بن المنجا بن أسعد بن المنجا التنوخي الصالحي الامام العالم قاضي القضاة علاء الدين ابن اقضى القضاة صلاح الدين ، مولده سنة خمسين بعد وفاة عم أبيه قاضي القضاة علاء الدين بسبعة أيام ، وقرأ القرآن وتلاه بالقراءات ، واشتغل ودرس

__________________

(١) هو : احمد بن عمر بن احمد الزبيدي اليماني انظر ترجمته في الضوء اللامع ٢ / ٥٠

القلائد الجوهرية م ـ ٣٢

٤٩٧

بالمسمارية وغيرها ، واستنابه قاضي القضاة شرف الدين ابن قاضي الجبل باشارة قاضي القضاة تاج الدين السبكي ، قال الشيخ شهاب الدين بن حجي : نشأ في صيانة وديانة سمع شيئا من الحديث ومات معزولا وكان رئيسا نبيلا لم يبق من الحنابلة أنبل منه ، وكان حسن الشكل كثير التواضع والحياء ، لا يمر بأحد الا ويسلم عليه ، وكان كثير الاحسان والاكرام قليل المداخلة لامور الدنيا.

توفي يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة ثمانمائة بمنزله بالصالحية مطعونا وانقطع ستة أيام ، وصلي عليه بعد الظهر بجامع الافرم ، تقدم في الصلاة عليه الشيخ علي بن ايوب ودفن بداره ، وشيعه جماعة كثيرون ، وقد كمل خمسين سنة الا شهرا ويومين.

* * *

ومنهم ـ محمد بن أحمد بن محمود الصالحي الشيخ الامام العلامة قاضي القضاة شمس الدين النابلسي.

تفقه على الشيخ شمس الدين بن عبد القادر وقرأ عليه العربية وأحكمها ، ثم قدم دمشق بعد السبعين وقاضي الحنابلة علاء الدين العسقلاني ، واستمر في طلب العلم وحضر حلقة قاضي القضاة بهاء الدين السبكي ، ثم جلس في الجوزية يشهد ، واشتهر أمره وعلا صيته ، وكان له بها معرفة تامة وكتابة حسنة ، وقصد في الاشتغال ولم يزل يترقى حتى سعى على قاضي القضاة علاء الدين بن المنجا لامر وقع بينهما ، فولي في ربيع الآخر سنة ست وتسعين وسبعمائة ، ووقع له العزل والولاية مرات ، وكانت له حلقة لاقراء العربية بحضرة الفضلاء ، وقيل انه درس بدار الحديث الاشرفية الحنبلية ، وله حرمة عظيمة وابهة زائدة ، لكن باع من الاوقاف كثيرا.

٤٩٨

توفي ليلة السبت ثاني عشر المحرم سنة خمس وثمانمائة بمنزله بالصالحية ودفن بالسفح.

ومنهم ـ محمد بن محمد بن عبادة الانصاري الصالحي الشيخ الامام قاضي قضاة الحنابلة بالشام المحروس.

وكان فردا في [ص ١٦٢] معرفة الوقائع والحوادث ، ناب في الحكم بعد أن كان من أعيان الموقعين رفيقا لشمس الدين النابلسي وغيره ، ثم استقل بالقضاء بعد وفاة بني المنجا ، وكانت وظيفة القضاة دولا بينه وبين القاضي عز الدين الخطيب الى ان لحق بالله تعالى في خامس رجب سنة عشرين وثمانمائة ودفن بالروضة قريبا من الشيخ موفق الدين من جهة الشرق في تربة معروفة به.

* * *

وأما ولده ـ قاضي القضاة شهاب الدين أحمد فكان من خيار المسلمين ، كثير التلاوة لكتاب الله تعالى ، ولي بعد والده مدة ، ثم ترك الوظيفة اختيارا منه وحصل له الراحة الوافرة.

توفي سنة أربعين وثمانمائة ودفن عند والده بالروضة.

* * *

ومنهم ـ محمد بن علي بن عبد الرحمن بن محمد الصالحي الخطيب الحنبلي الشيخ الامام العلامة قاضي القضاة عز الدين خطيب الجامع المظفري وابن خطيبه.

تفقه في المذهب وكان خطيبا بليغا ، له مؤلفات حسنة وقلمه جيد ، وله : النظم المفيد الاحمد في مفردات الامام أحمد ، ناب في القضاء عن قاضي القضاة علاء الدين بن المنجا ، ثم استقل بالوظيفة بعد موت القاضي شمس الدين النابلسي ، واستناب شمس الدين بن عبادة ، ثم سعى عليه وصارت الوظيفة بينهما دولا ، وكان في بعض الولايات يمكث فيها أربعين يوما.

٤٩٩

ثم توفي سنة عشرين وثمانمائة ودفن بسفح قاسيون.

* * *

ومنهم ـ محمد بن محمد بن المنجا بن عثمان بن اسعد التنوخي الدمشقي الشيخ الامام القدوة قاضي القضاة صلاح الدين ابو البركات ابن الشيخ شرف الدين ابن الشيخ العلامة شيخ الحنابلة ابي البركات.

سمع الحجار وطبقته ، وحفظ المحرر ، ودرس بالمسمارية والصدرية ، وناب في الحكم لعمه قاضي القضاة علاء الدين ، ثم ناب للقاضي شرف الدين ابن قاضي الجبل ، وقال ابن كثير : كان من أولاد الرؤساء ذا دين وصيانة ، وقال ابن رافع : حدث ودرس وحج غير مرة ، وكان كريم النفس حسن الخلق والخلق ، وقال ابن حجي كان شكلا حسنا له حشمة ورئاسة على قاعدة أسلافه ، وذكره ابن حبيب وبالغ في مدحه.

توفي ليلة الخميس رابع ربيع الاول سنة سبعين وسبعمائة بالمسمارية ، وصلي عليه من الغد بجامع دمشق ، ودفن بتربتهم بالصالحية وقد جاوز الخمسين سنة وكانت جنازته حافلة.

* * *

ومنهم ـ عمر بن أسعد بن المنجا بن بركات بن المؤمل التنوخي القاضي شمس الدين أبو الفتوح وابو الخطاب ابن القاضي وجيه الدين ، تفقه على والده وسمع من عبد الوهاب بن أبي حبة وقدم دمشق وسمع بها من القاضي أبي سعيد بن ابي عصرون والقاضي ابي الفضل بن الشهرزوري وببغداد من ابن سكينة وغيره أفتى ودرس وكان عارفا بالقضاء بصيرا بالشروط والحكومات والمسائل الغامضات درس بالمسمارية وحدث روى عنه البرزالي والمجد بن العديم وزيرة ابنته وهي خاتمة من روى عنه بالسماع وأجاز لابن الشيرازي ، توفي سابع عشر ربيع الآخر سنة احدى وأربعين وستمائة ودفن بسفح قاسيون.

* * *

٥٠٠